4- آثار منع الإجتهاد وحصر المذاهب في الأمة.
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 4/9/1438 هـ
تعريف:

آثار منع الاجتهاد وحصر المذاهب في الأمة


تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال


روي عن سيدنا ومولانا رسول الله (ص) أنه قال: أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة، من يجدد لها دينها. صدق سيدنا ومولانا رسول الله (ص
حديثنا بإذن الله تعالى يتناول موضوع الآثار الثقافية، والاجتماعية، التي نتجت عن قرار الخلافة العباسية بمنع الاجتهاد، وحصر المذاهب في الأمة بأربعة مذاهب. كان هناك آثار متعددة سنتعرض إليها إن شاء الله تعالى. افتتحنا بهذا الحديث، الذي روي في مصادر مدرسة الخلفاء، بأسانيد معتبرة عندهم، فقد روي في سند ابن داوود، وأيضا في مستدرك الحاكم، وفي سنن البيهقي. كما تم التعامل مع هذا الحديث، في أدبيات الفقه الشيعي، باعتباره حديثا مشهورا، عن رسول الله (ص)، وتم الحديث في شرحه، ومناقشته، كأنه مفروغ، من هذا الحديث، الآن، نحن لا نريد أن نحقق في الجهة السندية لهذا الحديث، ولكن نريد أن نفتتح به، باعتبار أن هذا الحديث، يشكل إحدى المعلات والإشكاليات، في هذا القرار المستمر، الذي تعاملت معه السلطات السياسة في بلاد المسلمين، منذ أن أصدره القادر العباسي، إلى يومنا هذا.
فإن عددا من الباحثين ذكروا أن قرار منع الاجتهاد، وحصر المذاهب في مذاهب معينة، يتخالف مع كلام النبي، مع هذا الحديث، الذي هو صحيح عند مدرسة الخلفاء بلا كلام فيه. فكيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث الذي يقول: أن الله سبحانه وتعالى، يمن على الأمة ويبعث فيها في رأس كل قرن من الزمان، يبعث فيها مجددا مجتهدا، يجدد لها هذا الدين، ومعارفه، وأحكامه ونظرياته، من المعلوم أن حفظ ما تركه مثلا أبو حنيفة من كتب، أو شرح ما خلفه مالك من فتاوى، أو غير ذلك، مجرد مطالعة هذه أو شرحها، أو حفظها، أو تدارسها، لا يسمى تجديدا، التجديد: هو إبداع نظريات جديدة، هو ابتكار آراء جديدة. أما أن يدور المسلمون في داخل ما هو موجود، من الكتب التراثية ويعيدون حفظها وشرحها، فهذا لا يسمى تجديدا، فكيف إذن يمكن أن يوفق من جهة بين أن الله يبعث مجددا، على رأس سنة، 100، و200، و300، 400، و500، 600، و700، ومو واحد، من يجدد، هذه إشارة إلى الصفة، والصفة قد تتجسد في واحد، وقد تتجسد في 10، و20. فكيف إذن ينسجم هذا مع فكرة منع الاجتهاد، وإغلاق باب الاجتهاد، وعدم السماح لأصحاب المذاهب بإبداء نظرياتهم. هذا واحد، من الإشكاليات التي اصطدم بها، قرار إغلاق باب الاجتهاد، وحصر المذاهب، في الأربعة المعروفة. ليس هذه هي الإشكالية الوحيدة، وإنما هناك آثار وإشكاليات متعددة. نشير إلى بعضها.
