كتابة الفاضلة ليلى الشافعي لايزال حديثنا ضمن الإطار العام لعنوان ( النساء في كربلاء ) وهو يتتبع تلك الثلة والصفوة من نساء بني هاشم ومن نساء الأنصار اللاتي كن في كربلاء ودفعن أزواجهن إلى الاستشهاد أو وفرن الأجواء المناسبة للأزواج في هذا الاتجاه ، ثم سُيِر بعضهن ضمن مسيرة السبايا إلى الكوفة ثم إلى الشام وهكذا إلى طريق العودة للمدينة . تناولنا بعض بنات أبي عبدالله الحسين ( سلام الله عليه ) وبعض زوجاته وذكرنا جانبًا من سير تلك الشخصيات ، ومن الطبيعي أن تكون نساء الحسين وبناته في كربلاء في هذه المسيرة فإنهم عودونا على أن الحمل الثقيل لا يقوم به إلا أهله ، وأن التضحية إذا كانت من الناس عامةً مطلوبةً فإنها من صاحب النهضة ومن المقربين إليه ستكون مطلوبةٌ بنحوٍ أكبر. وهذا الذي جرى وحدث . وقد أخبر الإمام الحسين عليه السلام فيما نقل في الروايات التاريخية عن هذه النساء قوله ( شاء الله أن يراهن سبايا ) طبعًا ليس المقصود هنا شاء الله على نحو الحتم والجبر وسلب الإرادة ، وإلا لو كان كذلك لبطل الثواب والجزاء ولما نسب الفعل إلى الحسين وإلى نسائه وإلى أصحابه ، وإنما مشيئة الله عز وجل التي لا يتخطاها أحد أيضًا يوجد في طولها مشيئة الشخص واختياره . وإلا كان بإمكان الحسين عليه السلام في هذه المسيرة التي امتدت شهورًا منذ خروجه من المدينة إلى شهادته في أي لحظةٍ وفي أي ساعة أن يغير اتجاهه . فلم يكن مجبورًا على شيء ولا مقهورًا عليه . وبنفس هذا المعنى أيضًا نحن ننظر إلى قوله ( شاء الله أن يراهن سبايا ) يعني شاء الله أن يتخذن الموقف المناسب في نصرة هذه النهضة الحسينية وأن ينتفضن لأجل الدين وأن يسرن مع هؤلاء الأزواج والأولاد والأحفاد في حالات حتى يقعن في النتيجة في الأسر وكان بإمكانهن أن يتراجعن قبل ذلك . فبالنسبة للإمام الحسين عليه السلام الأمر واضحٌ وبين . هناك نساء ومرتبطات بأهل البيت عليهم السلام وبشهداء كربلاء أيضًا جئن في هذا الاتجاه . نحن هذه الليلة نتناول بعض الأسماء من بنات أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام ممن كن في كربلاء وبالتالي صرن أيضًا في ركاب السبايا والأسارى . ونشير أيضًا إلى إحدى زوجات أمير المؤمنين عليه السلام ممن تم التأكد من حضورها في كربلاء . عدد بنات الإمام علي : عندما يأتي المؤرخون كي يتحدثوا عن بنات أمير المؤمنين عليه السلام يعطونا رقمًا كبيرًا يتراوح بين ست عشرة بنت وبين ثماني عشرة ممن ذكرت أسماؤهن كبناتٍ لأمير المؤمنين عليه السلام من حرائر سبعٍ أو ثمان والباقي أمهات أولاد . وقد شرحنا في بعض الليالي الماضية هذا المصطلح ( أم الولد ) إذن يذكر المؤرخون هذا العدد من البنات لأمير المؤمنين أنجبتهن نساء شتى ، يذكر المؤرخون وكتاب السير أن خمسًا من بنات أمير المؤمنين توفين في زمان حياته ، وبالتالي من الطبيعي ألا يكن قد حضرن كربلاء وبالتالي سيتراجع العدد فإذا قلن ثماني عشر سيصبحون ثلاثة عشر وإذا قلنا ستة عشر سيصبحون إحدى عشر وبالتالي لم تأتِ كل هؤلاء البنات إلى كربلاء . 