11- أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي.
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 11/9/1438 هـ
تعريف:

أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي

تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال
قال سيدنا ومولانا رسول الله (ص): "يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق". صدق سيدنا ومولانا رسول الله (ص).
هذا الحديث مما استدل به إمام المذهب الحنبلي أحمد بن محمد بن حنبل، الشيباني، على حديث آخر، وقد سأله سائل مستنكرا: هل يصح حديث أن عليا قسيم النار، أن عليا قسيما النار، أو لا؟ فأجابه أحمد، بقوله: وما تنكرون من ذلك؟ ألم يروى عن رسول الله (ص)، قوله لعلي: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق". قالوا: بلى. قال: فأين يكون المؤمن، قيل: في الجنة. فأين يكون المنافق؟ قيل: في النار. قال: فتلك قسمة النار والجنة.
من هذا الحديث ننطلق للكلام عن حياة إمام المذهب الحنبلي، الذي ولد في سنة 164 هجرية، وتوفي في 241 للهجرة. أحمد بن حنبل الشيباني هو من حيث الترتيب في المذاهب الأربعة الرسمية، في ضمن مدرسة الخلفاء، يعد آخر المذاهب، وبعده لا يوجد هناك اعتراف بمذهب آخر، بناء على ما سبق الحديث عنه، من أن القادر العباسي، المتوفى سنة 421 هجرية، قد منع تعدد المذاهب غير هذه الأربعة، ومنع الاجتهاد أيضا، في داخل المذاهب، بأن يتخذ الإنسان رأيا مخالفا لإمام هذه المذاهب، إلا إذا كان على نحو الترجيح بين أئمة هذه الأربعة.
أحمد بن حنبل، يعد من المحدثين، أكثر مما يعد من الفقهاء. وإنتاجه أيضا في هذا الإطار أكثر، وربما لهذا السبب، لم يعده الطبري، فقيها في كتابه: طبقات الفقهاء، وإنما عده محدثا من المحدثين، نظرا لأن الفقيه في العرف هو من يستدل على آرائه، ومن يستنبط من الأحاديث، ومن تناقش أراؤه ويناقش آراء الغير، وأن هذه الصبغة، هي الصبغة الغالبة، وهذا الأمر بالنسبة إلى ابن جرير الطبري، لم يكن عند الإمام أحمد بن حنبل. وقلنا أن هذا مثلا جر على الطبري بعض المشاكل ممكن ينهجون منهج أحمد بن حنبل.
الفترة الل يعاشها فترة طويلة، ولذلك تتمدد، بحسب الخلفاء، من زمان هارون العباسي، إلى أيام المأمون، إلى أيام المعتصم، أخ المأمون، إلى أيام الواثق، ابن المعتصم، إلى أيام المتوكل، ابن المعتصم أيضا. هذه الفترة، وهي فترة طويلة، تعتبر، وفترة متحركة، في زمان الخلافة العباسية، عاش فيها إمام المذهب الحنبلي أحمد، وسنأتي على بعض ما جرى عليه فيها.
بحسب تاريخ المعصومين (ع)، أحمد بن حنبل، عاصر زمان الإمام الكاظم (ع)، والإمام الرضا، والجواد والهادي، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. أخذ العلم في البداية، والعلم بالنسبة إلى أهل هذا المنهج، يعني تلقي الحديث، فكان ينقل عنه، دأبه في تحصيل الأحاديث، والسفر إليها، هو ولادة بغداد، ولكن مع ذلك سافر إلى الحجاز، المدينة، مكة، لطلب العلم، وبقي فيها مدة، وأخذ من علمائها، ذهب إلى البصرة، أيضا كذلك، ذهب إلى الكوفة، وأيضا كذلك، وهكذا ذهب إلى اليمن. الغرض من كل هذه الجولات، هو تلقي الأحاديث، عن رسول الله (ص)، طبعا الصحابة في ذلك الوقت لم يكونوا موجودين. يعني سنة 164 ولادته، قول: إذا بدأ بعد 20 سنة، يعني 184، فلم يبق الصحابة، ولا التابعون، وإنما تلامذة التابعين، كانوا موجودين، وبالذات أئمة المذاهب الفقهية، مثلا تلميذ من تلامذة محمد بن إدريس الشافعي، إمام المذهب المعروف، وهو أيضا تلميذ إلى عبد الله بن المبارك، وهو من محدثي ذلك الزمن. وتلميذ شيخه هشيم بن بشير، وغير هؤلاء ممن عدوهم.
