الشيخ حسن الدمستاني وشعره الحسيني
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 22/1/1443 هـ
تعريف:

الشيخ حسن الدمستاني وشعره في الحسين عليه السلام 

كتابة الفاضل د. الخميس

من يُلهِهِ المرديانِ المالُ والأملُ...لم يَدر ما المنجيانِ العلمُ والعملُ

خُذْ رشدَ نفسِك من مرآةِ عقلِك لا...بالوهمِ من قبلِ أنْ يغتالَك الأجلُ

يا منفقَ العمرِ في عصيانِ خالقِه...أفِقْ فأنك من خَمْرِ الهوى ثَمِلُ

تَعصيهِ لا أنتَ في عُصيانِه وجلٌ...من العقاب ولا مِن مَنِّه خَجِلُ

أنفاسُ نفسِك أثمانُ الجنانِ فهل...تَشري به لهبا في الحشر يشتعلُ

ألا ترى أولياءَ اللهِ كيفَ قَلَتْ...طِيبَ الكرى في الدياجي منهمُ المـُقَلُ

ذاقوا الحتوفَ بأكنافِ الطفوفِ على...رغمِ الأنوفِ ولم تَبرُدْ لهم غُلَلُ

أفدي الحسينَ صريعا لا ضريحَ له...إلا صريرَ نصولٍ فيه تَنتصلُ

والطعنُ مؤتلفٌ فيه ومختلفٌ...والنحرُ منعطفٌ والعمرُ منبتلُ

والشمرُ مشتغلٌ في ذبحه عَجِلٌ...والسبطُ منجدلٌ يدعو ويبتهلُ

نتحدث عن أحد شعراء الحسين عليه السلام الذي ينتمي بصورة او بأخرى بل هو كذلك الى هذه المنطقة أعنى بها البحرين والقطيف وهو المرحوم العالم الفقيه والرجالي الخبير والاديب الشاعر الشيخ حسن ابن محمد الدمستاني رضوان الله عليه. توفي سنة ألف ومئة وواحد وثمانين هجرية وقبره هنا في مقبرة الخباقة في القطيف بجنب مسجد العابدات. عاش في منطقة دمستان – وهي إحدى مناطق البحرين موجودة ومأهولة بالناس- وهذا العالم الجليل عاش فيها بالرغم من ان مسقطة رأسه كان بلدة أخرى. هذا العالم الكبير هاجر الى القطيف سنة ألف ومئة وواحد وثلاثين هجرية يعني قبل نحو قبل خمسين سنة من وفاته رضوان الله تعالى عليه كان في القطيف ومدفنه أيضا اصبح في القطيف. على اثر احداث صارت في بلاد البحرين كانت تتعرض الى هجوم من بعض الفئات المتعصبة مذهبيا ودينيا وكانت تتعرض الى شيعة البحرين بالإيذاء الشديد متى ما سيطرت على هذه البلاد ونتج عنها الكثير من الهجرات من البحرين الى القطيف ونواحيها وهذا يفسر وجود العوائل المشتركة يعني قد تجد عائلة هنا اصلها قبل مئتين سنة من البحرين ولكن على أثر هذه الاحداث وامثالها كانت تتم هجرة الى القطيف واحيانا الى البصرة في العراق واحيانا الى جهة الكويت وبقية السواحل.