1- العقيلة زينب : ذكرنا فيما مضى اسم العقيلة زينب عليها السلام وهي حاملة الراية بعد الحسين ومديرة المخيم الحسيني قبل شهادة الإمام الحسين . فقسمٌ من الناس ينظر إلى دور العقيلة زينب أنه بدأ من عصر يوم عاشوراء لكن المتتبع لحركات العقيلة زينب في داخل المخيم منذ نزولهن ونزول الإمام الحسين عليه السلام سوف يجد دورًا كبيرًا قامت به العقيلة زينب لم يتيسر لأحد من النساء بمن فيهن الزوجات للإمام الحسين والذي من الطبيعي أن يبدو منهن بعض هذه المواقف لكنها بدت من زينب عليها السلام . عندما تسأله عن الأصحاب ( أستعلمت نيات أصحابك أخشى أن يسلموك عند الوثبة ) فهذه ليست نظرة عابرة وإنا امرأة مراقبة لحركة الأنصار وعددهم وحجم التفاوت الموجود بين هؤلاء وأولئك وتشعر بهم القضية وتحمل همها ، هم المعسكر الصغير مقابل المعسكر الآخر . وحين يعطش ابن الرباب تجدها تأخذه هي بنفسها إلى زينب مع أن الحالة الطبيعية أن الأم عندما يعطش ابنها تذهب به إلى أبيه أما أن تذهب به بالواسطة إلى زينب حتى تأخذه هي إلى أبيه فهذا يشير إلى أن موقع العقيلة زينب عليها السلام كان بمثابة الرابط بين كل هذا المجتمع النسوي وبين الإمام الحسين عليه السلام . وأمثلة ذلك حين يؤبن الإمام الحسين ابنه علي الأكبر كل النساء موجودات لكن التي تخاف أن يصيب الإمام الحسين مشكلة هي العقيلة زينب فتخرج وترفع صوتها بالندبة حتى يرجع الحسين . ولو تتبعنا هذه التفاصيل التي قامت بها العقيلة زينب في داخل المخيم يجدها أشبه بمدير داخلي للمجتمع النسوي ، فدورها لم يبدأ في عصر اليوم العاشر وإنما بدأ من اليوم الثاني من المحرم حينما نزلوا كربلاء وصار مخيم وصار اجتماع للنساء ولهم مكان منعزل وهكذا . فزينب لا تحتاج أن نتحدث عن دورها فدورها أوضح من الأمس وأبين من الشمس . 2- أم كلثوم : وأشرنا مسبقًا لاسم آخر إشارة عابرة وهو أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب عليه السلام وقلنا أن هناك أكثر من بحث في هذه الشخصية ، أحد البحوث هل أنه توجد من بنات الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام بالإضافة إلى زينب الكبرى يوجد هناك امرأة أخرى باسم أم كلثوم أم لا هما امرأة واحدة اسمها زينب كنيتها أم كلثوم ، الأكثر من كتاب الأنساب الذين يرجع لهم لأنهم أشبه في ذلك الزمان بدوائر الأحوال الشخصية في هذا الزمان . ففي ذلك الوقت الدول المسلمة غاية ما عندها كان ديوان لتقسيم الفيء وأمثال ذلك وهذا كان يعتمد على الأعداد فيقال فلان بن فلان له خمسة من الولد وهذا المقدار غير كافي ، لكن كتب الأنساب تقول هذا عنده فلانة وفلانة وفلان وفلان وأمهم فلانة ، فتعطيك اسم الوالد والوالدة والمولودة وبالتالي تعطي رؤية واضحة . وكثير من كتاب الأنساب يشيرون إلى قضية التعدد من أن سيدتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها كان لديها بنتان زينب المعروفة وأم كلثوم والبعض يقول كلتاهما كانتا تسمى بزينب وتكنيان بأم كلثوم ، والبعض يقول غلب على زينب المعهودة زوجة عبدالله بن جعفر اسم زينب وأما الثانية غلبت عليها الكنية . فتميزا بذلك ولهذا عندما خطبتا في الكوفة