كتابة الاخت الفاضلة معصومة الخضراوي تحرير الأخ الفاضل عيسى الربيح .
قال الله العظيم في كتابه الكريم :《 وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 》 . حديثنا حول : السنة النبوية في موقعها التشريعي وواقعها التاريخي . إن السنة النبوية الواصلة إلينا بطريق معتبر ، من قول أو فعل أو تقرير رسول الله (ص) ، تعد من أدلة الأحكام الشرعية ، التي يستند إليها الفقيه ، مثل ما يستند إلى آيات القرآن الكريم في الاستنباط الفقهي . ونعتقد في مدرسة أهل البيت ، بأن السنة النبوية ثاني الأدلة بعد القرآن الكريم ، ومن سنة رسول الله ما روي عن أئمة أهل البيت المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) . فإذا وصلت إلينا هذه السنة بطريق معتبر (سواء كان الراوي شيعياً أو غير شيعي لكنه ثقة) فإننا نعمل على طبق ما تفيده السنة من تلك الرواية .
● وظيفة السنة : للسنة وظائف أساسية ، أهمها : 1- تأسيس الأحكام في مجالات لم يتطرق القرآن الكريم في آياته إلى تفاصيلها ، فالسنة تأتي شارحة لما كان في القرآن الكريم على أساس تشريع الإجمال ، أو كان في بيان الأصول العامة ، مثل : أحل الله البيع .. أوفوا بالعقود .. حرم الربا ... إلى غير ذلك . 2- تقييد تلك الأحكام أو تخصيصها . ففي القرآن الكريم مطلقات وعمومات ، وهذه في موارد معينة قد تأتي سنة النبي وتخصصها أو تقيدها ؛ لكن لا تصل إلى مرتبة النسخ . بعكس مدرسة الخلفاء ، حيث يصح عندهم أن تنسخ السنة الآية القرآنية ، ولكن هذا الأمر لا يقبل عند مدرسة أهل البيت . ولعل أهل العامة لجأ للقول بهذا ، للتخلص من مشكلة الفقه الخلافي ، ففي القرآن الكريم تأمر الآية بالمسح (مسح الرأس ومسح الرجلين) في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ...) [سورة المائدة 6] . وقد نقل عن مالك ابن أنس إمام المذهب المالكي، أنه قال : القرآن نزل بالمسح ، والرواية جاءت بالغسل ، فنسخت الآية ، وهذا الكلام لدى أهل البيت غير مقبول . وإذا اردنا أن نضرب مثالاً لقضية قررها القرآن ، وخالف فيها أهل العامة في تقديم ما روي من سنة بطريقهم ، وهي مسألة (الزواج المنقطع : المتعة) ، قال تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ) [سورة النساء 24] . ففي الآية صراحة واضحة في حلية هذا الزواج وعدم حرمته ، لكن أتباع مدرسة الصحابة حرموا هذا النكاح (نقلاً عن الخليفة الثاني) ، وفيما بعد قالوا : أن النبي منع منه وحرمه . وقالوا : حتى لو جاء القرآن بهذا الحكم ، لكن الرواية نسخت الآية . وهذا النسخ لا يصح عند الإمامية ، لأن السنة لا تلغي ولا تحذف حكماً قرره القرآن . ● كيف تعاملت مدرسة الخلفاء مع السنة ؟ كان ينبغي أن يكون في السنة النبوية وفاء لكل حاجات المسلمين من الأحكام الشرعية ، إلا أن هذا مع الأسف لم يحصل ، فالتاريخ يخبر بأن السنة النبوية لم تتم الاستفادة منها من قبل المسلمين بالمقدار الذي كان ينبغي أن يستفيدوا ، وبمقدار ما هو موقعها التشريعي . وتعود هذه الحالة لأسباب مختلفة : 1- أنه كان هناك توجه لدى البعض من أيام النبي صلى الله عليه وآله لتفريغ السنة النبوية من مضمونها الإلهي والقدسي . وذلك بتحويل سنة النبي (كلامه وفعله) إلى شيء غير مقدس ، وليس صادراً من مصادر التشريع الإلهي . وهذه الجماعة من قريش الذين كان رأيهم هذا الرأي في تفريغ السنة من محتواها الإلهي والمقدس ، كانوا ينهون عن تدوين وكتابة حديث رسول الله . حتى أن أحداً كان يدوّن سنة النبي ويقول : كنت أكتب كل ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله ، فجاءني قوم من قريش وقالوا لي : يا هذا ! إن رسول الله بشر يرضى ويغضب ، فلا تكتب كل ما يقوله وتسمعه منه . فقام هذا الرجل وأخبر الرسول بما قالوه ، فقال له (ص) : 《 اكتب ! فو الله ما خرج من هنا (وأشار إلى فمه الشريف) إلا حق 》 . وقد قرر القرآن عصمته وصحة سنته بقوله تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ }[سورة النجم 3 - 4] . وقوله : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [سورة الحشر 7] فكلامه (ص) وأوامره ونواهيه كلها تنطق بالحق ومسددة بالأمر الإلهي ، في كل الظروف وفي كل الحالات ، ولا تختص بزمن دون زمن آخر ، ولا لظرف دون ظرف آخر . لذلك استغل قسم من القرشيين حالة عدم اعتقاد البعض بعصمته في كل ما يأمر أو ينهى عنه . ومن شواهد ذلك : ما حصل لأبي الدرداء لما ذهب إلى الشام ليستقر فيها ، فرأى معاوية ابن أبي سفيان(حاكم الشام) يعمل مخالفات ، من لبس الحرير و لبس الذهب ... وغير ذلك ، فقال له : يا معاوية إن رسول الله قد نهى الرجال عن لبس الذهب والحرير، فرد عليه معاوية : أما أنا فلا أرى فيه بأساً ! . وبكلام معاوية هذا ، يجرّد النبيَّ من المضمون الإلهي لسنته ، إضافة لسياسته في منع تدوين السنة ، والذي امتد قرابة قرن من الزمان (89 سنة) حتى عهد عمر بن عبد العزيز . وفي هذا الصدد سنشير لحادثتين من مصادر مدرسة الصحابة : # الحادثة الأولى / ينقلها شمس الدين الذهبي ، الحافظ والرجالي المعروف ، وهو من كبار علماء مدرسة الصحابة ، في كتاب له بعنوان (تذكرة الحفّاظ) . حيث ينقل في بدايته عن السيدة عائشة ما يلي : يقول رأيت أبي ذات ليلة يتقلب في مضجعه ، فقلت له : ما بك ؟ قال : عندي 500 حديث عن رسول الله ؛ وأنا أخاف أن يأخذها من بعدي من لا أثق به . فتقول عائشة : فما زال كذلك حتى إلى ساعة متأخرة من الليل ، حتى حزم أمره وقام وأشعل فيها ناراً وأحرقها بأجمعها !! . فماذا يعني هذا ؟! معناه أن صحيح البخاري ، والذي هو عمدة الكتب في مدرسة الصحابة ، يوجد فيه (لو حذفت المكررات وحذفت ما لا ينتهي إلى قال رسول الله ؛ لأن قسم منه نقل إلى الصحابة من دون نسبة إلى النبي) فإنه يبقى 2600 حديثاً ، يعني أنه أتلف قرابة 20% من عدد أحاديث صحيح البخاري في ليلة واحدة ! . # الحادثة الثانية : ينقلها محمد ابن سعد في كتابه (الطبقات الكبرى) الذي ألفه في سيرة الصحابة ، وهو أيضاً من أعلام مدرسة الصحابة . يقول : أن رجلاً سأل القاسم (الظاهر القاسم ابن محمد ابن أبي بكر ، وهو في زمن الإمام السجاد) أن يحدثه بحديث عن رسول الله ، فقال : لا .. الأمر عظيم وخطير . فرفض أن يحدثه ؛ لأن يقول : أن عمر ابن الخطاب بث في الناس أن يأتوه بكل حديث مكتوب عندهم عن رسول الله ، وأمهلهم شهراً لتجميع الأكتاف والجلود المنسوخة فيها الأحاديث . فلما صار الشهر ، اجتمعت عنده أحاديث كثيرة ، فأمر بأحراقها كلها !! . وقال : لا مثنات كمثنات أهل الكتاب (أي لا نريد أن نصبح مثل لليهود عندهم الأصل والشرح عليه) ، فحسبنا كتاب الله ! . وبالإمكان مراجعة كتاب السيد مرتضى العسكري (معالم المدرستين) ، فهو كتاب قيم ومحقق ومفيد . ومن خلال ما مرّ بنا اتضح بأن منع التحديث والتدوين للسنة النبوية ، بالإضافة إلى فقدان رجالات الجيل الأول في المعارك ، أو في ظروف أخرى كتقدمهم في العمر ، أدى إلى فقدان عدد كبير من الأحاديث النبوية للأسف . ولو أردنا في هذا الإطار أن نبحث في قضية مهمة للمسلمين من تراث السنة النبوية (وهي خطب النبي في صلاة الجمعة) ، فأين تلك العدد الهائل من تلك الخطب ؟ خاصة لو علمنا أن صلاة الجمعة كانت من بداية الهجرة ، والبعض ذكر أنها فرضت قبل الهجرة بمكة . وهي خطبتان في كل صلاة (كما هو معروف) . فإذا اعتبرنا أن مدة بقاء رسول الله (ص) عشر سنوات في المدينة ، فسيكون في كل سنة (52 أسبوعاً) ، وفي عشر سنوات (520 أسبوعاً) ، وفي كل أسبوع خطبتان ، فيكون مجموع الخطب المتوقعة (1040 خطبة) ! . ولو افترضنا أن كل خطبة لو دونت فستكون صفحة واحدة ، فهذا يعني أننا حظينا بكتاب مدون من خطبه ، حوالي (1040) صفحة أو أكثر . ويكفي في ذلك ما جاء من خطبةٍ له (ص) في آخر جمعة من شهر شعبان المشهورة والمعروفة عند مدرسة الإمامة (مع العلم أنها عند مدرسة الصحابة لم يصح نسبتها إلى رسول الله ، مما يعني أن حتى هذه الخطبة والتي تمثل جزءاً بسيطاً جداً من خطبه لم تصح عنه بحسب رأيهم) . فأي خسارة وضياع للأمة أكثر من هذا ؟! . 2- في زمان معاوية صارت حركة إنتاج أحاديث مصطنعة ومكذوبة . وقد ذكر (المدائني أبو الحسن) في كتابه (الأحداث) الذي نقل عنه أبن أبي الحديد المعتزلي وغيره من الكتب ، يقول : بعد أن أستقر الأمر لمعاوية ، بث في الناس مرسوماً : أن انظروا أي حديث جاء في فضل علي أبن أبي طالب ، فأتوني بمناقض له في الصحابة . وهذا الأمر زاد حجم الأحاديث الموضوعة كماً . كما ذكر علماء السنة أن البخاري أنتخب صحيحه (الألفين وستمئة حديث أو أكثر) ، و إذا أضفنا عليها المكررات وأضفنا عليها ما انتهى إلى الصحابة حتى يوصل إلى قريب أربعة آلاف . أنه أنتقاها من أكثر من (مئة ألف حديث) ! . وهذا يعني أنه تم تداول عدد كبير من الأحاديث غير الصحيحة ، وأن هذه الأحاديث لا تستحق النقل ؛ لذلك استبعدها البخاري . ونحن لو دققنا في كتابه لوجدنا أحاديث ضعيفة على معيار أهل الحديث في مدرستهم . وقد ذكروا أن هناك ثمانين راوٍ من الرواة لا يوثّقون التوثيق التام . وهذا أمر طبيعي ، نتيجة تأخر تدوين السنة بسبب المنع ، وبسبب الإنتاج الأموي للأحاديث الموضوعة . فأدى ذلك في مدرستهم إلى فقر في الاستدلال بحديث رسول الله . فعدد (4000 أو 5000) من الأحاديث هل تكفي في الاستدلال ؟ مما اضطر علماؤهم إلى إضافة أدلة كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة . إضافة إلى ذلك تسببت تلك الحالة مع مرور السنوات لنشوء بعض الفرق التي تقول بأن : السنة النبوية لا تفي بالغرض ، وعلينا عدم الاعتناء بها ، وأن نقصر العناية فقط على القرآن . وسميت هذه الفرقة بجماعة القرآنيين ، وهؤلاء أصلهم نشأوا في الهند قبل ثمانين سنة ، وزعيمهم يسمى أحمد خان ، والذي عرف عنه هذا القول : أن السنة التي بين أيدينا ، أما نقبلها ونضع عقلنا في (ثلاجة : أي نعطل العقل) ، وإما نُعمِل عقلنا ونضع هذه السنه في (ثلاجة : أي نعطل السنة) ونُعمل عقلنا . وقد نقل أنه في بداياته قال : لما ذهبتُ لصحيح البخاري - باعتباره أوثق كتاب بعد كتاب الله كما ذكروا - فرأيت في الحديث في تفسير الآية المباركة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا)[سورة اﻷحزاب 69] . فنقل ابو هريرة رواية مفادها : أن موسى كان دائماً يستر منطقة العورة ، فشك فيه بنو إسرائيل ، فظلوا يرصدونه حتى ذهب يسبح في البحر أو في النهر ، فنزع كل ثيابه ووضعها على صخرة ، فإذ بالصخرة تشرد عن مكانها بملابسه كلها !! ، فأخذ يركض وراءها عارياً !! حتى وصل إليها فأخذ يضربها تأديباً على فعلتها !! ... فيقول (أحمد خان) : أنا عندما وجدت هذا الحديث ، قلت ما هذا الكلام ؟! أصخرة تشرد بثياب موسى النبي ، وهو يطاردها ؟! هل هذا يُقبل عقلاً ؟! ... إضافة إلى أحاديث أخرى ... كحديث الذبابة وغيره . فإما أستخدم عقلي هنا وأترك السنة ، أو آخذ السنة وأترك عقلي !! . ولهذه الفرقة تأثير في العالم العربي ، ولديهم كتب وأبحاث يرفضون فيها السنة النبوية . وهذه الحالة سببها تسرب الأحاديث الموضوعة ، وغياب السنة الأصلية . ● كيف تعامل أهل البيت مع السنة النبوية ؟ لقد حرص أهل البيت على التدوين والتحديث للسنة ، نقلاً وشرحاً وإسناداً ، وتصحيحاً للسنة المتناقلة لدى العامة . وهذا هو الفارق الذي يميز مدرسة أهل البيت في حفظهم ونشرهم للسنة النبوية . وقد اقتفى علماء المذهب الإمامي سيرة أهل البيت ، وأبرز طرق تعاملهم مع السنة : ١- السند (بغض النظر عن مصنف هذه الأحاديث) ، فلا يوجد لدييهم كما لدى العامة أن كل ما في صحيح البخاري هو صحيح ؛ فلا بد من النظر فيه . ٢- المتن ، فيقارنون مضمون ما ورد في الحديث ، هل هو مخالف للعقل ، مخالف للقرآن ، مخالف للسنة القطعية ، مخالف للأصول المُسّلمة (حتى لو يكون من أعلى الأحاديث سنداً وأسلمها من ناحية الرواة) ٣-توسعوا في تحليل روايات الأحكام الشرعية والمتصلة بالآيات ، بعكس فقهاء مدرسة الخلفاء الذين أعوزهم عدد الروايات وكذا تحديدهم لآيات الأحكام في القرآن بأن المشهور(500 آية) . فأين هذا العدد من حياة الإنسان المليئة بالكثير من الأحكام الشرعية التفصيلية ؟ في الرواية يأتي جابر بن عبد الله الجعفي إلى الإمام جعفر الصادق (ع) ، فيقول له : يا سيدي ! إني أقدم إليك كل سنة ، فتتحفني بأحكام وأحاديث جديدة في الحج ، ورأيت أباك الإمام الباقر (ع) ثلاثين سنة يتحفني مثل ذلك ، ألا تنتهي مسائل الحج ؟ فرد عليه الإمام(ع) : يا جابر ! بيت تعبد الله خلقه بحجه من آدم ، تريده أن تنتهي مسائله في يوم ويومين ، وعشر مسائل ؟ ● خاتمة : لذا نرى توجه أهل البيت (ع) نحو حفظ السنة بالكتابة ، و بنسبتها الى رسول الله (ص) ، وببيان ما خالف الناس فيه رسول الله (ص) . ونرى اهتمامهم بالتدوين والكتابة والحث عليها ، وحفظهم لأحاديث النبي (ص) ، وكذا تناقلهم لما كتبه الإمام علي (ع) بخط وإملاء النبي (ص) موجود عندهم ، كالصحيفة الجامعة التي طولها سبعون ذراعاً ، وفيها ما يحتاج إليها الخلق ، من أحكام ومعارف . وعندهم كتاب الجفر ، وغيرها من الكتب التي حفظت الجانب الكبير من سنة رسول الله (ص) . ويظهر ذلك بأساليب عدة ، أبرزها : إسناد رواية الحديث ، بقولهم : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث رسول الله (ص) . وهذا يعني عدم تجاوزهم لما عرفوه وتعلموه من السنة النبوية . ومثل هذا الطريق : حديث سلسلة الذهب المعروف للإمام الرضا (ع) وهو ينقل عن أبيه عن جده عن أجداده ... إلى أن يقول : عن رسول الله عن جبرائيل عن الله عز وجل : 《 لا اله الا الله حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي ... 》، فهذا يعزوه الى النبي ، وبعده الى ربه . ونجد الإمام الحسين (ع) يتحدث مع مخاطبيه فيقول : سمعت جدي رسول الله يقول : 《 من رأى منكم سلطان جائر مستحلاً لحرام الله ... 》 ... والكثير مما استشهد به الإمامة احتجاجاً على الأمة والعلماء وبني أمية . فهذا الإسناد انتهاء إلى النبي (ص) فيه حفظ لسنته بالنص ، وهو أبلغ في التحديث ، ويكون حجة حتى لمن لم يؤمن بإمامة الحسين . ولقد سار علماؤنا ونقلوا الروايات التي أسندوا فيها أهل البيت إلى النبي (ص) ، ومن تلك الجهود ، ما قام به العالم الكبير والجليل الشيخ ابن أبي جمهور الإحسائي ، صاحب التصانيف القيمة ، ومما صنفه كتاب (عوالي الآلىء) حيث جمع أحاديث رسول الله بما انتهى إليه من أسانيد أهل البيت في باب العقائد وباب الفقه وباب الأخلاق ... ، وقد اعتمد عليه العلماء اللاحقون وأشادوا به .