 فكان هؤلاء الناس ينجون بإيمانهم وولائهم لعلي أمير المؤمنين عليه السلام ويدفعون هذه الضريبة راضيين بحمد الله. هذا درس لنا ان الشيء الذي الموجود عندنا الان ما جاء هكذا عفوا وبالراحة وبالأمور السهلة لا اجدادكم واجدادنا جزاهم الله خيرا واسلافنا كم دفعوا من التضحيات. فقهاء عندنا من البحرين تراه مثلا ترك البحرين وذهب الى ايران والعراق وبلاد أخرى لماذا؟ لانه كان يريد ان يحتفظ لولايته بأمير المؤمنين عليه السلام وإيمانه والظروف التي كانت في ذلك الوقت لم تسمح له فكان آن إذا يهاجر خارج البلاد وهذا هو الطريق الذي يشير اليه القرآن: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) هل القعود متوجب حتى لو الايمان يزول عنك؟ هل انت وقف على هذه الأرض حتى لو انتهى تدينك؟ لا بل هاجر في سبيل الله (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) أي ارض أي بلد بمقدار ما يعطى للإنسان مجال أن يتعبد ربه كما يرى وعلى النهج الصحيح الذي يراه ومن جهة أخرى يستطيع ان يعيش بكرامة هذا الأرض هذا البلد يستحق البقاء فيه لأنه لا يمنعه ولا يمنع فيه عن العبادة لله عز وجل وعن مذهب يعتقده انه المذهب الحق ومن جهة آخرى يعيش بكرامة لا يحتاج لأجل قوت بسيط لابد ان يلعق بلسانه الأرض امام الاخرين فلا في دنياه ولا دينه مرتاح فلماذا البقاء (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا). انت معاتب في ذلك اليوم الله فتح لك باب لكي تتحرك في أي مكان تكسب رزقك وتعيش حياتك الدينية والايمانية بنحو حسن. فهذا سبب ان كثير من الاسر والعوائل تناصفة نصف بقي هناك والنصف الاخر انتقل الى خارج البلاد ولو تسأل بعض العوائل المشهورة عندنا لو ترجع مئة وخمسين سنة فصاعدا تجد ان أصولها لم تكن في هذا المكان طبعا هذا يرتبط بالظروف إذا الظروف كانت مناسبة والأوضاع كانت مستقرة الانسان ليس له داع ان يخرج. الشيخ الدمستاني رضوان الله تعالى عليه كان من جملة من هاجر من البحرين الى بلاد القطيف على أثر هجوم من سموا بالخوارج -خوارج معادون لأهل البيت عليهم السلام وعندهم سلاح بأيديهم والعالم في ذلك الوقت لم يكن فيه القوانين الموجودة الان فالذي بيده القوة هو الذي يصنع القانون فهاجر الى هذه المنطقة.

 هو أيضا من الفقهاء فلم يكن شاعرا عاديا وانما هو فقيه على مسلك المدرسة الإخبارية. تعلمون ان عندنا في الاستدلال في الفقه الامامي الشيعي مدرستان مدرسة الأصولية والمدرسة الإخبارية. هاتان المدرستان تقاسمتا الريادة والزعامة في العالم الشيعي منذ البدايات يعني من زمان شيخ الطائفة الطوسي فصاعدا. فترة من الفترات كانت المدرسة الشائعة والقائدة والرائدة هي المدرسة الإخبارية وفي فترة أخرى كما هو في زمننا المعاصر الان المدرسة الأصولية هي التي تقود العالم الشيعي والتي ينتمي اليها اغلبية أتباع الأئمة الامامية الاثني عشرية. حتى لا يصير هناك ابهام الإخبارية والاصولية امر لا يرتبط بالعقائد يعني مثلا الإخبارية ليست لديهم عقائد متغايرة عن الأصولية لا العقائد متفقة تماما. لا تمتلك أحدهم غلو والأخرى تقصير كلا. حتى لقد كتب أحد علمائنا وهو المرجع الديني السيد سعيد الحكيم قدس سره كتابا بهذا العنوان الإخبارية والاصولية فرق واحد. إذا اين وجه الخلاف؟ وجه الخلاف هو في طرق الاستدلال الفقهي وفي بعض المسائل الفقهية يعني أمر لا يرتبط بالناس كثيرا وانما يرتبط بالعلماء. انا عندي حكم فقهي وانا من اتباع المدرسة الأصولية كيف كفقيه استدل عليه اسلك طريقا بينما يسلك فقيهاً من المدرسة الإخبارية طريقا قد لا يتفق مئة بالمئة مع ما اسلك انا. والمدرسة الأصولية التي ينتمي اليها الان العالم الشيعي-تقول انا مثلا أقلد فلان او فلان كل هؤلاء المراجع، التقليد في هذا الزمان معناه أنك تنتمي الى المدرسة الأصولية المدرسة الإخبارية لا يوجد فيها تقليد بهذا المعنى الذي يوجد عند المدرسة الأصولية ومراجع متجددين ومعاصرين لا يوجد.

