الخيانة رأس النفاق 11
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 4/6/1438 هـ
تعريف:

سلسلة الأمراض الأخلاقية 
الخيانة رأس النفاق
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد
وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين
السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته
حديثنا في هذا اليوم، يتناول أحد الأمراض الأخلاقية التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجيرنا وإياكم منها. ذلك المرض الأخلاقي هو: الخيانة. فبعد أن تحدثنا في هذه الحلقات عن بذاءة اللسان، باعتباره، أحد الأمراض الأخلاقية، ثم تحدثنا عن الحسد، باعتباره مرضا أخلاقيا آخر، واستطردنا للحديث عن موضوع العين، نتحدث اليوم بإذن الله، عن موضوع الخيانة.
الخيانة، في تعريفها اللغوي، تأتي بمعنى: التنقص. إنقاص شيء - في أصل اللغة - يعبر عنه بالخيانة. خان، واختان، يعني: انتقص. لكن في الاصطلاح الأخلاقي، يعبر بالخيانة عن: القول أو الفعل على خلاف التعهد. كأنما المنتظر من شخص أو من شيء، أثرا من الآثار، فعلا من الأفعال، قولا من الأقوال، فيخالف في ذلك التوقع. وهذا يصدق على المواضيع الكونية وعلى الإنسان والمجتمع.
فمثلا في تعابير أهل اللغة، يقال مثلا: خانني الدهر. أو إن الدهر خوان. يعني ماذا؟ يعني أنا كنت أتوقع من الدهر ومن الزمان، أن يؤاتيني وأن يسير معي، لكنه على العكس من ذلك سار بالضد مني. بدل أن يمتعني حرمني. بدل أن يريحني أتعبني. فيقول هذا: خانه الدهر.
أو يقال في الحروب مثلا: خانه السيف. السيف حقيقة لا يخون. ولكن هذا تعبير عن أنه: كان هذا المقاتل، يتوقع من السيف قوة أكبر، لكن انكسر. يتوقع منه أن يقتل عدوه، فلم يعمل في درع ذلك العدو، فيقول: خانني السيف. يعني كنت أتوقع منه أداء أفضل من هذا الأداء، فلم يحصل.
فهذا هو الأصل: أن يكون شيء، سواء على مستوى القول أو الفعل، وسواء بالنسبة إلى الأمور التكوينية، كالدهر والسيف، والآلة وغير ذلك، أو بالنسبة إلى الإنسان. يقول: فلان خانني. كأنما كنت تتوقع منه شيئا فلم يعطك ذلك الشيء. وفي تعابير الأخلاق وفي تعابير الأحاديث مثلا، خان الله ورسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ)، كأنما هذا الذي يخون الله سبحانه وتعالى، بمعنى: أنه كان يتوقع من هذا الإنسان شيئا، فلم يصنعه. الله عَهِد إليه، (ألمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ)، فإذا بهذا الآدمي، الذي يتوقع منه الوفاء بعهد الله إياه في أن يعبد ربه، عندما أخذ عليه الميثاق في عوالم ما قبل الوجود، وعرَّفه عدوه، وعرَّفه الصراط المستقيم، كان يُتوقع من هذا الإنسان أن يفي بما وعد، وهو: أن يسير على درب الإيمان، وأن يصدق بالله، وأن لا يخالف أوامره. فإذا ترك هذه الأمور، يقال: خان بالله عز وجل، أو خان الرسول، أو خان الأمانة التي أُعطي إياها. عندما عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وحملها الإنسان. أي تحمل مسؤوليتها، ثم لما تعهد بها، وقال: لا بأس، أكون حرا، ولدي إرادة، وسوف أطيع ربي. فلما أعطي كل ذلك، خاس بوعده، ونكث بعهده، فإذا به يعصي ربه، إنه كان ظلوما جهولا.
