بلال بن رباح الحبشي مؤذن الرسول
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 22/9/1435 هـ
تعريف:

بلال بن رباح الحبشي مؤذن الرسول

?تابة الأخت الفاضلة شريفة الفلفل

بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال : ( من أذن لصلاة ايمانا واحتسابا لله عز وجل غفر له ما سلف من ذنوبه ومن أذن للصلاة عشر سنين ايمانا واحتسابا حشره الله مع نبينا مع النبي ابراهيم في درجته وجنته ) صدق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه واله

    حديثنا يتناول بإذن الله تعالى جوانب من حياة أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم المخلص لأهل بيته وهو بلال بن رباح الحبشي المعروف بمؤذن رسول الله (ص) بلال بن رباح . في سيرة حياته نقاط كثيرة للتأمل والتدبر والاقتداء من تلك إن ديننا الإسلامي لا يفرق في تعاليمه بين الأبيض والأسود وبين هذا الجنس وذاك وإنما القاعدة فيه إن أكرمكم عند الله اتقاكم نقول هذا الكلام نظرا لأن احدى مشاكل العالم اليوم هي مشكلة العنصرية واعتبار بعض الشعوب وبعض الأعراق نفسها أفضل من سائر الشعوب والى عهد قريب كان التمييز العنصري المعروف ( الابرتايد ) هو الحاكم في جنوب افريقيا واضطر الأفارقة السود الى خوض نضال استمر أكثر من نصف قرن من الزمان من أجل أن يرفعوا هذا الأمر من أجل أن يقولوا أن اللون لا يدني من مرتبة الانسان وأن يكون الشخص أفريقيا لا يجعله أقل قيمة من ذوي الأصل الآري الألماني أو غيره وإنما هم بحسب الحقوق في هذه الدنيا ويفترض ايضا في الأخرة كذلك في قضايا الثواب والجزاء والعقاب في حد واحد من المساواة .

    بل نجد هذا حتى في داخل الحالة الإسلامية والعربية قسم ممن يعيش في المحيط الإسلامي مثلا يعتبر العربي نفسه أفضل من الكردي أو أفضل من الأمازيغي أو الاعجمي او أفضل من الهندي . قضية بلال وتقدمه في سلم الدرجات في الإسلام يلغي هذا الأمر فإن بلال كان عبدا في أول أمره من أصول زنجية حبشية بحسب ما ورد في أصله ومع ذلك هو الذي صعد على سطح الكعبة في فتح مكة مؤذن كي يعلن للمسلمين انتهاء عهد الوثنية وابتداء عهد الإسلام فيها من خلال شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله (ص) .

    يفيدنا ايضا في المعاني أن الإنسان الحر في داخله لا تأسره النعم ولا يقيده المن والعطاء ما دام حر النفس فإنه يمكن أن يتخذ موقفه بغض النظر عن أن فلان أعطاه أو أن فلان تصدق عليه وما شابه . هذا الإنسان حر النفس بخلاف ذلك الإنسان الذي وإن كان حرا من الأصل ألا أنه تستعبده النقود  تارة ويستعبده صاحب النقود تارة اخرى فهو إن كان حر في الظاهر ألا أنه عبد شهواته وعبد لمن يعطيه المال هذا النموذج نجده في المجتمعات اليوم لا يوجد عبد بالمعنى المصطلح ولكن ما أكثر العبيد للشهوة وما أكثر العبيد للبطن وما أكثر العبيد للسلطات وما أكثر العبيد لأهل المال .

