ماذا يعني أعوذ بالله؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/12/2024 م
تعريف:

ماذا يعني اعوذ بالله؟

كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين

حديثنا حول الاذكار المستحبة للإنسان في احواله المختلفة وهو ذكر الاستعاذة في قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو أعوذ بالله. الاستعاذة في أصلها من الفعل المكون من العين والواو والذال كما يقول أبن فارس في كتابه معجم مقاييس اللغة، هذا الاصل كما يقول صاحب هذا الكتاب وهو من الكتب لمن يريد أن يبحث في اللغويات ومعاني الكلمات ، وهناك الكثير من كتب اللغة العربية منها كتاب لسان العرب وكتاب القاموس وتاج العروس وغيرها، لكن معجم مقاييس اللغة لمن يحب ان يبحث في الامور اللغوية فيه ميزة وهي أنه يرجع الكلمة الى أصل او أصلين ومنها تتفرع مثل كلمة الجيم والنون ،والنون (جننا) يقول هذا أصل يدل على خفاء في الشيء منه يتفرع الجن وقد سمي بالجن لأنه مستجن كامن ومخفي ، والجنين سمي بالجنين لأنه مختفي ،و سميت الجنة بالجنة لأنها عبارة عن بستان اشجاره تغطي ما بداخله ،والجنون لان العقل أختفى ، ففي هذا الكتاب فائدة انه يرجع الكلمة الى اصل او اصلين ومنها تتفرع سائر المعاني . وأحيانا الكلمة يكون لها أصل واحد وأحيانا أخرى يكون لها أكثر من أصل، فالباحث يستطيع ان يصل الى أصل الكلمة ويربطها بغيرها من الكلمات المشابهة لها. من الكلمات التي نستفيد منه حينما نبحث في كلمة عوذا (العين والواو والذال) قال هو أصل صحيح يدل على معنى واحد وهو الالتجاء الى الشيء ثم يحمل عليه بكل شيء لصق به فحينما نقول أعوذ بالله تعني التجئ اليه واحتمي وأستجير به، وحينما نقول معاذ الله اي أنتهي بالاستجارة بالله واللجوء اليه، والعوذة التي كتب فيها اشياء تعني ان بها ملجأ ومعونة. في القرآن الكريم ورد الاستعاذة بالله بصيغ متعددة ومن اشياء مختلفة وهي عبارة يجمعها الاستعاذة والاستجارة بالله عز وجل من اشياء الانسان بنفسه لا يستطيع مواجهتها من شرور، تتمثل في اشخاص من الجن والانس كالشيطان وأحيانا يستعيذ الانسان من بعض الصفات الأخلاقية السيئة ، فالإنسان يستجير ويتعوذ بالله لمواجهة تلك الاشياء التي يخاف من ضررها عليه، فيقول مثلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فهو كائن شرير لا يستطيع الانسان أن يدفعه عن نفسه، وأحيانا الانسان يستعيذ من بعض الصفات الاخلاقية السيئة كما ورد في دعاء الامام السجاد عليه السلام في الاستعاذة من مذام الاخلاق والصفات فيقول (اللهم أني أستعيذ بك من هيجان الحرص وغلبة الهوى ومخالفة الهدى ...) فما ورد في الدعاء الامام لا يستعيذ من شخص شرير بل من صفات تصيب بعض الناس فتعيب أخلاقهم وتسوء سلوكياتهم، وأحيانا الاستعاذة تكون من النفس حينما يقول الانسان اللهم أني أعوذ بك من شر نفسي فأن النفس امارة بالسوء. في القرآن الكريم ورد لفظ الاستعاذة في موارد كثيرة على لسان الانبياء وغيرهم من المؤمنين ، منها في قصة نبي الله موسى عليه السلام في خطابه لقومه بني اسرائيل، جاء في الآية (أن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) يتبين أن الاستهزاء بالآخرين هو من الجهل ومن الاخلاق السيئة وموسى يستجير بالله من هذه الصفة السيئة والسلوك المضر بنفسه وبالآخرين. في قصة مريم حينما انجبتها أمها قالت (أني وضعتها انثى وأني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم). وايضا في قصة مريم حينما تمثل جبرائيل لها بشرا سويا قالت (إني أعوذ بالرحمان منك أن كنت تقيا) في قضية نبي الله يوسف حينما عرض على الموقف المحرج والتحدي الكبير من قبل زليخة حينما طالبته بما يغضب الله وقالت (وهيت لك قال معاذ الله) وفي مورد اخر حينما صارت قضية السرقة المفتعلة قالوا أخوت يوسف خذ أحدنا مكانه فأجابهم (معاذ الله أن نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده أنا إذا لظالمون) يوسف يستعيذ بالله في هذه الآية من فعل الظلم. الامر بالاستعاذة بالله تشمل جميع الناس فالتوجيه الدائم يتبين في قول (وقل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربي أن يحضرون) والاستعاذة ليس فقط وقت قرأت القرآن وان كان نص بالتحديد (وإذا قراءة القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) بل على الانسان أن يستعيذ ويستجير بالله عز وجل في كل وقت. وقول الله تعالى (واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم) تبين هذه الآية أن الشيطان ينصب الفخوخ لجميع العباد مؤمنين وغير مؤمنين ولذلك لابد من الاستعاذة والاستجارة بالله لمواجهته، وبعض الاحيان الشيطان لا يدعو لارتكاب المحرمات بشكل مباشر بل يزين للإنسان المعاصي بشكل أخر ويعطي العبد المؤمن مبررات لارتكاب بعض المحرمات بصور مختلفة وبطرق غير مباشرة. والاستعاذة تكون من شر النفس (وأعوذ بك من شر نفسي أن النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي) الانسان لم يخلق شرير من الفطرة بل بتعرضه لبعض الظروف والمواقف تغلب النفس الامارة بالسوء وتبرر له فعل الشر وتأمره بذلك من أجل تحقيق بعض المصالح الشخصية ومن أكثر الامور التي تحتاج الى جهاد النفس الامارة بالسوء الاستيقاظ لصلاة الفجر فهي تبرر مسألة عدم الاستيقاظ للصلاة بمبررات كثيرة وتدعوا الشخص لعدم الاستيقاظ للصلاة. وأيضا من الامور التي ينبغي الاستعاذة بالله منها ما يرد في دعاء الامام السجاد للاستعاذة بمذام الافعال وسوء الاخلاق (اللهم إني اعوذ بك من هيجان الحرص وسورة الغضب وغلبة الحسد وضعف الصبر وقلة القناعة وشكاسة الخلق والحاح الشهوة وملكة الحمية ومتابعة الهوى ومخالفة الهدى وسنة الغفلة ) ففي الدعاء يستعيذ الامام من صفة البخل و الغضب وأثاره المدمرة للشخص وفعل الحسد وتمني زوال النعمة والخير من غيره اذا لم يرزق مثله ويستعيذ بالله من قلة الصبر على بلاء الدنيا وعدم القناعة بما رزقه الله من نعم ودوم التشكي من كل ما حوله ولا يعجبه ما رزقه الله من نعم وعطايا فلا يشعر بالنعيم في هذه الحياة وقلة القناعة تجعل الحياة تعيسة وغير سعيدة ،والامام يستعيذ ايضا من غلبة الشهوات وعدم السير على طريق الهدى وغلبة الغفلة على الافعال والسلوكيات وارتكاب المحرمات بسبب الغفلة وعدم الانتباه والحرص لما يرضي الله او يغضبه.
مرات العرض: 6580
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 77320.27 KB
تشغيل:

ماذا ستصنع في شهر رمضان؟
هل تعتقد: غيرك أفضل منك؟