من صور الاستدلال عند الإمام الجواد عليه السلام
كتابة الأخت الفاضلة زهرة اليوسف
تمهيد :
روي عن سيدنا ومولانا الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام , أنه قال عندما أخبر عن ولادة الإمام محمد الجواد عليه السلام : ( هذا المولود المبارك الذي لم يولد أعظم بركة على شيعتنا منه ) [1] وفي رواية أخرى ( هذا المولود الذي لم يولد في الاسلام مثله مولود .. ) [2] صدق الامام الرضا صلوات الله عليه , حديثنا بإذن الله تعالى يتناول بعض الجوانب من حياة تاسع أئمة أهل البيت عليه السلام .
يعتبر الإمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام من أقصر الأئمة عمرًا , فقد استشهد وعمره 25سنة , وبذلك يحق أن يُطلق عليه الامام الشاب الشهيد . ولادته كانت سنة 195هـ وشهادته سنة220 هـ تولى الامامة مبكرًا , وقد أشرنا في محاضرات سابقة أن تولي الامامة في سن مبكرة خلق سؤالا عريضًا في المجتمع الاسلامي , فصار فيما بعد إجابة قوية وواضحة من تولى الامامة من أبناءه وهو صغير السن , وبيّنا أيضًا لماذا كان ميلاد الامام الجواد أعظم بركة على الشيعة أوفي الاسلام في محاضرات سابقة .
مذهب المعتزلة والاستدلال العقلي :
الظرف الذي عاش فيه الإمام وامتدت فيه إمامته المباركة في فترة من زمان المأمون والمعتصم , حيث استشهد في زمان المعتصم مسمومًا كما هو معروف عند الامامية . عاش الامام الجواد عليه السلام في عصر ازدهار تيار المعتزلة [3] , المعتزلة الان لا وجود لهم في العالم الاسلامي الا من بضعة مفكرين أو مؤلفين , أما فيما سبق هذا التاريخ فكان العالم الاسلامي من حيث التيارات العقدية ينقسم انقسام أساسي إلى الشيعة ومدرسة الخلفاء – أُطلق عليها مدرسة أهل السنة - والتي تنقسم بدورها إلى أشاعرة ومعتزلة .
نعتقد أن المعتزلة تأثروا بالاتجاه العقلي الموجود لدى شيعة أهل البيت عليه السلام , فصار قسم من عقائدهم قريبة الى شيعة أهل البيت عليه السلام , مثلا فيما يرتبط بوجود الله عزوجل وصفاته تعالى , نجد القرب بينهم وبين الشيعة في هذا الجانب , لانهم احتكموا إلى البراهين العقلية , وتأثروا بالتوجهات الشيعية في تحكيم العقل .
مثلا إذا ورد حديث يشير إلى أن الله ينزل أو يصعد , يتحرك , يضحك , يغضب .. لا يقبلونه , لأن العقل يرفض ذلك , فهذا يعني أنه جسم وهذا لا يكون بالنسبة لله . وهذا هو نفس المنهج الذي اتبعه شيعة أهل البيت ع : أننا نجعل حكم العقل هو الحاكم خاصة في العقائد , حتى لو ورد حديث فيه كلام عن الله يستحيل أن يقبله العقل فهم لا يقبلونه . اختلف المعتزلة مع الشيعة في أمور كثيرة أخرى وقد تحدثنا سابقًا عن ملاحظات حول هذه الفئة , لكن نقطة الاشتراك واضحة بين الفئتين.
المعتزلة تعاظم دورهم في عهد المأمون والمعتصم والواثق , حتى جاء عهد المتوكل وقلب الامور , واتبع مذهب أهل الحديث في قبولهم بظاهر الاحاديث حتى لو تتعارض مع العقل ؛ كادعاء أن الله تعالى سبحانه ينزل على حمار , أو أن له شعر قطط ...ووصل الحال بأتباع هذا المذهب الى ادعاء رؤية الله سبحانه في الاخرة وحتى في الدنيا في المنام , والان السائد في العالم الاسلامي غير الشيعي هو تيار أهل الحديث , أما المعتزلة فلا وجود لهم الآن فالمتوكل قضى عليهم بشكل كامل تاريخيا, وحل في الساحة تيار الحديث بعد أن أدركوا أن التوجه العقلي في العقائد والروايات والأحاديث يحرجهم والأنسب لهم القضاء على التيار العقلي , لذلك اتجاههم الرسمي عند تعارض العقل مع النقل أنهم يقدمون النقل .
