10- من معالم المذهب الشافعي وآرائه.
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 10/9/1438 هـ
تعريف:

من معالم المذهب الشافعي وآرائه

 

تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال

بسم الله الرحمن الرحيم: (واذكروا نعمة الله عليكم إن كنت أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا).  

تقرر هذه الآية المباركة مبدأ الإخوة الدينية بين المسلمين بعدما كانوا من دون الدين أعداء، وتعتبر هذه الحالة من الألفة والأخوة، من النعم التي تستحق أن تذكر، فتشكر. ومع أن الله سبحانه وتعالى يعلم أن هذه الأمة ستصير فيها مذاهب وفرق، وستختلف في أفكارها إلا أنه مع ذلك يقرر أن هؤلاء إخوة، وأن رابطة الدين تجمعهم، وإن اختلفت بعض الآراء المذهبية فقهية كانت أو عقدية.

ولذلك ينبغي أن ينظر إلى كل علاقة مخالفة لعلاقة الأخوة على أنها على غير مراد الآية المباركة. الأخوة الحقيقية النسبية لا تقتضي التشاكل في كل الجهات وإنما قوامها أن الأخوة، هم من أب واحد، أو من أب وأم. أما بعد ذلك، فقد يختلفون طولا وعرضا ولونا وتقاطيع وأفكارا وسلوك حياة، وهذه الاختلافات في البدن أو في الآراء ما دام يجمعهم في الأخوة الحقيقية النسبية الأب، أو الأب والأم، فإن تلك الاختلافات لا تؤثر في تلك الأخوة. كأن وجه المشابهة هنا أن هؤلاء ينتمون إلى الدين والدين كما ذكرنا في وقت سابق مقومه ثلاثة أشياء: الاعتقاد بالتوحيد، والاعتقاد بنبينا محمد – اللهم ل على محمد وآل محمد – والاعتقاد بيوم القيامة. وهذه عناصر مشتركة في كل المذاهب. فما دام هذا الرابط الديني موجودا، وإن اختلفت الآراء والأفكار، كما في الأخوة الحقيقية النسبية، كذلك هو الحال في الأخوة الدينية، التي يعتبرها القرآن الكريم، بين أهل الإسلام، ولذلك ينبغي العمل على تدعيم هذا المعنى قدر الإمكان، وأن لا يقبل بعلاقة أخرى، غير علاقة الأخوة الدينية، وأن الاختلاف المذهبي لا ينبغي أن يفصم عرى الأخوة، وأن يلغي آثارها، وضمن هذا الإطار، نحن نتحدث عن هذه المذاهب، خارج إطار مدرسة أهل البيت (ع)، وداخل الإسلام، الذي يجمع الجميع، ونتمنى لو أن بقية المتحدثين من سائر المذاهب الإسلامية، تعاملوا بنفس الطريقة، فكما عرفوا مذهبهم الخاص، عرفوا المذهب المجاور لهم، المشارك لهم في الدين، المجاور لهم في الجغرافيا، سواء كان من مدرسة الخلفاء لكن يختلف عن مذهبهم، أو كان من مذهب الإمامية، لا مانع أن يتعرف المسلمون على هذه المذاهب في أفكارها، حتى يعرف وجه الاتفاق وهو كثير، وتعرف حدود الاختلاف أيضا بين هذه المذاهب.

وقد وصل بنا الكلام إلى الحديث عن المذهب الشافعي، حيث نتناول في هذه الليلة، شيئا مختصرا عن وضعه العام الجغرافي، وعن بعض آرائه وتوجهاته.

المذهب الشافعي كما ذكرنا، في وقت مضى، له نسختان: نسخة تسمى: المذهب القديم للشافعي، والأخرى: المذهب الجديد، أو الرأي الجديد، الأول، القديم، ينتمي إلى فترة العراق والمدينة، يعني إلى ما قبل سنة 199 هجرية، وفي هذا المذهب القديم، والرأي القديم، يظهر تأثر إمام المذهب الشديد بآراء أستاذه مالك ابن أنس، الذي كان يعد من ضمن مدرسة الحديث، والنص. طبيعي أن الطالب يتأثر كثيرا بأستاذه في اختياراته، حتى إذا اشتد عوده، وانفتح على مدارس أخرى، وصارت عنده توجهات جديدة، ربما وجد نقائص وأخطاء في رأي أستاذه، فترك آراء أستاذه إلى غيرها.

