الإمام علي وعطاء بلا حدود
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 19/9/1431 هـ
تعريف:


                       الإمام علي وعطاء بلا حدود

        كتابة الأخت الفاضلة أم علي الشافعي

 حياة أمير المؤمنين عليه السلام مثال للعطاء بلا حدود في سبيل الدين والمجتمع ولهذا يحق لأتباعه بل ينبغي منهم أن يتأملوا في هذه الجوانب منتقلين منها إلى عبرتها وإلى الاستفادة منها حتى يتمثل شيء من صفاته في العطاء ويعرف أن قيمة الإنسان هي بمقدار ما يعطي لدينه وما ينفع لمجتمعه .

       لابد لنا ونحن نريد أن نشير لهذه الجهة أن نتأمل قليلًا في العصر الإسلامي الأول لنكتشف فيه كما يكتشف كل مراقب له أن هناك ثلاثة خطوط في تاريخ المسلمين .

       الخط الأول : هو الخط الأموي المتآمر على الدين .

       الخط الثاني : هو الخط القرشي المصلحي .

     والخط الثالث : هو الخط العلوي المبدئي .

     الخط الأول : لم يؤمن بحقيقة أن الإسلام رسالةٌ ربانية ، وبالتالي فلا معنى أن نضحي في سبيلها أو أن يفقد حياة أفراده من أجلها .  تارة يرى أنه ملك ورئاسة ، وتارة أخرى يرى أن النبي رجلٌ طموح لم يزود برسالة وإنما تلاعب بالملك وبالتالي استطاع السيطرة على الناس ومن يكون لديه هذا التفكير لا ينتظر منه أن يضحي أو أن يقاتل أو أن يجاهد في سبيل هذه الفكرة وحديثنا لن يكون حول هذا الخط .

   الخط الثاني : القرشي المصلحي ، السمة العامة لهذا الخط كانت الإسلام الظاهري ولكن كانوا يتعاملون مع الدين بمنطق تجاري دنيوي نعطي لهذا الدين بمقدار ما نأخذ أو نصف ما نأخذ ، نعطي له مالًا نكسب سمعةً وتقدًما بين الأتباع ، نعطي دعمًا ونصرةً حتى تكون لنا الرئاسة والزعامة والخلافة ، نتقدم في المواضع التي لا خطر فيها ، أما قضية المبادرة للتضحية ومواجهة الموت فهذا ليس فننا وليس تخصصنا ليكن تخصص آخرين . خذوا ماشئتم من الكلام ولكن في الفعل الذي يكلف هذا أمرٌ فيه شيء من التفكير والمشاورة والمراجعة. الخط المصلحي هذا شكاه أمير المؤمنين وكان يتحدث عنه لا بنفس الطريقه فقد كان بالنسبة للخط واضحا وصريحًا في الاتهام والإدانة . عندما جاء أبو سفيان إلى  أمير المؤمنين بعد وفاة رسول الله وقال : إن شئت لأملأن البر لك خيلا ورجالًا . قال : يا أبا سفيان إني عرفتك مذ عرفتك تكيد للإسلام وأهله (ليس غرضك في هذا نصرتي وإنما أن ينهدم البناء من الأساس) . الخط الثاني كان يتحدث عنه بهذه الطريقه

بطريقة اللهم اني استعذيك على قريش فإنهم اكفؤوا إنائي وأجمعوا على منازعتي أمرًا كنت أحق به من غيري لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجلٌ شجاع لكن ليس له علم بالحرب . هناك إذن خطٌ آخر يتعاطى في هذه القضية بنحو لاينسجم مع علي هذا الخط يقول أن قريش تكره أن تجتمع الخلافة والنبوة في أسرة واحدة فلا يمكن أن يكون صغير السن هو الخليفة وهو الإمام بينما كبار السن موجودون وهم يجلسون بالصفوف الخلفية هذا لا يتناسب مع القيم القرشية ينبغي تكييف دين الإسلام مع قريش لابد أن نصبغ الدين بصبغة قرشية ونعطي له أمثلة قرشية وألوان قرشية خاصة .