الامام الجواد عليه السلام عاش في فترة ازدهار تيار المعتزلة المدعوم من قبل الخلفاء , وقد استفاد من هذا الأمر فأوصل تعاليم أهل البيت عليه السلام عن طريق الاستدلال و التفكير العقلي وهي الركائز الموجودة آنئذ [4] وكان عليه السلام يبرهن على أحقية وصحة ما تذهب إليه الامامية من خلال الادلة والبراهين .
سنتعرض إلى نموذجين في هذه المسألة حتى نبين كيف أن الامام الجواد عليه السلام كان يخوض احتجاجات ومناظرات في العقائد وهو في سن 22 أو 23 سنة في زمان المأمون سنة 118هـ وما بعده .
النموذج الأول في مجال العقائد :
حصلت حادثة مشهورة مع القاضي يحي بن أكثم[5] - وكان رجل كبير في السن ويعتبر من علماء مدرسة الخلفاء الكبار- وقد حضر الامام عليه السلام في مجلس المأمون , وأراد ان يمتحنه , فسأله : يا بن رسول الله ما تقول في محرم قتل صيًدا , طبعًا الامام الجواد أظهر له من تفريعات الحكم ما أعجز يحيى بن أكثم عن تخيله وتصوره . والان حضّر له قضية أخرى حساسة , في مكان فيه جماعة من الفقهاء , وهي ما يرتبط بمنزلة الخلفاء , وهذا من الموضوعات التي فيها حرج لا سيما في حضور أحد الخلفاء العباسيين- والذين هم من زمن المنصور العباسي انتهجوا منهجًا عنيفًا ضد الهاشميين , وبالذات تجاه أمير المؤمنين عليه السلام , وكي يعوضوا ذلك لا بد أن يرفعوا بقية الخلفاء حتى ينزلوا من مقام الامير عليه السلام فأخذوا يرفعون من كان إلى جانبه .
يحيى بن أكثم في حضور الخليفة والفقهاء وعامة العباسيين من وزراء وأمراء , والامام الجواد في ذلك الوقت في العشرينات - يحيي بن أكثم من مواليد 60هـ يعني عمره أكثر من 70 سنة أي أن الامام الجواد عليه السلام من حيث السن بعمر أحد أولاده - فذكر يحيى بن أكثم هذه المسألة : ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي روى أنه :( نزل جبرائيل على رسول الله - صلى الله عليه واله - وقال يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك سل أبا بكر هل هو عني راض ؟ فإني عنه راض) [6] – هذا الحديث موجود في تراث المدرسة الاخرى – . لاحظ أن الامام لا يُجيب باستهزاء وسخرية ولا بأن السند ضعيف – وهذه هي النقطة المهمة التي أردت أن أشير إليها – فالجمع الحاضر ضمن أجواء المعتزلة التي تطالب بالبرهان والدليل العقلي أو المستند إلى الكتاب , أي شخص غير الإمام يستطيع القول بأن سنده ضعيف , وينهي المسألة , الامام يريد شيئا أبعد من هذا. فقال أبو جعفر عليه السلام [7]: ( لست بمنكر فضل أبي بكر, ولكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله في حجة الوداع ؛ قد كثرت عليَ الكذابة , وستكثر بعدي وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله عز وجل , قال الله تعالى :( ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب إليه من حبل الوريد( فالله عز وجل خفي عليه رضى أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سره !) في زمان النبي يقول الان كثرت عليَ ,إذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذو به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به – إذا شيء موافق للأصول القرآنية والسنة الثابتة القطعية أهلا وسهلا , وإذا لم يوافق أيا منهما فلا تأخذوا به , ما معنى أن صاحب الخبر يقول عن الله أنه يريد أن يعلم هل أبو بكر راضٍ عنه أم لا !! الله الذي يعلم ما في الصدور , وما توسوس به نفسه قبل أن يظهر في هيئة الكلام , هذا الحديث لا يتفق حسب هذه الرواية مع القرآن الكريم , ومستحيل في العقول .
هذا غير منهج صاحب كتاب ميزان الاعتدال الذي يقول هذا الخبر ضعيف وضعفه لأجل فلان .
