كيف نعرف الامام الحسن ع
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 15/9/1430 هـ
تعريف:

كيف نعرف الامام الحسن عليه السلام

الفاضل الخطيب فتحي العبد الله

ورد عن رسول الله (ص) الحسن والحسين إمامان قاما واقعدا ، الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة

֍ مقدمة

التعريف بشخص يتطلب أن يكون المعرّف عالماً بحقيقة ذلك الشخص أو ذلك الشيء حتى يستطيع أن يعرفه لغيره وهذه مهمة بالنسبة للمتكلم والخطيب عندما يريد أن يعرف شخصية من الشخصيات المعصومة سواء أكان  نبياً أو وصياً فهي مهمة صعبة أو متعذرة . ولكي تعرّف الوردة مثلاً تحتاج أن تكون ناظراً لها وعارفاً بخصائصها ومحيطاً بصفاتها ، وتعرّف تلك الخصائص التي تعرّفها ولميزتها التي تستوعبها ، فتعرفها لتغيرك فأنت تنظر إلى أوراقها ونعومتها وتنقل هذه المعرفة التي رأيتها ببصرك إلى غيرك ، أو تعرّف نظراً لقراءتك عن هذا الشيء فتعرف عنه فتعرّفه للآخرين ، فهذا بالنسبة للأشياء البسيطة والعادية أمر متيسر ، فهذا المسجد أنت تعرف أبعاد المسجد من حيث الطول والعرض والارتفاع ، وتعرف نوعية الزخارف والمساحة وباقي الصفات ثم تنقل هذه الصفة والتعريف لغيرك فتعطي صورة قريبة من الواقع ، اما بالنسبة إلى المعصوم وهو رسول الله (ص) فنحن لا نستطيع ان نعرف حقيقة رسول الله او كنه صفاته او ابعاده المختلفة لأنه شيء أكبر منا واعظم منا ولم نعاصره حتى ننقل صفاته الظاهرية اما الباطنية فنحن لا نعرف حقيقتها وابعادها لأننا لم نكن نعيش معه ، لذلك يبدو امر تعريف النبي للآخرين أمراً صعباً بالنسبة للمتكلم او بالنسبة للكاتب ، وهكذا الحال بالنسبة الى الامام فنحن لم نكر في زمان امير المؤمنين عليه السلام فلا نعرف صفاته الظاهرية كأن لم نرى ولم نسمع منطقة حتى ننقل ما رأيناه او سمعاه لننقله الى غيرنا ، اما حقيقة شخصيته فنحن لا نعرفها ولا نستطيع الوصول اليها ، لذلك يصعب على المتكلم والكاتب ان ينقل هذه الصفات وان يعرفها لان التعريف يقتضي ان يكون الانسان عارفاً بعمق بالشئ الذي يريد ان يعرفه ، فاذا كان نفس المتكلم او الكاتب غير عارف حقيقة بكنه هذه الشخصية فكيف يستطيع ان يعرفها للآخرين .

֍ طرق التعريف بالشخصيات :

يمكن التغلب على هذا الامر بأحد الطريقين: 

الطريق الأول : ان نقول اننا نعرف هذا الشخص بمقدار بسيط هو الذي عرفناه عنه ، مثلما انك تذهب الى البحر فلا تستطيع ان تحمل البحر او تنقل البحر في مياهه كلها ولكن تأخذ بمقدارك غرفة من الماء ، وتقول هذا هو لون الماء وهذا طعم ماء البحر ولكن هذا ليس البحر انما هو جزء بسيط فالبحر فيه كائنات حية وفيه كنوز مخبوءه ولكن هذا المقدر من الماء عينة ونموذج تستطيع من خلال هذه العينة والنموذج ان تتعرف على بعض صفات ماء البحر ، مثل انه مالح او يحمل اللون الفلاني او انه يحمل الكثافة الكذائية اما عالم البحار والمحيطات لا تستطيع ان تعرفه او تنقله من خلال غرفة لكن تأتي بنموذج او عينه 

عندما ننتقل الى التعريف بأمير المؤمنين او رسول الله او الامام الحسن المجتبى نحن نكون كمن يقف امام البحر لا نستطيع ان نأخذ هذه الشخصية كلها بأن نعرفها للآخرين لعدم قدرتنا فكما اننا لم نستطع ان نحمل البحر فنحن لا نستطيع ان نحمل هذه الشخصية بتمامها ولكن أخذ بعص الصفات والمميزات لتكون نموذجاً مصغراً لتلك الشخصية 

والذين يريدون ان يتحدثوا عن شخصية عظيمة ينبغي ان يلتفتوا الى الامر بأن يتفكروا إذا كانوا يتحدثوا عن تلك الشخصيات انما يأتون بنماذج وعينات عن تلك الشخصية وعلى السامع ان يكتشف جوانب أخرى .

الطريقة الثانية : ان نذهب الى من يعرف الشخصية معرفة دقيقة وقد تكلم عنها ، فنحاول ان نتأمل في كلماته ، فمثلا ً نرجع الى القرآن الكريم فنرى ان الله تعالى قد تكلم عن النبي محمد (ص)  فقال ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وقال ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) وقال (  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا .... ) هذه الصفات تحدث عنها القرآن الكريم والقرآن الكريم هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهذا كلام الله الذي يعرف نبيه تمام المعرفة بجميع ابعاده قدم لنا بعض الجوانب الأخلاقية في شخصية النبي ، او قدم لنا بعض الأدوار التي قام بها النبي كما في قوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ....)

فالله سبحانه وتعالى محيط بنبيه وعالم بكل شخصيته فقدم لنا بعض النصوص التي عرّفنا بها. 

لذلك نحن نذهب ونتأمل في هذه النصوص التي اطلقها من هو محيط علماً بالنبي وآنئذن ان نعرف النبي ولو تقريباً ،،، 

او حديث النبي عن الحسن المجتبى عليه السلام، فنجد النبي الذي ربى الامام الحسن ويعرف الامام الحسن والذي يخبر عن كامل صفاته وادواره قد تحدث في عدد جم من الاحاديث عن هذا الامام العظيم فنتأمل في كلمات رسول الله التي هي مثابة مرآة تمثل لنا صورة الحسن عليه السلام . فإنك لا ترى زيداً من الناس ولكن يؤتى بك بصورته تعرف ملامحه كامله لان هذه الشخصية انطبعت على الورق من خلال الورقة فالشخصية الكاملة قد طبعها رسول الله واخبر عنها في احاديثه عن الامام الحسن عليه السلام هنا نستطيع ان نتأمل في كلمات رسول الله وآنئذ نتعرف بمقدار ما نفهم من كلام النبي ونفهم ابعاده نفهم شخصية الامام الحسن ، فدعونا نتأمل في حديثين لرسول الله (ص) عن سبطه الامام الحسن 

ملاحظة : السبط والحفيد 

السبط هو ابن البنت، اما ابن الولد فيكون حفيد ، لذلك الحسن والحسين سبطا لرسول الله لانهما أبناء لبنت رسول الله 

֍ التأمل في حديثيّ رسول الله (ص)

¤الحديث الأول : ( الحسن والحسين امامان  قاما او قعدا ) 

من الواضح ان قضية الامامة لا ترتبط بالقيام العادي ، بحيث ان واحداً يقعد على الكرسي يكون اماماً واذا قام لا يكون اماماً فهذا لا يحتمل  ، فلابد ان نفكر في امر آخر أراده النبي |(ص) لان القيام والقعود والاكل وعدم الاكل لا ترتبط بأمر الإمامة . فالرواية  تشير الى معنى آخر أكبر بذلك بكثير . 

ذلك المعنى الآخر سوف يأتي فيما بعد في تاريخ المسلمين أشخاص يربطون الامامة بالسيطرة والحكومة او الثورة أخرى، واذا لم يكن هذا الشخص عنده غلبه وسيطرة وحكومة فهو ليس إماماً وكذلك اذا لم يقم بالسيف فهو ليس إمام 

الإشارة الأولى : وهو الاتجاه الى غير الامامية من فقهاء الجمهور فهم لديهم نظرية تبلورت  فيما بعد تربط بين الامامة الدينية وبين الحكومة السياسية والقدرة الفعلية ، لذلك يقول في كتبهم وقد ذكره التفتازاني في كتابه ( انه من يكون سيداً وغالباً ومنتصر ويصلي الجمعة في المحراب هذا هو الامام حتى لو نازعه غيره ) فيقولون لو ان اثنين من الولاة تنازعا في اول الأسبوع ، فزيد كان هو الخليفة فتنازع عمرو في نص الأسبوع فبقية المعركة محتدمة ، ففي نهاية الأسبوع تصح مع المتغلب منهما ، فالقوي المسيطر هو الذي يصلى الجمعة خلفه اما المهزوم لا امرة ولا خلافة عنده ويطبق هذا على أيام ابن الزبير والحجاج ، فابن الزبير هو احد الخلفاء ولكن عندما اشتبك مع الحجاج الثقفي وهو مندوب بني امية وتغلب الحجاج على ابن الزبير بطلت امامته وصار الغالب والمسيطر التي بيده السلاح والحكومة والقوة فهو هو الذي يكون اماماً بيعته شرعية حتى عن يزيد لان الحكومة عنده والقوة عنده فالإمامة هي فرع عن القوة ، والامامة فرع عن السلطة عن القيام  فلا يختلف في ذلك بين يزيد ابن معاوية ولا بين صدام حسين فكلاهما امام وكلاهما يطاع وكلاهما يخضع له لان هذه النظرية تقول ان الامامة مرتبطة بالقوة والسلطة والقيامة ،، فقيل ( الإمامة فرع القيام ) قادر متسلط ،، 