    يستطيع الإنسان من خلال التأمل غي قصة بلال الذي قاوم محاولات البعض في أن يصادر موقفه من خلال المن عليه والإنعام عليه ولكنه آبى ذلك واحتفظ بحرية نفسه وحرية قراراته . فهلموا معا لندخل في جانب من جوانب حياته ونتعرف على شخصيته التي وردت فيها المدح من قبل أهل البيت عليهم السلام ففي الخبر عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : ( رحم الله بلال فإنه كان يحبنا أهل البيت ) نبدأ قضية بلال كواحد من العبيد الذين تم شراؤهم في مكة المكرمة من قبل كبار بني جمح أمية بن خلف الجمحي هذا الرجل اشترى بلالا كشاب عنده قوة وشيء من الذكاء وعنده صوت جميل فبدأ يوكل اليه الأعمال والقضايا رأى منه نباهة بالتدريج رأى هذا الرجل أن بلال يمكن أن يعتمد عليه فكان يستعين به حتى في قوافله التجارية التي تذهب باتجاه الشام واليمن في رحلة الشتاء والصيف هؤلاء التجار القرشيون كانوا يبعثون قافلتين : قافلة شتوية الى اليمن واخرى صيفية الى بلاد الشام وكانوا يتاجرون بأموالهم ويربحون وكان بلال يذهب بقافلة سيده ومالكه أمية بن خلف الجمحي .

     في احدى سفراته الى الشام يقال أنه ألتقى بأحد الرهبان وسمع منه أن نبيا سيبعث في مكة وأن هذا النبي كالمسيح عيسى بن مريم من قبل الله عز وجل بقيت هذه الفكرة في ذهن بلال إلا أن أعلن رسول الله دعوته وبدأ يبشر بدين الله عز وجل فسارع بلال الى سؤال النبي عما جاء به وماذا يدعو اليه وسرعان ما آمن به وصدق لما وصل الخبر الى سيده أمية رأى ذلك شيئا كبيرا وقد ذكرنا في ما سبق إن شخصيات قريش كانت تريد أن تثبت ولائها للأصنام وجدارتها بالمنصب الاجتماعي التي هي فيه بمزيد من الضغط على ابنائهم وغلمانهم الذين يتحولون الى الاسلام حتى يبينوا انهم حراس هذا المجتمع وهم محل اعتماد فكان اذا أظهر احد أقاربهم او عبيدهم الاسلام يصبون عليه جام عذابهم حتى يبينوا للناس أننا أشد حفاظا وعناية في الحفاظ على النظام الاجتماعي القائم وفي الحفاظ على عبادة الناس واصنامهم ولذلك تعاقب بشدة من ينحرف عنهم اذا كان عليهم يد وسلطه عليهم.

   أمية بن خلف لما سمع أن بلالا قد أسلم بدأ يصب عليه كل عذابه وضرب بتعذيب بلال وعمار المثل في شدة التعذيب فقد كانوا يلقونه على الرمضاء الحارقة ويلقون على صدره صخرة كبيرة لا يستطيع أن يزحزحها الا العدة من الرجال وتضغطه تكاد تكسر اضلاعه وينتظرون منه كلمة واحدة وهي أن يدكر آلهتهم بخير أو أن يشتم النبي (ص) بلال قد أخذ جانب الصمود فصمت مدة لا يتكلم ثم بدأ يرشقهم بما يؤذيهم . كانوا كل ما يزيدون في تعذيبه كان يقول لهم كلمة واحدة معروفة عنه وهي : ( أحد أحد ) أي أن الله هو الأحد أي نحن ليس لدينا 360 صنم حول الكعبة أو 4 او 5 هم الأصنام الكبيرة كاللات والعزى ومناة وأشباه ذلك وإنما هو اله وأحد فكان هذا يؤذيهم أكثر من أي شيء آخر . وتوجد هنا روايتين الرواية الأولى وهي المعتمدة ولعل فيها جانب من الصحة وهي أن الخليفة الأول قام بشرائه أما نقد أو مبادلة لان في نفس الرواية هناك عدة اشكال لها وهذا مما جعل ممن يشكك في هذه الرواية وهم الفريق الثاني فيقولون أن هذه الرواية غير منسجمة .

