مع أهل الحديث في آرائهم وأفكارهم 29
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 29/9/1438 هـ
تعريف:

مع أهل الحديث في أفكارهم وعقائدهم


تفريغ نصي الفاضلة مها السيهاتي

حديثنا هنا عن تاريخ المذاهب في الإسلام ويتناول بعض معالم أهلَ الحديث وسنُعَرِّج على منهج الماتوريدية ..

بشكلٍ إجماليٍّ قسمنا هذه السلسة من العالم الاسلامي الى نصفين بعد اشتراكهما في الدين وَ توصلنا إلى ان هناك طائفتين رئيسيتين ينقسم إليهما العالم الإسلامي.

الفرقة الأولى هم من يسَمّون بالإصطلاح أهل السنة وهم أتباع مدرسة الصّحابةِ ، والفرقة الثانية هم الشيعة وهؤلاء هم اتباع مدرسة ومنهج أهل بيت النبوة عليهم السلام. 
ومن المناهج التي تعرضنا اليها في الموضوع العقائدي هو المنهج الاساسي عند الإمامية و هو منهج واحد معروف قد سبق وتكلمنا عنه سابقاً.

واما عن المناهج الاعتقادية الموجودة عند اهل السنة
فهم أولاً قسم أهل الحديث وسنذكر هنا مايتميز به منهجهم ...
وهم في الغالب ينتسبون الى المنهج الحنبلي او السلفيون.

أما القسم الاخر وهو يشكّلُ أتباع المذهب المالكي والشافعي بمايشمل المرجعيات الدينية من الازهر الى جامع القرويين الى الزيتونه وغيرها..

وأما أتباع المذهب الشافعي والمالكي من المسلمين فهم اشاعره بحسب هذا التصنيف.

والمذهب الثالث هو المذهب الماتوريدي والذي غالبا اتباعه من المنهج الحنفي وسنتحدث عنهم باختصار
ويبقى المعتزله كما ذكرنا  لايوجد لهم اتباع كمذهب وجمهور وانما هي نظريات غالبا يلتزم بها مفكرون او باحثون قد لايشكلون حضورا اجتماعيا..

هذا التصنيف لأهل السنة هو التصنيف العام
ولكن هناك تصنيفا اخرا يُصِر عليه اهل الحديث
ومما ذكره من الأوائل كالشيخ احمد ابن تيميه، وتبعه فيما بعد اهل الحديث أنه قال ان السُّنة اصطلاح عام يعني مايقابل حسب تعبيره بوصف الشيعة بالرافضه)♥️
ويجمع اهل السنة بخلافة الخلفاء الثلاثه الاول
وهناك تعريف خاص لاهل السنة
هو انهم خصوص اهل الحديث
دون من جاء فيما بعد بمقالات مبتدعه او موضوعه ـ في رأي أهل الحديث ـ كالخوارج او الماتوريديه

حسب التعريف الثاني هولاء ليسوا هم اهل السنة
وانما هم مبتدعه واهل السنة الحقيقيون بناء على هذا الرأي هم خصوص اهل الحديث الذين يُعرَفُون بالسلفيين .
وهذا الذي ازعج الكثير من الاشاعره الذين يشكلون اغلبية العالم الاسلامي في الأزهر ومن يتبعه وعامة المتمذهبين بالشافعيه والمالكيه . 
ووصفهم بالابتداع وبأنهم خارج اهل السنة فذلك يغيظ علمائهم .

إذاً من هم اهل الحديث وماهي جملة افكارهم...؟

اهل الحديث يَعتبرون أنفسهم أنهم أهل السنة وان حتى أئمة المذاهب في رواياتهم كانوا على وِفقِ مايرون وينسبون للشافعي كلاما يوافق آراءهم ولكن تبلور هذا الاتجاه وأصبح قويّا في زمانِ المتوكل العباسي فصاعدا
من عام ٢٣٠ هج حتى ٢٠٠ سنه بعدها.

