تشريع صلاة المسافر والصلاة على الميت 12
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 12/9/1439 هـ
تعريف:

تشريع صلاة المسافر

تفريغ نصي الفاضلة ليلى ام احمد

تصحيح الأخ الفاضل سعيد ارهين

قال تعالى : ((وإذا ضربتم في الأرض، فليس عليكم جُناحٌ أنْ تقصروا من الصلاة إنْ خفتم أنْ يفتنكم الذين كفروا إنّ الكافرين كانوا لكم عدوًا مبينا )) . النساء 101

- هل دلالة الآية الكريمة على قصر الصلاة عند الخوف فقط ؟
      - هل القصر في الصلاة  - حال السفر أو الخوف - رخصةٌ أم عزيمة ؟
( إذا ضربتم في الأرض ... ) الضرب في الأرض يعني الحركة والسير والسفر ؛ وذلك أنّ الإنسان إذا أراد المشي فإنه يضرب بإحدى الرجلين ويرفع الأخرى ليضرب بها الأرض بعد ذلك ،  وهكذا تحصل الحركة والسفر والمشي .

 (... فليس عليكم جُناح أن تقصرو من الصلاة ) .
ليس عليكم حرجٌ ولا عقوبةٌ ولا عناء ولا عتاب إذا قصرتم من الصلاة .. قصرُ الشيء هنا هو اختصاره أو تقليله بعدما كان كثيراً ، فتقصّره وتختصره وتقلّله . ويكون القصر بالنسبة إلى الصلوات بتحويل الصلاة الرباعية إلى ثنائية .

( إنْ خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إنّ الكافرين كانوا لكم عدواً مبينا ).  أي أنه في حالة وجود خوفٍ من الكفار والأعداء فإنّه يسوغ لكم قصرُ الصلاة .

تعميم حكم قصر الصلاة الوارد في الآية لكلّ سفر :

اختلف فقهاء المسلمين من الصدر الأول للإسلام إلى أزمنتنا المتأخرة حول دلالة هذه الآية ؛ هل هي ناظرة إلى صلاة الخوف أو إلى مايعمُّ صلاة المسافر سواءً كان خائفاً أو لم يكن خائفًا ، وبرز اتجاهان :

الاتجاه الأول: إنّ قصر الصلاة لا يكون إلا حال الخوف ولا يشرع القصر في صلاة المسافر في الحالة المطمئنة ؛ فدلالة الآية واضحة في إشارتها إلى حالة الخوف (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا  ).

الاتجاه الثاني : موضوعُ الآية هو عموم السفر ( إذا ضربتم في الأرض) .
والإشارة في الآية إلى حالة الخوف مردّها أنّ الظرفَ الذي نزلت فيه الآية كان ظرفَ خوفٍ وفتنةٍ من الكفار .
ومن المعروف أنّ سببَ نزول آيةٍ ما غيرُ مُقِّيدٍ لها زمانًا ولا مكانًا ولا حدثًا . وهذا ما يعبّر عنه الفقهاء بقولهم : إنّ خصوص المورد لا يخصّص الوارد .
فكثيرٌ من الأحكام في القرآن الكريم كان لصدورها مناسباتٍ خاصة ، وربما قضايا شخصية ؛ كقضية الظِهار الواردة في صدر سورة المجادِلة ؛ حيث صدر الحكم القراني لطرفي الحادثةِ وعمّم على جميع الأزواج الذين قد يقعوا في مشكلة الظِهار مستقبلاً .

القصرُ في الصلاة حالَ السفر رخصةٌ أم عزيمةٌ ( إلزامٌ ) ؟

رأي الإمامية :
القصر في الصلاة ليس موردَ تخيير أو رخصةٍ  ؛ يمكن للمكلَّف العمل بها أو تركها . بل هو حكمٌ إلزاميٌّ ؛ فمن كان في سفرٍ – وفق الضوابط الشرعية – فتكليفه قصرُ الصلاة ، ولا يُقبلُ منه إتمامها .