فإذن، هذا في أصل تعريف الخيانة، كأحد الأمراض الأخلاقية التي قد يبتلى بها الإنسان. في آيات القرآن الكريم، ورد الإنكار كثيرا، والتشنيع على من يحمل هذه الصفة. فوُصِف أنه غير محبوب من قبل الله عز وجل، فإن الله يقول: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ). الإنسان الذي تكون طبيعته الخيانة، وسوف يأتي: الخيانة في ماذا. إن شاء الله نتحدث عن أن الخيانة، أن لها تجليات وظهور في أكثر من منحى من المناحي. فإذا صدرت الخيانة من الإنسان وأصبح خائنا، يكون من ذلك الصنف الذي لا يحبه الله سبحانه وتعالى. في سورة الأنفال: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ).
في سورة الأنفال أساسا، نظرا لأنها لما كانت غالبا تناقش قضايا الحرب، والعلاقة بين المسلمين والكافرين، كمجتمعين متواجهين، غالبا يأتي فيها الحديث عن الخيانة في أكثر من موضع وآية.
في آية أخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). بل حتى بعض المظاهر التي تنبئ عن شيء داخلي من الخيانة، انتُقِدت من قِبَل القرآن الكريم، وهي ما تسمى: بخائنة الأعين، في الآية المباركة: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ)، يوم القيامة، القلوب تصل إلى الحناجر في تعبير عن شدة الخوف والقلق، كاظمين، في حالة احتواء على حالة من الهم الداخلي. (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع). هناك، الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
هذه العين، المفروض منها أداء بشكل معين، تخدمك به. لكن غير مطلوب منها أن تشير بطرفها على شخص حتى تستهزئ به، أو حتى تتآمر مع عينه على ثالث. هذا غير مطلوب منها. ولذلك، هذه العين بهذه الصورة، تؤدي شيئا لم يكن مترقبا منها. كان المترقب منها أن تقصرها على العلم النافع، على تلاوة كتاب الله، على التفرج على خلق الله والاعتبار بذلك، أن ترى ما يحل لك. أما أن تحولها إلى سلاح ضد أخيك، بأن تغمز له بعينك مثلا. هذا ما كان ينتظر منها، ما كان يتوقع منها؛ ولذلك تسمى: بخائنة الأعين.
كان من مختصات رسول الله (ص)، أنه لم تكن تجوز له خائنة الأعين، ولم تصدر منه. حتى أنه عندما جاء إليه أحد ممن يستحق القتل، وقد أهدر النبي دمه بناء على جرائم ارتكبها. فجلس النبي هكذا، والمسلمون أيضا جالسون. إلى أن قام ذاك وخرج. فقالوا: يا رسول الله، لماذا لم تشر علينا حتى نُجهِز عليه؟! فقال: "إِنَّ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ حَرَامٌ عَلَيَّ". لا أستطيع أن أشير عليك بهذا، أن: أنهي أمره. وهذا قمة الأخلاق.
فإذن، في القرآن الكريم، توجد آيات متعددة، منها في نقد الخائنين، وفي الإعراض عن محبة الله عز وجل لهم، وفي أنه لا ينبغي أن يكون الإنسان معينا للخائنين، ولا مدافعا عنهم. في الآية المباركة: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا). هذه مهم أن نبينها، بناء على تفسير من طرق غير مدرسة أهل البيت، فيها ما يسيء إلى النبي. والتفسير الصحيح هو من طريق مدرسة أهل البيت (ع).
وذلك أنه في قصة هذه الآية، زعموا -كما هو على نقل بعض تفاسير المدرسة الأخرى - أن تاجرا جاء إلى المدينة، فاشترى منه أحدهم مقدارا من البر، الحنطة، ووضعه في منزله. هناك عدد من الأخوة في رواية، أو واحد، من بني الأبرق، أغاروا في منتصف الليل على هذا المكان الذي فيه مقدار من البر، وأخذوه لأنفسهم. فصار تفتيش عنه. قام بعض هؤلاء برمي بمقدار من ذلك البر في بيت يهودي. الأصل، الكمية المعتبرة جعلوها عندهم. لكن مقدارا، مقدارين، أكثر، أقل، رموه في بيت يهودي، وأوصلوا إلى النبي أن فلان اليهودي سرق من هذا البر. واليهودي لم يكن يعلم. والعادة في مثل هذه الحالات، يتسرع الناس باتهام من هو بالظاهر عدو لهم. نعم يهودي، واليهود كذا وكذا، وملعونون في القرآن، وإلى آخره. هنا، تفترق رواية أهل البيت عن رواية مفسري المدرسة الأخرى.
