لا تكونوا آذانا سلبية !! 15
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 23/6/1440 هـ
تعريف:

لا تكونوا آذاناً سلبية  !!


تفريغ الأخت الفاضلة تراتيل

قال تعالى  في محكم تنزيله﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذين يستمعونَ الْقَوْلَ فيتبعون أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ  ﴾‏ سورة الزمر :18
و قال تعالى   ﴿ وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ  ﴾‏ سورة الحاقة :12
في حديث سابق اشرنا الى بعض فئات التي ينبغي ان يتجنب الانسان ان يكون منها مثل ان يكون عاملا في تهديم بعض الاسر من خلال كلام التحريض ولو لم يكن قاصدا هدم تلك الاسرة الا انه ببعض الكلام الغير محسوب قد يكون سببا من أسباب هدم تلك الاسرة
وحديثنا اليوم هو تتمة لما سبق ذكره فمثلما ينبغي الانسان ان لا يكون مبادرا في الحديث السلبي كأن يتحدث او تتحدث الى الزوج او الى الزوجة انه مثلا لماذا اوضاعكم هكذا؟ لماذا انجابكم قليل؟ او كثير؟ ولماذا لا تمتلكون منزلا ؟  فعندما يكون الانسان محرضا فهذا امرا سيئ وأيضا عندما يكون مستقبلا سلبيا ايضا هذا امر سيئ فعندما تتأثر الزوجة سلبيا بالكلام من الخارج فهذا امر سيئ وهكذا في حال الزوج لانهما سيكونان غير موفقين في حياتهما الاسرية . لا شك ولا ريب انه لا يمكن للإنسان ان يبقى من دون ان يستمع الى احد فهذا خلاف الحياة الاجتماعية حتما ستسمع كلام من قريب وصديق وجار ولكن حديثنا الان في كيفية التعامل مع هذا الكلام , فأحيانا كما يقول القران مبشرا أولئك العباد الذين يستمعون القول ولكن يتبعون احسنه , فعندنا كلام سيء وكلام حسن وكلام احسن , فليس كل حقيقة هي بالنسبة اليك حسنة وليس كل حسنا بالنسبة اليك احسن فانت  عليك ان تحرص على ان يكون الكلام الذي تسمعه وتطبقه ليس سيئا ثم يكون حسنا بالنسبة لك لان الحسن مختلف -فهناك امر قد يكون حسنا بالنسبة لك ولكن بالنسبة لي ليس شيء حسنا- فانت تملك المال فمن الحسن ان تظهر نعمة الله عليك فتشتري ملابس واثاث وغيره فالمصرف اليك حسن وتحديث بالنعمة لكن انا لا امتلك ما تمتلكه انت لذلك بالنسبة لي لا يعتبر امر حسن ان اصرف كما انت تفعل , وأيضا عدم الصرف و عدم اظهار النعمة هي امر غير حسن بالنسبة لك
هذا النمط من السلوك لابد ان تراه هل هو شيء حسن بالمرتبة الأولى ثم تفكر هل هو  بالنسبة لنفسك حسن ام لا , ثم اذا كان هناك حسن واحسن فاختار الاحسن ,فبحسب الظروف و الأشخاص تختلف . ثوب واحد بالنسبة الى زيد من الناس هو حسن لكن بالنسبة الى شخص اخر من الناس هو غير حسن . بالنسبة لك قبل عدة سنوات ثوب واحد هو حسن لإنك كنت فقير لكن الان اغناك الله فالثوب الواحد بالنسبة لحالك الجديدة ليس حسن بالنسبة لك
هنا اريد ان اشير الى مجموعة من النساء الذين هم اذن غير واعية , يقول احدهم انا اتورط اذا زوجتي ذهبت الى محفل كعرس او جمعة صديقات او أقارب فإنها تتأثر بكل كلام يقال لها فمثلا لو سمعت من احدى صديقاتها انها قالت لزوجها : ان كنت تحبني اقترض لي مائة الف لكي افعل كذا وكذا وهو نفّذ لها ذلك , هناك فئة من النساء تتصرف بشكل سليم حيت تحلل هذا الخبر بعد سماعه هل هذا مناسب ام غير مناسب ان تطلب من زوجها مثل ما فعلت صديقتها وهل هي في حاجة ام هي في غير حاجة ثم هل تتوقع ان يستجيب زوجها ام لا يستجيب و اذا لم يستجيب هل ستخلق مشكلة بينهم ام لا وبناء على كل الإجابات على التساؤلات السابقة تقوم بأخذ القرار المناسب
