من أنت يا ربي وما أنت ؟ 23
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 19/8/1441 هـ
تعريف:

٢٣/من أنت ياربي ؟ وما أنت؟


تحرير الفاضلة معصومة الخضراوي 

 من فقرات دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفه جاءت هذه الفقرة في خطابه لله عز وجل ((يامَوْلايَ أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ أَنْتَ الّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فَلَكَ الحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً)) صدق سيدنا ومولانا أبوعبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه في خطابه لخالقه و بارئه. تتعدد الأساليب التي يستعملها الإمام الحسين عليه السلام في هذا الدعاء لتعريف الخالق إلى العبد الداعي 

و لإيجاد حالة الخضوع و الاستجابة في نفس الداعي من خلال الأساليب المختلفة تلك هنا كأن الإمام عليه السلام يريد أن يقول يا رب من أنت وما أنت ؟ ويقدم بالتالي صورة تعريفية فيما يرتبط بأنعم الله عز وجل وعطاءاته للبشر حتى يجد الإنسان الداعي في نفسه حالة الاعتراف والخضوع لله عز وجل ويستجيب لربه، ثم بعد ذلك سيعطف بالحديث على من أنا ؟من أنا الداعي ومن انت المدعو؟ ما أنت يا رب و من أنت يا رب وماذا فعلت لي و للخلائق؟ 

في هذه الفقرة يتغير أسلوب الخطاب  في الدعاء من الحديث بضمير الغائب إلى ضمير المخاطب ولا ريب أن الخطاب بضمير المخاطب يختصر المسافة الشاهقة بين المخاطب وبين السامع. 

فبالرغم من وجود هذه المسافة العظيمة بين الخالق والمخلوق و بين الواجب والممكن وبين المُعطِي والمعطَى إلا أنه في الخطاب تختصر هذه المسافات وكأنه لا توجد مسافة لا جغرافية ولا مقامية ولا فارق عظيم فيقول أنت وكأنه امامه يختصر المسافة يختصر الفوارق يستشعر وجود المخاطب في حياته وكأنه بين ناظريه وكأنه في مرمى كلامه وفي مدى خطابه وبالفعل ربنا سبحانه و تعالى أمر عباده بهذا (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)) فتغير في هذه الفقرة جهة الخطاب هذا أمر أول, الأمر الثاني من الناحية الأدبية حصل تغير في الجمل وهو بإضافة كلمة الذي مع أنه بالإمكان الاستغناء عنها لولا وجود تعمد في ذلك يستطيع الداعي أن يقول  أنت أنعمت عليّ أنت أغنيتني أنت كفيتني أنت هديتني , لكن هنا جيء بالاسم الموصول أنت الذي أعطيت أنت الذي أغنيت صار نوع من قصر الإسناد وهذا يشير إلى عدة جهات احدى هذه الجهات كأن السامع كأن المتكلم يريد أن يقول أنك أنت دون سواك, عندما يقول أنت الذي أعطيت كأنه يريد أن يُفهم أن فعل العطاء كان منك لا من غيرك. لم يُعطي غيرك هذا العطاء لا في كميته ولا في كيفيته ولا في زمانه بل لم يشترك معك احد فيه, من الممكن أن يشبه بعض الأشخاص في افعالهم ما يحصل من الله حسب الظاهر. الله سبحانه وتعالى سقى وأطعم وأشبع والأم بالنسبة الى طفلها ايضاً بحسب الظاهر سقت واعطت واشبعت لكن هذا الدعاء يقول لا لا يوجد أحد سوى الله سبحانه و تعالى هو الذي أعطى اما لأن الملاحظ هو كمية العطاء أين عطاء الله وأين عطاء الام وعطاء غير الله عز وجل. نحن نتحدث عن مستوى من العطاء لا يتيسر ولا يحصل من غير الله عز وجل لا عنه مطلق العطاء عن العطاء المطلق, العطاء الذي يبدأ من أصل الوجود ثم تتابع النعم وتتواتر الآلاء الى فناء الإنسان الظاهري بل بعد ذلك عندما يدخله جنته رزقنا الله واياكم جنة الله. فهل يمكن للأم أو للأب أو للكبير أو للصغير أن يقرن في هذا العطاء الى عطاء الله عز وجل. 