من ذلك ما أشرنا إليه إشارة في وقت سابق، من أن هذا القرار صار ترسيم، لتدخل الدولة والسياسة في دين الناس، وهذا أدى إلى يومنا هذا إلى مشاكل دينية. بمعنى أنه أصبح بعض المذاهب خارج إطار الأمة، التشيع مثلا غير معترف به، ضمن هذا القرار، فإذن وجوده وجود غير شرعي. وهذا يسهل أن يتخذ السياسيون قرارات بالمنع والمصادرة والحجب وغير ذلك. إلى أيامنا هذه. في بعض الدول، يعتبر النشاط الشيعي محظورا من الناحية القانونية. ليش؟ لأنه يقول لك: هذا ليس مذهبا من مذاهب المسلمين، المذاهب الموجودة هي أربعة، فهذا مذهب خارج على النظام، خارج على القانون، فكل شيء يرتبط به أيضا، من نشاط وتبليغ وكتاب ومنبر وغير ذلك، أيضا ذمن هذا الإطار. وهذا لا يختص بالمذهب الإمامي، المذهب الزيدي كذلك، المذهب الأباضي كذلك، المذاهب التي لم يكن لديها قدرة على المقاومة، والاستمرار، انتهت، كما ذكرنا، ضجت في القرن الثالث الهجري الأمة، امتلأت بالمذاهب، وبعضها كان يحتل مساحات واسعة في الأمة، لكن على أثر المنع الرسمي، واعتبار الشيء غير قانوني، اتباعه لم يجدوا أن بإمكانهم المقاومة والاستمرار، فاندثر هذا المذهب بالتدريج، المذاهب الأخرى، لا، قسم منها حافظت على وجودها، استمرت، ولكن استمرت خارج الإطار، يتعامل معها في كل زمن على أنها خارج إطار الأمة، خارج إطار المسلمين خارج إطار القانون، وكان في هذا تقسيما رسميا وشديدا للأمة الإسلامية، أنت أيها السياسي، أنت أيها السلطان، أنت يا أيها الخليفة العباسي، أو العثماني، اللي جاي على أساس سلطان أو خليفة المسلمين جميعا، كيف تسمح أن تقوم بترسيم هذا الانشقاق في الأمة، فتجعله رسميا فتخرج مذهبا مع جميع أتباعه وثقافته وكتبه وتراثه وممارساته كلها، هذي تخرجها من الأمة، وتبقي قسم آخر. وأنت تسمى خليفة المسلمين.
وهذا إلى اليوم مفاعيله موجودة ها، ولا يقتصر على المذهب الشيعي، أنت لا تتصور أنه فقط المذهب الشيعي، لا أكو عندنا مشكلة في داخل المذاهب الأربعة أيضا، الآن في مصر على سبيل المثال، إلى الآن، القضاء الرسمي، والمعاملات الدينية، الرسمية، هي حنفية. قضايا الزواج والطلاق، والعقود وما يرتبط بها، كل شيء يرتبط بالجانب الرسمي، هو حنفي، لكن مذهب الناس العادي هو شافعي. هو عامة المصريين، الأكثر أنهم شوافع، ولكن عندما يذهب إلى المحكمة، لا بد أن يتزوج على وفق مذهب أبي حنيفة، عندما يريد أن يرث أو يورث لا بد على طبق ذلك المذهب الرسمي، وعلى هذا المعدل.
طيب، هذا الإنسان، إذا أراد أن يتزوج، أو أن يطلق، أو أن يرث ميراثا، أو أن يغسل جنازة أبيه، أو أن يشيع جنازة أخيه، أو أن يدفن جنازة ابنه، وكلها هذه فيها أحكام بعضها تتفق، وبعضها لا تتفق، لازم يسوي ازدواجية، لازم يروح المحكمة، حتى يعقد بشكل حتى إذا رجع إلى البيت يعقد بشكل آخر، يروح إلى المحكمة، يطلق بشكل، فإذا رجع إلى البيت يطلق بشكل آخر، ولا يعتقد بذلك الطلاق الرسمي كافيا، يرث بحسب الأوراق بطريقة، ولكنه لا يستحلها بينه وبين نفسه، وإنما يجري صيغة أخرى للميراث. يغسَّل أو يُصلى عليه، على جنازة ميته، بشكل، حتى إذا انصرف الرسميون، رجع أو غسلها أو كفنها أو صلى عليها بطريقة أخرى. لماذا تتورط الأمة في هذا بناء على قرار أخرق اتخذه خليفة عباسي، قبل 1000 سنة من الزمان؟! وإلى الآن لا تزال مفاعيله مستمرة، وآثاره السيئة والسلبية قائمة، تكرس هذا الأمر، ترسم دخول السلطة والدولة على خط الدين، فكان الناس بين أحد أمرين، إما أن يعيش حالة ازدواجية، هو أمام السلطة، يمارس دينا بشكل معين، ويأتي إلى بيته يمارس دينا ومذهبا وطريقة وفتوى بشكل آخر، إما هكذا، وإما أن يستسلم، ما دام الحاكم يقول هكذا، يالله اللي يتزوج أمي، يصير عمي. حسب التعبير.
