مخالفو الإمام والدوافع الحقيقية
تفريغ الفاضلة فاطمة الخويلدي
قال مولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه (فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين بلى لقد رأوها ووعوها ولكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها )
ثلاثة حروب هي التي شنت على أمير المؤمنين عليه السلام في فترة حكمه التي بلغت خمس سنوات وأشهراً هذه الحروب رفعت فيها شعارات وأعلن عن مبررات لخوضها وبقيت هذه الشعارات واللافتات بحسب الظاهر هي المحرك لتلك الحروب حرب الجمل وحرب صفين وحرب النهروان كلها شنت على علياً عليه السلام خلال هذه السنوات الخمس تزيد قليلاً ما هي الدوافع التي حركت قادة تلك الحروب وجنودها الذين طحنوا فيها بعدما أصبحوا حطباً لها ؟
ما هي تلك الخلفيات التي حركت هذه الجموع حتى قتل من المسلمين تلك الأعداد الكبيرة وترمل من نسائهم ما يعادل تلك الأعداد وأيضاً تيتم من أطفالهم ذلك المقدار؟
ليس هذا البحث بحث تاريخياً محضاً فإننا نجد في كل زمان حروباً تقام ومعارك تخاض ونفوساً تزهق وأسلحة تصدأ وأصواتاً تتعالى للتحشيد وكلها ترفع شعارات أيضاً وترفع لافتات فيتذكر الإنسان
ما كان في زمان عليٍ الشعارات نفس الشعارات والكلمات تكاد تكون نفس الكلمات والدوافع هي الدوافع لكنها ليست هي الظاهرة لذلك عندما نتأمل في الدوافع التي حركت الحروب على عليٍ عليه السلام نفهم في وقعنا اليوم كثيراً مما يجري من الحروب المثارة ومن المعارك القائمة ولهذا ينبغي أن نتأمل في تلك الفترة وأن نتبصر في حقيقة تلك الدوافع التي حركت أصحاب تلك الحروب أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الكلمات المقتضبة في خطبته المعروفة يقول
(فلما نهضت بالأمر أصبحت خليفة بايعني الناس نكثت طائفة بعد أن بايعت الزبير وطلحة وزوجة رسول الله وسائر المسلمين هذه الجهة نكثت بيعتها وخرجت على إمامٍ بايعته صراحة منج غير إكراه ولا إلجاء ومرقت أخرى إشارة للخوارج وهم وإن تأخروا زمناً لكن هنا قدمهم الإمام لفظاً المارقون هم الفئة التي سماها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يأتي من بعدي قومٌ سفهاء الأحلام أخفاء الهام تعبيراً عن الهامة وما في داخلها
أي العقل يتلون القرآ ن لا يجاوزون تراقيهم لا ينفذ إلى أعماقهم ولا يزودهم بشيئ وإنما في حدود اللفظ وفي حدود التلاوة وفي حدود الحفظ المطرد للألفاظ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية إشار علياً إلى هذه الفئة من الخوارج الذين لقبهم رسول الله بالمارقين وقسط آخرون أي ظلم
وبلغ وجانب العدل آخرون إشارة إلى معاوية وإلى أهل الشام يجمل دوافع هؤلاء بقوله كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين )
كأن هؤلاء عكسوا الأمر أرادوا العلو أرادا الإستعلاء أرادوا الأفساد في الأرض فلم تنفعهم هذه الآية المباركة مع أنهم قرأوها وعرفوا معناها من المحكمات الواضحة لا يحتاج إلى كثيرٍ من التأمل ولكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها أي زبرج الدنيا متاع الدنيا شهواتها لذاتها زخاراها زينتها حركت هؤلاء ) هلموا بنا لنعرف هل كان الأمر فعلاً بالنسبة إلى أولئك هو طلب الإستعلا طلب السلطة طلب الحكم أم كان كما يرفعون الراية للمطالبة بدم الخليفة عثمان هل كان ذا أم ذاك ؟ لأنهم رفعوا هذا الشعار الثاني وإلى اليوم لا زال يؤثر في قسمٍ من الناس لنبدأ بحرب الجمل أتى الزبير وطلحة أول الأمر إلى طلب فيئهم وكان قد جاء لعليٍ فيئٍ أول أمره مقدار من الغنائم أتت فكان الإمام لابد أن يوزعها أمر المقسم الموزع أن يوزع بحسب ما يرى كم المبلغ الإجمالي وكم عدد المسلمين المستحقين للفيئ فوجد أن نصيب كل واحد ثلاثة دنانير فقط فأتى الزبير وطلحة ومعهما غلاماهما عبدان لهما حتى يحملون لهم
في زعمهم الجرار والخياش وما شابه ذلك فلما وصل دورهما أعطى المقسم لكل منهما ثلاثة دنانير وأعطى كل من طلحة والزبير أيضاً ثلاثة دنانير فرأى هذا وما تنفع هذه لا تساوي شيئ فقالا للمقسم أنا طلحة وذاك يقول أنا الزبير لعلك مشتبه قال
لا أعرفكما أنت طلحة على رأسي والزبير على رأسي لكن هذا هو المبلغ قال علي إبن أبي طالب يعلم بهذا قال نعم يعلم بهذا فذهبا إلى عليٍ عليه السلام وأخبراه بالأمر وقال له نحن هكذا وكنا في عهد عمر بن الخطاب يكرمنا لسابقتنا وغنائنا وجهادنا في الإسلام وقد أعطانا ثلاثة دنانير فقال لا أجد في كتاب الله غير هذا لو كان المال لي لسويت بين خلقه فكيف والمال مال الله فقالا له إنا ننقم عليك خلافك لسيرة عمر بن الخطاب كان يعطنيا شيئ مناسب بحسب موقعنا وإنصرفا منه هذه هي المرة الأولى وكانت رسالة كافية لكنهما يبدو كأنا
ما يريدان شيئ أصرح رجع في وقتٍ آخر فقال الزبير يا علي كنا في زمن عثمان قد جفينا لأنه مال لقومه من بني أمية فلم يولنا ولم يكرمنا ولم يعطنا فولي أحدنا الشام والآخر البصرة ذاك لم يعطنا شيئ فأنت أعطنا فقال لا أجد في أمري أن بيعتكما لي تستوجب إني أعطيكما هذا إذا كل واحد يبايعني لازم يبايعني بشرط توليني على فلان مكان هذا ليس عندي والآن الأمور ليست كذلك فقالا إذن إسمح لنا أن ننصرفا إلى العمرة قال مالعمرة تريدان
وإنما تريدان الغدرة تريدان البصرة مع السلامة أول الأمر كان تسوية في العطاء كيف نأخذ ما يأخذه سائر الناس ثم كيف لا نولى في هذا العهد الجديد ولا تكون لنا ولايات وحكومات وهذا الأمر قضية طلب العلو طلب القيادة طلب الرئاسة أنا وإلا أثور عليك أنا أكون والياً وإلا أحاربك بقي يلاحق الجماعة للأخير وقد فهم بعض بني أمية هذا فعملوا على تصعيده وتسعيره يقولون إنه قبل وصولهم للبصرة وقد إجتمع حولهم عدد من التابعين وإلتحق بهم من إلتحق أتى مروان بن الحكم وهو ممن إلتحق بهم ويعرف إنه
لا هو صادقٌ في الطلب بدم عثمان ولا هما أيضاً صادقين لا هو صادق ولا هم كذلك دخل عليهم وهم في الخيمة الزبير معه إبنه عبدالله وطلحة معه إبنه محمد وجمع من التابعين لهم فلما دخل دخل وقال على أيكم أسلم عليه بالإمرة أي واحد منكم أسلم عليه وأقول السلام عليك يا امير المؤمنين عبدالله إبن الزبير قال سلم على أبي على والدي تسلم بالإمرة محمد إبن طلحة قال سلم على أبي محمد يعني على طلحة فسكت أثار هذا المعنى
