خصائص سيد الكائنات
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 28/9/1432 هـ
تعريف:


خصائص سيد الكائنات

 

 كتابة الأخت الفاضلة ورود الحداد

تصحيح الأخت الفاضلة إيمان ..

قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا(5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)"


 يتناول الحديث جانباً من خصائص سيد الكائنات المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي عبارة عن مجموعة من الأحكام تعرض لها العلماء من الفريقين في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له جملة من الأحكام المختصة به دون سواه، ويلاحظ الإنسان في هذه الجهة ملاحظة مهمة وهي إن العادة أنَّ الشخص عندما يصبح زعيماً، أوملكاً، أوسلطاناً، أورئيساً يختص بأشياء من صالحه وفي حسابه، فإذا كان مثلاً في السابق يكدح ويتعب، فالآن مع زعامته وملكه وسلطانه ورئاسته أصبحت وسائل الراحة موفّرةٌ له، فإذا كان دخله المادي في السابق قليل، فالآن بين يديه القصور والأموال، يصطفي منها ما يشاء، وهذه عادة الملوك.

إلا أن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجد أن خصائصه هي عبارة عن زيادة في تكاليفه، وتصعيب لأموره _إن صحَّ التعبير_، فبعض الأمور المستحبة على عامة الناس، تكون واجبات بالنسبة للنبي الأكرم (ص)، وبالتالي يكون حال الرعية والناس أسهل من حال النبي صل الله عليه وآله وسلم؛ لأن الإنسان يلتزم بالواجبات، أما فعل المستحب والمكروه فه ومخيّر بين فعله أ وتركه، فيثاب على فعل المستحب ولا يعاقب على تركه، ويثاب على ترك المكروه، ولا يعاقب على فعله، ولكن في حال رسول الله (ص) فيكون المستحب واجباً، والمكروه حراماً.

بعض الخصائص من الواجبات والمحرمات

هناك قسم من الخصائص النبوية عبارة عن تكاليف إضافية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمثلا مما وجب عليه صلى الله عليه وآله وسلم: صلاة الوتر، وقيام الليل، والسواك، هذه ثلاثة أمور بالنسبة لجميع الناس غير النبي (ص) هي مستحبة ولكنها بالنسبة لخصوص النبي واجبة.

* الأول والثاني: قيام الليل والوتر

ما هو منتصف الليل الشرعي؟

 يُحسب منتصف الليل من وقت الغروب إلى طلوع الشمس _وليس في الساعة الثانية عشر_ وتُقسم هذه المسافة على اثنين وتضاف إلى ساعات الغروب. فلو افترضنا أن الغروب في الساعة السادسة، وصلاة الفجر في الساعة الرابعة، فمجموع الساعات عشر، فاللحصول على منتصف الليل تقسم الساعات على اثنين،فيساوي الناتج خمس ساعات، فوقت الغروب يكون الساعة السادسة، وتُجمع خمس ساعات، فيكون منتصف الليل الشرعي في الساعة الحادية عشر، وهذا ليس ثابتاً إذ يختلف باختلاف المسافة الزمنية.

 يسهر قسمٌ من الناس _خاصة في شهر رمضان_ ولا ريب من أن منهم من يقوم لصلاة الليل خصوصاً ركعتا الشفع وركعة الوتر، لكن يبقى هذا الأمر في إطار الاستحباب وما ورد من الروايات، ولكن عند الإتيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا) هنا ركعة الوتر، وقيام الليل واجب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

* الأمر الثالث:السواك

 إن السواك بالنسبة لعامة الناس مستحب، لكن بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو واجب _ كما اتفق عليه علماء الفريقين _ تصور صعوبة الأمر لو كان السواك واجباً على عامة الناس، فهذا يصير بالنسبة لرسول (ص) واجباً كغسل الجنابة، فلو أن شخص أنزل السائل المنوي أو قارب زوجته لابد أن يقوم ليغتسل، خصوصاً في مثل ليالي شهر رمضان له وقت قبل الفجر، فيكون صعب عليه لكن لكونه واجب فلابد أن يأتي به، وقد روي عن النبي (ص) أنه قَالَ:"لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ" فلو أمر هنا بالسواك لكان لازم به.