الإمام الشافعي إلى ما قبل وجوده في مصر، كان قد صنف وكتب وأفتى على طبق رأيه القديم، والذي يعتمد في الغالب على الروايات والأخبار تأثرا بمسلك أستاذه. فيما بعد، على أثر دراسته مع محمد بن الحسن الشيباني، حيث بقي في بغداد، فترة من الزمان، وأخذ العلم عن الشيباني وغيره، والشيباني هو ثاني ألمع طالب وتلميذ إلى أبي حنيفة، وأكبر تلامذة أبي حنيفة فضلا على مذهبه، من حيث التصنيف والتأليف والكتابة، هي من نتاج محمد بن الحسن بن محمد الشيباني، في هذه الفترة، يظهر أن الإمام الشافعي تأثر إلى حد بالمنهج العام في فقه أبي حنيفة، طرق الاستدلال، إنشاء قواعد، ابتكار كليات، تكون بمثابة واسطة للوصول إلى النتيجة، وهذا سوف نلاحظ فيما بعد أنه كثر عنده، في المذهب الجديد، ما يسمى بتقعيد القواعد. جعل قواعد، وكليات بمثابة مرجع يرجع إليه، مثلا: ذكروا في مثل هذه القواعد الأصلية: أن الأمور بمقاصدها، وهذا استنبط ربما من ما روي عن رسول الله: "إنما الأعمال بالنيات". وهذا طبق في أمور العبادة، وفي أمور المعاملات، وأن جهة العمل يمكن أن تحددها نية الإنسان ومقصد من يقوم به، هذا صارت قاعدة. وبعد في كل مكان كانت المسألة الفرعية ترتبط بهذا الموضوع، يقول: لأن الأمور بمقاصدها، خلاص، هذا صار دليل مهيأ ومرتب. أو مثلا عندما أسس، مثل: أن العادة محكَّمة، العادة محكمة، مثل ما هو عندنا في المذهب الإمامي: الرجوع إلى العرف، لو مثلا قيل لك يجب عليك أن تطعم زوجك، عليك إطعامها وعليك كسوتها، تقول: بماذا؟ بشنو أكسوها؟ بكم ريال؟ يقال لك: بالرجوع إلى العرف. في زمن قبل 200 سنة مثلا: ربما نمط معين ومقدار معين من النفقة كان يكفي، الآن يحتاج إلى شيء آخر، نظرا لأن العرف يرى أن هذا المقدار كافيا ويرى أقل منه غير كافي.

في بعض الأزمنة، قالوا، مثلا: أنه كسوة المرأة، ثوب في الصيف، وثوب في الشتاء، الآن إذا تقول لزوجتك: ثوب في الصيف وثوب في الشتاء، برز راسك إلى كذا. هذاك الكلام صحيح في زمانه، والآن كلام آخر ينبغي، ما هو المتعارف؟ وأحيانا حتى في بلد إلى بلد يختلف. بلد فيه ثراء، فيه غنىن فيه وفرة مالية، يختلف عن بلد فيه الحالة العامة، حالة فقيرة، فهنا يجي يؤسس إلك: أن العادة محكمة، ما تعود عليه الناس من إطعام، من الكسوة، هو الذي يرجع إليه في التحديد، وهذا حتى أيضا عند الإمامية، وعند غير الشافعية موجود، وإن كان بعبارات أخرى. أن الضرر يزال عندهم، مثلا، هاي قاعدة: الضرر يزال. احنا عندنا مثلا في الإمامية التعبير عنها، بقاعدة: لا ضرر، التزاما بما ورد عن رسول الله (ص) من قول: "لا ضرر ولا ضرار"، وبحوث مفصلة فيها، فهذا الفقيه لما يجي، يستنبط فيقول: وذلك لقاعدة: لا ضرر. عندهم يقول: وذلك لقاعدة: الضرر يزال. وهكذا عند الشافعية مثلا: أن الشك لا ينقض اليقين، إذا أنت على يقين، فأي شك يطرأ بعد ذلك، لا ينقضه. احنا، عند الإمامية، وعند بعض المذاهب الأخرى، صاغوه صياغة، قالوا: وذلك للاستصحاب. إذا كنت على حالة في السابق، كانت حالتك الطهارة، قبل ساعة، الآن تشك هل طرأ ناقض نقض طهارتك، أو أنه لا، تقدر تصلي بهذا. يقول لك: لا، روح صلي بهذا الوضوء، وذلك للاستصحاب. يعني إبقاء ما كان من الطهارة على حاله وعدم تغييره، فهذه العبارات، وتقعيد القواعد، يلحظ فيها الباحثون، أنه تأثر فيها الإمام الشافعي بمنهج الأحناف، نظرا لأنهم كانوا يعملون الرأيكثيرا، ويؤسسون قواعد، ويعتمدون على العقل، ويصيغون مثل هالأشياء، حتى يقدروا يتحركوا في الفقه بشكل جيد. وهذا في المذهب الثاني، أو في الرأي الجديد، عنده في مصر، بدا واضحا، حتى لقد ذكر بعض الباحثين، أنه بعد أن وصل إلى مصر، وصار عنده هذا المذهب الجديد، وهو يختلف عن مع كثير مع فتاواه على المذهب القديم، لم يجز العمل على المذهب القديم، خلاص بعد ذاك تغير رأيه فيه، طريقة الاستدلال اختلفت، أسلوب الوصول إلى النتيجة اختلف، والنتيجة أيضا اختلفت، فلا يجوز لك أن تعمل بالرأي القديم، هذا بالنسبة إلى تقسيم فكره إلى قسمين، ومذهبه إلى قسمين.