     والخط الثالث : كان الخط المبدئي الذي يمثله أمير المؤمنين وتبعه فيه من تبع هذا الخط . يمكن اكتشافه من خلال جهاد أمير المؤمنين وعطاء أمير المؤمنين لم يكن يراهن على الدنيا أبدا ولم يكن يفكر في أجرٍ و ثناءٍ من أحد أو لم يكن ينتظر أوسمة حتى من رسول الله الذي يعرف أصحاب هذا الخط ويعطيهم وسام إثر وسام ويظهر شأنهم مع أنهم لا يريدون ذلك ولم يسعوا إليه ولم يجعلوا في جهادهم أنهم سيحصلون على ثناءٍ وعلى مدحٍ من رسول الله كان لسان حالهم القلبي الخفي (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا ) إنا نخاف لو فعلنا هذا لو رجونا غير الله لو تاجرنا الدين بالدنيا وبعنا التضحيات لأجل الزعامة وعملنا ماعملنا لأجل الشهرة ولأجل أن يكون لنا بين الناس موقع (إنا نخاف من ربنا يومًا عبوسًا قمطريرًا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرةً وسرورًا)

أول فدائي في تاريخ الإسلام

       أمير المؤمنين عليه السلام في طليعة هذا الخط إمام المؤمنين والمتقين أول فدائي في تاريخ الإسلام عرف كيف يقدم روحه فوق راحته من دون أن يرجو ثناء فضلًا عن الجزاء ، من دون أن يرجو مدح فضلًا عن أجر. كان هذا أميرالمؤمنين منذ الثانية عشر من عمره وهو على فراش النبي تجمع قريش نفسها (قريش التي فيما بعد ستصبح المنازعة لعلي عليه السلام لكن بألوانٍ أخرى و براياتٍ إسلاميه وبألفاظ إسلاميه ولكن الجوهر هو الجوهر)

عليٌ يبات في فراش النبي

   تجمع قريش على أن تقتل النبي وتجمع ثلاثين من عتاتها وفتاكها لكي يقتلوا النبي على فراش نومه ومبيته فينتخب لهذه المهمة علي سلام الله عليه فيقول علي له : يارسول الله وتسلم أنت فداك أبي وأمي .( كل الظواهر كانت تشير أن الذي ينام هنا يقتل، الظواهر كانت تقول أن النائم هنا مقتول ولكن لا يهم إذا كان النبي يسلم ويبقى حيٌا ) وتسلم فداك أبي وامي؟ قال : نعم . قال إذن لا أبالي وبات في فراش النبي .

   ومع الفجر جاء هؤلاء الفتاك معهم ثلاثون سيفًا كأنها شعل النار لكي يقتحموا هذا المنزل وقال بعضهم دعونا نرمي عليهم الأحجار حتى يقوم ويذوق حرق السيوف وعض السلاح لانريد أن نقتله وهو نائم فلا يشعر بالألم دعونا نرمي عليه الأحجار حتى ينهض ويجد مس الحديد فرموا عليه الأحجار فهجموا عليه واذا بعلي يقوم في وجههم يصرخ صرخةً من صرخاته ردتهم على أعقابهم منهزمين يحق هنا أن يباهي الله بعلي ملائكته كما ورد في الرواية . وينشر ثناءه وذكره لأنه لم يسعَ للثناء والذكر وإنما غايته كان يسلم رسول الله .

     علي يهاجر مع حرم النبي

     ثم ينادي في قريش : أنه من كان له أمانةً عند النبي فأنا خارجٌ بعد ثلاثة أيام ضحًى .وكان ذلك تحدي ما بعده تحدٍ لهذا المجتمع الذي رأى المسلمين يذهبون إلى الحبشة ليلًا ويذهبون إلى المدينة متسترين وإذا بغلامٍ شابٍ يقول : أنا ذاهبُ إلى المدينة ضحى بعد ثلاثة أيام . فكبر ذلك على قريش كيف يخرج هذا بهذه الطريقه ؟! هذا كسر لكبرياء قريش وإهانةً لفرسانه وجمعوا لهم من عبيدهم وشجعانهم ليردوه عن مسيره و تبعه هؤلاء في طليعتهم رجلٌ عبدٌ من العبيد الشجعان اسمه جناح قال له: ارجع وأرجع الضعائن . قال أمير المؤمنين : فإن لم أفعل . قال : لأرجعن بأكثرك شعرًا فقال : افعل ماشئت . فاختلفا ضربا فبدلًا من أن يأخذ رأس علي أهدى عليٌ رأسه إليهم ورجع به أصحابه إلى مكة منهزمين خائفين . حالة الفداء وحالة العطاء والتوجه إلى التضحية وأن يكون ذلك من غير الحسابات المادية ومن غير حالة تجارية ، كانت صفةُ عليٍ منذ بداية أمره .

