أقسام الصيام ومشروعية الاعتكاف 17
التاريخ: 17/9/1439 هـ
تعريف:

اقسام الصيام ومشروعية الاعتكاف

كتابة الأخ الفاضل ايثار نصير/ العراق

روى الشيخ الكليني : عن "علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) قال : قال لي يوما : يا زهري من أين جئت ؟ فقلت : من المسجد ، قال : فيم كنتم ؟ قلت : تذاكرنا أمر الصوم فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان فقال : يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام وأربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر..."([1])

الحديث يتناول اقسام الصيام الاربعة : الواجب والمستحب والمكروه والحرام ، وفي ضمن هذا البحث سيكون التطرق الى مشروعية الاعتكاف باعتبار انه لابد ان يكون فيه صوم فلا يصح الاعتكاف بدون الصيام .

وقبل الشروع باقسام الصيام نتوقف قليلاً عند الشخصية التي وردت عنها الرواية وهو الزهري([2]) (محمد بن مسلم بن شهاب الزهري) وهو ليس من فقهاء الامامية وانما هو من فقهاء وعلماء مدرسة الخلفاء ولكنه كان كثير التردد على الامام زين العابدين "عليه السلام" كان كثير الزياره له والاخذ عنه والاستنصاح بنصائحه والاستفادة من علومه .

اما بالنسبة الى وثاقته فقد اختلفوا فيها ، وندع حديث الوثاقة الى المختصين بذلك .

اما بالنسبة لجواب الزهري عندما سأله الامام " عليه السلام" ( يا زهري من أين جئت ؟ فقلت : من المسجد ) فعندما يقول المسجد ينصرف الذهن الى مسجد رسول الله "صلى الله عليه واله وسلم " باعتبار ان الزهري سكن المدينة المنورة والامام السجاد "عليه السلام " كذلك .

وفحوى جواب الامام "عليه السلام " على كلام الزهري الذي اجتمع عليه هو واصحابه واضحة .

ولكن يوجد تعجب هل كان الزهري عندما اقبل على الامام "عليه السلام " في اول مراحل طلبه للعلم او لا ، لان في القرآن الكريم ذُكر اكثر من مورد من موارد وجوب الصوم فكيف لم يلتفت اليها الزهري اذا كان في مرحلة متقدمة من العلم . على كل حال ...  ان جواب الامام "عليه السلام " جاء بانه ليس الامر كما ظننتم ، والصوم على اربعين وجهاً والامام "عليه السلام " عندما يفصّل اقسام الصوم يورد سبعة وثلاثين مورداً وهذا شيء طبيعي ان الرقم الذي ذكره "عليه السلام " هو رقم تقريبي ، ويقسَّم الصوم الى :

واجب

مستحب

مكروه

محرم

وسنتعرض بشكل غير مفصل ، الى هذه الاقسام ونبدأ من القسم الاقل انواعاً:

الاول : الصوم المحرم :

في رواية الامام مذكور انواع من الصيام المحرم ، نستعرضها بقسمين :

القسم الاول : قليل الابتلاء :

صوم الصمت فهو موجود بحسب بعض الاثار وبحسب اشارة القرآن عند بني اسرائيل " انِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا"([3]) وقضية زكريا "عليه السلام " " آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا"([4]) وعندنا في الشريعة الاسلامية هذا النوع من الصوم غير مشرَّع .

مثلا اذا الانسان قرر مع نفسه ان لايتكلم فلا اشكال في ذلك ولكن اذا قال : الله امرني بهذا وهو واجب علي فهذا نوع من التشريع والابتداع في الدين فيأتي الردع في قوله تعالى : " قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ"([5]) . فعمله بعنوان انه عباده تشريع محرم .

صوم الوصال ان يواصل الليل بالنهار والمفروض ان الصوم ينتهي الى الليل " أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ "([6]) بمجرد ان حصل الليل انتهى الصوم ، فاذا قال انسان انه مشروع واواصل صومي فهذا يعني تشريع بخلاف ما اراده الله .