اي كان لهذا المنهج قوة وتأييد وكان هناك بالمقابل تنكيل بذوي الاتجاهات العقليه الأخرى . فالمعتزلة مثلا لُعنوا و وُبِّخوا على المنابر بأمرٍ من الوثيقة العباسية من قِبل القادر العباسي حيثُ أَمر باستتابتهم في اكثر من موضعٍ.

وهذا الأمر قد كان يصب في اتجاه تقوية اهل الحديث حينها.وأهل الحديث لهم وثائقٌ مختلفة تحدد آرائهم وافكارهم من اشهرها كتاب السنة لعبدالله بن احمد بن حنبل ..وهو ممن ساعد والده في تصنيفه لمسنده المشهور في كتابه "السنة " وَقد دَوَّن فيه جزءا كبيرا من عقائد أهل الاحاديث ثم تبلورت في كتب كثيرة ..

وأبرز مايلاحظ في هذه الافكار انهم يقدمون النص الوارد سواءً في القرآن أو في الحديث على أحكامِ العقل ..

وتَجدهم يرفضون العقلَ عندَ تعارض النقل عن الرسول  الأكرم وأحكام العقل ويقدمون عليه النقلَ والنصّ رُغم اعتراض غيرهم عليهم في هذا الخصوص.

مع انه احيانا قد يشتبه الراوي وقد لا ينقل نقلاً تاما لأحاديث الرسول ، فتَجدُه يُؤَخر حكم العقل البديهي الذي تنتهي اليه العقول والذي أُمر الانسان ان يحتكم اليه في ابرز الامور وهي العقائد ولا يعمل في نقلها وفقَ ما جاء في الآية الكريمة " افلا تعقلون يا أولي الألباب "

نَجِدُ بعضُ الرّواة يؤخّرون العقل البديهي وينقلون بعض الأحديث ملتَبِسة بعض الشيء...مثلُ ذلك كما هو موجود في الصحاحِ  أن عائشة تنسبُ لبعضِ الصحابةِ  أنهم وُهموا في نقل الحديثِ،   حيث قالت : رحِم الله فُلانا إنه وهمَ وانما قال الرسول  كذا وكذا ...فلربما كان ثقة ولكنه لم يحفظ الحديث كاملاً او كانت المسأله عقائدية ثقيلة عليه بعض الشّيء ..

لاسيما في الامور العقائديه قد تكون ثقيله لاينقلها الرواي نقلا دقيقا ، نذكر مثلاً كقضيةٍ بسيطه يلقيها محاضِراً ما  في الرياضيات عن مسألة قد طرحها على جماعه من ١٠ أشخاصٍلعل  الذي يحفظها بدقه واحداً أو اثنان بينما لا يحفظها البقيه كما هي لأنها قد تكون معقدة قليلا او نظرا لإختلاف وتفاوت الفهم والحفظ لدى أولئكَ الأشخاص..

فالمسائل العقائدية تحتاج لدقة وترتيب في الكلمات فانت ترفض ما أَدّت إليه نتائج العقول والتي جُعِلت حجةً على البشر لأن شخصا واحدا نقل حديثا عن النبي .
وهذا يعترض عليه المخالفون به ولكن لايقبلون هذا الاعتراض بقولهم أنهم مأمورون ويبررون ذلك بأنهم يأخذون الحديث على ظاهِره بدون تأويل وبدون تصرف به أو تبديل.ومن ذلك اثبات الصفات لله عز وجلّ،
وقد ذكرنا شطرا منها عند تعرضنا لذكر الاشاعرة الذين حاولوا ان يخففوا الشناعة الموجودة في بعضها حتى يكون مقبولا في الأذهانِ والعقول.ولكن اهل الحديث اخذوها على ظاهرها ولم يغيروا فيها شيء.بعض الروايات التجسيدية كتلك التي لله يد او يدين او له اصابع،، بأن جعل الارض على إصبعٍ من أصابعه وجعل السّماء على إصبعٍ وجعل الجبال على إصبعٍ آخر والثرى على إصبع...تعالى الله عمّا يصِفون.