المدرسة الأصولية فلنفترض إذا أرادوا ان يستدلوا على حكم من الاحكام الشرعية يقولون انهم عندهم أربعة وسائل نستدل بها أربعة ادلة نسدل بها على الحكم الشرعي. نأتي أولا هل لهذه المسألة دليلٌ في القرآن ام لا فإذا وجدنا لها دليل من القرآن خلاص أخذنا من القرآن. عندنا طريق اخر هي سنة الني محمد صلى الله عليه واله ويلحق بذلك سنة أهل البيت عليه السلام المعصومين واخبارهم المدون في الكتب الفقهية هذا الدليل الثاني. دليل ثالث عندنا اجماع الطائفة إذا اجمع علماء الطائفة على حكم من الاحكام حتى إذا بحثنا على رواية ولم نجد لان كثير من الروايات والكتب تلفت وفي القرآن الكريم ليس كل الاحكام بتفاصيلها موجودة فلم نجد لها دليل في القرآن ولم نجد لها دليل في الروايات ولم نجد شيءً واضح فيها نذهب آن ذلك الى العلماء السابقين هل عندهم في ذلك قول او لا إذا رأينا انهم اجمعوا على موضوع من المواضيع حتى لو لم يكن لدينا دليل كسائر الأدلة نقول ان هذا الحكم ثابت لماذا للإجماع عليه من قبل الفقهاء. لأنه هؤلاء الفقهاء لتورعهم للإفتاء بغير دليل ومع دقتهم العلمية اذا خمسين ومئة او اكثر من هؤلاء اجمعوا ان الحكم كذلك ليس معقولا ان يجمعوا على خطأ ومن دون مبرر ولا سيما مع وجود توجيهات ان الامام المعصوم لابد ان يكون من ضمن هؤلاء المجمعين ولا يترك الامة تسلك سبيل الظلال وهذا من فوائد وجود الامام انه يصون الامة من الوقوع في أخطاء تشريعية. الدليل الأخير وهو دليل العقل هناك بعض القضايا يمكن للعقل الإنساني- ليس عقل واحد فقط لا وانما نعرض هذه المسألة على عقل الناس كلهم يجمعون على ان هذا هو في هذا الاتجاه- افترض مثلا ان الظلم قبيح وهو لا يقتصر على عقل واحد فإذا حكم العقل بحكم من الاحكام هنا أيضا ما حكم به العقل حكم به الشرع. هذه أربع ادلة او سبل عندنا نحن الأصوليين.

 عندما تذهب الى المدرسة الاخبارية وهي منتشر في البحرين قديما وحديثا وكانت منتشرة هنا أيضا في القطيف ومناطقها المختلفة الى أوقات قريبة الى سبعين او ثمانين سنة تقريبا كانت الكثرة الكاثرة في مناطقنا تتبع المدرسة الإخبارية لعل اجداكم عاصروا هؤلاء اذا لم يعاصرهم ابائكم. وهم ونحن متفقون على كل شيء لكن يختلفون في تلك السبل الأربعة فيقولون ان هي في الواقع شيء واحد وهو الاخبار عن اهل البيت عليهم السلام.

