5- أبو حنيفة النعمان إمام المذهب الحنفي.
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 5/9/1438 هـ
تعريف:

أبو حنيفة النعمان إمام المذهب الحنفي


تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال
قال الله العظيم في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).
حديثنا بإذن الله تعالى، يتناول حياة إمام المذهب الحنفي أبي حنيفة النعمان ابن ثابت ابن زوطي ابن المرزبان. هذا الحديث يأتي في سياق حديثنا في تاريخ المذاهب الإسلامية، بغية التعرف عليها وعلى أفكارها وآرائها ونقاط الالتقاء والاختلاف من الناحية العلمية.
وقد سبق أن ذكرنا، أن من المشاكل التي تعانيها الأمة وأبناؤها، أنهم أحيانا يتعادون فيما بينهم، ويتباغضون فيما بينهم، ولكن لا يعرف الواحد منهم الآخر، ولا يعرف ما يعتقد به، وإنما سمع كلاما وتعبئة وعلى أثر ذلك، أبغض هذا الظرف، واتخذ منه موقفا سلبيا، نحن نحاول أن لا نقع في هذا الخطأ، نحاول أن نتعرف على هذه المذاهب، على حياة أئمتها، على ما تتفق فيه هذه المذاهب، مع الإمامية، ما تختلف فيه، وما حدود ذلك الاختلاف والاتفاق، المعرفة تطرد الموقف السيء، والجهل ينتهي إلى الجهالة وأحيانا إلى السفاهة العملية.
سنتعرض إن شاء الله إلى عرض إجمالي سريع عن حياة مؤسس المذهب الحنفي، باعتبار أنه من الناحية التاريخية يعد أول المذاهب الأربعة، بقية المذاهب الأربعة جاءت بعد المذهب الحنفي. أول مذهب تأسس تاريخيا ضمن المذاهب الأربعة الفعلية هو مذهب الأحناف. ونسب كما هي العادة إلى مؤسسه. أبو حنيفة، هناك كلام في أنه هل هو من أهل أفغانستان في الأصل، يعني أجداده كانوا من سبي كابول، وجيء بهم إلى المنطقة العربية، ثم أعتق جده، ثم أصبح ولاءه إلى بني شيبان، لذلك نسب إليهم، كما هي العادة الجارية في المجتمع المسلم في تلك الفترة. إن الشخص إذا كان غير حر، ينتمي بالولاء إلى أسرة من الأسر القوية، يقولون مثلا: قنبر مولى علي بن أبي طالب، ولاؤه لبني هاشم، كأنما يستقوي بهذه الأسرة، يعتبر أنه قد انتمى إليهم. وإن كان ليس من أبنائها حقيقة. جد أبي حنيفة، بناء على هذا الرأي، كان من كابول، أفغانستان، سبي واسترق في بعض الحروب والفتوحات، ولما جاء إلى المنطقة العربية، أصبح ولاءه لبني شيبان، ولذلك أحيانا ينسب إليهم، يقال: أبو حنيفة الشيباني. من هذا الباب، أو أنه كما ذهب إليه باحثون متأخرون، هو عربي الأصل. هذا مبحث تخصصي، لا أعتقد أنه ينبغي أن نتعطل فيه كثيرا.
ولادته ووفاته، كانت متزامنة مع ولادة الإمام الصادق (ع)، وشهادة الإمام الصادق، تقريبا، في نفس الفترة الزمنية. أبو حنيفة، ولد سنة 80 للهجرة، ومات في سنة 150 للهجرة. 70 سنة يعني. الإمام الصادق (ع)، رواية تقول: أنه ولد سنة 80، وأخرى تقول: ولد سنة 82، وشهادته كانت سنة 148، قبل وفاة أبي حنيفة بسنتين.