صوم الدهر ايضا ورد في ذكر حديث الامام "عليه السلام" .

القسم الثاني : ما يكثر به الابتلاء:

صوم العيدين عيد الاضحى وعيد الفطر هذا محرم ، وهو مورد ابتلاء مثلا اذا أُختلف في رؤية الهلال ، او ان شخصاً رأى الهلال لكنه غير متأكد فهذه من المسائل الابتلائية فتوجد معالجات لمثل هذه الامور مثلا يستصحب بقاء الشهر لقوله تعالى : " وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ "([7]) والبعض يتخلص بالسفر والافطار. وكذا الحال بالنسبة لصوم يوم عيد الاضحى فهو غير جائز ايضاً.

ومن ذلك صوم ايام التشريق لمن كان في منى لمن ذهب الى الحج وايام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ويكون محلها بعد الهدي، سُمِّيت ايام التشريق وذلك لانه في القديم كانوا يقطعون لحم الهدي ويشرقونه على الحبال لكي يحتفظون به لمدة اطول ، فمن كان في منى فانه لايجوز له صيام هذه الايام فهي بالنسبة له كايام العيد .

الصوم في السفر وعند المرض " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ "([8]) وهذا معناه انه لايُشرَّع له الصيام وصومه باطل ، والدليل على عدم صحة صوم المسافر قوله تعالى " فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"([9]) ، والدليل على عدم صحة صوم المريض قوله تعالى : " وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"([10])

صوم المرأة بدون اذن زوجها غير جائز مع سعة الوقت وحاجته الى ذلك

فهذه جملة من الموارد التي ذكرت في الشريعة ان الصوم فيها محرم

 

الثاني : الصوم المكروه :

هناك انواع من الصيام فيها كراهة وليس فيها حرمه كما ورد ذكرها في كلام الامام زين العابدين "عليه السلام" والتي افتى الفقهاء فيها بعد ذلك ، من هذه الموارد :

صوم الضيف بغير اذن مضيِّفه ، طبعاً في الايام العادية التي ليست من ايام شهر رمضان مثلا ، لأن المطلوب من المضيف هو حسن الضيافة ، طبعا مالم يكن الصوم بنذر او الصوم المضيق .

وعندما يقال صوم فيه كراهه يعني قلة الثواب وليس المقصود الحث على تركه ، وهذا هو رأي المشهور في الامور العبادية ، مثلا المرأة الحائض والنفساء ذكر الفقهاء انها يكره لها ان تقرأ القرآن خصوصاً ما زاد على سبعين آية ، ولكن المرأة اذا كانت معتادة انها تقرأ في كل يوم جزءًا ، فلا تتركه ، فالكراهه ليست بمعنى ان تركه افضل واحسن ، بل يكون اقل اجراً (ثواباً) فاذا قلنا ان الضيف يكره له الصيام بدون اذن مضيفه بمعنى ان ثوابه اقل مما لوكان صومه بأذن المضيف .

يكره صوم المرأة بدون اذن زوجها مع عدم نهيه هذا ايضا فيه كراهه بهذا المعنى اما بعد الاستئذان فتزول الكراهه

 

الثالث : الصوم المستحب :

وبابها ماشاء الله واسع فكل يوم من ايام السنة ماعدا ما ذُكر من ايام الصوم المحرم وما ذكر من حالات الصوم المكروه وباستثناء الصوم الواجب فكل هذه الايام يُسن فيها استحباب الصوم.

فضلا عن ان بعض الايام قد خُصت باستحباب الصيام فيها ، مثل ايام الاثنين وايام الخميس من كل اسبوع ، وكذلك الايام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر يستحب صومها ، وكذلك ايام شعبان كلها مستحب الصيام فيها ، وكذلك اليوم الاول من رجب والنصف منه واخره ويوم السابع والعشرين منه يوم المبعث ، وكتب الادعية لاسيما مفاتيح الجنان تكفلت ببيان الايام التي يستحب الصوم فيها .

