تاريخ التشيع في آذربايجان
التاريخ: 5/1/1438 هـ
تعريف:

تاريخ التشيع في آذربايجان

تفريغ نصي الفاضلة مها السيهاتي

روي عن الامام الباقر عليه السلام انه قال ؛

((شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، المتزاورون في احياء امرنا ، الذين إذا غضبوا لم يظلموا ، وان رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروا ، سلم لمن خالطوا))

حديثنا بإذن الله تعالى يتناول تاريخ التشيّع لأهل البيت في أذربيجان بقسميها المستقل او الجزء من إيران اليوم.

تحدثنا سابقا عن الغاية من التعرف على تاريخ التشيع في الاسلام، ذكرنا تاريخ التشيع في الهند وافغانستان وايران ولبنان والعراق  كل ذلك ضمن غرض متعدد الجهات . الجهة الأولى جهة معرفيه وهي أن يتعرف الإنسان المسلم على تاريخ إنتماء هذه الدول لمنهج اهل البيت عليهم السلام والتضحيات التي حصلت لنشر الدين الإسلامي .

فيكون على معرفة وبصيره وينجو من جرثومة الجهل الذي قد تصيب الكتّاب او اهل الرأي العام ..وهذا هو الغرض المعرفي.

والغرض الثاني هو رسالة للذات والغير والعالم أجمع بأن التشيع وأتباعه ليس وجوداً طارئاً في الأمة وليس نبتة بسيطة يمكن اقتلاعها بسهولة بل هو ثابتٌ كالشجره العملاقة التي يصعب اجتثاثها من مكانها فهو ليس بناءا على حدثٍ سياسي معين او انه حديث العهد هنا او هناك..ومن الخير أن يُتعامل مع هذا الوجود وجودا دائماً أصيلاً وجميلا ..

فالتعريف لمذهب اهل البيت يهدف لهذين الهدفين كما ذكرنا. هنا نشير إلى تاريخ التشيع في اذربيجان في القسم الذي استقل عن الإتحاد السوفييتي ويبلغ ٩ مليون موالياً.

والقسم الثاني منه يُعد جزءاً من إيران اليوم وهم من أصولٍ تركية و يتجاوز عددهم ٢٥ مليون.

وقد عُرفَ منهم بعض العلماء الأجلاء كالتبريزي والاردبيلي والسيد الخوئي (قدس سرهم)

هذه المنطقه ((الرّس))قد ذكرت في القران بنحو غير جيد  حيث أن أصحاب الرس هم القوم المذكورون في القرآن في سورة الفرقان ((وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا )) وماحل عليهم من عقوبات بسبب تكذيبهم للرسل ، هم على قول ابن عباس أهل قرية من قرى ثمود، والرس الذي نسبوا إليه هو بئر في أذربيجان، وسمي هذا البئر بالرس لإنهم رسوا نبيهم فيه "أي أغرقوه فيه ودفنوه" وهم قوم نبي يُقال له حنظلة بن صفوان كذبوه وقتلوه فأهلكهم الله؛ وكانوا عُبَّاداً لشجرة صنوبر غرسها يافث بن نوح وتسمى شاهدرخت.

هؤلاء والعياذ بالله كان لديهم مشكلة انتشار الشذوذ الجنسي بين النساء وهو محرم شرعاً. مثل اللواط المحرم وقد وعد عليها بأشد العقوبات الدنيويه والآخرويه..

وفي عهد الخليفه الثاني الذي جهز جيش حذيفه بن اليمان وكان حافظ اسرار الرسول ومن المقرببن للإمام علي عليه السلام حيث أنه عُيّن قائداً للجيش آنذاك، وهنا نلاحظ ان قسما من اصحاب الامام علي كحذيفه وسليمان الفرسي وكانوا قادة لجيوش المسلمين وهذا يشير ان خلّص أصحاب امير للمومنين لم يكونوا منعزلين عن الساحه الاسلاميه بل كانوا يشاركون فيها بفعالية عالية. فكان لهم مساهمات معنويه واخلاقيه وكانوا على مستوى رفيع من القياده الحكيمهوماميّزهم أكثر هو إلتزامهم  بتوجيهات إمامهم ..

