من أصول الفقه النبوي
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 16/9/1432 هـ
تعريف:


 🌱من أصول الفقه النبوي🌱

كتابة الأخت الفاضلة علياء الفلفل
حديثنا يتناول علم رسول الله وفي الجانب الفقهي على وجه التحديد وسَنتعرض لبعض الأمثلة التي تشير لسعة هذا العلم واستيعابه لكل حاجات الإنسان في حياته الدينية.
في البداية لابد أن نشير على أننا نعتقد أن رسول الله هو أعلم المخلوقات على الإطلاق حيث أنه أحاط علما بالقران الكريم الذي فيه تبيان لكل شيء بل أطلعه الله على ملكوته ولم يحصل لنبي مرسل ولا وصي صديق على ما حصل عليه رسول الله  وكان مصداقا لما قاله الشيخ الأزري رحمه الله في قصديته الأزرية
مصدر العلم ليس إلا لديه 
                                    خبر الكائنات من مبتداها
علم تلحظ العوالم منه 
                                  خير من حل أرضها وسماه
ما تناهت عوالم العلم إلا
                            وإلى ذات ( أحمد ) منتهاها

يكفي أن يقول أن علي بن أبي طالب عليه السلام هو عند المدرستين هو أعلم الصحابة هذا أمر لا يخص المدرسة الإمامية ،كان فريق كبير من أتباع مدرسة الصحابة يعتقد أن الإمام علي هو أعلم
أصحاب رسول الله ،علي عندنا الإمامية يتخطى الصحابة وغيرهم وهو نفسه يقول ( علمني رسول الله من العلم الف باب ينفتح لي من كل باب الف باب }
وفي حديث آخر ( ?نت اذا سألت رسول الله صلی الله علیه وآله أعطاني وإذا س?ت ابتداني فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار ولا سماء ولا أرض ، ولا دنيا ولا آخرة ، ولا جنة ولا نار ، ولا سهل ولا جبل ، ولا ضياء ولا ظلمة ، إلا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بيدي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها ، وكيف نزلت ، وأين نزلت وفيمن أنزلت إلى يوم القيامة ودعا الله أن يعطيني فهما وحفظا ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا على من أنزلت إلا أملاها علي .)
وهو صاحب المقولة (: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن طرق السماوات فانا أعرف بها من طرق الارض)

هذا أمير المؤمنين علمه رشحة من رشحات علم رسول الله (ص)تكوينه وبناءه الفكري والعلمي وشخصيته هي إحدى معاجز رسول الله وبناء على هذا نحن نعتقد أن ما تركه الإمام علي عليه السلام من تراثه العلمي مثل نهج البلاغة  كله من علم  رسول الله (ص)وإن عليا إما ما كان ينقله مما تعلمه من رسول الله بلفظه ونصه وإما بإطاره وروحه فهو إما نفس النص أو ضمن ذلك الإطار من الأبواب التي انفتحت إليه أو الأفاق التي إكتشفها من خلال علم رسول الله التي تحدث عنها الأمير وألقاها في نهج البلاغة ومعارف التوحيد وصفات الله ووصف الحيوانات المذهل والمبهر والحكم الراقية والرائعة والتشريعات العالية هذه نعتقد أنها فيض من علم رسول الله فالنبي(ص) أعطى كل الأمة ليس فقط الإمام علي عليه السلام والأئمة ولكن هناك إختلاف وفرق أشار إليها الإمام الصادق إن رسول الله(ص) أنال وأنال وأنال هكذا صنع ووزع العلم وفرقه ونشره وعندنا أصول العلم والجذور والأبواب التي تنفتح منها والقواعد التي تستكشف بها الأحكام ويستضاء منها في الطريق هي عندنا ومصدرها رسول الله ولذلك هم يحتفظون بذلك العلم  ويتوارثونه وفي حديث للإمام الصادق عليه السلام ( لو كنا نقول في الأمور برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ) وإنما هو علم من رسول الله نتوارثه كابر عن كابر ونخزنه كما يخزن الناس ذهبهم وفضتهم نحن لا نقول بأرائنا كما يقوم بذلك غيرنا يدلي برأيه ويجتهد وقد يصيب مرة ويخطئ مررات وإنما هذا علم رسول الله خزنه عنده مرة ثم نقله إلينا ونحن نحافظ عليه ونصونه ثم ننقله وقد ذكرنا ذات ليلة إن الحديث عن كتاب علي وهو إملاء رسول الله(ص) بخط علي عليه السلام يأتي الحديث عنه في زمان الإمام الصادق عليه السلامالذي استشهد سنة 148 أو 150 هِ بمعنى أن هذا الكتاب منذ وفاة رسول الله ( ص) قرن ونصف من الزمان يتوارثه الأئمة عليهم السلام كابر عن كابر ونرى أن أبواب في بعض المواضع أن هذا مذكور في كتاب الفرائض من كتاب علي عليه السلام أي كتاب المواريث ويظهر أنه شامل لكل الأحكام

