نقل الشيخ الصدوق محمد أبن علي أبن الحسين أبن بابويه القمي في كتابه الامالي بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال خطبنا رسول الله صل الله عليه واله وسلم في أخر جمعة من شهر شعبان فقال (انه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الايام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامته أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة ودعائكم فيه مستجاب وعملكم فيه مقبول).
ماذا مفروض القيام به في شهر رمضان غير الصيام والصلاة كما متعارف عليه فهو شهر الصيام والعبادة ،ولكن شهر رمضان موسم من المواسم الاستثنائية وهذا ما يذكره رسول الله في هذه الخطبة فالناس في هذا الموسم يختلفون فقسم من الناس يجعلون شهر رمضان موسم أعلى للمعصية فيزداد اللهو والسهر واللعب والنظر لما يحرمه الله فيحولون هذا الشهر الشريف لشهر سيء وكما يقول العلماء ان المعصية يتضاعف اثمها وعقوبتها بالزمان والمكان فالمعصية واحدة ومحرمة ولكن الاثم يتضاعف باختلاف المكان الذي ارتكب فيه لسبب انتهاك حرمة ذلك المكان مثلا اذا شخص ارتكب معصية الزنى في بيته فعقابها يختلف عمن يرتكبها في المسجد او بيت الله الحرام ، وهذا نفس الحال في الطاعة والعبادة فمن يصلي في بيته ثوابه يختلف عمن يصلي في المسجد او بيت الله الحرام او المسجد النبوي ،كذلك يقول العلماء عقوبة المعصية تتضاعف بحسب زمانها كشهر رمضان كما ان الاعمال الصالحة تتضاعف فيه ثوابها وأجرها ايضا تتضاعف عقوبة المعصية حينما ترتكب في نهار او ليالي شهر رمضان لأنه انتهك حرمة وخصوصية شهر الله الذي خصص للعبادة والطاعة.
وهناك قسم من الناس يقوم بالطاعات والعبادات المعتادة فيؤدون الصيام لوجوبه ويقيمون الصلاة الواجبة ويقرأون القرآن ويزيدون على تلك العبادات ببعض الصلوات المستحبة في ايام وليالي الشهر الفضيل وهذا أمر حسن ومن يقوم بذلك له الثواب من الله وأجره يتضاعف عند الله عز وجل.
لكن المرتبة العلية والثواب الجزيل اذا اراد الانسان ان يحصل عليهما فعليه أن يستغل استثنائية شهر رمضان فالشياطين مكبلة ومقيدة اما بسبب غيبي من الله يحبس الشياطين او ان الاجواء الروحانية والبيئة الاجتماعية تشجع على الطاعات والعبادات وخصوصا أن شهر رمضان أيام معدودات فمدته قصيرة لهذا على الانسان المؤمن ان يخطط ماذا سيفعل في شهر رمضان غير الامور الواجبة من صيام وصلاة واجبة من هذه الامور ان شهر رمضان فرصة لتفقد الاسرة وتفقد احوال افراد الاسرة والتعرف على حاجاتهم المادية والمعنوية فكما يذكر في رواية مقتل الامام علي ان ليلة مقتله كان افطاره في بيت ابنته ام كلثوم او زينب وكان كل ليلة افطاره في بيت أحد ابناءه او بناته وهذا نوع من انواع التفقد ، والتفقد أيضا يشمل افراد الاسرة الكبيرة من الاجداد ان وجدوا و الوالدين والاخوة والاخوات وغيرهم من ذوي الرحم كالأعمام والعمات والخالات والاخوال فليكن شهر رمضان فرصة لصلة الرحم.
امر أخر ينبغي عمله في شهر رمضان التفكير في أصلاح النفس أصلاح حقيقي فمن المفروض استغلال شهر رمضان في علاج بعض الصفات السيئة كالبخل في النفس والقبض في اليد فصفة البخل من الصفات السيئة التي تؤثر على العلاقات الاسرية وتسبب مشاكل كثيرة ومن الشخصيات التي ذمت بصفة البخل ابو سفيان فكما ينقل ان زوجته ذهبت لرسول الله لتشتكي بخله فتقول ان ابا سفيان لا يعطيني وولدي فقال لها رسول الله خذي لولدك ما يكفي بالمعروف، فمن يتصف بمثل هذه الصفة وغيرها من الصفات السيئة عليه محاولة تغييرها في هذا الشهر الفضيل وقد وعد الله ان من ينفق في خير الله يضاعفه له ويعوضه اضعاف ما صرف فيحاول ان يزيد في أنفاقه وعطائه لأبنائه وأهل بيته وللمحتاجين من حوله .
كما يستطيع الانسان ان يزيد من الصفات الحسنة التي لديه او يتخلق بخلق حسن جديد لم يكن يتصف بها كالصلاة في المساجد إذا لم يكن معتاد على الصلاة في المسجد ففي هذا الشهر الفضيل يعود نفسه على الصلاة في المسجد والمواظبة على ذلك وهذا الامر للنساء والرجال وخصوصا إذا كان يوجد تعليم في الامور الدينية في المساجد فعلى الاب ان يحث ابنائه ومن حوله للذهاب للمسجد.
وامر أخير إذا تمكن الصائم من اتمام برنامج ثقافي ديني في شهر رمضان كقراءة تفسير القرآن اثناء قراءة القرآن فيزيد من ثواب وأجر قراءة القرآن.
كما من الامور المرجحة القيام بها في هذا الشهر الفضيل القراءة والتعرف على سيرة الائمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم.
بالإمكان التوجه ايضا للأمور الفقهية التي يبتلي بها الانسان في حياته اليومية والاطلاع عليها خلال شهر رمضان فيكون شهر رمضان شهر خير وبركة وعبادة وتربية للنفس واستزادة من كل خير.