هذا أنا يا رب ! 24
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/8/1441 هـ
تعريف:

هذا أنا يا رب !!

تحرير الفاضلين مرتضى وزوجته / العراق

في دعاء الامام الحسين (ع) في يوم عرفة جاءت هذه الكلمات المعرفة بشخص الداعي بعد ان عرفت الفقرة السابقة برب الداعي والخالق العظيم سبحانه وتعالى كان هناك يقول انت الذي اعطيت انت الذي هديت انت الذي كفيت الان من انا وما انا فيبدء الدعاء بهذه الفقرة بهذه الكلمات ( ثم أنا يا إلهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أخطات، أنا الذي أغفلت، أنا الذي جهلت، أنا الذي هممت، أنا الذي سهوت، أنا الذي إعتمدت، أنا الذي تعمدت، أنا الذي وعدت، أنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت، [أنا] يا إلهي أعترف بنعمك عندي وأبوء بذنوبي فاغفرلي، يا من لا تضره ذنوب عباده وهو الغنى عن طاعتهم، والموفق من عمل منهم صالحا بمعونته ورحمته، فلك الحمد إلهي أمرتني فعصيتك، ونهيتني فارتكبت نهيك، فأصبحت لا ذا براءة فأعتذر، ولاذا قوة فأنتصر،)

بنفس الطريقة التي تحدث فيها امامنا الحسين (ع) مع خالقه في الفقره السابقة بقصر الاسناد على الله سبحانه وتعالى واستعمال الاسم الموصول الذي لأفادة الانحصار فكما قال هناك انت الذي اعطيت يعني وحدك دون غيرك لا شريك لك وان من يفعل هذه الامور من نصري وكفايتي وأغنائي وأيوائي واطعامي انما هو توسع في النسبة وليس هو على وجه الحقيقة كما ذكرنا في حلقة سابقة نفس الطريقة هنا يأتي امامنا الحسين ليعرف نفسه ليعرف الداعي نفسه ولكن في مقام الاعتراف الخضوع هناك في مقام الامتنان والشكر وهنا في مقام الاعتراف بالذنب والخضوع وقد سبق ان ذكرنا وهذا لدفع ما يتبادر الى بعض الاذهان قد ذكرنا ان هذا لا ينطبق على المعصوم كالامام الحسين (ع) فأن مقتضى عصمته ان لا يكون مذنب على وجه الحقيقة وان لا يكون خصوصا متعمدآ ..ان لا يكون ناكثآ لعهده من الله سبحانه وتعالى وقد مرت الاجابة اكثر من مرة في ما مضى من حلقات حول كيفية توجيه هذا النمط من الحديث فقلنا ان احد وجوهه هي التعليم والتربية لولا هذا الاسلوب التربيوي التعليمي في الخطاب مع الله عز وجل لما قدرنا مثل هذا اليوم على ان نخاطب ربنا بهذه الطريقة لكانت ادعيتنا كما هي حال الادعية غير المروية عن المعصومين بلا لون ولا طعم ولا رائحة اما هنا فأنت تجد البلاغة والفصاحة والمحتوى العلمي والاخلاقي وطرائق التوسل وتنوعها فيأتي الداعي هنا ليقول ثم انا يا الهي من انا لو سألت شخصآ من انت لاتى اليك بالسيرة الذاتية انا درست الابتدائية في كذا والمتوسطة في كذا والثانوية في كذا والجامعة في كذا وحضيت بشهادة الكذائية ودخلت الدورة الفلانية وحصلت على التكريم الفلاني وما شابه ذالك

اما في مقام الدعاء عندما يخاطب الانسان ربه هنا تموت هذه الامور تنتهي هذه العناوين ثم انا يا الهي المعترف بذنوبي فأغفرها الي ما انا ..انا الذي اسأت ان اعظم ما يصنعه الدعاء هو ان يأتي بهذه النفس الانسانية لدى البعض المتمردة الشامخة المتكبرة التي تلجئ الى الانكار غالبآ 