إنّ آية قصر الصلاة تتعدى ظرف الخوف( مورد الآية وسبب نزولها ) إلى عموم ظرف السفر ذي المسافة المنصوص عليها ؛ باعتبارين :
الأول : موضوع الآية السفر بدليل : ( وإذا ضربتم في الأرض ) . وظرف الخوف عرضيٌّ لا يخصّص حكمها .
الثاني : السنة العملية الثابتة عن النبيِّ – ص- من أنّه قصر الصلاة في أسفاره المتعدّدة وفي حالةٍ من الاطمئنان البعيد عن الخوف .
إنّ أول تشريع للصلاة كان على أساس ركعتين لكلّ فريضة من فروض الصلاة الخمسة منذ ليلة المعراج . وعندما جاء النبي -صلى و الله عليه وآله- إلى المدينة المنورة أضاف ركعتين للظهر ، وركعتين للعصر ، وركعتين للعشاء ، وركعةً واحدةً للمغرب ، وأبقى الفجر على حالها .
هذه الزيادة التي زادت ( للظهرين والعشاء ) تُحذف عند السفر ، ويمكن أن يكون فيهما مجالٌ عند الشك فيها لإجراء وظيفة الشاك .

 وسنة النبيِّ – ص- هي القصر في السفر حال الخوف أو عدمه ؛ وذلك محلُ اتفاقٍ بين المسلمين من مدرسة أهل البيت – ع – ومدرسة الخلفاء .

رأيُ مدرسة الخلفاء :

على الرغم من ثبوت السنة النبوية (عند مدرسة الخلفاء ) في قصر الصلاة للمسافر ؛ من خلال قصر النبيّ صلاته في أسفاره المتعددة ؛ إلا أنّ جلَّ علماء ومذاهب مدرسة الصحابة لا يرون القصر إلزامًا ، بل يعدونه رخصةً يمكن الأخذ بها أو تركها .

خلفيات التخيير في قصر الصلاة عند مدرسة الخلفاء :

 ثبتَ أنّ القصر في الصلاة للمسافر سنةً نبويةً ؛ مارسها النبيُّ – ص- ، ومن بعده الخليفة الأول والثاني .
أما الخليفة الثالث فمارسها شطرًا من خلافته ثم عدل عنها ؛ حيث يُذكر أنه عندما كان يذهب إلى الحجِّ كان يُتمّ في عرفات و في منى . وقد لاقى اعتراضات من قبل باقي الصحابة حول هذا لأمر .
 وكون القصر في صلاة المسافرسنةً نبويةً  - عدل عنها الخليفة الثالث بعد مدةٍ من خلافته - ؛ ينقله محدثو مدرسة الخلفاء أنفسهم .

ومن ذلك روايةٌ عن عبد الله ابن عمر في صحيح البخاري، أنه قال صليتُ مع النبي صلى الله عليه وآله بمنى ركعتين وكذلك صليت مع أبي بكر وعمر ، ومع عثمان صدراً من إمارته ( أي الفترة الأولى من إمارته) مقصورة ركعتين ، ثمّ أتمّ ( فيما بعد ذلك ) هذه الصلاة التي صليتها مع رسول الله ومع أبي بكر وعمر ومعه في صدر خلافته وإمارته وجعل الصلاة أربع ركعات.

 ما الذي دعا الخليفة الثالث إلى التغيير والتبديل ؟!
لما كان فعلُ الخليفة مُخالفًا ؛ أصبح موضع إنكارٍ وتساؤلٍ من الصحابة ؛ فاحتاج – ذلك الفعل -إلى تبريرٍ وتوجيهٍ لنفي صفة المخالفة العمد عن صحابيٍّ في مكانة الخليفة الثالث عثمان بن عفّان ؛ خاصةً وأنّ رأي مدرسة الخلفاء في عمل الصحابي أنه حجةٌ .
   ومن التبرير والتوجيه ما حكاه محمد بن شهاب الزهري - قاضي القضاة في زمان بني أمية-  كما نُقل ذلك عنه في سنن أبي داوود ؛ حيث يقول أبو داوود ( عن الزهري ) أنّ عثمانَ إنّما صلّى في منى أربعًا لأنّه أجمع على الإقامة بعد الحج( أي أنّه نوى الإقامة بعد الحج عشرةَ أيام ) فأتمّ الصلاة.
والحقُّ أنّ هذا الرد غيرُ مقنعٍ مع تكرّر إتمام الصلاة من عثمانَ في السفر ؛ فليس متصوّرٌ أنّ كلّ أسفاره كانت نيته فيها مواصلة الإقامة .