أو قضية الجامعة التي فيها حتى أرش الخدش فلو أن أحد خدش يدك هذا كم فيه غرامه في كتاب الديات بمعنى أن كتاب الجامعة فيه مختلف الأبواب حتى هذه المسألة التفريعية والتفصيلية هنك علم كبير ورثه النبي(ص) لخلفاءه

من هنا لو أردنا أن نضع صورة تقريبية لعلم الرسول (ص)في باب الفقه ،مثلا كتاب الوسائل ومستدرك الوسائل وجامع أحاديث الشيعة في بعضها ما يزيد على 35 ألف حديث فقط في أبواب الفقه دع عنك أبواب العقائد والأخلاق دع عنك سائر الأمور هذه روايات انتخبها مؤلفوا هذه الكتب من مجموع روايات أهل البيت ( ع) هذه كلها نعتقد أنها جزء من علم رسول الله  لماذا ؟؟ لأن الأئمة عليهم السلام لا يقولون من تلقاء أنفسهم إنما هو علم أصوله وجذوره عند رسول الله(ص) إما انتقل إليهم بنصه كما في بعض الحالات أو بروحه وإطاره في حالات أخرى وهم فصلوا ما وصل إليهم فتحوا أفقا وأبواب جديدة بحسب ما وصل إليهم

النبي(ص) جاء بعلم كثير مقدار بسيط نشير إليه على سبيل الاستشهاد أول ما جاء به رسول الله (ص)جاء بكيفيات العبادات وهذا من الأمور المهمة جدا ،ذكرنا ذات مرة لو لم يأتي رسول الله بكيفيات العبادات لكان بإمكان الإنسان أن يمارس العبادة بأي نحو من الأنحاء
*القران قال ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْل  ) أنا بأمكاني أني أصلي ركعة الظهر وأنتهي وكذلك العصر وكذلك المغرب أركع فقط ركعة  ويكفي لأن لا يوجد تبيان لعدد الركعات وكيفية الصلاة لأن الركعة أيضا يطلق عليها صلاة
*القران يقول قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً )
أستطيع الذهاب لمكة وأطوف مر ةواحدة حول الكعبة وأرجع هذا يسمى حج وأذكر الله في المشعر الحرام أي يوم لأن القران لم يذكر أي يوم هو يوم عرفة تفاصيل الحج لم تذكر
أيضا قوله تعالى ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) هنا لا يظهر وجوب على أن الصفا والمروة واجب
( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) أي مكان أطوف وبأي كيفية
هذا لو لم يأتي نبي الله بكيفية العبادة لكن وبالذات في حجة الوداع بعث في الناس كما ذكروا بعد شهر رمضان في الأعراف والبوادي أن النبي (ص)سوف يحج هذا العام فمن أراد أن يحج مع رسول الله فليأتي حتى أن البعض أوصل عدد الحجاج في ذلك العام لـ 100 ألف حاج وكلهم شهدوا واقعة الغدير هذا عدد ضخم بالنسبة بالقياس مع عدد سكان المدينة وعدد المسلمين في ذاك الوقت
فكان كلما ذهب يقول خذوا عني مناسككم فلما بين  كيفية العبادة ووقت المواقيت التي يحرم منها الحاج  فمن المواقيت ميقات أهل العراق مع إنه لم يكن في ذاك الوقت من أسلم في العراق ولكن هذا من العلوم التي عنده (ص) وغير ذلك من المواقيت كميقات أهل نجد وأهل المدينة ثم علمهم كيفية الطواف من أين نبدأ وأين ينتهي وعلى أي جهة وعدد الأشواط وصلاة الطواف وبعد ذلك السعي بين الصفا والمروة وغير ذلك من أعمال الحج والعمرة فصار الحج بهذه الكيفية
فإذا بها تتعين زمانا ومكانا وشروطا كل ذلك بتعيين رسول الله(ص)  فالزكاة كذلك فكل العبادات لم يتعرف عليها المسلمون إلا بشرح رسول الله  ولذلك تجد من الاختلافات  القليلة الموجودة في الحج لأن المصدر  الذي لها واحد فقط والتغيرات والإجتهادات التي حدثت بعد رسول الله لم تلامس البنية الأساسية للحج صحيح متعة الحج صار فيها كلام من بعض الخلفاء لكن البناء الأساسي والهيكل العام للحج لم يتغير ولذلك تجدون عادة الإتفاق بين المسلمين فيه أكثر من الاختلاف هذه هي كيفيات العبادات التي بينها وشرعها وعلّمها الأمة
النبي جاء وأحضر معه مجموعة كبيرة من الكلمات على صيغة قواعد يوجد فرق بين عالم يبين مسألة فقهية وبين عالم يعلم قاعدة  القاعدة لها مئات التطبيقات بينما من يعلم مسألة واحدة شرعي يمكن أن لا يتجاوز هذا المورد
الرسول جاء بعدد كبير من القواعد ولا سيما في التنظيم الإجتماعي
مثال / كان الناس ينتقلون من الكفر للإيمان وقد عاش بعضهم 40 و30 عاما عصى الله  ومارس المنكرات ولم يقم بأي عبادة كالصلاة فماذا يصنع في المحيط الجديد  ؟ فأعطى الاسلام قاعدة وهي الإسلام يجب ما قبله اي يقطع ويلغي ما قبله  والله يسامحك  إلا في حقوق الآخرين المادية  مثلا شخص قبل الاسلام شرب خمر وسرق فالإسلام لا يقيم الحد عليه لكن عليه ارجاع المال حتى لو كان من أحد بيوت الكفار  ،الله يغفر ويرحم ويتجاوز ما هو في حقه لكن حقوق الناس لا وهذا من الأمور التي استشهد منها بعض العلماء على أن حقوق الناس مقدمة على حق الله