غزوة بدر

     حتى إذا جاء إلى المدينة وكانت بدر وقلنا إن عليًا التقط فرسان قريش وكبارهم كي يأتي على حياتهم حتى ذكر أن عليًا قتل من القرشيين من زعمائهم وذوي الشخصية منهم 34 في الواقعة وتقاسم المسلمون باقي 36من الذين قتلوهم يعني أن عليًا قتل بناءًا على هذه الرواية قتل نصف القتلى واشترك المسلمون في النصف الآخر .

في غزوة أحد

وفر من فر فيها وانهزم من انهزم فيها أولئك الرجال الذين كانوا يدخرون حياتهم للمستقبل ويقولون لا ينبغي أن نضحي لأننا سوف نكون زعماء ولأننا سوف نقتسم الغنائم ولكن علي كان في المقدمة وراية رسول الله بيده لم تنثنِ ولم تنحنِ ولم تسقط وجاهد وقاتل وثبت بينما فر أولوا الحول والطول والقوة ، وانهزموا . وبعضهم وصل إلى البحر الأحمر من هزيمته وخوفه من أن يتبعه أحد ، وأسر بعضهم في نفسه أن ينقلبوا ويهاجموا الكفار ليأخذوا منهم أمانًا حتى أنزل الله سبحانه وتعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم ) لاتفكروا في ملجأ آخر ولا مكان آخر الله هو المولى الله هو الناصر الله هو الحفيظ كان هذا في أحد .

   غزوة الأحزاب

( وعندما بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون وهناك أيضا ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديًدا) . وعبر عمر بن عبد ود العامري إلى الجهة الأخرى من الخندق وظل يركض بفرسه بين الصفين : ياأصحاب محمد ألا تقولون أن الجنة خلقها الله لكم والنار خلقها لنا من يريد أن أجهزه إلى الجنة ؟

     ولقد مللت من النداء بجمعكم هل من مبارز !؟

هل من مقاتل أين جنتكم التي تريدون الذهاب إليها ؟

يوم غصت بجيش عمرو بن ودٍ   لهوات الفلا وغاض فضاها

وانثنى المصطفى يحدث عما      يهجر الصابرون في أخراها

قائل إن للجليل جنانٌ        ليس غير المجاهدين يراها

من لعمر قد ضمنت      على الله من جنانه أعلاها

 إن للجليل جنان ليس غير المجاهدين يراها

 من لعمر قد ضمنت    على الله من جنانه أعلاها

فالتووا عن جواده كسوامل      لا تراها مجيبة من دعاها

وإذا هم بفارسٍ علويٍ     ترجف الأرض خيفة إذ يطاها

فانتظى مشرفيه فتلقى        ساق عمر بضربة فبراها

يالها ضربة حوت مكرمات     لم يزن ثقل أجر ثقلاها

هذه من علاه إحدى المعالي    وعلى هذه فقس ماسواها

   الفداء والعطاء اللامحدود عند علي ليست بيضة الديك ولا يتيمة الدهر وإنما هو الحالة المتكرره وإنما هو الشيء الدائم .

في غزوة خيبر

     وله يوم خيبر فتكات          كبرت منظر على من يراها

     يوم قال النبي اني لأعطي    رايتي ليثها وحامي حماها

     فاستطالت أعناق كل فريقٍ     ليروا أي ماجد يعطاها

من هو هذا الذي يتحدث عنه النبي : ( لأعطين الراية رجل كرار غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يديه )