وللزهري نفسُه توجيهٌ آخر لإتمام عثمانَ الصلاة في مِنى مفادُه أنّ الأعراب ( سكان البوادي ) كثُرَ عديدهم ( وهم مظنةُ ألا يفقهوا الأحكام الشرعية لسبب بعدهم عن حاضرة العلم )  وكان جمعٌ منهم في الحجِّ ؛ فأتمّ الخليفةُ عثمانُ الصلاةَ كيلا يتوهموا أنّ أصلَ صلاةِ الظهر ركعتين ! 

وهذا التوجيه غريبٌ جدًا وبعيدٌ عن الإقناع ؛ فمخالفة سنةِ النبيِّ لا تبرَّر بجهل بعض المسلمين بها . ثمّ إنّه غيرُ متصوَّر حتى من الأعراب جهلهم بعدد ركعات الصلاة في حال تمامها ؛ فيتمها الخليفة كيلا يظنوا أنها ركعتان في أصلها .

  أمّا الفقهاء المتأخرون زمانًا من مدرسة الخلفاء فقد لجأوا إلى تأويلٍ تُعمَّم نتيجته على كلّ مكلّفٍ ؛ بدلاً من أنْ يكون توجيههم إعذارًا  خاصًا للخليفة نفسه .
فقد حاولوا الجمع بين السنة النبوية الثابتة في قصر صلاة المسافر وبين إتمام الخليفة عثمان للصلاة الرباعية في منى ؛ بأنْ أفتوا بأنّ القصر رخصةٌ ومستحبٌّ يسعُ المكلَّف الأخذ بها ، كما يسعه تركها ؛ كما تركها الخليفة عثمان .
وهذا ما عليه المذاهب السنية الثلاثة المعاصرة ( الشافعية و المالكية والحنبلية ) ويكاد يكون مسلّمًا بين فقائهم .
أما الأحناف فيوافقون الإمامية في اعتبار القصر حال السفر  أمرًا إلزاميّاً وواجبًا ؛ لايقوم مقامه الإتمام أبداً.

كلامٌ في قوله تعالى: (( ... فليس عليكم جُناح... )) .
المعنى اللغوي لكلمة : جُناح
 الحرج أو الإثمُ والمعصية
فكأنما يكونُ ظاهرُ الكلام أنه لا إثمَ عليكم ، ولا معصيةَ إنْ قصرتم الصلاة في حال الخوف ( أو السفر ) .

ومن هنا قال قسمٌ من فقهاء مدرسة الخلافة أنّ الآية المباركة لا دلالة فيه على الإلزام لأنها تقول  ( لاجُناح عليكم  ).

وهنا مجموعةٌ من الروايات تفيد الإلزام في قصر صلاة المسافر من جهة ، وتفيد تعميم القصر في السفر حال الخوف أو عدمه :

1 ) جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل رواية عن يعلى ابن أبي أمية أنه قال سألت عمر بن الخطاب عن الآية المباركة :(ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) وقد أمن الناس اليوم ، فلماذا نلتزم بالقصر؟! ، فهو إنما قال ( إن خفتم الفتنة )والآن لا توجد الفتنة؟!
فقال لي عمر : عجبتُ مما عجبتَ منه ، فسألتُ رسول الله  -صلى الله عليه وآله وسلم - عن ذلك ، فقال (صدقةٌ تصدّق بها الله عليكم فاقبلوا صدقته) .  أي أنه حتى لو كانت في الأصل لحال الخوف فإن الله قد أعطاكم عطية وتصدق بها عليكم وعمّمها لحال الأمن ، فلا يناسب أن ترد صدقة الله عز وجل.

هذا الجواب من رسول الله هو أيضاً منقول من طريق أهل البيت عليهم السلام في تبرير ذلك ، في أن المعنى من الآية  ليس الاختيار بين القصر في صلاة المسافر أو إتمامها ، وإنما يجب القصر ، فيوجه المعنى من الآية بأن هذا إنما هو هديةٌ من الله ولايصحُّ ان تُرد هدية الله ، وصدقة من الله ولا يصح أيضاً أن ترد صدقة الله .