إجى الشافعي، وأخذ طريق متوسط تقريبا، كأنه لاحظ أن الحنفية لديهم شيء من السير بعيدا في اتجاه الأقيسة وعدم العمل بالروايات والأحاديث، ورأى في مقابلهم، المالكية على عكس هذا الاتجاه، فرأى في كلا الطرفين، أكو هناك نقاط إشكال، هالتطرف هذا فيه جهات نقص، وهالتطرف هذا فيه جهات أخرى، وقف في المنتصف وأخذ ينتقد الطريقتين. مثلا: انتقد فيما يرتبط بمنهج أستاذه المباشر، وهو مالك ابن أنس، انتقد مسائل متعددة، واحد منها عمل أهل المدينة، وذكرنا أن مالك كان يرى، أن من جملة الأدلة: عمل أهل المدينة، فانتقد الشافعي هذا الكلام، وقال: أنه لا يوجد دليل عليه، إذا أكو هناك دليل فهو ما رواه، الصحابة عن رسول الله، سواء كانوا من أهل المدينة، أو كانوا من أهل العراق، أو استقروا في مصر، أو راحوا إلى اليمن، أو أي مكان. المدار كله على ماذا؟ على حديث النبي محمد (ص). فلم يقبل هذا الرأي من أستاذه. أيضا انتقد فكرة العمل بالأخبار المرسلة، التي كان عليها مالك، مالك ابن أنس، كما ذكرنا عنده كتاب الموطأ، كتاب الموطأ فيه 1720، كما ذكروا، 600 منها مسند، والباقي ما بين موقوف على الصحابة، وما بين مرسل، ليس له طريق إلى رسول الله، روي عن النبي كذا وكذا، هذي رواية مرسلة، منو اللي روى؟ ما ندري، هل هو ثقة أم غير ثقة؟ ما ندري. مالك كان يعمل بالروايات المرسلة، وإن كان لأتباعه بعض التوجيه لها، لكن بشكل عام، رأى العلماء أن، ومنهم الشافعي، أن العمل بالأخبار المرسلة، ليس صحيحا. الخبر لا بد أن يرويه الثقة عن مثله إلى رسول الله (ص)، حتى احنا يصير عندنا اطمئنان بجواز أخذ الأحكام، أما إذا واحد قال أن النبي قال هكذا، من وين جبت هذا الكلام؟ ممن رويته؟ عمن أخذته؟ لا نعلم بذلك، فلا يسوغ لنا أن نعتمد عليها. طيب، فهذا أيضا من الأمور التي لم يقبلها في فقه مالك ابن أنس، ولم يقبل أيضا فكرة: الاستحسان، ذكرنا في ليلة مضت، أنه أحيانا قد تكون الأدلة والقواعد، تقتضي حكما معينا، ولكن الفقيه، لجهة من الجهات، تقديم مصلحة، تأخير مفسدة، غير ذلك، يرى غير هذا الحكم، الذي أدى إليه الدليل والاجتهاد، فيقوم يغيره، ومثلنا لذلك بقضية الوصية للوارث. طيب. الشافعي هنا كان شديدا في معارضته للاستحسان، وقال الاستحسان هو عبارة عن استذواق مو دليل شرعي، بل أكثر من هذا، المستحسن يخلي نفسه بجانب ربه في التشريع، الله يقول: هذا حلال، لكن أنا الفقيه نظرا لملاحظة معينة، أقول: لا، هذا حرام. أو بالعكس، من استحسن فقد شرع، وقد أفرد في كتابه الأم، لأن الشافعي كان من المكثرين في الكتابة، على خلاف أئمة المذاهب الأخرى، يعني أبو حنيفة ليس عنده كتابة في الفقه، بشكل كبير، عنده كراسات ذكروا، الفقه الأكبر، وغيره، بس مو كتابة فقهية، تعكس وتصور آراءه الفقهية، ومالك أيضا كان عنده الموطأ، والموطأ أكثره عبارة عن روايات، طيب، أما الشافعي كان لديه كتب كثيرة، منها في الفقه، فقه، 7 مجلدات، بحسب بعض الطبعات الآن، كتاب اسمه: الأم. كتاب الأم للشافعي، ويتناول فيه المسائل الفقهية واختياراته، والرأي المشهور أنه هو كتبه، وإن كان بعض الباحثين المتأخرين ناقش قليلا في هذا، لكن هذا هو المشهور الآن. فهذا مثلا: عنده كتاب الأم، كتاب في الأصول: الرسالة، عنده كتاب آخر اسمه الحجة، عنده كتاب اختلافاته مع مالك، وكتب أخرى، أيضا كتبها في أثناء حياته.