أبو حنيفة، في أول أمره، لم يكن يطلب العلم، وإنما كان بزازا، يبيع القماش، وكأن هذي كانت مهنة أسرته، ولكن على أثر ما نظر إليه من تعظيم قدر العلماء في الكوفة، وهو معيشته في الكوفة، منذ صغره كان في الكوفة، الحالة العلمية في الكوفة كانت في تلك الفترة مزدهرة وقوية، ووضع العلماء فيها مكرما ومحترما، فأثر هذا فيه في أن يتجه للعلم. وبدأ بدراسة العقائد وعلم الكلام، كما يقولون، لكن فد يوم – كما يقولون – جاءت امرأة إلى المسجد تسأل عن مسألة في الطلاق، مسألة من مسائل الطلاق، فصادفت أبا حنيفة، سألته عن هالمسألة، الرجل ما كان عنده معرفة بالفقه، يعرف عقائد، يعرف مناظرات، يعرف احتجاجات كلامية، فقال لها: ليس عندي علم بهذا، ولكن ذاك الشخص، وأشار إلى حماد، حماد ابن أبي سليمان، توفي سنة 120 هجرية، وسيكون الأستاذ الأهم لأبي حنيفة، هذا حماد، أشار إليه، وقال: ذاك يعرف في الفقه، روحي اسأليه، وخبريني بالجواب أيضا. فسألته، أعطاها جوابا. أخبرت أبا حنيفة. فكأنه استنكف من نفسه أنه يطلق عليه اسم عالم، ومع ذلك في مسألة من مسائل الطلاق، لا يستطيع أن يجيب عليها، فتوجه – كما قالوا – إلى دراسة الفقه، وبشكل أساس تتلمذ على يد حماد ابن أبي سليمان. أعيد إلى ذهن الأخوة الأفاضل والأخوات الفاضلات، أننا ذكرنا في وقت سبق أن هذا حماد هو تلميذ إبراهيم النخعي، وإبراهيم النخعي، تلميذ عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن مسعود تلميذ للخليفة الثاني، وهذه السلسلة هي تشكل، مدرسة الرأي والاجتهاد، في مقابل مدرسة النص والحديث التي تحدثنا عنها في مجالس سابقة. عبد الله بن مسعود، هالسا ما دام مر ذكره، هناك رأيان بين علمائنا في شأنه، رأي يدافع عنه، ويقول: كان محبا لأهل البيت (ع)، ومنسجما معهم، وورد أنه كان من ضمن من احتج في بعض الروايات على الخلافة لما أزاحوا الإمام (ع)، قام في المسجد من جملة 12 واحد، احتجوا على هذا الأمر، هذي رواية، وإن كان بعضهم يشكك في اسمه، وينتهي في تحليل، إلى أن عبد الله بن مسعود، كان منسجما مع الاتجاه العام لعلي بن أبي طالب (ع)، ولأهل البيت. وإلى هذا المسلك، ذهب المرحوم العلامة المامقاني، أحد الرجاليين الكبار المتأخرين، في كتابه: تنقيح المقال. رجل عالم كبير، وعنده كتاب ضخم، اسمه: تنقيح المقال. انتهى إلى أن عبد الله بن مسعود، لا، رجل، منسجم مع أهل البيت، ربما عنده بعض الآراء هنا وهناك، ولكن بشكل عام، لم يكن بهذا النحو الذي يصور. هناك رأي آخر ذهب إليه الشيخ محمد تقي التستري، أيضا من الرجاليين والمحققين الكبار، توفي لعله قبل أكثر من 35 سنة، وهذا عنده كتاب اسمه: قاموس الرجال. على الرأي المخالف، يقول: لا، الرجل بالفعل كان ممن أخذ مدرسة الخليفة الثاني، ونقلها إلى الكوفة، لأن الخليفة الثاني أرسله معلما ومؤدبا لأهل الكوفة، ولم يكن ليرسل شخصا على خلاف منهجه الفكري. بل عندنا في مثلا كتاب: إعلام الموقعين، لابن القيم الجوزي، من مدرسة الخلفاء، يؤكد على أن أكثر المتأثرين بالخليفة الثاني، كان عبد الله بن مسعود، هو الذي حفظ فتاواه، وهو الذي نشرها، تقريبا، أخذ مدرسته ونقلها إلى الكوفة. لذلك يذهب الشيخ التستري في قاموس الرجال، إلى أن ابن مسعود كان خطه خط مدرسة الرأي، ولذلك درس جماعة، مثل إبراهيم النخعي، إبراهيم النخعي درس جماعة، منهم حماد، حماد درس أبا حنيفة، أبو حنيفة هو صاحب مدرس القياس والرأي المعروفة اللي إن شاء الله ندرس معالم هذه المدرسة في وقت لاحق إن شاء الله. فإذن هذا الرجل بدأ في وضعه الدراسي بهذا النحو.
