2- النبيّ آدم وقصة الخليقة
كتابة الأخ الفاضل محمد رضا الطريفي الجمريّ
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"[1]
موضوعنا يتناول شيئًا عن نبيّنا آدم أبي البشر (على نبيِّنا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام)، وهو جزء عن من مواضيع عن تاريخ بعض الدِّيانات والرُّسُل ذات الأتباع اليوم، وتلك الدِّيانات التي يُحتمَل أن تكون ديانةً سماوية، وإلى ديانات أُخَر من المعلوم أنها ليست سماوية، سيكون حديثنا خلال هذا الشهر الكريم ضمن هذا الاتّجاه.
ومن الطبيعي أن يكون البدء ببدء الأسرة الإنسانيَّة الأولى التي ننتمي إليها، وطليعتُها أبو البشر آدمُ (عليه السلام)، هنا ملاحظتان على هذه الآية المباركة من سورة البقرة تلفت النظر:
في ظلال الآية المباركة
الملاحظة الأولى: أنّنا نجد أنّ بداية الخِلقة كانت نبيّاً من الأنبياء، وهذا بحسب ما نعتقده نحن الإمامية يأتي مُنسجماً مع القواعد العَقَدِيَّة المؤسَّسة من أنَّ الأرضَ لا تخلو من حُجَّةٍ، لابُدَّ أنْ يكونَ لله حُجَّةٌ على البَشَر، ولا يمكن أن تكون الأرضُ خاليةً من الحُجَّة، إمّا رسولٌ برسالة مستَأنَفَة وإمّا وَصِيٌّ لذلك الرَّسول، المهم ألاَّ تخلوَ الأرضُ من حُجَّة. فلو فرضنا أنَّ اللهَ بدأ بخلق البشر ثمّ بعث إليهم النَّبي فإنَّ هذه القاعدةَ تَنْخَرِمُ، في ذلك الوقت سيكون هناك مجموعة بشرية ولا يوجد نبيّ، حتى لو سنة واحدة وبعدها أرسل إليهم النبي!، هذا يعني خلوّ الأرض من حجة بمقدار سنة، لذلك نعتقد أنّ الله (سبحانه وتعالى) خلقَ آدم النبيَّ الرَّسول أوَّلاً ثمَّ تناسلت منه ذرّيته حتى يكون البشر محجوجينَ – أيْ لديهم حُجّةٌ من قبل الله (عزّ وجل) -، ولو انعكسَ الأمرُ بأنْ خلَقَ الناسَ ثمّ بعث آدمَ؛ في ذلك الوقت ستكون فترة الأرض خاليةٌ من الحجة.
لذلك كانَ أول ما خلق الله من البشر - في هذه السلسلة البشرية التي نحن ننتمي إليها - آدم، "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"، أول شيء أضع الخليفة عن الله، الحجة من الله، النبي المُرْسَل من الله، ثمّ بعد ذلك يأتي البشر.
الملاحظة الثانية: أنّ القرآن الكريم يجعل محور التاريخ الأنبياء، بحيث القَصَص القرآني يدور حولَ قَصَص الأنبياء، الشيء الذي يتّصل بموضوع الأنبياء يأتي به القرآن الكريم، وكأنّ القرآن يريد أن يقول: خلاصة التاريخ المُفيد هو قَصَص الأنبياء وتجاربهم وأحوالهم في أُمَمهم، وإلاّ كم مرَّ التاريخ الإنساني من ملوك جبابرة، كم مرةً بهم انقادت حروب وعساكر، كم مرَّ به من رجال مال وثراء، كم مرّت به من الأحداث العظيمة - سلبية وإيجابية -؟ كثير جداً، ولكنّ القرآن الكريم لا يتكلّم عن كل ذلك، حتى بسطرٍ واحد إلاَّ فيما يرتبط بالنُّبُوَّات. يتكلَّم عن فرعون ولكن من حيث علاقته بموسى، تكلّم عن نمرود من حيث علاقته بإبراهيم، وإلاّ -مثلاً- كان مزامنًا لعيسى بن مريم (هيرودس) أحد الحكام الرومان المهمِّين جداً، أبداً لا تسمع ذكراً له ولا أثراً عنه في القرآن الكريم؛ لأنه لا يوجد هناك موقف يريد أن يسجّله القرآن الكريم، فهذا اسمه ورسمه وأثره وتاريخه لا يُعدّ شيئاً، وهذا أمرٌعظيم.
