تشريع الصيام في الديانات السماوية والإسلام
كتابة الاخت الفاضلة انتصار الرشيد
قال تعالى في محكم كتابه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) الصيام والصوم لهما نفس المعنى خلاف من قال إن المعنيين مختلفان حتى في المعاجم اللغوية تعتبر المعنى واحد وهو الامتناع عن الإمساك عن السكوت في عدد من المعاني تنتهي بهذا المعنى بالإضافة إلى استخدام الأحاديث الشريفة تستخدم الصيام مرة والصوم مرة أخرى مثلا في الحديث القدسي الصوم لي وأنا أجزي به وفي قوله تعالى ( كتب عليكم الصيام ) وفي أحاديث الرسول صل الله عليه وآله و روايات أهل البيت عليهم السلام فهي فوق العد والإحصاء أصل المعنى ينتهي إلى أن الصوم كف النفس عن شيء أو أشياء متعددة وهو أسلوب تربوي أخلاقي ورد في التشريعات السماوية والغير سماوية مثلا البوذية والهندوسية ليس دين سماوي ومع ذلك تستعمل الصوم باعتباره أحد الأساليب التربوية التي تقوي النفس مقابل البدن كإن هناك معادلة متعاكسة بين البدن والروح فإذا صار هناك اهتمام زائد بالبدن من أكل وشرب وشهوة وتلبية كل متطلباتها فإن الطرف الآخر يتراجع جانب النفس والروح والقوى الداخلية ، بعض الروايات تشير إلى ذلك ( إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة )،عندما يحرم البدن حرمان إرادي عندما لا يعطي الإنسان بدنه رغبته ترتقي روحه ونفسه وتصعد أخلاقه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا عندما تعطي قواك الشهوية وتلبي رغباتها تنتهي إلى أن تنال الذنب تكون عبد مطيعا لشهواتك هناك توجيهات في الروايات يجب أن يمنع الإنسان نفسه من المباح حتى لا يقع في الحرام إذا كان عندك قدرة أن تمتنع عن ماهو مباح لك عند ذلك لا تطمع في الحرام هذا جواهر وحكمة من حكم الصيام الديانات السماوية من مقاصده يجعل الإنسان ذا إرادة مسيطرة على قواها الشخصية وهو المسيطر وليس مسيطر عليه وإن الغرض من خلق الإنسان هو غاية واحدة ليعبدون وهذه الغاية تتطلب برامج معينة مثل الصلاة والصوم والزكاة في جميع الديانات السماوية فهي تهذب الإنسان وتطوعه على ذلك كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ، أي أن الصوم موجود في جميع الديانات ويختلف في تفاصيله من ديانة لأخرى ويختلف حتى في الديانة الواحدة عدد المفطرات عند الإمامية تختلف عن عدد المفطرات عند مدرسة الخلفاء
صوم الأنبياء والرسل يتحدث المؤرخون أن نبي الله آدم كان يصوم ونوح وعيسى وموسى وداود ودانيال وسليمان كانوا يصومون وصيام الأنبياء يتجاوز الصيام الواجب فصوم النبي محمد صل الله عليه وآله يتجاوز صومنا فقط نحن شهر رمضان والنبي الأعظم كان يتجاوز صيامه الكثير من أيام البعثة وليس من السنة الثانية للهجرة ، هناك رواية معتبرة السند "كان رسول الله صل الله عليه وآله أول ما بُعث يصوم حتى يقال لا يفطر" فيما نذكره من صوم جماعة من الأنبياء وأبناء الأنبياء صلوات الله جل جلاله عليهم. رويناه باسنادنا إلى ابن فضال من كتاب الصيام قال: حدثنا محمد بن أبي عبيد، قال: حدثنا جبارة قال: حدثنا فرج بن فضالة قال: حدثنا أبو وهيب، عن أبي صدقة الدمشقي، عن ابن عباس قال: أتاه رجل يسأله عن الصيام، فقال: عن أي الصيام تسألني؟ ان كنت تريد صوم داود عليه السلام - أبي سليمان - فإنه كان من أعبد الناس وأشجع الناس، وكان لا يفر إذا لاقى، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا يلون، وكان إذا أراد أن يبكي على نفسه لم تبق دابة في بر ولا بحر الا استمعن لصوته، ويبكي على نفسه، وكانت له سجدة من آخر النهار يدعو فيها ويتضرع، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان أفضل الصيام صيام أخي داود عليه السلام وكان يصوم يوما ويفطر يوما ". وان كانت تريد صيام ابنه سليمان، فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة، ومن وسطه ثلاثة، ومن اخره ثلاثة. وان كنت تريد صوم ابن العذراء البتول عيسى من مريم، فإنه كان يصوم الدهر كله لا يفطر منه شيئا، وكان يلبس الشعر، ويأكل الشعير، ولم يكن له بيت يخرب، ولا ولد يموت، وكان راميا لا يخطئ صيدا يريده، وحيثما غابت الشمس صف قدميه، فلم يزل يصلي حتى يراها. وكان يمر بمجالس بني إسرائيل، فمن كانت له حاجة قضاها، وكان لا يقوم مقاما الا وصلى فيه ركعتين، وكان ذلك من شأنه حتى رفعه الله عز وجل. وان كنت تريد صوم أمه عليها السلام فإنها كانت تصوم يومين وتفطر يوما. وان كنت تريد صيام خير البشر، العربي القرشي، أبي القاسم صلى الله عليه وآله، فإنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويقول: " هي صيام الدهر " فيما نذكره من صيام أول خميس في العشر الأول من كل شهر، وأول أربعاء في العشر الثاني منه، وآخر خميس من العشر الأخير منه. رويناه باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني، وابن بابويه، والى ابن فضال، وغيرهم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: " صام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قيل: ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل: ما يصوم، ثم صام صوم داود عليه السلام يوما فيوما لا، ثم قبض على صوم ثلاثة أيام في الشهر، وقال: يعدلن الدهر، ويذهبن بوحر الصدر ". قال: وزعم حماد أن الوحر: الوسوسة. قال حماد: وأي الأيام هي؟ قال: فقال: " أول خميس في الشهر، وأول أربعاء بعد العشر منه، وآخر خميس فيه ". قال: فقلت له: كيف صارت هذه الأيام هي التي تصام؟ فقال: " ان من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحد منهم العذاب نزل في هذه الأيام، فصام رسول الله صلى الله عليه وآله الأيام المخوفة " ومن ذلك ما رويناه باسناد إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام في الشهر كيف هو؟ فقال: " ثلاث في الشهر، في كل عشرة يوم، ان الله عز وجل يقول [من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها] (1) ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر " أما سيد الأنبياء محمد صل الله عليه وآله كما أورد في الكافي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام كان رسول الله أول ما بعث يصوم حتى يقال ما يفطر ويفطر حتى يقال ما يصوم ثم ترك ذلك وصام يوم و أفطر يوم وهو صوم داود ثم ترك ذلك وصام الأيام الغر الأيام البيض من كل شهر وهو صيام نبي الله ابراهيم عليه السلام ثم ترك ذلك يصوم أول خميس من الشهر وآخر خميس من الشهر بينهما الأربعاء يصومه ثم قبض على ذلك ثم كان يصوم شهر شعبان بكامله وأيضا خميسين في شهر وسطهما أربعاء شهر رمضان وشهر شعبان وكان يصوم ثلاثة أيام كإنه صيام الدهر إذا صام ثلاثة أيام كإنه صام شهر كامل
الصوم في الديانة اليهودية بالنسبة للديانات غير الأنبياء منها ما كان عند اليهود ذكر بعض الكتاب صاحب العبادات في الأديان وصاحب كتاب الفقه في القرآن اعتمادا على المرجع الديني السبزواري يقول أن اليهود الموجود عندهم صوم تطوع فردي وصوم جماعي والصوم لدى اليهود نوعان: 1- فردي (شخص) ويُسَمى صوم الأسر، ويقع في حالات الحزن الفردي، أو عند التكفير عن خطيئة. 2- جماعي، وهو غير ثابت، وغالبًا ما يفعلونه عند حدوث حزن عام يقلقهم، كالصوم عند رداءة المحصول، أو غارات الجراد، أو الهزائم في الحروب ويسمى الصيام الجماعي بصوم يوم الغفران يصومون من غروب اليوم الأول إلى غروب اليوم الثاني يعني 24 ساعة يصومون عن بعض الأمور وهو اليوم الذي حدثت فيه حرب 73 التي صادفت اليوم العاشر من رمضان بين العرب واسرائيل وكان هناك حالة من الإسترخاء والذي خطط لهذه المعركة اختار هذا اليوم لأنه يعلم أن الإنسان وهو صائم يكون لديه ضعف في الجسد . يذكر أن نبي الله موسى عليه السلام صام 40 يوما عندما ذهب لميقات ربه ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) كان يقوم الليل بالدعاء والتهجد في النهار صائم ويفترض أن تكون من سنن نبي الله موسى عندهم أن يصوموه لكنهم لا يصومون هذه الأيام الأربعين مثله
صوم الصمت
وقد ظهر عند اليهود ما يُسمّى بصيام الصمت، وهو استغراق الصامت في صمته، ضاربًا على نفسه ثوب التوبة من الخطايا والندم على ما اقترفه اللسان من بذيء الكلام وفاحشه. وهذا النوع من الصيام معروف في الديانات القديمة، وليس وقت محدد" وقد أشار القرآن إلى صيام الصمت في قوله تعالى على لسان مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم:26]. بعض الأنبياء نذروا صوم الصمت هل هذا كان خاص لبعض الأنبياء ولم يكن عام في بني اسرائيل بعض الباحثين ذكر أن عندهم هذا الصوم يسكتون من بداية الصوم إلى نهايته لا يتكلمون بالنسبة للأنبياء نبي الله زكريا كان عليه أن يصوم ولا يكلم أحد من الناس إلا رمزا بالإشارة بدون لفظ 3 أيام هل كان هناك تشريع وعملوا على هذا التشريع أم على العكس الصوم عند المسيحيين :
أما بالنسبة للمسيحيين في الانجيل يقول فيه (إذا صمتوا فلا تكونوا عابسين كالمرائين فإنهم يغيروا وجوههم ليظهروا للناس أنهم صائمين قد استوفوا أجرهم لكن متى صمت فأدهن رأسك واغسل وجهك لكي لا يظهر للناس أنك صائم فيكون أدعى للإخلاص )والمتصفح لسيرة المسيح عليه السلام من خلال الأناجيل يبدو له أنه أراد للصائمين عدم إظهار صومهم للآخرين؛ حتى لا يصبحوا مرائين به، كما كان يفعل اليهود آنذاك، وبما أن الصوم عبادة نسكية وتوجه إلى الله تعالى نجد أن المسيح عليه السلام يحثُّ أتباعه على الصوم، ويمدحه (انظر ويرى فريق من النصارى "أنّ المسيح عليه السلام لم يفرض عليهم صيامًا إلا الصوم الكبير (صوم يوم الكفارة)" السابق لعيد الفصح أو عيد القيامة أن عيسى عندما صلب مات قبر ثم قبر ثم بعد 3 أيام قام من بين الأموات ويسمونه قيامة المسيح هذا أكبر الأعياد وقبله مجموعة من ها من يعتمد على صيام يوم واحد وبعضهم يتردد بين 40 إلى 50 يوم وهي الفترة التي تسبق عيد القيامة أو عيد الفصح
تشريع الصوم في الاسلام
في الدين الإسلامي تم تشريع الصيام على المشهور في اليوم الثاني من شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة وذكر ذلك الشيخ المفيد أعلى الله مقامه وأيضا في كتاب مسار الشريعة ذكر ذلك وكذلك الشيخ البهائي ، المحقق مرتضى العاملي في كتبه ناقش هذا الموضوع وليس الموضوع عن صيام النبي صل الله عليه وآله لكن تشريع الصيام للأمة واحد من ضمن هذه المناقشات ما ورد عن جعفر بن أبي طالب عندما ذهب للحبشة في السنوات الأولى للبعثة لم يبقى إلى أن هاجر النبي بقوا في الحبشة فترة طويلة لم يرجعوا إلى المدينة إلا في غزوة خيبر في الحبشة عندما خطب جعفر أمام النجاشي وقال له كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونقطع الأرحام ونأتي الفواحش ما ظهر منها وما بطن حتى منا علينا الله بالنبي محمد صل الله عليه وآله وهو ممن نعرف حسبه ونسبه وصدقه وأمانته فدعانا إلى أن نعبد الله وحده ونترك ما كنا عليه من عبادة الأصنام وقطع الرحم وأمرنا بالصلاة وصوم شهر رمضان يعني مع هذا النقل التاريخي أن الحديث عن تشريع صوم شهر رمضان من زمان هجرة جعفر بن أبي طالب أي سنة ثلاثة أو أربعة من البعثة قبل هجرة النبي وقبل التشريع الرسمي بفترة ثمان أو تسع سنوات ويضاف إلى ذلك أن عمر بن مرة الجهني جاء إلى رسول الله في مكة و من نقله الكثير منهم ابن كثير في كتاب البداية والنهاية نقلوا نفس المعنى الجهني جاء وآمن برسول الله صل الله عليه وآله وعندما آمن عمر بن مرة سأل الرسول ماذا أفعل هل أقدر أدعي قومي بني جهينة إلى الإسلام قال نعم تدعوهم لعبادة الله ونبذ الأصنام لعل الله يهدي بكم هؤلاء فذهب عمر الجهني إلى قومه وقال أنا رسول الله إليكم أدعوكم إلى الجنة وأحذركم من النار وآمركم بحقن الدماء وصلت الأرحام ورفض الأصنام وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهرا هذا في بداية الهجرة وقبل البعثة دعا قومه لصيام شهر رمضان يمكن أن يقول أحدهم التشريع لصوم رمضان له مرحلتان انشائي ما قبل الهجرة وتشريعه فعليا كان زمان بعد بعثة النبي صل الله عليه وآله غاية التشريع من الصيام لعلكم تتقون ،إرادتكم تكبر و قوة النفس تعلوا تصبحون مسيطرين على شهوات النفس ليس كل ما ترغب فيه النفس تعطى ، شهر رمضان شهر لتحطيم الإرادة العاقل هم من يعلي إرادته ويقاوم ذلك واذكروا عطشكم وجوعكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه يجب أن نتذكر الفقراء والمحتاجين ونحمد الله على نعمه علينا عندما نرى مس الجوع نحمد الله على ما رزقنا وأعطنا متى نستشعر هذا عندما نجرب الجوع والعطش في شهر رمضان متى نستشعر عطش الحسين وأهل بيته وأصحابه يوم عاشوراء إلا إذا استشعرنا به بأبداننا لذلك عندما نشرب الماء نذكر الحسين عليه السلام |