مدرسة الخلفاء تقول: لما النبي – كما يزعمون – رأى ذلك في بيت اليهودي، جاء يعاتبه ويدافع عن السارق الحقيقي. فكأنما في هذه الآية، في زعمهم، نزلت لنهي النبي عن هذا العمل. وأنه لا تفعل هكذا، لا تكن للخائنين خصيما. يعني: من تخاصم عنهم، وتدافع عنهم. أو في آية أخر: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ). فهنا، كأنه عتاب فيما زعموا من الله للنبي.
في تفسير أهل البيت، الأمر معكوس تماما. ويدل على نزاهة النبي، وتأكيد من قبل الله عز وجل: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)، لماذا؟ (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ)، يعني الله يريك الأمور على حقيقتها؛ حتى لا تخطئ فيها. ولذلك قال مفسرو مدرسة أهل البيت (ع) وهو الصحيح: أن النبي (ص) برَّأ اليهودي وأثبت الحق على السارق الحقيقي، وهذا كان - هذه الآية المباركة لتثبت هذا المعنى - بما أراك الله، وتوجه الخطاب بظاهره للنبي، وفي واقعه لسائر المسلمين، وهذا في القرآن الكريم كثير. مثل: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ)، هذا الخطاب موجه بظاهره إلى رسول الله (ص)، ولكن هو في واقعه لعموم المسلمين.
فإذن، في القرآن الكريم، وجدنا أن الخيانة مبغوضة وصاحبها غير محبوب من قبل الله عز وجل، وهناك نهي عن خيانة الله، والرسول، وخيانة سائر الأمانات في المجتمع. وأن لا يكون الإنسان مدافعا ولا محاميا عن الخائن. في الأحاديث الشريفة، وجدنا شيئا كثيرا. فعن نبينا المصطفى محمد (ص) أنه قال: "مَنْ خَانَ أَمَانَةً فِي الدُّنْيَا"، أحدهم أعطاني مبلغا من المال، وقال: اجعله عندك. أنا ذهبت به وأكلته عليه، جحدته إياه. بعد مدة جاء يطالبني، فأقول: أنا أين رأيتك، متى عرفتك حتى تأمني. فيصر: أعطيتك. فأرد عليه: إذا أعطيتني، أين الشيك المكتوب؟ يقول: أنا كنت واثقا فيك. هذا وإن كان خطأ، أي عدم التوثيق بين طرفين. كما تشير إلى ذلك أطول آية في القرآن الكريم، في سورة البقرة، أنه: حتى إذا دراهم، اكتبوها بينكم، لا تقول هذا متدين، وهذا من أهل صلاة الجماعة، وهذا عالم، أو أن هذا من عائلة شريفة، أو كذا. لا. اكتب هذا، اكتبه.
جاء هذا وخان أمانته. "مَنْ خَانَ أَمَانَةً فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَردها إِلَى أَهْلِهَا، ثُم أَدْركَهُ الموتُ"، وكثيرا ما يحصل أن الإنسان يموت على غير ميعاد. لا يخبرونه، أنه بعد شهر سنأتيك، دبر أمورك. من عدة أيام، انتشر في وسائل التواصل، فيديو عن الموت كيف يأتي. أحدهم ذاهب إلى البنك مستلم أمواله، فسقط هناك. أحدهم يمشي في الشارع فسقط. أحدهم في سيارته واقع رأسه على مقود السيارة. لا يُمهل هذا الموت. "ثُمَّ يُدْركُهُ الموتُ، مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي"، هذا على غير ملة الإسلام. كلها 10 دراهم! كلها 100 ريال! لا، "مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي، وَيَلْقَى اللهَ وَهُوَ عَلَيهِ غَضْبَان". الله غاضب، ولو في درهم. لماذا لأن هذا البعيد. لقد خان الله، وخان وصية رسول الله، وخان أمانة أخيه المؤمن.
