الزهراء ومقام العصمة
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1433 هـ
تعريف:

الزهراء عليها السلام ومقام العصمة


تفريغ نصي الفاضلة غدير الغزيوي
تصحيح الفاضلة افراح البراهيم
روي عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله بالأسانيد المعتبرة أنّه قال في حق السيدة الزهراء عليها السلام ( إنّ الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضب فاطمة  فاطمة بضعة مني   يريبني ما يريبها  ويؤذيني ما يؤذيها)١
وقال  صلى الله عليه وآله  : ( أفضل نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وآسية بنت مزاحم وفاطمة بنت محمد )2
حديثنا يتناول جانباً من مقامات الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء 
 وبالرغم من أنّنا لا نستطيع ولا غيرنا يستطيع أن نحيط علماً وبياناً بمقامات الصديقة  لا سيما مع قلة الوقت إلا أنّ ذلك لا يمنعنا من التعرّض إلى بعض تلك الجوانب لا سيما تلك المقامات التي ترتبط بحياة الإنسان المسلم وتؤثر على مسيرته  ومن تلك المقامات الثابتة لسيدتنا الزهراء عليها السلام :
1/ مقام العصمة   فالزهراء عليها السلام معصومة بالعصمة الضرورية الثابتة لرسول الله وأئمة أهل البيت عليهم السلام بما دلّت عليه الآيات والأحاديث الكثيرة المتضافرة في هذا الشأن   فمنه آية التطهير  حيث أنّ الزهراء عليها السلام هي واسطة العقد في هذه الآية وعليها يدور أمر حديث الكساء الثابت لدينا بأسانيد معتبرة  في أنّه قد جاء رسول الله إلى منزلها وجلس فأتت إليه بالكساء اليماني وانضم إليها ومن ثم انضم إليهما أمير المؤمنين و الحسن والحسين عليهم السلام  ونزلت الآية الكريمة بعد أن دعا الرسول قائلاً ( اللهم إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا )٣   فنزلت الآية ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرَا)٤

معنى التطهير
 لاريب أنّ التطهير هنا كما فسّره العلماء ليس التطهير التشريعي بل التطهير التكويني  وذلك لأنّ التطهير التشريعي يكون بمعنى أن يذهب الإنسان لتحصيل الطهارة من خلال الاغتسال لو كان على جنابة  ومن خلال الوضوء لو كان على حدث من الأحداث الصغيرة  وهذا الأمر لا يختصّ بأهل البيت  وإنّما هو تكليفٌ يعمّ جميع المسلمين  فتطلب منهم الطهارة الشرعية إذا أرادوا الإقبال على الصلاة  وإذا أرادوا بدء الصيام بعد غسل الجنابة   فالبقاء متعمدًا على جنابة إلى الفجر يخلّ بالصوم الواجب  ويختلف الكلام من صوم القضاء إلى الصوم المنذور  ولكنّ القدر المتيقن أنّ الإنسان في شهر رمضان يخالفه أن يبقى الشخص على جنابة إلى الفجر متعمداً  فيفسد صيامه في فقه أهل البيت عليهم السلام   وعليه إذا أراد أن يصوم فيجب أن يكون على طهارة من هذا الحدث  وكذلك بالنسبة للمرأة إذا انتهت من الدورة الشهرية   وكذلك لو أراد الصلاة لابدّ أن يسعى لتحصيل الطهارة ( فإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)٥
 فتحصيل الطهارة الشرعية وإرادة الله الطهارة التشريعية من الناس لا تختصّ بأهل البيت وانّما هي عامة لجميع المسلمين
ولابدّ منها عند القيام للصلاة  ولابدّ من التطهير للبدء في الصيام  فلا ميزة لأهل البيت لو قلنا بأنّ التطهير المقصود من الآية هو التطهير التشريعي  فتصبح آية لغوٍ لا غاية لها وتعالى الله عن ذلك  لذلك يتعيّن أن يفهم أنّه تطهير تكويني  حيث أنّ الآية قد جاءت في سياق الامتنان وبيان الميزة والفضيلة لهذه المجموعة  وهذه الآية لها أبعاد كثيرة  منها أنّها تثبت العصمة لمن تنطبق عليه لأنّ ارتكاب الذنب لاريب أنّه يخالف التطهير  وارتكاب المعصية يخالف أن يكون الإنسان طاهرًا مطهراً  فلذلك من دخل تحت هذه الآية لابدّ أن يكون معصومًا بالإضافة إلى عدد كبير من الروايات التي وردت في خصوص مطلب العصمة للزهراء صلوات الله عليها  ومن ذلك ربط النبي رضا الله برضا فاطمة.

نحن لدينا أكثر من تعبير فرضا الإنسان وغضبه يكون تبعًا لارتياحه ومزاجه   فنقول فلان يرضى إذا كان مرتاحاً ويغضب إذا كان منزعجاً   وهذه الحالة الطبيعية للإنسان   فما توافق معه يثير رضاه وما خالفه يثير غضبه فهذه ليست ميزة أخلاقية لكن إذا قلنا فلان يرضى بما يرضي الله ويغضب إذا عصي الله فهذا الإنسان يمتلك ميزة أخلاقية من درجة مرتفعة    إنّه ينتقل من حالة المزاج إلى تطبيق الرضا والغضب على ما يرضي الله فهذه مرتبة عالية   فالإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله وترضى في الله وتغضب لله. وهذه مرتبة الكثير من المؤمنين فالإنسان في حالة الطاعة وفي ما يرضي الله يكون مرتاحًا وفي ما يغضب الله يكون منزعجاً   وهذه مرتبة أعلى   لكنّ المرتبة التي يتحدث عنها النبي في حق السيدة الزهراء  هي أعلى بكثير   فهي لا ترضى لرضا الله وهذا يتوفّر لدى الكثير من المؤمنين والمؤمنات  ولكن يرضى الله لرضاها   فالله في هذا الحديث ربط رضاه برضا فاطمة وغضبه بغضب فاطمة وهذا يساوي ما جاء في حق رسول الله في القرآن( من يطع الرسول فقد أطاع الله)٦ فأي شخص يحقّق طاعة الرسول فكأنه يحقّق طاعة الله   وكذلك عصيان الرسول يعني عصيان الله   وأي شخص أزعج فاطمة يعني أنه أزعج الله   ومن  آذى فاطمة فقد آذى الله  ومن أرضى فاطمة فقد أرضى الله  وهذه مرتبة عالية تشير إلى عصمة الزهراء عليها السلام   ولذلك عندما يقال فاطمة ارتاحت لفلان أو غضبت من فلان ذلك يعني أنّ الله رضي في الحالة الأولى وغضب في الحالة الثانية   فلا ينبغي أن يتعامل مع كلمات الزهراء على أنها امرأة انفعلت في القضية وغضبت وانزعجت   لأنّ المسألة ترتفع الى غضب الله على أثر ذلك ويرضى على أثره وهذا يشير إلى أنّه لا يمكن أن تفعل أمراً إلا فيه رضا الله   وأن لا تقول كلاماً إلا وهو موافق لله   ولا تجتنب شيئاً إلا لأنّ الله نهى عنه وهذا ينتهي إلى العصمة الضرورية التي يثبتها العلماء للزهراء عليها السلام.
فالمقام الاول هو مقام العصمة على خلاف المدرسة الأخرى في عالم المسلمين أنه ليس هناك معصوم إلا رسول الله وعصمته مؤطرة بإطار محدود   على خلاف مدرسة أهل البيت التي ترى بالعصمة المطلقة للرسول في التبليغ والعصمة الشخصية في سائر الأمور   وهذه ثابتة للرسول وابنته الزهراء وأمير المؤمنين والأئمة المعصومين من بعده.

٢/ مقام الحجية
هذا المقام متفرّع ووليد للمقام الأول   حيث أنها سلام الله عليها حجة على الخلائق   فالإنسان إذا لم يكن معصوماً لا يمكن أن يكون حجّة على غيره   لأنّ حجية كلامه مقيدة مثل العالم والفقيه والمجتهد والمرجع  فهذا لكلامه حجية وعلى أهل العلم اتباعه عند توافر الشروط لأنّ كلامه ورأيه حجة   وفيه جهة تنجيز وفيه جهة تعذير   فيوم القيامة عند سؤال الإنسان لم صليت على هذا النحو ولم حججت على هذه الطريقة؟؟
 يستطيع أن يقول هذا بما وصل لي ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)٧  وفي الروايات ( فللعوام أن يقلدوه) وبناء العقلاء برجوع الجاهل إلى العالم رجعت إلى فقيه تتوفّر فيه الشروط   وقلّدت ديني   وكلامه حجة عليّ   لكنّ حجية كلام الفقيه محدودة مالم يتبيّن أنّ الواقع على خلافها فنحن نتبع الفقيه ونقلّده    أما لو تبيّن أنّ الواقع مخالف في موضع من المواضع فلا نتّبع الفقيه في هذه الفتوى لانّ حجية كلامه مقيدة   أما بالنسبة للمعصوم لا يوجد هذا الكلام فالمعصوم لا ينطق عن الهوى ولا يتحرّك إلا في إطار الشريعة ولا ينبئ الناس بعلم إلا بعلم القرآن والدين  وسبق أن قلنا حديث الباقر عليه السلام ( قال إن حدثتكم عن شئ فسلوني أين هو من كتاب الله)٨ أي أنّ كلامنا لا يخالف القرآن ولا يختلف عنه  لذلك فقوله حجة وفعله إذا كان واضحًا وبينًا يراه حجة  الزهراء عليها السلام بعد أن كانت معصومة بهذه العصمة الضرورية صارت حجة على الناس بل هناك مرتبة أعلى من هذا   وهو ما أخبر عنه الإمام الحسن العسكري عليه السلام عندما قال ( نحن حجج الله على الخلائق وأمنا فاطمة حجة علينا)٩
 وهذا يدلّ على أنّ الزهراء ولو لم تكن إمام فهي حجة على الأئمة الذين هم حجج الله على الخلائق   وكذلك نص الإمام صاحب الزمان عندما يسأله أحدهم في مكاتبة عن بعض المعاناة التي يلقاها صاحب الزمان يجيبه في جملة إجابات ويقول ( ولي بابنة رسول الله فاطمة أسوة حسنة) ١٠
فأنا اتأسّى بثباتي وصبري واستمراري بابنة رسول الله   مع أنّ الإمام هو المغير لتاريخ البشرية وخاتم الأوصياء والذي عليه مسؤولية إصلاح الأرض كلها  فهو يقتدي بفاطمة الزهراء ويسير على نهجها  فالسيدة الزهراء لها مقام الحجية وهي ليست إمام من الأئمة   فالأئمة معدودون اثنى عشر إمامًا   كما أخبر عنهم الرسول وقامت الدلائل عليهم ولكنها بمقام الحجية وليس فقط  كلامها وفعلها حجة على الناس بل هو حجة على الأئمة عليهم السلام فهي حجة على الحجج وفعلها حجة على فعل حجج الله فهذا مقام من المقامات التي تتميز بها الصديقة.
٣/ سيدة النساء دنيا واخرة هذا هو مقامها الثالث  فالرواية عن رسول الله المروية عن طريق العامة وطرقنا بزيادة من طرقنا عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّ النبي كان جالسًا بين أصحابه فخطّ خطوطّا أربعة فأثار سؤالاً في الحاضرين لأنّ النبي لا يعبث فقالوا يا رسول الله ما هذا؟ فقال ( سيدات نساء أهل الجنة أو أفضل نساء الجنة مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وآسية بنت مزاحم وفاطمة بنت محمد ) 11
وهذا وارد عن طريق الإمامية ويوجد في مسند أحمد وغيره من الكتب الحديثية وفي طريقنا فيه إضافة وفاطمة أفضلهن لذلك أصبح تعبير فاطمة سيدة نساء العالمين و اللقب الرسمي لفاطمة الزهراء ومن الطبيعي أنّ اللاتي يدخلن الجنة من النساء هنّ أفضل نساء أهل الدنيا فليس كلّ النساء ولا كلّ الرجال يدخلون الجنة   فقط المؤمنون المخلصون  وصفوة البشر هم الذين يدخلون الجنة وإذا كان واحدًا منهم سيدَا على الصفوة فذلك يعني أنٍّه صفوة الصفوة وسيد النخبة وفاطمة تفضل جميع البشر في شأنها وجلالها وميزاتها   ولذلك يتعجّب الإنسان عندما يرى بعض المتطفلين على العلم جهلاً عندما يقارن السيدة فاطمة بغيرها كأن يقول فلانة أفضل من فاطمة   هذا الطرح هو خاطئ لأنّ فاطمة ليس لها كفؤ من الرجال ولا نظير من النساء فهي خير من وطأ الثرى من النساء وعن الإمام الصادق عليه السلام عندما ردّ على شبهة أنّ مريم بنت عمران قدّمت في الحديث وورد ذكرها في القرآن فأجاب الإمام ( هي سيدة نساء قومها فهي مصطفاة إلى ذلك الوقت وهي مفضلة على نساء العالمين في ذلك الوقت أما بعد ذلك فالسيدة فاطمة تفضلهم جميعاً   أما عملية التقديم والتأخير فهو غير ناظر إلى الترتيب فحتى القرآن فيه آيات عكس الترتيب كقوله تعالى( وقالوا ماهي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ) ١2 مع أنّ المفترض أنّ حياتهم هي الأولى وبعد ذلك الممات إلا أنّ تكون الإشارة إلى الحياة بعد الحشر وهؤلاء لا يعتقدون به ولذلك عندما يقولون نموت ونحيا فالقرآن لم يلاحظ الترتيب   فالواو في اللغة العربية للتدليل على الترتيب في العطف فلان وفلان وفلان  لايوجد فيهم ترتيب   ولو استخدم (ثم ) فيستفاد منها الترتيب.

الحديث الشريف عن الرسول يشير إلى هذا المعنى وفاطمة من ضمن النساء   ولعل شخصًا يسأل ويقول ما الجامع بين الأربع النساء ؟ وهذا من جملة الأمور التي تفتح أبوابًا من التفكير في أحاديث المعصومين   فالإمام  عندما يقول ثلاث خصال أو أربع نساء أو خمسة رجال لا يأتي بها عبطاً ولابدّ أن تكون هناك نقاط مشتركة .
يوجد كتاب للشيخ الصدوق أحد علمائنا الأبرار الذي توفي سنة ألف وثلاثمئة وواحد وثمانين من الهجرة  وهو صاحب أحد الكتب الأربعة كتاب (من لايحضره الفقيه ) ولديه كتاب اسمه ( الخصال ) يبدأ فيه بالأحاديث التي ورد فيها أعداد فمثلًا يبدأ بالخصلة الأولى وينتهي بألف ألف يعني مليون ( علّمني رسول الله ألف باب من العلم ينفتح من كل باب ألف باب )١3 فمن جملة أبوابه ما ورد في الخصال الأربع أورد هذه الرواية   هنا نتساءل ما لذي يجمع بين هذه الشخصيات الأربع الدين ؟  هل لأنّ بعضهن دينه الإسلام بالمعنى الأخص مثل السيدة خديجة ومثل السيدة الزهراء فاطمة بينما آسيا بنت عمران لم تكن مسلمة بهذا المعنى بل كانت على ديانة موسى   ومريم كانت على ديانة عيسى فمالذي يجمعهنّ إذن ؟  لابدّ أنّ يكون هناك رابط جعلهن سيدات نساء الجنة.
العبادة محتملة وأشياء أخرى   لكنّ الذي أشار له بعض العلماء وهو كلام صحيح  أنّ الذي جمع النساء الأربع هو دفاعهن عن حجة الزمان الذي عشن فيه نبيًا كان أو إماماً ‘ فهؤلاء ضحّين بكلّ ما لديهنّ من قوةٍ وقدرةٍ بل استشهدت بعضهن في سبيل الهدف الأساس وهو الدفاع عن حجة الله المعاصر لهن   إذ أنّ مريم عليها السلام عرّضت نفسها لتهمة الزنا مع أنّها كانت معروفة بالصلاح والإيمان والاعتدال لكنها عرّضت نفسها لقولهم ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا)١4 مالذي دفعك لهذا الدرب فأتيتي وأنت تحملين ولدًا بين يديك   فتعرّضت لمواجهة المجتمع في سبيل الدفاع عن حجة الله عيسى بن مريم واستمرت على هذا الحال إلى آخر حياتها   وآسيا بنت مزاحم احتضنت موسى صغيرًا وواجهت طغيان فرعون وعذّبت وأوذيت حتى ذهبت شهيدة   وكذلك خديجة عليها السلام التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وآله ( ما أبدلني الله خيرًا منها آمنت بي حين كفر بي الناس وصدّقتني حين كذّبني الناس وواستني بمالها حين حرمني الناس ورزقت الولد منها ولم أرزق من غيرها )١5
هذه المرأة التي بذلت أموالها في سبيل رسالة رسول الله
وبذلت نفسها في سبيل  الدفاع عن رسول الله إلى أن توفيت جائعة مريضة مع رسول الله   وكذلك دفاع الزهراء فاطمة عن أمير المؤمنين الذي لا يكاد يخفى على أحد حتى أنّها خرجت إلى المسجد وتحدّثت وخطبت في نساء الأنصار في يوم آخر    بل أنّ بعض الروايات تشير إلى أنها تطلب من علي أن يخرجها ليلاً لكي تمرّ على بعض بيوت المهاجرين والأنصار لتخبرهم عن ضرورة الدفاع عن أمير المؤمنين وقضت شهيدة في هذا السبيل   فالجامع المشترك في هذه الثلة وهذه الصفوة المخلصة من النساء كان جامعًا للدفاع عن حجة الله ونبي الزمان وإمام الزمان   والتضحية في سبيل الله .
فسلام الله على فاطمة الزهراء التي لم تنج من التحريف والتزوير والكلام الذي يخدش مقامها ومكانتها مثل الحديث الذي نقل عن رسول الله ( فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ويؤذيني ما يؤذيها ) ١6 فبدل أن يتوجّه الحديث إلى من قام بأذية فاطمة وجّه الخط الأموي إلى علي بن أبي طالب فقالوا هو من آذى فاطمة لأنه أراد أن يتزوج عليها بنت أبي جهل فغضبت والنبي استاء منه وقال له لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله في بيت واحد   وأنّ عليًا إذا أراد فعل كذا وكذا فإنّه يؤذيني وفاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها  ويؤذيني ما يؤذيها   فوجّهوا هذا الحديث بعيداً عن مساره مع وضوح الخلل والخطر فيه سندًا ومتنًا   فسندًا ينتهي إلى ثلاثة ليس فيهم  من يعتمد عليه في موقفه مع الإمام علي عليه السلام   فأحدهم عبدالله بن الزبير الذي سعّر حرب الجمل والآخر المسور بن مخرمة الذي ذهب مع معاوية وكان معه على علي   والثالث أبو هريرة الدوسي الذي تعرف أحاديثه والتهم الموجهة إليه   وعلى أنّه لو ثبت هذا الحديث لحدث طعن في رسول الله الذي جاء بتشريعات منها إباحة نكاح ما زاد على الواحدة لجميع المسلمين قرآنيًا وعندما تصل إلى دائرة بيته يرفض هذا الأمر على فرض حصوله وهذا الطعن في رسول الله الذي يكيل حسب قول هؤلاء بمعنيين  حيث يطبّق قانون على سائر الناس   و قانون آخر على أهل البيت وهذا فيه طعن لرسول الله  لو فهموا ذلك   ولعلّهم يريدوا أن يطعنوا في الجميع فالخط الاموي ليس لديه مشكلة أن يطعن في الرسول وفي فاطمة .
إذن الزهراء كانت في مرتبة العصمة الكبرى والحجة على أهل الدنيا والدفاع عن حجج الله ودين الله وعن رسالة الرسول وأمير المؤمنين   وقد خلّفت هذا إلى ذريتها وأبنائها وبناتها الذين كانوا على هذا المنهاج   فالإمام الحجة يتحمّل أن يؤذى في سبيل انتصار هذه الرسالة   وكذلك بنات الزهراء عليها السلام  كيف كنّ يدافعن عن الدين والرسالة وحملن رسالة النبي ورسالة الحسين  عليه السلام وثورته إلى أن أوصلوها لغايتها   وهذا ما تجسّده السيدة زينب بنت أمير المؤمنين وبنت فاطمة التي يعبّر الشاعر عن ذلك حيث أنّها ورثت من أمها كل الذي جرى عليها   وإذا كانت الزهراء في سبيل نصرة دين الله وإمامة أمير المؤمنين تعرّضت للهجوم على الدار والضرب واحتجاب الحق عنها والإسقاط وما شابه ذلك فأيضًا زينب عليها السلام  تعرّضت إلى حرق المخيم بعد السلب والضرب وتعرّضت للإيذاء والشتم والتشهير   بل يقول الشاعر:
 وزادت البنت على امها من دارٍ تهدى الى شرّ دار17

فالسلام على فاطمة الزهراء والسلام على أم المصائب زينب ورحمة الله وبركاته.
------------------------------------------
1 بحار الأنوار ج 43 ص19
2 سير أعلام النبلاء ج2 ص126
3 موقع الميزان
4 سورة الأحزاب آية 33
5 سورة المائدة آية 6
6 سورة النساء آية 80
7 سورة النحل آية 43
8 شبكة رافد / خصال الإمام الباقر ع
9 شبكة السراج في الطريق إلى الله
10 موقع السيد المدرسي
11 سير أعلام النبلاء ج2 ص 126
12 سورة الجاثية آية 24
13 بحار الأنوار ج26 ص 29
14 سورة مريم آية 28
15 أمهات المؤمنين السيدة خديجة عليها السلام
16ينابيع المودة ج2 ص322
17 قصيدة سيد صالح الحلي/ منتدى الكفيل

مرات العرض: 3434
المدة: 00:49:14
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2595) حجم الملف: 16.9 MB
تشغيل:

العبادات بين الطقوس والمقاصد ( ليلة الشهادة )
التصعيد الطائفي وتسوير المجتمعات