2) جاء في سنن النسائي  ، يقول قلتُ لعبد الله بن عمر : (( إنّا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن ولكن لا نجد صلاة السفر في القرآن )) .
 فقال له ابن عمر : (( يا ابن أخي إنّ الله - عز وجل-  بعث إلينا محمدًا - صلّى الله عليه وآله-  ولا نعلم شيئًا وإنّما نفعل كما رأينا محمداً يفعل  )) .
والمعنى أنّ النبيّ – ص- قصر الصلاة في السفر دون خوفٍ ونحن نتّبع سنته  .

 3) ومن مصادر الإمامية .
روايةٌ عن الإمام الباقر  - عليه السلام  -   أوردها الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه.  عن زرارة ابن أعين وعن محمد ابن مسلم ، قلنا لأبي جعفر ( أي الباقر عليه اليلام ) ما تقول في صلاة السفر؟ كيف هي ، وماهي ؟
فقال -عليه السلام - :  إنّ الله - عز وجل - يقول : وإذا ضربتم في الأرض، فلا جُناح عليكم أنْ تقصروا من الصلاة .
فصار التقصير واجباً كوجوب التمام في الحضر  .
فقلنا ( أي الراويان )  : (( إنّما قال الله عز وجل (فليس عليكم جناح )  ، ولم يقل أقصروا من الصلاة )) أوليس هي الرخصة ؟

فقال عليه السلام : ((إن الله  - عز وجل -  قال في الصفا والمروة (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أنْ يطّوف بهما) . ))
أي أنْ التعبير في السعي بين الصفا والمروة ( فلا جُناح ) لم يفدْ الرخصة ، بل إنّ السعي بينهما واجبٌ ؛ وكذلك التعبير هنا بالنسبة لقصر
الصلاة يفيد الإلزام والوجوب – وتسانده سنة النبيِّ - ص-  العملية .
حدُّ المسافة التي يقصر فيها المسافر :
على رأي الإمامية :
يقصر المسافر النازحُ من بلدته مقدار اثنين وعشرين كيلو مترًا ذهابًا ومثلها – بالطبع – إيابًا . فتكون كامل المسافة أربعًا وأربعين كيلو مترًا .

ويكون القصر في أيِّ سفرٍ مهما كان غرضه ، واستثني من ذلك سفران :
أولاً: سفر المعصية :
فالله قد أهدى للإنسان المسلم أنْ يقصر في الصلاة ، وليس للمعاند لربه والعاصي ؛ كمن يذهب الى بلدٍ آخر ليشرب الخمر أو ليوقعَ بين المؤمنين  أو .. ، فهذا يجب عليه الإتمام ؛ لأنّه لا يستحق هدية الله .

 ثانياً : سفر الصيد اللهوي :
ويقصد به صيدُ البرّ أو البحر لهدف اللهو والاستمتاع .
 كمن تكون هذه هوايته  ، وكذلك مَن يشتري - على سبيل المثال-   صقراً بقيمةٍ باهضةٍ ثمّ يقطع مسافةً ليصطادَ  به أرنبًا قيمته بضعُ ريالاتٍ ؛ فهذا لم يستهدف الصيد ليأكله أو ليتكسّب منه ، بل هدفه التسلية فقط .

وعلى رأي مدرسة الخلفاء:
 اختلفت الأقوال من علمائهم بين مسيرة يومٍ وهي مقدارُ اربعة وأربعين كيلو مترًا  ، ومسيرة يومين وهي مقدار ثمانيةٍ وثمانين كيلو مترًا  ومسيرةِ ثلاثةِ أيامٍ بمقدار مئةٍ واثنين وثلاثين كيلو مترًا تقريباً  .

                                  ثانيًا : الصلاة على الميّت
الصلاة على الميّت  : هي عبارةٌ عن دعاءٍ مقسّمٍ إلى أربعة أجزاءٍ . كلٌ جزءٍ تسبقه تكبيرةٌ ، ثم تختم الصلاةُ بتكبيرةٍ خامسة .

شُرّعتْ في السنة الأولى من هجرة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأول من صُلي عليه صلاة الجنازة كان أسعد بن زرارة ،  وهو من نقباء الأنصار وزعمائهم ومن المبكرين في مبايعة رسول الله والإيمان به في بيعة العقبة الأولى والثانية ، ومن المؤسسين لدخول وانتشار الإسلام في المدينة .

بعد هجرة الرسول – ص-  بأشهرٍ توفي ابن زرارة ؛ فأقام النبي عليه صلاة الجنازة بخمسِ تكبيرات – كما هي صلاة الجنازة عند الإمامية اقتداءً بسنة الرسول - .

