آثار المعوذتين
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 25/6/1446 هـ
تعريف:

آثار المعوذتين

كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) كلامنا تتمة لما طرحناه سابقا من الحديث عن الاستعاذة بالله عز وجل وقد ذكرنا عدد غير قليل من الآيات المباركة التي تتحدث عن سيرة الانبياء في مواجهتهم للأخطار كانوا يستعينون بالاستعاذة والتعوذ بالله سبحانه وتعالى مما يصيبهم من شر او في حالة التعرض لما يخيف ، بالإضافة الى كتاب الله عز وجل والذي احتوى على كثير من الآيات التي تدعوا للاستعاذة كقوله تعالى واذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ،كما أن كثير من الروايات والاحاديث الواردة عن اهل البيت التي تدعوا للاستعاذة بالله ، اضافة الى ذلك أنزل الله سورتين كاملتين هما المعوذتين ، ويتعوذ بهما من الشر وهما سورة الناس وسورة الفلق وهما تبدأن بأمر التعوذ ، قل أعوذ برب الناس ،قل أعوذ برب الفلق ،وهاتان بالرغم ان رأي بعض المسلمين من صحابة رسول الله كما نسب ذلك الرأي الى عبد الله أبن مسعود القول وهو خطأ أنهما ليست جزء من القرآن وانما هما تعويذة عوذ بهما رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حفيديه الحسن والحسين ، فهي بالتالي كما يقال أنهما أشبه بالدعاء وليستا سورتين من القرآن ولذلك نقل عن تاريخ ابن مسعود انه لم يكن يقرأ بهما كجزء قرآني كما انه لم يسجلهما في مصحفه الذي كان عنده ، وفي مقابل هذا اجماع المسلمين على أنهما جزء من القرآن الكريم ويتعامل معهما كما يتعامل مع سائر الآيات وهذا الرأي موجود في زمن الائمة عليهم السلام حتى بعد وفاة ابن مسعود فكان الامام الصادق والامام الباقر يسألان عن ذلك فيشيران الى أن هذا مجرد رأي من ابن مسعود، بل انهما كانا يؤكدان على أن هاتين سورتين من القرآن وأن كان فيهما فوائد وأثار تنتهي للاحتماء واللجوء والاستعاذة بهما وبالتالي هما يرمزان للاستعاذة بالله عز وجل من الشياطين والشرور فائدتهما الاستعاذة ولكن لا يعني ذلك انهما ليستا جزء من القرآن الكريم . هاتان السورتان وردتا في كثير من العبادات على انهما من السور القرآنية ومنها استحباب قرأتهما في صلاة الليل في ركعتي الشفع والوتر، واعتبرتا سورتين كاملتين كغيرهما من السور القرآنية التي تقرأ بعد سورة الفاتحة في صلاة الفريضة فهي حسب المذهب الجعفري لا تصح صلاة الفريضة في الركعتين الاوليتين الا بقراءة سورة كاملة بعد سورة الفاتحة. والاستعاذة في هاتين السورتين لغويا تأخذ من كلمة أعوذ اي الالتجاء الى شيء بسبب قوته وعظمته، والمقصود بالاستعاذة الواردة في هاتين السورتين هو الالتجاء لله سبحانه وتعالى باعتباره الذي يمتلك القدرة التي لا حدود لها وهو المعاذ الحقيقي لعباده. ترتبت كثير من المعاني والاثار على هاتين السورتين كما ورد في الروايات بإسناد معتبرة من جملة ما ذكر ان الامام الصادق عليه السلام كان يصلي بأصحابه ويقرأ بالمعوذتين في الركعتين كما يذكر ذلك صفوان الجمال وهي معتبرة من حيث الاسناد قال ( صلى بنا ابو عبد الله المغرب فقرأ بالمعوذتين في الركعتين ) وهذا يدل على ان الامام الصادق كان يصلي جماعة بأصحابه فلم يكن يصلي وراء الحكام الظلمة في زمنه وان حدث ذلك فهو من باب التقية ففي بعض الاخبار بان الامام صلى خلف احد ولاة المدينة من بني أمية وهذا ما يستدل به البعض من جواز الصلاة وراء اي أمام وان لم يكن عادلا ويوثقون حكم جواز الصلاة وراء كل بر وفاجر ، وأن ثبت بأن الامام صلى خلف احد ولاة الامر في زمنه فهذا لا يدل على رضاه عنه لان الامر اعم فقد تكون الظروف تجبر الامام بان يصلي خلفهم ومنها ظرف التقية وتجنب تعريض نفسه واصحابه للأذى من قبل الحاكم في زمنه . وهناك رواية أخرى وهي معتبرة صابر قال (أمنا ابو عبد الله في صلاة المغرب