9- محمد بن إدريس إمام المذهب الشافعي.
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 9/9/1438 هـ
تعريف:

محمد بن إدريس إمام المذهب الشافعي

تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال

قال سيدنا ومولانا رسول الله (ص): "من صلى علي ولم يصل على عترتي فلا صلاة له"،
هذا الحديث المروي عن رسول الله (ص)، هو الذي نظمه إمام المذهب الشافعي، محمد بن إدريس، في شعره المعروف: يكفيكم من عظيم الشأن أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له
وهو أيضا مطلع حديثنا عن حياة إمام هذا المذهب، ضمن الحديث عن تاريخ المذاهب في الإسلام. المذهب الشافعي من حيث الترتيب الزمني، للمذاهب الأربعة المعروفة، هو الثالث، بعد مذهب أبي حنيفة، ومذهب مالك، يأتي حسب الترتيب التاريخي: المذهب الشافعي.
الشافعي قرشي وقيل إنه يلتقي مع النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في الجد الأعلى، وإن تأمل بعض الباحثين، في أن قرشية الشافعي ليست بالنسب وإنما هي بالولاء. وعلى أي حال، المشهور، أنه قرشي ويلتقي مع النبي (ص)، في الجدود العالية لبني هاشم.
ولادة محمد بن إدريس الشافعي، كانت في سنة 150 هجرية، وهي نفس السنة التي توفي فيها أبو حنيفة؛ ولذلك ضمن المناكفات التي تحصل بين أتباع المذاهب عادة، يتحدثون عن هالتوقيت بين موت أبي حنيفة، وولادة الشافعي، الأحناف يقولون: لم يجرؤ إمامكم أيها الشافعية إلى قدوم إلى الدنيا إلا بعد موت إمامنا. والشوافع يعكسون المسألة، فيقولون: لم يتحمل أبو حنيفة مجيء إمامنا فمات قبل أن يأتي، وهذه ضمن المناكفات التي تحصل بين أتباع المذاهب، المهم أن ولادة الشافعي، صادفت نفس السنة، التي توفي فيها أبو حنيفة، وعاش، محمد بن إدريس الشافعي إلى سنة 204 هجرية، وهو بهذا المعنى، يكون معاصرا جدا للإمام الرضا سلام الله عليه، حيث أن ولادة الإمام الرضا قريبة من هذا الوقت، ووفاته أيضا في 203، أو 204.
بناء عليه، مثل محمد بن إدريس، عمره قصير يعتبر، مثلا: بالنسبة إلى مالك من 93 إلى 179، وبين هذا حوالي 54 سنة، تعتبر حوالي فترة قصيرة جدا، مع ذلك يعد مذهبه اليوم من المذاهب المنتشرة والواسعة، ولعلنا نتحدث عن هذا الجانب مستقبلا، كانت بدايته في الدرس كما ذكروا، أولا، بدأ في أخذ اللغة العربية، ورحل إلى البادية، وعاش فيها كما قالوا، مع قبيلة هذيل، عشر سنوات، في البادية، وهذا اكسبه قوة بلاغية، ومخزونا لغويا كبيرا، وهو شاعر من الشعراء، المهمين، يعني شعره شعر جيد، لم يذكر هذا في حق باقي أئمة المذاهب، لكن للشافعي شعرا قويا، وربما نقل عنه أنه لم يكن ينشد الشعر كثيرا لأنه لم يتعود الناس، أن يكون العالم الفقيه شاعرا، لولا أن الشعر يزري بالعلماء، لكنت أشعر من لبيد، كما نسب إليه. مع ذلك ما برز منه من شعر هو شعر قوي وجيد.