لكن هناك فئة أخرى من النساء تسمع من الاخريات ثم تطلب من الزوج مباشرة بدون تفكير وتحلي وتريد ان يفعل زوجها لها كما فعل زوج صديقتها بدون ان تحلل وتفكر و تضع في الاعتبار ان وضع هذه الاسرة مختلف عن وضع تلك الاسرة فمثلا ذاك يستطيع الاقتراض بناء على راتبة في حين ان اسرتها لا تتمكن او ان ذاك ليس لديه مشروع بناء وهذا لديه او ذاك ليس عليه ديون وهذا عليه ديون يحتاج الى دفعها والتخلص من همها وليس زيادتها وهكذا , فعندما لا تتفهم الزوجة هذا الوضع فان المشكلة تبدأ في هذه الاسرة
القران الكريم في أماكن عبر عن الشخص الذي يستمع الكلام بتعبيرات مختلفة و كذلك رسول الله أيضا عبر عنه بانه اذن خير وفي التفسير عن امير المؤمنين عليه السلام بانه اذن واعية , وفي خصوص عباد الله المبشرين قال: ((فيستمعون القول فيتبعون احسنه )) بالنسبة الى نبينا المصطفى محمد في الآية المباركة ((وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) التوبه 61  . فقسم من هؤلاء المنافقين كانوا يتكلمون عن رسول الله ويشيعون عنه السمعة السيئة فقال بعضهم نخاف ان يفهم ذلك رسول الله فيقول بعضهم لا تخافوا فاذا ذهبنا له وواجهنا فانا سنكذب عليه و ننكر ذلك و نقول له اننا لم نقول وهو سيصدقنا . هو يصدق ما يقال له . القران يقول ان النبي اذن خير يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة فاذا لم يرد عليك الكلام ليس معناه انه صدقك ولكن النبي يعرف إدارة المجتمع لذلك لا يقول لك انك كذاب ويترك المسألة فهذا نوع من أنواع الجذب للاتباع (يؤمن للمؤمنين ) فهو لا يخوف الناس فهو المبعوث رحمة فلا يعاقب على هذا الامر  فهذه صفة مدح للرسول, الانسان اذا يتصف بهذه الصفة ليس بالضرورة يبلغك انه يعلم وعليك ان تقرّ وتعترف بانك قلت هذا
الصفة الثانية / الاذن الواعية في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله انه في بداية قال : سالت الله ان يجعلها اذنك يا علي فاستجاب الله لذلك  وقد نقل عن امير المؤمنين عليه السلام انه ما حدثني رسول الله حديث الا وحفظته لان النبي دعا الله ان يجعل اذني واعية ومنه جاء الوعاء ومنه أيضا جاء الوعي ,
فالإنسان يجب ان يكون اذن واعيه لا يستعجل في اموره فمثلا لو قيل للزوجة غيري عملك فهي بسرعة بدون حسابات وبدون مشاورة تركض وتغيّر عملها  و فينبغي ان لا تكون الزوجة اذن سلبية كلما صبوا فيها شي تركز وهكذا هو الحال مع الزوج أيضا فهذه طريق غير صحيحة في إدارة الحياة الزوجية
الان لم يقتصر الموضوع على التخاطب الشخصي بل اصبح حتى التخاطب الغير شخصي يؤثر في قسم من الناس مثلا يرى سنابات مختلفة كما يسميه بعضهم بالتعري العام ( كيف لبسوا الناس وكيف اكلوا و ماذا اشتروا وأين سافروا )وهذا راجع للحالة المتفاخرة واكتساب المجد من غير طريقة يريد ان يقول انا مهم لماذا ؟لان عندي ملابس جميله .انا شخصية كبيرة لماذا ؟لان زوجي اتي لي بأمور اريدها . وانا محبوبة لماذا ؟ لأنه قدّم لي الهدية الكذائية . وهذا كله تفاخر وهو طبعا في الدراسة النفسية يعبر عن نفسية فقيرة تريد ان تشعر بأهميتها
وهناك أناس ليسوا كذلك فنفسيهم قوية مستمدة من عملهم المعروف ومن سيرتهم الصالحة يرجوا ربهم ولكن هناك اشخاص لديهم نقص في نفسهم يريدوا ان يشعروا بانهم مهمين لكونهم اشتروا لهم سيارة مثلا او اثثوا لهم منزل او حضر او سافر الى المكان الفلاني فهو يدعم الضعف الداخلي بأمور خارجية لذلك تجد أناس تفتح لها الكثير من الحسابات في البرامج التواصلية المختلفة كالسنابات والفيسبوك والانستغرام و غيرهم و ترى الناس ذلك وبمجرد ان ترى انت وغيرك  ذلك تحاول ان  تتبعه فيكون لديك حينئذ اذن غير واعية غير محلله غير مفكرة فينعكس ذلك في حياتك انفعاليا بصورة سيئة . حديثنا السابق كان من طرف ان يكون هو فاعل محرض متكلم الان حديثنا من الجهة المستقبلة . تستطيع ان تستفيد من غيرك بالاستماع ولكن اتبع احسنه (الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه )
هناك بحث عند بعض الكتّاب حول لماذا تتأثر المرأة مما تراه من الابهار ومما تسمعه من الأوساط ولماذا على اثر ذلك شركات التسويق و الاعلام تتجه الى المرأة لان قسم من النساء لديهم هذه الاذن الغير الواعية والعين التي يبهرها المنظر والشكل فلا تفكر فيما وراء ذلك ولذلك من يعمل في مجال البيع والاستهلاك والتسويق يستغلون هذا الامر
الرجل أيضا يتم تسويق له بعض الأمور التي تستثيره كالأمور الجنسية عبر الأفلام والمناظر والصور وهي لا تثير النساء كما يقول بعض الكتّاب ان المرأة لا يستثيرها منظر ساقي رجل ولكن الرجل يستثيره منظر ساقي المرأة العارية لذا ينبغي للإنسان ملاحظة نفسه بالنسبة للأمور الدينية وكذلك ملاحظة الأمور الحياتية وتحليل الكلام وتحليل الصورة والتفكير فيما يسمعه هذا الانسان ثم اتخاد الموقف تبعا لذلك
عندما  تكون المرأة ذات اذن غير واعيه فهي تتعب نفسها وحياتها ولا تشعر بالاستقرار أيضا لا ينبغي ان تكون المرأة والرجل من الفئة الباحثة عن الاخبار العامة التي لا تعني الانسان فهناك أناس اذا لم تخبرهم بالأخبار التي تعرفها يعتبرك محل عتاب وهذا ليس صحيح فهل انا وكالة رويتر لكي اخبرك بكل ما يحدث في هذا المجتمع
وهناك قسم من النساء لديهم هذا الامر واضح فعندما يسافر احدهم ولا تعلم تعتب على من كان يعلم لماذا لم تخبروني ؟؟ فلانه عملت عزومه لماذا لم تخبروني ؟؟ عندما تسكنين بيت جديد تقول : انا معاك حتى يوم امس لماذا لم تبلغيني عن موضوع السكن ؟؟ فلانه انجبت وهي لا تعلم تسال لماذا لم يقولوا لي ؟؟ وهلم جرا هذا البحث الدائم عن الاخبار وتفاصيلها متعبة للإنسان وتسبب مشاكل للإنسان بسبب ان الاخرين لم يخبروا بما عندهم من اخبار مع ان هذا يدخل في مالا يعني الانسان , ذكرنا ان اكثر الناس ذنوب يوم القيامة هو بانشغالهم فيما لا يعنيهم طالما ان الشيء غير مرتبط بك فلماذا تفتش في الموضوع وتجري من واحد الى واحد تسأل هذا وذاك هذا لا داعي له بالذات في الحياة الزوجية عن امير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة (( ولا تكلف امراتك ما لا يعنيها فان المرأة ريحانه وليست بقهرمانه " أي ان هناك مجموعة مهام  ترتبط بالزوجة  في بيتها و زوجها و بعملها ان كانت تعمل هذه الدائرة جيده لكن ما زاد على ذلك من الأمور فلا داعي لها ان تركض وراءه, فكل موقف يحتاج له موقف عادة أي كل موقف يشكل ثقل فهذه الاخبار اكثرها لا تنفعها اذا علمتها ولا تضرها اذا لم تعلمها وجهلتها يقول امير المؤمنين ( لا تثقل عليها بسماع هذه الأمور فالمرأة ريحانه رقيقة سريعة العطب تشم وتلاطف ويحن عليها و لا تتحمل احمال كثيرة فهي ليست نخله او شجره كبيرة  وليست قهرمانه لتتحمل الاحمال الكبيرة والعظيمة . فينبغي للمرأة ان لا تتحرك كثيرا باتجاه البحث عن خبر هذا وخبر ذاك ومن انجب ومن لم ينجب ومن سافر ومن لم يسافر . نعم لو علمت بما يحتاج الى معرفته للقيام بدورها الاجتماعي فهذا امر طبيعي ولكن بعض الناس يعتبر نفسه اذا لم يصل له كل الاخبار فكأنما صار عنده نقص حصل . هذه الأمور لو جهلها لم يخسر شيء (( الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه أولئك الذين هداهم الله  )) فمن يتجنب متابعه هذه الأمور فهو على طريق هداية واستقامة

نسال الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا للاستقامة في حياتنا وان ينشر علينا الاطمئنان والاستقرار

مرات العرض: 3387
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2577) حجم الملف: 33358.24 KB
تشغيل:

لا تكن من هذه الفئات !! 14
إطعام الطعام في أثره الدنيوي والاخروي 17