عقوبة نسيان الله والشرك به 18
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 23/7/1440 هـ
تعريف:

عقوبة نسيان الله والشرك به

تفريغ الفاضلة خادمة الحسين

*مقدمة :-*
كان لنا عدد من الأحاديث تحت عنوان ثواب الأعمال ومن الطبيعي أنه لايمكن الإحاطة بكل العناوين التي ورد فيها ثواب على عمل من الأعمال فقد أُلفت في هذا كتب مفصلة بمئات الصفحات ومع ذلك لم تستوعب كل ماورد عن المعصومين عليهم السلام لكن أوردنا عدداً من الأمثلة والعناوين ترغيباً لأنفسنا وللمؤمنين في زيادة العمل
حديثنا هذا اليوم يتناول القسم الآخر من هذا الموضوع وهو عقاب الأعمال
فإنه كما أن الباري سبحانه وتعالى قد قرر ثواباً وأجراً على الأعمال الصالحة أيضاً قرر عقوبات على الأعمال السيئة وعلى المحرمات والذنوب وهذا يرجع إلى أن الإنسان الطبيعي له جانبان جانب التبشير وجانب الإنذار
يحب الإنسان جلب الخير الى نفسه كما يحب دفع الضر والأذى عن نفسه فإذا أُخبر من قبل الباري أن العمل الفلاني سيجلب لك الخير وسيعطيك أثراً في هذه الدنيا وأثراً في الآخرة من رفع الدرجة والمنزلة والنعيم وماشابه ذلك فإن الإنسان الطبيعي يتحرك في هذا الإتجاه نظراً لانه يحب جلب الخير الى نفسه
وحياة الإنسان أساساً قائمة على هذا ، يعمل لأنه يريد أن يجلب الخير لنفسه المال والتقدم وماشابه ذلك، وفي الطرف الآخر أيضاً هذا الإنسان مفطور على دفع الأضرار عن نفسه ولهذا انت تراه يتوقى مواضع الضرر لاسيما إذا كان ضرراً كبيرا لاتجد إنساناً عادياً في ظروف عاديه يقف في وسط شارع تمشي فيه السيارات بسرعة كبيره وربما تنهي حياته ، لاتجد إنساناً يرحب بقدوم الأمراض إليه أو يبحث عنها وإنما يدفعها بالعلاج والوقاية.
على هذه الثنائية في داخل الإنسان جاءت أيضاً النصوص الدينية مبشرة تارة ومنذرة أخرى واعدة بالخير مرة وموعدة بالعقاب مرة أخرى لأجل أن يتأثر الإنسان في جهة جلب الخير إلى نفسه ودفع الضر ويسير بإتجاه الصراط المستقيم
أضف الى ذلك قسم من الناس ربما تحركهم بالخوف من الضرر أكثر من تخوفهم بالترغيب بالخير وربما لهذا السبب نحن نلاحظ المقنن البشري جعل في القوانين عادة عقوبات وليس مرغبات ، على سبيل المثال في قوانين المرور لايوجد بند أن من يلتزم بالقوانين سوف يُعطى مكافأة وإنما الجانب الآخر من ارتكب مخالفة يُغرم من المال كذا وعقوبات متعددة وكأن المقنن البشري التفت الى إلزامية العقوبة وتخويفها أكثر من التبشير والجائزة والمكافأة ولهذا أنت تجد في قوانين الحكومات كلها جزاءات
فأولاً لوجود ثنائية في الإنسان يتحرك من خلالها
ومن جهة أخرى خطوة متقدمة وهي أن ردع العقوبات والتخويف بها قد يكون بالنسبة الى بعض الفئات أكثر تأثيراً وأبلغ في عدم الإنسياق وراء المعصية

لهذا كما ورد عندنا في النصوص الدينية مرغبات من الأجر والثواب نجد في الجهة الأخرى تخويف وتحذير وإنذار من القيام بأعمال مخالفه.

- اول عمل نتعرض بعقوبات عليه مانسميه باختلاف العلاقة بين العبد وبين الله عز وجل وإخلالها .المفروض أن العلاقة الطبيعية هي علاقة عبد خاضع لربه مطيع له مؤتمر بأوامره ذاكر له يحصل أحياناً في مراحل متعددة أن تختل هذه العلاقة ونحن نتطرق اليها بالتدريج من الأخف الى الأشد النمط الأول من إختلال علاقة العبد بالمعبود هو نسيان الله عز وجل، عندنا في القرآن الكريم آيات تتحدث عن أن قسم من البشر نسوا الله (نسوا الله فنسيهم ...) في آية اخرى (نسوا الله فأنساهم أنفسهم)  الأولى من نسيان الله عقوبتها انه سبحانه نسيهم والعقوبة الثانية نسوا الله فأنساهم أنفسهم