فقرأ المعوذتين وبعد الانتهاء من الصلاة قال هما من القرآن). وهاتين الروايتين تدلان على أن هاتين السورتين سور قرآنية يكتفى بها في الصلاة وهما من تعليم الله عز وجل لعبده الانسان المسلم بأن يتعوذ بالله وفيها عموميه التعوذ من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في قلب الانسان فيزين له المعاصي ويبعده عن الطاعة وفعل الخير والوسواس ممكن أن يكون الشيطان او اي وسيلة تستطيع أن توصل الافكار الخاطئة للإنسان كالتلفزيون والوسائل الاعلامية او صديق او اي شخص يتواصل معه الانسان ويؤثر عليه سلبا فجميع الوسائل تعتبر وسواس خناس تؤدي لنتيجة واحدة بجذب الانسان لطريق الخطأ والذنب ومعصية الله وارتكاب المحرمات ففي هذه السورة المؤمن يستعيذ من كل ما يجذب ويدعوا لارتكاب المحرمات . وفي الآية الثانية الاستعاذة من شر ما خلق ما يؤدي لشرور في البدن او الدين والاخلاق . وكما يرد في الروايات التوجيه لكيفية تطبيق الاستعاذة أنه إذا خرجت للسفر فقف عند باب دارك وأقرأ الفاتحة ثم أقرأ سورة التوحيد ومن ثم أقرأ سورة الناس عن يمينك وسورة الفلق عن يسارك فإنك لا تصاب بمكروه بمشيئة الله، وبالخصوص حين قول اللهم احفظني وما معي وسلمني وما معي ففي الرواية ان الله قد يسلم الانسان ولا يسلم ما معه من مال او دابة فلهذا الدعاء يكون بذكر ذلك وتخصيصه في الدعاء. كيف نتصور ونفهم بأن هذه الاستعاذة بقراءة هذه السورة تدفع الشرور، هناك عدة طريق لأثبات ذلك، منها ان الله سبحانه وتعالى رتب كثير من النتائج في الكون على الكلام فالتلفظ بهذه السورة من الكلام الذي تترتب عليه الاثار، مثل نجاسة شخص بسبب كونه كافر فاذا قال كلام يتمثل في الشهادتين فبمجرد قوله اشهد ان لا إله الا الله محمد رسول الله أصبح طاهر وارتفعت عنه النجاسة فهذه الجملة حولت الانسان من شخص كافر الى شخص مسلم تترتب عليه امور كثيرة. والكلام يغير أمور كثيرة كالفرق بين الزواج والزنا فالعلاقة بين الرجل والمرأة يحكمها مجرد كلام كقول المرأة للرجل زوجتك نفسي على المهر المعلوم وقول الرجل قبلت تتحول العلاقة بينهما حلال عند الله ومقبولة عند البشر. فاللفظ والكلام تترتب عليه نتائج وتقدر في اقدار الناس وتأخر الشر وتقدم المعروف، فاذا قال الانسان آيات الاستعاذة المباركة دفع الله عنه الشرور والامور التي استعاذ بالله منها . كما ان الاستعاذة بالله والالتجاء اليه له الاثر النفسي على الشخص المستعيذ بقراءة هذه السورتين المباركتين فهي تصنع قوة في نفس الانسان المعتقد بها فتدفع الشرور المختلفة عنه . كما أن الامر الالهي يتوجه لمن يقوم بقراءة القرآن ان يبتدأ قرأته بالاستعاذة بالله القوي العظيم، كما ان من يستعيذ بالله لا يكون للشيطان سلطان عليه فلا سلطان للشيطان على الذين امنوا. ومن الامور التي ينبغي ان يستعيذ منها الانسان كما ورد في الدعاء (اللهم إني اعوذ بك من ان تحسن في ظاهر الابصار علانيتي وتقبح في باطن القلوب سريرتي) ففي هذا يستعيذ المؤمن بان يكون ظاهره عند الناس انسان طيب خلوق ومؤمن بينما هو في باطنه وحقيقته انسان فاسد. ومن الامور التي ينبغي الاستعاذة منها التعوذ بالله من النار والتعوذ من سخط الله على عبده في الدعاء (وأعوذ بك منك - اي الاستعاذة من عذاب الله وغضبه وسخطه والاستعاذة من معصية الله -) في الخبر كما نقله ابن شهر اشورأن رسول الله صل الله عليه واله انه كان يعوذ الحسن والحسين بالمعوذتين وهذا تعليم من رسول الله وتربيه للإمامين وتوجيه لصحابته والمسلمين لمسألة كيفية الاستعاذة بالله عبر قراءة المعوذتين. نسأل الله أن يعيذنا من شر الشيطان الرجيم ومن شر كل ظالم وفاجر ومن جميع شرور النفس الناس.
مرات العرض: 4820
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 80963.48 KB
تشغيل:

لماذا يبخلون ؟
هل أنت خفيف المؤنة