تاريخ البشر بين رأي الديانات والعلم الحديث
الآية المباركة تتحدّث عن أنّ الله (سبحانه وتعالى) قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"، وبُدئ التاريخ الإنسانيّ الذي ننتمي إليه بخلق آدم، خلقُ آدم بحسب التاريخ اليهودي والنصراني وفي التراث الإسلامي لا يزيدُ بُعْدُهُ عنَّا عن ثمانية آلاف سنة، ثمانية آلاف سنة من الزَّمان تقريبًا هي التي تفصل بيننا وبين أبينا آدم (عليه السلام)، هذا بحسب التوراة، وبحسب الإنجيل، وبحسب الموجود في تراث المسلمين، قرآنيًّا لم يتمَّ الحديث عن هذا الموضوع، وأيضًا في السُّنَّة الصَّحيحة عن النبيِّ والمعصومين (عليهم السَّلام) لا يظهر أنهم تعرَّضوا بالضَّبط لهذا الموضوع، ولكنَّ الموجود كتاريخٍ للمسلمين عن تلك الفترة يتَّفقون فيه مع العهد القديم التوراة والعهد الجديد الإنجيل، أقلُّ من ثمانية آلاف سنة هم يقولون أنّ خلق آدم كان حواليّ 5900 سنة قبل ميلاد المسيح، وبيننا وبين ميلاد السيّد المسيح 2000 سنة وشيء، فالمجموع يكون 7900 وشيئًا.
هذا التاريخ الذي يُذكر عند المتديِّنين في الدِّيانات الثَّلاث يتعارض مع ما نتج عن بحوث غَرْبِيَّة عِلمية، في الأحافير في طبقات الأرض في المتحجّرات، هذه البقايا البشرية في داخل الكهوف وما شابه ذلك، يقولون بأنَّ التاريخ البشري والإنساني يمتدّ لا إلى عشرات الألوف فحسب، بل إلى مئات الألوف من السَّنوات، فكيف تقولُ كتبكم وتراثكم الديني أنّ تاريخ آدم 8000 سنة، فإمّا أن يكون هو ليس أول البشر، والفرض أنّ قرآنكم يقول هكذا، وإنجيلكم وتوراتكم يقولان كذلك، وإمّا ماذا تجيبون على هذا؟.
وهذا أحد الأسئلة التي يُوجّهها بعض المدرِّسين الغربيين لطلابنا المُبتعثين، أكثر من سؤال جاءَ في هذا الموضوع من قبل الطَّلبة. أنت متديّن؟ أهلاً وسهلاً، ولكن دينك هذا يُخالف العلم، العلم يقول إنَّ التَّاريخ الإنساني بحسب هذه البحوث يمتدُّ إلى عشرات الألوف من السَّنَوات أو أكثر، وأنتم بحسب ما هو مومجود عندكم تقولون آدم أبو البشر هو أول الخلق 8000 سنة.
في الإجابة على هذا السؤال هناك طريقان:
الطريق الأول: هو الطريق التَّقليدي الذي قِسْمٌ من الناس يسلكونه، وهو غير مُقنع تماماً، حاصل هذا الجواب: أنّ ما كان الآن من النظريات العلمية، فهذه ليست نهاية الحقائق؛ إذ النظريات العلمية متغيِّرة، نفس العلماء كانوا في وقت من الأوقات يؤمنون في علم الفلك بما يسمى (بالهيئة البطليموسية)، والذي تقول أنّ الأرض هي محور الكون، كلُّ شيء يدور حول الأرض هذه، وظلَّت العلوم تدور على هذا الأساس، حتى بعض من كذَّب بمعراج النبيِّ معتمدٌ على هذه النظرية، يقول: السماوات هي مثل البصل قشرٌ فوق قشر، كيف يخترقها؟ ما الذي يجعله يخترقها؟ وبعد ما اخترقها كيف يرجع؟ هل أغلقت أم توصَّلت أو بقت على مثل الثقب؟ ما يسمونه مشكلة الخرق والالتئام، يعني لمّا خرق هذا الحاجز الأول بعدها التئم هذا الحاجز أو توصَّل، والثاني والثالث يقولون: السماء على شكل البصل؛ شيء فوق شيء، وأنَّ الأرض هي مركز الكون، وكل شيء يدور حولها، هذه إلى فترة متأخرة. أتى (كوبر نيكوس) هذا العالم الفلكي المعروف وغيّر النظرية بالكامل، وغيّر فكرة العالم عن الهيئة الفلكية، وقال: أنَّ الأرض ليست إلاَّ كوكب من الكواكب الصَّغيرة تدور حول الشَّمس، والشمس شيء جِدًّا ضئيل بالنسبة إلى المجرة، والمجرة شيء ضئيل جداً بالنسبة إلى سائر المجرَّات، فهذه ذرة تائهة في هذا الفضاء (هذه الأرض التي لكم)، فكيف العالم كلُّه يدور حولها!.