 جرب ان تقول لأنسان انت مقصر فورآ يقول لك انا..انت تقول له مثلا انت لم تقم بواجبك تجاه اهلك تجاه مجتمعك تجاه جيرانك تجاه ربك على الفور يتخذ موقف الانكار والدفاع ثم يبدأ يبرر لنفسه من اصعب المواقف لو لم يكن اصعبها على الناس ان يعترف الانسان بخطئه الواقع يحاول قدر الامكان ان ينكر فأذا لم ينفع الانذار يبرر غضب وشتم واغلق في وجه زوجته مثلا التليفون بعد كلام سيئ وعنيف لماذا تصنع هكذا..يقول لك ضروفي هكذا كنت مستعجلآ وطلبت الشي الفلاني فما استجابت لي هذا هو التبرير هذا هو انتحال الاعذار سألت عنها لم تكن موجودة اتصلت بيها فشتمتها ولعنتها ولا سامح الله لما جائت ضربتها او بالعكس الزوجة تتسرع وتقوم بنفس هذا الفعل عندما يقول للانسان انت فعلت هكذا في البداية ينكر قدر الامكان فأذا لم يستطع الانكار يبرر يقول لك ..هو السبب هي السبب فلان هو صنع كذا انا كنت مضطر لهذا الامر وهو يعلم قبل غيره ان في ذالك كاذب 

 ماذا يصنع هذا الدعاء..يأخذ هذا الانسان لهذا يتم التركيز على الدعاء ياخذ يد هذا الانسان ويجلسه على منصة الاعتراف يعلمه ان يعترف يلعمه ان يعتذر يعلمه ان ينزل من مركب الشيطان المستكبر الى ارض العابد الخاضع المعترف لقد قال حتى ابلس استكبر فلما عوتب في ذالك وطولب في ذالك ابدى عذر في رايه لا افعل لاني انا افضل منه فهو يبرر فعله الخاطئ هنا..كذالك قسم من الناس يفعلون ذالك

 الدعاء يأتي بالانسان ويقول له قل انا الذي اسأت ليس غيري ولا بالاشتراك مع احد وايضآ لست بريئآ فاصبحت لا ذا برائة فأعتذر لست بريئآ ولا ذا قوة فأنتصر انا في مقام الاعتراف انا مسيئ انا مذنب انا عاصي

انا الذي اسأت انا الذي اخطأت..ارتكبت الخطأ انا الذي هممت

 هنا لا بد الى ان نشير الى جهة لغوية ولعل الكثير يلتفتون اليها لكنها من التذكير ..هنا لا بد من ضم التاء(انا الذي ههمت..انا الذي اخطأت..انا الذي اعتمدت انا الذي تعمدت )بينما اذا كان الخطاب للطرف الاخر لله عز وجل او لغيره يقال له..انت الذي اعطيت يارب..انت الذي اغنيت ..والتبديل بينهما غير صحيح ..احيانأ يقرء البعض الدعاء فيخلط بين الامرين ويعمل معنى على اثر ذالك

 انا الذي هممت بالمعصية بالخطيئة..انا الذي جهلت .الجهالة هنا ليست في مقابل العلم والمعرفة وانما منطلق من الجهل ارتكب جهالة (ان تصيبوا قومآ بجهالة) انا الذي جهلت قمت بعمل من اعمال الجهالة منطلق من الجهل لم يكن شيئا حريآ بي ..انا الذي غفلت وكان بأمكاني ان لا اغفل 