الأمور المحرمة على النبي الأكرم (ص) ومكروهة لعامة الناس:

هناك بعض الأمور محرمة على رسول الله (ص) ومكروهات لغيره:

أولاً: خائنة الأعين:

عندما تريد أن تستأذن من جماعة وتعطي صاحبك إشارة بطرف عينك ليقوم معك هذا الأمر من المكروهات، أو أن أحد الأشخاص يريد أن يخبر الحاضرين بشيء وأنت تؤشر عليه بعينك أن لا يقول، أوجاء أحد يطرق الباب فتؤشر لطفلك بعينك أن لا يخبره بوجودك وهكذا، تصور لوأردت أن تلتزم بهذا الأمور مدة أسبوع فستلقى عناء فيه، ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم التزم به طيلة حياته، حتى أن أحد الذين حكم عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقتل جاء وجلس في مجلس النبي  ، وتحدث معه والأصحاب ينتظرون إشارة منه، ولم يفعل النبي، حتى قام الرجل ونجى بنفسه، وذلك لما جيء بعبدالله بن أبي سرح ـ وكان قد أهدر دمه ـ  إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعدما طمأن أهل مكة، وطلب له عثمان الأمان، صَمَتَ رسولُ الله (ص) طويلاً ثم قال: نعم، فلما انصرف قال الرسول الله (ص) لمن حوله: (ماصَمَتُّ طويلاً إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه)، فقال له رجلاً من الأنصار: فهلاّ أومأتَ إلي يا رسول الله! فقال (ص): (إن النبي لا تكون له خائنة الأعين).

فهذه من الأمور في ذاتها غير محرمة ولكن بالنسبة للرسول (ص) فهي محرمة، وقد يكون لأن النبي بمثابة أمن لكل من جاوره أو لأمر آخر.

 ثانياً: الصدقة الواجبة:

تُحرم الصدقة على رسول الله وذريته، أما بالنسبة لغيره من الناس، فيُكره لهم الطلب ويستحب التعفف_حتى وإن كانوا محتاجين_ أما غير المحتاجين فيستحقون العقوبة حيث "يأتي يوم القيامة من يطلب من غير حاجة مقشور اللحم"، فالصدقة المستحبة لاينبغي التعرض لها، أما بالنسبة للواجبة فيستطيع الإنسان إعطاءها للفقير، ولكن بالنسبة للنبي وذريته فهي حرام وذلك كرامة لهم.
1.ماهي الصدقات الواجبة؟

من الصدقات الواجبة زكاة الفطرة، والزكاة العامة كزكاة الأنعام، والذهب والفضة المسكوكان، لذلك أفتى الفقهاء على أنه لا تحلّ فطرة غير الهاشمي للهاشمي، ولكن الهاشمي يستطيع إعطاء فطرته للهاشمي وغير الهاشمي.

 وهنا لفتة نشير إليها: عادة تقرأ في المراثي الحسينية لما وصل ركب السبايا إلى الكوفة قام الناس بإعطاء أطفال الحسين (ع) شيء من التمر والخبز فقالت السيدة زينب عليها السلام يا أهل الكوفة إن الصدقة حرام علينا أهل البيت، وهذه الصدقة لم تكن واجبة، فلماذا جعلتها حرام؟ ذلك لأن:

أولاً: ليس كل عبارات المقاتل يمكن الاستدلال بها في الفقه؛ لأن قسم منها لا تتمتع بميزة السند الفقهي وذلك لأن النقل التاريخي ليس مطلوب منه ما هو مطلوب من المتن الروائي الفقهي، فعند البحث في قضية تأريخية في مروج الذهب للمسعودي_ وهو فقيه ومتكلم ومؤرخ ومتثبت ومحيط _ لا يُبحث عن السند لعلم الباحث بتثبت الكاتب، فينقل الموضوع التأريخي ويُتحدَث به، بينما في الفقه ليس كذلك حتى لو نقله من هو أكثر وثاقة من المسعودي كالكليني مثلاً وهو ثقة الإسلام فلا يكتفي الفقيه بهذا المعنى، بل لا بد له من مراجعة الرجال الذي روى عنهم الكليني والبحث عن حال كل واحد منهم، وهذا الفرق بين النص التأريخي والمتن الروائي الفقهي الذي يتعرض له الفقه، فليس كل ما روي في المقاتل معتبرًا بدرجة الاعتبار الفقهي لذلك لايمكن الاستدلال به.

ثانياً: لو افتُرض أن الحدث قد حدث، فزينب عليها السلام رأت في أخذ هؤلاء الأطفال وإعطاء الكوفيين هذا الخبز لهم فيه شيء من الإهانة والشماتة بأهل البيت (ع)، هذا إن حصل فهو بأي شكل من الأشكال غير جائز حتى لو بكلمة سيهتك وينخفض شأن أهل البيت عليهم السلام فلا يجوز فضلاً من إعطاء التمر وغير ذلك.

ثالثاً: إن السيدة زينب عليها السلام كانت تريد أن تخبر أهل الكوفة بمنزلتهم من رسول الله فكانت صوت يُعِلم الناس بأن هذا الركب هو ركب ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

رابعاً: لو سلِمَ سند الدليل وتمت الدلالة،، لكان دليل لمن قال من العلماء أن عموم الصدقة حرام على أهل البيت (ع) ولكنه رأي غير مشهور، فالمشهور هو أن الصدقة الواجبة هي الحرام.

 الخصائص الخاصة برسول الله (ص) دون غيره:
تعدد الزوجات:

   إن الرسول (ص) هو الوحيد من هذه الأمة الذي يستطيع أن يجمع بالعقد الدائم تسع نساء في وقت واحد، وهذا لا يثبت لا للإئمة ولا لسائر الناس ولا يقول به أحد من المسلمين، ومن العجيب أن أحد القضاة من غير أبناء المذهب يزعم أن الشيعة يقولون بجواز الزوج بتسع نساء بالعقد الدائم، ويزعم أنهم يستدلون بقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) فيكون المجموع تسع.

والصحيح أنه لا نعلم بوجود عالم من علماء الشيعة منذو زمن أمير المؤمنين (ع) إلى يومنا هذا لا يوجد من يقول بهذا الكلام، بل يمكن أن غير الشيعة أيضاً لايقولون بهذا لأنه من مختصات رسول الله فقط، ومعنى الخصائص أن لايكون أحد مشترك معه، حتى الدليل الذي قاله أبداً لا يدل؛ لأن هذه الصيغة القرآنية صيغة عدد (مثنى وثلاث ورباع) وليست صيغة كمية وإنما صيغة كيفية، فمثلاً عندما يقال: جاءت الجماعة مثنى مثنى يعني كل اثنان معاً ربما يكون عددهم عشرين نفراً أوخمسين لكنهم جاؤوا بالاقتران، فلا يمكن أن يكون مثنى مثنى بمعنى أربعة، فالمعنى جاؤوا بهذه الكيفية فيمكن أن يكونون أربعة ويمكن خمسين شخص وهلم جرّ.

فالآية تعني أن الرجل يستطيع أن ينكح واحدة أو اثنتان مع بعض أو ثلاث مع بعض أو أربع مع بعض فيجوز، ولكن خماس أو سداس فلا يجوز ولايستطيع إنسان أن يجمع أكثر من أربع، وهذه صيغة اقتران فل وكانت صيغة عدد لقال انكحوا ماطاب لكم من النساء اثنتين وثلاث وأربع وليس ثلاث ورباع فهذه الصيغة صيغة عدد وتلك صيغة كيفية لذلك يعد ذلك من التهريج أو من قلة العلم والتتبع، وهذا من مختصات رسول الله (ص) فهو يستطيع أن يجمع بين تسع من النساء في وقت واحد، وهذا لحكمة يعلمها الله قد تكلموا بها كثيرون لأجل قضايا دعوية وقضايا رسالية، وقضايا سياسية، وتحالفات، وكفالة اجتماعية وغير ذلك، والمستشرقون نبشوا في هذه كثيراً وقالوا هذا رجل (النبي محمد) وراء النساء والشهوات وعيسى بن مريم أحسن منه فلم يتزوج!.