فهو سوف يكون  منهج للمسلمين من بعد رسول الله الى أيامنا هذه ،  ان الذي يكون اماماً هو الذي يكون حاكماً بيده النار والحديد والقوة والسلطة ،،

الرد على ذلك :  فالنبي يأتي ليقول الحسن والحسين امامان سواء كان بيدهما سلطة بيدهما قوة او لا فلو سيطرا او لم يسيطرنا ففي كلتا الحالتين فإنهما امامان وهذا الدليل على ان الامامة لا ترتبط بالسلطة ولا القوة فإن قام او لا 

فهذا الحديث يرد على هذا القسم لان رسول الله استعرض على هؤلاء الناس 

الإشارة الثانية : ان الزيدية وهي فرقة من فرق الشيعة والتي تعتقد بمعتقدين ، وهو ان الامام لا يبد ان يكون من آل بيت رسول الله ، ولكن بشرط ان ينهض ثائراً بالسيف ، وهو فارق بين الجمهور كمعاوية والزبير و مروان ، اما الزيدية وهو من الشيعة بشكل عام فهم يؤمنون بالأئمة بشكل عام فهم يعتقدون بإمامة علي والحسن والحسين وعلي ابن الحسين و زيد الذي قام بالسيف ،، 

فهم يقولون ان الامامة من نسل النبي بقول النبي (الأئمة من قريش) ولكن لبد ان يرفعوا السيف ويعلنون الجهاد  الثورة والقيام ، فهذا الحديث يقول ان الامامة التي يتحدث عنها النبي (ص) لا ترتبط بإعلان الثورة ولا ترتبط بشهر السلاح او قيام الجهاد انما هي امامة الهية قد تكون الظرف مناسباً للثورة فيعلنه وقد لا يرى ان الظرف خاص بالثورة فلا يعلنها ثورة كالامام الحسن لكن هذا لايؤثر على امامته ولا يغير من امامتهما 

الحديث الثاني : الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة 

1-    ما الذي ينفع انني اعرف انه الحسن والحسين في الجنة في درجة عالية  فما الذي استفيد انهما سيدين لشباب اهل الجنة 

2-    هل ان في الجنة غير الشباب؟ حتى يقال ان الحسن والحسين سيدان للشباب بحيث ان في الجنة عجزة ومكسرين فلا يوجد لان اهل الجنة هم أبناء الثلاثين كما في الروايات ، يعني في اوج قوة الانسان الذهنية والعضلية البدنية فماكو كهول ولا شيوخ ولا كبار في السن ولا يمشون على ( الوول شير ) هذا الحديث ان يقول  أشياء اخر 

فالحديث يريد انما ان نتأمل و سيأتي أناس ويصطنعون احاديث على ان بعض الناس سادة كهول اهل الجنة وان الجنة كلها شباب فبالتالي سادة شباب اهل الجنة يعني سادة البشر ، لان اهل الجنة افضل الناس فعندما يكون في هذه الدنيا مطيعاً لله ومنتهياً عن معاصيه فهذا الانسان يستحق ان يصل الى الجنة ، فالذين يدخلون الجنة هم فئة محصورة ومختارة من افضل الحسن فاذا كان الحسنان سيدين لمن هم في الجنة وإذ اهل الجنة هم افضل الناس فيكون الحسن والحسين افضل الخلق تماماً

طبعاً نحن نستثني بالاستثناء الخاص كمثل رسول الله ، لأنه هو المتكلم فليس من الطبيعي ان يكون المربي لهما يكون اقل منها ، فاذا كان كذلك يأتي حديث آخر عن النبي ( وأبوهما خير منها ) فنستنج ان امير المؤمنين افضل من كل احد غير رسول الله ، يعني ما يزعمه بعض المسلمين من ان الأفضلية بيت أصحاب رسول الله هو بحسب الترتيب في الخلافة هي ساقطة بسبب حديث رسول الله فحديث رسول الله ينفي هذا الترتيب وابوهما افضل منهما الذين هم افضل من سائر الاصحاب فأمير المؤمنين يكون افضل من كل صحابة رسول الله ، هذه فيها إشارات وعلامات وليست احاديث المناقب ليست من اجل ان يفخر الحسن والحسين بهذه المنزلة وليست انوار تعلق في السماء انما من اجل إشارات مرور للمسلمين وتعلمهم كيف الاتجاه والطريق والى اين يسيرون بحيث تتبع تلك الامامة التي للحسن والحسين وهما فيهما امامان قاما او قعدا ، فاتبع سادة البشر وآمن باتباعهما ، وهما الحسن والحسين ، فهذا بعض تعريف رسول الله للحسن والحسين ، 

نحن نعيش في رحاب مولد الامام الحسن المجتبى عليه السلام الذي تميز بخصال كثيرة منها انه عرف بأنه (كريم اهل البيت ) فكل اهل البيت كرماء لكن احياناً قد تغلب صفة من الصفات تبعاً للدور الذي يقوم به الامام ، فكل الائمة صادقون ، ولكن زمن الامام الصادق يحتاج الى نقل الروايات والاحاديث عن رسول الله وامير المؤمنين في وقت كثر الكذابة والكذبة على لسان رسول الله ، فيأتي الدور للإمام للتصديق فسمي الامام الصادق ،،

في وقت الاستفزاز الشيعي بشكل كبير والامام موسى ابن جعفر ويواجههم بما يريدون ان يسوقونهم الى  حتفهم فهنا يحتاجون الى امام يمسك بكظمه للغيض فلا يغضب ولا يستدرج حتى لا يقول كلاماً او ينفذ امراً خارج مخططة  فهذا الدور يظهر في زمن الكاظم 

الامام الحسن كان كريم اهل البيت فقد كان في زمانه خصوصا بعد فترة الصلح ومحاولات معاوية افقار المسلمين في المدينة وعلى وجه الخصوص انصار الامام الحسن عليه السلام ، حتى ان معاوية ينقلون عندما جاء الى المدينة سأل بعض الأنصار لم تخرجوا لاستقبال فقال له ان ليس لديهم دواب حتى يستقبلوك وهذه إشارة الى قضية الافقار التي كان يمارسها الاموين ، بالإضافة الى انه يريد الاذلال ، فقال له معاوية ( وأين نواظئحهم ) وهو دابة السقي ، وكأنه يقول ان معيشتكم هو تروية الناس في ذلك الزمن ، فلما شعر بالاستنقاص قال له نحورها في يوم بدر عندما قاتلوك وقاتلوا باك ، يعني اننا كنا ندافع عن الدين ، حيث ان المدينة كانت مخالفة للأموين ومن كان فيها من اتباع اهل البيت زاد الافقار ، فصار الامام يجود بما لديه ويعطي عطاء بلا حدود ، ويروى في ذلك قصص كثيرة حول جوده

حديث جلس عليه رجل وهو جالس مضطجع وقال له يا أبا محمد اني اشكو اليك عدواً لا يوقر صغيرا ولا يحترم كبيراً وقد اتى على ما بين يدينا ، فاعتدل الامام الحسن في جلس وقال له ومن ذاك ؟ قال له اشكو اليك الفقر ، فقال له لتجدنني معينك عليه وطلب ما عنده من المال ، فأعطاه إياه وقال له بحقي عليك ان جاءك هذا العدو الا جئتنا وقصدتنا حتى ندفعه عنك ،، ..

فكان الامام الحسن كريم اهل البيت عليهم السلام فنحن في مثل هذه الليالي وبالذات ليلة الجمعة المباركة نقول يا ابنا محمد أيها الحسن الزكي انت كريم اهل البيت نحن لا نحتاج الى  المال ولكن نحتاج الى القرب منكم نحتاج الى القرب منكم نحتاج الى جنة رسول الله ، نحتاج الى ان نكون اقرب الى الله بكم فتصدق علينا يا أبا محمد ان الله يجازي المتصدقين ، فيا ابنا محمد يا حجة الله على خلقه ،..




مرات العرض: 3419
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2584) حجم الملف: 13769.14 KB
تشغيل:

الامام الحسن عليه السلام من ميلاده حتى وفاته