كرم الامام الحسن في أبعاده المختلفة 15
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 15/9/1439 هـ
تعريف:

كرم الإمام الحسن عليه السلام في أبعاده المتعددة

تفريغ الفاضلة فاطمة الخويلدي

  سوف نتحدث هذه الليلة عن شيئ من سيرة هذا الإمام العظيم  تبركاً  وتوسلًا به وطلباً للأجر  والمعرفة  وأيضاً سعياً وراء الإقتداء  به

الإمام أبو محمد  الحسن إبن علي كانت ولادته في السنة الثالثة للهجرة  في الخامس عشر من شهر رمضان وذلك بعد أن زفت سيدتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها إلى الإمام  أمير المؤمنين في شهر  ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة  كان بعد نحو من تسعة أشهر تزيد قليلاً  أن أطل نور أبي محمد الحسن سلام الله عليه   واستمرت حياته المباركة إلى سنة خمسين للهجرة  حيث غادر هذه الدنيا شهيداً بسمٍ دسه معاوية إبن أبي سفيان  عن طريق جعدة بنت الأشعث على ما هو المشهور والمعروف  في السير التاريخية وبهذا يكون عمر الإمام المجتبى  عليه السلام نحواً من سبعة وأربعين سنة  وهي فترة عمر بالقياس إلى مدتها تعتبر قصيرة

 ويعد الإمام الحسن عليه السلام بهذا من الأئمة الذين كان عمرهم  قصيراً بالنسبة إلى من سواه  من المعصومين عليهم السلام  ولكن هذه الفترة من العمر القصير شهدت فضائل  لا عد لها ولا حصر  واحتضنت من الصفات المثالية  ما لا يقاس به غيره  ولهذا كان سيد شباب أهل الجنة  مع أخيه الحسين عليهما السلام وهذا الحديث الذي ينقل في مصادر المسلمين جميعاً  ومن كل الفرق نقل بصورٍ مختلفة وهذا يشير إلى  أن مناسبات متعددة  بين فيها رسول الله صلى الله عليه وآله هذا المعنى  فقد ذكر غيره واحد من المؤلفين والمصنفين من إتباع  مدرسة الخلفاء ان النبي صلى الله عليه وآله  في أكثر من موضع كان يدخل على جمعٍ من المسلمين  مستبشراً مبتسماً فرحاً  فيسأل عن ذلك فيقول الآن  الساعة

( بشرني جبرائيل  عن ربه  بأن الحسن والحسين  سيدا شباب أهل الجنة ) هذه بشارة هذه مناسبة فرح  يأتي بها جبرائيل من السماء لأن معنى سيدا شباب أهل الجنة من المعاني  العميقة التي تحتاج إلى كثيرٍ من التأمل تحتاج إلى  كثيرٍ من الملاحظة لكي يستنتج الإنسان منها  في العقائد افكاراً كثيرة هذا كله وهو من أبناء السبعة والأربعين سنة  وفي هذه الفترة تمكن من أن يسجل سيرة أفضل أهل  الجنة إلا من أستثني كارسول الله وأمير المؤمنين  صلوات الله وسلامه عليهما  صفات الإمام الحسن التي يتحدثون عنها صفاتٍ كثيرة ولكن أشهرها   وأوضها وابرزها كانت صفة كرمه   ونحن هنا سوف نتناول هذه الصفة من أبعادها الثلاثة ونشير إلى الجانب الإجتماعي  فيها مستفيدين في كونها الصفة الأبرز في  حياة  الإمام سلام الله عليه بالرغم من أن سائر الأئمة كانوا أسخياء  كانوا كرماء إلا ان ظروفاً معينة جعلت  الإمام الحسن تبرز منه هذه الصفة وتتجلى على  سائر الصفات مثلما ان ظروفاً معينة جعلت  صفة إباء الظيم ورفض الظلم  ومقاومة الباطل  هي الصفة البارزة والواضخة في حياة الإمام الحسين   ومثلما أن ظروف معينة جعلت صفة العلم  ونشر الفقه هي الصفة الغالبة في حياة الإمام الباقر والصادق عليهما السلام   وان صفة كظم الغيظ والسيطرة على الإنفعال  جعلت ظروفٌ  معينة جعلت حيات الإمام الكاظم ظرفاً لهذه الصفة  برزت فيه مع ان  الإمام الكاظم كان كريماً وكان عالماً   وكان أبياً للظيم وكان كل هذه الصفات  قد اجتمعت فيه  وفيةالصادقيين  وفيةالإمام الحسن  لكن قد تقتضي ظروفاً معينة بروز صفة  على سائر الصفات  الأخر في حيات الإمام المجتبى تجلت صفة الكرم  والعطاء والسخاء بنحوٍ أكثر مما تجلت فيه سائر الصفات   فإنه بالنسبة إلى عطائه لله عزوجل وسخائه في هذا الجانب  العطاء من اجل الله وإلا فإن الله  لا يحتاج إلى عطاء احد في الرواية عندنا وعند غيرنا(  قاسم الإمام الحسن ربه  ثلاث مرات فكان يعطي نصفاً لله ويبقي قسماً لنفسه   فإذا فرضنا كان لديه عشرة ثياب يعزل  خمسة ويجعلها للفقراء في سبيل الله  نصف مؤونة البيت يجعلها لله  ونصفها لأهله ولنفسه  نصف الأثاث نصف الاموال النقدية هذا حصل منه  كما في الروايات ثلاث مرات  وخرج عن ماله لله مرةً يعني  أعطى كل ماله  ولا ريب أن الله سبحانه وتعالى يعوض  ويزيد لما ورد في الخبر ( إن لله ملكاً ينادي كل ليلة جمعة  اللهم أعطي كل منفق خلفاً وأعطي كل ممسك تلفا )