    الحاصل ان الرواية التي يسوقها التاريخ الرسمي أن ابا بكر جاء واشترى بلال الحبشي رضوان الله عليه أما بمبلغ من المال أو مبادلة بعبد آخر ثم قام بعتقه هذا الشكل الأول من الرواية التاريخية التي يعتمدها الاتجاه الرسمي واتباع مدرسة الخلفاء . بعض المحققين في التاريخ كالسيد جعفر العاملي حفظه الله في كتابه الصحيح من سيرة الرسول الأعظم يشكك في نتيجة هذه الرواية ويقول أن هذه الرواية فيها بعض المشاكل التي تجعل الإنسان يتوقف عن قبولها وبدأ يعددها من عدة جهات لعل خمسة او ستة موارد للنقد يتحدث فيها عن انتقاد هذه الرواية لم يقل هذه الرواية غير صحيحة وانما يقول على الانسان أن يتأمل في هذه الرواية التاريخية ويوجه لها النقود المختلفة . اعتق اذا بلال بن رباح سواء كان بهذه الرواية او برواية اخرى فيها اشارة أنه تم شراء بلال بواسطة اموال كانت لدى الرسول صلى الله عليه واله وسلم وهي اموال السيدة خديجة سلام الله عليها وهذا الاتجاه الاكثر على الرواية الاولى بعد أن انتقل الى الحالة الاسلامية أخذ حريته اعتق في سبيل الله اصبح حرا التصق برسول الله (ص) وعندما هاجر الرسول من مكة الى المدينة ايضا تبعه بالهجرة وأصبح في المدينة نظرا لما عاناه وما قاساه من جهة ونظرا أن صوته كان صوت نديا وجيدا فقد اختاره النبي صلى الله عليه واله وسلم لكي يصبح المؤذن الرسمي لرسول لله والاول .

    لأن النبي كان عنده اكثر من مؤذن مثل ابن ام مكتوم ايضا كان يؤذن للنبي وابن ام مكتوم كان كفيف البصر لم يكن يتم الاعتماد عليه لأنه كفيف وبالتالي لا يستطيع ادراك انه صار وقت الزوال او ادراك وقت المغرب او اذا صار وقت الفجر أو لا حيث كان يعتمد في الغالب على الرؤيا وهذا كفيف البصر لا يستطيع فكان يسدد من قبل بلال فكان الرسول يقول له اذا قال لك بلال أذن أو لا تؤذن بنفسك واحيانا ينقل عن ابن ام مكتوم في بعض الأحيان يؤذن قبل الوقت فكان يوصى بأن يسمع لبلال رضوان الله عليه . وصار بلال هو المؤذن الرسمي لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكثيرا ما أوثرت هذه الكلمة عن النبي (ص) : ( يا بلال ارحنا بالصلاة ) أي قم وأذن للصلاة حتى نبدأ علاقتنا واتصالنا وانقطاعنا الى الله عز وجل . في موضوع الاذان بما أنا جئنا الى هذا المقام أصل أن يؤذن الانسان لإقامة الصلاة للعموم هذا فيه ثواب كثير وقد ذكرنا ما جاء في الرواية عن رسول الله ( من أذن لصلاة واحدة ايمانا واحتسابا عفر له ماسلف من ذنوبه وان من اذن لصلاة عشر سنوات حشر في مرتبة نبي الله ابراهيم ) الاحتساب يعني ان لا يكون في مقابل مالي , نعم الاسلام حتى يضمن حياة هؤلاء أوجب لهم من بيت المال بنظر الإمام هو مؤذن صحيح ولكن قد يكون محتاج لإعاشة نفسه وأهله فأوجب له .

     وايضا من استمرفي الاذان احتسابا حشر مع نبي الله ابراهيم لان من صفات النبي ابراهيم قال تعالى ( واذن في الناس بالحج ) أي ناد الناس الى الحج . ايضا المؤذن يقول حي على الصلاة , حي على الفلاح , حي على خير العمل فيتشابه في هذا الأمر دعوته للناس لعبادة الله يشابه نبي الله ابراهيم غير ان الاذان اعلام واخبار الناس . هناك استحباب مؤكد للانسان في صلاته ان يصليها مع الاذان فيستحب ان يقدم الصلاة بالأذان والاقامة وان كان وحده فانه قد ورد في الخبر انه من صلى بأذان و اقامة صلى خلفه صفان من الملائكة لا يرى اخرهما . اذا الاذان مستحب اولا على مستوى الاعلان بين المجتمع وثانيا حتى بين الانسان وبين نفسه . اذا ينبغي على الانسان ان يتقن هذا أي ان يتقن فصول الاذان حتى يحظى بثوابه الا ان يكون الانسان طبيعة لسانه لا يتقن لا حرج في ذلك مادام لنفسه او حتى في الاعلام (وقد قيل ان بلال كان يحول الشين سين) وهذا منقول . ولكن خلاصة هذا الحديث أن بلال كان المؤذن الرسمي لرسول الله صلى الله عليه واله وسام وكان يؤذن ايام رسول الله بحي على خير العمل كما نقل ذلك الطبراني من محدثي مدرسة الخلفاء في كتابه المعجم الكبير .