قبل هذه الفترة، بدأ بطلب العلم في مكة. لفترة من الزمان، في تلك الفترة، برز مالك بن أنس، باعتباره الفقيه الرسمي الأكبر في أيام المنصور العباسي، والدولة العباسية، وذكرنا فيما سبق كيف أن المنصور أشار عليه، أو طلب منه، أن يؤلف الموطأ، وأنه أعطاه صلاحيات واسعة، وعظمت بذلك شخصيته في المدينة، فرحل الشافعي من مكة إلى المدينة، لكي يدرس الحديث على يد مالك، مالك ذاك الوقت، كان معروف هو المذهب الأصلي الذي يعتمد على الحديث والرواة والرجال، وكان أشهر من غيره في هذا، طبعا احنا ناقشنا في هذه النقطة، في ليلة مضت، ولكن بشكل عام، كان هو المذهب المعروف، أي المذهب المالكي، في حرصه على قضية النصوص والروايات وأحاديث النبي. فجاء، قالوا: بتوصية من والي مكة، إلى مالك، أنه هذا معروف عندنا ويريد يدرس عندك، وإلى آخره. وهذا يبين أنه مالك تحول إلى شخصية من هذا النوع، اللي من يدرس عنده يحتاج إلى توصية من قبل والي آخر. فجاء وبقي يدرس على مالك. قالوا: خمس سنوات. استوعب هذا المعنى، هذا المنهج من عنده، أخذ الحديث، سمع منه، حفظه، تعلم قضايا الرجال، التي ترتبط بأمر الحديث وروايته، توفي مالك سنة 179.
بعد وفاة مالك، إلى الآن، محمد بن إدريس، ما عرف باعتباره صاحب مذهب كبير، ووضعه المادي لم يكن وضعا مريحا، لذلك قالوا: عندما زار قاضي اليمن، نبينا محمد (ص). زار قبر النبي (ص)، صادف أن اجتمع معه الشافعي، تعرف عليه، بالتالي وجد شابا، يعني في حدود 35، 38، من العمر، رجل عنده مثلا، معرفة لغوية كبيرة، وعنده أيضا معرفة فقهية، وكأنما عرف عنه حاجته المادية، وأنه وضعه المادي غير مريح، فتفاهما على أن يأتي معه إلى اليمن، لكي يعينه قاضيا في نجران. القاضي مال كل اليمن، قله تعال، أنا أعينك قاضي في نجران. أنت عندك علم ديني، وهذا مجالك، وستكسب مبلغا من المال، ليعينك على أمر حياتك. فجاء معه إلى اليمن، وصار قاضي في نجران. في تلك الفترة اللي هي فترة زمان هارون الرشيد، اليمن كان فيها هاشميون، وكان فيها حركة ضد الخلافة العباسية، أساسا اليمن شهدت في أكثر من مرحلة من مراحلها مثل هذا الأمر. ففي تلك الفترة أيضا كان هناك تحرك من قبل بعض الهاشميين، ضد الخلافة العباسية، والي اليمن اتهم جماعة، بممالأتهم لبعض بني هاشم، وأنهم يحضرون لثورة أو انقلاب أو غير ذلك، وذكر اسم الشافعي بينهم. وأن هذا لسانه يعمل أكثر مما يعمل سيف غيره، عنده لساني، قدرة لغوية، إقناع، هذا شغله أكثر من السيف. فأمر هارون أن تجلب المجموعة كلها، فأرسل عشرة أشخاص مخفورين من اليمن إلى بغداد، وبضمنهم الشافعي محمد بن إدريس.
قالوا: أنه تسعة من هؤلاء قتلوا، وبقي محمد بن إدريس الشافعي، بعد أن دافع عن موقفه محمد بن الحسن الشيباني، والفضل بن الربيع، وهو أيضا تحدث مع هارون، الباقي راحت في شيسهم. هذا تحدث في شأنه محمد بن الحسن الشيباني الذي هو التلميذ الثاني الأهم لأبي حنيفة. أبو حنيفة عنده تلامذة أهمهم، وأقواهم نفوذا، كان أبو يوسف القاضي، زمان هارون، الثاني من حيث القوة والمرتبة والوجاهة الاجتماعية، كان محمد بن الحسن الشيباني، لعله وجد في الشافعي رجل لديه علم، ومستوى جيد، فدافع عنه، وأنه إذا عنده شيء، فهو موجود حتى مثلا عند أبي حنيفة من الميل لبني هاشم، لكن هذا ما يستوجب أن يعدم بهذا السبب، أو أن يقتل. أن واحد يحب بني هاشم، هذي مو جريمة، اللي تستوجب أن واحد يقتل بسببها. قالوا: بأنه دافع عنه محمد بن الحسن، واحد، والثاني: الفضل بن ربيع، في ديوان هارون الرشيد، كان هناك بحسب رأي بعض الباحثين، خطان: خط البرامكة، اللي يصنف على غير العرب، وهذا الخط، ينقل عنه أنه كان خطا تصعيديا، وذكرنا احنا في محاضرة، عن الإمام الكاظم (ع)، أن موقف البرامكة، من أهل البيت كان موقفا متشددا جدا، والبعض يتهم البرامكة أن لهم يدا في قتل الإمام الكاظم (ع)، وأن السندي بن شاهك، هو من جنودهم. ولذلك نقل في رواياتنا أن الإمام الرضا (ع) كان يدعو على بني برمك بعد شهادة الإمام الكاظم، وبالفعل، بعد هذه الحادثة بحوالي أربع سنوات، نكبوا.