عُنونت الخطبة الأولى بأنها خطبت زينب ابنة علي فقالت كذا ثم خطبت أم كلثوم ابنة عليٍ وقالت كذا وكذا. وهناك بحث آخر وهو قضية زواج الخليفة الثاني من أم كلثوم ، هنا نلاحظ أن مدرسة الخلفاء عندها هم كبير جدًا في إثبات موضوعين ، الموضوع الأول : تسميات آل البيت بأسماء من الخط الآخر كأسماء الخلفاء فهذا يقومون له ويقعدون ويهشون ويبشون . الموضوع الثاني : هو قضية التزاوج ويحاولون أن يركزوا هذين المعنيين من أجل قضيةٍ عقدية تنتهي إلى أن الأمر من جهة أهل البيت ومن جهة أصحاب رسول الله كان أمرًا عاديًا وعلاقاتهم حسنة وأمورهم سالكة ولم يكن بينهم اختلاف ولا تنافس ولا تخطئة لبعضهم البعض ، بل يحدث بينهم ما يحدث بين الأخوة ، أما أنه هذا خطٌ وذاك خط وهذا يظلم وذاك يُظلم وهذا يتسلط على الخلافة من غير حق ، لا الأمر لم يكن كذلك . ماهو الدليل على ذلك ؟ يقول لك : لأن عليًا سمى مثلًا بعض أبنائه بأسماء الخلفاء ، وأيضًا زَوَج بعض بناته لبعض الخلفاء ولبعض بني أمية وأمثال ذلك . هناك كتاب جميل يختصر علينا الموضوع في أمر التسميات وهو كتاب ( التسميات بين التسامح العلوي والتزييف الأموي ) للمحقق السيد علي الشهرستاني وهوكتاب قيم في بابه ودرس هذه الفكرة وهي أن أهل البيت يسمون أبناءهم بأسماء الخلفاء درسها دراسة جيدة ومتقنة ولا تساعد أولئك القوم على هذا الأمر. كما أن عندهم سعي كبير في إثبات أنه كان هناك تزاوج وليس مهمًا عندهم التزاوج إنما المهم ماهي الإشارة وما هي الرؤية التي يستفيدونها منه وتركيزهم على هذه القضية أن الإمام علي زوج ابنته أم كلثوم للخليفة الثاني . وينفي الإمامية ذلك بجهات متعددة : من جهة تضارب وتهافت وتناقض الروايات الواردة في أمر هذا الزواج المدعى ، فكل رواية في تفاصيلها تخالف الرواية الثانية بحيث لا يقال أن أصل الزواج تام وحاصل لكن التفاصيل مختلفة ، لا وإنما الاختلاف والتهافت في أصل المسألة ويضاف إلى ذلك حتى لو افترضنا ذلك فهذا الأمر لا ينفعهم ، وحديثنا ليس في هذا الاتجاه . فالحاصل أن أم كلثوم إن كانت الأخرى مع زينب فقد أثبتت بعض الحوادث التاريخية أنها خطبت في الكوفة وعُنونت بهذا العنوان . من كان زوجها ؟ فمختلفٌ فيه عند الإمامية فتارةً يقال من أبناء عقيل وتارةً من أبناء جعفر الطيار ، وأمير المؤمنين يلاحظ في تزويجه بناته أنه كان يصهر كثيرًا لأخيه عقيل ولجعفر أيضًا ، لذلك تلاحظ أن عددًا غير قليل من بناته هن زوجات لأبناء هذين . 3- ميمونة بنت علي : مِن مَن كانت في كربلاء وذكر اسمها من بنات عليٍ عليه السلام ميمونة بنت الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه ، أمها أم ولد جاءت مع زوجها عبدالله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب أخو مسلم بن عقيل ويسمى بعبدالله الأكبر لأنه يوجد عند عقيل أكثر من عبدالله وعقيل كان مكثرًا من الولد . من استشهد في كربلاء من أولاده وأحفاده يتجاوزون التسعة فهذا هو المؤكد بينما بعض الروايات تقول أكثر من هذا ، ويعد من أكثر بني هاشم وآل أبي طالب شهداء في كربلاء من أبنائه وأحفاده ، ولعل هذا يفسر ما نقل عن سيدنا ومولانا رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أنه يحب عقيل حبين :من إحدى الجهات أن أولاده سيكونون شهداء في هذه النهضة ويضحون في سبيل الله من أجل نصر الدين مع أبي عبدالله الحسين عليه السلام . فهذه واحدة ميمونة بنت علي بن أبي طالب ، استشهد زوجها في كربلاء ، وصارت مع السبايا في طول هذا المشوار إلى أن رجعت إلى المدينة المنورة . 4- خديجة بنت علي : هناك من بنات أمير المؤمنين خديجة بنت علي بن أبي طالب وهذه أيضًا زوجها من آل عقيل وهو عبدالرحمن بن عقيل بن أبي طالب ( ليس دائمًا بل العادة هكذا أن كل تشابهٍ بين اسمين يعني الذي سمى هذا ناظرٌ على ذاك ومحبٌ له ) فلنفترض أن عبد الرحمن هذا سمي على اسم عبد الرحمن بن ملجم قاتل أمير المؤمنين محبةً له ، ليس بالضرورة بل لايكون هذا ولذا يقال لهؤلاء الذين يبحثون عن قضية التشابه في التسميات أنه مادام هذا يشبه ذاك فالإمام علي محبٌ لذاك . وسمى أحد أبنائه باسم الخليفة الأول والآخر باسم الخليفة الثالث ، وقد صرح الإمام في سبب تسميته لابنه بعثمان أنه لأجل عثمان بن مضعون أحد أصحاب رسول الله المخلصون حتى لا يصير اشتباه . فلا يعني ذلك أن كل تشابه اسميٍ ينتهي إلى تأييد كل من يحمل هذا الاسم ،فهل يعقل أن عقيل سمى ابنه عبد الرحمن لأنه يحب عبدالرحمن بن ملجم ! فعبد الرحمن زوج خديجة بنت أمير المؤمنين هو من شهداء كربلاء . 5- رقية بنت علي : رقية بنت أمير المؤمنين عليه السلام بناءًا على أن مسلم بن عقيل هو زوجها فمسلم تزوج بنتين من بنات أمير المؤمنين عليه السلام إحداهما توفيت في وقتٍ مبكر فتزوج الأخرى ، قيل أنه توفيت الأولى سنة 37 فتزوج الثانية وبعضهم يقول هما رقيتان رقية الصغرى ورقية الكبرى فقد تزوج رقية الكبرى فتوفيت ثم تزوج رقية الصغرى . هذا إجمال لحضور بعض نساء أهل البيت عليهم السلام من بنات أمير المؤمنين صلوات الله عليه كن يردفن أزواجهن ، فلا ريب أنه من يصل إلى ذلك المكان لا بد أن يكون على وعدٍ بما ينتظره فلا يقف أمام شهادة هذا الشهيد . مع أنه من الصعب على الزوجة أن تترك زوجها يدخل المعركة وبالتالي تصبح امرأةً ثاكل وأرملة بعد ذلك لو لم تكن فاهمةً وواعيةً لهذه القضية . نساء أمير المؤمنين : أما بالنسبة لنساء أمير المؤمنين فالتاريخ يشير إلى أن أكثر نسائه توفين قبل حادثة كربلاء : 1- كأسماء بنت عميس التي تزوجها أمير المؤمنين وأولدها وهناك أحد شهداء كربلاء محمد بن علي وأمه أسماء بنت عميس . وهي من النساء الصالحات الطيبات زوجها الأول جعفر بن أبي طالب وأنجبت له عبدالله بن جعفر ومحمد بن جعفر وكانت من أوائل المهاجرات مع زوجها إلى الحبشة ثم استشهد في مؤتة ، فتزوجها الخليفة الأول وأنجب منها محمد بن أبي بكر وبعد ذلك تزوجها أمير المؤمنين عليه السلام . فهناك أخوة من أمٍ واحدة ومن ثلاثة آباء : عبدالله بن جعفر ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن علي وقيل يحيى بن أمير المؤمنين من أسماء بنت عميس . وعندنا مدح لأسماء بنت عميس بطريق غير مباشر منقول عن أمير المؤمنين : أن النجابة في محمد من جهة والدته يعني أن تربية والدته ورعايتها لابنها وتقريبها إياه لخط أهل البيت من البداية ثم كونه في حضن ورعاية أمير المؤمنين عليه السلام يجعله بتلك المنزلة العالية التي يمدحه فيها أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه . 2- أمامة بنت العاص بن أبي الربيع على الرأي المشهور أيضًا توفيت قبل كربلاء ، وعلى فرض أنها لم تتوفى هي أصبحت ذات زوج بعد ذلك فقد تزوجت بعد أمير المؤمنين عليه السلام بناءًا على رأي تزوجت أحد المطلبيين وعاشت معه إذا بقيت إلى ما بعد كربلاء. وهكذا عندما تتبع هذه الأسماء الواحدة بعد الأخرى تجد أن أكثرهن لم تكن على قيد الحياة . امرأتان من نساء أمير المؤمنين ذكرا أنهما لا تزالان على قيد الحياة في كربلاء : 3- الأولى ليلى بنت مسعود النهشلية والأخرى أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية صلوات الله عليها وتلك المرأة الصالحة ليلى النهشلية جاءت مع ابنها إلى كربلاء واستشهد ابنها وقيل ابنان من أبنائها أصبحا شهداء ، أحدهما اسمه عبدالله الأصغر والثاني أبو بكر . طبعًا حين نرجع إلى التواريخ سوف نجد أسماء متشابهة ، فعبدالله متعدد عند أميرالمؤمنين وأبوبكر أيضًا متعدد وغير هؤلاء ويميز بينهم عادةً بالأكبر والأصغر وفي بعض الحالات الأوسط أيضًا . فليلى النهشلية من البصرة تزوجها أمير المؤمنين عليه السلام بعد فراغه من حرب الجمل وأنجبت له هذين الابنين وهما جاءا إلى كربلاء وصارا في ركاب الإمام الحسين عليه السلام وكانت معهما أمهما فاستشهد أولئك وهذه المرأة كانت في ضمن ركب السبايا . 4- أما أم البنين فاطمة فإنه يكاد يكون الاتفاق على أنها لم تأتِ إلى كربلاء ، هل لأنها بقيت مع لبابة بنت عبيدالله بن العباس زوجة العباس بن علي بطل العلقمي الذي يقول المؤرخون أنها لم تأتِ إلى كربلاء هذا قول ، وكان عندها أطفال صغار منهم الفضل وهو أكبر أبنائه لذلك كني بأبي الفضل الذي لم يلبث بعد فترةٍ قصيرةٍ أن توفي وهو صغير .والعقب والنسل عند أبي الفضل العباس من عبيدالله الآخر الذي بقي . فهل على أثر بقاء هاتين المرأتين لأجل أطفال أبي الفضل العباس أو لسبب آخر ؟ القدر المتيقن أن أم البنين لم تأتِ إلى كربلاء ولا يضرها ذلك شيئًا بعد أن قدمت إلى كربلاء : أربعةً مثل نسور الربا قد واصلوا الموت بقطع الوتين أربعة شهداء ، أربعة أبطال ، أربعة خيرة ، كانت الدنيا أمامهم مفتوحة ولكنهم رفسوها بأرجلهم واختاروا رفقة الحسين صلوات الله وسلامه عليه والشهادة بين يديه . هؤلاء وأمثالهم أقاموا صرح النهضة الحسينية فكانوا خير أنصارٍ واستحقوا مدح وثناء أبي عبدالله الحسين عليه السلام عندما قال : إني لا أعلم أصحابًا خيرًا من أصحابي ولا أهل بيت أبر من أهل بيتي كما نقلت ذلك كتب السير فكانوا بالفعل خير صفوة وخير عترة : ونحا العراق بفتيةٍ من غالبٍ كلٌ تراه المدرك الغلابــــــــا صِيدٌ إذا شب الهياج وشابت الأرض الدما والطفل رعبًا شابــــــــا ركزوا قناهم في صدور عداتهم ولبيضهم جعلوا الجسوم قرابا وتحزبت فرق الضلال على ابن من في يوم بدرٍ فرق الأحزابـــــا