فحذيفه بن اليمان بعد فتح نهاوند توجهه بالجيش الاسلامي الى اذربيجان وتَمّ التصالح بين المسلمين.. وكذلك  من ضمن القادة مسلم ابن عوسجه الأسدي وهو احد اصحاب الامام علي والحسين وقد أبلى بلاءً حسناً في كربلاء واستشهد مع الحسين عليه السلام. لما قُتل مسلم كبّر معسكر ابن زياد .. فقال شبث ابن ربعي ثكلتكم أمكم ، شَبَث بن رِبعِي اليربوعي، من رؤساء الكوفة ومن الشخصيات المُتذَبذِبة في تاريخ الإسلام كان من تصرفاته وتقلّبات أحواله أن لحق بسجاح اليربوعية المُدَّعية للنبوة بعد وفاة النبي  ، ثم عاد إلى الإسلام. وخالف عثمان، وعارض التحكيم في معركة صفين، والتحق بـالخوارج، ثم صار إلى جنب علي ابن أبي طالب .

حَرصَ كلّ من الإمام علي  والإمام الحسين  على تخويله المسؤوليات، فأتاحا له الفُرَص في إشراكه في انتصارات الجيوش إلى جانب أشراف القبائل والأمراء، وإسهامات أخرى حاولا الاعتماد عليه فيها، إلا أنّه سرعان ما التحق بمعاوية وأتباعه بعد عليّ، وانقلب على الحسين بعد ما راسله أيام يزيد وسأله القدوم إلى الكوفة، ففرّق الجموع عن مسلم بن عقيل مبعوث الحسين إليها، واستلم قيادة الرجّالة في جيش ابن سعد يوم عاشوراء.

وأخيراً ناهض شبث المختارَ الثقفي الثائر على قتَلة الحسين، وشارك في قتله، ثم مات سنة 70 للهجرة فينبغي ان لايكون المسلم متقلب المواقف غير ثابت المبدأ هكذا ...فتحت أذربيجان وكان عليها ولاة آخرهم يسمى الاشعث بن قيس وقد ولاه عثمان وقد كتب له الامام علي رسالة فيها توجيهات ونقد لمسيرته السابقه وانه لابد ان يعدل من  اموره حتى تنمحي مواقفه السابقه ..

وأيضا يُقال بأن هناك قبراً لأحد ابناء الإمام الباقر ع ينسب الى ابراهيم ابن الباقر ع ولكننا لا نعلم مدى واقعيته..بعد انتشار المذهب الشافعي والحنبلي ذهبوا الشوافع هناك ونشروا فكرهم وأصبح الاغلبية هناك من الشوافع وهم اقرب المذاهب الاربعه الى محبة اهل البيت بالقياس للمذاهب الاخرى  نظرا للتراث الذي اخذوه عن محمد ابن ادريس الشافعي مؤسس المذهب الشافعي

ويحتمل بعض الباحثين ان قضية ابن الإمام الباقر اتت من ان الشوافع هم من استوطنوا في أذربيجان ومن أجمل ماقاله الإمام الشافعي في محبة أهل البيت

" يا آل بيت رسول الله حبكم ُ ... فرض ٌ من الله في القرآن أنزله ُ

يكفيكم ُ من عظيم الفخر ِ أنكم ُ .. من لم يصلي عليكم لاصلاة له..."

وهو منسوب للامام الشافعي وكذلك قوله:

"آل النبي ذريعتي ... وهُمو إليه وسيـــلتي

أرجُو بهم أ ُعطى غدا ً .. بيدي اليمين صحيفتي

قالوا تَرَفَضت قُلت كلا ... مالرفض ديني ولا أعتقادي

لكن توليت غير شك ً ... خير َ إمام ٍ وخيــــر هادي

إن كان حب الولي رفضا ً .. فإن رفضي الى العباد ِ

ياراكبا ً قِف بالمحصب ِ من منى ... واهتف بقاعد ِ خيفها والناهض ِ

سحرا ً إذا فاض الحجيج ُ الى منى ... فيضا ً كمُلتطم الفُرات الفائض ِ

إن كان رفضا ً حُب آل محـــــمد ٍ ... فليشهد الثقلان أني رافضي )

فلاريب ان بعض الباحثين من تلك المنطقه يتأثرون بذلك الإرتباط بأهل البيت عليهم السلام .