حتى لو كان رواة هذا الحديث كلهم ثقات , نحن لا نقبل هذه الرواية لأنها مخالفة لكتاب الله . هنا يتبين أن استدلال الامام لا ينفعك فقط في هذا المكان بل أيضا في كل مكان .
ثم قال يحيى ابن أكثم : وقد روي أن مثل أبي بكر وعمر كمثل جبرائيل وميكائيل في السماء [8] فقال الإمام عليه السلام : ( وهذا أيضا يجب أن يُنظر فيه لأن جبرائيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة ). نحن ليس عندنا تهجم على هذا الشخص أو ذاك , ولكن عندنا اعتراض على هذا الحديث , من البداية قال الإمام عليه السلام أنه ليس له شأن بإنكار فضل فلان أوغيره , ولكن هذا الحديث وغيره لا بد أن يُعرض على كتاب الله وسنته , فأبي بكر وعمر كانا قبل الاسلام على غير تلك الحال فكيف يصح التشبيه بجبرائيل وميكائيل , لذلك بعض المحققين من غير أتباع مذهب أهل البيت عليه السلام لم يقبلوا هذا الحديث لجهة سنده , لكن الإمام عليه السلام يرى أننا لا نحتاج إلى هذا , بل نحتاج إلى قياس واستدلال عبر القرآن الكريم والسنة النبوية .
هذا نموذج من النماذج التي جعل الإمام عليه السلام المدار على الاستدلال في بعض القضايا العقائدية واحتكم إلى العقل , وقاس ذلك إلى أصول الاسلام إما الكتاب العزيز أو ما ثبت قطعًا بالسنة النبوية على مشرفها آلاف التحية .
النموذج الثاني في مجال الفقه :
أجرى الإمام الجواد عليه السلام نفس القاعدة , استدل نفس الاستدلال في القضية التالية - وإن كان في اعتقادنا أنه لا يحتاج أن يستدل فنحن لا نطالب الإمام بالدليل إذا جاء بحكم أو قضية , لأننا نعتقد أن منزلته في التبليغ عن الله كمنزلة رسول الله , الذي لا يسأله شخص لماذا نصلي بهذا النحو , ونحج بهذا النحو ... فلا نسأله ما دليلك على ذلك ( ما آتاكم الرسول فخذوه )[9] كذلك اعتقادنا بالنسبة إلى أئمة الهدى صلوات الله عليهم أجمعين , نعم هم أمرونا بأنهم إذا حدثونا بحديث نسألهم أين هو من كتاب الله . وهذا الأمر يستهدف عدة أغراض , إحداها هو أن يوصل لغير شيعته أن كل كلامنا مستنبط من القرآن ولا يختلف عنه , وهذا معنى حديث الثقلين ( لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)[10] لن يفترقا في التوجه والاحكام , والعقائد .
وليتعلم شيعة أهل البيت عليه السلام كيف يستنبطون من القرآن , طبعًا لن يستطيعوا الوصول إلى كل ما وصل إليه الإمام عليه السلام لكن يعلم فقهائهم والمتخصصين منهم ؛ أسلوب و طريقة الاستدلال .
النموذج الثاني ينقله العياشي[11] في كتابه في التفسير هذه الرواية عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد , أحمد بن أبي دؤاد الايادي قاضي القضاة الاكبر في زمان المعتصم , كان من خاصة المأمون ومعتزلي الهوى , شديد التعصب , وقد تورط في مطاردة أهل الحديث وكل من خالف نظرية المعتزلة , في قضية خلق القرآن وقِدَمه , وصفّاهم تصفية ؛ سجن , قتل , تشريد .. كان قاسيًا جدًا في هذا الأمر[12] , وقد دخل في معركة طاحنة مع الحنابلة الذين أصابهم الأذى الشديد بسببه , وللأسف الحنابلة نفسهم عندما انعكست الآية قاموا بنفس الأفعال التي قام بها المعتزلة في حقهم .
نحن نعتقد أن هذا المنهج خاطئ , فإذا كنت شيعيًا وغيرك غير شيعي , لماذا تضطهده ؟ وتعتدي عليه ؟ وإن كان يختلف معك في الرأي ولا يؤمن بأئمتك , والعكس أيضًا صحيح ؛ إن كنت غير شيعي وعندك سلطة , قوة , قدرة وتقوم باضطهاد من يخالفك في الرأي وتؤذيه في حياته , هذا منهج خاطئ من قِبل أهل الدين والمعرفة , فأنت ميدانك هو الكتاب والحجة والبرهان , وليس السجن والضرب والقتل والوعيد وما شابه ذلك .