لماذا نسوق الأمة في مختلف أدوارها إلى مثل هذا الخيار، إلى مثل هذا الاختيار، والسبب أنه فد سلطان حاكم في يوم من الأيام، لما ذكرناه في حديث سابق من ظروف، قرر أن يجمع الأمة في مذاهب أربعة، ليش؟ تحكم الأمة إلى الآن هكذا، وبهالمشاكل هذي؟ طيب. من آثار هذا القرار، السيئة، والسلبية، ومفاعيل هذه الحالة، اشتداد النزاعات، اشتداد النزاعات المفروض أن الحاكم العاقل يقرر القرار اللي يزيل التشنجات، ويجمع الناس، هذا القرار بدل ما يحل المشاكل القائمة، زاد المشاكل مشكلة جديدة. كيف؟
في نفس زمان اتخاذ القرار، اللي هو كما ذكرنا زمان القادر العباسي، يعني من سنة 381 هجرية، إلى سنة 421، فصاعدا، في ذاك الوقت، اشتدت النزاعات، بين أئمة وعلماء هذه المذاهب، بين عامة الناس، ووصلت إلى أقصى درجاتها، في التشنج، ليش؟ لأنه صار هناك تنافس، بين أعلام وعلماء كل مذهب، هذا يريد يستقطب، هذا الحاكم إلى جانبه، وذاك يريد يستقطب نفس الحاكم، حتى أنا الشافعي أقربه إلي، شنو لازم أقول عن الأحناف والموالك والحنابلة. لازم أطعن فيهم، وأتكلم عليهم. وذاك الحنفي حتى يقربه إلى جانبه شنو لازم يقول عني أنا الشافعي، نفس الكلام، فصار تسابق على هذا، على استقطاب الحاكمين، وعلى استقطاب المناصب، وأنا إذا أشوف لنفترض قاضي معين، من قبل الدولة حنفي وأنا شافعي، أشتغل على تغييره، وأجيب واحد من جماعتي، وهذا حصل ها. هذا حصل. يذكر أكثر من أرخ لتلك الفترة ومن جملتهم الذهبي، يقول: أنه القادر العباسي، بتأثير من أحد كبار علماء الشافعية وهو أبو حامد الإسفرائيني، غير قاضي بغداد، الحنفي، وجاء بقاض شافعي مكانه. هذا الإسفرائيني عالم شافعي قنع القادر العباسي، أن يعين قاضيا شافعيا، يشيل هذا القاضي الحنفي، فما زال يعن زين له المذهب الشافعي ويقب بالتالي المذهب الآخر. إلى أن القادر غير القاضي الحنفي، وشاله، شاله، فثارت الحنفية في بغداد، أنه ترى، الخليفة، يريد أن ينقل القضاء من الأحناف إلى الشوافع، وهذا فيه خسارة كبيرة، وهم يعتقدون أن الشوافع ليسوا على شيء. فصارت مشكلة، اضطرابات، معارك، مظاهرات، قتل، قتال، فتنة اجتماعية، إلى أن اضطر القادر العباسي، أن يرجع هذا إلى مكانه، وأن يرضي هؤلاء، بتعيين هذا القاضي الشافعي في مكان آخر، أنت ليش تسوي إلك فد ورطة، تحصر المذاهب، أن بس هذولا المشروعين، ثم تجعل النزاع فيما بينهم على المناصب، أسوأ من هذا. ما نقله نفسه الذهبي، في سير أعلام النبلاء، الجزء 17، أظن صفحة 686، هذي ينقلها. طبعا غيره لو نقلها، يمكن واحد شوية، يتأمل، إذا واحد من الشيعة يقول لك، هذولا الشيعة كذا وكذا، يدعون دعايات، لا، هذا الذهبي، ضد الشيعة بشكل قوي، من تلامذة، هالسا التلامذة بعضهم يقول، وبعضهم يقول معاصر له، لابن تيمية. يعني أخذ، هذا أخذ من ذاك، وذاك أخذ من هذا. ومدحه في البداية، لكن في آخر عمره، يقولون، يعني كتب له رسالة شديدة اللهجة. الذهبي كتب لابن تيمية، وكانت شديدة اللحن. بس مواقفه تجاه الشيع جدا عنيفة، الذهبي. وهو شافعي، ينسب للشافعية. شافعي، مو من بيت الشافعي، ها، وإنما من أتباع الإمام الشافعي. لا واحد من هذه الأسرة الكريمة، يقول. فيقول أن أكو هناك والي على منطقة خراسان، وأفغانستان، معروف، محمود، ابن سبكتكين، الغزنوي، توفي سنة 421، هذا هم اسمه غلق ترا ها، قول: محمود الغزنوي، فهذا الرجل كان حنفيا، حسب كلام الذهبي، كان حنفيا، ولكن في نفس الوقت، يحب أهل الحديث. وأكو صراع بين أهل الحديث، الحنابلة، وبين الأحناف، بشكل قوي، لأن الحنفية لا يعملون بكثير من الأحادي التي يعمل بها أهل الحديث، الحنابلة، وأكو بينهم كلام شديد يمكن نتعرض إله في الأيام القادمة.
فهذا الرجل هم هو حنفي المذهب، وهم يحب الأحاديث ويرجع إليها، وكان من يحيط به، أحناف وشوافع، الشوافع أيضا محسوبين، على أنهم يعظمون الحديث ويخالفون الأحناف في تقليل الاعتماد على الأحاديث.