وهنا يبتدعون ان الله له يد وله ذراع وانه يضحك ولكن عندما تقول ان هذا يخالف العقل مصداقاً لقوله تعالى ( ليس كمثله شيء) . تُدرك أن الآية تنفي تشبيه الله بخلقه جلّ وعلاَ ، اذن كيف للرب ان يكون كالخلق او ان الله خلق ادم علىً خلقته ؟وقد خالف العلماء ذلك فيقول مخالفوا هذا المنهج رداًّ على رواية جعل الارض على إصبع والجبال على اصبع كيفَ يعقل ان تكون الجِبال على إصبع وهي جزء من الارض!!
وكيف للثرى على اصبع وهو جزء أيضاً من الارض ...وقولهم كذلك ان الله يضحك حسب نقلهم عن الرسول الأكرم "ان الله يضحك حينما يقنط عبده فقال والذي نفسي بيده نعم انه ليضحك"فهذا السائل قال إذاً لن نعدم خيرا من ربٍّ يضحك .اذن سيكرمنا ويعطينا ...ومن باب التجسيد تجدهم أيضاً ينسبون أن لله رجلٍ كما جاء في تفسير الآية يوم نقول لجهنم هل امتلئت وتقول هل من مزيد ...فيضع الرحمن رجله في النار وتصيح النار ...."تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا"وكذلك عندهم انه كتب التوراة والإنجيل بيده وغرس الأرضَ بيده.
مُخالفوا هذا المنهج قالوا ماأَبقيتم من الاعضاء من شيء في تجسيد الخالق وذلك يتخالف مع ماذكر في القران ( ليس كمثله شيء) ومن تصوراتهم ان الله ينزل الى الأرض يومَ الجمعة ....وانه مستلقي على العرشِ وذلك يستلزم تعدد القدماء وانّ العرش لابد ان يكون قديما مع الله .
وكيف انه مستقر على العرش وهو يقول لخلقه أني معكم اينما كنتم!!هنا "وهو معكم اينما كنتم " أي معكم بالنصرةِ والمعونةِ  واما اذا  ذهبنا لمن يتطرف لإثبات هذه الصفات ستجد الكثير ممن يؤول التجسيد والتشبيه .

هذا مادفع الاشعري في الغرب والماتوريدي في الشرق  إلى إصلاح هذا المنهج الاعتقادي.
 
احد تلكَ المعالم هو الايمان بالقدر خيره وشرّه. والإيمان بالقدر بمعنى تقدير الله على الخلائق هذه عقيده اسلاميه عامه...
إذاً ماهو ذلك الشيء الذي يختص به اهل الحديث ويعتبرون انفسهم انهم على حق والاخرون مبتدعة ماهي جهة الاختلاف اذًا؟
هنا فرق كبير جدا وفقا لما نُقل في كتاب السنة لابن عبدالله ابنً حنبل حيثُ يقول في باب الايمان بالقدر خيره وشره أَنّ الزنا وشُرب الخمر و المعاصي بأجمعها ليست إلا قدر الله على العبد!!
فَهل يُعقل ذلك ؟
فلو زنا العبد او شرب الخمر ذلك يحدث بقضاء الله وقدره عليك بدون ان يكون على أحد حجه !!ذلك يعني أن الإنسان ربّه اذا انت يالله قدرتَ عليَّ الذنب اذن أنك لنْ تُحاسبني يوم الحساب! طبعاً بديهيا هذا الإعتقاد يتنافى مع قوله جلّ وعلا "لايسال عما يفعل وهم يسألون" نذكُر مثلاً أن أحدهم جاء الى ابن عمر  وقال له ألزنا بِقدر؟ قالَ نعم . قال قدَّره الله علي ويعذبنُي الله ؟ فقال له يابن اللخنَاء لو كان معي إنسان لأمرته ان يجَأ انفك!!