 يقول بعض الناس مثلا لست ادري لم اعرف فتره طويلة من الزمان ..غسله ليس بصحيح وضوئه ليس بصحيح صلاته ليست صحيحة..يقول انا كنت لا ادري ..طيب انت تدري عن كل شيئ عن الاحداث السياسية لا تبقى شاردة ولا واردة الا وانت تعرفها عن الاحصائات اليوميه للقضايا انت تتابعها وكأنك انت موكل بها ..عن الاخبار الاجتماعية كذالك عن الامور المتنوعة في الثقافة كذالك عن اهداف الكرة في السوبر الايطالي كذالك عن جداول المباريات عن… الخ… كل هذا تعرفه حتى اذا جائت القضية الى غسل تتوقف عليه صلاتك تقول بعد 10سنوات انا كنت اغتسل بهذه الكيفية او تقولين على بعض مرور سنوات عديدة من بلوغك بانك لم كنت تغتسلين مثلا غسل الدوره الشهرية او كنت تغتسلين بهذه الطريقة او تتوضئ وتتوضئين بطريقة خاطئة ما هذه الغفلة ما هذا الاغضاء عن الدين ما يسال عن الانسان يتركه وما ليس معني به يتابعه ويطارده ويدقق فيه لذالك علمائنا قالو ان جهل الانسان وغفلة الانسان ليست عذر في خطا اعماله في الغالب لا سيما من يرتبط منها بالشروط الواقعية ..نعم هناك بعض الشروط الذكرية كما ذكرو في الفقه مع التقصير فيها والغفلة عنها لا تفسد العمل لكن الشروط الواقعية كالطهارة مثلا من الحدث( كالغسل والوضوء)لا ينفع الانسان ان يقول اني لم اتعلم الوضوء ولم احفظ الغسل ولا سيما اذا كانت غفلته غفلة تقصير وكثير من الناس هم من هذا القبيل..الرسالة العملية عنده في المكتبة ولا يفتحها وعلى الانترنت الاف المسائل المشروحة صوتآ وصورة وباساليب مختلفة يستطيع بضغطة واحدة ان يعثر عليها وانت يتعلمها ولا يفعل ذالك..(انا الذي غفلت انا الذي سهوت )ينبغي ان تحمل مسؤلية ذالك (انا الذي اعتمدت )لا سيما اذا كان الاعتماد على الغير وفي غير محله قسم من الناس يتصور انه ينبغي ان يوكل الامر الى غيره عليه قضاء من الصلوات في ما مضى يقول اوصي بها ابنائي بعد موتي لكي يعملو ذالك… تعتمد على ابنك في امر لم يحركك انت طيلة حياتك لكي تبادر فتقضي هذا الامر وتريد لنفسك ان تحرك ابنك ولابنك معادلات خاصة عليك مطالب ماليه للناس او لله عز وجل عليك مطالب عبادية لله عز وجل تتركها تقول انا اوصي بها..كن وصي نفسك في امرك في ايام حياتك ما استطعت الى ذالك سبيلى..حراره الفعل التى لم تحركك انت لن تكون قادرة على تحريك غيرك..(انا الذي تعتمدت)

في بعض الامور الشخص يتعمد ذالك..ينشئ علاقة غير مشروعة يعلم انها محرمة وفي بعض الاحيان والعياذ بالله هو محصن متزوج وينشأ علاقة محرمة اثمه مع أمراة سمتزوجة..ماذا تقول لذالك الانسان من ناحية الاكتفاء يفترض ان يكون مكتفي ولذالك كانت عقوبته (الزاني المحصن الرجم)على المشهور عند المسلمين بخلاف غير المحصن ..المتزوج والمتزوجة وهذا التشديد في مثل الحد الدنيوي يشير الى تشديد اعضم في العقوبة الاخروية..مثل هذا وامثاله يتعمد هذا الخطا لا وجه اصلا لان يعتذر بشيئ

(انا الذي وعدت ) وعدت الله سبحانه وتعالى من يوم اخذ علينا الميثاق واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا وقلنا وقال الجميع بلى..اين هذا الوعد

 انا ربكم اذن يجب عليكم ان تطيعوني وتسمعو لقولي وتنفذو اوامري اين هذا العهد الذي كان ثم عندما جئنا ووجه الينا الخطاب ايضا واصبحنا مكلفين في عالم الدنيا هذا ايضا اخذ منا ربنا مواثيق وعهود (انا الذي وعدت انا الذي اخلفت ..انا الذي نكثت انا الذي اقررت انا الذي اعترفت بنعمتك علي وعندي) مجرد ان اتكلم هو هذا اعتراف بالنعمة لان هذا اللسان لم اتي به من قبل نفسي وهذا الكلام والصوت لم اخلقه انا لنفسي وانما هو نعمة الله علي

(انا الذي اعترفت بنعمتك علي وعندي وابوء بذنوبي فاغفرها لي)

بعد هذا الاعتراف وهو من اكثر الاشياء التي يحبها ربنا سبحانه وتعالى من عبده موقف الاعتراف والاقرار بالذنب بعد ذالك نطلبها من الله فاغفرها لي كانت الفقره التي بعد هذه تبرير لماذا ..انا اترجى ان يغفر الله ذنوبي يامن لا تضره ذنوب عباده وهو الغني عن طاعتهم ..البشر ربما يتوفف في ان يسمح لك فيقول كيف اسامحك وقد فعلت معي كذا وكذا دمرت تجارتي هدمت بيتي ..هذا اثر اعمالك في صحتي جعلتني اصاب بمرض القلب والضغط والسكر ..افسدت علي ولدي ضررت .مع ذالك يطلب من الانسان ان يسامح من اعتدى عليه ..الله سبحانه وتعالى يخاطب بمن يا من لا تضره ذنوب عباده وهو الغني عن طاعتهم لا الذنب يصنع شي في ملك الله سبحانه وتعالى ولا طاعة الخلائق تزيد في ملك الله 