فهذا الحنفي يريد يجر السلطان الغزنوي، أو الوالي الغزنوي، ويبقيه على حنفيته، وذاك الشافعي يريد يغيره ويخليه من الشوافع. هذا اليوم يحشي ضد ذولاك، اليوم الثاني، هذا يحشي ضد هؤلاء. إلى أن أنهى القضية واحد من علماء الشافعية، اسمه أبو بكر القفال، قال له: شوف، يا أيها السلطان، أيها الوالي، أنا ما أجيب لك مناقشات، ولا تصعد ولا تنزل، أصلي لك ركعتين على طبق المذهب الشافعي، وأصلي لك ركعتين على طبق المذهب الحنفي، وأنت احكم بذلك.
أنقل لكم النص، حتى لا أطيل فيه، يقول: فجاء أبو بكر القفال، وجمع الفقهاء، وجاء أبو بكر القفال وصلى صلاة بوضوء مسبق، سابغ مرتب، وسترة وطهارة، وقبلة. وهدوء، صلى ركعتين، من أحسن ما يكون، حسب التعبير. ثم قال: هذه صلاة لا يجوز للشافعي أن يصلي بغيرها، بالطهارة، بالهدوء، وبالستر الكامل. وبالتوجه إلى القبلة، وغير ذلك.
ثم، صلى صلاة على ما يجوزه، أبو حنيفة، حسب كلام هذا القفال، فلبس جلد كلب مدبوغ، بدل ما يلبس هاي الملابس العادية القطنية، لبس جلد كلب، وربعه، مغرق في النجاسة، تكرمون، في العذرة، وكذا، هم جلد كلب، هم مغرق في النجاسة إلى ربعه، وتوضأ بنبيذ، نبيذ، مو المقصود منه الخمر، وإنما شيء ينبذ فيه، الماء، ينبذ فيه شيء. فصار، طبعا، اجتمع عليه الذبان ما دام توضأ بهذا الماء. وتوضأ وضوءا منكسا، يعني أول بدى غسل رجايله، بعدين غسل أياديه، بعدين وجهه، بعدين استنشق وتمضمض، بالعكس. لأن عند بعض الأحناف فتوى أنه المطلوب هو هالأعمال هذي، الترتيب ما يحتاج. أنا أقول لك مثلا: لم هالكراسي، طيب، ما يحتاج تبدأ من اليمين إلى اليسار، أو من هني إلى هناك، المهم تلمهم آخر شي، بديت من الأخير، من الأول، من النص، هم يقولون بعضهم أن في الوضوء، هو هذا المطلوب، قال: اغسلوا وجوهكم، أيديكم، امسحوا برؤسكم وأرجلكم، المطلوب هذا، من وين بديت؟ ما في مشكلة. فهذا بدا بالعكس. طيب.
ثم كبر بالفارسية. بدل ما يقول: الله أكبر، قال: خدا ؟، لأن عند بعضهم، أنه يجوز غير العربية في الصلاة، وبدل أن يقرأ الفاتحة وسورة، قرأ ترجمة آية من كلمتين، قال: خدا ؟، يعني: ورقتان خضراوان، بترجمتها اللي هي تعني الآية الموجودة في سورة الرحمن، (مدهامتان)، مدهامتان: يعني ورقتان خضراوان، فهذا ترجمها أيضا إلى الفارسية. وقرأها. ثم ركع بسرعة، ورفع بشكل أسرع، ثم تشهد، وسوا فد شيء ما يناسب الواحد يقوله على المنبر، المهم، أحدث بصوت، قبل أن يسلم، تشهد وأحدث ذلك الحدث، وقال له: هذي الصلاة عند أبي حنيفة صلاة صحيحة. فهذا جدا السلطان استنكر عليه. قال له: إذا ما كان صحيح، أذبحك. حسب التعبير. هاي شلون صلاة. فأمر بأن يؤتى بالكتب. جاؤوا بالكتب، طبعا تدرون أن في كل مذهب، أكو هناك علماء، كل واحد عنده رأي قد يكون متطرف أو شاذ، فهذا جمعها الشواذ كلها، وصلى فيها، الآن لو واحد مثلا يريد أن يجمع كل ما ورد عند أتباع الشافعي، أيضا يطلع فتاوى من هالقبيل، زيد في القرن الأول عنده فتوى شاذة، عمر في القرن الثاني عنده فتوى شاذة، بكر في الثالث عنده فتوى شاذة، هذا كلهم جمعهم وسوى صلاة من هالنوع. فقال جيبوا الكتب الفلانية، وجابوها كلها، وقالوا له هذا رأي واحد من تلامذته، ذاك رأي واحد من تلامذته، ذاك رأي واحد من تلامذته، وهذي فتاوى الأحناف في مختلف الأوقات. فمن ذلك الوقت، هذا السلطان غير انتمائه، وترك مذهب أبي حنيفة، ولم يعد إليه.