     أين وارث العلم والحلم        مجير الأيام من بأساها

     أين ذو النجدة الذي لو        دعته في الثريا مروعة لباها

   فأتاه الوصي أرمد عينٍ       فسقاه من ريقه فشفاها

 ومضى يطلب الصفوف فولت  عنه علمًا بأنه أمضاها

   وضراى مرحبا بكف اقتدار    أقوياء الاقدار من ضعفاها

 ودحى بابه بقوة بأس لو      حمتها الافلاك منه دحاها

 إنما المصطفى مدينة العلم      وهو الباب من أتاه أتاها

 وهما مقلة العوالم يسراها      علي وأحمد يمناها

 تتعب أيها المتحدث وتتعب إذا أردت استقصاء مواقف البطولة لعلي بن أبي طالب وتعجز وتعجز لوأردت أن تتأمل في كل موقف وفي كل خطوة .هذا سيد الموحدين، هذا أول المسلمين ،هذا صياغة رسول الله ،هذا معجزة رسول الله الذي عندما يسأله أحدهم : من تكون هل أنت افضل أو فلان أو فلان ؟ إلى أن يصل الى النبي فيقول :ويحك أنا عبدٌ من عبيد محمد ليس لي فضل إلا ماصنعه رسول الله ولقد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القربية والمنزلة الخصيصة يضمني جسده ويشمني عرفه ويرفع كل يوم لي من أخلاقه علما اقتفي أثره فما وجدني خطأةٍ في فعل أو زلةٍ في قول .

     علي وجد في رسول الله ذلك النبي المعلم الذي بعثه الله رحمة للعالمين فأخذ منه وفداه بنفسه ولم يترجى على أثر ذلك أي شيء لم يرجو حتى أن يقول له رسول الله (برز الإيمان كله إلى الشرك كله ) ولم ينتظر أن يقول له النبي : (ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين ) ولكن هذا عطاء الله عز وجل لمن يعطي لله بلا حدود . وعلينا أن نتعلم أذا أردنا أن نعطي لله لا ينبغي أن نفكر بمنطق الدنيا نعطي الله كذا ليعطينا كذا في الدنيا نقدم للمجتمع هذا لكي يكافئنا المجتمع كذا وكذا هذا على خلافة سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام قدم كل ما كان لديه في سبيل أن تعلو راية الدين في الحرب كان هكذا .

     أمير المؤمنين في السلم .

   وفي السلم يصوم علي وفاطمة الزهراء شكرًا لله عز وجل على شفاء الحسنين ويأتي سائل مسكين ويتيم وأسير فيتصدق علي وفاطمة بما كان لهما من الإفطار ويبقيانِ طاويينِ إلا من الماء ثلاثة أيام حتى عاد كالفرخ الذي ينتفض من شدة الجوع وينزل الأمين جبرائيل على النبي : يامحمد ليهنأك هذ الامر البشرى من الله عز وجل إلى الله اليك هذه العائله هذه الأسره هذه العترة هذه الصفوة. ماذاك ياجبرائيل ؟ فيقول : هذه تحفة الله إليك اقرأ يارسول الله ( هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا ) إلى أن يقول : (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ،إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا ) ليس في هذا الموقف فقط بل في كل أموره في كل حياته في كل قضاياه حتى في نزوله عن حقه وخلافته وولايته كان في خدمة الله عز وجل لدين الله وخدمة المجتمع . علينا أن نفكر في هذه الليلة أنت أيها الشاب ، أنت أيها الكهل ، أنتِ أيتها المؤمنة ، تساءل ونتساءل جميعًا إنا نتشرف بالانتماء إلى أمير المؤمنين ماذا قدمت في خدمة هذا المجتمع من أجل الله ؟ وماذا صنعت ؟ كم تنازلت عن ذاتي وعن مصالحي وعن قضاياي الخاصه من اجل الله عز وجل ؟ ينبغي أن يتساءل الإنسان منا حتى يقتفي أثر أمير المؤمنين عليه السلام علي .

عليٌ بعد النبي

     يتحدث بعد وفاة رسول الله يقول أنا أعرف موقعي أعرف منصبي أعرف فضيلتي ينحدر عني السيل ولايرقى إليَ الطير . ولكن ماذا أصنع فصبرت وفي الحلق شجى وفي العين قذى أرى تراثي نهبًا - لكن لايهم - فخشيت إن أنا نهضت وقاومت وواجهت فخشيت أن يثلم في الإسلام ثلم يكون أعظم علي من فواتي إمرتكم هذه ، وإنما هي متعة أيام قلائل اذا كان غيري مستعد لأن يخوض المعارك إلى الأخير إلى أن ينهدم الإسلام لا مانع لديه في أن ينهدم الدين المهم أن يكون حاكمًا أو سلطانًا فأنا لا يكون لي هذا الأمر أبدًا أنا أخشى إذا أنا نهضت أن ينهدم شيء من الإسلام يثلم فيه ثلم يفتق فيه فتق ويكون ذلك أعظم من فوات إمرتكم هذه وانما هي متاع أيام قلائل فماقيمة هذه الإمرة ؟