فكان كلما اعطى زاده الله خيراً وبركة هذه الصفة صفة الكرم  يمكن ان يتحدث عنها في ثلاثة إتجاهات اختصرها لكي لا يطول  المقام عليكم   الإتجاه الأول كرم النفس أن يكون الإنسان كريم النفس أين يتبين هذا  يتبين هذا في عفوه وصفحه  الإنسان كريم النفس لا يسارع إلى العقوبة  لا يسارع إلى الأنتقام لا تعتريه حالات    التشفي من  يكون صاحب سرعة في الأنتقام وتشفٍ هذا لئيم النفس لا يمكن ان تكون نفسه كريمة بعكس ذاك الذي يرى  نفسه فوق الإنتقام يرى نفسه فوق أن يستقصي على الآخرين  أخطاؤهم قضاياهم يسجل عليهم  يحسبةعليهم  النقير والقطمير

هذا  ليس كريم النفس كريم النفس هو الإمام الحسن المجتبى  الذي يأتي  إليه رجلٌ متأثرٌ بدعايات أهل الشام  يأتي إلى المدينة فيرى الإمام الحسن فيبدأ بشتم الإمام بلا  مبرر  وبلا مناسبة لأنه  إبن علي إبن أبي طالب

وعلي إبن أبي طالب  في زعمهم كان عدواً لأمير الشام فإذن يجب أن يكون هذا مذموماً ومشتوماً  كما كان أبوه فبدأ بشتم الإمام عليه السلام بدأ بسبه وسب أبيه  بإمكان الإمام الحسن هنا أن  يعاقبه هذا  لا أقل

 بالمنطق الفقهي( من اعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل  ما اعتدى عليكم ) هذا منطق  قانونياً لو قام به إنسان لم يكن  معاتباً من الناحية الفقهية حق استوفاه لكن  الإمام الحسن كريم النفس عالي النفس لا يهتم بهذه السفاسف  لا يلتفت إلى الصغائر  لا يصرف حياته في أن فلاناً  قال عني كذا فأجعل هذا الأمر  في ذهني  واتحين الفرصة للإنتقام منه  وأشتكي عليه وأشوه سمعته وإلى أخره  هذا فعل أصحاب النفوس اللئيمة والصغيرة أما أصحاب  النفوس الكبيرة كرماء النفوس فلا يصنعون ذلك لهذا ألتفت إليه الإمام  الحسن وقال له

 لعلك غريباً  أنت إنسان  غريب ليس من أهل المدين أو محتاجاً وعندنا دار واسعة تفضل  هذه دارنا  وأنت إنسان غريب آتٍ من بلد بعيد تحتاج إلى  من يستضيفك  ومن ان يريحك فيها تفضل عندنا بدل أن يواجهه واجهه بالصفح عنه  وبالعفو عنه وهذا من شيم كرام النفوس كريم النفس هكذا لنتعلم من الإمام الحسن عليه السلام كرم النفس بالتعالي على  الصغائر  وعدم الإهتمام بسفاسف الامور