من النقاط الفاصلة في حياة أحمد بن حنبل، كانت قضية خلق القرآن، وهذه المشكلة، التي حدثت في زمان المأمون، واستمرت إلى أيام المتوكل، هالفترة الطويلة، مع عدة خلفاء، خلفت جروحا كثيرة في الأمة. وفيها الكثير من العبر والعظات، أهمها قبح تدخل السلطة السياسية في فرض الآراء العقائدية والدينية على الناس. أوضح مثال لقبح وشناعة تدخل السلطان والحاكم والرئيس في عقائد الناس وأفكار الناس، لازم تؤمن بهالفكرة هذه، وإذا ما تؤمن تعاقب! هذي كانت من أوضح عبر ودروس تلك الفتنة، ويا ليت أن الأمة، فهمت هذا الدرس، ولكن للأسف لم يحصل هذا. لا يزال الأخلاف يكررون نفس خطأ الأسلاف، من فرض الحاكم والسلطان الآراء العقائدية أو الفقهية، على الناس. فإذا تغير الحاكم وجاء غيره مخالفا لها، صارت ورطة جديدة. وهذا الذي حصل.
مختصرا في زمان المأمون، وزمان المعتصم، وزمان الواثق، كان هؤلاء الخلفاء يعاقبون من لم يؤمن بأن القرآن مخلوق، أي واحد ما يؤمن بأن القرآن مخلوق يعاقبونه، جلدا، ضربا، سجنا، حصل قتل أيضا. لما انقضى زمان هؤلاء. جاء زمان المتوكل، صارت السلطة تعاقب كل من قال بأن القرآن مخلوق، اللي أمس كان معزز مكرم، اليوم مهان ومسجون ومسحوب. طيب.
أنت خليفة، أنت سلطان، شغلك الأصلي، تدبير التنمية، تدبير العمران، تدبير البلد، شنو يدخلك بأن القرآن مخلوق أو غير مخلوق! خليك في شغلك، وهذه الأمور خليها ضمن من يشتغل بها في الحوارات العلمية والنقاشات المعرفية، ضمن هذا الإطار، لكن بعد، هذه التجربة المرة، خاضتها الأمة، شنو معنى هاي: فتنة خلق القرآن، خلينا أشرح إلك ولو بشكل مختصر.
لما جاء المعتزلة والمأمون تأثر بآرائهم، قالوا: بأن القرآن مخلوق، يعني شنو مخلوق؟ إجو وقالوا: هذا الكون، كل ما فيه مخلوق للخالق الواحد الأحد، أكو خالق وهو الله سبحانه وتعالى، وما عداه مخلوق، هذي فكرة، القرآن الكريم هل هو الله؟ كلا، إذا مو ربنا فإذن هو مخلوق. ما عدا الله، ومن عدا الله ، سبحانه وتعالى، هو مخلوق، والقرآن هذا أيضا مخلوق.
أهل الحديث واللي من ضمنهم أحمد بن حنبل ومن يسلك خلاف هذا المسلك، ماذا قالوا؟ قالوا: بأن هذا القرآن، هو عبارة عن علم الله عز وجل. الآن عند ما إنسان يتكلم، هو يأخذ من العلم الموجود في داخله، صحيح والله لا؟ ويعبر عنه بألفاظ. فهذا في الواقع الكلام الذي يقوله، هو تعبير عن علمه، عن مخزونه، أو إذا كتب، مؤلف يكتب كتابا، كأنما هذا يأخذ من عقله، من داخله، ويصبه عبر الكتابة، فإذن هذا الموجود في الكتاب، هو علم فلان، الرسالة لعملية اللي أنت تقراها، هاي الأسطر، هي عبارة عن علم المرجع، والكلام الذي يقوله خطيب، هو عبارة عن شنو؟ علمه، القرآن الكريم أيضا هو هكذا. القرآن الكريم أيضا هو عبارة عن علم الله عز وجل، إذا كان علم الله، فعلم الله عز وجل، ليس بمخلوق وإنما هو قديم. عندما كان الله كان معه شنو؟ علمه. لأن العلم لا ينفصل عن ذاته. الله مو مثلنا، مثلا يقول لك، (والله خلقكم أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا)، بعدين صار عندكم علم، الله مو هالشكل، أنا وأنت نجي في هذه الدنيا لا نعلم شيئا ثم بالتدريج، يصبح لدينا علم، ممكن يصير في سنة، سنتين، عشر، أكثر وأقل. بالنسبة لله الأمر ليس هكذا. إذا وجد الله عز وجل، فقد وجد معه صفاته: العلم والقدرة والخلاقية، والجود والعطاء، وإلى آخره، فإذن هذا القرآن ليس بمخلوق، وإنما شنو؟ علم الله عز وجل.