كان هذا خط وتوجه، وأكو هناك خط آخر، اللي يصنف على العرب، رأسه: الفضل بن الربيع، طبعا احنا ما نقدر نسلم بمثل هذا، أن هذا، لأنه عربي، خوش مواقف عنده، أو ذاك لأنه غير عربي، خوش مواقف، لا كثيرا ما كانت هي حالات تنافس مالي وسلطوي ورئاسي، أكثر الأوقات. اللي حصل يذكر، أن الفضل بن الربيع كان قد دافع عن محمد بن إدريس، وهو نفسه تكلم وأصحر بحجته، فتم استبقاؤه وتم العفو عنه.
إذا صح ما نقل من أن محمد بن الحسن الشيباني، وهو تلميذ أبي حنيفة، قد دافع عن محمد بن إدريس، وهو تلميذ مالك، وبين المذهبين تنافس في كثير من الأحيان، ومع ذلك دافع الشيباني الحنفي عن الشافعي الذي هو تلميذ مالك، إذا صح هذا الكلام، فإنه يعد نبلا أخلاقيا لمحمد بن الحسن الشيباني.
عادة في مثل هالحالات الواحد ينكب الآخر، ما دام هذا من الجماعة المخالفين، يتآمر عليه، يسقطه، إذا يقدر يخلي له قشرة موز، يزلقه، طيب. أما أن يجي هذا، وهو محكوم بالإعدام تقريبا، فيأتي وهو من مذهب آخر، ومن مدرسة أخرى منافسة، ويدافع عنه، فهذا يعد نبلا أخلاقيا، إذا تمت هذه الرواية، يعظم شأن هذا الرجل بمثل هذا الموقف الأخلاقي.
أنا أختلف وياك في مذهبي، في ديني، لكن الأخلاق ليها دور، الخيانة قبيحة، الغدر قبيح، التحريض قبيح، إزهاق الأرواح قبيح، أن أستغل الفرصة لإسقاطك لأنك منافس، هذا قبيح. النبل مو هنا، أنه أنا وأنت تخالفني أدافع عنك حتى أحافظ على حياتك، هذا نبل. هذا سمو أخلاقي، فإذا تمت هذه الرواية، بالفعل هذا الرجل يعد نبيلا من الناحية الأخلاقية.
المهم، صار الشافعي عفي عنه، وبقي في بغداد، بقي في بغداد، وبدأ يدرس العلم على يد محمد بن الحسن الشيباني نفسه، محمد بن الحسن الشيباني يعد من أهم تلامذة، أبي حنيفة، بل بعض الباحثين، دوره في المذهب، أهم من دور أبي حنيفة، لأن تدوين الفقه وأدلة الفقه، من عنده، الكتب من عنده، الاستنتاجات من عنده، الثقافة الفقهية من عنده، أبو حنيفة ما كان عنده كتب كثيرة، تعكس صورة المذهب، كتب من هي التي عكست صورة المذهب محمد بن الحسن الشيباني، فهذا درس عنده الشافعي، ومن خلال هذه الدراسة، تكون له منهج جديد.
لذلك يقولون: الشافعي، أيام دراسته، على مذهب مالك، كان يميل إلى توجه الحديث، لما درس في العراق، في بغداد، على يد محمد بن الحسن الشيباني، بدأ يأخذ قضايا الأصول، والقواعد الفقهية، والاستدلالات، ويبني بناءه الفقهي على هذا الأساس الجديد. فتكونت له بذرة مذهب جديد.