من جملة ما كتب، كتب مخالفا فكرة الاستحسان، فصل كامل، في كتاب الأم، يبرهن فيه على أن الاستحسان فكرة غير صحيحة، ولا يوجد دليل عليها، ولا ينبغي العمل بها، خلافا لما ذهب إليه إمام المذهب المالكي. هذي مثلا من الأمور التي خالف فيها أستاذه. وكتب كتابا، بعنوان: الاختلافات مع مالك، آراءه المختلفة مع مالك، واستدل فيها على صوابية رأيه وخطأ رأي أستاذه، وهذا مما أثار عليه المالكية، لا سيما في مصر كما ذكرنا في وقت مضى. حتى إن مثلا نقل عن أن أحد تلامذة مالك، وهو أشهب، كان يدعو عليه بالموت كما نقلوا، هذا مخالفاته لأستاذه مالك.

مخالفاته أيضا صارت عنده لمنهج أبي حنيفة، وكتب كتابا مخالفا لهم، وهو كتاب: الحجة في بيان لزوم الاعتماد على السنة النبوية وكثرة العمل بها، خلافا لما كان يفعله المذهب الحنفي، اللي قلل من الاعتماد على السنة النبوية، لأسباب ذكروها، وحصرها بشروط معينة. من اختلافاته معهم أيضا: ضيق دائرة القياس، قال: القياس مو بهالعرض العريض، اللي لازم واحد، في الموارد المختلفة يستدل بالقياس. وإنما في مورد، وهو: ما إذا كانت العلة منضبطة. أكو احنا ذكرنا عند الحديث عن المنهج الحنفي، ذكرنا أحيانا العلة تكون منصوصة، من قبل الشرع، واردة في القرآن الكريم مثلا، أو واردة عن النبي، أو في رأي الإمامية، واردة عن المعصومين. فهنا، ما دام العلة منصوصة، عرفناها، نجي نطبقها في الأماكن المختلفة، أي مكان هالعلة موجودة، الحكم موجود، هالعلة ما موجودة، الحكم ما موجود. طيب. وأكو علة أخرى، هي العلة المستنبطة، أن الفقيه يستنبط أن علة تحريم الرضاع، هو: دخول الحليب إلى جوف الإنسان، أو يستنبط أن علة العدة في المرأة المطلقة، هو قابليتها للحمل. فإذا لم تكن قابلة للحمل، فإذن تستطيع أن لا تعتد، هذه العلة علة مستنبطة، مستنتجة، وقلنا إن الإمامية لا يقبلون هذا النوع من العلل المستنبطة، إلا في حالة، كما ذكر، مثل هذا أيضا، الشافعية، إذا رأينا أن هذه العلة منضبطة، يعني كل مكان سوينا استقراء، شفنا إذا هالعلة موجودة، الحكم موجود، إذا العلة ما موجودة، هذا الحكم مو موجود. إذا شفنا هذا الأمر، بإمكاننا ان نحكم. هذا يسمونها: العلة المنضبطة، في الشافعية، ويعملون على طبقها. هذا أيضا من مخالفاته لبي حنيفة.