فيما يرتبط بمواقفه السياسية، وميله القلبي، ينقل الباحثون: أن ميله – أي أبا حنيفة – أن ميل أبي حنيفة إلى الهاشميين، وخصوصا إلى أمير المؤمنين (ع)، كان شيئا كبيرا. فكان مثلا يعرف عنه التصريح، بأنه ما قاتل أحد علي بن أبي طالب، إلا وكان علي بن أبي طالب، أولى بالحق منه. أي واحد وقف في وجه علي بن أبي طالب (ع)، علي هو أولى بالحق من ذلك الطرف، ذلك الطرف طرف باطل، وعلي هو طرف الحق، وهذا الكلام خصوصا في زمان بني أمية، أواخرها، أو في زمان العباسيين، كان من الكلام غير المحبذ عند الخلفاء لا الأمويين، ولا العباسيين، كانوا لا يرتاحون إلى ذكر هعلي بن أبي طالب. بل أكثر من هذا، ينقل العلامة المقدسي، أنه كان في صدد اختيار مذهب من المذاهب الأربعة، فاختار مذهب أبي حنيفة، فقالوا له: شعجب؟ لماذا؟ قال: لأني رأيته لا يقدم على علي قول أحد، يعني إذا جا قدامه قول علي بن أبي طالب، وقول أحد من الصحابة، كان يقدم قول الإمام (ع)، فهذا اللي خلاني أيضا أفضله وأرجحه. فأمر أن مواقفه العامة – حسب ما ينقل – كانت بالنسبة للإمام علي (ع)، موقف حسن، وإعجاب، وما شابه ذلك. بالرغم من أنه يفترض أنه امتداد لمدرسة الاجتهاد والرأي، التي رأسها الخليفة الثاني، وهذه مفارقة قابلة للملاحظة والتعجب. لما نجي للأسرة الهاشمية أيضا، كانت الأسرة الهاشمية، في أبناء علي بن أبي طالب (ع)، محل إعجاب من قبله وميل من قبله إليهم. فمثلا: عندما ثار الشهيد زيد بن علي بن الحسين (ع)، الشهيد زيد، ابن الإمام السجاد، على الخلافة الأموية، واستشهد سنة 121 هجرية، قتل في الكوفة، وصلبت جنازته، سلام الله عليه، وكان زيد محل إطراء وتأييد من قبل الأئمة (ع)، إطراء شديد، من قبل الأئمة سلام الله عليهم.
أبو حنيفة، ينقل عنه موقف مؤيد جدا لزيد، حتى نقل عنه تعبير، كبير يعتبر، أن زيدا بخروجه ساوى خروج رسول الله (ص) يوم بدر، يعني كيف أن النبي خرج لجهاد الكفار في يوم بدر، هالمعركة المهمة، فإن زيد أيضا من هذا القبيل. وهذا يعتبر تصريح جدا كبير، ونقل أنه، كان يفتي بلزوم تأييد زيد، وأرسل إليه أموالا، بواسطة الفضيل، وغيره، واتصل ببعض أصحاب زيد، وأبلغهم رسالته المؤيدة إله. إلى أن استشهد زيد، ورجع أبو حنيفة مرة أخرى إلى التدريس والدرس. هذا الموقف يتبين منه موقف إيجابي، تجاه الأسرة العلوية.
وفيما بعد أيضا، عندما ثار محمد بن عبد الله بن الحسن، المعروف بالنفس الزكية، ضد المنصور العباسي، أيضا أيده تأييدا كبيرا، وأرسل إليه رسالة، قالوا فيما بعد وقعت بيد المنصور، فجلبت عليه نقمة العباسيين. وتحدث مع بعض قادة الجيش العباسي، مثل: الحسن بن قحطبة، وأمره بالتوبة، وأن لا يتورط في دماء الحسنيين، والعلويين، واعتذر هذاك الحسن بن قحطبة، فيما بعد من المنصور، عندما أراده أن يخرج لقتال أخي النفس الزكي، إبراهيم. هذا أيضا يشير إلى أن موقفه النفسي والقلبي تجاه الأسرة الهاشمية، موقفا إيجابيا. طيب.
في موضوع، الأخذ عن أهل البيت (ع)، هو الآن أخذ عن حماد بن أبي سليمان، اللي هذا كان يعتبر رأس مدرسة الرأي والاجتهاد. مدرسة أهل البيت (ع) بحسب هذا، في جانب كبير منها، تنتمي إلى مدرسة النص. مقابل مدرسة الآراء. هل أخذ أبو حنيفة عنهم أو لا؟
المؤرخون، لا سيما الأحناف منهم، يذكرون هذه الفكرة، أنه أبو حنيفة، أخذ عن الإمام الباقر، ودرس على يده، وعن زيد بن علي بن الحسين الشهيد، وعن الإمام الصادق (ع)، وحتى ذكر بعضهم من المتأخرين، هذه الكلمة، كلمة: "لولا السنتان لهلك النعمان". خلينا نوقف عند هذه الفكرة قليلا.