 يتصور الانسان بعض هولاء الذين يتظاهرون بمعصية الله واحيانا يظهرون بذالك بانهم لا يؤمنون بالله ..يسال الانسان هؤلاء من ذا الذي يضر ربكم من اعمالكم هذه ..ماذا تتصور نفسك.عندما يتظاهر الانسان بمعصيه ربه .يتذكر الانسان قول الشاعر(كَناطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً ليِوُهِنَها *** فَلَمْ يَضِرّْها وأوْهى قَرْنَه الوعِلُ) هذا الكبش الجبلي عندما يجعل همه في ان يناطح الصخرة سيحطم راسه من دون ان تتاثر الصخرة بشيئ فكيق اذا كان ينطح الجبل فلم يضرها ولم يوهنها واوهى قرنه الوعل

 بعض هؤلاء العصاة بعض من يتظاهر باللحاد هو من هذا القبيل ماذا يضر ربك ان تقول انا ملحد ثم ماذا ما الذي يغير في هذه الكون كلامك هذا اقل من مرور ذبابة من هذا الطرف الى هذا الطرف في ملك الله عزوجل من انت وما خطرك وما قيمتك حتى تتصور انك اذا عصيت ربك او كفرت به سيحصل شيئ في هذا الكون (يامن لا تضره ذنوب عباده وهو الغني عن طاعتهم لكن الموفق منهم من عمل صالحا بمعونته ورحمته ) عندما نترك المعصيه نحسن لانفسنا عندما نترك الذنب نحقق انسانيتنا ونرتفع عن الحاله الحيوانية قيمة الانسان ليس ببدنه فان في الحيوانات من هو اضخم منه واكبر منه واشد شهوه منه واكثر اكل منه واكثر عبث منه انما يرتفع الانسان عن هذا المستوى الى مستوى الانسانية بطاعته لربه وباحسانه 

(فلك الحمد يا الهي وسيدي) مره اخرى جوهر هذا الدعاء هو الاقرار بالحمد عندما يخاطب الله بصافته يحمده وعندما يخاطب الله باعتراف الداعي بذنبه ايضا يحمده لان مع كل ذنوب هذا الداعي لم يعاقبه في هذا الدنيا ولم يقدر عنه رزقه ولم يقبض عنه يده (الهي امرتني فعصيتك ونهيتني فارتكبت نهيك ) الان اصبحت مع ارتكاب الذنب ومع العصيان لا انا بريئ حتى اطالب بان تبرء ساحتي فاصبحت لا ذا برائة فاعتذر اي انني انا بريئ ولم افعل هذا الاشياء مع ان الانسان في ذالك الموقع يحاول الانكار

 في يوم الحساب يحاول الانكار ولكن ما عسى الجحود ينفعني..وعيني ويدي ورجلي جميع جوارحي شهادة علي والزمان والمكان.وكل شيئ ووجدو ما عملو حاضر فاصبحت لا ذا برائه فاعتذر ولا ذا قوة فانتصر فبأي شيئ استقبلك يا مولاي..ها انا في هذا الموقف موقف الاعتراف سواء هنا او في يوم القيامة بماذا تكون مقابلتي ومواجهتي اياك أفبلساني أفبسمعي ام ببصري ام بلساني ام بيدي ام برجلي اليس كلها نعمك عندي وبكلها عصيتك نظرت الى ما حرم علي ربي هذا عصيان البصر واستمعت الى ما حرم الله من الغناء والغيبة والنميمة والبهتان والكذب والكلام السيئ والكفر و بيدي بطشت بغيري بمجرد ان استثار رفعت يدي وانزلتها على من هو اضعف مني من ولد وزوجة وزوج واخ وعامل وعاملة وكلها هذه ذنوب تسجل وبكلها عصيتك يا مولاي فلك الحجة والسبيل علي ارحمنا يارب برحمتك اللهم انا نستغفرك من كل ذنب اذنبناه ومن كل معصيه ارتكبناها ومن كل خطيئة اتيناها في حق خلقك وفي حقك يارب العالمين

مرات العرض: 3419
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 48906.25 KB
تشغيل:

من أنت يا ربي وما أنت ؟ 23
أثر الأمثال الشعبية في الثقافة والسلوك1