 

الرابع : الصوم الواجب :

صوم شهر رمضان " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"([11]).

الصوم بدل الهدي لمن حج حج التمتع ولم يجد ثمن الهدي ، وهو للبعيدين عن مكه فان الفرض والواجب عليهم هو حج التمتع وهو افضل انواع الحج وفيه فضل كبير جدا ، وهذا الحج لابد فيه من الهدي وهو الذبح في يوم العاشر من ذي الحجة ... اما الذي لايتمكن فقد ذكر القرآن الكريم طريقة لذلك " فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"([12]) عشرة ايام يصومها الانسان ..

مناقشة: ولابد من الاشارة الى ان هناك من قال من المسلمين!! ان القرآن لايوجد فيه بلاغة ولايوجد فيه معاني قوية ، واستدلوا بهذه الاية المباركة فقالوا : لانه يقول ثلاثة في الحج وسبعة .... فهل يوجد شخص لايعرف ان سبعة زائد ثلاثة يساوي عشرة

ونقول : نعم الكل يعلم ان سبعة زائد ثلاثة فهي عشرة .. الواو في هذه الاية المباركة (وسبعة) ارجعوا الى كتاب القاموس المحيط للفيروز ابادي يورد سبعة وعشرين معنى للواو ، فاي معنى تحمله .   

واحد من معانيها انها بمعنى (او) وهو مستخدم في اللغة العربية وفي المخاطبة بشكل كبير جدا ، مثلا اذا قلت : الكلمة اسم وفعل وحرف ، يعني الكلمة اسم او فعل او حرف فلا يصح ان تكون الكلمة هي اسم وفعل وحرف في نفس الوقت ، كذلك لو قلت البشر رجل وامرأة ، فالمقصود هنا البشر اما رجل او امرأة ، وهذا مستخدم كثير جدا في اللغة العربية اذا كان مستخدم كثير فيأتي الاحتمال هنا في الاية فيكون ثلاثة في الحج او سبعة اذا رجعتم ، ولكن القرآن قال تلك عشرة كاملة ، وذلك لكي ينفي هذا الاحتمال لكي لايتبادر الى اذهان الفقهاء مثلا عندما يريدوا ان يفسروا الاية ، اما لماذا قال: (كاملة) وهو يستطيع ان يستغني عن لفظة (كامله) لكي يرفع ما هو في ذهن بعض الناس من ان البدل لايساوي المبدل ، فالله تبارك وتعالى يريد ان يقول ان هذا البدل كامل ، اي ان هذا الصيام ليس ناقص عن الهدي بل بالعكس تلك عشرة كاملة وافيه للهدي الذي لم تستطع توفيره . فهذا الكلام اين واين كلام صاحب الاشكال ! فتأمل .

فعلى الذين يوجد في اذهانهم اشكال او فكرة عليهم ان يتأنوا ويتفكروا ويراجعوا قبل الهجوم بالاشكال فهذا خلاف الحكمه .

صوم الكفارات صوم الافطار المتعمد ، صوم القتل الخطأ والعمد ، وهذا حق الله عز وجل ليغفر الذنب في قتل الخطأ فاعطاء الديه هو حق الناس لكي يخلص نفسه اما حق الله فانه يحتاج الى تكفير ، واما اذا كان قتلا عمديا عليه ان يجمع في الكفارات ، كذلك كفارة الظهار وكذلك كفارة النذر واخويه العهد واليمين ، فكل نوع من هذه الكفارات يوجد فيه صوم حسب نوع الكفارة ستين يوماً او ثلاثة ايام ...

صوم الاستيجار (شخص يستأجر شخص لكي يصوم عن المتوفى عنده والده او والدته)

صوم الاعتكاف ثلاثة ايام لان الصوم جزء من الاعتكاف.

