آيات تشريع الصيام وأدلته 14
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 14/9/1439 هـ
تعريف:

آيات تشريع الصيام وأدلته

تفريغ نصي الفاضلة فاطمة الخويلدي
تصحيح الأخ الفاضل سعيد ارهين


اين نجدُ تشريعَ صيامِ رمضان ؟
هل جميع الأحكام المتعلّقة بصيام شهر رمضان تضمنتها آياتُ القران الكريم ؟
الحكمة من فرض الصوم كما يذكرها القران ؟
ما هو تكليفُ المُعفَين من صيام شهر رمضان ؟
ماهي المفطِّرات التي تفسدُ الصوم ؟ وأين نجدُ ذكرها .

الآيات الكريمة التي تضمّنت تشريع صوم شهر رمضان ، وأشارتْ إلى عددٍ من المفطِّرات ، وحصرتْ الفئاتِ  التي يسقط عنها الصوم على أنْ تقضيه في غير شهر رمضان ، والفئات التي يسقط عنها نهائيًّا ويلزمها الفدية ؛ هي تلك الآياتُ التي وردتْ في سورة البقرة من آيةِ مئة وثلاثةٍ وثمانين إلى آيةِ مئة وسبعةٍ وثمانين . يعني هي خمسُ آياتٍ فقط ، وتتخلّلها آيةٌ غريبة عن موضوع الصوم ، ومتعلّقة بموضوع الدعاء وبيان قرب الله من العبد واستجابته لدعاء المتوجهين له سبحانه . فتبقى أربعُ آياتٍ فقط في كتاب الله تتحدّث عن صوم شهر رمضان ،

وهي في قوله تعالى :
((يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 183أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 187 )) البقرة

انحصرتْ المفطّرات الواردة في آيات الصوم في الأكل والشرب والممارسة الجنسية .
ثم إنّ السنة النبوية الشريفة وروايات  المعصومين عليهم السلام من بعد النبي صلى الله عليه وآله ؛ وسّعت دائرة الأدلة وتحدّثت عن عددٍ آخر من المفطّرات التي لم ترِد في القرآن الكريم لا بإشارةٍ ولا حتى بتصريح .

فقول بعضِ الواهمين من أنه يجب الاعتماد على القرآن الكريم بمفرده في كل الأحكام والتفاصيل دون الحاجة إلى السنة النبوية  الشريفة ؛ كلامُ لا يستقيم ، ولا يمكن الركونُ له بحالٍ .
فهذه عشراتُ المسائل الفقهية المتعلّقة بالصيام لم تتضمنها آياتُ القران الكريم ؛ وإنّما كان عبءُ توضيحها على السنة النبوية الشريفة وأحاديث المعصومين – عليهم السلام- .
وهذا بالطبع – مُطّردٌ في كثيرٍ من أبوابِ الفقه وتفصيلاته ، وعلى رأس ذلك عمود الدين الصلاة التي بيّنتْ السنة  الشريفة تفصيلاتِ عدد ركعاتها وأذكارها . 
ولنبقَ مع آياتِ الصوم الكريمة لنستلَّ منها بعض الفوائد .

مضامين الآيات المباركة :
- الصوم كان موجودًا في الشرائع السماوية السابقة للرسالةِ الخاتمة بدليل قوله تعالى : (( ... كما كُتب على الذين من قبلكم ) .
- الغاية الكبرى من تشريع الصوم هو الوصول إلى التقوى ، وتقوية الإرادة بالامتناع عن المحرّمات من خلال هذا الصيام . (( لعلّكم تتقون )) .
- التأكيد على التشريع لقانونِ الصوم ؛ حيث يرى بعض المفسرين أنّ استعمالات ( كُتب عليكم ) في القران الكريم تعادل في المفهوم الحديث إقرارَ واعتمادَ قانونٍ ما في صيغته النهائية .
 (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القران ... )).
هنا مسألةٌ في ذِكر شهر رمضان ، وهي : هل يجوز إفرادُ كلمة رمضان دون أنْ تسبقها كلمةُ شهر ؟ 

والحقُّ أنّه توجد رواياتٌ تشير إلى النهي عن إفراد كلمة رمضان بالذكر. مفادها أنْ لا تقولوا أتى رمضان وذهب رمضان ؛ فإنّ رمضان اسمٌ من أسماء الله لا يأتي ويجيء ولا يزول . بل وفي بعض الروايات الأخرى : ((فمن قال ذلك فليتصدقْ  وليصمْ كفارةً )) .
عند التحقيق من بعض العلماء ذكروا أموراً منها  :

1) لم يُعلم أنّ رمضانَ اسمٌ من أسماء الله تعالى .

2) وُجد عددٌ من الروايات عن المعصومين - عليهم السلام - في المدرستين فيها ذِكرُ رمضان دون أنْ تتقدّمه كلمةُ  (شهر) ،  إلى جانب تلك الروايات التي تنهى عن إفراد كلمةِ رمضان .

وبالتالي خلص العلماء إلى أنّ التوجيه الوارد في الروايات من النهي عن إفراد كلمة رمضان بعدم إضافة كلمة شهرٍ لها ؛ إنما هو توجيهٌ يُحمَل على استحباب توقير شهر رمضان ، وبالتالي كراهةِ امتهانه بإفراد كلمة رمضان .  وليس في عدم الالتزام بذلك إثمٌ فضلاً عن ترتّب كفارةٍ وخلافه .

 ((أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ  فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )) .
فيها إشارةٌ للمستثنين من الصوم . وهم على قسمين :
الأول : يضمُّ المستثنين الذين يلزمهم الصوم في غير شهر رمضان بعِدل الأيام التي أُعذروا عن صيامها في شهر رمضان ؛ وذلك بعد زوال المانع . ويدخل تحت هذا القسم – بحسب الآيات – المسافرُ والمريض .

والتعبير القراني ( فعدةٌ من أيامٍ أخر )) يُظهرُ أنه ليس منّ تكليف المسافر والمريض حال شهر رمضان الصوم ، بل تكليفه الإفطار ومن ثّمّ الصوم في أيامٍ أُخر ( يعني ليستْ من أيام شهر رمضان ) ؛ فالأمرُ ليس على سبيل الرخصة والتخيير ؛ بأنْ يصوم مَن ينطبق عليه عنوانا المسافر والمريض شهرَ رمضان من عدمه ، بل لابدّ من الإفطار ثمّ القضاء امتثالًا لأحكام الدين .

الثاني : ويضمُّ فئةً يسقط عنها صومُ شهر رمضان ، ولا يلزمها قضاؤه في بقية أيامِ السنة . وتكليف الداخل في هذه الفئة هو إطعامُ مسكينٍ عن كلّ يومٍ من أيامِ شهر رمضان التي ترك صيامها .
        هذه الفئة هي فئةُ كبارُ السنِّ الذين يبلغ بالواحد منهم الصومُ أقصى الجهد والضعف ، ويسبّب له مشقةً كبيرةً . فمن يُسر الدين أنْ أسقط عن هذه الفئة صومَ شهر رمضان ، ولم يطالبهم بقضائه لسبب ديمومةِ المانع ( كِبر السنِّ والضعف ) بل وزيادة درجته مع امتداد الزمن .

(( فمن شهدَ منكم الشهر فليصمه ))
((وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)).
(( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )).

أي من كان حاضرًا غير مسافرٍحال شهر رمضان فتكليفه الصوم . أمّا من كان مريضًا أو مسافرًا فتكليفه الإفطار ومن ثمّ القضاء في عدةِ أيامٍ أخر من غير شهر رمضان  . وفي تكرار ذِكرِ إعفاء المريض والمسافر من صوم شهر رمضان تأكيدٌ على أنّ حكم الإفطار للمسافر والمريض تكليفًا وليس رخصةًيأخذ بها المكلّف أو يتركها .
وفيها بيان أنّ تشريعات الله تعالى لا تهدف إلى تحميل الإنسان ما لا يُطيق ؛ فالله تعالى يريد لعباده التيسير ويبعدهم عمّا يُسبب لهم الضررو المشقة والعنت .
(( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))

فيها بيانٌ  أنّ مِن أحكام الشهر الاستمرارُ في الصيام إلى نهايته .
وتكون نهايةُ الشهر بإحدِ طريقين ؛ إمّا رؤية الهلال أو إكمال العدة ثلاثين يومًا .
فرؤية الهلال قبل إكمال العدة بيومٍ ؛ تستلزم من أنّ الشهر المعيّن تسعةٌ وعشرون يومًا فقط ، وإنْ لم يُر الهلال لأنّه غير متولّد أو غير موجود في الأساس أو لم يُرَ لسبب الظروف الجوية من غبارٍ وسحبٍ وخلافه ؛ فالتكليفُ إكمال عدة شهر رمضان ثلاثين يومًا .
المفطّراتُ الواردة في آيات الصوم هي ثلاثةُ مفطِّراتٍ فقط :

) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)

الأول : المباشرة بين الزوجين نهارَ شهر رمضان .
الثاني : الأكل .
الثالث : الشرب .

(( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ)) .

الرفث هو الكلام المستقبح عادةً والمتعلّق  -في العادة  -ببعض الأمور الجنسية .  
هو كلامٌ يحوي  إحاءات جنسية في الغالب ، ويدورُ بين الزوجين أثناء أو قبل الممارسة الجنسية .

والقران الكريم يلتزم في تعبيره الحفاظَ على الذوق ؛ فيتخيّر الألفاظ التي تؤدي المعنى دون مساسٍ بمفردة الحياء من قبيل (( أو لا مستم النساء )) في تعبيره عن العلاقة الكاملة بين الزوج والزوجة .
وهنا يستخدم القران لفظةِ ( الرفث ) الذي يُعدّ مقدّماتٍ للعملية الجنسية – يستخدمها – للدلالة على العملية الكاملة بين الزوجين ؛ حفاظًا على الذوق العام والحياء .

فائدة :

ذكروا في السيرة وفي كتب الحديث أنّ أول تشريع الصيام ، في الأيام الأولى ؛ كأنما كان يقضي أنّ المكلَّفَ يمكنه أنْ يأكل ويشربَ ، ويمارسَ العمل الجنسي في الليل ما لم ينم ؛ فإذا نام في الليل ؛ بدأ صومه مباشرةً  . فلو استيقظ قبل الفجر فهو في حالة صيامٍ ؛ يجب عليه الامتناع عن المفطّرات إلى أنْ يحلّ ليلٌ آخر .   فحدثت حادثتان .
الأولى : تتعلّق بالمقاربة الزوجية ؛ حيث شقّ على بعض الشباب الامتناع عن المقاربة نهاراً  بالإضافةِ إلى حظرها عليهم في الليل إنْ غلبهم في قسمٍ منه النعاس .
فلم يلتزم بعضُ الشباب بالامتناع حالَ الليل وقد ناموا في قسمٍ منه ثم استيقظوا وباشروا زوجاتهم .

الثانية  :

 أنّ قيس ابن صرمة الأنصاري كان يعمل في النهار في بستانه إلى العصر ،  بعدها  ذهب ليصلي ، وعاد إلى منزله فسأل زوجته عن طعامِ إفطاره .  قالت له لم يجهز بعدُ .  غلبه النعاسُ وهو متعبٌ فغفى ونام  - بناءً على هذا القانون الأول -  لا يستطيعُ الأكل ولا الشربَ ولا مقاربةَ زوجته طيلة الليل الذي نام في جزءٍ منه وبالطبع أيضًا في النهار الذي يعقبه ؛ فلم يستطع تحمّل الجوع والعطش فأغمي عليه .

فأنزل الله تعالى (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ... ))
فأصبح الالتذاذ بالمفطّرات متاحًا طوال الليل .

مفطّراتُ الصوم الواردة في آيات الصوم ثلاثةٌ – كما ذكرنا آنفًا – بينما المفطّراتُ أكثر من ذلك . وذكرنا أنّ في ذلك ردٌّ على من ادّعى إمكانية الاكتفاء بالقران الكريم في التشريع وتفصيلاتِ الأحكام ، والاستغناء عن السنة النبوية المطهرة .

في الفقه الإمامي تنحصر مفطّراتُ الصيام في تسعةِ مفطّراتٍ  ( وعلى رأي بعض فقهاء الإمامية ثمانيةُ مفطّرات )
وقريبٌ من هذا عند مدرسة الخلفاء . وبالطبع مصدر ذلك التوسّع هو السنة النبوية الشريفة ويضافُ إليها عند الإمامية مروياتُ الأئمة المعصومين عليهم السلام .

والمفطرات الواردة في السنة الشريفة ومروياتِ أهل البيت عليهم السلام :

 1 ) الاستمناء : وهو حرامٌ في الأصل .
كأن يقوم الرجلُ أو المرأةُ بإثارة النفس بالعبث بالأعضاء التناسلية إلى أن ينزّل . والمفطِر بهذا الشكل آثمٌ لاقترافه المحرّم ، وآثمٌ لانتهاكه حرمة شهر رمضان .
توجدُ روايةٌ معتبرة عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال في رجلٍ  يعبث في أهله حتى يُمني في نهار الصوم - ليست ممارسةجنسية كاملة ، بل عبث أو التصاق جسدي ينتهي بالاستمناء -  . قال – عليه السلام - عليه مثلما على الذي يجامع .
وعند بعض علمائنا أنّ المفطر على أمرٍ محرّم تلزمه كفارةُ الجمع .

2 ) تعمّد القيء : القيء الذي لا يدَ للإنسانِ في حدوثه ، كتقيّؤ الحامل كرهًا أو المُكثر في سحوره مثلاً ؛ لا إشكال فيه .
وإنما تعمّد القيء هو المفطِّر  .  وقد ورد في الحديث (( من استقاء فليقضِ )) .

3 ) تعمّد الكذب على الله أو الرسول أو أحد المعصومين:
ففي الخبر أنّ الإمام !  قال : ((  إن الكِذبة لتفسدُ الصيام  . فقال أحدُ أصحابه هلكنا يا ابن رسول الله ! قال ليس حيث تذهب وإنما الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة )) . 

4) تعمّد البقاء على الجنابة حتى دخول الفجر .
عندنا نحن الإمامية مفسدٌ للصيام فبالإضافة إلى ماورد من روايات أهل البيت - عليهم السلام - وهي كثيرة عندنا  ؛ وردت رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله  ثابةٌ عندنا ،  ومنقولة أيضاً في أحاديث مدرسة الخلفاء وهي أنّه – صلّى الله عليه وآله  - قال : (( من  أصبح جنباً فلا صوم له )) .
يعني مَن تعمّد الإصباح وهو على جنابةٍ فلا صوم له .
هذه الرواية موجودةٌ عندمدرسة الخلفاء  لكنهم ردوها  بحديثٍ عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وآله- في أنّها قالت: إن ّرسول الله صلى الله عليه وآله يدركه الفجر جُنُباً ثم يصوم . وقد ناقش بعض العلماء هذه الرواية ، وأظهر عوارها من جوانب منها :

1) كلمة ( كان يدركه الفجر ) فيها دلالة على الاستمرار .
من قبيل قوله تعالى : (( كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه ... ) أي أنّ هذه كانت عادتهم وديدنهم وطريقتهم التي ينتهجونها باستمرار .
وإدراك الفجرِ للنبي بشكلٍّ مستمرٍ غير متصوّر ؛ وهو المثال الأعلى لإدراك الفضائل والسبق إلى الكمال . ومن ذلك حرصه المستمر على قيام الليل  ، بل ذلك تكليفٌ في حقه- صلّى الله عليه وآله – (( يأ يها المزّمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتّل القران ترتيلا )) المزمّل .
فكيف لنا أنْ نتصوّر تفويتَ النبي فرصة الإحياء وبخاصةٍ في شهر رمضان الكريم ؛ وهو الذي قيل له في أمرِ عبادته ، فقال – صلّى الله عليه وآله - : (( أفلا أكونُ عبدًا شكورا )) .

5)رمس تمام الرأس في الماء على المشهور بين فقهاء الإمامية .
6). الاحتقان بالمائع في حال وصوله إلى الجوف .

من قوله تعالى : (( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ  ))

استدلَّ مشهورُ فقهاء الإمامية من لزوم الانتظار بعد غروب الشمس إلى أنْ تذهب الحمرة المشرقية  - أي في حدود اثنتي عشرة دقيقة  - فذلك هو الليل ، أما اختفاء الشمس دون ذهاب الحمرة فهو مجرّد الغروب .
  يُساند الآية الكريمة جملةٌ من  الروايات  .
ويوجد رأيٌ عند بعض علمائنا المعاصرين لا يشترط غياب الحمرة المشرقية في دخول الليل ، بل يعدّ الانتظار احتياطًا استحبابيًّا فقط . وهو خلاف المشهور من رأي علمائنا .
 

مرات العرض: 5732
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 57886.07 KB
تشغيل:

تشريع الصيام في الديانات السماوية والاسلام 13
كرم الامام الحسن في أبعاده المختلفة 15