شنو الداعي، إلى أن تتدخل السياسة في الديانة والمذاهب حتى يصير هذا، أن يتعارك عالمان، حتى يستقطب هذا، إلى جانبه، أو ذاك يستقطبه إلى جانبه، وهذا يطعن في مذهب ذاك، وذاك يطعن في مذهب. أنت الخليفة اللي جاي، أنت الحاكم اللي جاي، أنت السلطان اللي جاي، إذا أكو مكان فيه منفذ للتشنج، لازم تسكره مو تفتح أبواب جديدة للتشنج، هذا القرار الذي حصل، صنع هذا الأمر، وأما على مستوى الناس فأيضا صارت المشاكل كثيرة، لأنه بالتالي إذا قرب الشوافع، الحنابلة زعلوا، إذا قربوا الحنابلة، الأحناف زعلوا، تطور، إذا هذولا أخذوا هالمسجد، ذولاكا يريدوا المسجد الرئيسي، وهذا هم يريد المسجد الرئيسي، هذا يريد المدرسة الكبرى في البلد، وذاك هم يريد المدرسة الكبرى في البلد، وتبدأ النزاعات، وبالفعل حدث في بغداد، كثير من هذه الأمور، حتى جر ذلك، إلى ما يشبه الفتنة الاجتماعية، وإلى القتل والقتال. إلى أن جمع الوزير، بين أكبر عالمين، عند الشافعية، وعند الحنابلة. لأن هي كانت الجبهات متعددة. مرة حنابلة وشافعية، ومرة حنابلة وحنفية. مرة شافعية وحنفية، مرة موالك مع هؤلاء. فجمع بين شيخي الحنابلة والشافعية، وقال لهم: ما يصير هالشكل، البلد تموج بالفتنة والمشاكل، اصطلحوا فيما بينكم، سووا ليكم طريق حل.
أنقل لك النص، قال: فقال له القشيري، وهو عالم الشافعية، وهذا كان يتصدى، لأنه على عقيدة الأشاعرة، ومخالف للحنابلة، أيضا عقديا وفقهيا، فقال له أي صلح يكون بيننا، لو كان نزاعنا عل مختصمين، على ولاية، أو دين، أو تنازع فيملك، يمكن نتصالح، أما هؤلاء القوم، هذا يقوله القشيري الشافعي، يقول: هؤلاء القوم يزعمون أنا كفار. ونحن نزعم أن من لا يكون على طريقتنا أيضا هو كافر. كيف نتصالح؟! لا يمكن أن نتصالح.
زين، أنت يا أيها الحاكم، يا أيها السياسي، جبت هذا القرار، حتى تفرعن هذا الخلاف وتكبره إلى حد أن يزعم أحدهم عن الآخر أنه كافر، ويتحول إلى أزمة اجتماعية. إلى حد أنه بعضهم يتمنى أن تكون له الأمور حتى يجعل الجزية على الأحناف. واحد من الشافعية يقول: لو كان الأمر لي لوضعت الجزية على الحنفية. جزية يعني هذولا مو في حكم المسلمين. الجزية منو يدفعها؟ يدفعها اليهودي والنصراني، ومثله غيره قال فيه أيضا، وهذا ينقله الذهبي وغيره، في كتبهم، أن العالم الشافعي، يتمنى أن يكون له الأمر، حتى يضع جزية على الأحناف، والحنفي يكون يتمنى له الأمر، حتى يضع الجزية على الحنابلة. وعلى هذا المعدل. أي مصير ساقوا إليه الأمة، بهذا القرار، هذا غير كما قلنا سالفة التشيع، الشيعة الإمامية، والأباضية، وسائر الفرق، لا، هذه الفرق الرسمية، هذي المعترف فيها، هذي اللي نصبت باعتبارها هي الطريق إلى الله.
فنحن وجدنا أن هذا القرار كانت له هذه الآثار السيئة وللأسف إلى الآن لا يزال هذا القرار قائما وموجودا. في أي مكان الآن من أماكن العالم الإسلامي ، يتعامل مع غير المذاهب الأربعة باعتبارها شيء غير قانوني، شيء غير صحيح، تحت، هذا مو تعضد، هذا مو دين، وإنما تحت طائلة المعاقبة الأمنية.
وهذا مما يؤسف له، أن أمة تقيد في أرجلها، وفي عقولها، بقرار قبل 1000 سنة، اتخذه حاكم أخرق إلى يومك هذا. هي لا تزال تعيش آثاره.
