الصلوات المفروضات عهد الله وطريق الجنة 11
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 2/6/1440 هـ
تعريف:

الصلوات المفروضات عهد الله وطريق الجنة

كتابة الأخ الفاضل عيد الزهراء الزاكي
حديثنا هذا اليوم في ضمن الحديث عن ثواب الاعمال يتناول موضوع الصلاة ، في الخبر عن امير المومنين عليه السلام أنه قال: تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها وأستكثروا منها وتقربوا بها فإنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا إلا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سؤلوا ما سلككم في سقر قالوا لم نكن من المصلين ، وفي أخبار متعددة بأسانيد معتبرة عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إن هذه الصلاوات المفروضات من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ومن لم يصلهن لمواقيتهن فذلك ألي إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ، وفي حديث ثالث عن الامام الصادق عليه السلام عن رسول الله لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ على الصلاوات الخمس فإذا ضيعهن تجرأ عليه فأدخله في العظائم.
القسم الأول من حديثنا يرتبط بالصلاوات المفروضات والقسم الثاني يرتبط بالصلوات المستحبة.
الصلوات المفروضات :
الصلاوات المفروضات جعلت في الشريعة الاسلامية عمود الدين من اقامها اقام الدين ومن ضيعها فقد ضيعه وفي الحديث الثالث الذي نقلناه ان الصلاوات الخمس هي بمثابة خط الدفاع الاكبر بالنسبة للانسان المسلم والمؤمن فما دام محافظ عليها فالشيطان لا يتجرأ عليه كأنما هذا في السور الحصين وفي القلعة الموثوقة لا يستطيع الشيطان ان ُيدخله في العظائم وهذا من أثار الصلاة عندما نقول تبعا للقرأن الكريم إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر هذا أحد معانيها وإن كان لها معاني أكثر أيضا غير هذا ، من معانيها أن الأشياء الكبيرة والعظيمة التي يتجرأ الشيطان فيهاعلى الانسان المؤمن ما دام هذا المؤمن مقيم للصلاوات الخمس فإنه عادة لا يجترأ عليه فيما هو أكبر لذلك لو لاحظتم بنظر إجتماعي وإستقراء سوف تجدون ان الثغرة الأولى التي ينتهي اليها في الانحراف الانسان هو ان الشيطان يقول الله غير موجود ولا يقول ان القرأن كذب ولا ان العقائد الاساسية (جنة ونار مثلا) غير معترف بها ، ينعكس الامر اولا يرقق إهتمامه بالصلاة كما هو مشار لها في الروايات التهاون بالصلاة ويستخف بها ، في البداية يستخف بالوقت فلا يصليها في وقتها بغير عذر دن مبرر واضح علما بأن لديه وقت وصحة وانما يتكاسل ويتهاون ويستخف وعند اعطاء الشيطان مراده بهذا المقدار فعلى مراحل يجعله يستخف بكل الوقت فليس مهم عنده بعد ذلك ان يصلي صلاة الفجر في وقتها بين طلوع الفجر وبين طلوع الشمس وليس مهم عنده ان يصلي صلاة الظهر في وقتها بين زوال الشمس وغروبها حتى لو تأخرت فما الذي سيحدث ؟ اذا طمع الشيطان منه في هذا ، في ذلك الوقت يطمع منه في خطوة ثالثة وهو انه لما تكثر عليه الصوات ، فيقول مثلا أنا لم أصلي الظهر… فيقول طيب أقضي ، والصبح أيضا لم أصلي فيقول ايضا أقضي والمغرب لم أصلي فيقول أيضا أقضي يوم ثاني عليك أداءات أخرى وفي هذا الوقت الشيطان يكبّر اللقمة فيقول القضية قد كبرت وعليه فعلى مراحل يبدأ في ترك كل الصلاة ، أما مثلا يترك القضاءات ويودي صلاة اليوم ويقول ما فاتت من صلاوات أمس وما قبله فهي مؤجلة حتى وقت أخر ، وبالتدريج يترك هذه الصلاة ، اذا ترك الصلاة جتى يوجد لنفسه نوع من الهدوء ، النفس الوامة تعاتبه والضمير يواجه فماذا يصنع ؟ في ذلك الوقت يبدأ في إرتكاب العظاىم فإذا ضيعهن أدخله الشيطان في العظائم ، يبدأ في التشكيك في العقائد ، فيقول من يقول أصلا في يوم قيامة ويسمع إلى زيد وعمر ويقرأ لفلان وفلتان ومن يقول بأن الله يحاسب على هذه الامور؟ فيقول كما قال أحدهم هل يعقل أن الله الرحمن الرحيم الغفور المالك لكل شي يحرق إنسان بالنار لأجل أنه فوت ركعة أو ركعتين فيبدأ بهذه الطريقة يغري نفسه ويصدق مثل هذا الكلام ولعل قسم غير قليل ممن يظهرون فكرة الالحاد ممن يظهرون أنهم خرجوا عن الدين وتمردوا على الدين ، مرجع هؤلاء إلى أنهم لا يقومون بهذه الاعمال ، لو كان دين بدون صلاة او بدون صوم وبدون قيود فلا مشكلة عندهم ، لكنه لأنه يتهاون بالصلاة ولأنه يريد أن يرتكب الفواحش ، بل يريد الانسان ليفجر أمامه ففي ذلك الوقت يخطوا خطوة أعظم من هذه الاعمال إلى العقائد فيبدأ بزعمه يشكك في وجود الله وبزعمه يشكك في النار والجنة وما شابه ذلك ، بناءا عليه فيجب على الأنسان يحث من حوله ، صديقه أو إبنه مثلا ، أن قضية الصلاة بأي شكل من الأشكال لازم ما تتركها ، حتى لو لم تخشع فيها ، ولكن لا تتركها وحتى لو لم تصلها في أول وقتها فلا تفوتها -طبعا الصلاة في أول وقتها أفضل- صلها في وقتها الثاني ، حتى والعياذ باالله لو لم تصلها فعليك بقضائها ولكن لا تتركها ، لأنه بخلاف ذلك فسوف يرتكب العظاىم ، من المهم جدا أن يكون هناك تركيز وتأكيد على موضوع الصلاة وسوف نتحدث إن شاء الله في حلقة خاصة حول كيفيات ترغيب وتشويق الآخرين إلى موضوع الصلاة سيميا من هم في بيئة المنزل والبيت ، لكن وبشكل عام ينبغي التأكيد على أن الصلاة هي عهد الله عز وجل بينه وبين العباد ، هنالك اكثر من رواية عندنا بهذا المعنى ، هذه الصلاوات الخمس المفروضات اذا أداها الأنسان في وقتها والتزم بها فإنه يكون بينه وبين ربه عهد أن يدخله الجنة ، فيقول أنت يا رب أمرتني بالصلاة فأنا صليت فيدخل الجنة ، طبعا دون إرتكاب الفواحش والمنكرات ، وهنا وحتى مع ذلك فمن الممكن أن تسعه رحمة الله وعفوه بالاستغفار ، الصلاة عهد الله إذا جاء بها الإنسان فإن له عند الله عهدا أن يدخله الجنة ، وأما من لم يأتي بها ليس له ذلك العهد ، فأنت الحد الأذنى الذي تقدر أن تخاطب ربك فيه وتطالبه بالجنة هو صلاواتك المفروضات الخمس ، ودون ذلك فلا حق لك ، وأصلا لست مؤهلا للخطاب مع الله سبحانه وتعالى ، من أقامهن وحافظ على مواقيتهن ، لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ، فعنده كلام وحجة ، يستطيع أن يقول يا رب أنا صليت لك ، ومن لم يصليهن لمواقيتهن وفاته الوقت وكان بإمكانه أن يصلي في داخل الوقت ، فذلك أليه ، إلى الله سبحانه وتعالى ، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ، لذلك تجد إستلال أمير المؤمنين عليه السلام : الإ تسمعون إلى إلى جواب أهل النار ؟ حين سؤلوا ما سلككم في سقر ؟ كيف بكم ذهبتم إلى نار جهنم ؟ بعض المفسرين يرى أن سقر هي مرتبة وليست مرادف لجهنم ، فجهنم مرتبة وسقر مرتبة أخرى والحطمة ايضا مرتبة وإلى غير ذلك ، اذا ، ما سلككم في سقر ؟ لماذا أنتم في هذا المكان ؟ وهؤلاء يعرفون السبب الأساسي فيقولون لم نكن من المصلين ، وعادة الأنسان في جوابه يأتي بالعامل الرئيسي ، مثلا اذا انت حققت نجاح في أمر ما فتُسأل ما سبب نجاحك ؟ فلن تقول إن الهواء كان جيد ، مع أن الجو المناسب أيضا موثر ولن تقول أن سيارتي كانت سريعة ، مع العلم بأن السيارة السريعة والمناسبة ايضا لها جانب من التأثير الإيجابي ، ولكن جوابك سيكون أنا كنت نشط ، أقوم من الصباح ، وهذا هو العنصر الرئيسي ، وبالعكس أيضا ، عند سؤالك لم فشلت ؟ فيقول أنا كنت كسول ولم أكن مدبر ، وهنا يأتي نفس الجواب ، ما سلككم في سقر ؟ ما الذي أتى بكم لنار جهنم ؟ قالو لم نكن من المصلين ، فأول عنصر أو أول عامل هو الصلاة ، فهم يعرفون أنفسهم فقالوا لم نكن من المصلين ، بالرغم من أنهم كانت لديهم من الذنوب والإعتقادات الباطلة أشياء كثيرة ، لكن هذا هو العنصر الأساس ، هذا جانب بسيط عن الصلاوات المفروضات.