لذلك الشافعي يقولون: عنده مذهبين، وفتويين، حتى لما ينقلون، يذكرون: رأي الشافعي في القديم، كذا، وفي الجديد كذا. القديم، مذهب أيام ما كان يدرس على يد مالك، لما إجا العراق، وصارت عنده قواعد جديدة، تألف في الأصول كتاب الرسالة، كتاب الرسالة كتاب أصولي ضمن ثقافة الباحثين غير الشيعة، يقولون: أول تأليف أصولي هو كتاب الرسالة للشافعي. عند الإمامية، يقولون: لا، هناك من ألف من تلامذة الإمام الباقر والصادق عليهما السلام، في الأصول، وهما سابقان، يعني الإمام الباقر والصادق، سابقان على الشافعي وتلامذتهما أسبق عليه. بس توجه هذا التوجه وصار عنده ما يشبه المذهب الجديد، الآراء الجديدة، الأفكار الجديدة. بقي في بغداد، إلى سنة 199 هجرية. من ذلك بعد زيارة إلى مكة والمدينة، انتقل إلى مصر، واستقر فيها إلى آخر حياته، في سنة 204. سنواته الخمس الأخيرة، كان فيها في مصر، وهناك بعد دعم مذهبه الجديد والتزم به. كأنما ترك المذهب القديم، مال المدينة، ومال تأثره بمالك، ومال الاعتماد الوحيد على الروايات لصالح هذا الشيء الجديد، اللي فيه استدلالات وقواعد وأصول، وما شابه ذلك.
بقي في مصر، لما أول ما إجى إلى مصر، الناس عرفوه بأنه تلميذ مالك، وكان حضور المذهب المالكي في ذاك الوقت اللي إجى كان حضورا قويا. فلما عرفوا هذا من تلامذة مالك أعلوا من شأنه، والتفوا حوله، بعد ذلك، بدأ الشافعي بانتقاد آراء مالك بن أنس، والاستدلال على مخالفتها مثلا لبعض الروايات ولبعض القواعد، بدأ ينتقد، هذولا قالوا: شنو هذا قاعد يسوي، يكسر أستاذنا وإمامنا ورئيس مذهبنا، فاتخذوا موقفا سلبيا منه، بل وصل الحال كما يذكر الذهبي، وهو شافعي المذهب، وصل الحال ببعض تلامذة مالك، ومنهم: أشهب، أشهب واحد من تلامذة مالك بن أنس، وكان دوره في مصر دورا مهما، يعني بنى جانبا مهما من اقتداء الناس بالذهب المالكي، الآن هذا الشافعي جاي وأخذ أنظار  الناس وبدأ ينتقد مذهب مالك ويفند أدلته ويعارضه في اختياراته، فحنق عليه، ووصل الأمر إلى أنه كان يدعو عليه، يقولون في سجوده، كان يدعو عليه: اللهم أمت الشافعي وإلا ذهب علم مالك، يا رب تموته وإلا راحت جهودنا في نشر مذهب مالك، تذهب أدراج الرياح. ولما وصل الخبر إلى الشافعي، أنه ترا فلان يدعو عليك بالموت، تمثل بقول القائل:
تمنى أناس أن أموت فإن أمت
فتلك سبيل لست فيها بأوحد
قسم من الناس يتمنوا أنه أنا أموت، خوب هذا الموت مو بس أنا اللي باروح، أنا وغيري أيضا أروح، قبلي ناس راحوا، وبعدي ناس راحوا، وأنا أيضا سوف أذهب، وبالفعل يقولوا: الشافعي مات سنة 204 هجرية، بعده بأسبوعين هذا أشهب الذي كان يدعو عليه أيضا التحق به. الظاهر ما صبر عليه زايد.
فتلك سبيل لست فيها بأوحد، وهذا طبعا، منهج ليس منهجا صحيحا ولا سليما، أنت عندك مخالفة علمية لشخص، ناظره بالحجة والبرهان، أما تدعو عليه، وما أدري كذا وتطلب من الله أن يميته، هذا ليس هو المنهج الصحيح، بعض الباحثين، شيء أكثر من هذا يذكر، وإن صح هذا، فهو شيء سيء جدا.
بعض الباحثين يذكر: لا، الشافعي ما مات ميتة طبيعية، وإنما ضربه أحدهم، بمفتاح حديد في جبهته وكان ذلك سبب موته، مفاتيح ذلك الزمان مو مثل هالأيام بعد، طيب. سنجة حسب التعبير، فضرب بمفتاح حديد في جبينه ومات على أثر ذلك. ونسبوا إلى هذا أو ذاك، البعض يرد هذا، أمر أن الشافعي مات ميتة بهذا النحو، وإنما مات ميتة طبيعية، حتف أنفه. إذا كان هذا، فهو أمر الله عز وجل، وإذا كان ذاك الشيء الثاني، فهو يعد من إحدى النقاط السوداء في الاختلاف المذهبي، أن يلجأ مثلا بعض أنصار مذهب، إلى العنف لقتل إمام مذهب آخر. إذا صحت هذه الرواية، على كل حال، هذا فد إجمال، لحياة هذا العالم محمد بن إدريس.
كيف كان موقفه تجاه أهل البيت (ع)؟
موقف الشافعي لدى الكثير يبدو نه واضح، في تعاطفه مع أهل البيت، في أشعاره الكثيرة، لكن هنا نقطة، ينبغي أن نشير إليها، لأنها إلى الآن لا تزال مصدر كلام وحديث. وهو أن بعض علماء الشيعة وخصوصا المحدث الفقيه الشيخ يوسف البحراني رضوان الله تعالى عليه، صاحب كتاب الحدائق الناضرة، وهو كتاب في الفقه عظيم الفائدة، من المدرسة الإخبارية، ولكن الرجل فقيه بحق، يعتمد عليه كبار علمائنا وآراءه آراء معتنى بها، مو أي رأي هكذا، ما يمرون عليه مرورا عابرا، رجل ثقيل من الناحية العلمية، لكن بعد لكل جواد كبوة. المحدث البحراني رضوان الله تعالى عليه، لما قرأ أو سمع أن الشافعي قال: لو فتشوا قلبي رأوا وسطه سطرين، قد خط بلا كاتب، العدل والتوحيد في جانب، وحب أهل البيت في جانب. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد.
سوا قصيدة شديدة اللهجة، ضد الشافعي، مطلعها: كذبت في دعواك يا شافعي، فلعنة الله على الكاذب. على نفس القافية وعلى نفس الوزن: بل بغض أهل البيت في جانب، وحب أشياخك في جانب. واستمر على هذا المعدل. طبعا، بعض الطائفيين، لما عثروا على هذه القصيدة، هللوا وكبروا، انه شوفوا، هذا رأي الشيعة جميعا فيكم يا أيها الشافعية، وفي إمامكم ومهم بالنسبة إلى هؤلاء الطائفيين، أي كلمة نابية، وأي حديث شديد، ضد أي فريق من فرق المسلمين، من قبل أي شخص من شيعة أهل البيت، بغرض محدد وهو زيادة الفاصلة – صلوا على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. تجد هؤلاء عندما يعثرون على أي كلمة، في أي مكان، من قبل أي شخص، من شيعة اهل البيت، يروح يجيبها يكثرها، يصورها، يعممها، هذا موقف، هذا موقف الشيعة تجاهكم أيها المسلمون، هذا موقف الشيعة تجاهكم أيها الأحناف، أيها الشافعية، أيها الحنابلة، كذا، طيب، أيها المالكية، الغرض من هؤلاء، غرض من هؤلاء الطائفيين، مو الحرص على ذاك الإمام أو هذا الإمام، لأنه قد يكون هو نفسه، لا يعترف به، زين، سيأتي أن بعض المتعصبين لم يوثقوا الشافعي كما سيأتي بعد قليل، فهذا مو حرصه على كرامة هذا الإمام أو ذلك الإمام، وإنما قصده هو زيادة الفواصل بين شيعة أهل البيت وبين غيرهم، لذلك الواحد لازم ينظر نظرة دقيقة أن هذه الكلمات النابية والكلمات الشديدة، مو بس ما فيها منفعة، فيهات أضرار كثيرة. المهم أن هذا يشهر. هذه قصيدة المحدث البحراني، رحمه الله. نقول: لكل جواد كبوة، من العجيب أن المحدث البحراني، رضوان الله تعالى عليه، وهو هذا العالم الكبير، لم يلتفت أن أصل هذين البيتين ليسا للشافعي حتى انا أروح أصليه بكلامي. الشافعي لا يقول العدل والتوحيد في جانب، ليس من المدرسة العدلية، هذا الشعر إنما هو للصاحب