خط الورع الحسيني وخط الفسوق الأموي 2
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 2/1/1440 هـ
تعريف:

خط الورع الحسيني وخط الفسوق الأموي

تفريغ الأفاضل علي وياسين الياسين ومهتدي البراهيم

تصحيح الفاضل كمال الدوخي

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ۝إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالـمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ﴾ [المائدة: ٩٠-٩١]

خطّان تاريخيان، الأول تتمثّل فيه معالم الفضيلة والإيمان والانتهاء عما حذر الله ونهى، بينما يتمثل في الثاني عنوان الفسوق والاقتحام وعدم التقيد بالقوانين الإلهية بل ولا بالقيم الأخلاقية. وهما خطان ممتدان ومستمران وحاضران إلى اليوم، فيمكن للإنسان في هذا الزمان أن ينتمي للخط الأول بالتزامه وأخلاقه وورعه، كما يمكن لإنسان آخر أن يصبح من الخط الأموي غير المبالي بالتشريعات.
ولعل من أبرز معالم الخط الأول -وهي كثيرة جدا- المحافظة على الصلوات والمراقبة لها، وقد تجلى ذلك واضحا في يوم عاشوراء.
وللخط الثاني أيضا سمات كثيرة لعل من أوضحها معاقرة الخمر.
تحدثنا من قبل عن الصلاة، وسيكون حديثنا الليلة عن الجهة الثانية. سنتناول الخط الأموي الفاسق ومدى إقباله على انتهاك حرمات الله عز وجل، وبالخصوص شرب الخمر.
~ شيمة الأمويين شرب الخمر

لو بدأنا برأس الدولة الأموية في زمان الإمام الحسين عليه السلام وهو يزيد بن معاوية، نجده معروفا بممارسة هذه الخطيئة، إلى الدرجة التي صرح بها هو نفسه في شعره، وأخبر عنه الإمام الحسين عليه السلام وغير الإمام. ففي الحوار الذي دار بين الوليد بن عتبة والي المدينة من قبل الأمويين وبين الإمام الحسين، قال عليه السلام: (إنا أهل بيت النبوة بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق فاجر شارب الخمور، قاتل النفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله).