     الطبراني من أئمة الحديث عند مدرسة الخلفاء وعنده كتاب المعجم هذا الكتاب ورد فيه ان بلال كان يؤذن في ايام رسول الله بحي على خير العمل بعد ذلك ازيلت هذه اللفظة في ايام الخليفة الثاني وابدلت بالصلاة خير من النوم . بلال كان مع النبي شهد معه كل غزواته الموقف المميز هو موقفه مع امية بن خلف في غزوة بدر الذي كان يصب عليه وعلى المؤمنين كؤوس العذاب في مكة لما دارت الدائرة على الكفار في غزوة بدر بعض كفار قريش قالوا نحن لماذا نقتل انفسنا وحقيقة كانوا يفكرون ماهي قيمة اللات والعزة !! حيث انهم لا يؤمنون حقيقة ان هؤلاء آلهة تعبد فقالوا لماذا نقتل انفسنا ومنهم امية بن خلف فكانوا يقولون دعونا نستأسر أي نذهب الى احد من المسلمين ويأسرنا واموالنا في مكة نعطيهم منها فداء لنا وينتهي هذا الامر فجاء امية بن خلف هو وابنه مروا على عبد الرحمن بن عوف وهو ينقل هذه الحادثة ويقول : ( كنت ذلك الوقت اجمع الغنائم والدروع " كان يفكر تفكيرا تجاريا " فمر علي امية وكان يعرفني من ايام الجاهلية وكان لا يقبل ان يطلق علي عبد الرحمن فكان يسميه عبد الاله فناداني وجاء بجانبي أي اسرني لأذهب معك فأخذتهم وسقتهم أمامي فرآهم بلال وهم قادمون " وكأنه في موكب ملكي " يتمشى في المعركة فقال بلال : يا معشر المسلمين أمية بن خلف رأس الكفر والله لا نجوت اذ نجا وهذا الذي فعل بنا ما فعل من تعذيب " والآن في المعركة يتمشى حتى يصل الى المكان " هذا امية يعادل مثل الوليد ومثل شيبة " المسلمون لما سمعوا انثالوا عليه وجاؤوا وهجموا فيقول عبد الرحمن فلم أرى الا ان انثالوا عليه وهجموا حتى فرقوا بيني وبينه وخبطوا الوالد والولد بالسيوف حتى قتلوهما ولم احصل على الاسير ولا الدروع ) فقتل من كان يعذب بلال في هذه المعركة .

     اشترك ايضا في سائر المعارك كان قريب من رسول الله ودخل الى داخل الكعبة في الفتح وقد رأى النبي كيف صلى وهو داخل الكعبة . ايضا عندما فتح الرسول مكة أمر بلال أن يرفع شعار الاسلام على الكعبة بعد ان كانت يعبد فيها الاصنام اولا امر امير المؤمنين الامام علي ان يكسر كل الاصنام وارتقى على كتف النبي فأزال هذه الاصنام ثم أمر بلال أن يصعد على سطح الكعبة وأن يؤذن ويرفع الاذان هذا مما يبين ايضا عظمة وقدسية الاذان في النظرة الاسلامية لا سيما على طريقة مدرسة اهل البيت عليهم السلام حيث يقول الامام الصادق عليه السلام ( نزل الوحي بالاذان على نبيكم ) ثم يقولون انه راه فلان في المنام والرؤيا هذا الاذان الذي هو بالترتيب المعين وبهذا السبك يحتوي على عقائد الالوهية والنبوة والدعوة الى الخير والدعوة الى العبادات ويستبطن في ذلك الايمان بالمعاد ايضا يبدأ بكلمة الله وينتهي بكلمة الله سبحانه وتعالى كل هذه الأمور لا يمكن ان تأتي من وحي منام ورؤيا هكذا عابرة صارت شعار لكل الاسلام يؤكد على فصوله , ان هذا الفصل كان يقال في عهد رسول الله (ص) بالضبط كما يرفع الاذان فلما رأى القرشيون صعود بلال على سطح الكعبة واعلان الاذان كبر عليهم الامر .