حتى إذا كان ذاك الطرف سبق له أن خانني. لا يجوز لي أن أخونه. في حديث عن النبي: "أَدِّ الأَمَانَة إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ". قبل مدة، هو فعل بي هكذا. سأفعل به نفس ما فعل. لا يجوز لك هذا. وعن أمير المؤمنين (ع)، أحاديث كثر، منها: "الخِيَانَةُ رَأَسُ النِّفَاقِ". وفي قول آخر: "الخِيَانَةُ دَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ الوَرَعِ وَعَدَمِ الدِّيَانَة". إذا رأيت أحد يخون الآخرين، هذا لا تقل عنه: إنسان يصلي، وصائم، ويذهب إلى الحج. لا. إذا ليس عنده أمانة، وعنده خيانة، هذا دليل على عدم ديانته. على قلة ورعه. "وَإِيَّاكَ وَالخِيَانَة، فَإِنَّهَا شَرُّ مَعْصِيَة فَإِنَّ الخَائِنَ لَمُعَذَّبٌ بِالنَّارِ عَلَى خِيَانَتِهِ". وأما عن الإمام الصادق (ع)، فأحاديث متعددة أيضا، منها: "ثَلَاثَة لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِيهَا، أَدَاءُ الأَمَانَةِ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ"، يقول لك: هؤلاء مسيحيون، ونحن في الغرب، لنلعب عليهم. نأخذ من عندهم، أليسوا مسيحيين؟! يقتلون شبابنا في كذا، ويقصفون المسلمين في فلان مكان، إذن أنا سآخذ من هذا السوبر ماركت. سأنهب منه من دون أن يعلم. هذا الكلام لا ينفع. أد الأمانة إلى البر وإلى الفاجر. "وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ بَرَّيْنِ كَانَا أَوْ فَاجِرَيْنِ، وَالوَفَاءُ بِالعَهْدِ لِلْبَرِّ وَالفَاجِرِ".
وينقل الإمام الصادق (ع) حديثا عن رسول الله محمد (ص)، فيقول: قال رسول الله: "ثَلَاثَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ". اتركه يقول: أنا مسلم، ويصوم، ويصلي. لا. هذا منافق. ما هي: "من إذا ائتمن خان". طبيعته هكذا. تسلمه شيئا، ينكره عليك، يجحده عليك. يخون أمانته. "وَإِذَا حَدَّثَ كَذَب. وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَف". وكأنما هذه ثلاث مراحل. الوعد والخلف يرتبط بالنية والقلب. الحديث الكاذب يرتبط باللسان، خيانة الأمانة ترتبط بالجوارح واليد. يأخذ الأمانة ثم لا يردها.
هذه جملة من الروايات الواردة في هذا الباب. الخيانة – كما ذكرنا – تتعدد جهاتها، وتظهر في عناوين كثيرة. نشير إليها على نحو الفهرس، إن شاء الله في أحاديث قادمة، نتحدث عنها بالتفصيل. أولا: قد تكون الخيانة مع الله سبحانه وتعالى. كما قال القرآن الكريم: (لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ)، خيانة العهود التشريعية بين العبد وبين الله، الله سبحانه وتعالى مع كل خطاب: يا أيها الذين آمنوا، يا أيها الناس، هذا عهد من الله لعباده، المفروض يلتزمون به. فإذا خانوه ولم يعملوا به، هذه خيانة لله.
الثاني: الخيانة في العلاقة الزوجية، سواء جاءت من الرجل أو من المرأة، بأن يسلك أحد الطرفين، أو كلاهما – والعياذ بالله – طريقا غير محلل لإشباع شهوته الجنسية، وأن يقيم علاقات غير مشروعة مع غير شريكه. وهنا، أي عذر لا يُقبل. تأتين فتقولين: أهلمني، فاضطررت أن أذهب وراء الأنترنت وأقوم بمحادثات وعلاقات وكذا مع آخرين، رأيتهم اهتموا بي. هذا عذر أقبح من ذنب. أو ضربني واضطهدني وظلمني، فرأيت أحدهم أتاني وفتح إلي صدره، وانفتحت عليه، وإلى آخره. هذا عذر باطل وفعل عاطل.