اذن لماذا يكون الثواب والعقوبه بما أن المعاصي والذنوب والعبادات مُقدّرةً على العبد؟ انمايكون الثواب والعقاب عندما يكون الانسان مختارا ومُسيّراً..فحين يُجبر إنسانا على فعل قبيحٍ ما كقتلٍ أو شرب خمرٍ وكان الجبرَ لابديل له لايعاقب عليه ذلك الإنسان إذ أنه أذنب غصبًا عنه.أهل الحديث يؤمنون بأن الله عالماً بكل تفاصيل الكون وبما سيحدث ذلك وفقاً لما جاء في كتاب السنة  وأنه عالماً بكل ماسيكون الى قيام الساعة ، فكلٌ يعمل بما خُلِق له لم يعدوا احداً منهم قدر الله ومشيئته ..
وبما ان الله عالم بخلقه اذاً هم جارين على ماقدر الله لهم الى يوم يبعثون ..
وان هناك فرق بين علم الله تعالى وبين جبر الله فمثلا في حال العباده لو أتيت مسجد هل ترى نفسك مجبرا أومُسيّراً على المجيء للمسجد؟
 لو كان ذلك لبطل الثواب والعقاب كما قال الامام علي عليه السلام كما حدث في معركة صفين حين خرج الامام ورجع سُأل الإمام علي عليه السلام من قِبل أحدهم:
أكان ذهابنا لصفين بقضاء و قدر ؟قال نعم ،اذاً احتسب عند الله عنائي إن كنتُ لم أثاب ...اذاً كنت مجبورا على ذلك ..فقال له الامام علي ويحك ...كلا... ظننت أمرا لازما وامرا محتماً ..لو كلاً كذلك لبطل العقاب والثواب ..

هي ليسَت قضيةِ جبرٍ ولكنها سارت الأقدارُ تحت ارادة الله تعالى ومشيئته .."وماتشاؤون الا ان يشاء الله "انتم ايضا تفعلون في طول ارادة الله تعالى ومشيئته لكم إرادة ومشيئة ولكم الاختيار وعليها تحاسبون..والا لما عوقب القاتل ظناً منه أن الله اجبره على القتل، ولانتهت كل الذنوب في الدنيا بلا عقوبات لو كان كل شيء مقدر .
في مقابل من يقول  من اليهود "يد الله مغلولًةً ...غُلّت أيديهم "  انه أزال يده بعد ما رتب كل شي !! بل يداه مبسوطتان ليست بمعزل في الكون..
بعض الملحدين يقولون ان الكون يمكن فرضه و تسييره بدون حاجة الى الله كَإِله ...ظنًا منهم أنه عندما حصل الانفجار قبل كل شي وتكونت الافلاك والكواكب والمجرات بدون حاجة الى خالق تكوّنت الطبيعه والحياة .

او كنظرية النشوء والارتقاء وصلت الى كل هذا التطور بمعزل من الله ولم تجري بيد الله او بحاجة من الله ..هذا المنطق لايقبله المؤمن حتماً. فَكل شيءٍ هنا في هذا الكون تحت النظر الإلهي "ومامن دابّة في الارض ولا في السماء الا على الله رزقها ويعلم مُستقرّها ومستودعها " كُلّ شيء مرتبطٌ بمشيئة الله تعالى...

كل تلك الايات الربانيه ترد على تلك الافكار الملحده هل اعتزل الله الكون؟ بل كل شيء بإذنه تعالى
هل تدخل في كل تفاصيله؟
الله لايجبر احدا على عبادته بل الإنسان قد يُوَفّق لعبادة ما او لايُوفق او قد يقصر في حوانب عبادية ويخضع لهواه وقد يكون بالعكس..هذه واحده من مشاكل اهل الحديث.

 أيضا قضية تعديل الصحابه ومنهم انتشرت باقي المذاهب ، اي أن الصحَابة كلّهم عدول واحد وهم افضل الخلقَ بعد رسول الله وانهم في الفضيلة مرتبون كترتبهم في بالخلافه .وهذا من المبادئ والمعالم لديهم.