صوم الولد الاكبر عن والده لان والده ، اذا لم يستطع الصيام لظرف معين اي لا عن عمد ، ولم يستطع الوالد ان يقضيه فمات ، فهنا يجب على الولد الاكبر ان يقضي عن والده او يستأجر من يقضي عنه . لان الولد الاكبر له ميزة ان يعطى الحبوة من الميراث وايضا عليه مسؤولية منها ان يصوم هو بنفسه او يستأجر من يقضي عن والده.

تشريع الاعتكاف

الاعتكاف ذكر في القرآن الكريم في موارد متعددة منها في قضية ابراهيم واسماعيل عليهم السلام " َعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود"([13]) العاكفون هنا فُسِّر بالمعتكفين .

في اية اخرى توجد اشارة له ، اختلف التفسير فيها " سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ "([14]) ، اختلفوا هل المراد منها الاعتكاف ام لا .

كذلك في اية الصيام قال تعالى : " وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ " ([15])

اما اذا رجعنا الى السنة النبوية الشريفة فقد نُقل في حديث للامام الصادق "عليه السلام" وفي مصادر العامة ان النبي محمد "صلى الله عليه واله وسلم" قد اعتكف في شهر رمضان في العشرة الاولى في سنة ، ثم اعتكف في اخرى في العشرة الثانية ، ثم اعتكف في ثالثة في العشرة الثالثة من شهر رمضان ، ثم لم يزل يعتكف في العشرة الاخيرة من شهر رمضان .

ولعل ذلك لاجل بيان ان الاعتكاف في اي يوم من شهر رمضان مستحب وراجح وسائغ لكن هو اختص بالعشرة الاخيرة ، وفُهِم منها افضلية الاعتكاف في العشرة الاخيرة.

الاعتكاف من العبادات المستحبة التي تجمع في داخلها وفي ذاتها عدة عبادات:

منها : يحرم عليه ما يحرم على الصائم : لانه يجب عليه ان يصوم اقل شيء ثلاثة ايام في الاعتكاف فتشمله المحرمات التي تحرم على الصائم في غيره.

ومنها : يحرم عليه بعض ما يحرم على المحرم للحج : فيحرم على المعتكف ان يشم الطيب والريحان ، ويحرم عليه اي انواع الممارسة الجنسية حتى مثل التقبيل ، في حين ان الصائم لايحرم عليه في النهار فضلا عن الليل " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ "([16]) بينما المعتكف لا في النهار ولا في الليل لابحدود الممارسة الكاملة ولابحدود المقدمات وهذا من اثار وتروكات الاحرام جئنا بها الى الاعتكاف .

ومنها : ما هو خاص بالاعتكاف : وهو شيء اضافي لاهو موجود في الصيام ولا في الاحرام وهو انه لايجوز للمعتكف ممارسة التجارة كانما يراد له ان ينفصل عن الهم الدنيوي.

وكذلك ان المسجد يكون مسكنه ، في حين ان المحرم يستطيع ان يطوف مثلا ثم يذهب الى المكان الذي يأوي فيه ، والصائم كما نعلم يمارس حركته بشكل طبيعي ، لكن في الاعتكاف يجب ان يبقى اربعة وعشرين ساعة في المسجد اما المسجد الحرام او المسجد النبوي او مسجد الكوفة او مسجد البصرة وقد عمم فقهائنا المعاصرين امر الاعتكاف الى المسجد الجامع في البلد وهو المسجد الابرز في البلد طبعاً.

ويكون الاثر الذي يترتب على الانسان عندما يكون في هذا المسجد باجوائه الروحيه باجوائه المعنوية ليلا ونهارا منقطع عن القضايا الدنيوية لابيع ولاتجارة ...الخ واضحٌ ، يصفّي نفسه في هذه الايام. فالاعتكاف: اعتكف اي لازم شيئا مع التوجه الكامل اليه ، (لغة : من اعتكف يعتكف اعتكافا ، والأصل : عكف ، يقال : عكف ، يعكف : ويعكف ، عكوفا ، وذلك إقبالك على الشيء لا تنصرف عنه )([17]) .