طبعا فيه، في القضية أخذ ورد كثير، أنا حاولت أن ألخص هذه الفكرة قدر الإمكان وأوضحها، وإلا للمعتزلة استدلالات كثيرة، ولهؤلاء استدلالات كثيرة، ومعركة الآراء. طيب.
عندنا الإمامية، اعتبر الأئمة (ع) هذا النزاع، نزاع لا معنى له أصلا، لا معنى لهذا النزاع، ولا داعي له، وهو غير أنه مضيعة للوقت، صنع تشنج جديد في الأمة من دون فائدة. إذا تقصد، لأنه هكذا، يقولون هكذا، إذا تقصد هذا الخط المكتوب على القرآن الكريم، هذي الحروف المخطوطة، هذا مخلوق بلا إشكال، لأنه خط الخطاط: عثمان طه، وقبله خط ما أدري فلان، وقبله خط فلان، هذه كتابة مخلوقة بلا ريب، إذا تقصد علم الله سبحانه وتعالى، اللي القرآن أحد تجلياته، فهو غير مخلوق، باعتبار أنه جزء من علم الله، لا ينفك عن ذاته، فأنت وش تقصد؟ تقصد هذا القرآن، هذا اللي بين أيدينا؟ مخلوق. تقصد علم الله سبحانه وتعالى، علم الله ليس بمخلوق وإنما لازم له لا ينفك عن ذاته، صفة منه، وصفات الله عين ذاته، فشنو النزاع هذا؟ لماذا يجب أن يجلد هذا، ويسجن ذاك، ويضرب هذا، ويقتل، صار قتل كما قلت! الواثق العباسي، اللي يبدو كان شرس، جابوا له واحد، يقول عدم خلق القرآن، يعني مممن ينهج منهج أهل الحديث، يقول: أن القرآن قديم، فأرادوا أن يقربوه إله، قال لهم: لا، لازم أقوم وأتقرب إلى الله بمشي هالخطوات حتى أقتله. وقام بالفعل في المجلس، ومشى خطوات، وسل سيفه وطير راسه. ليش؟ لأنه قال إن القرآن ليس بمخلوق. طيب. على خلاف رأي هذا الحاكم. هالسا بعضهم يشير إلى جهة أخرى، أنه بالإضافة إلى هذه الجهة، أن هذا الرجل كان أيضا يعد لثورة لأنه رأى أن الواثق بعدما قال: بخلق القرآن، أصبح كافرا، إذن يجب النهضة ضده. هذا هم ما تسلفها من عنده، قام وقتله.
المعتصم العباسي، المعتصم العباسي، قيل أنه أخذ أحمد بن حنبل، وجلده في قضية خلق القرآن، 40 جلدة، بالسوط، وأبقاه في السجن، 25 يوم، حسب ما نقلوا. بل أكثر من هذا صار، صارت مثل علامة الكفر والإيمان، من الطرفين ها، الواثق العباسي، قالوا: أنه على أثر معركة مع الروم، صار أسرى من المسلمين عند الروم، الآن بعد ما انتهت المعركة، يصير استرجاع الأسرى بفدية أو غير ذلك، شوفوا أي أسير يقول القرآن مخلوق، جيبوه أهلا وسهلا، اللي يقول القرآن غير مخلوق خل ينقلع وياهم، وي الروم، لا تفرجوا عنه ما يحتاج، ما نحتاج له في بلاد المسلمين. طيب. إلى هالمقدار هذا، اللي يصير حياة هالإنسان في مجتمع المسلمين، مرهونة بأن يكون على رأي أن القرآن مخلوق، كما ترى الدولة، وفي مقابل هذا، فيما بعد، لما المتوكل عزز من موقف أهل الحديث، وأكرم إمام المذهب الحنبلي، وقوى اتجاه القول بقدم القرآن، صار عندنا من يفتي، بأن من قال، هذي فتوى موجودة، من قال بخلق القرآن فهو كافر، تبين منه زوجته، ويقسم ميراثه، ويقتل. هذا مرتد، كافر، وإذا كافر، زوجته ما تقدر تبقى وياه، لازم تتركه، وهذا في حكم الميت أصلا، فيقسم