ايضا قضية طاعة السلطان بَرًّا كانَ أَم فاجِرا أو متسَلطا بالقوةِ والغَلبةِ يجب الانقياد اليه ...ولكن اكثر من يتبعه هم اتباع إمام المذهب الحنبلي احمد ابن حنبل او من يعرفون بالسلفيين ..والمنهج الاخير هو الماتُريدي وينسب هذا المنهج إلى منطقةِ ماتوريد في سمرقند في الجمهوريات المستقله عن الاتحاد السوفييتي كانت تُسمى بلاد ماوراء النهر ( بلاد خراسان)

مؤسسه هو محمد ابن محمد الماتوريدي توفي سنه ٣٣٠ هجرية وكان معاصراً لإمام المذهب الأشعري الذي توفي في ٣٢٠ هجرية كانا متفقانِ في التوجهِ والمذهبِ ولكنها يَختلِفانِ في بعض الافكار..فالماتوريدي كانَ في المشرق ماوراء النهر، بينما ابي الحسن الأشعري كان في وسط البلاد الاسلاميه بالعراق وهذا مما كان له الأثر البالغ في شهرة وكثرة الأشاعرة.

فهناك من تأثر به وبمنهجه وهم من كانوا على المنهج الحنفي في مدينة قُم بِخراسان. ولذلك قالوا ان الاحناف ماتوريديةً عقيدة...اتفقا في المنطلق وكان يحذوهما شيئاً واحدًا وهو ان المنهج الرسمي لأتباع مدرسة الخلفاءِ هو أهل الحديث ولكن منهج اهل الحديث غير قابل لإقناع العقول
وذلك لما فيه من ميلٍ للتشبيه والتجسيم والجبر بهذا المعنى الذي يسلبُ الإنسان حريته واختياره...وهذا لايقبله العلماء إذْ تُعَدّ نقطةِ ضعفٍ كبيرةٍ ..هذان المنهجان كلاهما لديهُما محاولة إصلاح لنقاط الضعف في منهج أهلِ الحديث وتشذيب الزوائد واعطاء العقل المجال الاكبر حتى لايكون العقل معزولاً عن هذا المنهج .

ذكرنا عن حديث ابي الحسن الاشعري انه استطاع في بعض الامور أَن يُوفَقّ بين ماتؤدي اليه احكام العقل وبين النصوص الموجودةِ في اهل الحديث.

وايضا الماتوريدي حذا نفس هذا الحذو ولكنهما اختلفا في بعض المسائل كما ذكرنا سابقاً.ولكن كانت غايتهما واحدة في اصلاح وتهذيب مذهب اهل الحديث في العقائد .

من ذلك ماذكر عن الماتوردي أَنه قَبل ان أَحكام الله معللة بالاغراض ولكن اهل الحديث قالوا ان الله لايسأل عمّا يفعل ومن المُمكن أن الله يوجِد شيئاً بلامنْفَعةٍ
فهو مَلكٌ وبيده كل شيء وليسَ لبشرٍ أدنى حقٌّ في التدخل بأمور الكون . وقدْ يُحرِّم شيئا وليسَ بِهِ أَيّ مَفسدة على البشر. بَينما نَجِدُ عند العدلية والامامية والمعتزلة أن أفعال الله بِحكمةٍ وكلها لمصلحةِ العبدِ ..