لذا ورد في الدعاء : " وعليك يا واحدي عكفت همتي "([18]) ، فهذا من افضل الدورات التربوية للانسان التي ينبغي ان يقوم بها والحمد لله حصلت في السنوات الاخيرة في بلداننا لاسيما في شهر رجب توجه المؤمنين نحو سنة الاعتكاف فعلى المؤمنين ان يجربوا هذه السنة المباركة وكذلك المؤمنات لكي يستشعروا لذة هذه الطاعة بل هو مما كان يطلبه ائمة الهدى فمع شدة اخلاصهم لله وتفرغهم له مع ذلك كانوا يطلبون من الله تعالى ان يتفرغوا لعبادته اكثر فاكثر هذا ما يقوله مولانا الامام موسى بن جعفر "عليه السلام" عندما اخذ الى السجن يقول : " اللهم إني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت فلك الحمد "([19]).

في حين ان بعضنا لو أُخذ الى السجن تسوّد الدنيا بعينه . فالامام استقبل السجن بهذه الروحية وحوّله الى معتكف عبادي ، صاحب السجدة الطويلة صاحب الدموع الغزيرة كما ورد في زيارته "عليه السلام" حتى عندما ارسلوا له جارية لكي تغيره لكنها تكهربت بروحانية الامام "عليه السلام " وعكوفه على عبادة خالقه. السجان يقول : لقد صارت من العبادة الى امر عظيم . والحمد لله رب العالمين .

 

([1]) الكافي ، الشيخ الكليني ، الجزء : 4 ، الوفاة : 329 ، تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري ، الطبعة : الثالثة ، سنة الطبع : 1367 ش ، المطبعة : حيدري ، الناشر : دار الكتب الإسلامية – طهران : 4/83-84.

([2]) بضم الزاي وسكون الهاء نسبة إلى زهرة أحد أجداده واسمه محمد بن مسلم بن عبيد الله ابن عبد الله بن حارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب وهو من علماء المخالفين وكان له رجوع إلى سيد الساجدين . ( آت ) أقول : لنا تحقيق حول الرجل ومبلغه عند العامة في كتاب تحف العقول

ص 274 فليراجع . (نقلاً عن الكافي 4/84).

([3]) مريم:26.

([4]) مريم : 10.

([5]) يونس : 59.

([6]) البقرة : 187.

([7]) البقرة : 185.

([8]) البقرة : 184.

([9]) البقرة :185.

([10]) البقرة :185.

([11]) البقرة :183.

([12]) البقرة :169.

([13]) البقرة :125.

([14]) الحج: 25.

([15]) البقرة :187.

([16]) البقرة :187.

([17]) معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية ، محمود عبد الرحمن عبد المنعم ، الناشر : دار الفضيلة :1/229.

([18]) الصحيفة السجادية ، الإمام زين العابدين ( ع ) ، ت: 94 ، تحقيق : السيد محمد باقر الموحد الابطحي الإصفهاني ، ط1 ، سنة الطبع : 25 محرم الحرام 1411 ، المطبعة : نمونه – قم ، الناشر : مؤسسة الإمام المهدي (ع) / مؤسسة الأنصاريان للطباعة والنشر - قم – ايران : 227.

([19]) قادتنا كيف نعرفهم ؟ ، السيد محمد هادي الميلاني ، ت : 1395 ، تحقيق : تحقيق وتعليق : السيد محمد علي الميلاني - مشهد المقدسة / مراجعة وإشراف : السيد علي الحسينى الميلاني - قم المقدسة ، الطبعة : المنقحة الأولى ، سنة الطبع : 1426 ، المطبعة : شريعت – قم :4/141.

مرات العرض: 3391
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2564) حجم الملف: 58122.66 KB
تشغيل:

مشروعية صوم عاشوراء ..تاريخ ومناقشة 16
حج الأنبياء وتاريخ الكعبة المشرفة 18