ينقل الكليني في حديث حول وفاة إبراهيم ابن النبي  -صلى الله عليه وآله - ، فيقول : (( إنّ النبي بعد أنّ كفّن إبراهيم وذهب به الى قبره ؛ وضعه قريبًا من القبر  .  فقال بعضُ المشككين من الناس حينها  : نسي رسول الله أنْ يصلي على إبراهبم لِـما نزل به من الجزع عليه .  فانتصب قائمًا - صلوات الله عليه - وقال : أتاني جبرائيل بما قلتم . زعمتم أني نسيتُ أنّ أصلي على ابني لِـما دخلني من الجزع . ألا وإنّه ليس كما ظننتم ، ولكن اللطيف الخبير فرضَ عليكم خمسَ صلواتٍ ، وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة ، وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى )) .

والحال إنّ ابراهيم مات وهو ابنُ ثمانيةَ عشرَ شهراً ؛ فلا يلزم الصلاة عليه . لم يكن رسول الله ناسياً، ولا يعتريه النسيان بسبب حزنٍ أو ما شابه
.فبين لنا رسول الله صلى الله عليه وآله كيفية الصلاة على الميّت ، وأنّها بخمسِ تكبيراتٍ  - كما يصليها الإمامية اليومَ -  وليس أربعُ تكبيراتٍ كما يفعل غير الإمامية .

والصلاة على الجنازة نوعٌ من التكريم و الاحترام ؛ فكأنّ الله تعالى يُكرمُ المؤمنُ المصلي لله نظيرَ استجابته لنداء ربه في حياته – يُكرمه -حال مماته ؛  فلا يكون الإنسان كالجيفة بل له الكرامة ،ويجب على المسلمين أن يبادروا إلى تجهيزه وتغسيله وتكفينه وأن يقدموه الى ربه بالشهادة له( اللهم ان هذا عبدك وابن عبدك ، نزل بك وأنت خير منزولٍ به، اللهم إنّه احتاج الى مغفرتك ورضوانك عنه ، فإنْ كان محسنًا فزد في حسناته ،  وإنْ كان مسيئًا فتجاوز عنه .  اللهم إنّا لا نعلم من ظاهره الا خيرًا  ...

وصلاة الميّت فرضٌ كفائيٌ  . و لايشترطُ فيها الطهارةُ الحدثية ولا الخبثية  . وشأنها شأنُ الصلاةِ اللفظيةِ على محمدٍ وآل محمد ؛ من حيث خلوّها من الركوع والسجود .
فالصلاةُ اللفظيةُ على محمد وآل محمد تشريعٌ  قرانيٌّ ، وتشريعٌ نبويٌّ ؛ فهي من ضمن العبادات.
فتشريعها في القرآن قوله تعالى : ( إنّ الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )  الأحزاب 56 .

أمّا الروايات الواردة في الصلاة على النبي واله فهي كثيرةٌ . ومنها قوله – صلّ الله عليه وآله  :(( ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليَّ فإنها تُذهبُ بالنفاق )). (( إنّ أولى الناس بي يومَ القيامة أكثرهم عليّ صلاةً )) وهذه  الصلاة لا ترتبط بمكانٍ ولا زمانٍ ولا بكيفية ولا بعبادةٍ أخرى . وهي أفضل الأذكار  ، لأنها تحوي كلّ الاعتقادات .
تحوي الاعتقاد بالله تعالى ؛ إذ تبدأ بنداء الله : اللهمّ .
وتحوي الإيمان بيوم القيامة ؛ لأنّ هذه الصلاة عبارة عن طلبٍ من الله أنّ يجازي النبيّ – ص-  لقاء تبليغه الرسالة . وكذلك فيها الإيمان بعدل الله من مجازاة المحسن على إحسانه .
وفيها الاعتقاد بنبوة النبيِّ وبإمامة نسله الطاهرين ؛ وذلك في قولِ ( ... محمدٍ وآل محمد )) فهذا الذكر يحمل جملة عقائد يكررها المؤمن على لسانه في كل حال  .

مرات العرض: 5735
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 53842.75 KB
تشغيل:

تشريع صلاة الآيات والعيدين والاستسقاء 11
تشريع الصيام في الديانات السماوية والاسلام 13