تعال خلينا نشوف الآن هذا القرار، الموقف منه، كيف كان؟ كان برضا العلماء، برضا هذه الأمة، دع عنك سالفة أن النبي قال: أن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد على رأس كل 100 سنة دينها، وأنه مخالف مثل هذا القرار إلى مثل هذا الكلام.
خلينا نشوف نفس أصحاب القريحة، أحمد بن حنبل، إمام المذهب الحنبلي، أو أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي، أو مالك إمام المذهب المالكي، أو الشافعي، هذولا، هل كانوا يعتقدون أنه الاجتهاد بس نصيبهم، وأن الله لم يعط لغيرهم اجتهادا؟ وأن الاجتهاد محرم على غيرهم. هل كانوا يعتقدون أنه سوف تنحصر المذاهب في هذه المذاهب الأربعة، وتحرم سائر المذاهب، كلا، بالعكس، هؤلاء لم يكونوا يتوقعون أبدا، أن يمنع أحد من الاجتهاد، لأن اجتهد قبله فلان أو فلان.
هذا كلام أبو حنيفة ينقلونه في كتاب الحجة البالغة من كتبهم. يقول: هذا أحسن ما رأى النعمان، تعليق على أحد الخيارات الفقهية، على فتوى، هذا أحسن ما رأى النعمان، يعني أنا بذلت جهدي في أن أستنبط أحسن شيء، فإذا رأى غيري رأيا أحسن منه فهو أولى بالاتباع، أنا هذا رأيي، ولكن مو معنى ذلك أن هذا نهاية العالم، وأنه لا يجوز الاجتهاد، إذا واحد آخر رأى رأيا أحسن من هذا، فذاك الرأي أولى بالاتباع، هذا كلام منو؟ أبي حنيفة.
كلام مالك، مالك يقول: إنني بشر أخطئ وأصيب. فانظروا في رأيي، فإن كان موافقا للكتاب والسنة فخذوه، وإن كان مخالفا للكتاب والسنة دعوه. من الذي ينظر؟ مو عامة الناس، ولكن المفروض من له شنو؟ معرفة دينية، من عنده قدرة اجتهادية، زين إذا احنا قلنا الاجتهاد ممنوع، ولا يجوز الاجتهاد وأغلق باب الاجتهاد، كيف نستطيع أن نعرف أن هذا الاجتهاد موافق للكتاب والسنة، أو غير موافق؟ لا بد أن نعرف أن هذا الرأي موافق للكتاب والسنة أو غير موافق، لا بد أن يكون هناك مجتهدون، فينظرون في هذه الآراء، فيرون موافقتها أو مخالفتها للكتاب، هذا كلام مالك.
وكلام أحمد بن حنبل، أصرح من هذا، وهو آخرهم، من الناحية الزمنية، يقول: سألهم أحدهم فقال: لا تقلدني، لا تقلدني، ولا تقلد مالكا، ولا تقلد الشافعي، ولا تقلد الأوزاعي، ولكن انظروا فيما نظروا فيه، وخذ من حيث أخذوا.
لا تجي تقلدني أنا أحمد، ولا مالك، ولا الشافعي، وإنما أنت انظر في هذه الأحاديث الواردة عن رسول الله، في الآيات الواردة في القرآن، ثم انظر واختر. طبعا هذا مو مخاطب فيه أي إنسان، لأن مو كل إنسان يستطيع أن يصنع رأيا فقهيا، وإنما المخاطب به من؟ المجتهدون.
زين، إذا احنا جينا وقلنا باب الاجتهاد مغلق، وأن أي صاحب مذهب ما إله حق أن يبدي رأيا، كيف ينظر في كتاب الله وسنة نبيه؟ فهذا أصحاب القريحة حسب التعبير، رؤساء المذاهب الأربعة، هم يرفضون هذا القرار، وإن كان قد جاء بعدهم، لكن أفكارهم رافضة إله. طيب
ومن بعد هؤلاء أيضا من العلماء الذين جاؤوا أيضا رأوا أن هذا القرار قرار بائس، قرار غير صحيح، وكثير قد ذكروا في هذا الباب ابن حزم، الظاهري، اللي هو واحد من أصحاب المذاهب، المذهب الظاهري، أصلا يرى أن التقليد غير جائز، لازم هو الواحد يروح يجتهد، فضلا عن أنه احنا محصورين في هذه المذاهب الأربعة، ولذلك لم يلتزم بها، غيره مثل الشهرستاني، وهو عالم من كبار العلماء، كان يقول هذا الادعاء بأن هذا الاجتهاد محصور في جماعة معينة، تضييق لنعمة الله عز وجل.