أَهل الحَديث أرادوا ان يطلقوا جانب التوحيد ان الله رب لايحده شيء ولكنهم نسوا جانب العقل أن الله تعالى حكيماً ولايعبث وهو أحكمُ الحاكمين .. ( أفحسبتم انماخلقناكم عبثا) فالمعتزله والعدليه قالوا ان الله مع قدرته حكيمٌ لايوجب إلا ما كان فيه حكمة او مصلحةً .. ولايحرم شيء الا وبهِ مفسدة للناس.وكذلك منهجُ الماتوريديه نجدُه قريبٌ من هذا الفكر ..
وقد خرج أهل الحديث في موضوع التكليف بما لايطاق هل الله يكلف البشر مالا يطيقونه؟
زيدٌ من الناس مشلول هل يصدر من الله ان يكلفه بِأَمرٍ شاق عليه؟؟ ذلك من مُعتقداتِ أَهلِ الحديث فظنهم أنّه تعالى طلب من الملائكه ان يخبرونه وهم لايطيقون...
ولكنه جَلَّ وعَلا بالحقيقة يريد ان يُبينَ حقيقةَ عجزهم عندما قال لهم "أنبئوني"هي أوامر امتحانية على نحو التَّحدي وليس على نَحوِ طلبِ فعل الأمرِ.
الماتوريدية هنا مالوا إلى مُخالفي أَهل الحديث وانتشر الى اجواء الأَحنافِ فأعطىوا لِلعقلِ مجالاً اكبر  ولذلك اهل الحديث يَعدُّونَ الماتوريدية هم أهل بدعةٍ
إِجمال الإِشكال الذي يُثيره اهل التحقيق على أَهل الحديث ان لديهم مشكلتين هما :
مُشكلة التشبيه و مشكلة الجبر .
الأولى مرتبطه بالله انهن يصفونه بأنه يضحك ويتحرك تشبيه الله بخلقه عموماً،الامر الثاني ينتهي إلى أنّ الإنسان مَجبورًا بأَفعاله.فلم تقبل بقية المذاهب ذلك حتى وصل عند البعض ان قالوا أنّ التشبيه والجبرِ هما حالتان أمويتان..

لذلك ادعوا قتلة الإمام الحسين عليه السلام أنهم مجبورين على قتله وأهل بيته.وكما قال ابن زياد عليه لعنة الله ان الله قتل الحسين وهذا أمراً مُقدرًا حينما ثار الله .

وكذلك بعض اصحاب الحسين عليه السلام غيروا  مسارهم حينما تفكروا وتأملوا وخيروا أنفسهم بين الجنة والنار فانتقلوا مِن صفِّ الباطلِ إلى صَفِّ الحقِّ و هناك من ساروا بالعكس وغيروا مسار الحقِّ إلى الباطلِ أمثال الضحاك المشرقي حين دعاه الحسين لنصرته وبالاخير عدل عن نصرته بعد ماقُتل أصحاب الحسين وعقرت الخيول .
كان الضحاك قد اشترط على الإمام الحسين (ع) أن يقاتل معه حين يرى في القتال نتيجة، وإلا فهو في حل من الانصراف، فلما رأى أصحاب الإمام الحسين (ع) وقد أصيبوا، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي مطاع وبشير بن عمرو الحضرمي، قال للإمام (ع): قد علمت أني قلت لك إني أقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً، فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حل من الانصراف فقال له الحسين (ع): صدقت، وكيف لك بالنجاء؟ إن قدرت عليه فأنت في حل، فأقبل إلى فرسه – وكان قد تركه في خباء، وقاتل راجلاً فقتل رجلين، وقطع يد آخر – فاستخرجه، واستوى عليه، وحمل على القوم، فأفرجوا له وتبعه خمسة عشر رجلاً، ففاتهم وسلم.
هو لم يكن مجبورا على المجيء ولم يكن مجبورا عن الانسحاب أيضاً ...
ولايُنسب اليه انه كان مجبورا ولكن كلُّ واحد مسؤولٌ عما كسبت يداه..
فالحسين ارواحنا له الفداء قد اختار الموت ونالَ شرف الشهادة على الدنيا ليستقيم دينُ جدّه رسولُ الله ولم يكن مُجبراً هو وأهل بيته على تلك التضحيه العظيمه.

اللهم ارزقنا زيارته في الدنيا وشفاعته في الآخره ، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً كثيرا.

 

 

 

 

مرات العرض: 3378
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2556) حجم الملف: 61478.11 KB
تشغيل:

خريطة الانبياء ما بين آدم والمصطفى
من معالم المذهب المالكي وآرائه 8