 لا تصرف عمرك

لا تصرفي عمرك في ان فلان قال أو فلانة قالت أو ان هذا زائد أو أن هذا ناقص في حياتي الزوجية  أصنع معركة  من أجل وجبة وأصنع فتنةً  مقدمات   طلاق  من أجل قضاية

لو رآها الآخرون لستهزؤا بي  عندما أهتم بها كبار النفوس كرام  النفوس عندما  يلتفتون إلى بعض ما يحتطم عليه الناس  ويعتركوا عليه الناس يتعجبون هل من الممكن أن يفكر إنسان فرض  أنه خليفة الله على الأرض ثم يصرف  عمره في مثل هذه السفاسف وهذه الصغائر

فأولاً نقتدي بالإمام  الحسن في كرم النفس والثاني من الكرم كرم العواطف والمشاعر   هناك من الناس من يفيض رحمته  وعطفه وحنانه على من سواه

 هو سخيٌ في إبراز  عواطفه في إبراز مشاعره في إبراز ترحيبه  في إبراز  حبه للآخرين وهناك آخرون قد لا يعرفون هذا الكلام أصلاً  ذاك الذي   عينة إبن حصن عندما  رأى النبي صلى الله عليه وآله قد اجلس الحسن على فخذه الأيمن والحسين على فخذه الأيسر   يقبل هذا مرة ويقبل هذا أخرى وينحني على هذا تارة وينحني على ذاك أخرى  وهكذا فتعجب منه  ماذا يفعل هذا إبن بنته  قال له يا رسول الله  عندي عشرة من أبنائي المباشرين ما قبلت واحداً منهم   وأنت إبن بنتك هذا اميل عليه وهذا منحني عليه هذا تقبله  وهذا تحضنه  قال ما أصنعةإن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك أنت إنسان  مخزون  رحمة ما عندك مخزون حنان ما عندك وأحياناً  يكون الإنسان عنده رحمة وحنان ولكن لا يعرف كيف يبرز ذلك

  الكرم ليس فقط في المال الكرم أيضاً في العواطف في المشاعر  إذا (حيتم بتحية فحيوا بأحسن منها ) وكان نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله يبادر بالسلام بل بالمصافحة  فإذا صافحه أحداً   تبقى يده لا   يسحبها النبي حتى يكون ذاك الآخر هو الذي  يسحب يده منه يسلم عليه بحرارة يصافحه بصدق  وبود  ولا يخلع يده بينما قد يكون هناك أناس أولاً

لا يسلم  فيه بعضهم  وحتى لو سلم سلم من بعيد بالإشارة  فإذا  صافح أيضاً يصافح بأطراف اصابعه وكأنه لو وضع يده سوف تقلع  من مكانها صافح بحرارة بود لماذا تخاف من ماذا تخاف هل سيأخذون أصابعك؟  هل سيأخذون قسماً من لحم راحتك فيكون هناك ترحيباً من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله  المبادر بالسلام له عشرات  الأضعاف  قياساً لراد السلام  فإذا أراد

 راد السلام أن يرد فليرد بتحية  أفضل لنكن أسخياء كرماء في عواطفنا ومشاعرنا

عندي ولد  مالذي يمنع من أن  أفيض عليه من حناني أن أخبره بأنني أحبه أن أشجعه باستمرار  أن أخبره بأني أرتاح إليه إذا نجح أن أشجعه  على ذلك أن ابرز له هذا الأنجاز

عندي زوجة أغناني الله بها عن الحرام  لماذا لا اخبرها عن محبتي لها لماذا إذا صنعت شيئ حسناً  لا أثني عليها امامها أقدر ذلك الأمر وعكس ذلك الزوج يخرج سحابة نهاره يطوي لكي  يحصل على رزقٍ ليطعم أهله ويكسوهم حتى  إذا أتى إلى المنزل بعض النساء إن شاء الله  لا يوجد فيمن يسمعنا بهذا الأمر لا تقتنع بالموجود هي تسكن في شقة جيدة ومرتبة  لماذا فلانة عندها بيت  وأنا ليس عندي بيت لماذا فلانة عندها هالقد ذهب وأنا  ليس عندي هذا الذهب لماذا فلانة عندها كذا وأنا ليس عندي  تركز على ما ليس عندها   لا على ما رزقه الله أياه

لعلكم رأيتم   في هذه الأيام كانوا يتناقلون في  الوتساب مقطع فيديو  لأناس رجل مع أربغة من أولاده يسكنون  في قبرٍ مقبرة يطون فيها سنواتهم ويعيشون  فيها ليلاٍ ونهاراً

لماذا  لا ينظر الإنسان إلى نعمة الله عليه ويتوجه بعواطفه لله

الحمد لك يا رب  كم أعطيت كم وهبت كم تفضلت  أعطيتنا الحياة رزقتنا أطعمتنا  الصحة العافية الكسوة الأمان الذرية نسأل الله عزوجل بأن يعطي من لم يرزق  ذرية طيبة

 توجه ولنتوجه إلى الله  لنقل لله عزوجل عواطفنا ومشاعرنا  هذا أول شيئ

 هذه الأذكار التي  جيئ بها لنا

( الحمد لله رب العالمين )

ليست حروف هذه قلوب  المفروض تكون  هذه حركة قلب يستشعر الإنسان فيها بالفعل محبة الله  شكر الله  أنا لم اكن استحق  من منا يستحق  لماذا لم نكن مكان ذاك الإنسان الذي يعيش في تلك  الحالة من الفقر هل لنا حقٌ على الله في ذلك

 لا  كان  من الممكن أن نكون أسوأ حال منه  الله تفضل علينا هو رزق هو أعطى ومن الممكن ما عندنا هذا  أيضاً يتغير  فلنصحر بحمدنا لله بشكرنا لله  بعترافنا لله عزوجل  هذا من جملة العوطف كرم العواطف وسخاء المشاعر

 أولاً لازم يكون إتجاه الله عزوجل  

ثانياُ إتجاه النبي. والمعصومين كان بالإمكان أن نحن نصبح ضلال  كان بالإكدان أن نكون بعيدين  عن الله عزوجل لولا فضل الله ولو لا نبينا محمد   كم عان كم ضحى ( ما أوذي نبيٌ مثلما أوذيت ) كما نقل من أجل ماذا حتى هو يحصل على المال أو يحصل  سمعة  لو يحصل شورة  لا يحتاج إلى هذا كان من أجل أنا وأنت  نصبح في هذه الدنيا

( فلنحيينه حياة طيبة

ولنجزينهم  بأحسن ما كانوا يعملون)

كل هذه التضحيات من أجل سعادة دنوية  وفلاح أخروي في الجنة  إلا  يستحق هذا النبي من وجداننا ان نقول له جزاك الله يا رسول الله خير الجزاء لقد أديت الأمانة وبلغت  الرسالة  ونصحت الأمة وجاهدت في سبيل الله حق جهاده)   كم سويت كم عملت  كم أعطيت بلا حدود حتى  أنا أكون سعيد حتى أن تكون حياتي  حيات طيبة   وأنت تكون حياتك حيات طيبة إلا يستحق هذا النبي العظيم ومن بعده ذريته الطاهرين  ألا يستحقون بأن نصحر لهم بمحبتنا ومشاعرنا  هذه الصفة  التي وردت في صفات شيعة أهل البيت يفرحون لفرحنا  ويحزنون لحزننا

والحمد لله رب العالمين اتباع أهل البيت في  هذا الامر لهم قصب السبق في أحزانهم تراهم طلائع  في أفراحهم تراهم طلائع  وهذا كله تعبيرات عن شكر هذه الصفوة والمصطفاة من الله عزوجل  بعد ذلك عواطفنا  ومشاعرنا لنكن أسخياء مع من هم حولنا الأسرة  الأرحام  المجتمع هذا سخاء وكرم العواطف والسخاء  المالي الكرم المالي  الإنسان رزق في هذه الدنيا الله أعطاه  بمقدارٍ  ووعد إنه كلما انفق  وشكر الله زاده الله  (لإن  شكرتم  لأزيدنكم ) هذا واحد من مبررات الزيادة    وواحد من مبررات الزيادة

 إذا انفقتم أيضاً  تزدادون اللهم أعطي كل منفق  خلفاً أنفقت عشرة يخلف عليك بعشرة بل أكثر من ذلك فهذا من  ما يستفاد من سيرة المعصومين وذكرنا أمثلة على كرم وسخاء الإمام الحسن المجتبى سلام الله عليه نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من العارفين بهم وبسيرتهم  وأن يوفقنا للإقتداء بمنهاجهم  إنه على كل شيئ قدير 

وصلى الله على محمد و على آله  الطاهرين

 

مرات العرض: 3433
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2566) حجم الملف: 29059.01 KB
تشغيل:

آيات تشريع الصيام وأدلته 14
مشروعية صوم عاشوراء ..تاريخ ومناقشة 16