1 قضية الحسين الشعور والشعائر
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/1/1446 هـ
تعريف: قضية الحسين - الشعور والشعائر كتابة الفاضلة أمجاد حسن عن معاوية بن وهب قال: سمعت الإمام الصادق عليه السلام يقول في سجوده: "اللهم ارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس" يقصد زوار الحسين "اللهم ارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر أبي عبد الله عليه السلام وارحم تلك الأعين التي ذرفت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت لما أصابنا" ونتحدث هذه الليلة في موضوع، هو بعنوان: قضية الحسين بين الشعور والشعائر. قضية الحسين عليه السلام وما يتبعها من الآثار تبدأ بنقطة المعرفة أن يتعرف الإنسان على شخصية الحسين عليه السلام وعلى تضحيته في سبيل الله وعلى المأساة التي حلت عليه وعلى أهل بيته من أجل دين الله ومن أجل المؤمنين بهذا الدين وهم أمثالنا ضحى الحسين عليه السلام لأجل أن يبقى هذا الدين غضا طريا صافيا ويصل إلينا في هذا الزمان ولولا تلك التضحية ولولا ذلك العطاء لوصل إلينا هذا الدين مشوها للغاية، بل ربما لم يكن قد وصل إلينا فأول نقطة بالنسبة إلى الإنسان هي نقطة معرفة الإمام الحسين عليه السلام في شخصه وفي قيمته وشأنه وفي تضحيته وعطائه. فإذا تعرف إنسان على الحسين بهذا المعنى حتى لو لم يكن من أتباع أهل البيت بالمعنى الخاص فإن هذا لا شك يهتدي إلى طريق الحسين وإلى منهاجه صلوات الله عليه. لقد رأينا في قصص الكثيرين ممن توصلوا إلى منهاج محمد وآل محمد أنهم كانت بداية حركتهم ورحلتهم معرفة الحسين عليه السلام وبعضهم ألف في ذلك كتباً منها كتاب: لقد شيعني الحسين عليه السلام. فإذَا أول نقطة، هي نقطة: المعرفة يترتب على هذه المعرفة تحرك شعور داخلي قلبي عند الإنسان السوي وسليم الفطرة باتجاه التفاعل مع الإمام الحسين، محبة الإمام الحسين، الحزن على ما أصابه وأصاب أهل بيته وأصحابه، الإنسان السوي الإنسان السليم في فطرته إذا عرف الإمام الحسين ومنزلته ومأساته وكان له قلب سليم لا ريب أنه يتحرك في اتجاه التفاعل الشعوري مع الإمام الحسين عليه السلام فيحزن لما أصابه، يتألم لما جرى عليه، احنا نلاحظ في الروايات أن مجرد لفتة من اللفتات، إذا نبي من الأنبياء أو وصي من الأوصياء التفت إلى موضوع كربلاء، لا شك أنه تتحرك عاطفته ويزداد ألمه، روايات كثيرة أن مثلا عيسى بن مريم عندما مر على كربلاء ذكر، مجرد ذكر، ذكر ما يجري على الحسين عليه السلام فسالت عيناه بالدموع وهكذا غيره من الأنبياء والأوصياء والأولياء والحديث في هذا يطول لو أردنا استعراض ذلك. فإذَا أول حركة هي حركة شعور الحزن يتفاعل الإنسان السليم في فطرته مع قضية الحسين باستشعار الألم، باستشعار الحزن، باستشعار حجم الكارثة التي وقعت، هل لهذا محدد؟ لا قسم من الناس يتفاعلون بعشر الدرجات، قسم منهم يتفاعلون بدرجة مائة، وقسم أكثر وقسم أقل. وفي هذا المعنى لم تحدد الروايات والفتاوى حدا في أن يحزن الإنسان على الإمام الحسين، وأن يتحرك قلبه حزنا لما أصابه حتى إلى درجة الجزع، ملتفت إلي؟ الجزع في غير موضوع الحسين أمر مذموم، غير جائز. الجزع في المصيبة يعني مثلا فد إنسان يتوفى والده أو ولده أو زوجته أو عزيز عليه فيجزع بمعنى يفقد الصبر يضرب على فخذه بقوة غير صابر، يلطم على وجهه غير صابر، هذا مذموم في الشرع أن تصنع هكذا بالنسبة إلى أبيك بالنسبة إلى أمك بالنسبة إلى أخيك بالنسبة إلى عزيز عليك إلى درجة فقدان الصبر وحلول الجزع هذا الأمر مذموم في الشريعة الإسلامية إلا في الحسين. عندنا في الرواية المعتبر سندا وعليها فتاوى والعلماء أيضا أن الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام "كل الجزع مكروه إلا الجزع على الحسين عليه السلام" الجزع على الحسين أن يفقد الإنسان قدرة التصبر ماله، أن يصفع على فخذه مثلا، أن يلطم رأسه.. هذا لو سواه على أبيه أو على عزيز عليه يقولوا لا، لا تصنع هذا لكن للحسين لا بأس بذلك كل الجزع مكروه -والكراهة هنا هي حكم إلزامي وليس كراهة إصطلاحية- كل الجزع مكروه إلا على الحسين بن علي عليه السلام. فإذَا جانب المشاعر أخذ فيه ما تشاء بهذا المقدار من حركة القلب واستشعار الحزن على الإمام عليه السلام ولا تعتبر أن ما تصنعه من الحزن وذرف الدموع والبكاء وما شابه ذلك أن هذا شيء زائد أو فوق المعدل لا، إلى حد الإمام الصادق يستغفر لأصناف من الشيعة منهم زوار الحسين الذين أحرقت الشمس وجوههم وأيضا يترحم على تلك القلوب التي جزعت لنا، وهذا يبين لك كيف أن الجزع من جهة مكروه، ومن جهة الإمام يترحم على القلوب الجازعة. الجواب على ذلك: هو تخصيص في قضية الحسين عليه السلام. فإذا إلى درجة الجزع في الحسين: المبالغة في البكاء المبالغة في الحزن لا بأس بذلك. ثم الشعور تجاه الحسين بتعبير اللسان، الإنسان من الممكن أن يعبر عن ألمه عن أحزانه تارة بالدمعة أخرى بخشوع القلب ثالثة بالكلام، سواء كان كلام منثور أو كان كلاما منظوما كالشعر، الشعر أيضا واحد من أنحاء التعبير عن الحزن عما جرى على الإمام الحسين عليه السلام، الشعراء ينشدون قصائد في تعبيراتهم عن الحزن عليه السلام مع أن اللحن العام في الشعر فيه مذمة. في القرآن الكريم إلماع إلى ذلك (والشعراء يتبعهم الغاوون أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) وفي بعض الأحاديث، هذا المعنى: "لأن يمتلئ قلب الإنسان قيحا أولى من أن يمتلئ شعرا) هاي اللهجة العامة تجاه الشعر، إلا موار: إلا الذين آمنوا، إلا ما كان شعرا هادفا، إلا ما كان في مثل الحسين عليه السلام، فإنه من قال شعرا فأبكى مائة فله الجنة، أبكى خمسين فله الجنة، أبكى عشرين فله الجنة، إلى أن يصل ومن قال شعرا فأبكى واحدا فله الجنة. طبعا نذكرنا في سنوات ماضية أن هذه الجزاءات هي على نحو الاقتضاء وعدم وجود الموانع، الشعر أيضا عندما يكون شعرا هادفا، عندما يكون شعرا معقولا، يحصل به الإنسان على هذا الثواب. هذا الشعر فيه محددات، محدداته كما تذكر الفتاوى عن العلماء والمراجع، واحد: ألا يكون في حدي الغلو ولا التقصير. مرة يقول الإنسان شعر يوصل المعصوم إلى درجة الإله! لا، هذا لا ينال ثوابا بل إذا توجه إلى ما يقول وتعمد ذلك ينال العقاب. أنا أدري أن هذا البيت من الشعر اللي قاعد أنشئه هذا فيه غلو، يتجاوز حدود البشر إلى رب البشر، أدري عن هالمعنى، ومع ذلك أنشده هذا أنا معاقب لست مثابا عليه لا بالجنة ولا بغيرها، أنا معاقب عليه، ليش؟ لأنني اقتحمت كبرياء الله وتعديت على حريم الله. أئمة أهل البيت عليهم السلام فخرهم أنهم كانوا أعبد عباد الله، أعبد عباد الله، أكثر خلق الله تواضعا أمام الله عز وجل. واحد يدخل على الإمام الصادق ويدور في ذهن بعض الأفكار اللي فيها جانب غلو، فيلتفت إليه الإمام الصادق، وقد علم ما يدور بخاطره يقول له: لا، بل عباد مربوبون. فلازم ما يصير في حد الغلو، وأيضا ما لازم يصير في حد التقصير! شعر مثلا اللي يستنتج منه مهانة في حق المعصوم. أحدهم كان ينشد شعرا أحد الشعراء ولعله أبو هارون المكفوف فمر عليه سيد الحميري سيد إسماعيل الحميري وهو من الشعراء المبدعين والفخام فقال له أنت الذي تقول في حق أهل البيت: ما بال بيتكم يخرب سقفه وثيابكم من أرذل الأثواب.. أنت تقول في الأئمة هالشكل؟! طبعا ذاك مثلا كان في ذهنه يبين جانب أن الأئمة مظلمون وأنهم كذا: فقال بيوتكم مخربة السقوف، ثيابكم ثياب رذلة.. قال: أنت تقول هكذا؟ قال: نعم. قال: لا تقول هكذا، ولكن قل هكذا: أقسم بالله وآلائه والمرء عما قال مسؤول أن عليا ذو التقى والنهى على الخير والبر مجبول ذاك الذي سلم في ليلة عليه جبريل وميكال جبريل في ألف وميكال في ألف ويتلوهم سرافيل علي بن أبي طالب في أعلى الدرجات، تسلم عليه الملائكة كما ورد في الروايات، وفي بعض غزواته، طيب تجي تقول لهذا: وثيابكم من أرذل الأثواب! لا يناسب. فكما أن الغلو في ذلك الجانب أن ترفع هذا الإمام في شعرك إلى الدرجة التي يلامس فيها حدود الباري سبحانه وتعالى، هذا غير حسن. كذلك أيضا تقصير في حقهم بإيجاد بعض المعاني التافهة والنازلة والدانية، هذا مرفوض وذاك مرفوض. هنا نريد أن نلفت نظر الإخوة الرواديد، والحمد لله أكثرهم في هذا المنهج القويم والمستقيم بل والشعراء أيضا، أن ينتخب الرادود ما هو الحسن من الشعر في معانيه، وما هو المؤثر في قلوب الناس، خصوصا أن الرادود يخاطب الفئة العريضة، وهي فئة الشباب فأنت أيها الرادود عليك مسؤولية كبيرة، ربما المنبار ليستمع إليه ألف ألفان، بينما الرادود قد يستمع إليه عشرات الآلاف، ولا سيما مع التسجيل وتروح هذه الردات والقصائد مع الزمان، فإذا كانت حسنة ونافعة تفضل وشوف إلى الآن أنت عندما تسمع هذه القصيدة يا حسين بضمايرنا صحنا بيك آمنا وتسمعها تهزك من داخل وجدانك مع أنه مر عليها الآن نحو أربعة عقود أو خمسة عقود من الزمان، نصف قرن ربما مر عليها، ولكن مع ذلك لا تزال تهز وجدان الإنسان في معانيها وفي ألفاظها. الشعر في محدد إله في المعنى لا يصح أن يتجاوز بالمعصوم حد البشر إلى حد الإله، وكذلك أيضا لا ينبغي أن يسف به ويقصر في حقه، هذا أمر آخر. تطور هذه التعبيرات عن الألم والحزن والمأساة الحسينية من شعور داخلي قلبي إلى تعبير لساني منظوم أو منثور إلى أمور خارجية، افترض في المظهر، مظهر الإنسان لباس السواد وتعليق السواد، هذه أيضا إشعار بالحزن والألم، أنت ترى اليوم في كل أرجاء الدنيا، هذه الليلة تحتفي بموسم الحسين، بأن تلبس ثياب السواد. هذا تعبير عن الحزن، في الهيئة الشخصية، في البيئة العامة كذلك. أيضا ما يرتبط بالمواكب والعزاء واللطم وغير ذلك مما يحسب من شعائر الحسين عليه السلام، وفقنا الله وإياكم لإقامتها بأحسن الأنحاء، ينبغي للإنسان المؤمن ولشيعة أهل البيت عليهم السلام في هذه الأيام أن يصنعوا في هذه الشعائر أقصى ما يستطيعون من إظهار الحزن والمأساة والتفجع والتوجع لما أصاب الحسين عليه السلام. مجلس الحسيني، الموكب الحسيني، المضيف الحسيني اللطم الحسيني إلى غير ذلك من الأمور. هذا أيضا إله محددات، ترى ما يصير أن الإنسان يفكر ما دام هذا الغرض منه الإمام الحسين، إذَا كل شيء يصير، لا. نحن نتبع مراجع التقليد وعلماء الإسلام في صلاتنا وصومنا وحجنا وشعائرنا وحزننا وفرحنا فيما يرتبط بالمسألة الدينية. هنا له محددات، أيضا هذه الشعائر لها محددات، محدد الأول: هو الفتوى الشرعية. إن بعض ما يسمى بالشعائر مثل ما يرتبط بقضايا الموسيقى والغناء وما شابه ذلك إنسان يجي يسوي إلى فد هرجة من هالنوع على أن هذه شعائر الحسين لا هذا لا يقره العلماء بل كما سيأتي فيما بعد هذا على خلاف غرض الحسين وهدف الحسين وما قام من أجل الحسين عليه، هذا منكر! والحال أن الحسين إنما خرج لتغيير المنكر، فإذا بي أنا أجي الشيء اللي منكر في عرف الدين أجي أسويه مظهر من مظاهر الشعائر، لا يمكن أن يكون كذلك. فأولا الفتوى الدينية الشرعية من المراجع والعلماء هي محددة لكيفية وحجم الشعائر الحسينية. ولا يجي فد إنسان يعني يقول لا هذا المرجع مثلا مرجع لا يفهم أو مرجع ولاءه قليل أو غير ذلك الفقيه ما دام فقيا لا يستطيع أن يتحرك شبرا واحدا بل سنتمترا واحدا خارج المحددات والقواعد الشرعية. فأولا الحد الأول هو حد الفتوى الشرعية الدينية. الحد الثاني: توافقها مع أغراض وأهداف الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، وكون هذه الشعائر مما يجذب الناس إلى منهاج الحسين، ويضيء صورته، ويشرق بوجهه المشرق أصلا، أنا مطلوب مني في هذه الشعائر أن أجذب الناس غير شيعة أهل البيت إلى منهاج الحسين، أن ألفت نظرهم إلى هذا الإمام الذي غيب منهجه خلال فترة طويلة من الزمان، فمن خلال هذه الشعائر ينجذب الناس، إذَا لابد أن تكون هذه الشعائر منسجمة مع مبادئ الدين مع قيم الإسلام مع أهداف الحسين عليه السلام لا تكون هي منكرة أو مستنكرة حتى تجذب الناس، الناس إنما ينجذبون إذا كان شيء معروف ويمكن أن يعبر عن نفسه ليس بالضرورة أن نصنع كل ما يريده الناس، لا ينبغي أن يفهم هذا اللي يبغوه الناس الآخرون إحنا نسويه، لا. ليس هذا المقصود وإنما أن يكون الناظر العاقل إلى مثل هذه الشعائر يثير في داخله على الأقل السؤال: لماذا يصنع هؤلاء هذا الأمر؟ وما هي قضيتهم؟ ومن هو الحسين؟ وما شأنه لا أنه يثير في أذهانهم الاستهجان والبعد عن السؤال واستنكار ما عليه هؤلاء أتباع الحسين عليه السلام فهذا أيضا محدد آخر. والمحدد الثالث: هو مراعاة النظام الاجتماعي العام، بعض الأمور مثل الحزن القلبي ما يرتبط هذا بالنظام الاجتماعي العام، الشعر أن أقول قصيدة ما يرتبط هذا بالنظام الاجتماعي العام، ولكن إذا ارتبط أمر بالنظام العام علماؤنا مراجعنا يوصون بلزوم اتباع الانظمة التي وضعت لمصلحة المجتمع. فاذا أنا جيت وقلت لا أنا اللي يحركني هو مشاعري وما أحس به في قلبي ولا يهمني أحد! في هذه الحالة من الممكن أن تصادف هذه الشعائر التي فرض أنها تصادم النظام الاجتماعي العام، من الممكن ان تكون سببا الى منع وإلغاء الكثير من الأمور المشروعة والطبيعية. لذلك يوصي علماؤنا بإقامة الشعائر بتكثيرها بتكثيفها مع الملاحظة مع الالتفات إلى عدم إثارة الفوضى الى عدم مواجهة النظام الاجتماعي القائم لأن بالحفاظ على النظام الاجتماعي القائم آنئذ من الممكن أن تصير هذه الشعائر وهذه المراسم بالشكل الافضل فاذَا هناك في الشعائر التي هي ذات منح اجتماعي ذات جهة اجتماعية ينبغي ملاحظة هذه الانظمة العامة ويوصي علماؤنا بمثل هذا الامر من اجل ان تستمر هذه الشعائر وان تتكثف وان تكثر نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في هذا الموسم وفي غيره من المواسم لإقامة شعائر الامام الحسين عليه السلام بافضل ما يمكن وأحسن ما يمكن وأكثر ما يمكن انه على كل شيء قدير ببركة محمد وآل محمد
مرات العرض: 4094
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 44640 KB
تشغيل:

الإمام الحسن من ميلاده إلى شهادته
0 استقبال محرم 1446هـ