بالنسبة إلى أنه أخذ عن الإمام الباقر (ع) ودرس عنده، هذه الفكرة لا تصمد أمام التحقيق التاريخي. ليش؟ لأن أبا حنيفة بعد ما ترك عمل بيع القماش، وانتمى إلى سلك طلاب العلم، اختص بأستاذه حماد، مدة 18 سنة، يعني إلى سنة 120، اللي توفي هذا أستاذه حماد، كان مختصا به وملازما له في الكوفة. الإمام الباقر (ع)، سنة 114، استشهد، وكان في المدينة. ولم يعهد أن الإمام الباقر قد مكث في الكوفة، ولم يعهد أن أبا حنيفة، ذهب وبقي في المدينة. ربما مثلا، عند ذهابه إلى الحج، أو زيارته للنبي، يلتقي مع الإمام الباقر، أو يسمع منه، ولكن هذا لا يعد تدريسا. هذا مثل أن واحد، يجي يسمع مجلس من خطيب، ما يقولون: هذا بعد من تلامذة فلان، وأخذ العلم عنه. يقولون: سمع منه حديثا، أو محاضرة، أو كلاما. أما ذاك التلميذ، يعني: الذي يأخذ منه شطرا وافرا من العلم ويتأثر في فكره وعلمه به. وهذا لا تشير دلائل تاريخية، أنه حصل من أبي حنيفة، هذا النوع من الأخذ، من الإمام الباقر (ع).
زيد بن علي بن الحسين (ع) ليس بعيدا. أولا: لأن زيد مكث مدة في الكوفة، وثورته أساسا في الكوفة، واستشهد في الكوفة. طيب. وثانيا: أبو حنيفة، ينقل عنه، أنه كان شديد الإعجاب، بزيد بن علي بن الحسين، وكما قلنا، أيد ثورته، وأثنى عليه، ومدحه. فليس ببعيد أن يأخذ عنه لفترة معتد بها.
الإمام الصادق (ع)، ولا سيما هذه الكلمة التي تنقل، بالرغم من أنها كلمة مشهور، إلا أنها ظاهرا لا يوجد هناك سند تاريخي، متقن، لها. لأن أول من نقلها، فيما نعلم، هو محمود شكري، الآلوسي، محمود شكري الآلوسي، توفي من وقت قريب، سنة 1342 هجرية، يعني قبل 100 سنة تقريبا من الزمان، ليس أكثر، وهو لم يسندها ولم ينسبها إلى أحد قبله. هو هذا الرجل، تعلمون أنه رجل متعصب جدا ضد الشيعة، وضد الإمامية، جدا متعصب. في أول أمره كان صوفيا. فصار سلفيا شديد التعصب، والجهود العلمية اللي ضد التشيع، سواها، ستة كتب، ما بين تأليف من عنده، وما بين اختصار وإعادة تحرير، مثل: تلخيص الصواعق المحرقة، وتلخيص التحفة الاثني عشرية، كلها جهده، وهي موجهة بشكل شديد ضد التشيع. الرجل كان في هذه الجهة، جدا مقذع أساس، يعني، إلى درجة أن يقول مثلا: الذي يعرف الشيعة والروافض، يعلم أنهم ليس لهم في الإسلام نصيب. هذولا طلعهم من الإسلام مرة وحدة. هذا الذي يقول في كتابه مختصر التحفة الاثني عشرية، التحفة الاثني عشرية، هالسا ما دام إجتني، خلنا نشير إليها، كتاب: التحفة الاثني عشرية، كتاب ألفه الدهلوي، من علماء الأحناف، في الهند، لذلك احنا نريد نركز هنا، على موضوع الحنفية، ونقول: نتعجب في الواقع، أنه إذا كان موقف أبو حنيفة النعمان تجاه علي بن أبي طالب، وتجاه الأسرة الهاشمية، وتجاه زيد، وتجاه الإمام الصادق، مثل هذه المواقف، نتعجب كيف يقوم أناس علماء من الأحناف، اللي هذا إمامهم ومقتداهم بتشديد الوطأة، على شيعة أهل البيت وعلى شيعة علي بن أبي طالب. يتعجب الإنسان، ذاك الكلام الذي يقوله إمامكم، وتلك المواقف التي يتخذها، "ما قاتل أحد علي بن أبي طالب، إلا وكان علي بن أبي طالب، أولى بالحق منها"، هذا كلام أبي حنيفة، وأنت تابع أبي حنيفة، تأتي لكي تخرج شيعة علي من الإسلام، وتفند هذا الأمر. هذا الدهلوي الحنفي. طبعا هناك من الأحناف من العلماء من تأثر كثيرا بمنهج إمام المذهب الحنفي، فألف في مودة أهل القربى، مثل: القندوزي الحنفي، وأمثاله، كان هناك أيضا فيه، من شيوخ الأزهر، هناك عدد من علماء الأحناف، ملء العين والبصر، من تأدبهم اللفظي، ومن علمهم، فيما يرتبط بالعلاقة مع مذهب أهل البيت (ع). فهذا الدهلوي الحنفي الهندي، ألف كتاب، اسمه: التحفة الاثني عشرية، يقول: الشيعة ما عندهم في الاستدلال على إمام علي بن أبي طالب، إلا خمس آيات، وعشرة أحاديث بس، وأنا الآن بفند كل هذه الأدلة، وكتب كتاب، اسمه: التحفة الاثني عشرية. كتاب واحد، باللغة الهندية، الأردو، ثم ترجمه ابنه إلى اللغة العربية، ثم إجى محمود شكري الآلوسي هذا واختصره، سماه: مختصر التحفة الاثني عشرية. طبعا هذا يريد، أنا أتعجب من قسم من هؤلاء، أما آن لهم أن يكفوا عن هذا العبث؟! يابا قد قيلت هذه الأدلة، والشبهات، والكلمات، ورددـ ورد الرد، ورد على رد الرد، وماكو، لا تتصور أنه أنا أجيب الآن أربعة شبهات، سنهدم هذا المذهب، أنت واهم، أنت واهم. رد واحد قام به مير حامد حسين، اللكنوي، الهندي، هذا أعجوبة الهند، ومعجزة الهند، تحدثنا عنه في هذا المسجد، قبل لعله 10 سنوات، أو هالحدود، لمن أراد أن يرجع إليه، هذا الرجل، كتب كتاب، اسمه: عبقات الأنوار في الرد على هذا الكتاب، قال، الرجل، لخص كل أدلته، في أنه أكو خمس آيات وعشرة أحاديث، احنا نخلينا نبدأ في ذولين ونرد عليهم، وبعدين، نمشي في المشوار، كتب كتاب: عبقات الأنوار. إلى الآن ما مطبوع كله، أكثره لا يزال رحلي، يعني بالطبع القديم، ملخص ماله: اللي لخصه العلامة السيد علي الميلاني في عشرة مجلدات، هذا الملخص ماله، ولو طبع بأكمله، بطبع حديث، ربما يتجاوز 60 مجلد. طيب. ذاك الدهلوي، جايب له كتاب على أساس يهدمله المذهب. عمي هذا جايب لك 60 مجلد، طيب، وإلى الآن ما خلص حسب التعبير، إلى الآن ما خلص، يعني توفي ولم يكمل كل ما كان يريد أن يكتبه، رضوان الله تعالى عليه. اسمه: عبقات الأنوار. في بعض الموارد، كما يشير السيد الميلاني، يقول: في مورد من الموارد، جاب في لفظة واحدة، ستين وجه من الوجوه، ستين وجه، طيب. بهذه القرينة كذا، وبهذه القرينة كذا، هذا شيء، قريب من الإعجاز العلمي، أن واحد يجي يتأمل في حديث، وعلشان يؤيد مقالته، يجيب 60 وجه وشاهد على كلامه.
على أي حال، هذا الكتاب، مختصر التحفة، اللي الأصل ماله ردوا عليه بستين مجلد، جابه هذا محمود شكري الآلوسي، وهو شافعي المذهب، سلفي التوجه، متأثر كثيرا بالحالة السلفية، وشديد كان، فاختصره، وكتب فيه، كي يقول بأن: أهل السنة، ليس عندهم مشكلة مع أهل البيت. فهذا أبو حنيفة يقول: "لولا السنتان لهلك النعمان". طبعا هذي ما إلها مصدر كما قلنا غيره، بحسب التتبع.
نحن لا نستبعد في هذه الجهة، أن أبا حنيفة قد تعرف على نظريات، وأفكار الإمام الصادق (ع). لماذا؟ لأن الإمام الصادق أكثر من سنتين بقي في الكوفة، بقي سنتين متصلتين في أوائل الخلافة العباسية زمان أبي العباس السفاح، استدعي الإمام الصادق، وبقُّوه في منطقة الحيرة، وهي مجاورة للكوفة، هاي سنتين، ثم كان يستدعى على فترات، أيام المنصور العباسي، بس الفترة الطويلة كانت سنتين، وفي هالفترة الإمام (ع) نشر علمه، ودرس في الكوفة، وتحدث في المسجد. فليس ببعيد أن يكون أبو حنيفة قد تعرف على نظريات الإمام (ع)، أو سمعها.
وعندنا روايات فيها: أن أبا حنيفة، دخل على الإمام، وسأله، والإمام الصادق أجابه، وفي بعض المناظرات اللي فيها موقف نقدي شديد للمنهج كما سيأتي بعد قليل، لكن بمعنى أنه تلميذ الإمام، لا نستطيع أن نؤكد بهذا المعنى. التلميذ بمعنى المتأثر بفكره وبمنهجه لم يحصل. بمعنى أنه يعرف أفكاره ويسمع منه، هذا ليس ببعيد. طيب.
فأخذ عن علماء تلك الفترة، إلى استقل هو بالتدريس من عمر الأربعين، صار عنده مذهبه الخاص، وأوضح نظرياته، كانت ما يرتبط بالقياس، وما يرتبط بتقليل، بتشديد الشروط على الأخذ بالأحاديث النبوية إلى الحد الذي لم يكن بالإمكان الاعتماد على أكثر هذه الأحاديث.
إلى هنا، احنا تحدثنا عن أبي حنيفة الشخص، وقلنا أن هذا العالم، كان من الناحية القلبية والنفسية والسياسية قريبا إلى الأسرة الهاشمية، لكن في الطرف الآخر، عندما نأتي إلى الموضوع المنهجي والفكري، نجد الأمر مختلفا. نجد الأمر مختلفا. فعندنا روايات من الإمام الصادق (ع)، وروايات من الإمام الكاظم، وهذا محل استفهام، لأن أبا حنيفة، لم يبق فترة طويلة، سنتين من إمام الكاظم، ثم توفي، الإمام الصادق استشهد سنة 148، أبو حنيفة في سنة 150، بس مع ذلك أكو هناك روايات لحنها شديد من الإمام الكاظم (ع)، وهذا يبين لنا أن الانتقاد كان منصبا على المنهج الخاطئ الذي كان يتبنى من قبل المذهب الحنفي، وهو الاعتماد على الآراء وعلى القياس، وعدم الاعتماد الكافي على الروايات والنصوص، ويشير إلى نقطة، أنه الأئمة (ع) وفاقهم وخلافهم ليس قائما على قضايا شخصية، ما دام هذا أيدنا خلينا نؤيده، ما دام يحبنا، خلينا نحبه، حتى إن كان منهجه الفكري أو الفقهي أو العقدي غير سليم. وإذا لا، ما يحبنا، خلنا نخسره. لا، وإنما كانت القضية مربوطة بنقد المناهج، لأن هؤلاء أدلاء على صراطه. فلا بد أن يبينوا الطريق الصحيح، ويشيروا إلى الطريق المعوج. لذلك نجد مثلا عندنا في رواياتنا في الكافي وفي غيره، وبعضها صحيح السند، عن الإمام الصادق، وعن الإمام الكاظم، فيها ذم شديد للقياس، دخل عليه أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة، إن السنة إذا قيست محقت. والقضية المعروفة: أنه لما دخل عليه سأله: أي الأمور أكثر نجاسة البول أم المني؟ فقال: البول، لأنه الاتجاه المعروف في مدرسة الخلفاء: أن المني ليس بنجس، والقائلون بنجاسته أيضا يقولون: نجاسة خفيفة، ولكن البول نجاسته نجاسة متفق عليها ومؤكدة. فإذن البول أكثر نجاسة. هذا بحسب القياس بحسب التعبير. فقال له الإمام (ع): فلماذا وجب الغسل، في المني والجنابة، ولم يجب الغسل، في البول؟ المفروض إذا البول أشد نجاسة، هو اللي يصير الغسل، ما يصير الخفيف، المني، اللي عند قسم من أتباع مدرسة الخلفاء، طاهر أصلا، يعتقدونه بطهارته، وقسم آخر، يرون فيه نجاسة مخفف، طيب، هذا الآن لازم تغسل بدنك من فوق لتحت، والبول اللي أكثر نجاسة، فقط تتوضأ منه إذا أردت الصلاة، لا معنى لذلك، إذن يتبين أن هالقياس هذا، قياس شنو؟ باطل، أي الأمرين أكثر وجوبا وأهم، الصلاة أم الصيام، قال الصلاة أهم، ليش؟ لأن الصلاة عمود الدين، قال: فلما تقضي المرأة الحائض الصوم، ولا تقضي الصلاة. المرأة في أيام دورتها لا تقضي الصلاة، دورتها سبعة أيام من كل شهر. هل شفتوا امرأة كل شهر، بعد الشهر، بعد ما تخلص دورتها، تقضي الأيام الماضية، لا تقضي صلواتها، ولكن في شهر رمضان الآن إذا صارت حائض، ثلاث أيام، أربعة أيام، خمس أيام، لازم تقضيها بعد شهر رمضان، كيف يصير الصلاة أهم والحال أن الصوم هو الذي يجب قضاؤه وتداركه، وهذا لا يجب قضاؤه وتداركه. طبعا ما يريد الإمام يقول أن الصوم أهم، يريد يقول: هالنوعية من القياسات قياسات شنو؟ غير صحيحة، وهكذا.
أو عندما دخل أو ذكر عنده ابن شبرمة، وأبو حنيفة، وكلاهما ضمن مدرسة الرأي والاجتهادات، الإمام (ع)، قال كلاما شديدا، في حقهما، نصه هكذا، الإمام يقول (ع)، صلوا على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم صل على محمد وآل محمد.
قال: في مثل هذه الفتاوى تمنع السماء بركاتها، تمنع السماء مطرها والأرض بركاتها، هاي الفتاوى اللي جاية من غير دليل. تعال أنت شوف أحاديث عن رسول الله (ص)، يقول: عندنا الجامعة، فيها كل ما هو حلال حرام، ما تركت لأحد كلاما. شنو أنا أروح اعمل آرائي الشخصية، واجتهاداتي في هذا الجانب، فإذن في نفس الوقت اللي كان أبو حنيفة قريبا كموقف سياسي، وكموقف قلبي أيضا، وهو المنقول عنه أيضا: "ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد"، هذا مو مصادر الشيعة فقط تنقله، وإن كان ترى احنا، هاي ملاحظة، مو إذا قلنا، مصادر الشيعة، لأننا نقلل من قيمتها، لا، وإنما هو لإلزام من لا يعتقد بها. أنا عندما طرف لا يعتقد بالمصدر الشيعي، إذا أقوله هذا في مصدرنا موجود، يقول: هاي مصادركم حجة عليكم، فلازم تجيب إله مصدر من من يعتقد به، مثل هذه: "ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد"، ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام]، والذهبي أيضا نفسه، في سير أعلام النبلاء، والذهبي كان شديد الوطأة على الشيعة، ولم يكن على هذا المذهب، فعندما يتكلم بهذا المعنى، يمكن أن تحتج به، على الخصم، "ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد"، وقالوا له: كيف، وجاب القضية التي ذكرناها، عندما جمعه المنصور مع الإمام الصادق (ع).
في زمان العباسيين، أبو حنيفة، أول الأمر، تعامل معهم، قال: هذولا جايين الآن على أنقاض، الدولة الأموية، وأسرة الهاشمية، وخلاص بعد الحمد لله، الشيء، الظلم اللي كان عند الأمويين، راح، وهذولا إجو. فتفاعل معهم أول الأمر، وهم هم حاولوا أن يستقطبوه إلهم، كما ذكرنا في قضية جلب المنصور له حتى يمتحنه، بزعم المنصور وزعمه، الإمام الصادق (ع).  واللي قال:"ما رأيت"، في نتيجتها، "أفقه من جعفر بن محمد". طيب.
بعدين بما ثار محمد النفس الزكية، أيده، لأنه رأى مظالم العباسيين، وهذا رجل، محمد النفس الزكية، هو اللي المفروض يبايع المنصور، لأن لمحمد، بيعة في رقبة المنصور. طيب، لكن المنصور إجى واختطف الخلافة، على طريقة العباسيين، وطارد محمد النفس الزكية، حتى يسجنه، فأعلن ثورته.
هنا أبو حنيفة أيد محمد النفس الزكية. بالخفاء، وأرسل إليه رسالة، قيل أنها وقعت فيما بعد في يد المنصور، أضيف إلى ذلك، وتحدث مع الحسن بن قحطبة، وهو قائد عسكري عند المنصور، في أنه أنت لازم تستغفر ربك من قتال هؤلاء، هذولا على الحق، فلما مرة ثانية المنصور، طلب هذا القائد لكي يقاتل أخا محمد النفس الزكية، إبراهيم، اعتذر منه، تحقق من خلال جواسيه أن الذي أشار إليه هو أبو حنيفة، كما قالوا.
فهنا بعد لازم يفصل القضية، يختبره اختبار حقيقي، يقله: نريدك للقضاء، المنصور العباسي، يقول لمن؟ لأبي حنيفة، نريدك أن تصير قاضي القضاة. فقال له: أنا لا أصلح، لا أصلح، للقضاء. فقال له: أنت تكذب. لا تصلح، أنت تكذب. فقال: قد حكمت يا أبا جعفر، لأني إن كنت صادقا، فقد قلت لك أني لا أصلح. فلازم تصدقني. فإن كنت كاذبا، كما أنت تقول. فكيف تستقضي كاذبا؟ واحد كذاب تخليه قاضي القضاة، كيف يصير، فغضب منه وأمر به أن يسجن وبالفعل سجن. وقالوا إنه توفي في السجن، وقسم من مؤرخيه، قالوا: أنه دس إليه السم، وأطلق سراحه، فمات بعد يومين، المهم أن نهايته كانت هكذا.
مع المنصور العباسي، وهذولا ترا ليس لهم أمان. اليوم مصلحته معك، غدا تتغير المصلحة، يذبحك ولا تطرف له عين. اليوم يكتب لك أمام مطنطن معنعن، وهذا مشهور بيه، المنصور ها، المنصور مشهور بالغدر، اللي بعض المؤرخين المعاصرين يصفون بالخليفة الحازم. إذا كان الحازم بمعنى الغادر، فيظهر أن المعاني تغيرت. هذا المنصور. أمَّن عمر بن هبيرة، عمر بن هبيرة، أحد كبار الولاة الأمويين. لما العباسيين، قربوا ينتصروا، هذا وقف مدافع عن الحالة الأموية، وعنده جيش، وقال احنا نقاتل إلى الأخير. فشاف العباسيون راح يسوي ليهم مشكلة. فكتب إليه المنصور أنه إذا أنت تسلم، وتترك القتال أنت وأهلك ومن تحب آمنون، وهذا خطي بالأمان إليك. عهدي أنا الشخصي. هذا عمر بن هبيرة، قال: أنا على شنو أروح أقاتل؟ علشان بني أمية. هذولا هم يعرفوا القضية، هالسا دين ماكو، دنيا على الأقل خليها تصمد إلنا. فسلم إليه. بقي فترة من الزمان، ثم غدر به، وقتله. راح إلى أبو مسلم الخراساني، أبو مسلم الخراساني، هو مشيد دولة العباسيين، وهو الذي طوع بلاد فارس كلها للعباسيين. قتالا، طيب. فأمنوه، ثم استدرجه المنصور، بالتدريج إلى أن جابه، إلى قصره، وذبحه. وثالث ورابع، وهذا أبو حنيفة، والإمام الصادق (ع)، هؤلاء أناس لا يأتمنون على دم مسلم فكيف يأتمنون على شريعة وعلى دين.، هذا اللي نقول احنا أنه لا ينبغي أن يكون قرار السلطان العباسي، ملزما للأمة في حصر المذاهب مثلا إلى يوم يبعثون. هذولا ما عندهم قابلية أن يؤتمنوا على دم مسلم، يكتبون له كتاب ميثاق بالوفاء، ولذلك نتعجب احنا بمن، ممن التصق بهم. هذا المنصور، توه قتل إمامكم يا أيها الأحناف، وإذا بتلامذة أبي حنيفة، لا سيما أبو يوسف القاضي، يلتحق بركب هارون الرشيد، وذكرنا في وقت سابق كيف أنه قربه وملك عليه أمره، حتى قال له: لو شئت، لو كان يصح أن ادخلك في نسبي، لأدخلتك. طيب. وكان التفا، يابا هذا جده اللي قتل إمامكم هكذا، كيف تسمحون لأنفسكم بهذه الطريقة. وهارون حفيد المنصور، أيضا سار على نفس مسيرة جده المنصور، هذا فتك بالإمام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه.

مرات العرض: 3396
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2564) حجم الملف: 56311.31 KB
تشغيل:

4- آثار منع الإجتهاد وحصر المذاهب في الأمة.
6- من معالم المذهب الحنفي وآرائه