أحمد ابن أبي دؤاد اختص به المعتصم في كل اموره , وبعضهم يقول : وفُتن المعتصم بابن أبي دؤاد حتى ما كان يرد له طلبًا , وكان يقول فيه : هذا الذي يُتزين بمثله ويُبتهج بقربه , ويُعد به ألوف من جنسه .
ينقل العياشي بسنده عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد : أن القاضي ابن أبي دؤاد رجع في يوم من الأيام وهو مغتما شديد الغم , فسألته عما به , فأورد حادثة كان قد حضرها الإمام الجواد عليه السلام : كان المعتصم جالسا بحضور الامام الجواد عليه السلام وكان مجموعة من القضاة جالسون منهم القاضي ابن أبي دؤاد – كان عمر الامام الجواد ع في حدود 25 سنة- فقال أن سارقًا أقرّ على نفسه بالسرقة , وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه , فجمع المعتصم لذلك الفقهاء , وسألناعن القطع في أي موضع يجب ؟ - معروف أن السارق تقطع يده كما في قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )[13] فالاختلاف في موضع القطع هل هو من الكتف أومن المرفق او من الكرسوع[14] أو الأصابع , لأنها كلها تسمى يد , نقول للإنسان يدان ورجلان , وفي الاية ( فاغسلوا أيديكم إلى المرافق ) , أو من الكرسوع تقول : ضربته بيدي , أو الأصابع عندما نقول كتبت بيدي . فسأل المعتصم من أين نقطع هذه اليد ؟ فقلت : من الكرسوع . قال المعتصم : لماذا ؟ قلت : لقول الله تعالى في التيمم : (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) [15] وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق لآية الوضوء . قال المعتصم : وما الدليل على ذلك ؟ قالوا : لأن الله يقول :(وأيديكم إلى المرافق ) [16] فالتفت المعتصم إلى محمد بن علي الجواد عليه السلام فقال : ما تقول يا أبا جعفر ؟ فقال الإمام عليه السلام : قد تكلم القوم فيه. قال المعتصم : دعني مما تكلموا به . الإمام : أعفني يا أمير المؤمنين . المعتصم : أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك . الامام عليه السلام : أما إذا أقسمت عليّ بالله فإني أقول لك أنهم قد أخطأوا فيه السنة , فإن القطع يجب أن يكون من مفصل الأصابع . المعتصم : لم ؟ الإمام الجواد عليه السلام : لقول رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم ( السجود على سبعة أعضاء على الوجه واليدين والركبتين والقدمين ) فإذا قطعت يده من الكرسوع , أو من المرفق كيف يسجد ؟ وقال الله تبارك وتعالى : ( وان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا )[17], وما كان لله لم يُقطع . فأعجب المعتصم بذلك وأمر أن تُقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف . المساجد لها عدة تفسيرات أحدها ما تسجد عليه ومنها اليدين - لاحظوا أن الامام عليه السلام مع أن أولئك جاء كل منهم بشاهد على كلامه , لكن الامام عليه السلام جاء بآية قرآنية وحديث عن رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم - , لمّا قال : ( ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته , وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله)[18] وهذا الامر هو الذي صدق به حتى المعتصم , مع أن المعتصم المفروض يقبل كلام قاضيه الذي فُتن به و جعله لا يعادله ألوف من جنسه .
تتمة الرواية ؛ أن ابن أبي دؤاد رجع مغتما شديد الغم , بعد ذلك أخبر صاحبه زرقان : أني عازم على شيء واخشى أن يكون فيه ديني , سوف أقول للمعتصم أن هذا الذي قبلته من محمد بن علي الجواد ليس في مصلحتك وعليك أن تتخلص منه – نعوذ بالله من الحسد والمنافسة غير الشريفة التي تجر الانسان أحيانا الى أن يخسر دينه وأحيانا دنياه, أنا وأنت مهددون بهذا فأحسد زميلي في العمل فأكذب عليه إلى ان أقطع رزقه , أو أحسد رفيقي في شيء ما إلى ان أبعده , أنا العالم ممكن أن أتكلم عن فلان حتى الناس ينفضون عنه ويأتون إلي , هذا التحاسد موجود لا سيما من أصحاب المهنة الواحدة , أنا العالم لن أحسد التاجر , لكن ممكن أن أحسد عالم مثلي , أنا الخطيب لن أحسد الفقيه لكن من الممكن أن أحسد خطيبا مثلي , العامل والميكانيكي لن يحسد طالب العلم ولكن ممكن يحسد صاحب الدكان الذي بجانبه ويشوه سمعته , فيخسر الانسان فلا يكون في رزقه بركة وتفسد أخلاقه فينتهي به الامر يصلى نار جهنم والعياذ بالله .
كان بيد ابن أبي دؤاد كان كل شيء , والامام الجواد انما وضّح الحكم فقط , الامام رفض في البداية أن يجيب , وبعد أن أقسم عليه المعتصم قام بذلك , هذا الرجل ذهب صبيحة اليوم التالي إلى المعتصم , وقال له أنا لي عندك نصيحة وأريد أن اقولها لك على انفراد , ولما انفرد به قال له أنك بالأمس عندما قدمت كلام محمد بن علي الجواد على كلام غيره , لا تأمن أن يفتتن به الناس فيزول عنك ملكك . وسيقولون : مع أن كل الفقهاء والعلماء كبار السن جالسون وهذا محمد الجواد ابن رسول الله شاب صغير السن , أجاب بجواب قدمه الخليفة على أجوبة الاخرين فسيقولون هذا أولى بالخلافة منك ومن آباءك .
ضرب على الوتر الحساس وهو تهديد الخلافة – فرأيي أن تتخلص منه , وافقت نصيحة ابن أبي دؤاد هوىً في نفس المعتصم العباسي فهؤلاء قتلوا الامام الرضا عليه السلام على يد المأمون , وقبله هارون الذي قتل الامام الكاظم ( ع) وهذا الدم الذي يجري في عروقهم من عدائهم لأهل البيت عليه السلام يجري في عروق المعتصم , فعزم على أن يتخلص من الامام الجواد عليه السلام عن طريق ابنة اخيه أم الفضل وهي إحدى زوجات الامام الجواد عليه السلام .
[1] الكليني في الكافي بسنده الى أبي يحي الصنعاني .
[2] المصدر السابق بسنده عن الامام الرضا (ع)
[3] المعتزلة : فرقة كلامية ظهرت في أواخر العصر الاموي وازدهرت في العصر العباسي .
[4] وقبله أبوه الامام الرضا (ع) الذي كانت في زمنه مناظرات واحتجاجات وقسم كبير منها يدور على اساس الاستدلال , إما استدلال بالعقل أو استدلال بروايات اخرى ثابتة .
[5] قاضي القضاة الأكبر في عهد هارون والمأمون , وشطرا من عهد المعتصم .
[6] هذا الخبر موجود في حلية الأولياء , تاريخ دمشق . بعضهم مثل الذهبي في ميزان الاعتدال قال هو كذب , وبعضهم كابن حبان قال ضعيف
[7] هذه الرواية ينقلها الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج .
[8] هذا المعنى موجود في كتاب السنة , تاريخ دمشق, حلية الاولياء , وبعضهم يستدل به .
[9] سورة الحشر آية 7
[10] ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج1 حديث73
[11] محمد بن مسعود العياشي أحد علمائنا الكبار من سمرقند – كان في أول أمره على غير مذهب أهل البيت ع وبعد التأمل والنظر توجه إلى مذهب أهل البيت ع وأصبح أحد أعلام علماء الشيعة وله كتب كثيرة , وتفسير مشهور , ويقول عنه أحد علمائنا وهو الشيخ النجاشي (رض) : هو ثقة صدوق, عين من عيون الطائفة , وكان اول أمره عامي المذهب , وسمع حديث العامة فأكثر منه ثم تبصر وهو حديث السن ثم أصبحت داره مرتعا للشيعة واهل العلم ..
[12] هذا أمر مستغرب من فقيه عالم !! فالحاكم لا يعرف إلا السيف , أما الفقيه المتكلم المنشغل بالأحكام ما دخله بالقتل والسجن !!
[13] سورة المائدة آية 38
[14] الكرسوع : طرف الزند الذي يلي الخنصر وهو الناتئ عند الرسغ.
[15] سورة المائدة آية 6
[16] المصدر السابق
[17] سورة الجن آية 18
[18] مستدرك الوسائل ج17 ص304 |