فمن مخالفاته أيضا: أن أبا حنيفة، كان لا يعمل إلا بالخبر المشهور فيما تعم به البلوى، أما إذا خبر واحد، جابه شخص واحد، وكانت المسألة مما يبتلى بها عامة الناس، لم يكن يعمل به. هو الشافعي قال: لا، إذا جاء الخبر بطريق معتبر، نحن نعمل به، سواء كان مشهورا أو ليس مشهور. وهناك جهات أخرى، خالف فيها، واتفق مع هؤلاء في مثل مسألة: المصالح المرسلة، عنده أيضا كلام، وفي غيرها، لا نطيل الحديث في هذا المقدار.

المذهب هذا بحسب أنصاره، بحسب بعض الكتاب من نفس المذهب، يقولون: أنه أوسع المذاهب انتشارا، من حيث الجمهور في مدرسة الخلفاء، طبعا نظرا لأن القائل هو واحد من أتباع المذهب الشافعي، فلا بد من ملاحظة هذا الأمر، يعني ما يقبل هذا الكلام على علاته، لأنه عادة الإنسان بالتالي مهما كان يميل إلى نصرة مذهبه. وإن كانت قضية أن هذا المذهب أتباعه أكثر، أو ذاك المذهب أتباعه أقل، هذه لم تكن ميزانا لكونه هو الصحيح والحق، وإلا لو كان كذلك، لكانت البوذية أكثر أحقية من الإسلام، البوذية أكثر نفوذهم من الإسلام، دي خلي بس الصين من صوب، ترجح بغيرها، فضلا عن باقي الأماكن، طيب. والمسيحية أيضا، أعدادهم اكر من المسلمين،فهل معنى ذلك أن الكثرة هنا، دليل على الصوابية، ولكن هم يذكرون هذا، نظرا لأنهم يقولون: أن مناطق الكثافة السكانية في العالم الإسلامي، هي شافعية المذهب، مثلا: جنوب شرق آسيا، أندونسيا، المذهب الشائع فيها هو: المذهب الشافعي كما يقولون. ماليزيا: أيضا ذكروا نفس الكلام، فلبين، جاوا، هالمناطق هذي، في مدرسة الخلفاء، المذهب الشائع كما ذكروا هو: المذهب الشافعي في هذه المناطق. في الجمهوريات الروسية، وإن كانت الدولة العثمانية، عندما وصلت إلى هناك حاولت أن تنشر المذهب الحنفي، إلى أنهم يذكرون أن المستوى العام، عند الناس، هو المذهب الشافعي. في مصر مثلا أيضا كذلك، في بعض البلدان العربية: الشام، فلسطين، هذه المناطق، يقولون: المذهب الشافعي هو المنتشر أكثر من غيره، من المذاهب الأربعة. وقد يساعده على هذا الامر: أنه متوسط بين مذهبين، بين مذهب الحديث وبين مذهب الرأي، فهو جالس في النص حسب التعبير، يأخذ من هذا بعض ميزاته، ويجتنب مشاكله، ويأخذ من ذاك بعض ميزاته ويجتنب ما فيه مثلا مما يعتبره من الأخطاء. لكن، قلنا: أمر الصحة وعدم الصحة، لا ترتبط بالكثرة والقلة، ولذلك نتعجب من قسم من الناس عندما يقتتلون على بيان أن هذا المذهب أتباعه مو كثير، وأن ذاك المذهب أتباعه كثير. خير إن شاء الله، خليه يكون.

في فلان مكان، لنفترض أنه المذهب الفلاني 7%، أتباعه، يقولون: لا، 15%، في فلان مكان، المذهب الفلاني: 18%، أتباعه يقولون: 30% من السكان. لا ينتج هذا شيئا فيما يرتبط بالحق والباطل. البرهان هو المدار. قد يكون في هالجهات هذي أحيانا يصير تتدخل عوامل سياسية في قضية الحرمان في أمور التنمية والفرص، والمشاركة السياسية، فيستغلها أرباب السلطان، يجي يقولك: لنفترض، هذه الفئة الفلانية 5% من السكان، فإذن نسبة تمثيلها السياسي، 5%، التنمية فيها لازم تكون 5%، إلى غير ذلك. لكن إذا كانت الحقيقة 20%، راح يطالب بأكثر من هذا المقدار.