مثال آخر / لا ضر ولاضرار في الإسلام  قصته معروفه هذا سمرة بن حندب باع بستان لإنصاري واستثنى شجرة لا أبيعها وهذا موجود ومن حق البائع اذا اتفق على ذلك فأصبح سمرة كل يوم يذهب لهذه الشجرة والأنصاري سكن مع أهله البستان فقال له  يا سمرة لو تستأذن قبل الدخول أو تعين لك وقت معين حتى نلاحظ هذا الأمر لأن عندي نساء هنا
فقال له ما أصنع ذلك فهذا ملكي ولا أستأذن في ملكي فشكى الأنصاري رسول الله (ص)فقال له الرسول (ص)ببيع الشجرة للأنصاري فلم يوافق فقال له بعني إياها وأعطيك بدله بستان في الجنه بمعنى تصبح من أهل الجنة وأيضا لم يوافق ورفض فقال له إستأذن إذن فلم يوافق فأمر الأنصاري بقلعها
والتفت لسمرة رسول الله(ص) وقال أنت رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام  فشرع قانون هذه أربعة كلمات لكن لو كتبت ما عند العلماء من كتب ومجلدان كله يجمع على أقل تقدير ب 50 مجلد على الأقل وهذا ما يفسر يفتح لي من كل باب ألف باب
الإسلام لا يشرع حكما ضرريا لا على مستوى التكليف ولا على مستوى الوضع بمعنى لا يوجب على الناس أحكام تضرهم ولا يصحح معاملات التي يتضررون فيها
مثلا إنسان يضره استعمال الماء البارد فلو يلامس وجهه أو يده يسبب ضرر على جسده كمرض يصيبه لعدة أيام هذا لا يجب عليه الوضوء عندما يقوم للصلاة لأن وجوب الوضوء عليه هنا حكم ضرريا والإسلام لم يجعل للأحكام الضررية فهنا ينتقل الحكم له للطهارة الترابية 
مثال آخر لو كان هناك معاملة فيها ضرر على المكلف والشرع عنده غير نافذة كذلك الصوم لو عنده مرض سكر مثلا أو قرحة فهو لا يستطييع لأن الصوم يضره  هنا لا يجوز عليك الصيام أصلا لا يشرع حتى لو أن هذا الشخص قال أنا أصوم كيف أفطر صعب عليَّ ينقل أحد العلماء مقارنة بين بلدتين البلدة الأولى الرجل الصوم عليه حرجيا ولا يريد أن يفطر ورجل في بلدة أخرى يقول الصوم يتعبه ذاك التعب العادي المحتمل لكنه يريد أن يفطر  فكلاهما عملهما غير صائب