بل أكثر من هذا حتى عطاء ذلك الشخص هو جزء من عطاء الله ففي الواقع يؤول الأمر الى من كان العطاء الحقيقي بسببه حتى عطاء الأم طفلها الحليب من صدرها و القامها اياه ثديها هو هذا ايضاً من عطاء الله عز وجل وهذه لم تكن إلا الوسيلة فأنه لولا أن الله سبحانه وتعالى خلق النساء والأمهات بكيفية تصلح للإرضاع والعطاء في هذا الجانب لما أمكن لهن أن يصنعوا هذا الصنيع ولولا أنه عطّف على الأطفال قلوب الحواضن ولولا أنه كفّل الأطفال الأمهات الرواحم  حتى لو كانت من الناحية البدنية قادرة على ذلك لولا أنه خلق فيها هذا النزوع الفطري الذي يجعلها تهرع الى طفلها لترضعه وتتحمل في ذلك ما تتحمل جزى الله أمهاتنا وزوجاتنا وعامة النساء في هذا الجانب جزاهن الله خير الجزاء لولا أن الله سبحانه وتعالى جعل فيهن هذا النزوع ما نفع أن تكون قادرة من الناحية البدنية وهي غير سخية من الناحية النفسية. فإذا لا يمكن أن نقول هذا اعطى وهذا اعطى هذا سقى و هذا سقى هذا أطعم وهذا أطعم كلا انت الذي أعطيت دون سواك بل لا شريك معك في ذلك انت على سبيل الحقيقة يا رب من صنعت ذلك الشيء وباقي من صنع أنما هو على سبيل المجاز على سبيل التوسع في النسبة فلان أعطى فلاناً مالاً هذا على سبيل المجاز إذا قيس بعطاء الله عز وجل. فأنه لولا نزول الله سبحانه وتعالى لما اعطى ذلك الشخص هذا شيء من يده فهذا القصر في الإسناد يرد أن يشير إلى هذه الجهه ويعّرف الداعي بمقام الله عز وجل. يا مولاي انت الذي مننت انت الذي انعمت منَّ في الاصل جاءت بمعنى جلب المنة والنعمة وأعطى شيئا ً لقد منّ الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولاً منهم. 

ببعض الملاحظات كلمه منَّ اذا ترافقت مع إشارة الى ذلك العطاء وكان ذلك تلك الإشارة إشارة  فيها افتخار بالعطاء وكان من شخص لشخص فإنها غير مرغوبه أن تعطي إنسان مبلغ من المال فتقول له هذا مبلغ كبير هذه هديه قيمة في الإجمال هذا الأمر غير مستحسن أما إذا سبب أذى للمعطى هنا يصبح شيئاً مرفوضاً بل يكاد يفسد العطية لا تفسدوا صدقاتكم بالمن و الأذى. 

مثل أن يذكره باستمرار , رجل أعطى لزوجته شيئاَ فيصير هذا تاريخ 

متى سافرنا؟ يوم اللي اشتريت لك ذلك العقد الذهبي متى مرض فلان قبل ما اشتري لك هذا الذهب بخمسة أيام  متى حدثت الحرب العالمية؟ فيقول لها مثلاَ  قبل 40 سنه او 50 سنه من شرائي هذا العقد لك. 

فيصبح هذا مثل عامل الفيل ويصبح طرف طرف اللسان باستمرار. إذا قصّرت في يوم تعبته فلم تطبخ كيف ما تطبخين وأنا اشتريت لك كذا وكذا. وإذا لم تستجب في قضية لماذا لم تستجيبي وإذا خالفته في فكرة من الأفكار كيف تخالفني وأنا قد اشتريت هذا الشيء واحياناَ تنعكس القضية الزوجة تطبخ لزوجها كما هو فعل و حال الكثير من الزوجات الصالحات ولكنها باستمرار أن لم ينفق عليها بمقدار ما تتصور وتطمع وتطمح إليه  قالت انت تنسى انه فعلت لك كذا طبخت لك كذا غسلت ثوبك بكذا وكويت ردائك بكذا و على هذا المعدل هذا يصير إذاء هذا يصير إفساد ونفس الكلام بالنسبة الى العطاءات الخارجية يعطي زيد من الناس شخص محتاج  حتى اذا جاء مرة اخرى _ كل يوم داق بيتنا ايش عنده هذا ويش البلاء اللي ابتلينا أحنا بعده للآن أنا ما عوضت المبلغ اللي أعطيتك اياه المرة الماضية عندي مشكلة في كذا ومشكلة في كذا فكأنما المقدار من المال مثلاَ الذي اعطاه قد هز اقتصاده بالكامل هنا يصير المنة أمر مذموم بل هو مفسد للصدقة للعطيه لا تفسدوا صدقاتكم بالمن والأذى. المن هنانا هو هذا التذكير الدائم الإدلال الدائم تسجيل الأهداف عليه باستمرار, الى الحد الذي الطرف الاخر يزهد فيه هذه الزوجة تقول خذ هذا العقد مالك وخذ فوقه ايضاَ هديه لك بس لا تجيب ذكره ابداَ لا تجيب ذكر السفرة  اللي سافرناها لا تجيب ذكر قطعة الاثاث التي اشتريناها أو اشتريتها لي حتى تسويها جزء من الحوادث التاريخية. وهكذا بالعكس الزوج يزهد اذا كان في الطالعه والنازله انا سويت اليك وعملت لك وطبخت الك و غسلت لك وكذا لا تمني على زوجك بهذا قد يقول لك عمي بلا هذه المنه وبلا هذا التاريخ اللي مسويتنه طيب انا أوديه الى المغسلة و راسي مرتاح مقابل عدد من الريالات. 

الله سبحانه وتعالى منّ علينا واعطانا بلا حدود ولم يذكّرنا بذلك , بمعنى انه يمن علينا ترى أنا اعطيتكم هذا الشيء انا سقيتكم كذا انا اطعمتكم كذا انا أذكّروا هذا الامر حتى لقد ورده في تفسير الآية المباركة، ثم لتسألن يومئذ عن النعيم عندنا في تفاسير الإماميه بحسب الروايات انكم تسألون عن الولاية القيادة الصالحة الخرطة المستقيمة في الحياة نعيم وغيرها  ظلال وتحير هذا محل سؤال لا تجوز قدما عبد على الصراط حتى يسأل عن خمس آخرها وعن ولايتنا أهل البيت ثم لتسألن عن النعيم ورد في رواياتنا أنها سؤال عن نعمة الولاية جعلنا الله واياكم من المتمسكين بولاية محمد وال محمد. عندما فسرها بعضهم بأنها الماء البارد النعيم هو الماء البارد واحد جاي وقت الصيف في تلك المناطق الحارة هذا نعيم فقال الامام عليه السلام كما نُقل في الرواية إن الله أكرم من أن ينعم على عباده بالماء ثم يسألهم عنه نعم في قضية الشباب والعمر والمال لكي يرى هل ألتزموا في توجيهاته من أين أكتسبه وفيما انفقته هو الأمر طبيعي ان يصير السؤال. أنت الذي مننت أنت الذي انعم أنت الذي أحسنت لا سواك ليس معك شريك أنت بذاتك دون غيرك لا يشركك أحد انت الذي احسنت بادرت بالعطاء. وفقت الحاجة الاحسان هو العطاء فوق حاجه الإنسان والعطاء ابتداء من دون سؤال الله يحب المحسنين لها معاني كثيره منها من يتقن عمله هذا محسن منها من يعطي ابتداء لا عن مسالة يستجيب فيها ومنها أن يعطي عطاء فوق الحاجة هذا احسان تفضل. انت الذي اجملت عطاءك كان عطاء جميلاً. في كل الجهات عطاء الله هو العطاء الجميل انت الذي أفضلت أنت الذي أكملت كان عطاءك عطاءً كاملاً , أنت الذي رزقت, أنت الذي وفقت في موارد معينه كانت تقتضي الأمور ألا تنتج القضية التي انا بصددها بحسب معادلاتها الطبيعية فيأتي التوفيق الإلهي والله ولي التوفيق يأتي التوفيق الإلهي فيوفقني ويوفق الأمور لكي تنتج وهذا لا يقدره إلا االله سبحانه وتعالى أنت الذي وفقت أنت الذي أعطيت أنت الذي أغنيت أنت الذي أقنيت غنى قد يكون غنًا مالياً وقد يكون ذاتياً وداخلياً اللهم اجعل غناي  في نفسي وقد يكون الغنى بمعنى ان تركيبة بدني تجعلني غير ناقص وغيرعاجز وغير محتاج  فأنت أغنيتني عن غيري كل هذه إنما يصنعها منحصرا الله سبحانه وتعالى أغناك ببصرك اغناك بسمعك اغناك بعقلك اغناك بفكرك اغناك بالعفاف والقناعة عما في يد غيرك هذا غنى عظيم أيها الأحباب أيتها المؤمنات أن يستغني الإنسان بما رزقه الله سبحانه وتعالى عما رزق سواه وعما عند غيره بعض الملوك والسلاطين وعندهم ما عندهم، لكنهم لا يوجد لديهم غنى في داخل أنفسهم بعض التجار ارصدته بالثمانية أرقام و التسعة أرقام و العشرة أرقام و أكثر من ذلك، ولكن لا يوجد عنده عنى النفس هذا اللي يصدق عليه ولا يشبع ابن آدم الا التراب .الله سبحانه و تعالى اغنانا بهذه الأمور أنت الذي أقنيت ما يقتنى من الأشياء أنت اعطيتنا اياها. انت الذي آويت ,آويت من المأوى ممن بناء الاستقرار في حياة الإنسان وهذه من النعم المجهولة التي عند البشر. بعض الأوبئة تنبه على منبهات الآن قسم من الناس لا يوجد لديه استقرار حتى وهو في بيته لا يستقر وهو خارج إلى التسوق والتبضع لماذا لأنه لا يستشعر ان الله سبحانه وتعالى قد آواه أما من يستشعر أنه في مأوى من الله عز وجل في حصن من الله عز وجل هذا لا يخاف شيئًا كثيراً يتوكل على ربه و يعيش حياته , تصور أن إنسان في مثل هذه الأوبئة يستأجر طائرة لكي يسافر الى بعض الجزر غير المأهولة البعيدة وينفق جل ثروته إلى متى ما يدريك الامر كم يطول ما يدريك أن تلك الجزر بطرق مختلفة يأتي إليها الوباء هذا الوباء الذي وصل الى حاملات الطائرات. وهي التي يفترض أن تدفع الاخطار عن مالكيها .أنت الذي آويت أنت الذي كفيت يامن يكفي ولا يكفي منه شيء أكفنا اللهم كوافي قدرك .أنت الذي هديت أنت الذي عصمت أنت الذي سترت أنت الذي غفرت هذا هو الدعاء الذي يبين لنا شيئاً من صنع الله الجميل الحسن بنا أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت أنت الذي نصرت ولولا نصرك اياي لكنت من المغلوبين أنت الذي شفيت أنت الذي عافيت.سيدي مولاي ربي هذه الأمصال و هذه الأدوية و هذه الحبوب وهذه الأجهزة كلها لولا قرار إلهي بشفاء هذا المريض لما نفعى ذلك شيء فأنت الذي شافيت أنت الذي شفيت أنت الذي عافيت أنت الذي اكرمت تباركت وتعاليت فلك الحمد دائماً. أحبائي أخواتي ليكن لساننا رطباً بذكر الحمد لله رب العالمين لو أستطعت على كل 

حالاتك ان تكرر ذكر الحمد لله رب العالمين. ولك الشكر واصباً ابدا متواتراً دائماً, هكذا يخاطب الامام عليه السلام ربه في جواب على سؤال من أنت يا رب وما أنت يا رب وما فعلك يا رب تأتي هذه القائمة من الصفات المنحصرة بالله عز وجل نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الحامدين الشاكرين الذاكرين لرب العالمين وأن يوفقنا لطاعته و اجتناب نواهيه بحق سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.


مرات العرض: 3403
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2575) حجم الملف: 50941.47 KB
تشغيل:

عقوبة ترك الصيام الواجب 21
هذا أنا يا رب ! 24