بهالمقدار احنا نكتفي من الحديث عن آراء المذهب الشافعي، لكي ننعطف ونتحدث عن مناسبة هذه الليلة، والمناسبة التي سبقتها، وهي ذكرى وفاة أم المؤمنين، وجدة الأئمة الطاهرين، وأم السادة الكرام في كل العالم، خديجة بنت خويلد، زوجة نبينا محمد (ص). هذه المرأة المباركة، هذه المرأة العاقلة، هذه المرأة الكاملة، عندنا في الرواية: "كمل من الرجال كثير، وكمل من النساء أربع"، واحدة منهن: خديجة. خديجة كاملة العقل، وهذا مو فقط لجهات نصرتها فيما بعد النبوة، لا، أن تكون 15 سنة قبل النبوة هي مع رسول الله (ص)، وكانت فيها نعمة الزوجة مع رسول الله قبل نبوتها، إذا تقيسها ببعض نساء النبي بعد نبوته، عادة إذا واحد يشوف قدامه نبي، بالتالي يتغير سلوكه، هذه المرأة الطاهرة الطيبة سلوكها قبل بعثة النبي بخمسة عشر سنة كزوجة وأم لعياله، لم تكن تختلف كثيرا في حنانها ومحبتها، ودفاعها وتبعلها، زين، عن ما بعد النبوة، ما بعد النبوة أضيف إليها العنصر العبادي، وإلا قبلها كامرأة عاقلة، حكيمة، رؤوف، رحيمة، كانت 15 سنة مع رسول الله (ص)، تلك المعاملة البديعة، التي لا يعلى عليها، ولذلك يحق للنبي (ص)، أن يقول بكل ثقة، "ما أبدلني الله خيرا منها"، تصور امرأة جاءت في زمن، وعاشت مع النبي 15 سنة، ثم جاءت نساء، مو واحدة، تسع تقريبا، وعشن مع النبي، وفيهن كل ما يُطمع فيه من قبل الزوج، فيهن المرأة الباكر، فيهن الشابة الفتية، وفيهن المرأة الجميلة، فيهن المرأة المنجبة، فيهن المرأة الودود والرحيمة، هذولا كان فيهم هالشكل نساء النبي، فيهن المرأة التي هي طلبت النبي (ص)، وراحت وراه، طيب. وكل هذولا ما ساوين خديجة بنت خويلد، ما ساوين بمجموعهن ما سوينها، "ما أبدلني الله خيرا منها"، لما كان يتحدث عنها وعن صفاتها، صلوات الله عليه وعليها، قالت بعض زوجاته: "قد أبدلك الله خيرا منها"، قال: "كلا، ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حينما كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورزقت الولد منها، ولم أرزق من غيرها"، كأنما جزاؤها الدنيوي أن نسل النبي منحصر فيها، ترا هذا محل تأمل ها. لا النبي كان عقيم، لأنه قد أنجب قبل ذلك، ولا نساؤه، بعد خديجة كن عقيمات، وبعضهن كن قد أنجبن. طيب. حرم من غيرها من الولد، إلا فيما يرتبط بإبراهيم وماريا القبطية، وهو لم يبق طويلا أيضا، إبراهيم. فهذا كأنه نوع من عطاء الله لخديجة. أن تحقق كلمات الله عز وجل، (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر). وتكذيب مقالة الكافرين، في أن النبي سوف يموت ولا عقب له ، تكذيب ذلك، كان من رحم هذه الطاهرة دون غيرها، حقيقة أمر مثير للتعجب، أن النبي كان يأتي نساءه التسع، و، ثمان بالإضافة إليها، وفيهن كما ذكرنا من هن في سن في الإنجاب، أول سن الإنجاب، منتصف سن الإنجاب، قبل العشرين، في الثلاثين، بعد الثلاثين، والنبي أيضا كان يقارب زوجاته ضمن الحالة العادية للأزواج، ومع ذلك، ومو يوم ولا يومين، طيلة فترة المدينة، يعني بعضهن 8 سنوات، بعضهن 9 سنوات، بعضهن أقل من ذلك وأكثر، طيلة هذه المدة، ومع ذلك لم يحصل، أي حمل إلا ما ذكرنا في قضية ماريا، فسلام الله على أم الأئمة، وجدة سادة أهل البيت (ع)، وعليها السلام. أي سيد في هذا الكون، موجود، هو مدين لهذه السيدة الطاهرة، في أنها ألحقته بنسب رسول الله (ص) من خلال فاطمة الزهراء سلام الله عليها، نفس كونها وعاء لفاطمة الزهراء، هو أيضا عظمة من العظائم، نسأل الله أن يكرمنا بشفاعتها وأن يحشرنا معها في يوم القيامة، اللهم إنا نحب نبيك، ونحب خديجة، فاحشرنا معهما عندك يوم القيامة.