ميراثه، وفوق هذا أيضا يقتل. أكثر من هذا صار، من يتوقف في الرأي، يابا والله أنا ما أدري، القرآن مخلوق أو غير مخلوق، ما أدري، ما عندي رأي، يقول: لا، هذا أيضا كافر، حتى اللي ما يقر بما نقر به نحن، أيضا هذا يلحق بالكفار. بالله عليكم ما الذي تنتفع الأمة من أن تأتي سلطة لكي تقسر أولا الناس على أن القرآن مخلوق، وتعاقب وتعذب وتقتل وتجلد وتسجن من يقول بخلاف هالمقالة. ثم بعد مدة من الزمان تجي سلطة أخرى، مخالفة لتلك السلطة، تقول: الواحد اللي ذاك الوقت قال القرآن مخلوق، يحصل حقه، من الضرب والجلد والسجن ووو، إلى آخره. ماذا تنتفع الأمة من هذا؟ فد فكرة، نظرية، قد تكون هذي صحيحة، وقد تكون هذي صحيحة، وقد تكون اثنيناتهم مو صحيحات، هذي محالها في الحلقات العلمية، تناقش، وكل واحد يبين أدلته. أما تبين زوجته، ويقسم ميراثه، ويكون كافرا، ويقطع عنقه، شنو هذا؟! فممن ابتلي في هذه الفتنة، وهذه المشكلة، هو الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، كما قلنا، في زمان المعتصم والمعتصم تبعا للمأمون، لأخيه المأمون، كان يقول بأن القرآن مخلوق، ويعاقب من لا يرى هذا الرأي فعوقب أحمد في هذه الحالة.
اللي بعدين صار تكريم إله، في زمان المتوكل، ومو بس تكريم شلون ما كان، لا، شيء أبهة وعظمة على قولهم. حتى لقد ذكروا أحلاما، رأى فلان من الناس، أن القيامة قد قامت، وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان بيده ختم أحمد بن حنبل، وأن لا يقول بخلق القرآن. وهاي سالفة الأحلام بعد، تعلمون حالها، كل صاحب مذهب يروجها، بعد مدة من الزمان، راح يجي أبو الحسن الأشعري، ويقول: أنا انفصلت عن المعتزلة، وذلك لأني رأيت النبي (ص) في المنام، وهو يقول: "عليك بسنتي" ويشير إلى المنهج الجديد، اترك هذولا المعتزلة. طبعا كل إنسان يقدر يرى رؤيا، هالمدة قسم من الناس يرون رؤى المهدي وما أدري كذا، عقائد تبنى على أساس أحلام، ومنامات، وما شابه ذلك، وللأسف، للأسف، هذا التوغل في الذاكرة الشعبية عند الناس، كل يوم، أني حلمت حلمة، أريد تفسيرها، وش بيصيرإلي، وويش ما بصير إلي، وعلى هذا المعدل. يابا الأحلام ليس لها ذلك التأثير في حياة الإنسان، وموقعها موقع جدا محدود وضيق، والأغلب منها هي أضغاث أحلام، الرؤيا الصادقة، من أندر النوادر، وحتى الرؤيا الصادقة، لا يعمل بها في ميدان العقائد ولا ميدان الأحكام الشرعية، لو فرضنا رؤيا صادقة، لا يعمل بها، لا في هذا ولا في ذاك. أكو قسم من الناس يقيمون بناؤهم الديني على الأحلام، واحد من المتعصبين ذات مرة أظن قال، يعني مقدار اللي شفنا من كلامه، مرة قال: شاف النبي 20 مرة، بعدها مدة قال: صارت 40، بعدها بمدة صارت 60 مرة، طيب، وعلى هذا المعدل. وأسوأ من هذا، أن بعضهم قال: أنه رأى الله 10 مرات! رأى الله 10 مرات في المنام، هذا شيء موجود على فيديو ورجل يفترض أنه من أهل العلم، وإلى آخره. زين.
على أي حال، فإذن الامتحان الأكبر اللي تعرض إله أحمد بن حنبل، هو هذا. إنتاجه المهم هو المسند، مسند أحمد بن حنبل. كتاب حديثي، مسند معناه شنو؟ الليلة ما أدري نقدر ندخل فيه زايد، أو لا، بس إشارة. التصنيف الحديثي أحيانا يصير بناء على المواضيع، مثلا، صاحب الكتاب يجي يقول: ناخذ باب الوضوء، فيجيب كل أحاديث الوضوء ويخليها في هذا المكان، حتى أي إنسان يريد يعرف الأحكام، يرى الأحاديث، هذا تصنيف موضوعي. المسند مو هالشكل، المسند بناء على الرواة، يعني لنفترض أحمد بن حنبل، في مسنده، يجيب مثلا أول شي العشرة المبشرين، كما يقولون، يجيب لنفترض علي بن أبي طالب، كل الأحاديث التي يرويها علي بن أبي طالب يجيبها، طريقه إليها، أحمد، عن فلان، عن فلان، عن فلان، عن علي بن أبي طالب، مرة يجيب حديث في الوضوء، مرة يجيب حديث في الصلاة، مرة يجيب حديث في المناقب، مرة يجيب في الغزوات، كل الأحاديث، الفهرسة على أساس شنو؟ الراوي الأخير. مرة علي بن أبي طالب، مرة مثلا عمار بن ياسر، مرة فلان، مرة فلان، يجيبهم، هذا يقال له المسند. هالسا هذا هالكتابة شنو خصائصه، نتعرض إله وقت آخر، ما هو موقف إمام المذهب الحنبلي تجاه أهل البيت، وتجاه الإمام أمير المؤمنين (ع).
الصورة اللي موجودة الآن عن أتباع المذهب الحنبلي، لا سيما في نسخه الأخيرة، من بعد ابن تيمية، تشير إلى توتر العلاقة مع الإمام (ع). الواحد اللي يقرأ كتاب: منهاج السنة، لابن تيمية، يجد حالة غير طبيعية من الموقف السلبي تجاه الإمام (ع)، وهذا تقريبا صار العنوان العام لقسم من أتباع هذا المذهب. إلا أننا لو رجعنا إلى آراء إمام المذهب نفسه، نجد شيئا عجيبا. ابدأ أولا في قضية الأحاديث، الأحاديث التي رواها عن علي (ع)، أو كلماته في علي، يقل نظيرها في سائر المذاهب، مثلا، في المسند هو روى 812 حديث عن الإمام علي (ع). 812، حديث يعتبر عدد كبير، في مقابل مثلا الإمام مالك الذي لم يرو عن علي في الموطأ شيئا، أو في مقابل البخاري اللي هو بعد زمان الأحمد بقليل، البخاري متوفى سنة 256، وهذا متوفى 241، قريب العصر منه. وقسم من شيوخ أحمد، شيوخ للبخاري أيضا، وهو متقدم عليه رتبة، البخاري لم ينقل إلا أعداد بسيطة جدا من أحاديث أمير المؤمنين (ع). أحسن توجيه لمثل مالك وللبخاري، أنهم راعوا الوضع السياسي، هذا أحسن توجيه، وأما إذا قلت توجيهات أخرى، فالأمر مشكل جدا. هذا أحمد بن حنبل، عاش في زمان المتوكل، المتوكل يعد من أبغض الناس إليه علي بن أبي طالب، سوا شيء بالنسبة إلى الإمامة، علي، ما سواه غيره من الخلفاء أصلا، حتى بني أمية. وهو أنه كان يأتي بمهرج، يسمى عباد المخنث، ويلبسه بطريقة معينة، على أن هذا علي بن أبي طالب، ويترقص بشكل، وكأنما جاء علي بن أبي طالب، ويتمضحك ويتمسخر، مع الحاضرين. وهذا الأمر اللي أثار ابنه المنتصر، جدا، قال: آخر أنت علي بن أبي طالب، ابن عمك، بالتالي تجيب هذا الإنسان الساقط حتى يسخر من علي بن أبي طالب، ابن عمك، لحمك، بهذه الطريقة المقذعة، وبهذه الطريقة الفجة، إذا أنت تريد، إذا عندك شيء وياه، أنت سبه، لا تخلي غيرك مثل هذا يجي يسوي هالأمر هذا. طيب. "فإن كنت مأكولا، فكن أنت آكلي، ومرة ومرتين، ويدخل معاه في معركة ابنه المنتصر اللي ذاك المتوكل كان في غلوائه إلى أن قام المنتصر بقتل أبيه. المنتصر قتل أباه، السبب الرئيسي إله كان مثل هالمواقف تجاه علي بن أبي طالب. هذا الرجل اللي هو خوب، عنده وي قبر الإمام الحسين ما أنتم تعلمون، يعد من المبغضين في إظهار بغضهم لعلي. لعل أول مرتبة في بني العباس، هو، في هذه الجهة، في ذاك الوقت يجي وينقل عن علي بن أبي طالب 812 حديث. هذا شيء غير طبيعي. في ذاك الوقت وما قبله وما حوله، استثني فترة المأمون، اللي المأمون كان حسن الكلام في أمير المؤمنين (ع)، وإلا الباقي: المعتصم الواثق، ما كانوا على علاقة حسنة، في ذكرهم لأمير المؤمنين، في هالأوقات هذي، أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من الصحابة، من المناقب بالأسانيد الصحيحة، كما جاء لعلي بن أبي طالب. اللهم صل على محمد وآل محمد.