*ماذا يعني نسوا الله؟ ثم ماذا يكون نسيان الله لهم ؟ وماذا يعني أنساهم أنفسهم ؟*
نسوا الله مع أن الله حاضر في كل شيء ولايمكن لإنسان أن ينسى الله على نحو الحقيقة ، فلو أنك أشتريت رقماً من عدة سنوات ثم الغيته سيذهب من ذاكرتك ولن تستطيع تذكره حتى لو حاولت تذكره ، هذه الصورة بالنسبة الى الله مستحيل أن تحصل لأن الله من الوضوح والظهور والشهود مالايمكن لإنسان أن ينساه (متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ،ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي المظهرة لك)
هل يستطيع الإنسان في وسط النهار أن ينسى الشمس؟ لايمكن طبعاً ، هي من الوضوح والظهور أقوى من ان يتنكر اليها
كذلك الانسان لايستطيع أن ينسى الهواء لأنه مع كل نفس هو يستذكر الهواء بحيث لو مْنع عنه الهواء قليلاً لايستطيع ءن يستمر
حضور هذه المخلوقات لله بهذا الحجم فكيف بحضور الله وهو رب المخلوقات عند الإنسان
اذن مامعنى نسوا الله؟ معنى انهم نزّلوا الله منزلة المنسي ،والإنسان اذا نسي شيئاً فلايؤثر عليه ذلك المنسي ولايلحظه ولايراقبه ولايلتفت اليه لأنه منسي
، فإذا صارت عنده نعمة قال انما أوتيت على علم عندي أولم يعلم؟
قوة الإنسان من قبل الله عز وجل وفكره وماله وجوارحه (كيف أنساك ولم تزل ذاكري ،وكيف ألهو عنك وانت مراقبي) لكن الإنسان أحياناً يغفل أو يتغافل أو يجعل الله غير حاضر وغير ناظر اليه في النعمة والشدة كذلك ، لايلتفت الى (ومابكم من نعمة فمن الله)
هذا الإنسان الذي نسي الله يقول له الله كما أنك نزّلت ربك منزلة المنسي فلم تتأثر به ولم تلتف اليه ورغم أن الله لاينسى ولايعزب عنه مثقال ذرة ولكن يتعامل معك كما لم تكن موجودا حتى في توفيقات الله عز وجل تصل الى درجة أن الله يسقطك من حسابه ويكيلك الى نفسك ، وكما أنك لاترعى جانبي فأنا لاأرعى جانبك وهذه الدنيا إكدح فيها حتى تموت بلا عون ولاتوفيق .

*- إتخاذ شركاء لله:-*

وهو أن يحمل المؤمن فكرة ان الله موجود لكن هناك سلطان آخر بيده الإنعام وبيده العطاء وبيده الشفاء، والشرك بحث طويل عقائدي يوضح الأشياء التي تدخل ضمن الشرك والأشياء التي لاتعتبر ضمن الشرك ..فالتوسل بمن أمر الله التوسل بهم هو عين التوحيد لكن خارج هذه الإطار لو أشرك الإنسان بربه تترتب عليه آثار وعقوبات
- في حديث قدسي (من عمل لي ولغيري وكلته لغيري) فالله خير شريك وهو الذي يسمع كل شيء ويستجيب

وفي كلام عيسى ابن مريم( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ ) لاتقولوا ان أبانا الذي في السماء نعبده ونلجأ اليه فهذا هو عبد لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ، هناك قسم من الناس عندهم هذا الإشراك اذا عرفوه ولم يرتدعوا عنه فإنهم موعودون بشيء سيئ من العقوبة
(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ )فهل هناك عقوبة أشد من هذه العقوبة وأعظم منها؟

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) هذه الآية تكررت مرتين في سورة النساء واختلفت في نهايتها(ومن يشرك بالله فقد ظل ضلالاً بعيداً) (ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيما)

-الإنكار لله(الإلحاد)
شخص لايعتبر أن الله سبحانه مدبر لهذا الكون خالق له مستحق للعبادة وأطلق على هذا المعنى في الآيات والروايات بعنوان الكفر ، وهذه الكلمة تفيد معنى الستر والتغطية وهذا يوجد عند بعص المسلمين مشابهة منهم لبعض الأفكار الوافدة أو لأسباب آخر يأتي ويتبجح لماذا أنا ملحد ،
فإذا انت الحدت وكفرت مالذي يستدعي أن تخبر عن الحادك وأسبابك ! من الذي يسأل عنك أو من الذي يبحث لماذا أنت هكذا! لكن ضعف النفس يؤدي الى محاولة إبرازها بهذه المخالفات (أيها الناس التفوا الي ولاتتجاهلوني ) قسم غير قليل من الأفكار الباطلة المخالفة ناشئة من حاجة الى الإلتفات الى هذا الإنسان وهذا واحد من الأسباب ولذلك غالباً نجد مثل هؤلاء يتظاهرون .
ولاريب أن مثل هذا الأمر له أسباب أخرى ولسنا في صدد الحديث عن تحليل ظاهرة الكفر او الإنحراف العقدي ..القران الكريم يقول في هذا النمط (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)
قسم من الناس يتسائل كيف هي المعيشة الضنكا مع انه هذا يركب أفضل السيارات ويعيش الرفاهية ليس بهذه الصورة يُقاس الضنك ، بل اننا نلاحظ أن المجاميع المبتعده عن الله زادت أمراضها النفسية وقلقها وفقدت طعم الحياة الحقيقية وتزداد عندها نسبة الإنتحار -(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًاقَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ *وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ)

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من كمّل الإيمان به ومن الخاضعين في عبادته وأن ينعمنا في هذه الحياة الدنيا ويجزينا في الآخرة خير الجزاء إنه على كل شيء قدير

 

مرات العرض: 3394
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2571) حجم الملف: 30701.71 KB
تشغيل:

الصلوات المفروضات عهد الله وطريق الجنة 11
عقوبات تارك الصلاة 19