 فالقرآن الكريم من الذي يعرف حقائقه وبطونه واعماقه هل انا وانت لا بالطبع وانما يعرفها اهل البيت عليهم السلام. فنحن إذا ذهبنا الى اخبار اهل البيت وتأملنا فيها عرفنا تفسير القرآن من خلال اخبارهم فالقرآن انما يعرف حقائقه وبطونه هم اهل البيت فلا يعرف الا بهم وبأخبارهم. السنة هي نفسها نفس اخبار أهل البيت وسنة النبي محمد صلى الله عليه واله. والاجماع ماهي قيمته؟ قيمته يعرفنا بأن قول المعصوم في ضمن المجمعين فرجعنا الى قول المعصومين رجعنا الى اخبار المعصومين رجعنا الى ما أثر عنهم وان الاجماع لا قيمة له من دون المعصوم وقوله فأيضا رجعنا الى الاخبار. العقل أيضا يقولون هكذا إذا العقل ناقض الخبر الصحيح لا نعترف بهذا العقل لعل هناك أشياء خافية علينا والاخبار تنبأ عن الله عز وجل فإذا جاء خبر عن رسول الله صلى الله عليه واله مثلا وهو معتبر وصحيح السند ومضمونه تمام لكن يخالف ما يتبادر الى عقلنا لازم نخطأ العقل في هذه الحالة ونعتمد على ما وصلنا من أخبار اهل البيت عليهم السلام. فإذا في الواقع صار كل شيء راجع الى اخبار اهل البيت فحتى لو قال الأصوليين على أربعة ادلة في الحقيقة هي راجعة الى واحد وهو اخبار اهل البيت عليهم السلام هذا في أصل الاستدلال الفقهي. يترتب على هذا القول بعض الأمور التفصيلية مثلا ما بين العلماء الأصوليين هناك اختلاف على بعض المسائل الفقهية هذا العالم يرى كثير السفر بهذا الشكل ذاك يراه بشكل اخر وعالم ثالث يقول بعدم وجود هذا العنوان وهم من عصر واحد ومن مدرسة واحدة. إذا اختلاف في الآراء الفقهية حتى في المدرسة الواحدة وهي في المدرسة الأصولية فمن الطبيعي ان يكون هناك أيضا اختلاف في المدرستين في الاحكام الفقهية. لكن الأساس كما قلنا والي على ضوئها سميت بالمدرسة الإخبارية هو الامر الأول انه طرائق الاستدلال والاستنباط للحكم الشرعي هل هي أربعة حقيقة ام هي واحدة وهي أخبار ال محمد صلى الله عليه وسلم. 

الشاهد ان الشيخ حسن الدمستاني هو من هذه المدرسة الإخبارية- صاحب القصيدة التي ذكرناها في اول المجلس لاميته التي أولها وعض ثم بعد ذلك يعطف على قضية كربلاء وعنده الكثير الكثير من شعر الرثاء للحسين عليه السلام من اشهرها كما سنأتي على ذكرها بعد قليل هي ملحمته الحسينية. هذا الشيخ أولا كان عالم فقيها يعني في درجة الاجتهاد والخبرة التخصصية وكان عالم ماهرا في علمي الرجال والحديث. حتى نقل في ترجمته انه من بلدة أصفهان لمى كان موجودا في البحرين اتى وفد عندهم مسائل شرعية فيهم علماء وعارفون بالقضايا الشرعية أُرسل وفد ليعلمهم هذه المسائل. لان البحرين في فترة من الفترات أصبحت عاصمة للمعرفة الدينية. والبحرين احتفظت بعلماء مثل يوسف البحراني صاحب كتاب الحدائق النظرة عالم فحل من العلماء الذين قل نظيرهم كتابه موجود الى الان يعتمد عليه العلماء ويناقشون اراءه والرجل كان يعرف كلا المدرستين صحيح هو أيضا على المنهج الاخباري ولكن كان دقيق النظر عارف عندما يقول الفقيه الاصولي كذا وكذا يعرف بماذا اتسدل ويعرف طريقة استدلاله ويناقشهم مناقشة عن خبرة. وهذا الكتاب الحدائق النظرة والتكملة في بعض الطبعات قريب من أربعين مجلد. المهم أن وفداً من علماء (أصفهان) قدم البحرين لاستفتاء علمائها حول مسائل فقهية محددة، وقد أرشدوا إلى (المجتهد الكبير) في ذلك الوقت، وهو (الشيخ حسن الدمستاني) فقصدوا (دمستان) دار سكناه، فوجدوه بزي الفلاح الفقير منهمكاً في السقي، فأنكروه وأهانوا من أرشدهم إليه ظناً منهم أنه يهزأ بهم، وحينما تأكد لهم أنه المجتهد المشهور اعتذروا ومضوا في طرح مسائلهم وأجابهم على كل مسائلهم وهم يكتبونها وهو على تلك الحال. فالرجل كان بمرتبة الفقهاء وعندما يتكلم عنه سيد محسن الحكيم العاملي وغيره يقول كان خبيرا في علم الرجال والفقهاء الذين عندهم خبرة في علم الرجال قليلون. 

له كتب متعددة كتب عقائدية رسالة في أصول الدين عنده بالإضافة الى ذلك كتاب حتى هو مطبوع الان فيما يرتبط بما يقرء من حوادث الليالي الثلاث في ليالي شهادة امير المؤمنين عليه السلام مفصلة. وعنده كتاب مهم الذي يتحدثون عنه انتخاب الجيد من تأليف السيد هذا كتاب رجالي اختصر فيه افضل الآراء لكتاب كتبه الفقيه في زمانه السيد هاشم التوبلاني ذاك عنده كتاب لتهذيب الاحكام لشيخ الطائفة الطوسي وهذا جاء وجعل عليه حواشي وتعليقات ومناقشات في حوالي سبعمئة صفحة من الطباعة الحديثة فالرجل كان مليا بهذا الجانب وخبيرا وعارفا في احكام الفقه في الرجال في الحديث وفي علم الكلام والعقائد عنده عدة كتب بالإضافة الى ذلك كان شاعرا ماهرا ومتميزا متفوقا في هذا الجانب ويشهد لذلك قصيدته الرباعية أحيانا تسمى المربعة التي تنتهي بكل أربعة اشطر بقافية النون:

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور .... وانا المحـرم عـن لذاته كـل الدهور

كيف لا احرم دأبا ً ناحراً هـدي السـرور .... وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين

هذه القصيدة فيها ميزات كثيرة ولذلك تصدى كثير من الشعراء لمجاراتها ولمضارعتها. محاولات كثيرة لكن سبحان الله لم تأتي أي من تلك القصائد التي أرادوا فيها مجارات قصيدة الشيخ حسن بجودة معاني ولا ببلاغة تلك القصيدة وهذا مما عزز هذه القصيدة وصارت هي تقريبا القصيدة الرسمية التي تقرء عند الخطباء غالبا في أيام محرم ولاسيما في أجواء أيام وليالي العاشر من شهر محرم. خصيصة أخرى هي انها تبدأ من خروج الامام الحسين عليه السلام الى ما بعد مصرع الامام الحسين كثير من القصائد لم يتيسر لها ذلك:

لست انساه طريداً عن جوار المصطفى ..... لائذاً بالقبـة النوراء يشكـوا اسفـا

قائلاً يا جد رسم الصبر مـن قلبي عفى ..... ببلاء انقض الظهـر وأوهى المنكبـين

ميزة ثالثة ان فيها تشبيهات يتجلى فيها معرفته بالفلك التي يشير فيها الى النجوم والى الافلاك والى المطالع والمغارب ويتبين منها اطلاعه على تلك الأمور منها:

بأبي انجم سعـد فـي هبـوط وصعـود ..... طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود

سعدت بالذبح والذابح مـن بعـض السعود ....كيف لا تسعد فـي حال اقتران بالحسين

بأبي أقمار تُـمٍ خسفـت بيـن الصفاح ..... وشموساً من رؤوس فـي بروج مـن رماح

ونفوساً منعـت ان تـرد الماء المبـاح ..... جرعـت كـأسي اُوام وحمـام قاتليـن

وهي أيضا تصف الملحمة الحسينية كانك تنظر الى صورة واضحة حول كربلاء. نحن نختم بها مجلسنا ونسأل الله ان يرحم هذا العالم الفقيه الشاعر وان يحشره مع الحسين عليه السلام وان يحشرنا واياكم مع الحسين وفي شفاعته انه على كل شيء قدير ونحن نختصرها هنا لانها طويلة جدا : 

لست انساه طريداً عن جوار المصطفى ..... لائذاً بالقبـة النوراء يشكـوا اسفـا

قائلاً يا جد رسم الصبر مـن قلبي عفى ..... ببلاء انقض الظهـر وأوهى المنكبـين

 ضمني عندك يا جداه فـي هذا الضريح ..... علني ياجد من بلـوى زماني أستريح

ضاق بي يا جد من فرط الأسى كل فسيح ..... فعسى طود الأسى يندك بيـن الدكتيـن

جد صفـو العيش مـن بعدك بالأكادر شيب..... وأشاب الهـم رأسي قبل اُبان المشيب

فعلا مـن داخل القبـر بكاء ونحيب      .....  ونـداء بافتجـاع يا حبيبـي يا حسيـن

انت يا ريحانـة القلب حقيـق بالبـلاء ..... انمـا الدنيـا اعـدت لبـلاء النبـلاء

لكـن الماضي قليـل فـي الذي قد أقبلا ..... فاتخذ ذرعين مـن صبر وحسـم سابغين

بينمـا السبـط باهليـه مجـداً فـي المسير .....  فاذا الهاتـف ينعاهـم ويدعـوا ويشيـر

ان قـدام مطاياهـم مناياهـم تسيـر ساعة ..... اذ وقف المهر الذي تحت الحسين

فعـلا صهـوة ثـان فأبى ان يرحـلا ......   فدعـى في صحبـه يا قوم ما هذي الفلا

قيـل هـذي كربـلاءٌ قـال كربٌ وبلا .....  خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكريـن

هـا هـنا تُنتـزع الارواح مـن اجسادهـا .... بظبى تعتـاض بالأجساد عـن اغمادهـا

وبهذي تُحمـل الامجاد فـي اصفادهـا ..... فـي وثـاق الطلقـاء الادعيـاء الوالديـن

وأطلتهـم جنـود كالجـراد المنـتـشر ......  مع شمر وابن سعد كـل كـذاب أشر

فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر.... واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين

بأبي انجم سعـد فـي هبـوط وصعـود ..... طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود

سعدت بالذبح والذابح مـن بعـض السعود.... كيف لا تسعد فـي حال اقتران بالحسين

عندها ظل حسين مفرداً بيـن الجمـوع .....  ينظر الآل فيذري من اماقيـه الدمـوع

فانتظى للذب عنهـم مرهف الحد لموع ..... غرمـه يغريـه للضرب نمار الصفحتيـن

أخت يا زينب أوصيـك وصايا فاسمعـي .....انني في هـذه الأرض ملاقٍ مصرعـي

فاصبري فالصبر مـن خيم كرام المترع ..... كل حي سينحيـه عن الأحياء حين

وأغار السبط للجلي بمأمـون العثار .....  اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار

يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار.... ذكـر القـوم بـبدر وبـأحد وحنيـن

بطل فرد من الجمع على الابطال طال ..... أسد يفترس الاسد عـلى الآجال جـال

مالـه غير إله العرش في الاهوال وال .....  ماسطى فـي فرقـة الا تولت فرقتين

مالـه فـي حومـة الهيجاء في الكر شبيه..... غير مـولانا على والفتى سر أبيـه

غير ان القـوم بالكثرة كانوا متعبيـه ..... وهـو ظـام شفتاه اضحتا من عطش ناشفتين

فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان ..... طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان

اشرقت تبكي عليه اسفا ً حور الجنان .....وبكى الكرسي والعرش عليـه آسفين

وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر ..... يهبر الاوداج منـه بالحسام الباتر

فتساقـطـن عـليـه بفـؤاد طائـر ...... بافتجـاع قـائـلات خـل ياشمر حسين

فتك العصفور بالصقر فيا للعجب ..... ذبح الشمر حسيناً غيرة اللـه اغضبي

حيدرٌ آجرك اللـه بعالي الرتب .....  أدرك الاعداء فيـه ثأر بدر وحنين



مرات العرض: 3440
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 51321.33 KB
تشغيل:

السيد حيدر الحلي و شعره الحسيني 27
الحوزة العلمية في قم و تطورها التاريخي