بن عباد، كافي الكفاة، وزير الدولة البويهية، متوفى سنة 383 هجرية، وهو معروف عنه، سجله عليه من كان معاصرا له مثل الشريف المرتضى، المتوفى سنة 435 هجرية، الشريف المرتضى، في كتابه الأمالي والغرر والدرر، يذكر كلاما عن الصاحب بن عباد وهو إمامي شيعي، يقول: ومن شعره، قوله: لو فتشوا قلبي رأوا وسط سطرين، قد خطا بلا كاتب، العدل والتوحيد في جانب، وحب أهل البيت في جانب. وهذا منسجم مع رأي الإمامية، الذين يعظمون العدل إلى جانب التوحيد. الشافعي ليس من هذه المسألة، ليس من هذه المدرسة، طيب. فلم يكن هذا الشعر للشافعي حتى أنا المحدث البحراني أجي وأتكلم ضده في قصيدة مفصلة: بل حب أشياخك في جانب، وبغض أهل البيت في جانب. و، ما يحتاج هذا كله، أصل القضية لم تكن، هالبيتان لم يكونا للإمام الشافعي، وإنما هما للصاحب بن عباد، فأنا كل هالتعليق الي صار عليه ما إله داعي، لكن بعد العصمة لأهلها، ولكل جواد كبوة، وكان الأنسب بمقام المحدث البحراني، أعلى الله في الجنان مقامه، أن يتأكد من أصل النسبة، ثم بعد ذلك يعلق عليها، حتى لا تصير خبطة من هالنوع. طبعا آخرون فيما بعد، إجوا وقالوا: إي هذا للشافعي، ليس للشافعي، الصحيح أنه للصاحب بن عباد، القدامى نسبوه إليه، والمحققون من المتأخرين أيضا كذلك، موقف الشافعي من أهل البيت كان واضح التعاطف، وصريحا ومعلنا فيه، أشعاره المنتشرة والمشهورة، المصحح نسبتها إليه، تعرب عن ذلك بل حتى من خالفه، كان يرى أن له هذا المقدار من التعاطف، يقولون: أن يحيى بن معين، وهو يسمونه: إمام أهل الجرح والتعديل، حنفي المذهب، وهاي مشكلة أحيانا تأثر الشخص بخلفياته المذهبية في جرح وتوثيق الآخرين، لاختلافه معهم، يحيى بن معين، حنفي المذهب، لما يجي إلى الشافعي، يذكره، لأن يحيى بن معين كان بعد زمان الشافعي بقليل. لما يجي إلى ذكر الشافعي، لا يوثقه، ما يعتبره ثقة، إمام مذهب بهذا الحجم وبهذه السعة، بس لا يراه ثقة، ليش؟ قال: لأنه شيعي، باعتبار عنده أن صاحب البدعة لا يوثق، فهذا ليس بشيعي، أحمد بن حنبل، إمام المذهب الحنبلي، هم تلميذ للشافعي وتلميذ ليحيى بن معين، تلميذ لكليهما، فراح أحمد بن حنبل، إلى يحيى بن معين، اللي أخذ منه العلم، قال له: أنت ليش ما موثق هذا، لما؟ تمنع من الأخذ من الشافعي، قال: لأنه شيعي، قال: كيف عرفت أنه شيعي، قال: لأني رأيت في كتاب البغاة، يستدل من أوله إلى آخره بقول علي بن أبي طالب، هذا يتبين شيعي، وبالتالي سيكون صاحب بدعة، وإذا صاحب بدعة لا يحتج به. قال: سبحان الله، هذا أحمد بن حنبل، ها، قال: سبحان الله، فبمن كنت تريد أن يستدل إن أول من ابتلي بقتال أهل البغي، فمن الطبيعي أنه هذا يستدل بكلمات الإمام علي وسلوكه. افترض الخليفة الأول واجه جماعة، بس هذولا ما صنفوا عندنا بأنهم بغاة، وإنما بأنهم مرتدون، وهكذا بالنسبة إلى سائر الخلفاء، ما واجهوا بغاة، وإنما الذي واجه البغاة هو علي بن أبي طالب، يعني جماعة من المسلمين، كان يفترض أن يبايعوا، ولكنهم لم يبايعوا الخليفة والإمام، بغوا عليه وثاروا عليه، فالإمام (ع) في مورد اللي من كان لهم فئة، كان له سلوك معهم، يعني اللي عندهم جماعة مثل أهل الشام، كان يعاملهم بطريقة، ومن كان ليس له فئة، مثل أهل البصرة، جماعة حرب الجمل، كان يعامله بطريقة أخرى، هذي الطريقة، فما كان أكو أحد من أصحاب النبي، ابتلي بقتال البغاة، طبيعي أن يستدل بكلام علي بن أبي طالب وبأقواله.
الشاهد: أريد أقول لك: أنه إلى هالدرجة كان معروفا عن الإمام الشافعي التعاطف القلبي والنفسي، مع أهل البيت (ع)، مع ذرية النبي (ص)، إلى حد أن مثل يحيى بن معين، اتهمه بالتشيع، فلم يوثقه. وأما كلماته وأشعاره فهي كثيرة، أشهرها: هذا البيت، أو البيتان اللذان تردد في المحافل:
يا آل بيت رسول الله حبكم
فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الشأن أن لكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له
اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد.
أو هذه الأبيات ذات القافية الضاد، التي نقلت عنه مكررا، وينقلها السبكي، وهو من أعلام المذهب الشافعي، عنده كتاب: طبقات الشافعية، وينقل بسنده المتصل إلى صاحب الإمام الشافعي، الربيع بن سلمان المرادي، يقول: خرجنا مع الشافعية من مكة يريد منى، فلم ينزل واديا، ويصعد شعبا إلا وهو يقول:
يا راكبا، قف بالمحصب من منى
واهتف بساكن خيفها والناهض
فحرى إذا فاض الحجيج إلى منى
فيضا كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضا حب آل محمد
فليشهد الثقلان أني رافضي
اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد.
ينسب إليه أيضا:
آل النبي ذريعتي وهم إليه ووسيلتي
أرجو بأن أعطى غدا بيد اليمين صحيفتي
وغيرها، ومن أرقها، قصيدة في الإمام الحسين (ع)، ويبدي فيها تأثره وتفجعه وتوجعه لما حصل للإمام الحسين (ع)؟ يقول:
تأوب قلبي والفؤاد كئيب
وأرق نومي والسهاد عجيب
فمن مبلغ عني الحسين رسالة
وإن كرهتها أنفس وقلوب
من يودي رسالة وخبر إلى الإمام الحسين، حتى وإن كان هناك أناس يكرهون مثل هذه الرسالة، ومثل هذه العلاقة.
فمن مبلغ عني الحسين رسالة
وإن كرهتها أنفس وقلوب
قتيل بلا جرم، قتيل بلا جرم كأن قميصه
صبيغ بماء الأرجوان خضيب
فللسيف إعوال وللرمح رنة
وللخيل من بعد الصهيل نحيب
يعني هذي حتى الخيول بعدما قتل الحسين (ع)، بكت ونحبت وتأثرت على أبي عبد الله الحسين صوات الله وسلامه عليه.
يصلى على المختار ويغزى بنوه
إن ذا لعجيب
يعني هذا من الأمور غير الطبيعية، أن الناس في صلواتهم يصلون على النبي، ولكن مع يشنون الغارة والحرب على أبنائه، كالحسين، صلوات الله وسلامه عليه.
الإمام الحسين كان محلا لإثارة الشجى والأسى، لكل قلب منصف ولكل ضمير متيقظ، ولذلك لا تنس مصيبته على تقادم الزمان وعلى مدى الأيام

مرات العرض: 3478
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2555) حجم الملف: 50092.53 KB
تشغيل:

11- أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي.
12- من معالم المذهب الحنبلي وآرائه.