أكو هناك أحاديث مناقب، وفضائل للصحابة، بس أسانيد صحيحة، ما كو أحد مثل علي بن أبي طالب ورد في حقه أسانيد صحيحة، ومناقب بهذا المعنى. هذا كلام يقوله شخص يعيش ضمن بيئة العباسيين والمتوكل، هذا شيء مستغرب. عندما ينكر عليه، عندما يقال له كما ذكرنا في أول المجلس: هل يصح ما قيل في علي أنه قسيم النار، قال: وما تنكرون من ذلك؟ أما روينا أن النبي قال: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق"، قالوا: بلى. قال: فأين المؤمن؟ قالوا: في الجنة، أين المنافق؟ قالوا: في النار. قال: فتلك القسمة، خلاص. هذا واحد يعيش في بيئة عباسية معادية لذكر علي بن أبي طالب، اللي البخاري يحتاط، ما يتكلم شيء، اللي مالك قبله أيضا نفس الشيء، ولكن هذا يصرح بهذه التصريحات، وأمثال ذلك، مما نقل عن أحمد بن حنبل، في موضوع الأحاديث شيء كثير. يسأله ابنه عبد الله، وهو تلميذه أيضا، يقول له: ما تقول في التفضيل؟ التفضيل بين أصحاب النبي والخلفاء، كانت مسألة موجودة. وذكرنا أن المنقول عن مالك، أنه يقول بالثلاثة، المفاضلة بينهم، ثم سائر الناس لا تفاضل. فما تقول في التفضيل؟ قال: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وسكت. فقال له ابنه: وعلي بن أبي طالب؟ قال: يا بني علي بن أبي طالب، من أهل بيت لا يقاس بهم أحد. هذا، من أهل بيت ما يوضع إلى جانبه أحد، احنا نتحدث عن الناس العاديين، حسب التعبير، وهذا الكلام منقول بكثرة في كتب كثيرة من غير مصادر الإمامية، ومعروف عند أحمد بن حنبل. في قضية تربيع الخلافة، إلى زمان أحمد بن حنبل، كان أمر، أن عليا هو الخليفة الرابع، كان فيه كلام، ليش؟ لأن الدولة العباسية، كانت تنتقص عليا على الدوام، على خلفية معركة العباسيين مع العلويين والحسنيين. هذولا أصحاب ثورات، فما يريدوا العباسيون يعطون ميزة لبني الحسن، واللي جدهم علي بن أبي طالب. فكانوا يخفون هذا الجانب.