أو، مثلما هو ذهب وراء الفساد، وكل أسبوع لديه سفرة إلى فلان مكان، أنا أيضا ذهبت عقوبة له، مثلما هو يفعل، أنا أفعل. هذا كله كلام باطل. وهو ذنب عظيم، إن صدر من الرجل أو صدر من المرأة. أحيانا رجل أيضا، يقول: أنا كلما آتي هي عابسة بوجهها، وكذا. فلانة تعرفت عليها بطريقة ما، تعطيني كلام طيب، وإلى آخره، وذهبت معها في مشواري بغير الحلال. هذا أيضا عذر باطل وفعل خاسر وغير صحيح.
الخيانة في الولايات، أبدأ من ولاية الأمة، الحاكم عندما يحكم الأمة أو الدولة، ثم بعد ذلك يخونها. يأخذ من أموالها، يأخذ من ثرواتها، لنفسه من غير وجه حق، هذه خيانة للولاية على الأمة.
أو خيانة الولاية على الوقف، أوقاف موجودة، وقد تكون الخيانة – بمعنى أنه يصرف أموال الوقف على غير مصرفها، وعلى نفسه، هذه خيانة – وأحيانا حتى التضييع للوقف أيضا، بأن يهمله، فيصبح مدمرا، هذا جزء من أجزاء الخيانة، ودرجة من درجاتها.
وهكذا خيانة الولاية على الأيتام، عندما تساء عشرتهم، ولا تحفظ أموالهم، بل وأيضا، على الأموال الشرعية. قد يكون زيد من أهل العلم مثلا، ولديه ولاية على الأمور الشرعية، ووكالة من مرجع التقليد، ولكنه لا يصرف هذه الأموال ولا يوجهها في سبيلها المعتاد. هذه خيانة للولاية الدينية. وأمثال ذلك.
وأيضا خيانة الأموال، لا سيما من لديهم مستودعات، من لديهم إشراف على أموال، مسؤولي الميزانيات، هؤلاء يبتلون بهذا الابتلاء العظيم. هذا مسؤول عن ميزانية، فتأتي له المؤسسة الفلانية أو الشركة الفلانية أو الوزارة الفلانية، والآن أمرها تحت يده، يوجهها هذا الصوب أو ذاك الصوب. هذا أبرز تحديات الخيانة والأمانة.
والخيانة في العمل الاجتماعي والديني والسياسي أيضا، هذه خيانات. يأتي أحد مثلا بعد مدة من الزمان، ائتمنوه جماعة، أدخلوه في أسرارهم، في أمورهم، في قضاياهم، حتى إذا عرف عنهم ما لا ينبغي إشاعته وإظهاره، خرج ونشر هذا الغسيل. هذه خيانة، لا سيما أن عندنا ما يشبه القاعدة الفقهية: المجالس بالأمانات. نتحدث إن شاء الله عن هذه الأمور.
أو أحدهم مع جماعة، في جهة دينية أو غير ذلك، بعد مدة من الزمان، يتركهم، ويكتب مذكراته مع الجهة الكذائية ويُخرج بهذا الفضائح. لا يجوز لك أن تنقل كلام شخص من غير إذنه. لا سيما إذا كان يسيء إليه ذلك النقل. وأمثال ذلك من الأمور. إن شاء الله نتحدث عنها في أيام قادمة.
ونسأل الله أن يوفقنا لأن نكون من الأمناء وأن نترك أي درجة من درجات الخيانة في أي جهة من جهاتها، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

مرات العرض: 3409
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2569) حجم الملف: 31651.24 KB
تشغيل:

الاصابة بالعين هل تثبتها الروايات او العلم ؟ 10
الخيانة في الأعمال والمال 13