فقال من منكما يؤم الصلاة فسكتا نقل هنا أن زوجة رسول الله كانت في خيمة أخرى فسمعت فصاحت في مروان يا مروان ويلك إلى كم تفتتن بيننا تريد أن تعمل فتنة مروا عبدالله فليصلي بالناس وقضية الخلافة وإمرة المؤمنين لاحقين عليها هي معركة مؤجلة بعدين تأتي لكن
لم تعجل لأنهم ذكروا إن في البصرة لما طردوا عامل علياً عثمان بن حنيف ونتفوا شعر لحيته وشاربه وحاجبه قالوا له إذهب إلى علي إبن أبي طالب اليوم الثاني المسلمون الفجر ينتظرون إماماً للصلاة في البصرة الآن واليهم معزول وطرد من البصرة البصرة أصبحت في يد طلحة بن الزبير وجماعة الجمل ووقت الفجر الآن تقدم الزبير للصلاة طلحة من الخلف سحبه وأتى مكانه الزبير سحب طلحة ووقف مكانه إماماً وهكذا الواحد منهما يسحب الآخر إلى أن مضت مدة فصاح الناس يا قوم الصلاة الصلاة الشمس تكاد تشرق تصور أن صلاة الفجر وقتها ساعة وربع عادة وقتها إلى طلوع الفجر مما يعني أن الأمر إستمر فترة طويلة والذي جعل الناس يخافون على أمر طلوع الشمس على أثر هذا العراك والتنافس بينهما
إلى أن أتت الأوامر إن دعوا عبدالله بن الزبير إبن أخت أم المؤمنين لكي يكون إماماً على الناس في الصلاة فالقضية هنا أنت تلاحظ في الصلاة هي معركة في إمرة المؤمنين معركة طالب العلو في كل واحد حتى في ضمن داخل الدائرة فضلاً عن طلب الولاية والحكومة من قبل أمير المؤمنين الذي رفضه الإمام وطلب الزيادة في العطاء كل هذا يدور ضمن إطار كما يقول امير المؤمنين عليه السلام
( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً) لا يطلبون الإستعلاء لا يطلبون الرئاسة من غير مبرر لا يطلبون أن يحكموا الآن أنت ترى رئيساً لكي يبقى في مكانه لابد أن تقتل الآلاف وآخر لكي يصبح مكانه أيضاً لابد أن تقتل الآلاف ومع ذلك لا تراهم بالنسبة
لا للأول ولا للثاني أن تذهب هذه الأرواح وتزهق ما دام هو يحتل هذا الأمر فليقتل هذا الجمع ولتطحن الحروب رحاها كل هذه الجوع الغفير ينبغي أن يكون الإنسان واعياً وعارفاً حتى لا يكون هناك دافعٌ حقيقيٌ لطلب الإستعلاء ولكن ترفع راية براقة وشعارٌ جذاب من خلال ذلك أنفذ إلى ما وراء ذلك تأمل في الدوافع الحقيقية أنظر إلى خلفيات المسألة هذا بالنسبة للجمل
بالنسبة إلى أهل صفين الآن الأمر أوضح من ذلك لانهم كشفوه الآن لا يحتاج ولكن كشفوه متأخراً بعد أن سيطر معاوية إبن أبي سفيان و الكلمة المشهورة عنه بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام ( إني ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتصوموا ولا لتزكوا وإني أعلم أنكم تفعلون ذلك ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم فآتاني الله ذلك وأنتم له كارهون)
أنا ليس خلف صلاتكم ولا صومكم ولا عبادتكم ولا دينكم وإنما وراء أن أتأمر عليكم وأصبح رئيساً بالرغم من إرادتكم أنا لفترة من الزمان كنت اتصور إن هذا الكلام منقول فقط ضمن المصادر المخالفة لبني أمية سواء شيعية أو سنية مثل شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي سني ولكن موقفه إتجاه بني أمية موقف سلبي لما يرى من أفعالهم وتاريخهم أو ما ورد مثلاً في مروج الذهب وهو لعالمٍ شيعيٍ كنت اتصور أن هذه الكلمة لأنها فعلاً كلمة فاضحة فعلاً قاسمة أن واحد من المسلمين يعتبر من صحابة رسول الله ويعتبر فوق درجات العدالة ويعتبر ويعتبر وبالصراحة يقول أنا لا يهمني أمر الدين لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ ولا اهتم به أصلاً وإنما أنا مقاتلٌ من أجل الرئاسة على رغمكم ورغم أنوفكم هذا تصريح فاضح
في فترة من الفترات بحثت وجدت أن هذا الأمر موجود في كتب محسوبة على الخط الأموي بقوة مثل كتاب البداية والنهاية لإبن كثير الدمشقي أبن كثير الدمشقي صاحب كتاب البداية والنهاية رجلٌ صاحب توجه أموي إلى النخاع يقطر كتابه بحبه للأموين ومدحهم وإلتماس الأعذار لهم وتبرير أفعالهم وتبرئتهم من أعمالهم لكن يسجل هذه النقطة أيضاً مما يكسب هذا الكلام مصداقية أكثر إنه ليس فقط منقولٌ في مصادر المخالفة للأموين وإنما للمصادر الأموية والمؤدية للأموين كشف بصراحة إنه نعم أنا دوافعي في هذه الحروب فليذهب للجحيم ستين ألفاً في صفين أو أكثر لا يهمني هذا الأمر المهم أن أكون رئيساً الآن أين الدفاع بدم عثمان أين ذاك الذي يلطم على المظلومية وأين التحشيد بإسم الدين وما أشبه الليلة بالبارحة أنت تجد الآن في كل مكان تحشيد بأسماء المظلوميات بأسماء هذه الأمور التي تدغدغ العواطف لكن عندما تستبطن
لا ولكن لأتمر عليكم هذه هي المسألة بصراحة فائقة قال هذا الكلام وبعض قادة جيشه أيضاً كانوا مدركين المشكلة في هؤلاء وقود وحطب المعارك هؤلاء الذين يطحنون فيها ويحترقون بنارها ثم لا دنيا ولا جنة لا دنيا ولا آخرة ل لاإنهم بقوا في هذه الدنيا وإستمتعوا بها
ولا إنهم لما ذهبوا ذهبوا على حق وسبيل رشد أحد قادة جيشه يقال له النعمان إبن جبلة التنوخي كان قائد لقبيلة كبيرة جداً يبدو أن قتالهم لم يعجب معاوية في صفين رأى الغلبة لجهة علي إبن أبي طالب وجيشه فبدأ يعاتب هذا القائد النعمان إبن جبلة يقول له أصحابك لم يغنوا بشيئ والظاهر إن الأمر من عندك وإني عزمت على أن أعزلك عن قومك وأولي عليهم رجلاً أصح رأياً وأنصح ديناً إنسان متدين وعنده رأي إلتفت إليه النعمان فقال له يا معاوية تظن إننا قاتلنا معك ضد علي إبن أبي طالب من أجل الدين والله ما أحد أولى بالدين غير علي إبن أبي طالب أنت تتصور إننا قاتلنا معك من أجل الدين الأمر ليس كذلك هو أقرب منك بالرشد وأحرى بالله عزوجل منك ولكن نقاتل معك رشداً أم غياً ماشين معك فإنا
لا نحب أن نحرم من تين الغوطة وزيتونها بعد إن حرمنا من ثمار الجنة وأنهارها نحن سالفة جنة وأنهار ثمار وثواب هذا نحن يأسنا منه فإذا كان كذلك لا أقل هذا التين اللطيف الموجود في الغوطة في دمشق وهالزيتونات وهالبراد وهذه الأشياء الدنيوية نشتغل أن نحصلها وإلا نحن لا ننظر وراء دين أو خلفك لا نحن غير آتين للدين أو للحق او للرسالة أبداً هذ يمكن يعرف هذا المعنى ولكن الذي خلفه من القبائل والعشائر والجنود يطحنون في الحرب طحن الرحى للحب من دون ان يستشعروا شيئاً وكم من أبناء هذه الأمة طحنتهم الحروب قديماً وحديثاً ضمن هذا الإطار كم أعداد
لا يعلمها إلا الله ولا تزال إلى الآن قائمة الأمر هناك من يخطط للخلف هناك من يحرك أحجار الشطرنج من الخلف وهؤلاء يقودون نيران الحروب والأموال المسروفة وما شابه ذلك هذه الفئة من الواضح فيها أن دوافعها دوافع الإستعلاء دوافع التسلط دوافع الدنيا
الأعجب من ذلك هو أن دوافع مثل الخوارج أيضاً تنتمي إلى عالم الدنيا والشهوات بالرغم من أن ظاهرهم ظاهرٌ عباديٌ وكان المعروف عنهم مثل هذا الأمر في قلة وعيٍ وعدم معرفة بحيث الواحد منهم لا يستطيع أن يجد تناقضاً بين ذبح إنسان مسلمٌ بريئ وبين ان يصرخ
الله أكبر الله أكبر وهو ينحر إنساناً مسلماً بريئاً هذه نماذج في التاريخ يتحدثون عنها ورأيناها الآن في صفحات الواقع مصورة ومسجلة وباقية كيف تستطيع أن تتصور إنساناً مسلماً يذبح إنساناً مسلماً آخر لأجل إختلاف في الموقف السياسي معه وهو يصرخ الله أكبر الله أكبر كيف تستطيع أن تتفهم عمل إنسانٍ في شهر رمضان في أناسٍ صائمين من عامة الناس قد خرجوا لرزقهم في شهر رمضان لكي ينسف في وسطهم وينتسف هو وينسفهم أيضاً ضمن هذا الإطار وهو في ظنه إنه ذاهبٌ الرواح الرواح إلى الجنة هذا أمر واضح عن أن هناك جهل هناك عدم وعي ولكن الجهة الأخرى التي يمكن أن يلاحظها الإنسان أيضاً هناك جانبٌ شهويٌ جانبٌ دنويٌ لعلى هؤلاء لا يتعرفون على هذه الناس ولكن حب السمعة بالنسبة لهم يغريهم بأكثر من هذا حب التقدم والترأس على من عداهم ولو بعتبار أنهم متدينون جداً هذا يجعلهم متقدمون ويقدمون على مثل هذه الأعمال بل حتى الشهوات البدنية الشهوات من المال والجنس وغير ذلك واحد من الدوافع التي دفعت عبد الرحمن إبن ملجم إلى تنفيذ جريمته وهي قتل علي إبن أبي طالب هو قول قطام أنها لا تزوجه من نفسها إلا بأن يقتل علي إبن أبي طالب لا أعلم هذا له إرتباط بأمر المناكحة الشائع عند قسم من الناس في هذا الزمان أم لا ولكن بالتالي لكي تستمتع بقطام لابد أن تقتل رجلاً مسلماً إفرض إن هذا ليس بلعلي ولا إمام ولا معصوم ولا ولي الأمر لا بل رجلٌ مسلمٌ عادي لو ذهبت إلى إمرأة لخطبتها أريد أن أتزوجك تقول لك أنا أتزوجك بشرط أن تجرح جارنا الفلاني هل هذا يكون شرطاً سائغاً وصحيحاً هل يصبح جزءاً من المهر ليس الأمر كذلك فكيف إذا إمتد هذا إلى قضية القتل هذا أمر ليس فيه
إلا جانب الشهوات وإلى تحريك هذه الغرائز لإرتكاب هذه الجرائم ما أشبه الليلة بالبارحة نحن نلاحظ إن هذه الفئة مع جهلها المقيم وعدم حفظها لحرمات الدين والإنسان كما فعلت في السابق مع عبدالله خباب الأرت مر عند النهروان وكان يحمل زوجته على حمارٍ له وكانت حاملاً متماً يعني باقي قليل وتضع حملها أوقفوه سألوه من أنت قال أنا عبدالله إبن الخباب إبن الأرت صاحب رسول الله والدي كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وظن أن ذلك فيه شفاعة له فقالوا له ماذا سمعت من أبيك عن رسول الله فقال( سمعت من أبي عن رسول الله أنه تكون بعدي فتنة النائم فيها خيرٌ من القاعد والقاعد فيها خيرٌ من القائم
ولأن تكون عبدالله المقتول خيرً من أن تكون عبدالله القاتل قالوا له نعم وما تقول في أبي بكر وعمر فذكرهما بخير فما تقول في عثمان في أول أمره وآخر أمره فذكره بخير وما تقول في عليٍ إبن أبي طالب فذكره بأحسن الذكر فقالوا له( إن علياً قد حكم في دين الله فكفر وإنك لا تعرف الحق بالرجال وإنك لا تعرف الرجال بالحق وإنما تعرف الحق بالرجال فلا بد أن تتوب من ذنبك وان تتبرئ من عليٍ إبن أبي طالب وتحكم في كفره ) فقال لا أجد إلى ذلك سبيلاً فوجهوه إلى القبلة ونحروه نحراً ثم نظروا إلى زوجته على الحمار ذاته فأنزلوها وبقروا بطنها وبقلوا جنينها وهي أيضاً ماتت هذا كله أيضاً لازم يكون على القبلة عندهم وكله أيضاً الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم وبهذه الشعارات القضية بالإضافة إلى الجهل المقيم الذي كان عندهم كان هناك أيضاً
ولا يزال عندهم دوافع شهوية تدفعهم وهي التي يقول أمير المؤمنين عليه السلام عنها ( بلى لقد سمعوها ووعوها ولكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها ) لذلك ما إن قالت قطام لعبدالله إبن ملجم وقد طلبها لكي يتزوجها طلبها للشهوة قالت إلا لقتل أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب فلم يتردد لم يقل هذا رجلٌ مسلم أو أن هذا مثلاً لا يسوغ أن يكون مهر مسلمة لو كانت مسلمة بهذا الإعتبار أن يكون مهرها قتل إنسانٌ مسلمٌ ولكن الشهوة حينما تأتي فإنها تعم وصمم هذا اللعين ومعه إثنين وقيل إنها هي أيضاً طلبت منهما مساعدته لقتل
أمير المؤمنين عليه السلام وكان أن تعاقدوا وتعاهدوا على أن يكون ذلك في فجر هذا اليوم يوم التاسع عشر من شهر رمضان فخسر الإسلام والإنسانية بهذه الجريمة التي تمت على أيدي هؤلاء الحمقى الشهوانين خسر الإسلام وخسرت الأمة وخسرت البشرية قامة بميزان
أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يتعجل عليه السلام في مثل هذا الشهر ( متى يبعث أشقاها فيخضب هذه من دم هذا) بعدما أخبره رسول الله قبل ما يقارب خمسة وثلاثين سنة من الزمان قرأ رسول الله نعي علي إبن أبي طالب وعقد مجلس العزاء عليه وبكى بأبي وأمي عليه أمام الملى وفي المسجد عندما خطب في آخر جمعة من شهر شعبان وهو يتحدث عن شهر رمضان وفضائله آخر الأمر بعد
أن فرغ رسول الله وبين فضائل الشهر دمعت عيناه وبكى فألتفت إليه أمير المؤمنين لا أبكى الله عينيك يا رسول الله مما بكاؤك مما تبكي قال أبكي لما يرتكب منك في هذا الشهر الكريم أنا أبكي على المصيبة التي تحل عليك قال وما يرتكب مني قال كأني بأشقى من عاقر الناقة وقد بعثه الله ليضربك بسيفه على رأسك فخضب شيبتك من فيض هامتك كان علياً يترقب هذه اللحظة التي وعدها إياها رسول الله وقد إقتربت وإذا به هذه الليلة يعيش أجواءاً خاصة في بيت إبنته زينب الكبرى أم كلثوم قدمت له إنائين من الطعام فطلب منها أن ترفع واحداً لأنه يريد أن يقتدي برسول الله في حياته ثم قال لها بني أنا أخلد إلى النوم قليلاً فأوقظيني لوردي أريد أن أقوم لأصلي صلاة الليل أتعبد الله أتودع من هذه العبادة من منجاة الله عزوجل ماهي إلا ساعة نام فيها وإذا به يستيقظ فزعاً وجلاً أبي مالذي أرى منك هذه الليلة مالي آراك في هذه الحالة قال لها لقد رأيت جدك رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فشكوت له ما لقيته من هذه الأمة فقال إنك صائر إلينا بعد ثلاثة أيام |