على افتراض أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب أن يتزوج كثيراً فما المانع من ذلك هل هو العقل أوالعقلاء أوالشرع؟ لا توجد مشكلة في ذلك لأن مقدار رغبات البشر لا تقاس بالمسطرة لا في الأكل ولا الشرب ولا الجنس ولا في التملك، فعندما تجلس على مائدة واحدة ترى أن من يأكل أربعة لقمات ويقول الحمدلله شبعت، وأنت تأكل عشر لقمات وتقول هذا مقدار طاقتي واستيعابي، وزيدٌ من الناس يأكل عشرين لقمة وهكذا بالنسبة لهذا اعتدال وبالنسبة لذاك اعتدال وللآخر اعتدال، فليس المقصد المبالغة في الأكل بل مقدار التحمل وطاقة البدن، وكذلك في الشرب فلا نتحدث عن المبالغة، وكذلك في الرغبة الجنسية تتفاوت حتى عند الناس الأصحاء، فالبعض لديه رغبة جنسية قوية، وآخر رغبته الجنسية ضعيفة..

وهنا حادثة حدثت في زمن النبي (ص)، حيث جاءت امرأة للنبي وقالت إن معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم خطباني، فقال رسول الله (ص) أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له... " هذا الحديث يذكر في باب المشورة وعلى المستنصح ذكر ما هو حسن وغير حسن ولا تعد غيبة، فلو كان هناك مانع فيقول فلان غير متدين مثلاً، تعبير النبي مؤدب لا يضع العصا عن عاتقه أي كثير الرغبة الجنسية، النبي (ص) تحدث عن رجل لديه رغبة زائدة فلم يعتبر ذلك من الأشياء المحرمة والسيئة ما دامت في حلها وفي ضمن الحكم الشرعي.

       مع أننا لا نعتقد بما يقولون فالنبي (ص) على خلاف هذا الأمر فأول زوجة تزوجها بعد وفاة خديجة عليه السلام في مكة كانت سودة بنت زَمعة قبل الهجرة أوبعدها بقليل، وكانت كبيرة السن وعمرها خمس وخمسون سنة وكانت متزوجة من شخص آخر قبله فماذا بها من رغبة يرغب بها النبي(ص)، فلا هي شابة ولم تُذكر بجمال، في المقابل لما جاءت امرأة أنصارية شابة لابسة أجمل ملابسها متهيئة ذكرها القرآن قال:(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) كان النبي(ص) في ذلك الوقت لديه أموال ومكان يستوعبها وهي شابة وباكرة لم تتزوج قبله بأحد مع ذلك قال لها جزاك الله خير الجزاء في رغبتك في رسوله ولكن قال لها لا رغبة لي. المسافة بين سودة وهذه لا تتجاوز خمس سنوات أقل أو أكثر بقليل فهذا الذي يذهب وتزوج من سودة بن زمعة وهي امرأة عمرها خمس وخمسين سنة ويمتنع من امرأة باكرة ولا مهر لها فالنبي أسمى من ذلك.
•ومن مختصاته أيضا لا تُنكح نساءه بعده كما في القرآن "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا" ولا يصْدق هذا على زوجات الأوصياء كأمير المؤمنين(ع) والذي هو نفس رسول الله حيث تستطيع نساؤه الزواج لو أردنّ أن يتزوجنّ من بعده.

 

 

مرات العرض: 5730
المدة: 00:51:22
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 17.6 MB
تشغيل:

 دولة النبي في المدينة المنورة
النبي كأنك تراه : هيئته الشخصية