ويشير بعض الباحثين في هذه الكلمة إلى ملاحظة مهمة، وهي أنه كان يكفي أن يقول الإمام (ع) بأن يزيدا فاسق، ففيها يدخل الفاجر وتارك الصلاة و..، لكنه (ع) قال رجل فاسق شارب للخمور، مع أن كل شارب للخمر فاسق.
هذا الأسلوب من ذكر الخاص بعد العام يأتي لزيادة التأكيد على هذا الخاص، فمع أن شرب الخمر داخل في الفسق إلا أنه يُراد التأكيد على اتصافه بهذه الخصلة السيئة.
وعبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، الذي بدأ الثورة المدنية على بني أمية بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام يقول: (جئتكم من عند رجل لو لم أجد ألا بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم). وقال أبناؤه: (قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويضرب بالطنابير ويعزف عنده القيان ويلعب بالكلاب ويسمر عنده الخراب والفتيان وإنا نشهدكم أنا خلعناه).
هكذا كان حال رأس الدولة، وكذلك حال الطبقة الثانية من ولاته وعمّاله. فعبيد الله بن زياد، الوالي على العراقَين: البصرة أولا، ثم الكوفة، كان جليس يزيد ونديمه في شرب الخمر. تشهد بذلك قصيدة ليزيد يقول فيها: اسقني شربة تروي مشاشي * ثم مِلْ فَاسْقِ مِثلَها ابن زياد / صاحب السر والأمانة عندي * ولتسديد مغنمي وجهادي.
وحيننأتي إلى الطبقة الأدنى من ذلك، طبقة القادة العسكريين في كربلاء: الحصين بن نمير السَّكوني، وهو قائد فرقة عسكرية في الجيش الأموي، وشارك فيما بعد في اقتحام مكة المكرمة وقصفها بالمنجنيق واقتحام المدينة المنورة عندما ذهب إليها مسلم بن عقبة المري.
في كربلاء طلب الإمام الحسين من حبيب أن يبلغهم بالتوقف عن القتال لأداء الصلاة، فقال الحصين بن نمير للإمام: صل ما شئت فإن صلاتك لا تقبل، فرد عليه حبيب: لا تقبل صلاة ابن رسول الله وتقبل صلاتك يا خمّار. بعض السير التاريخية نقلت "يا حمار"، وهذا تصحيف، بل لا معنى له أصلا، فلا مناسبة بين الاثنين. لكن وصف خمّار لا يجتمع مع قبول الصلاة في ذهنية المسلم.
إذن فجهاز الحكم الأموي بكل مستوياته كان في إطار الفسوق والعصيان وشرب الخمر.
~ الخمر أخطر من المخدرات لسبب
إن عموم المسكرات من خمور ومخدرات وغيرها كلها محرّم شرعا، وأثارها مدمرة صحيا واجتماعيا. لكننا نتحدث عن هذا الموضوع بالخصوص لأن شرب الخمر خطورته تفوق خطورة تعاطي المخدرات من إحدى النواحي، وهي مقبوليته الاجتماعية النسبية قياسا للمخدرات. فالمخدرات يحاربها الجميع، ولا نجد أحدا يقبل بأن يقال عنه متعاطي مخدرات. أما معاقرة الخمر فقد صارت علامة تقدّم وجزءا من (البرستيج). صار من الطبيعي أن يقدم المشروب المسكر في بعض المجالس، خصوصا في بعض الطبقات التي تدعي التقدمية والثقافة والثراء (والبرستيج) الاجتماعي، وإذا استنكر أحد يقال له لا تشرب، ولا شأن لك بغيرك. لقد صار هذا السلوك لا يعاب، ولا يأنف البعض من التجاهر به حتى في صفوف النساء. وإذا ذهب طالب في بعثة دراسية ولم يشارك الخاطئين في شرب الخمر يقال له )أنت بعدك على زمان جدتي(.
أحد المعاهد المهتمة بالإحصاء نشرت تقريرا بأن إحدى البلاد المسلمة التي تمنع فيها الخمور رسميا ويُجرّم من يشربها أو يتاجر بها؛ هذه الدولة تقع في المرتبة الـ16 في استهلاك المسكرات بحسب الترتيب العالمي. والمرتبة 18 يحتلها بلد مسلم آخر.
إننا نتحدث عن هذا الموضوع على سبيل التحذير، ونأمل من كل مستمع أن ينقل هذا الكلام، لنكون ناهين عن هذا المنكر قدر استطاعتنا.
~ تبرير اللجوء للمسكر
أغلب المبتلين بتعاطي الخمر يلقون باللوم على صعوبات الحياة والضغوط الاقتصادية والأوضاع السياسية والمشاكل الأسرية.. ويقولون إنهم يلجؤون إلى المسكر لينسيهم.
طبعا هذا الكلام لا أصل له. لأن حجة أن الخمر ينسي يمكن تطبيقها على سائر المحرمات، فيقال إن الجنس ينسي الهموم فنلجأ للزنا، والحصول على الأموال ينهي المشاكل الاقتصادية فنلجأ للسرقة، فهل هذا الكلام مقبول؟ إن مشاكل الحياة لا تنتهي بالهروب منها ونسيانها، بل بالتركيز على حلها، وهذا يستدعي عقلا حاضرا وصافيا لا غائبا.
ومن التبريرات الغريبة لارتكاب المحرمات قولهم: إن شارب الخمر في بيته أو في مزرعته لا يعتدي على أحد، وأنه أفضل من ذلك المتدين الذي لا يشرب المسكر لكنه يؤذي الناس ويعتدي عليهم.
وكأن الإنسان إما أن يكون عاصيا ومسالما وإما أن يكون متدينا ومؤذيا! ولا يوجد خيار ثالث أفضل منهما وهو أن يكون متدينا محسنا، يخدم مجتمعه ويراعي حرمة جاره ويرحم من حوله. هذا أولا، وثانيا أنه غير صحيح أن المذنب بشرب الخمر لا يعتدي على أحد، بل هو معتد على أعظم أحد (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، إن ارتكاب ما نهى الله عنه هو محاربة للرب العظيم.
الأسوأ من كل هؤلاء شخص متأثر بالثقافات الأجنبية، أو قناة تديرها دولة أجنبية يقولون لك لا يوجد دليل صريح على حرمة الخمر في الإسلام! هل أنتم من يعلمنا ديننا؟ نحن نحترم التخصصات، تكلموا في نطاق خبرتكم وسنقبل منكم، لكن لا تحاولوا (بيع الماء في حارة السقائين!) أبو ذر الغفاري عندما رأى كعب الأحبار الذي دخل إلى الإسلام واليهودية مازالت في قلبه يعظ المسلمين ويعلمهم القصص اليهودية في المسجد النبوي والخليفة عثمان بن عفان يستفتيه فيفتي له غضب أبو ذر فضرب كعب الأحبار فشجّه وقال له (يا ابن اليهودية تريد أن تعلمنا ديننا؟)
~ شرب الخمر قرين الشرك
إن أكبر الكبائر في الإسلام الإشراك بالله تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ.. } [النساء:48] والشرك سماه القرآن الكريم بالرجس {.. فاْجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأًوْثَان..} [الحج:30] ونفس التعبير (الرجس) وصف به الخمر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ..} [المائدة:90].
1/ رِجْس. 2/مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان. 3/ فَاجْتَنِبُوه) هذه الأوصاف الثلاثة قوية جداً في الدلالة على التحريم ولزوم الاجتناب، فكيف يقال إنه ليس عندنا دليل؟!
هذا من ناحية الدليل القرآني، وأما الروايات فإنه قد ورد عن سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه لعن في الخمر عشرة: (عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له)، ولا نعرف غير الخمر لعن فيه عشرة أصناف ممن يتصلون به من قريب أو بعيد.
ملعون كل زارع للعنب قاصدا صناعة الخمر منه. كذلك حارس تلك الكروم وعاصرها يجري عليهم اللعن ما داموا عالمين بمآلها، واللعن جار كذلك على السائق الذي يحمل ذلك المشروب، وعلى بائعه ومشتريه وساقيه وإن لم يشربوا منه، لكنهم يأكلون من ثمنه فهم مستحقون للعن على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا لا نجده في أي محرم آخر فيما نعهد، لا في الخنزير ولا في الزنا ولا في اللواط.. فما معنى أن يقال لا يوجد دليل على حرمة الخمر في الإسلام؟!
عجيب هذا التشديد في لسان الأدلة وفي لسان الفتاوى عندنا نحن الإمامية بخصوص هذه المسألة، فعندنا يحرم الأكل على مائدة يشرب فيها الخمر، فإذا كنت مبتعثا، أو تحضر دورة من دورات العمل في الخارج، وجمعتك وجبة طعام مع أشخاص يشربون الخمر فإنه يحرم عليك أن تأكل معهم، وليس فقط ألّا تشرب معهم الخمر، بل مجرد الجلوس معهم على طاولة واحدة مع غير أن تشرب ولا تأكل لا يجوز على نحو الاحتياط الوجوبي، وهذه فتوى عند قسم من الفقهاء. ولم نر فتوى على شاكلتها تتعلق بلحم الخنزير مثلا.
تبريرات باطلة

والأعجب من هؤلاء كلهم من يرفع شعار الحرية، متأثرا بالثقافات الغربية ومصرا على تأييد القرآن الكريم لشعاره، ومستدلا بلا فهم ولا تدبر بآيات شريفة مثل: {.. فَمَنْ شاء فليؤمن ومن شاء فَلْيَكْفُرْ..} [الكهف:29] ومن قبيل قول الله تعالى {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ.. } [البقرة:256] وهذا خطأ شائع عند قسم من الناس ولا سيما بعض المثقفين إذ يرون أن حرية الإنسان فوق كل شيء. هذا خطأ فادح، فلا حرية للإنسان خارج إطار الدين وطاعة الله. من يقرأ الآية (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر) فليكمل القراءة {.. إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف:29] الآيات تريد أن تقول اكفر إن شئت لكن ليكن معلوما عندك أن نار جهنم تنتظرك أن كفرت.
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) لأنه (قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) فلا حاجة لإكراه الإنسان بعد أن تبين له حقيقة الأمرين (الرشد والغي). أما إذا اختار إسكات عقله والاستسلام لشهوته حينئذ سيتحمل مسؤولية اختياره، {.. إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا..} [الكهف:29].
~ كل الديانات السماوية تحرم الخمر
الخمر آفة كافحتها كل الديانات، لما لها من آثار مدمرة، أسريا واقتصاديا. واستحلال المنتمين إلى الديانة المسيحية للخمر إنما جاء بسبب كذبة مدونة في كتبهم المحرفة، وهي أن أول معجزة صنعها عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام بعد بعثته ودعوته الناس إلى الله، أنه أتى إلى عرس، فطلب منه الناس معجزة، فحول أقداح المياه هناك إلى نبيذ. وهذه بلا شك فرية على نبي الله عيسى (ع).
 الرجس رجس في كل الديانات السماوية، مسيحية ويهودية وإسلام، لأن أصول العقائد في الديانات السماوية واحدة، وأصول التشريعات واحدة، فغير معقول أن يكون الخمر في الإسلام حراما بينما في ديانة سماوية أخرى حلالا. لأن هدف الله من خلقة البشر واحد، فلا بد أن يكون برنامجهم في أصله واحدا أيضا. ولذلك نتعجب من بعض المسلمين كيف يقبلون بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يهدى الخمر أو تهدى إليه قبل تحريمها. هذه فرية في حق رسول الله (ص) وكذب عليه. فإذا كان بعض أهل الجاهلية من الوثنيين عبدة الأصنام حرموا على أنفسهم الخمر لما رأوه من أضرارها؛ كيف يعقل أن رسول الله (ص) الذي جعله الله نبيا وآدم بين الماء والطين لا ينزه نفسه عن الخمر.
~ هل تحريم الخمر جاء على مراحل؟
وعلى خلاف الاعتقاد العام بين المسلمين بأن تحريم الخمر تم على مراحل وبالتدريج؛ يرى بعض الباحثين أن تحريم الخمر كان صريحا وقطعيا منذ البدايات.
هل يعقل أن التدرج في التحريم استغرق 17 سنة؟ خصوصا مع وجود شواهد تاريخية تثبت خلاف ذلك، يذكر التاريخ أن الشاعر الجاهلي الأعشى خرج يريد الإسلام، ومعه قصيدة يمدح فيها رسول الله (ص) (فَلَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَاءَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُسَلِّمُ. فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الزِّنَا. فَقَالَ الأَعْشَى: وَاللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لأَمْرٌ مَا لِي فِيهِ مِنْ أرْبٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الْخَمْرَ، قَالَ الأَعْشَى: أَمَّا هَذِهِ فَوَاللَّهِ إِنَّ فِي النَّفْسِ لَعُلالاتٍ مِنْهَا، وَلَكِنِّي مُنْصَرِفٌ فَأَرْتَوِي مِنْهَا عَامِي هَذَا، ثُمَّ آتِيهِ فَأُسْلِمُ. فَانْصَرَفَ فَمَاتَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
هذا القصة حدثت قبل الهجرة النبوية، والمشرك الذي حذر الأعشى من دخول الإسلام قتِل في غزوة بدر في السنة الثانية بعد الهجرة، فكيف يقال إن تحريم الخمر تم في السنة الرابعة للهجرة.
{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [المائدة: 90-91].
تذكر الآية أن الخمر تصد عن ذكر الله، وتصد عن الصلاة، مع أن الصلاة جزء من ذكر الله، لكن القرآن خصصها للتأكيد. نحن مغروس في أذهاننا أنه ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة، لكن الإمام الصادق (ع) يفاجئنا بجوابه حين سئل: أيهما أعظم شرب الخمر أم ترك الصلاة؟ قال سلام الله عليه: شرب الخمر (يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عز وجل).
شرب الخمر يصد عن الصلاة وعن ذكر الله وعن كل القيم النبيلة. وهذا هو خط الفسوق الأموي الذي ينبغي أن يجتنبه الإنسان، ومن هنا نفهم لماذا الإمام الحسين (ع) يقول: (فَعَلى الإسلامُ السَّلام، إذا بُلِيَت الأمَّة بِراعٍ مِثل يَزيد). وحين استدعاه الوليد بن عتبة والي المدينة ونعى إليه معاوية، وعرض عليه البيعة ليزيد؛ رفض الإمام وقال: (إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرّسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتّنزيل، وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجلٌ فاسقٌ فاجرٌ، شارب الخمر، وقاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله).

مرات العرض: 3378
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2557) حجم الملف: 55517.15 KB
تشغيل:

المنبر الحسيني مساحة الدور والامكانات 1
من تاريخ التشيع  في المغرب العربي 3