يعني الله ما قدر إلا يخلق بس أربعة علماء مجتهدين، هذا حد قدرته، في كل هذه الأزمنة، الله سبحانه وتعالى، يخلق وهؤلاء الخلق فيهم، من لديه هذه القدرة، وعنده هذه الكفاءة، ولا يمكن أن يقبل، ولا سيما أن النصوص محدودة، النصوص محدودة، داكي، بعد دونت وانتهى، خلاص، مو كل يوم يطلعون أحاديث عن النبي، مسجلة ومدونة في الكتب، وقضايا الزمان لا محدودة، من جهة النصوص محدودة، ومن جهة قضايا الزمان المستجدة غير محدودة، استفتاءات جديدة. هالاستفتاءات تحتاج اجتهاد جديد. فإذا احنا جينا وسكرنا باب الاجتهاد. كيف نستطيع أن نعمل بالدين في العصور الحديث. ومثل الشاطبي صاحب المذهب المعروف إله، أو الفكرة: نظرية المقاصد، والإمام الشوكاني، الشيخ السيوطي، السيوطي جاء وألف كتابا بعنوان: الرد على من أخلد إلى الأرض وزعم أن الاجتهاد ليس بفرض. عنده كتاب، يرد على القائلين، أنه خلاص الاجتهاد ما يحتاج أنه مغلق بابه، لا، الاجتهاد فرض على الأمة، لازم تجتهد في كل عصر.
والإمام الشوكاني يقول كلاما قريبا من هذا وأكثر، يقول: أي واحد اللي يقول أن باب الاجتهاد مغلق فهذا فيه اجتراء على الله وعلى الشريعة وعلى عباد الله. أما فيه اجتراء على الله، لأن الله سبحانه وتعالى يمد دائما. أما نجي نقول لا، بس أنعم على الناس اللي كانوا في القرن الثاني والثالث للهجري، أما بعدين ما يقدر يطلع الله مجتهدين. هذا جرأة على الله.
جرأة على الشريعة، لأن الشريعة فيها دعوة إلى التفقه، دعوة إلى النظر، (ليتفقهوا في الدين)، كما ذكرنا، في حديث مضى. حديث عن أن الله يبعث من يجدد في هذه الأمة دينها. فإذا احنا جينا وقلنا لا، هذا مسكر، هذا فيه اجتراء على الشريعة. وفيه جرأة على الناس، فأنت بأي حق تجي تصادر حق العلماء والفقهاء الذين بعضهم أكثر علما من أئمة المذاهب السابقة، بلا شك وبلا ريب. طيب.
يعني بعض العلماء المتأخرين، حتى في مدرسة الصحابة، أكثر موسوعية من بعض أئمة المذاهب الأربعة، أكثر إحاطة، أفضل اجتهادا، وهذا مو عيب، مو عيب بالنسبة إلى هذا الإنسان، طبيعة العلم كما ذكرنا في وقت سبق، طبيعة العلم، أن حجم المستوى العلمي الآن، هو أكثر مما كان قبل 500 سنة، سواء في الفقه، أو في الفلسفة، أو في الفلك، أو في الرياضيات، أو في الطب. فاللي يعيش في هذا الزمان، ويصير مجتهدا ومتخصصا في أحد هذه العلوم، أفضل ممن كان قبل 500 سنة، و1000 سنة. ففيه اجتراء على عباد الله، أنه أنت تجي وتصادر حقهم في هذا.
وهذا هو الصحيح، أن في هذه الأمة، خيرا وبركة بحيث هي قادرة على حتى زعماء عصور التنوير، لكن لم يُسمع لهم، سيد جمال الدين الأفغاني، وشيخ محمد عبدو، وهالسلسلة هاي من رجال الإصلاح، وأول باب لتقدم الأمة، هو فتح باب الاجتهاد. إذا باب الاجتهاد غير مفتوح، التكلس والجمود قائم، هذه الأمة فيها خير وفيها بركة، وفيها قدرة على إنتاج المجتهدين والمحققين والعارفين، في أحاديث مدرسة أهل البيت هذا المعنى كثير موجود لا سيما في الموضوع الديني، يقول: إن فينا أهل البيت، في كل خلف عدولا، ينفون عن الدين تحريف الغالين ودعاوى المبطلين"، مو رأس كل 100 سنة، في كل خلف، خلف يعني جيل، كل 100 سنة، من الممكن أن تكون جيلين أو جيلين ونص، يعني كل 40 سنة خلف. الحديث هذا يقول: في كل خلف من أهل البيت (ع)، في كل خلف من الأمة، في كل جيل من الأجيال، يوجد هناك عدول ينفون عن الدين دعاوى المبطلين وتحريف الغالين، حتى ما تسيطر الاتجاهات المنحرفة على الدين، الله سبحانه وتعالى، يجعل من أهل البيت (ع) هذه الفئة، وهذا ما نظرناه ورأيناه. بالإضافة إلى سائر الأمة، بس بالتالي، أهل البيت (ع) لهم خصوصية معينة.