الصلاوات المستحبة :
الحمد لله إن الكثير من المؤمنين من المحافظين على الصلاة والجماعة فيأتي دور الحديث عن باقي الصلاوات وهي غير المفروضات ، الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الرواية إستكثروا منها وتقربوا بها ، وبما أن الفرائض محدودة فإنما الإستكثار إشارة إلى المستحبات والمنذوبات ، ذكرنا في حديث مضى كما في الحديث القدسي : أنه من أحدث ولم يتوضى فقد جفاني ومن توضى فلم يصلي ركعتين فقد جفاني ، ومن صلى ركعتين ودعاني فلم أجبه فقد جفوته ولست برب جافٍ ، إذا توضى وصلى ركعتين مستحبتين ودعاني في أمر دينه ودنياه ، في ذلك الوقت يحق له أن أجيبه في هذين الأمرين والإ فأني رب جافٍ وقاس ولست برب جافٍ ولا قاسٍ ، ليستكثر الإنسان من الصلوات ، لا تكون علاقتنا أيها الأحباب بالصلاة من الصلاة إلى الصلاة ، من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر ومن صلاة الظهر إلى صلاة المغرب والعشاء ، وإلى الفجر مرة أخرى ، وإنما ليكن عندنا إستكثار في الصلاة ، بادر بصلاة ركعتين من أجل أنك تتذكر نعمة من أنعم الله عليك ، عند سماعك عن أحدهم مبتلى بمرض السرطان ووضعه حرج وأيامه محدودة وأنت تنظر إلى نفسك سليم معافى ولا تشتكي من هذا المرض ولا من غيره من الأمراض فقم وبادر بصلاة ركعتين بعنوان الشكر لله ، وهذه ليست بواجبة ، ولكنها من خدمة الله ومن طاعة الله كما ورد في الأحاديث ، وأحسن طريقة للشكر هو أن تصلي لله ، وأن تضع جبينك على الأرض ساجدا وحتى بدون صلاة ، فكيف أذا كان ذلك السجود في صلاة ، في رواية عن نبينا محمد (ص) : لما سأله أبو ذر الغفاري عن الصلاة ، فقال خير موضوع وبعضهم يقرأها خيرُ موضوعٍ ، فمن شاء أقل منه ومن شاء أكثر. ماء عذب أمامك سلسبيل ، فأنت مخير بين أن تأخذ غرفة تروي نفسك في هذه اللحظة وبين أن تأخذ دلوا لك ولأهلك وبين أن تأخذ أكثر من ذلك ، فالصلاة هكذا ، خير امامك وانت مخير بين أن تكثر منه أو تستقل ، ربما البعض يمضي عليهم الليل والنهار ولا يتنفلون لله بركعتين ، والبعض تجده يحافظ على النوافل ويصلي للشكر ولطلب الحاجة وللاستغفار والأمن من المخاوف يصلي ، هذا معنى من شاء أكثر ومن شاء يقل ، وفي حديث أخر عن الامام الصادق عليه السلام - وهو حديث عظيم -: من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيها – بمعتى متوجه – أنصرف وليس بينه وبين الله عز وجل ذنب الإ غفره ، الصلاة المستحبة أثرها مختلف ، فمثلا بين الصبح والظهر تقوم للصلاة بركعتين بعد الوضوء وتتوجه فيها لله – تأخذ تقريبا ثلاث دقائق – أنصرف وليس بينه وبين الله عز وجل ذنب الإ غفره ، أنه لعطاء عظيم ، يأتي حديث أخر عن الإمام الصادق عليه السلام ربكم لرحيم ، يشكر القليل . هنالك البعض من الناس تتوسل لهم لكي يؤدي لك الشئ البسيط ، لكن الذات المقدسة -الله سبحانه وتعالى – رحيم ، يشكر القليل ، يا من يعطي الكثير بالقليل ، وفي حديث أخر : إن العبد ليصلي الركعتين يريد بها وجه الله فيدخله الله به الجنة ، فقط ركعتين خالصتين لله عزوجل ، فيدخل بها الجنة ، يعني فيها إقتضاء دخول الجنة ، لكن من الطبيعي ان الإنسان لا يفسد هذا المسير بشي أخر من إرتكاب العظائم والجرائم والذنوب الكبيرة ، والإ نفس هذه الركعتين تؤدي بك إلى الجنة ، الحديث لنا فيه كلام يأتي ، نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على الصلاوات المفروضات وأن يجلعنا من المستكثرين من الصلوات المندوبات ، إنه على كل شي قدير ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

مرات العرض: 3403
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 24117.74 KB
تشغيل:

إطعام الطعام في أثره الدنيوي والاخروي 17
عقوبة نسيان الله والشرك به 18