تغيَّرت النَّظَريَّة، وصار بناء جديد لعلم الفلك، فمثل ما هذه تغيّرت بعدما كانت سائدةً فترةً من الزمان ثم تغيّرت، ومن الممكن اليوم أيضاً أن يأتي شخصٌ آخر ويغيّر هذه النَّظَرِيَّة كذلك في ما ذكرتم من عمر الإنسان في التاريخ، أيْ: مجرّد نظرية.
ولكن ما عندنا هو وحيٌ - مثلاً -، أو يُنسَب إلى الوحي فهو حقيقة نهائية. وهذا قد يكون جواباً تقليديًّا، ولعلَّه لا يكون مُقنِعاً تمامَ الإقناع.
وهناك محاولة إجابة أخرى تعتمدُ على ما وردَ عن أهل بيت رسول الله محمد (صلَّى الله عليه وآله)، وحاصل هذه الإجابة:
الاستفادة - أوَّلاً - من الآيات القرآنية مثل الآية المتقدِّمة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ" مَن الذي أعلَمَ الملائكة بأنَّ هذا الخليفة معناه أن يأتي بعد شخصٍ آخر، تقول: هذا ذهب وجاء الثاني خليفةً له، عندما أتى هذا الخليفة فهذا يعني أنَّ هناك - أوَّلاً - جماعة قبله، وإلاَّ لا يكون خليفة.
ثانيًا: من الذي - وما الذي - أعلم الملائكة بأنَّ هذا الخليفة أيضاً سيُفسد في الأرض ويَسفك الدماء؟ لابُدَّ أن يكونوا رأَوا أمامَهم نموذجًا، وإلاَّ كان من الافتراء والتقوُّل الذي ليس له معنى، رأوا شيئاً قبل ذلك فقالوا: هذا الذي أنت ستخلقه من جديد مثل ذلك فما هو الداعي إلى هذا؟ فهذا المعنى يُفيدُ بأنَّ الملائكة كانوا قد رأوا خلقاً آخر، هذا الخلق كان عندهم هذه الصِّفات السَّلبية فلمَّا رأَوا اللهَ وأخبرهم بأنّه سيخلُقُ جماعةً آخرين خُلفاءَ لأولئك الأوَّلين، تصوَّروا أنّه مثلهم، فقالوا: هذا ليس له معنى لأنّه سيُفسد فيها ويسفك الدماء!، قال لهم: أنا أعلم ما لا تعلمون.
هذه الرِّواية وردت في تفسير العيَّاشي عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ونقلها العلاَّمة الطباطبائي في الميزان، يقول في الرواية هكذا: "ما علّم الملائكة بقولهم: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، لولا أنّهم رأوا من يفسد ويسفك الدماء" لو لم يروا أحدًا قبل هذا الخلق، قبل آدم يفعل هذا فلم يكونوا يقولون، وهنا يُعلّق السيّد الطباطبائي (رحمه الله) بقوله: "يمكن أن يشير بها إلى دورة في الأرض سابقة على دورة بني آدم -هناك دورة أخرى، خلق آخر غير دورة بني آدم- هذه كما وردت فيه الأخبار"[2]. هذا في تفسير الآية المباركة.
آية أخرى أيضاً فُسّرت بنفس الاتّجاه في قول الله (عزّ وجل): "أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ"[3]، هذا الخلق الأول بعض المفسّرين فسّره -مثلاً- بآبائهم، هؤلاء جالسون يشكّكون في إعادة الإنسان إلى الحياة، فيقول لهم: نحن آباؤكم وأجدادكم كنّا منهكين في خلقهم؟ هذا هو أحد التفاسير.
أمَّا تفسير الإمام الباقر (عليه السلام) لهُ مختلف، يقول في الخبر الذي يرويه جابر بن يزيد الجعفي[4] في قوله "أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ" يقول جابر: سألتُ الإمامَ ما معنى هذه الآية -أريد معنًى ليس بالمعنى البسيط الظاهري الذي يفهمه الجميع-؟ "فقال الإمام: لعلّك ترى أنَّ الله إنّما خلق هذا العالم الواحد؟" تتصوّر أنّ الله فقط خلق هذا العالَم الواحد الذي أنتم فيه؟ "وترى أنّ الله لم يخلق بشرًا غيركم؟ بلى والله لقد خلق الله ألفَ ألفَ عالَم وألفَ ألفَ آدم"[5] أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الأوادم أنت آخر شيء جئت في النهاية، وإلاّ فقد كان قبلك عوالم وآدميّين ودورات بشرية ومجتمعات إنسانية، ولا تتصوّر أنّه أنت فقط الذي أُكرمت بهذا الخلق!، الله هو خلاّق فيّاض معطاء فماذا يعني أن يخلق له مليار ومليارين، هذا شيء بسيط!، آلاف آلاف العوالم وآلاف آلاف الأوادم.