كذلك في العهد العباسي حينما جاء المغول واجتاحوا العالم الاسلامي اتخذوا منطقة في اذربيجان اسمها "مراغة "عاصمة لهم واهتموا بها وشهدت ازدهارا هناك فلما تراجعت الحمله الاولى للمغول واصطحبوا معهم بعض العلماء كالعالم خاجة نصير الدين الطوسي الذي كان مزامنا للعلامه الحلّي و يُقال أنهما تدارسا على يد بعضهما البعض وكل منهما استفاد من الاخر في الفلك والشرعيات ومايرتبط بهما  ..

نقفُ هنا  في موقف دفاع عن الشيعة حين وُجّهَت أصابع الإتهام  بأن الشيعة كانوا عونا للمغول  .. وبالحقيقة فالعالم الخاجه نصير الدين الطوسي قام بعمل أنقذ فيه تراث الحضاره الاسلاميه ولولا ذلك الجهد منه لكانت هذه الأمة بلا ميراث حضاري.علم الخاجه ان المغول في ثقافتهم الداخليه كان لديهم اهتمام وشغف بعلم الفلك والنجوم والتنجيم وبما أنه كان خبيراً في ذلك العلم فاقترح عليهم أن يؤسسوا له مرصداً ومكتبا وعلماء فلك متخصصين ليستفيدوا من علومه من الناحية الأخرى .فبنوا أكبر مرصد في تاريخ المسلمين وهو مرصد مراغة وكان القائم عليه هو الخاجه نصير الدين الطوسي واستخدم فيها أحدث وسائل الارصده الفلكيه..

وادلى لهم  بحاجته للكتب الفلكيه من مكتبات العالم الاسلامي ..لذلك منع المغلول تدمير تلك المكتبات الإسلاميه العظمى وحُميت كُتب الدين  ، وقد جُمع له جمهرة كبيره من العلماء ضمن اطار بناء المرصد الفلكي وبذلك فقد حمى حياتهم وزودهم بالكتب وحمىبذلك التراث الاسلامي الى حدٍ كبير ..اذن اتخذوا مراغه كعاصمة لهم وتطورت الى درجة كبيره فكان التحول الاساسي بدأ سنه ٧٥٠ هجريه فصاعدا وكان يعرف فيه بما لايعرفرن ويكتبون فيه مالا يفهمون،جرى ذلك التحول في زمن صفي الدين ارذبيل  وهو من أصل تركي ذا ثقافه تركيه وليس لها اصلا فارسيا بل كانوا   آوراسيون ...وإلى الان هم يتكلمون اللغه التركيه ويعتزون بها فضلا عن اللغات الأخرى.

صفي الدين الاردبيلي هو شافعي المذهب من اتباع عبدالقادر الجيلاني .... هذا الرجل التركي الاصل الشافعي المذهب والصوفي الطريقه بدأ يتعرف على التراث الروحي لمدرسة اهل البيت فَحُبّهم للَأاكار والأدعيه والثراء الروحي جعلهم ينفتحون على هذا القبيل من الصحف السجاديه والعلويه والصادقيه من تراث أهل البيت عليهم السلام ،،وعندها بدأ يكتشف الآفاق اللامتناهيه في كلام اهل البيت مع الله واذكارهم وأدعيتهم .وبإكتشافه ذاك  تقرّب اليهم قرباً جميلاً حتى مات صفي الدين وقد نسبت اليه الدوله الصفوية وصاروا الشيعه الصفويه منسوبين له.

بعد وفاته جاء حفيده سلطان علي فوجد ان مدرسة اهل البيت مدرسة عقائديه وبدأ يتعرف عليها ورأى ان مدرسة اهل البيت مدرسة متكاملة لايمكن ان يقاس بها أي مدارس أخرى.  مصداقاً لقول الامام علي عليه السلام": «لا يقاس بآل محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من هذه الاُمّة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً" فلا يقارن الامام علي بأحدٍ أبداً و لا الحسين ومن يساوي الصادق وكذلك سلسة المعصومين عليهم السلام فأعلن إنتمائه لأهل البيت عليهم السلام والتحاقه بركبهم وفِقهِم وعقائدهم وكذلك إتبعه جموعاً من سُكان تلك المنطقه.

وكانت الطرق الصوفيه نوع من انواع التنظيم الاجتماعي الديني والارتباط بزعيم وقائد بسلسه من التعاليم والتوجيهات،..فلما أعلن عليهم انه قد انتمى لهذا المنهج ساروا على نفس الطريق الى ان جاء شاه اسماعيل وهو الحفيد الخامس لصفي الدين الارذبيلي ، شاه اسماعيل توفي في عام ٩٣٠ هجريه وقد بلغ السابعه والثلاثين من العمر وكان قائداً عسكرياً ناجحاً حيث سيطر على كل تلك المناطق كأرمينيا وجورجيا واذربيجان وتبريز وارذبيل كلها كانت تحت سيطرته..

وهو ايضا انتهج منهج أهل البيت عليهم السلام وساهم  مساهمة فعّاله في إنتشار التشيع في إيران عن طريق إستقدام علماء اهل البيت من جميعأنحاء العالم العربي  خصوصا من لبنان كالشيخ علي عبدالعال الكركي الذي يُعد من أكبر علماء زمانه آنذاك والبهائي وامثال هؤلاء القامات العلميه من أهل العلم .بعد ان ايتقدم العلماء فوّضهم أمر التعليم في الحوزات الإسلاميه ،كما استدعى الشيخ ابراهيم ابن سليمان القطيفي ولكنه لم ينسجم هناك فرجع .

اذاً كانت هناك نهضة شيعيه كبيره مُشِعّة ...ولكن ماقد نحمله على محملٍ غير جيد هو أنه تم فرض المذهب بالقوةِ وبالقتل ولكن تلك الظاهره لم تسندها الحقائق التاريخيه ..فلا اكراه في الدين  حيث انك لاتستطيع ان تجتث الايمان من صدر أيًا كان ... وقد يتظاهر بشيء معين في العباده ولكنه قد يضاعف حالة الايمان من داخله.فالدين قائم على القناعة الشخصيه فلاتستطيع ان ترغم بشر على امر ما او ان يتبع عقيدة معينه او ان يقلد مرجعا معينا ..."الا من أكره وقلبه مطميئن للايمان" ربما الحلات السياسيه قد تتقاذفهم الاهواء والشهوات ولكن ان يتحول مجتمع كاملا بالارغام من اليهوديه للمسيحيه او الى الاسلام فذلك لايمكن ...

فليفق من لايريد الافاقه في إرغام الغير على ان ينتهج منهجا خاصا .. وينبغي ان يكون المسلم منفتحا متعايشا مسالماً مع الآخرين لأن الأصل في الإسلام هو السلام..ايها المسلمون انتم متحابون مسالمون ايها المسلمون انتم اصحاب بيت واحد تعيشون في بيت واحد تحت سقف واحد ولكن بغرف مختلفه والوان مختلفه ذلك البيت له باب واحد هو لااله الا الله محمدا رسول الله..

وان حصل ان فكر الانسان بناءاً على أدلة او براهين عليه ان يخرج من غرفة لغرفة أخرى  ولكن هو المسؤول عن اختياره وعن جنته وناره ...ولكن الإنسان يُذكّر ولايسيطر  مصداقاً لقوله تعالى ومخاطباً لريوله الكريم"" فذَكّر إنما أنت مُذكر لست عليهم بمصيطر"فكيف باصحاب المال والسلطه حين تتجاذبهم الأهواء والشهوات !!!اذا الإسلام دين سلام وتعايش وإذا تعامل المسلمون بهذه الطريقه تسالم الناس وتعايشوا مع بعضهم البعض بمحبة واحترام. اذاً انا احترم أخي المسلم وأتعايش معه وإن كنت قد استطعت نصيحته بشكلٍ هادئ وديٍ كان بها وإلا  فَهو مسؤول عن اختياره ...

مااحسن هذا لو ان المسلمين انتهوا الى (( ان هذه الأمة هي أمة واحده وانا ربكم)) فالكل مسؤول عن اختياره وعقائده و لن يتعذب غيرك ان انت تعمدت الخطأ ولن يتنعم احداً غيرك إن انت سلكت الطريق الصحيح .نسأل الله تعالى أن يَلُم شَتات المسلمين ويوحدُ كلمتهم ويُعلي كلمة الإسلام والمسلمين تحت راية محمدٍ وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين .

مرات العرض: 3403
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2566) حجم الملف: 57996.9 KB
تشغيل:

أجواء خروج الامام الحسين من مكة
التأسيس النظري لمسألة الخمس عند الشيعة