إذا صح ما نقل في موضوع إمام المذهب المالكي في موقفه من الإمام، أيضا هذا يكون الجهة الدينية، فماكو إذن هناك جهة غير الإمامية، هي التي تصر على الإمام علي. والإمامية ما يقولون هو الرابع، وإنما يقولون: هو الأول. فما كو أحد إذن يقول هو الرابع. فيُسأل أحمد بن حنبل، أنه، حول قضية خلافة علي بن أبي طالب، وإمامته، هل هي مشروعة، بمعنى أنه الخليفة الرابع ها، فقال: أنه لم يثبت الإمامة لعلي بن أبي طالب، فهو أضل من حمار أهله. يعني هذا اللي ما يقول أن علي بن أبي طالب هو رابع الخلفاء، هذا أكثر ضلالا من الحمار ومن الحيوان. هذا الكلام، كما قلنا، مع الأخذ بعين الاعتبار، وجود اختلافات بين منهج أهل الحديث وبين الإمامية، وسيأتي الحديث عنها إن شاء الله. ومع الأخذ بعين الاعتبار، الوضع السياسي، في الدولة العباسية، ولا سيما في زمان المتوكل، مثل هذا الكلام، كان كلاما يعتبر متقدما جدا. غير هذا أيضا، شيوخ البخاري، ذكر منهم، الشيخ أسد حيدر، رحمه الله، في كتابه: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، ذكر عشرين من شيوخه من الشيعة، يقول هذا أخذ عن عشرين أستاذا من شيعة أهل البيت ويجيب أسماءهم، وعندما عوتب أحمد بن حنبل، في تقريبه لعبد الرحمن بن صالح، وهو شيعي، وأنه أنت واجد تهتم بهذا الرجل لما يجي إلك، طيب، وتعطيه عناية كافية، مع أنه شيعي، قال: سبحان الله، رجل يحب أهل بيت نبيه، ويود قربى النبي، نأمره بترك محبتهم. نقول له: لا تحبهم. معقول هذا. وهو نفسه الذي اعترض على يحيى بن معين، نفسه أحمد بن حنبل، نقلنا في وقت سابق، أن يحيى بن معين، وهو من أهل الجرح والتعديل في الرجال، انتقد الشافعي ولم يعتمد على أقواله. أسقط روايته، ليش؟ قال: لأنه شيعي. الشافعي يصير شيعي. فراح إلى أحمد بن حنبل، وقال له: ليش سويت هالشكل؟ قال: لأنه شيعي. قال: ومن أين عرفت أنه شيعي؟ قال: رأيته في كتاب البغاة، يستدل من أوله إلى آخره، بعلي بن أبي طالب. حتى أقول لك شوف كيف كان ذكر علي بن أبي طالب، في ذاك الوقت، فيه حراجة، أنه إذا فقيه يستدل بكلام علي، آخر علي، إما هو الإمام الأول، كما هو مذهب الإمامية، أو هو الخليفة الرابع كما هو مذهب الجمهور، وهو صحابي، والصحابة عدول، فشنو المشكلة إذا استدل بكلامه، من أول الكتاب إلى آخره، ما هي مشكلتك يا يحيى بن معين؟  افرض أن علي بن أبي طالب مو إمام، أليس صحابيا؟ وعندكم الصحابة عدول. أليس خليفة راشدا عندكم؟ فلماذا؟ قال: رأيته يستدل بأقوال علي بن أبي طالب في كتاب البغاة، من أوله إلى آخره. قال: سبحان الله، وهل أحد ابتلي بقتال البغاة، في زمانه غير علي بن أبي طالب؟ هو اللي ابتلي بيهم، فسلوكه وأقواله هي الحجة اللي أمامنا، الباقي ما ابتلوا بهم، فأنت لما تشوف واحد يروح بهذا المنطق، يتبين أن ما هي الصورة الموجودة الآن للأسف على أثر دخول خط فيه بغض، قاده مثل: ابن تيمية، وابن كثير، تلامذة ابن تيمية، ابن كثير وغيره. زين. والناظر في كتاب منهاج السنة، يتبين له هذا بوضوح. وهذا مما جعل النظرة إلى المذهب الحنبلي، وإمام الحنبلي، على أنه ليس على ما يرام مع الإمام علي (ع). بينما مواقفه هذه وكلماته، واستشهاداته وأحاديثه التي دونها في كتابه، تشير إلى هذا الأمر تماما. وكان حريا في الواقع بهذه الأمة أن تستثمر هذه الدرة والكنز الإلهي الذي خلفه النبي (ص) فيهم.
أحد الكتاب المسيحيين المتأخرين، يقول: مات علي شهيد عظمته. مات في زمن لم يعرف ذلك الزمن قدره، ولم يستفد أهل ذلك الزمان من علمه. عاش في زمان اللي ذلك الزمان، ما انتفع به. أيها الناس، هذا علي يقول لكم" "سلوني قبل أن تفقدوني". اسألوا في المسائل العقائدية، في المسائل الفقهية، في تفسير القرآن، في الفلك، في علوم الطبيعة، في غير ذلك. لكن تجد هذه الأمة، لم تنتفع بعلي بن أبي طالب.

 

مرات العرض: 3460
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2566) حجم الملف: 52307.22 KB
تشغيل:

10- من معالم المذهب الشافعي وآرائه.
9- محمد بن إدريس إمام المذهب الشافعي.