فإذاً عندنا آيَتان فُسّرتا من المعصومِين (عليهم السلام) بما ينتهي إلى وجود دورات بشرية قبل آدم، ونحن جئنا في نهاية هذه الدورات نحن أبونا آدم أوّل البشر الذي نحنُ ننتمي إليهم، لكن هناك عوالم وأوادم ومجتمعات قبل هذا العالم وقبل هذا الآدم. هذا في تفسير الآيَتَيْن.
وهناك عندنا أيضاً روايات التي حاصلها (ألف ألف عالَم وألف ألف آدم) وهي مذكورة في كتبنا الإمامية، تعامل معها العلماءُ بالقبول، مثل: الشيخ ميثم بن علي البحراني المُتوفّى سنة 680 للهجرة[6]، عندما يتحدّث الشيخ ميثم في شروحاته لنهج البلاغة يتكلّم عن العوالم والأوادم السَّابقة على دورتنا البشرية باعتبارها قضية مسلّمة لا يحتاج فيها إلى نقاش كثير ويعتمد عليه. ومثله أيضاّ الشيخ أحمد بن طوق القطيفي أحد علمائنا السابقين الكبار[7]، هذا أيضاً في كثير من كُتُبه يتحدّث عن هذه الفكرة -فكرة العوالم السابقة على آدم والأوادم السابقة على خلق آدم- باعتباره قضية مسلّمة. ومثله الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء (رضوان الله تعالى عليه) المُتوفّى سنة 1373 هجرية[8]، يذكر في كتاب (الفردوس الأعلى) نفس هذا المعنى، ويقول بأنَّ هذا الموضوع مقبول وتدلّ عليه الروايات ولا يوجد مانع من قبوله.
وهكذا مثل الشهيد الصدر الثاني السيّد محمد الصدر في كتابه (ما وراء الفقه) في البحث حول الكعبة وتاريخها، يقول: تاريخ الكعبة سابق على تاريخ آدم، تاريخ الكعبة من تاريخ الأرض قبل أن يُخلَق آدم، في إشارة إلى تلك العوالم السابقة.
إذن هذا المعنى في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فهناك روايات تتحدَّث صراحةً عن آلاف آلاف العوالم، وآلاف آلاف الأوادم قبل أبي البشر آدم، وأحد الباحثين المصريين المعاصرين كتب أيضاً كتاباً اسمه (أبي آدم)، في هذا الكتاب قسم من أفكاره لم تكن صحيحة وقسم من أفكاره -وهي ما يرتبط بهذا الموضوع- أنّ آدم هو أبونا نحن البشر في هذه الدورة البشرية، ولكن كان هناك خَلْقٌ لله قبل هذه الفترة وقبل آدم كانوا موجودين، لا أعلم هل هو اطّلَع على تراث مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المعنى، أو هو حاول حلّ المشكلة التي يُثيرها هذا الاختلاف بين البحوث العلمية وبين التاريخ الذي يذكره المتديّنون وتوصل لهذا المعنى.
من الأفكار التي طرحها باحث مصري معاصر ، وفي نظرنا هي أفكار غير صحيحة: يقول أنَّ ما قبل آدمنا هذا كان جماعات يُسمَّوْن البشر لا يُطلَق عليهم الإنسان، وهؤلاء لم يكونوا مكلَّفين، ولم تكتمل عقولهم الاكتمال النِّهائي، وبالتَّالي يَستَفِيدُ من هذا حتى في القرآن، يقول: أنّ هناك تفريقًا بين البشر وبين الإنسان، فالإنسان من أبناء آدم، وما قبل آدم كانوا بشراً، والبشر يعني: الشخص المنتصب القامة وبشرته ظاهرة غير مغطاة -كما هي الحيوانات- بالشَّعر وما شابه ذلك، فأولئك بشر ونحن إنسان.
هذا الكلام لا يمكن المساعدة عليه، لأنَّ القرآن الكريم لم يفرِّق في الحديث بين البشر وبين الإنسان، بل قال الأنبياء عن أنفسهم أنّهم بشر، "قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا"[9]، "إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ"[10]، فإذا كان البشر ما قبل آدم غير مكتملي العقل وغير مكلَّفين بالتكاليف التي نحن مكلّفون بها؛ كيف يقول النبيُّ عن نفسه أنا بشر!، "مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ"[11]، وغيرها من الآيات القرآنية.