     النبي كان عنده اشارات الى حركة معينة فيها دروس كثيرة , كان الرسول يستطيع ان يجعل احد من بني هاشم ان يصعد فو ق الكعبة ويؤذن لكنه كان يريد هذا الذي كان عبدا والذي كان عندهم انه زنجي اسود لا يساوي شيء يرفع اعظم شيء من الشعارات الدينية وهو شعار الاسلام واعلام الدين ولهذا يعضهم لاسيما من بني جمح عندما رأوا هذا المنظر كبر عليهم فقال بعضهم لقد كان أمية سعيدا لانه مات قبل ان يرى هذا الغراب الاسود ينعب على سطح الكعبة وفي ذلك الوقت وفتح مكة بعد كل هذه البينات والمعاجز والأمور التي تثبت حقانية الرسول (ص) ودعوته الا ان مثل هذا مازال يعتقد أن هذا غراب اسود وانه ينعق وينعب على سطح الكعبة وان فلان من ابائهم كان سعيد الحظ لانه لم يشهد هذا المشهد . فالنبي بمثل هذه الخطوة وبمثل هذا العمل اراد ان يوصل رسائل كثيرة في عمل واحد وحركة واحدة . هكذا كان بلال مع الرسول (ص) كان قريب منه كان خصيص به تراه في مكة اذا اراد النبي أن يخطب في الناس وفيه عدد كبير كان الرسول يأمر بلال أن يسكت الناس ويهدئهم . وان كانت هذه امور ليست بالحجم الكبير ألا أنها تبين علاقة بلال بالرسول صلى الله عليه واله . توفي رسول الله والناظر الى التاريخ كان يلاحظ ان الخليفة الاول كان عنده سعي في ان يبقي ما كان في زمن الرسول على حاله الولاة على حالهم والمؤذن على حاله وكذلك الكاتب على حاله كأنما الذي تغير في كل هذا النظام فقط النبي ذهب والخليفة جاء طبعا هذا الأمر سوف يعطي شعورا للناس ان هذه الخلافة مشروعة وطبيعية ولم يتغير شيء على الناس , النبي لابد أن يموت ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ) وجاء احد مكان رسول الله وسار على نفس المسير لم يتغير على الناس شيء ابدا . ولا تغير في الدين شيء .

    في الطرف المقابل الجماعة التي لم يكن يرون هذا النحو من الخلافة قد جاءت بشكل مشروع اعلنوا رفضهم اولا لأصل هذه الخلافة ولقد تحدثنا عن جماعة من اصحاب النبي الذين احتجوا على طريقة التولي . نمط اخر رفضوا قضية تقديم الزكاة كموضوع مالك بن نويرة ومن شابه . قسم ثالث قالوا نحن لا نعمل هذا العمل للخليفة الجديد فقط كنا نعمل لرسول لهه لأننا نعتقد بأن هذا العمل وأن عبادة من العبادات وقربة من القربات إما الآن النبي غير موجود فلا نعتقد هذا الاعتقاد فقد رفضوا العمل كمثل خالد بن سعيد بن العاص من جملة هذا الصنف بلال بن رباح فهو رفض أن يؤذن في زمن الخليفة الاول رفضا قويا صار إلحاح عليه قالوا له أذن فأنت في زمن الرسول تؤذن صوتك جميل ولم يتغير عليك شيء بالنسبة لبلال الأمر مختلف هذا يعني موقف اتجاه الخلافة والاعتراف بمشروعيتها لذلك رفض فصار الحاح عليه فأعلن أنه يريد ان يسافر الى الشام كان يرفض ذلك الى الحد الذي نقل عنه اكثر من ناقل تاريخي وهذا تأييد اذا صدقنا فكرة أن الخليفة الأول هو الذي اشتراه وقال كلمة منقولة عنه في مصادر مدرسة الخلفاء وفي مصادر مدرسة اهل البيت أن بلال قال لأبي بكر : ( ان كنت انما اعتقتني لنفسك فأمسكني وإن كنت اعتقتني لله فدعني وشأني ) هذا معناه " انك اذا كنت لا تزال تعتبرني عبدا من العبيد فلم تعتقني لله اما اذا اشتريتني ثم قلت هذا لوجه الله فلا تتحكم في خياراتي " فتركه وسأل بلال أن يكون جهادا الآن وأين يوجد جيش مقاتل كي يلتحق به فقالوا له في بلاد الشام فالتحق بجيش الشام وخرج من المدينة " وهذا نوع من تجنب ضغوط عليه باتجاه ان يستمر مؤذن للخليفة الاول وهذا يعني اسباغ الشرعية على هذه الخلافة كما كان مؤذن لرسول الله لكنه لم يؤذن أذانا واحد بعد وفاة الرسول (ص) وإنما خرج مسافر الى الشام وبعد ذلك رجع في مناسبة وأذن آذان بطلب السيدة فاطمة والحسنين عليهم السلام .

     في زمن الخليفة الثاني استمر موضوع الفتح في بلاد الشام متواصل نلتقي معه في موقف ينقله أكثر من واحد بالنسبة الى بلال وذلك أن العلاقة بين الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وبين خالد بن الوليد كانت علاقة غير طبيعية لان احتجاج الخليفة عمر على خالد بن الوليد في قضية مالك بن نويرة كان احتجاجا عنيفا  حتى قيل إنه لما رجع خالد الى المدينة غرس قد غرس بعض السهام في عمامته ( حالة عسكرية ) أخذها عمر وكسرها وشتمه وطالب الخليفة الثاني بمعاقبته باعتباره تصرف هذه التصرفات فكان موقفه موقف شديد معارض فلما بعث ابو بكر خالد الى بلاد الشام وجعله قائد لجيش وبقي سنتين واكثر ثم انتقلت الخلافة الى عمر ارسل رسالة الى ابو عبيده الجراح وهو كان قائد على فرقة آخرى حاصلها ينقلها محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنار وغيره من المؤرخين ارسل اليه (أنظر الى خالد واعتقله واعزله عن الجيش وحقق معه ابو عبيده لما وصلته الرسالة استكثرها على نفسه خاف على سمعته وقوته وكان في زمن ابو بكر شيء كبير مثل القائد الاعلى على الجيوش فكيف يفعل به هذا فكتم هذا الامر ولم يصنع شيء فوصل الخبر الى الخليفة الثاني ان خالد مازال في منصبه يقاتل ولم يحصل شيء فأرسل ارسل الخليفة عمر رسالة اخرى حاسمة فيه لأبي عبيده ولبعض المسلمين لأني أمرته أن يجرده من الأمارة وأن يحاسبه ويعتقله بعمته .

     لما وصلت هذه الرسالة يقال أن الذي نفذ هذا الأمر كان بلال جاء بلال الى خالد ( حسب هذه الرواية والذي استفاد منها صاحب تفسير المنار محمد رشيد رضا ) كيف وصل حال المسلمين ان واحد من عامة الناس كان يعد رقا وكان عبدا ولكن يأتي ويجرد قائد الجيش من امارته ويسجنه ويحقق معه أي كان يسوقها مساق الافتخار بما عمل بلال باعتبارها حالة اسلامية متميزة قام بلال بمثل هذا الأمر بالنسبة الى خالد بن الوليد بحسب هذه الرواية نحن نشهد هكذا موقف من بلال مع انه سابقياته انه كانت بحسب المرتبة الاجتماعية اين خالد واين بلال خالد بن بني مخزوم الذي تعد زهرة قريش وهذا عبد عند واحد من بني جمح فكان الأمر بهذه الصورة ولكن مع ذلك لم يكن مأسور في موقفه حتى من الخليفة الثاني أختلف معه في قضية يذكرها اكثر من مؤرخ يذكرها في سند احمد وفي فقه ابن قدامة المقدسي وغيره ان لما صار هناك فتح في الشام كان رأي بلال ومجموعة من المسلمين رأي وكان رأي الخليفة الثاني رأي آخر اصر بلال على رأيه ومن معه ايضا وقالوا هذا هو الشرع وان هذه هي الطريقة الصحيحة للقسمة والخليفة الثاني اصر على موقفه وكانوا يرسلون له الرسائل والخليفة يرسل اليهم الرد ولكن بلال كان مصر على هذا الأمر ولم يتراجع او يتنازال نحن ليس بصدد ان نحدد هذا الطرف مصيب او ذاك الطرف مصيب لكن كان له موقف " يعني ذلك انا بلال الذي كنت يوم من الايام عبد من المرتبة الاجتماعية دونكم اليوم انا واحد من المسلمين اكرمني الله بالإسلام وصرت اقارع القائد الاعلى للجيش واصارع الخليفة اذا كنت ارى اعمالهم وامورهم غير صحيحة " الى أن قال الخليفة الثاني : ( اللهم اكفني بلال وذويه ) فما مر عليهم عام واحد وفيهم عين نظرت أي انه دعا عليهم وماتوا ومنهم بلال بغض النظر ان كان هذا الكلام صحيح او لا , اقول ذلك لان تاريخ وفاة بلال تختلف على ثلاثة اقوال قول في عام 18 وقول في سنة 20 وقول في سنه 26 ويقال ايضا انه كان هناك طاعون يسمى بطاعون عمواس كان مرض وكانت حالة وباء عامة قليل من نجى منها ويذكرون ان بلال قد توفي بسبب هذا الطاعون وعمره 63 الشاهد الذي نأخذه ان بلال صاحب موقف وهذا الموقف لم يكن خاضع فقط لن فلان قد من عليه او اعطاه او اعتقه او لأني في مرتبة اجتماعية اقل وهو أعلى بحسب النظرة ما قبل الاسلام فلابد أن اتبعه في كل شيء , بلال كان يتصرف من وحي قناعاته وما يراه صالحا ولو خالف ذلك الخليفة ولم يوافقه والدليل رفضه للأذان بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم الا انه يذكر بعد فترة رجع من الشام أي قبل استشهاد الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام من خلال الرواية التي تنقل من مصادرنا الامامية انه رأى الرسول (ص) في المنام كأنما النبي يخاطب بلال " يا بلال هجرتنا " أي ذهب ولم يزر النبي فرجع من جديد ومر على بيت السيدة فاطمة وعلى اولادها وعلى امير المؤمنين فرغبت اليه فاطمة والحسنين ان يؤذن كما كان يؤذن لرسول الله ويرفع الآذان عندهم في البيت فاستجاب بلال لطلب فاطمة بحسب الرواية الامامية فرفع الاذان واذن بصوته الندي الشجي والاجواء ايضا فالنبي توه قد غادر الحياة الدنيا وفاطمة عليها السلام لا تزال في حالة حزنها على ابيها فتذكر الحاضرون ايام رسول الله لما بدأ وقال الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله اجتمعت اللوعة والحزن في قلب فاطمة عليها السلام لما قال اشهد ان محمد رسول الله انفجرت صلوات الله عليها بالبكاء وصرخت ابتاه يا ابتاه اسمك على المنابر وجسدك في المقابر بأبي أنت وأمي يا رس لله واخذت تبكي الا ان وقعت مغشية عليها .

مرات العرض: 3448
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2550) حجم الملف: 59629.53 KB
تشغيل:

خالد بن سعيد بن العاص الأموي نسبا العلوي ولاء
قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري