ثلاث بطاقات في ميلاد الامام الحسن ع
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 15/9/1434 هـ
تعريف:

ثلاث بطاقات في مولد الإمام الحسن عليه السلام

 

تفريغ نصي الأخت الفاضلة تراتيل

قال تعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الاحزاب33
في ذكرى ميلاد الامام الزكي الحسن بن علي نهنئ جميع المؤمنين بهذا الميلاد المبارك الميمون ونوجه ثلاث بطاقات ولافتات
اللافتة الأولى هي بطاقة حمد وثناء  لله عز و جل :
لنقول لربنا شكرا لك وحمدا وثناء عليك أيها المنعم العظيم , فلقد اخرجتنا من ظلمات العدم الى نور الوجود حيث الخلق لنا فاتحة البركات والخيرات من قبلك يا الله . هي فاتحة الخير على هذا الانسان والا لكان من الممكن لنا ان نبقى عدم غير مذكورين فلا يُهتم بنا ولا يُلتفت الينا ( هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) الانسان 1
فهل ستتعطل الدنيا لو لم يخرجنا الله من العدم ؟ هل سينقص من ملك الله شيء ؟ فكما ان غيرنا لم يوجد فيه هذه الحياة ولم يتأثر ملك الله لعدم خلق مليارات من البشر أيضا لن يتاثر ملك الله لو لم نُخْلَقْ , و كان من الممكن ان نكون احد تلك الحويمنات المنوية التي تتلف وتنتهي او من تلك البويضات الانثوية التي تتحلل على شكل دماء فتكون نسياً منسيا فلا يتأثر ملك الله ولا يحدث شيء للكون .
فالله نقلنا من الغياب والكمون الى الشهود فاستوينا احياء نعبده ونشكره فقد خلقنا في احسن تقويم وزوّدنا بكل ما يلزم للحياة و اعطانا مالم نعلم ولا نعلم ولن نعلم . فهل تستطيع ان تحصي نعم الله عليك في داخل بدنك ؟؟
 هل تستطيع ان تحسب كرياتك البيض والحمر في الدم وغيرها ؟؟ كل ذلك لا نعرفه ولن نعرفه ولم نشهده ولا نشهده ولكن الله تعالى منّ علينا وزودنا بكل تلك النعم , ولم تقتصر نعم الله علينا في الخلق الظاهري والتكوين البدني وانما قربنا اليه وعرفنا عليه والا من الممكن ان نكون من اؤلئك المنكرين والملحدين .هل تعلمون ان بلادنا بحسب الدراسات الاجتماعية التي نشرت بانه يوجد فيها الالحاد اكثر من غيرها من البلدان فهي تتفوق وتتجاوز على الكثير من بلاد العالم وبلاد الغرب؟
كان من نعمة الله علينا ان قربنا اليه وعرفنا اليه وارشدنا اليه , فهذا الامام الحسين في دعاء في يوم عرفة يعدد نعم الله ثم يشير الى ان نعمة الهداية وهي النعمة الكبرى ( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ) وفي الأثر  ( والله لولا الله ما اهتدينا وما تصدقنا وما صلينا فانزل سكينة علينا و ثبت الاقدام ان لاقينا )
اذن البطاقة واللافتة الأولى نقدمها لله شاكرين حامدين مُثْنِيين قائلين: لك الحمد ان خلقتنا واوجدتنا حيث بالإمكان ان لا نوجد ثم بعد ان أكملت خلقتنا مننت عليك بان عرفتنا نفسك وقربتنا اليك فلك الحمد والشكر .

اللافتة الثانية هي بطاقة عهد وانتماء وارتباط وولاء للبيت الذي انجب اول سبط بل اول ابن لرسول الله :
نبارك لرسول الله ولأمير المؤمنين ولفاطمة الزهراء و للائمة المعصومين ثم لجميع المؤمنين ولادة سبط الرسول الأول والامام الثاني والمعصوم الرابع الحسن بن علي الزكي صلوات الله وسلامه عليه , و نسال الله الذي عرفنا بهم في الدنيا ان يرزقنا شفاعتهم في الاخرة , ونتبرك بذكر شيء من خصائص هذا الامام العظيم
اول ما يأتي من القاب الامام هو انه امام , فأي امامة نتحدث عنها تلك التي كان تبوء عرشها الحسن بن علي سلام الله عليه . يُعَرّف الامام الرضا الامامة في خطبة طويلة مبين فيها خصائص الامام ودور الامام , و مما يذكر فيها هذه الجملة ( الإمامة اس الإسلام السامي وفرعه النامي ) الامامة هي في نفس الوقت اس و جذر و فرع وغصن  وهذا من التقابل العجيب,  فلو انت تصورت شجرة لوجدت ان الأصل له اتجاه ودور وللفرع  اتجاه ودور ولا يمكن ان يجتمعا في واحد فالجذر يتجه الى باطن الأرض ودورة انه يثبت الشجرة ويركزها في الأرض , في حين ان الفرع يتجه الى السماء ودور هذا الغصن هو انه يحمل الثمرة و الأوراق , فاين الغصن واتجاهه ودورة وأين الجذر واتجاهه ودوره لكن نجده في كلام الامام الرضا عليه السلام حيث يشير الى ان الامامة تثبيت للعقيدة فهي تتعمق في باطن النفوس وفي نفس الوقت فهي تحمل ثمار العلم والهداية والإرشاد للناس جميعا , هي بهذا الحجم كما ينقله الفريقان ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميته جاهليه ) ومع شيء من التأمل في الحديث يتوجه الى الانسان المسلم  الذي يفترض انه موحد لله و مؤمن بالنبوة ويمارس العبادة مشكلته انه لا يعرف امام زمانه , وليس أي امام هو المقصود بل المقصود هو الامام المعين من قبل الله الذي تبرأ ذمة الانسان عند اتباع ارشاداته .
تلك التي يتحدث عنها الامام الرضا عليه السلام هي نفسها التي اذا لم يتعرف الانسان عليها ولو كان موحدا و تابعا للنبي

وهكذا فاللافتة الثانية نقدمها للبيت الذي انجب اول سبط بل اول ابن لرسول الله, نقدمها الى بيت علي وفاطمة حيث يحتفل الجميع وفيهم رسول الله ,هذين الخطين الذين كانا في فرعين يمشيان خط النبوة وخط الامامة اصبح بمجيء الامام الحسن مجمع ا لخطين وملتقى النورين نور النبوة والامامة فاذا الحسن المجتبى يجمع ارث رسول الله ويجمع ارث امير المؤمنين عليه السلام لكي يحقق ان النبوة والامامة تجتمع في بيت واحد لا كما قال بعضهم تاريخيا :"ان قريشا انفت وكرهت ان تجتمع النبوة و الامامة في بيت واحد ", فها هو بيت علي وفاطمة يأتي بنتاج للنبوة و الامامة بواسطة فاطمة عليها السلام ليكون الحسن ابن للرسول صلى الله عليه وآله كما قال رسول الله مرارا : "هذان ابناي .. " اي ليسا اسباطي فقط بل ابناي لكي تغدوا هذه النظرية تصطرع عليها السياسة بالمنع  وتثبتها الامامة بالدليل كما وجدنا في وقت متأخر .
نوجه لهذا البيت الشريف الذي امتدت فيه النبوة في صورة الامامة هداية وعصمة وحجية وارشادا , نوجه لهذا البيت بطاقة انتماء وارتباط وولاء ونجدد العهد معهم على ان نسير على منهاجهم وخطهم ان شاء الله .
فنحن مورد للطف الله ونحن في طريق اهل البيت عليهم السلام فنحن محظوظين و محبورين ومنعم علينا في اننا قد هُدِينا  الى هذا الطريق, فلنتمسك به ونعض عليه بالنواجد

اللافتة الثالثة تأسي اقتداء للموالين من شيعة امير المؤمنين جميعا, لكم  ولي معكم باهل البيت:
هي بطاقة تأسي و اقتداء , هلموا نتعلم من ابي الحسن و ذريته و نأخذ غرفة بأيدينا بمقدار ما نستوعب حتى نسعد في الحياة .
 كثيرة هي الصفات البارزة في الامام الحسن ولكن اظهرها واوضحها هي صفتان الأولى السخاء والكرم , قد يتبادر الى ذهنك الآن المال وربما تسمع رنة العملة النقدية عندما يتم الحديث عن الكرم ولكن الكرم ليس محدود بذلك . هلموا نكن اسخياء كرماء في عواطفنا في مشاعرنا فقد يأتيك ابنك وقد جاء بدرجة التفوق في المدرسة دعونا نختبر انفسنا فاذا قلت له انت ممتاز ولكن انت لا تذهب للمسجد انت كدّرت العطية ولكن لو قلت احسنت بارك الله فيك انت رائع قمت بعمل جميل لا تعاتب في هذا الموقع ولا تنتقص عطيتك , مثلا تأتي الى زوجتك وهي تطبخ طبخة جيده تقوم بعمل اخر من الاعمال الحسنه و تتصرف تصرفا ترتاح اليه و تعجب بذلك فتقول  احسنت بارك الله فيك الحمد لله انه ليس سيء كما فعلتيه في المرة الفائتة " انت الان كدّرت العطية كنت بخيل لم تكن سخيا لم تتعلم من الامام المجتبى , ينبغي ان نكون اسخياء أولا في مشاعرنا , مع ابنك كن سخيا انصحه ولكن ليس في وقت العطية , في وقت العطية اعطه الجائزة كاملة بدون ان تذكر الأمور السلبية , موظفك واخوك وجارك و زوجتك أيضا لا تنتقص منهم لا تنتقدهم في وقت العطية ولا تكافئهم مع شيء مع الاقتطاع و الاجتزاز . ثم على الانسان ان يكون كريما سخيا في منزلة , نعم في منزلك أولا فهو أولى من الكرم بالخارج , فبحسب بعض هذه الدراسات التي تقول : ان هناك علاقة تعاكس بين السخاء من قبل الزوج لزوجته وبين محافظتها على المال فاذا احست الزوجة ان زوجها معطاء لها هي تبدأ تحافظ على ماله لأنها ستعتبر ان هذا المال لها فستحافظ عليه بعكس ذلك لو تصورت الزوجة ان هذا الرجل يقتر عليها فهي ستبدأ بسحب الأموال بطرق مختلفة ,هي تصنع ذلك لأنها لا تحتمل ان هذا المال سيبقى فستجمع بنفسها من أمواله لتنفقه على نفسها عند عدم انفاقه عليها . لذلك علينا ان نكون اسخياء في عوائلنا , الزوجة ترث من أموال زوجها الثمن بعد موته لكن تارة انت تعطيه لها في الدنيا فتربح ودها و تارة أخرى لا تعطيها فتأخذ منك المال بعد موتك راغما وغير مشكور, فإيهما احسن ؟
الامام الحسن عليه السلام كان سخيا والسخاء له مفهوم كبير يبدأ من العواطف و ينتهي بالمال وهكذا الحلم أي عدم الانفعال وعدم الغضب , فيا أيها الأحبة الدنيا كلها لا تستحق ان تتلف اعصابك ولا تستحق الا سلامة قلبك ولا ينبغي ان تصرف فيها صحتك . الحلم هو ان ترى ان الدنيا لا تساوي سلامتك واستقرارك وصحتك , العاقل هو من يتحلم ولا يغضب و يشتري الدنيا كلها باستقراره وسلامة نفسه و اسرته
الامام الحسن كان حليما يُشتم فلا ينفعل , كان يؤذي ويسب اباه ومع ذلك لا ينفعل و يتجاوز , هذا تصرفه مع غير المؤمنين فكيف هو مع المؤمنين وكيف هو مع عائلته . فهذه البطاقة بطاقة تأسي واقتداء للمتكلم ولمن يشاء من السامعين

نسأ ل الله ان يوفقنا واياكم للاقتداء بالإمام الحسن المجتبى عليه السلام والفوز بشفاعته وشفاعة المعصومين جميعا

 

 

 

مرات العرض: 3496
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2590) حجم الملف: 9195.98 KB
تشغيل:

الأمن والعدل والحرية في منهج الإمام علي
الإمام الحسن ع وسياسته