فإذن هذا المقدار ممّا ذكره وممّا يتصل به غير صحيح في رأينا، لكن ما يرتبط بأصل الفكرة أنّ هناك قبل آدم يوجد خلقٌ وبشرٌ، يوجد كائنات، توجد دورات خلق، هذا المقدار يتَّفق فيه مع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
مجموع هذا الكلام يمكن أن يقدَّم جواباً على هذا السؤال، إذا فرضنا صَحَّة النَّتائج التي توصّلتْ إليها البحوثُ العلمية؛ من البحث في الكهوف وفي الأحفورات وفي المتحجّرات وما شابه ذلك، إذا فرضنا أنَّ هذه النتائج سواءً كانت قبل مئة ألف سنة، أو حتى قبل عشرة ملايين سنة، فإنَّ ذلك لا يهم؛ لأنَّ عندنا أحاديث وتفسير لآيات تبرّر هذ المعنى، وأنّ قبل آدم كان آلاف آلاف الأوادم وآلاف آلاف العوالم.
الآية المباركة إذن تتحدّث في جانب منها عن إشارةٍ بحسب هذا التفسير الى العوالم السَّابقة، لكن هذي السِّلسلة البشرية التي نحن منها، بُدئت بأبينا آدم (عليه السلام) ومنه جاء الخير والبركة، ولكن مع الأسف فإنَّ النبيَّ آدم مغموط حَقُّه، فهذه الحضارة الموجودة عند البشر هي بالتالي من آثار وجود البشر، ووجود البشر رهينٌ بآدم، فهذه المنجَزات الأخلاقيَّة والعلميَّة والخيرات والبركات أيضاً هي عائدة له (عليه السلام)، كما لو رأيتَ شخصاً طبيبًا مشهورًا وخدومًا إلى الناس تقول: رحم الله أباه؛ فذاك كان الأصل وهذا صار الفرع. الآن كل ما على الأرض من بشر ومن إنجازات ومن أعمال أبوها وأصلها هو نبيّ الله آدم، لذلك يحقّ للإنسان أن يسلّم على أبينا آدم، ونحن عندنا في تراثنا الإمامي كثير من الزيارات تبدأ بالسلام على الأنبياء، وأوّلهم آدم "السلام على آدم صفوة الله"، وفي زيارة الناحية المقدّسة للإمام الحسين (عليه السلام) أوّل ما يبدأ يبدأ بالتَّسليم على الأنبياء، حوالي 25 أو أكثر في تلك الزِّيارة يُسلّم عليهم الإنسان المؤمن كموقف طبيعي للإنسان المؤمن تجاه هذه القامات الإلهية حجج لله على البشر، فهم قد هدوه إلى صراطٍ مستقيم، وأقاموا الأخلاق والدِّين، وفي طليعة أولئك نبيّنا آدم (عليه السلام).
آدم كان بداية سلسلة الأنبياء، فمن آدم تناسل الأنبياء، والأنبياء بحسب ما ورد في بعض الرِّوايات عددهم يصل إلى مائة وأربع وعشرين ألف نبي، وهذا هو المعروف بين المسلمين في المدرستين - الشِّيعيَّة والسُّنِّيَّة -، وإن كانت المستندات لهذا العدد ليست مستندات بحجم هذه المسألة حسب الظاهر، يوجد عندنا رواية من طريق مدرسة الخلفاء عن أبي ذر الغفاري عن رسول الله (صلِّى الله عليه وآله) وفيها أنَّ عدد الأنبياء مائة وأربع وعشرون ألف نبي منهم 313 رسول، هذه الرِّواية في مدرسة الخلفاء، وهناك اختلافٌ في تصحيحها وتضعيفها؛ بعضهم -لا سيّما المتقدمين- ذهب إلى تضعيفها، وقسمٌ من المتأخِّرين ذهبوا إلى تصحيحها.
وعندنا رواية أخرى من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) يرويها السيد عبد العظيم الحسني عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنَّ عدد الأنبياء مئة وأربع وعشرين ألف نبيّ، والرواية أيضاً على بعض المسالك والآراء ليست قوية، وعلى مسالك أخرى تعتبر معتبرةً، لكن هذا المعنى متسالَم عليه، يعني من الثابت المشهور عند مدرسة الخلفاء هذا العدد عن الأنبياء، ومن الثابت المشهور في مدرسة أهل البيت هذا، فقد نصَّ الشَّيخ الصدوق (أعلى الله مقامه) -المتوفّى سنة 381 هجرية- في كتابه (الاعتقادات عند الإمامية) عند ذِكْرِ اعتقادنا أنَّ الأنبياء مئة وأربع وعشرون ألف نبي، وأنّ الأوصياء مئة وأربع وعشرون ألف وصيّ، وعندما جاء الشيخ المفيد لم يعلّق على هذا الكلام وهذا يعني أنّه قبله.
القسم الأكبر من هؤلاء لم تُذكَر قصصهم، بل لم تُذكر أسماؤهم لا في كتاب ولا في سنّة ولا في غير ذلك، مئة وأربع وعشرون ألف نبيّ أنَّى لشخصٍ أن يذكرهم!، لو تعمل لهم قائمة فستحتاج إلى شيء كثير فضلاً عن الحفظ، وهؤلاء أكثرهم يدخلون في ضمن "وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ"[12]، والمذكور في القرآن عدد من هؤلاء الأنبياء المرسلين، ففي سورة الأنعام في ثلاث آيات ذكر ثمانية عشر نبيًّا ورسولاً، يقول تعالى: "وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ"[13]، ثمانية عشر نبيًّا ورسولاً ذكروا في هذه الآيات في سورة الأنعام.
باقي من ذُكر من الأنبياء ذكروا متفرقين في آيات مختلفة، مثل آدم، فآدم هنا غير مذكور ولكنَّه مذكور في سورة البقرة، وفي هذه الأيّام من المؤكَّد أنَّكم تقرأون الجزءَ الأوَّلَ من القرآن وفيه سورة البقرة، وكثيرًا ما يتكرَّر اسم آدم، وهكذا هود، ولا سيّما في سورة الأنبياء والشعراء، بل سورة هود نفسها، وصالح أيضاً، كذلك شعيب وإدريس وسيّد الأنبياء محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
هل هناك أنبياء خارج الشرق الأوسط؟
هناك سؤال آخر يطول فيه الحديث ولكن نشير إليه إشارة: نحن نلاحظ أنَّ جغرافيَّة الأنبياء هي الشَّرق الأوسط تقريباً، الجزيرة العربية، مكة، المدينة، والعراق جنوبه وشماله، وبعض أطراف تركيا الجنوبية أنطاكيا وهذه المنطقة، ومصر سيناء، وبلاد الشام، بهذا المجموع فلسطين، وسوريا، وربَّما بعض أطراف لبنان، أمَّا باقي الأماكن كالصِّين -مثلاً- هل عندهم نبيٌّ صيني؟ هل اليابان عندهم نبي ياباني مثلاً؟، أو أنّه لا يوجد أنبياء إلى هناك؟
للإجابة على هذا السؤال يمكن أن نطرح عِدَّة مقدّمات:
واختصارًا نقول أوّلاً: ينبغي أن نشير إلى حقيقة؛ وهي أنَّ التَّوزيع السُّكَّاني للبشر في جغرافيا العالم ليست دائماً هي التي نراها، يعني اليوم الصين مليار ويزيدون، ولكن قبل عشرين ألف سنة غير معلوم هذا العدد موجود أو لا، ولا أنّه بالضرورة كان هناك استيطان، والشاهد على ذلك هذه مكة، فمكَّة التي هي الآن قبلة المسلمين مزدحمة، هذا الازدحام طول السنوات، بل منذ نشأ فيها نبيّ الله اسماعيل[14]، فقبل مجيئ نبيّ الله إبراهيم وإسماعيل إلى ذاك المكان، كانت أرض مكة قاحلة لفترة طويلة جدًّا من الزمان وعندما تواجد فيها ماء حلّق الطَّير في الفضاء، وهذه علامة للبدو الرُّحَل البعيدين الذين كانوا من الأطراف، والذين يبحثون عن الماء، فلمَّا رأوا هذه الطيور لا تجتمع إلاّ على الماء أتوا هنا، وقليلاً قليلاً بدأو يسكنون، أين ذلك اليوم "بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ"[15]، فإن لم يوجد زرع وماء فمن يبقى هناك؟ بينما اليوم تجد عكس ذلك، فليس التوزيع الجغرافيّ للعالم في كل الفترات التاريخية كان بنفس ما نراه الآن، هذا أوَّلاً.
ثانيًا: إنّنا نعتقد أنّه إذا وُجد بشر في تلك المناطق، وفي أيّ مرحلة تاريخيَّة من المراحل، فإنَّ القاعدةَ تقتضي أن يبعث اللهُ رسولاً على تلك المناطق، أو من يبعثه الرسول، وعندنا في هذا المعنى تجربة:
إنَّ عيسى بن مريم كان في فلسطين، ولكن مع ذلك بَعَثَ إلى أنطاكيا مبعوثَين من قبله، فلسطين أين وتركيا أين الآن!، مسافة بعيدة بينهما: "إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ"[16].
فإذن نحن عندنا قاعدة: "وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ"[17]، وعندنا قاعدة: "وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ"[18]. أمثال تلك من الآيات التي لو لم يبعث الله الرّسل -سواء الرسل المستأنفين أو كلا الرسل وممثلين عنهم للإنذار والتبشير- لانخرمت قاعدة: "لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ"[19]، يستطيعون أن يقولوا: يا رب، أنت لم تبعث لنا أحداً، والحالُ أنَّه هو صاحب "فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ"[20]، فلابدّ أن يكون قد أرسل إليهم، نعم، نحن لا نعلم عن ذلك، هل هم من هذه المائة وأربع وعشرين ألف الذين حتى أسمائهم ومناطق وجودهم وجغرافيّتهم لا نعلم عنها، أو من غيرهم؟، لا نعلم.
هناك بعض الباحثين ومنهم صاحب كتاب (سيرة الانبياء) [21] الشيخ جواد الآملي، يحتمل أن تكون بعض الأسماء -التي نحن لا نؤكّد أنّها من الأنبياء- عندهم نبوة أو نوع من الحجة الإلهية في أقوامهم، وذكر أمثلة مثل: ذي القرنين، فذو القرنين مذكورٌ في القرآن الكريم، وأنَّه سعى من مكانٍ إلى مكان لإقامة العدل ولردّ الظلم ولنصرة الضعفاء، يقول: نحن لا نعلم هل كان نبيًّا أو لا، هناك مدحٌ له في القرآن الكريم، ولكن لم يوصف بالنُّبُوَّةِ، هذا المدح هل يلازم أن يكون هذا عنده حُجَّةٌ من قبل الله على من يذهب إليهم أو لا؟، ربمّا نعم.
يحتمل مثل لقمان، فلقمان فيه كلام: هل هو حكيمٌ من دون نبوة؟، أو هو بالإضافة إلى ذلك نبيّ.
يحتمل كما يقول: أنّ أرسطو هذا الفيلسوف المعروف والواضع لأسس التَّفكير العقلي في زمانه، يقول يُحتمل أن يكون هذا.
هرمس أيضاً كذلك، وهذه تبقى نظرية وفرضية تحتاج إلى مثبِتَات. لكن نحن عندنا الشيء الذي لا يحتاج إلى مُبتات، وهو أنّنا نعلم أنّ الله تعالى لم يخلق خلقاً إلاّ لهدفٍ، ولا يصلون إلى ذلك الهدف إلاّ ببعث المرشدين والأنبياء إليهم، لذلك بعث الله الأنبياء بهذا المستوى، وبهذه الكثرة الكاثرة مئة وأربع وعشرين ألف نبيّ، فإذا تصوّرنا فقط في هذه المنطقة خلال ثمانية آلاف سنة نرى أنّ الأمر شيء كثير جدًّا، فثمانية آلاف سنة في هذه المنطقة المحصورة فالأمر غير قابل لذلك، نعم حتى في آدم فقد ذُكر أنّه وصل إلى الهند -كما في بعض النقولات التاريخية-.
الأنبياء والمرسلون، هذا العدد حسب اعتقادنا ونعتقد أيضاً بالإضافة إلى ذلك أنّهم كانوا قد وصلوا إلى الأمم المختلفة حتى تتمّ حجة الله على الخلائق، ولولا وصول رسل إلى الخلائق لكانت الحجة للخلق على الله، وهذا غير معقول.
دورنا نحن وموقفنا تجاه الأنبياء كما ذكرتُ قبل قليل، أنّنا نحترمهم ونجلّهم ونشكر سعيهم ونسلّم عليهم وندعوا لهم؛ لأنَّ هؤلاء -كما قلتُ- هم أساس الخير على هذه البشرية، فَيَحْسُنُ بالإنسان أن يزور الأنبياء، وعندنا في زيارة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح، وعلى جارَيك هودٍ وصالح"[22]، في إشارة إلى أنَّ موقف الإنسان المؤمن تجاه الأنبياء ينبغي أن يكون موقف التَّسليم والاحترام والترضِّي، والاقتداء بعد ذلك.
نبيّنا آدم أيضاً مشمول بهذا المعنى، لا سيّما وهو صاحب العُلقة الخاصَّة بآل محمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله)، فقد ورد في أحاديث مدرسة الإمامية أنَّ آدمَ عندما ترك الأولى في القضيَّة المعروفة، وأحسّ بأنه يحتاج الى قُرْبٍ أكثرَ رأى أنوارًا في محلِّ الكرامة في تلك السماوات عند عرش الله (عزَّ وجلَّ)، رأى أسماءً منيرةً ومضيئة، فَعَلِمَ بأنَّ هذه الأسماء فيها من الكرامة ما يُتوسّل به، فتوسَّلَ إلى الله بسيّد الأنبياء محمّد (صلَّى الله عليه وآله) وبفاطمة وبأمير المؤمنين وبالحسن والحسين (عليهم السَّلام) -اللهم إنّا نسألك بحقهم أن تقضي حوائجنا وأن تغفر لنا ذنوبنا وأن تفرّج عن أسرانا وعن جميع المؤمنين فرجاً عاجلاً قريبا إنّك على كل شيء قدير-، علَّمه جبرئيل أن يتوسَّل كما تذكر هذه المصادر، ففعل ذلك، قال: يا جبرئيل مالي ذكرت الأسماء الأربعة فلم يتغيّر عليّ شيء، حتَّى إذا وصلتُ إلى الاسم الأخير خشع قلبي وتأثَّرت نفسي واغرورقت عيناي، لمّا ذكرتُ اسمَ الحسين حصل لي هذا الأمر، ما الخبر يا جبرئيل؟ فقال له جبرئيل: هذا الحسين ابنُ بنتِ رسولِ الله، لا يلبث أن يُقتلَ عطشاناً ظمآناً بأرض كربلاء، ويفصل رأسه عن جسده، ثم تطأ الخيلُ صدرَه وظهره، ثم تُسبى نساؤه؛ مكشفات حسر، لذلك هذه الحالة التي طرأت عليك إنّما كان لأجل هذه المصيبة التي يقول عنها الشاعر:
بَكَاكَ آدَمُ قِدْماً عِنْدَ تَوبَتِهِ ***** وَكُنْتَ نُورًا بِسَاقِ العَرْشِ قَدْ سَطَعَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] البقرة: 30
[2] تفسير الميزان، للعلاَّمة الطباطبائي، ج1، ص66، البحث الروائي في تفسير الآية المباركة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...". وكذلك نقل رواية تفسير العيَّاشي في نفس المصدر.
[3] ق: 15
[4] جابر بن يزيد الجعفي أحد الروات الذين عندهم عقلية استثنائية، وهو ليس مجرّد ناقل للرواية، والرواة قسمان؛ قسمٌ يسمع الحديث وينقله، فالإمام يعطيه بمقداره، وهذا طالب ابتدائية أو متوسطة. وقسمٌ من الرُّواة عنده عقلية جبّارة فيُعطيه الإمام بمقدار تلك العقلية، وجابر بن يزيد الجعفي هو من هذا النوع.
[5] والرِّواية كما في كتاب التوحيد للشَّيخ الصَّدوق، بإسناده إلى عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عز و جل): "أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ" قال: يا جابر تأويل ذلك أن الله (عز و جل) إذا أفنى هذا الخلق و هذا العالم و سكن أهل الجنة الجنة و أهل النار النار جدد الله عالما غير هذا العالم و جدد خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه و يوحدونه، وخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، وسماء غير هذه السماء تظلهم. لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، أو ترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم، بلى و الله لقد خلق ألف ألف عالم، و ألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين.
[6] وقبره موجود في البحرين يُزار، وكان عالماً فحلاً وقوياً، له كتب كثيرة؛ منها: ثلاثة شروح على نهج البلاغة تفسير كبير وشرح متوسّط وشرح صغير.
[7] وهو مؤلّف من المؤلّفين المُعتبَرين، له درجة علمية عالية، تُوفّي حوالَي ما بعد سنة 1245 هجرية، يعني أكثر من 170 – 180 سنة الآن.
[8] كان واحداً من مراجع الدين والقامات العلمية العالية، وأنا أنصح الإخوة المثقفين الشباب بقراءة كتب هذا العالم الجليل، وهي كثيرة ومطبوعة ومركّزة متقنة، من بينها كتاب "الفردوس الأعلى" كتاب جداً قيّم.
[9] الإسراء: 93
[10] إبراهيم: 11
[11] آل عمران: 79
[12] النساء: 164
[13] الأنعام: 83-86
[14] وسيكون لنا حديثٌ بإذن الله تعالى عن حياة النبي إبراهيم، وعن هجرته بزوجته إلى مكَّة.
[15] إبراهيم: 37
[16] يس: 14
[17] الرعد: 7
[18] فاطر: 24
[19] النساء: 156
[20] الأنعام: 149
[21] كتاب باللغة الفارسيَّة.
[22] بحار الأنوار / جزء 53 / صفحة 271. |