مثال لقاعدة أخرى ( يُحرم من الرضاع ما يُحرم من النسب )
القران ذكر تحريمين لأثنتين أمهاتكم من الرضاعة وأمهاتكم اللاتي أرضعنكن والثانية وأخواتكم من الرضاعة لكن ابنة اخوك وابنة اختك من الرضاعة لم يوضح القران هل تحرم عليك فجاء الرسول(ص) بهذه القاعدة  فإذا ابنت اخوك وابنة أختك من النسب محرمة عليك كذلك ابنة اخوك وابنة اختك من الرضاعة محرمة كل ذلك اذا توفرت شروط الرضاعة بأن تكون  15 رضعة وان تكون مغذية يشتد فيها عظمه وأن تكون في فترة السنتان اما بعد السنتان لا تترتب الاثار لقوله (ص)  (لا رضاعة بعد الفطام ) وهذه لها معاني كثيرة وإن من الأثار الذي يؤثره  هو استثناء المحرمية من يرضع بعد السنتين
فمن بعض الفتاوى التي ظهرت لكي لا يقع المكلف في الخلوة المحرمة أن يرتضع الكبير من زميلته وغير ذلك
الخلوة بذاتها عند العلماء ليست محرمة اذا كانت تؤدي للحرام هي محرمة أما إذا لم توجد خشية من الحرام فلا تحرم لكن هناك ما يوجد عند علماء أنها محرمة قطعا حتى لو لم نخف أنها تؤدي للحرام 
ولكن أن أضع فتوى حتى لا تقع خلوة وهي أن يرضع الكبير من زميلته وما شابه هذا فقه أعوج هنا ملامسة محرمة وتلذذ قد يقع هذا كله حرام بالإتفاق  يتعجب الإنسان كيف يتوصل للهكذا حكم ولماذا لم يرجعوا لقاعدة لا رضاع بعد الفطام هذا حديث لرسول لله(ص) ولم يكن من إمام حتى يقولوا إنه ليس مرجع لنا

أيضا هناك قاعدات  لا صلاة إلا بطهور  لا صلاة الا بفاتحة الكتاب  لا نذر في معصية  وأحيانا قضية واحدة ترى كثير من الأحكام تستكشف منها

ونحن في سنة من السنوات كان بحثتا عن أعلام الإمامية ذكرنا عن المحقق الأردبيلي وهو من المجددين في الفقه ومن المقدسين في العمل فكان لما يمر على رواية  يستكشف منها عددكبير من الأحكام فمثلا ينقل رواية من كتابه مجمع الفائدة والبرهان

أن أعرابيا أتى النبي عليه السلام ، فقال : يا رسول الله ، هلكت ، وأهلكت ، فقال : ماذا صنعت ؟ قال : واقعت امرأتي في نهار رمضان متعمدا ، فقال : أعتق رقبة ، قال : لا أملك إلا رقبتي هذه ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقال : وهل جاءني ما جاءني إلا من الصوم ، فقال : أطعم ستين مسكينا ، فقال : لا أجد ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يؤتى بفرق من تمر ويروى بعرق فيه خمسة عشر صاعا وقال : فرقها على المساكين ، فقال : والله ليس بين لابتي المدينة أحد أحوج مني ، ومن عيالي ، فقال : كل أنت وعيالك يجزئك ، ولا يجزئ أحدا بعدك

المحقق الأردبيلي وضع من هذا الحديث  أربعة عشر حكما وغيرها من الأحكام فإذا كان مثل المحقق الأردبيلي يفتح له هذا فكيف بالإمام المعصوم 

قدكان علم النبي صلوات الله عليه  علما مستوعبا واسعا محيطا بكل ما يحتاج إليه الإنسان المسلم في دنياه وآخرته عنده علم بتاريخ الأمم السابقة وعلم بما حاء في القران الكريم الذي فيه بنيان لكل شي وكان عنده علم ما سيحدث في المستقبل

مرات العرض: 6588
المدة: 00:49:47
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 17 MB
تشغيل:

التربية بالصيام
 الكبائر والصغائر بحث فقهي وأخلاقي