الشخصية الأخرى، شخصية أبي طالب، تحدثنا هم عن خديجة، وهم عن أبي طالب، مرارا في هذا المكان، أحدثها في السنة التي تكلمنا عن أسرة النبي (ص)، أفردنا لكل منهما ليلة خاصة، والسنة التي تكلمنا فيها عن أصحاب النبي والذين معه، أيضا تحدثنا عن أبي طالب، وعن خديجة، وقبل ذلك أيضا كان الحديث عن هاتين الشخصيتين العظيمتين.

أبو طالب، سلام الله عليه، بطل المرحلة المكية، بلا منازع. بطل المسلمين في مكة، المدافع الأول والأقوى عن الرسالة، وعن النبي (ص)، واحنا نلاحظ، وهذا من مظلومية أبي طالب، ومن مظلومية علي بن أبي طالب، أن هناك خطا في الأمة، متأثرا بالتوجه الأموي، وهو عابر للمذاهب الأخرى، يعني أحيانا قد تجده في هذا المذهب، وقد تجده في ذلك المذهب، مثل ما أكو هناك من يحمل مودة القربى في المذهب الشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي، تجد في ذلك الطرف أيضا من يحمل التوجه الأموي، المبغض الذي لم يكن يخفي علاقته السيئة، وموقف السيء السلبي، مو فقط بأبي طالب، بكل هذه المجموعة. يعني بيبدأ إلك من عبد المطلب، جد النبي، فيصر ويصرح باستمرار أن أن عبد المطلب كافر وهو في النار، يجي إلى أبي طالب، كافر وهو في النار، يجي إلى عبد الله، والد النبي، كافر وهو في النار، يجي إلى أم النبي آمنة، كافرة وهي في النار، أحاطوا النبي (ص) بحزام ناري، طيب، وهذا على خلاف التحقيق، على خلاف القرائن التاريخية، على خلاف الروايات.

بالنسبة إلى أبي طالب، وإلى غيره، معرفة أي شخص إليها مناهج معينة، الآن لو قيل عن شخص اسمه: الشيخ عبد الله مثلا، وأردنا أن نعرف الشيخ عبد الله هذا شنو دينه؟ شنو مذهبه؟ شنو أفكاره؟ ماذا نصنع؟ نروح نشوف بيئته اللي عاش فيها أي بيئة؟ بيئة يهود؟ لو بيئة مسيح؟ لو بيئة إسلام؟ ثم نروح نشوف هل قال كلاما أو لا؟ إذا قال كلام، شنو طبيعة هذا الكلام الذي قاله؟ لأن عادة الإنسان يكشف عن حقائقه بلسانه. ثالثا: نشوف سيرة حياته، مواقفه، أعماله، شنو كانت؟ هل هي أعمال خير؟ أعمال شر؟ أعمال تدعم الكفر؟ أو أعمال تدعم الإسلام والإيمان؟ هاي الطريقة العادية، اللي أي إنسان تريد تكتشفه فيها، سواء في التاريخ، أو في الحاضر. تعال خلينا نشوف البيئة اللي عاش فيها أبو طالب ما هي؟ هي هذي بيئة الأسرة الهاشمية، البيئة اللي تكفل فيها بالنبي (ص)، ورأى منه ما رأى من المعجزات، وسمع منه ما سمع من الآيات، النبي اللي يقدر يأثر في الآخرين بمجرد جلسة واحدة، أبو طالب وياه من أول يوم، إلى أن توفي أبو طالب، أبو طالب وياه من عمره ثمان سنوات، النبي (ص)، إلى أن توفي أبو طالب بعد بعثة النبي (ص)، طول هذه المدة يرى من النبي ما يرى من المعاجز والكرامات والكلمات، شنو هذا حجر، لا يتأثر، ليس معقولا.

فهذه البيئة التي عاش فيها، كلماته شنو هي كلماته؟ الكلمات اللي غيره يكفيه أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأن يعبر عن ذلك نثرا او شعرا. ماكو فرق، تجد عند أبي طالب، عشرات، الأشعار، بل مئات الأبيات، لو أراد الإنسان إحصاءها، تعبر عن هذه العقيدة، وقد حفظت والأئمة قد أوصوا بحفظها لعله لهذه الجهة، كان الإمام الصادق (ع)، يأمر الشيعة، بحفظ شعر أبي طالب فإنه على دين الله. احفظوا هذا الشعر، حتى لا تجي السلطات وتكنس هذه الأشعار وتنسى، احفظوا مثل:

ودعوتني – يقول للنبي –

ودعوتني وعلمت أنك ناصحي

ولقد صدقت وكنت ثم أمينا

ولقد علمت بأن دين محمد

خير أديان البرية دينا

وأمثال ذلك من الشعر الذي يشبه به النبي بموسى، زين. وكتابه بكتب الأنبياء، وأن الله قد بعثه كما بعث سائر الأنبياء، هاي كلماته. ومواقفه، تلك موافقه. "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دون"، بقية الأعمام اعتذروا. العباس بن عبد المطلب، قال للنبي: أنا رجل ما أقدر، وما أتمكن، وإلى آخره، إجا إلى أبي طالب النبي، قال له: هكذا، الله بعثني وأخشى من قريش، أن تعارض، أن كذا تسوي. فقال: قم يا بن أخي، فإنك الرفيع كعبا العظيم نسبا، والله لا تسلقك من أحد ألسنة حداد، إلا أصابته منا أسنة حداد. قوم تحرك، أنت وراك ظهر، وراك قوة، وراك مدافع، إذا واحد يمد لسانه عليك، نمد السيف عليه. واللي يتمثل إلى وقت متأخر، النبي (ص)، في بدر، لما ضحى الهاشميون، واستشهد من استشهد منهم، هناك استحضر النبي، قال: من يذكر شعر أبي طالب؟ النبي ما يريد هو أن يقرأ الشعر، لأن في القرآن: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له)، حتى إذا كان يريد يقرأ شيء، قالوا: أن النبي كان يكسر الشعر، التزام بهذا المعنى، فما كان هو يريد يقرأ شعر أبي طالب، وما يريد يكسره الظاهر، فأحدهم جاء وقال: يا رسول الله، تقصد قوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة الأرامل

هذا قاله أبو طالب في مدح رسول الله (ص)، لما استسقى به ونزل المطر للناس وسقى الناس، أبو طالب سقى أهل مكة، باستشفاعه برسول الله. فقال: بلى. هذا شعر أبي طالب، ولكن أريد غيره. فأحدهم، أحد بني هاشم، قرأ:

كذبتم وبيت الله -يخاطب قريش، هذا كلام أبي طالب –

كذبتم وبيت الله يبزى محمد

ولما نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع دونه

ونذهب عن أبناءنا والحلائل

أنتوا متوهمين، غافلين، كاذبين، إذا تتصوروا أحد يتعدى على محمد واحنا ما نطاعن ولا نناضل ضده، إلى درجة أنه نخسر أبناءنا ونخسر زوجاتنا، ما نسلم النبي ولا نخذله أبدا.

هذا الرجل هو اللي يفتخر به أمير المؤمنين (ع)، علي يفتخر بأبيه، حتى في رسالة إلى معاوية، قال: "وليس أبو سفيان، كأبي طالب"، ليس أبو سفيان، كأبي. مو أبو سفيان عنده هذا الخط، أسلم، طيب، وأبو طالب ما أسلم، هذا بعد من كوارث الدهر، الإمام علي يقول: هذا أبو سفيانك مو مثل أبو طالبنا، كان بإمكان معاوية أن يقوله أسهل شيء: لا، والدي مسلم ووالدك كافر، لكن هاي سالفة كافر طلعت بعدين، مو، حتى مو في زمان معاوية، فيما بعد إجت هي.

وفاطمة سلام الله عليها تخاطب أمير المؤمنين: "يا بن ابي طالب"، يعني أنت محل للنخوة والنجدة، لأنك ابن أبي طلب. هاي الأسرة، هذا الفرع، كان فرع حماية للرسالة، علي أمير المؤمنين، والعباس مع الحسين، سلام الله عليه. العباس جده أبو طالب، ضمن هذه السلسلة، ما يدافع عن الحسين، لأنه أخوه، وإنما يقول: "والله لو قطعتم يميني إني أحامي أبدا عن ديني، وعن إمام صادق اليقين، نجل النبي الطاهر الأمين"، هذا الذي وقف ذلك الموقف الذي تهتز إليه النفوس، وصل الشريعة وقلبه كصالية الغضا، من شدة العطش، وأراد ان يشرب الماء، أنا وأنت لو يعني نحللها بالطريقة العادية، نقول: زين يشرب حتى يقدر على القتال ويساعد أخوه الحسين، لكن ذاك الوقت، ما يصير أبو الفضل العباس

 

مرات العرض: 3408
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2562) حجم الملف: 37760 KB
تشغيل:

7 - مالك بن أنس إمام المذهب المالكي.
11- أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي.