ما هو رأس الأمراض الأخلاقية 39
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 26/12/1439 هـ
تعريف:

ماهو رأس الامراض الاخلاقية ؟


كتابة الفاضلة هديل الزبيدي / العراق
تصحيح الفاضلة ليلى الشافعي


                      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

   والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين .
السلام عليكم أيها الإخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته
   حديثنا بأذن الله تعالى يكون خاتمة لسلسة الحديث عن الأمراض الأخلاقية والصفات السيئة وقد تعرضنا على مدى ٣٤ حديثا إلى جهات من هذه الأمراض الأخلاقية والصفات السيئة خلال هذه الفترة المنصرمة وقد علمنا أنه لا يمكن الحديث عن كل الصفات السيئة والأمراض الأخلاقية التي تفسد نفس الإنسان أو قد تفسد سلوكه الاجتماعي أو حتى التزامه الديني ، في بعض الحالات يصعب على الإنسان أن يتعرض إلى كل تلك الصفات لذلك اقتصرنا على قسم منها وبها يعرف حال أمثالها ، خاتمة حديثنا هذا اليوم هو بعنوان {{أم الفضائل وأم الرذائل }}
    يوجد ارتباط فيما بين الأخلاق ، ولذلك من المعتاد أن الإنسان إذا كان لديه صفة أخلاقية حسنة فإنها تجر إلى بعض الصفات الأخلاقية الحسنة فلو أن إنسانًا مثلًا كان حليمًا ( والحلم سيد الأخلاق ) نفس هذه الصفة الحسنة لو حافظ عليها الإنسان واعتنى بتركيزها في نفسه تجر صفات أخرى. وهكذا الحال في عكس المسألة إذا كان الإنسان غضوبًا ، على سبيل المثال فيما لم يقاوم الإنسان استيطان الغضب على نفسه من الممكن أن الغضب يجر إلى الاعتداء إذا ما قاوم الإنسان غضبه ما لم يسيطر عليه ولم يخفف من درجته . هذه الصفة الأخلاقية السيئة وهذا المرض قد يجر إلى شيء آخر وهو أنه يعتدي يغضب لا يسيطر عليه لا يقلل من حالة الغضب ينتقل الغضب إلى صفة أخرى وهي الاعتداء على الآخرين إذا تكرس في نفسه ورأى نفسه محق في ضربه لفلان . فحين يسأل لماذا ضربت العامل الذي يعمل عندك؟ قال لأنه كسر الكأس . هذا معناه أنه رأى اعتداءه على العامل أمرًا طبيعيًا ، يجر هذا إلى الظلم ويكون هذا الإنسان ظالمًا ، لماذا؟ لأنه كسر كأس وأنت بالخيار بين واحد من أمرين وليس أكثر ، إما أن تعفو عنه وهو الأفضل أو تطالبه إذا كان متعمدًا في الاتلاف ، فتطالبه بقيمة كسر الكأس . قيمة الكأس ريال لابد أن تدفع ريال ،أما تصفعه  فهذا اعتداء و ظلم ، ولو قدمت لحاكم شرعي هنا يقول له ذاك من الممكن أن يرد لك الاعتداء بمثله فيصفعك هو . فهنا تلاحظ صفة سيئة وهي الغضب جرت إلى اعتداء ، الاعتداء إذا رآه الإنسان طبيعي سيتحول إلى إنسان ظالم وهكذا صفة سيئة تجر إلى صفة سيئة أخرى وكذلك أيضًا الصفة الحسنة تجر إلى صفة حسنة أخرى ولعله لهذا أشار القرآن الكريم في سورة الحجرات كما يرى بعض المفسرين إلى هذا التسلسل
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ
   بعض الذين يتأملون في الآية يقولون أن هناك ترابط بين هذه الصفات  ، فالإنسان أول شيء يسيء الظن بشخص ، إساءة الظن هذا مرض في النفس هذه صفة أخلاقية سيئة ، لماذا تسيء الظن ؟ أنت مأمور بإحسان الظن في أخيك المسلم فتسيء الظن ! وإساءة الظن هذه صفة سيئة تجر وراءها صفة سيئة أخرى، فحتى يتأكد أن هذا الإنسان غير جيد فإنه  يتجسس عليه يظن به سوءً ولايقف عند هذا ، وإنما يفتش جوالاته ويتابع حساباته ، وإذا خرج من المنزل يتتبعه بالسيارة ليرى أين يذهب وماذا يعمل .  فصار عنده صفة سيئة وهي التجسس ، تجسس الإنسان على هذا بسبب سوء الظن صفة سيئة جرت صفة سيئة أخرى ، اكتفى بهذا كلا الغالب أن هذا الإنسان مادام يتجسس بداعي إثبات أن هذا الإنسان إنسان خاطئ ، فإذا رأى مثلًا أنه ذهب إلى بيت امرأة أو التقى بامرأة في الشارع وأخذها  في سيارته قال : هذه ثبتت فيقوم بتصويرهم بعد هذا ينجر إلى ماذا ؟ إلى الغيبة .ترى فلان الذي ترونه أمامكم أهل صلاة وأهل صيام تبين أنه يلعب مع بنات ونساء و و و .
    قد يكون تزوجها زواجًا في السر لكن مادام الإنسان من البداية جعل في باله سوء الظن فإنه لا يعطي مجال لاحتمالات أخرى كاحتمال أن تكون زوجة شرعية ، بل يمكن أن تكون من أقاربه أو من محارمه يمكن من غير محارمه لكن احتاجت له في قضية يوصلها هنا أوهناك . لكن الذي يأتي من منطلق إساءة الظن لا يفهم هذا يفهم أنه أخذ امرأة معه وأركبها في سيارته وفي الكرسي المجاور له . فصفة سيئة تجلب صفة سيئة ثانية تنتهي من سوء الظن ، إلى التجسس ومن التجسس إلى الغيبة ، ثم نقل الكلام إلى سائر المؤمنين . لذلك يحتاج الإنسان المؤمن قدر الإمكان أن يكرس الصفة الإيجابية والأخلاقية الحسنة في نفسه حتى تجر وتجتذب بقية الصفات الحسنة . فحلم الإنسان ينتهي إلى الرفق لنفترض أن ابنه أو  زوجته أوعامله قام بعمل يثير الغضب ، هذا يكون حليم فإذا صار حليمًا أو كان حليمًا فإنه لن ينفس غضبه وإنما سوف يكون رفيقًا بذلك الطرف رفيقًا في كلامه رفيقًا في سلوكه ، الرفق هذا ينتهي به إلى نصيحته وهذه أيضًا صفة أخلاقية حسنة بدل أن يفجر غضبه فيه سيطر على غضبه صار رفيق ، معه بدل من أن يشتمه ويتكلم معه كلام عنيف ، بدل من أن يضربه كان رفيقًا معه ، رفقه هذا به أدى إلى أن يقوم بنصحه وبتوجيهه وبإرشاده ،فصفة حسنة تجلب أخرى والأخرى تجلب الثالثة وهكذا. ولهذا على الإنسان قدر ما يستطيع أن يقلل ويضبط ويسيطر على الصفات السيئة حتى لا تجلب أمثالها من صفات أخرى ولا يتولد منها صفات أخرى وعليه أن يكثر من الصفات الحسنة حتى يستطيع أن يستجلب باقي الصفات .
     فأول شيء أن بين الصفات الأخلاقية يوجد هناك نوع من الترابط ينفعنا هذا في فكرة أن نسيطر على الصفات السيئة وأن نحددها و نحجمها ، وأن ننشر الصفة الأخلاقية الحسنة في أنفسنا ونرعاها ونسقيها ونعتني بها حتى تستجلب صفات حسنة أخرى .
الصفات المركزية :
   هناك شيء آخر غير هذا وهو أن بعض الصفات لها مركزية بالقياس إلى صفات أخرى سواء كانت الصفات الحسنة أو الصفات السيئة كيف أن بدن الإنسان فيه أعضاء كثيرة فيه يدان ورجلان وعينان وغيرها  وأعضاء داخلية للبدن ، لكن فيه شيء مركزي وهو الرأس ، الرأس ليس  كاليد فهذا عضو وذاك عضو ولكن هناك فرق بينهما ، والرأس ليس كالرجل الرأس مركز القيادة .
   كذلك في الصفات الأخلاقية سواء منها الصفات السيئة أو الصفات الحسنة يوجد بينها هكذا ، فكلها مطلوبة لكن بعضها بمثابة الإصبع وبعضها بمثابة الرأس وبعضها بمثابة العين لذلك ينبغي الاعتناء أكثر بالصفات التي لها دور مركزي . الصفات التي تشكل رأس الصفات الأخلاقية ، أم الصفات الأخلاقية مفتاح الصفات الأخلاقية هذي تعابير موجودة في روايات المعصومين (عليهم السلام)
كيف يكون العلم رأس الفضائل:
من مثال ذلك ماورد عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أنه قال {{ رأس الفضائل العلم }}
   فهناك بعض الفضائل فيها جانب نظري فيها جانب علمي ليست سلوكية هنا قد يكون المقصود من رأس الفضائل التي لها جانب نظري وهو العلم ، أن يكون الإنسان عالمًا عارفًا غير جاهل عالم بهذه الصفات الأخلاقية عالمٌ بنتائجها عالمٌ باستحبابها عالمٌ بهذه الفضائل ومطلوبيتها وقد يكون المعنى لا أن رأس الفضائل كلها وإنما كل الفضائل مثل حلم ، كرم ، جود ، تفقد ، تكامل ، عطاء ، إنفاق ، صبر غير ذلك كلها رأسها العلم لأن العلم منشأ كل خير فبدون العلم لايعرف الإنسان أن الصبر حسن أو غير حسن فقد يتصور بعض الناس أن الصبر هو نوع من الذل قسم من الناس يقول هكذا لماذا أنت ذليل ، أنا لست ذليل وإنما صابر ، فهناك  فرق بين الصبر وبين الذل ، أو يأتي إنسان ويقول : أنت تضيع أموالك وتسرف فيها ، أنا أنفق في سبيل الله لامعنى للإسراف فيه أو التبذير  هذا ما يحدد أن هذه الصفة صحيحة أو غير صحيحة هو العلم بها ولذلك تجد الجاهل أحيانا يعتبر الغضب والبطش مصدر قوة شخصية وعلامة على الرجولة  لجهله بينما يرى سيد الأنبياء محمد(صلى الله عليه وآله) {{ أن الحلم سيد الأخلاق }} بين ذلك الذي يرى أنه أنا حين آتي إلى مكان لازم الكل يعرف قيمتي وإذا واحد قال لي كلمة لا أدعه يكملها ، فإفراغ الغضب والبطش والفتك يعتبرها  مرجلة وقوة شخصية (الحلم هو سيد الاخلاق) الامام يقول لمن قال له {إياك أعني يقول له وعنك أُغضي }
    ماهو الفرق بين الشخصيتين شخصية العلم أن النبي والإمام يأخذ من علمٍ صافٍ ومن عينٍ رائقة وذاك يأخذ من الهوى والشهوة ، في بعض الروايات أن رأس الهرم في الفضائل هو العلم ولذلك تم التوجيه إليه والتأكيد عليه ولايوجد شيء أحسن من العلم {{ الذين أوتوا العلم درجات }} وإلى غير ذلك. فالعلم له مركزية كما ورد في الروايات في مورد آخر نفسه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول :
{{رأس الفضائل ملك الغضب وإماتة الشهوة }} قد يكون هذا ناظر إلى السلوكيات وذاك ناظر إلى النظريات . فعادةً الإنسان كثير من أخطائه راجعة إلى واحد من أمرين : إما إلى غضبه وامضاء الغضب بما يسمونه بالقوة السبعية عند الانسان (قال له كلمة سبه شتمه) من تملك الغضب للإنسان ، بينما إذا الإنسان ملك غضبه فأكثر المشاكل التي توجد في البيوت مرجعها هذا ، زوجتي قال لي أمرًا  وأنا رديت عليها بعنف هي فعلت شيئًا أنا ضربتها ومع ابني هكذا ومع جاري هكذا هذا يسمى إمضاء الغضب وإفساح المجال له . رأس الفضائل أن تملك غضبك فلو ملكت غضبك نصف مشاكلك مع الجيران تنتهي ، نصف مشاكلك مع المجتمع تنتهي ، إذا لم تتمكن من أن تملك غضبك فقل غدًا سوف أرد عليك ، أحدهم قال لك أمر معين قل له : لا بأس أنا غدًا سأرد عليك . لا في نفس الوقت وإنما غدًا، في يوم غد تكون هدأت فكرت حللت الموضوع فإذا أنت ممن هدى الله فسوف ترى أن القضية لا تستحق أصلًا ، لكن مادامت هي حامية وهو متوتر وأنت متوتر ، هو حاضر للمعركة وأنت حاضر للدفاع هنا تكون المشكلة . فرأس الفضائل من جهة ملك الغضب وإماتة الشهوة ، فشهوات الإنسان سواء الشهوات الجنسية ، فما الذي يدعو الإنسان إلى الزنا واللواط وإلى العادة السرية وإلى الانحرافات الجنسية ؟
  هو اشتعال الشهوة بين أن واحدًا ينميها ويزيدها من خلال الاطلاع على الأفلام الإباحية والصور الخليعة والأفلام الكذائية ، هذه ليست إماتة ، هذه إشعال للشهوة بشكل مستمر ينتهي الأمر بهذا الإنسان غير أن هذا غير جائز شرعًا وحرام شرعًا باعتباره نظر إلى أشياء محرمة هي نفسها تجر  إلى أمور أخرى ، فيريد أن  ينفس عن نفسه فيستعمل العادة السرية (الاستمناء) فيرتكب حرامًا آخر وهكذا تجره إلى أمور ثانية . فرأس الفضائل ملك الغضب ، السيطرة على الغضب وإماتة الشهوة .
الزهد :
 في مورد آخر يقول الإمام الصادق (عليه السلام)
{{جُعِل الخير في بيتٍ وجُعِل مفتاحه الزهد في الدنيا }}
الخير كله في مكان هذا المكان مغلق يحتاج إلى مفتاح ، المفتاح ماهو ؟ الزهد ، فالزهد لا يعني الملابس ، الزهد كما عرفه أمير المؤمنين -عليه السلام- : ( أن لايملكك الشيء ) فأحيانًا قد تجد إنسانًا فقيرًا معدمًا لكنه حريص ينقلون في وصية الشيخ (ورام) مذكورة أن أحد الملوك تفكر في أمر الدنيا وما تؤول إليه  وماشابه ذلك فقرر أن ينزل عن ملكه وأن يذهب باتجاه العبادة والتوجه إلى الله ، وكان هناك  عابد في الصومعة لا يوجد عنده إلا الأشياء الضرورية لنفترض إناء الماء وشيء بسيط من الطعام ففكر هذا الملك أنه أحسن من يتشاور معه في هذا الموضوع موضوع ترك الدنيا هو هذا العابد باعتباره من أهل الصلاة والصيام والتوجه إلى الله فذهب إليه وقال له : أنا قررت وفكرت من الآن أن أترك الملك وأجعل واحد من أبنائي إذا يريده وأنا أتوجه إلى عبادة الله وقررت أن أسيح على عادة العباد القدامى . يعني لايكون عندي بيت ولا تعلق ولا نساء ولا كذا فما رأيك قال له : فكرة جيدة ، قال له : إذن فلنخرج ، قال : إذا خرجنا الآن فماذا أفعل في هذه الأشياء التي عندي ؟ مثل بعض الأواني ، وقربة الماء ، والبساط وغير ذلك ، قال له الملك : أنا تركت  ورائي ملك عظيم وأريد الخروج منه وأنت تقول إبريق و بساط ممزق ! أين زهدك ؟ ولو أشياء بسيطة ولو حصير صغير لكنه ملك هذا العابد ، وذاك ملك عظيم لكنه لم يملك هذا الملك .
   أحيانًا الإنسان هكذا قد يكون مالك لأشياء كثيرة لكن هو يملكها وهي لا تملكه . فمثلًا ، اعرض نفسك والمرأة تعرض نفسها ، أحيانًا تذهب المرأة إلى السوق تريد أن تشتري ، فتريد هذا الطقم من الملابس من الأواني من الحقائب من كذا وكذا ، فيقول لها زوجها هذا ثمنه غالي ليس لدينا القدرة لشرائه  فتصر على شرائه ، وتبدأ معركة ( داحس والغبراء) من أجل طقم ملابس أو أواني أو حقيبة من ماركة معينة . يطلب منها مثلًا تأجيل الشراء للشهر القادم مع الراتب الجديد فتصر عليه أن يقترض أو يدبر نفسه بأي طريقة . هذا معنى أن يملكك الشيء يعني شيء موجود هنا أنت لا تملكه  هو يملكك ، هو لا يجعلك  تتحرك ،هو سيفسد عليها علاقتها مع زوجها سيهدم بيتها من أجل هذا الشيء.
   أو تصر عليه لا بد أن نشتري هذه السيارة سيارتنا صغيرة ، اشتري سيارة عائلية ، يقول لها : نحن ليس لدينا قدرة على ذلك . فتجيبه نحن لسنا أقل من الناس ، تصرف ، اقترض من أخوك ، خذ من أمك ، تكلم مع أبوك ، اصعد فوق انزل تحت المهم لابد أن تدبرالمال . هذا معناه أن شهوة الامتلاك عندها قوية  . فالزهد يعني أن يقول إن حصل من نعمة الله ، فالحمد لله رب العالمين، ما حصل فنحن بخير وعافية وهذا الشيء  الموجود عندنا يكفينا والحمدلله رب العالمين ونحن أفضل حالٍ من غيرنا هذا معناه إنسان زاهد ( فجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد) في المقابل هذي مفاتيح الخير والفضائل .
العلم ملك الغضب إماتة الشهوة الزهد في المقابل .
أمهات الرذائل:
امهات الرذائل ومفاتيح الشر عندنا الظلم.
في الحديث عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ): ( الظلم أم الرذائل )
   الظلم في المعنى السياسي ، الظلم في المعنى الاجتماعي ، الظلم في المعنى الأسري ، الظلم في الاقتصاد بينك وبين عمالك وموظفيك هذه أم الرذائل وهو الظلم .
   في موضع آخر يقول : ( رأس الرذائل الحسد )
  وقد يكون الحسد ناتج عن الظلم كما ذكرنا في حديث عن الحسد أن قسمًا من الناس يرى أن غيره ليس مستحقًا لهذا الذي هو فيه من خير فيحاول أن يزيل هذا الخير فيحسده فيما يزعم ، هذا ظلم . فهل آذاك بشيء حتى تحسده ؟! ماذا فعل لك حتى تستكثر نعمة الله عليه ؟ ! وهذا ظلم في علاقتك معه .
   وفي موضع آخر : ( الكسل والضجر مفتاح كل شر )
    فالكسل والضجر واضح مفتاح كل شر فالإنسان الذي يكسل عن أمر دنياه هو عن أمر آخرته أكسل .
ثانيًا : الكسل يضطره إلى سلسلة أمور فيجعله غير قادر على إعاشة نفسه وإعالتها فيخرب حياته الزوجية ، فالزوجة غير مستعدة أن تعيش مع إنسان كسول ينام إلى الصباح ليس لديه شغل ، فحين يعرض عليه شغل يقول : والله هذا بعيد ، يعرض عليه عمل في مكان آخر، يقول : هذا قريب لكن فيه شغل زايد . إذن المطلوب هو أن تفصلوا له الشغل على مقاسه يبدأ الساعة ١١ وينتهي الساعة الواحدة وهو جالس في البيت أيضًا وأعطوه راتب .
   الكسل مفتاح كل شر ، الكسل يعدم قيمة الإنسان ، أصلًا الإنسان خلق ليكون خليفة الله في أرضه فاعلًا، معمرًا ، ناشطًا ، حركًا ، آمرًا بالخير فاعلًا للخير ، فاذا كسل عن ذلك كأنما غاية وجوده هذه غير موجودة وأسوأ من ذلك .
الضجر للأسف  تسرب حتى لأطفالنا ، فأتعجب من بعض الأطفال الصغار عمره ٧ و ٨ سنوات يقول (ملان ، زهقان ) متى تعلمت هذا ؟! متى صار لك تفهم معنى زهقان ؟ متى عربوا لك هذه ملان وكذا ، يعني في الأخير حتى هذه العبارات يحتاج لها مدى زمني ، فالآن لو تقول إلى أحد  الأطفال استراتيجية لايفهم معناها ، يحتاج إلى مرحلة زمنية يطويها حتى يفهم  معنى استراتيجية ،هذي كلمة زهقان وملان هي من هذا النوع فمتى  تعلمتها ؟ لكن لعله من كثرة ما يسمع والده ووالدته وأخاه الأكبر وصديقه الأكبر وغير ذلك دائمًا يردد هذه الكلمات زهقان وملان علمه حالة الضجر .فحالة الضجر هي التي تنتج أنا زهقان أنا ملان أو ما  شابه فهي رأس كل شيء .
     في مقابل الزهد في الدنيا الذي جعل مفتاح باب الخيرات عندنا ، جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب ، هناك طبعًا في باب المحرمات الخمر ، جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه شرب الخمر ذاك في الأفعال والمحرمات .
     نحن حديثنا في الصفات و في الأمراض النفسية هذه أيضًا الخبائث جعلت في بيت مفتاح ذلك البيت الكذب الذي هو منطلق لكثير من الصفات السيئة .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لاجتناب الرذائل ولاسيما أمهات الرذائل وأن يعييننا على اكتساب الفضائل ولاسيما رؤوس الفضائل ومفاتيح الفضائل وأن يجنبنا كل شر ويهدينا إلى كل خير وهو على كل شيء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين. 
 

 
 

 

مرات العرض: 3397
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2567) حجم الملف: 31563.25 KB
تشغيل:

أولياء السلطان والأوقاف .. خيانة أو أمانة ؟
كيف نقضي على الحقد 32