من هؤلاء الأفذاذ اللي أيضا يتحدث عنه صاحب جامع الأصول، ابن الأثير، محمد الباقر (ع)، ابن الأثير، وهو من علماء مدرسة الخلفاء في تعقيبه على حديث: "إن الله يبعث لهذه الأمة في كل 100 سنة من يجدد لها دينها"، يشرح منو المجددين؟ في المئة سنة الأولى، المئة سنة الثانية، المئة سنة الثالثة، طبعا ما يذكر واحد، يذكر متعددين؛ لأنه مو بس إلا واحد. فيذكر أن محمد بن علي الباقر، هو من المجددين على رأس المئة الأولى. ويذكر الكليني محمد بن يعقوب الرازي الكليني، يقول: هذا من المجددين في مذهب الإمامية على رأس المئة الثالثة. لأن وفاته 329، طيب. هؤلاء كانوا مجددين. الإمام الباقر (ع)، الإمام زين العابدين (ع)، كانوا ينفون عن الدين التحريف في أزمنتهم، وهكذا من بعدهم في الأزمنة التي تلتهم.
الإمام زين العابدين (ع)، حتى وهو في ظروف الأسر، كان يمارس دور ينفي دعاوى المبطلين، وذلك عندما أدخل على عبيد الله بن زياد، بعد قضية كربلاء، وأخذوا إلى الكوفة، دخل الإمام زين العابدين ومعه النساء، شوف حتى في ذاك الموضع، الإمام يقوم بتصحيح الشبهات ودفع الأباطيل، فالتفت عبيد الله بن زياد، رأى الجمع كله نساء وأكو هناك شاب، يعني في حدود 22، 23، سنة، أكثر، أقل، فقال: من هذا؟ قال: أنا علي بن الحسين، فقال: أوليس الله قد قتل علي بن الحسين؟ الإمام زين العابدين قال: كان لي أخ اسمه علي قتله الناس، ابن زياد قال: بل الله قد قتله. ليش يصر ابن زياد على هالحالة، انسياقا مع المنهج الجبري الأموي، الذي كانوا يريدون أن يشيعوه في الأمة، أنه الأعمال مو الإنسان مسؤول عنها العاصي، وإنما الله هو اللي سواها. القتل (الله خلقكم وما تعملون)، فأنت مخلوق لله وأعمالك أيضا مخلوقة لله، فكأنما الله هو اللي قتل. ذاك البعيد، الزاني عندما يزني، الله خلقه وخلق زناه أيضا، وهذا فيه نفي للمسؤولية البشرية، الإمام زين العابدين قال: بل قتله الناس. لا، مسؤولية البشر هذه، قال: بل قتله الله. قال الإمام: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها. بل حتى النساء، يعني احنا نلاحظ حتى زينب (ع) هذه العالمة غير المعلمة في مجلس يزيد بن معاوية لا يشغلها ما هي فيه من المصيبة عن توضيح بعض الحقائق، عندما التفت أحد الشاميين إلى فاطمة بنت الحسين، وفي رواية، بنت علي أمير المؤمنين (ع)، فقال: يا أمير هب لي هذه الجارية. احنا شفنا طبعا في هالأزمنة هذي سووها، الأخلاف صنعوا ما أراد الأسلاف، عندما أخذوا النساء سبايا وبعضهن من المسلمات أيضا، فهذا الإنسان المنحرف فكريا، وعمليا، ما عنده مشكلة يسوي هذي الأمور. فقال: يا أمير هب لي هذه الجارية.
تقول فاطمة: فخفت وأرعبت وظننت أن ذلك يكون لهم، فلذت بعمتي زينب، وقلت: أوتيمت وأستخدم؟! يعني هذا إذا كان بناء على فاطمة بنت الحسين، أوتيمت من أبيها، وتستخدم كجارية، فقالت زينب (ع): كلا ليس ذلك له. فقال يزيد: بل هو لي، ولو شئت لفعلت. قالت: كلا، إلا أن تخرج من ديننا وتدين بدين غيره. لأن دين الإسلام لا يجوز استرقاق الحر المسلم، في مثل هذه الظروف. لا يسترق الإنسان المسلم، وهو حر بالأصل. قال: بل هو لي، ولو شئت لفعلت. قالت: إلا أن تخرج من ديننا وتدين بدين غيره. قال: إنما خرج من الدين أبوك وأخوك الحسين.

مرات العرض: 3381
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2561) حجم الملف: 55542.46 KB
تشغيل:

3-كيف ومتى أغلق باب الإجتهاد في الأمة ؟
5- أبو حنيفة النعمان إمام المذهب الحنفي.