     يقول ابن عباس دخلت عليه بعد أن جاءت إليه الخلافة ليزينها لا لتزينه فدخلت عليه ورأيته يخصف نعله بيده ، فالتفت هنيئة قائلًا : يابن عباس ماقيمة هذه النعل ؟ فاستحييت هذه إذا كانت جديده لاتساوي شيء فكيف إذا كانت ممزقة ومرقعة . قلت له : ياأمير المؤمنين لاتساوي شيئا . قال لي : ( فإن إمرتكم أهون عندي منها إلا أن أقيم حقًا أو أن أدحض باطلًا) . إمرتكم لاتساوي فردة حذاء ممزق هذه الزعامة التي تتقاتل عليها الجيوش وتسفك في سبيلها الدماء وفي أمثلة المسلمين ما لا يعد ولا يحصى على ذلك لكنها بالنسبة إلى علي أهون عندي من عفطة عنز كما في إحدى خطبه عليه السلام . ( لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر و ما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألفيتم دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز ) لاتساوي شيء .     علي عليه السلام يقدم لمجتمعه ذلك العطاء لدينه ذلك العطاء من غير أن يحدده بحد من غير أن يشترط شرطًا يقول سلام الله عليه : ( وهذا أخو غامدٍ وقد وردت خيله الأمصار وأزال خيلكم عن مسالحها وقتل حسان بن حسان البكري ولقد بلغني أن الرجل منهم يدخل على المرأه المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع قلبها وقلائدها ورعثها ما تمتنع عنه إلا بالاستعطاف والاسترحام ما نال أحدهم كلم او أريق منهم دم فلو أن أمرئٍ مسلمٍ مات بعد هذا أسفًا ماكان عندي ملوما بل كان عندي جديرًا) امرأة معاهدة يعني امرأة ذمية مسيحية ليست مسلمة لكنه يقول لو أنَ شخصًا مسلمًا مات لان امرأة مسيحية في داخل دولة قد ظلمت واضطهدت هذا هو الموقف الطبيعي الذي لايعاتب عليه بل هو الموقف الطبيعي الذي يكون أليق بهذا الرجل . أي سمو عند هذا الرجل ؟ أي شخصية صاغها النبي؟

   وعلينا نحن أيها الأحبه أن نقتفي أثر هذا العظيم أن نعمل لله بغير شروط أن نخدم المجتمع من دون حدود أن لاتحدنا الآراء والتجمعات والأفكار والتوجهات وإنما نعطي لله وخلق الله عيال الله .ماهو في قدرتنا وماهو في إمكانيتنا من غير نظر إلى هذه العناوين . أن نتاجر مع الله عز وجل بالعملة التي تنفق في سوقه وهي عملة الله عز وجل لوجه الله لأجل الله للآخرة . ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا ) وإنما يريدون وجه الله يريدون العاقبة وهي للمتقين .

   أعطى علي عليه السلام في نصف قرن من الزمان وأكثر من ذلك من عمر التاسعة ودونها أيضا في إسلامه إلى سن الثالثة والستين ، يقول نهضت بها أي بالحرب وإلا كان هناك جهاد مختلف قبل ذلك وأنا دون العشرين وهانا ذا قربت على الستين ولكن ماذا صنعت هذه الخمسين عامًا في قلب علي بن أبي طالب ؟ أي هم حمله هذا الرجل ؟ أي غم احتوى عليه في قلبه ؟ أي مصائب قد لاقاها؟ يقول الشاعر:

     مبتداها مع النبي يقاسي       حرب أعدائه وذا منتهاه

     كم تمنى الموت المريح وما   ظنك في من بالموت درك مناه

     قال مايمنع الشقي أما آن      شقاه يارب عجل شقاه

مالذي حصل من المصائب والمتاعب لعلي إلى حد أنه كان يمسح شيبته الكريمة ويقول أما آن أن يبعث أشقاها ويخضب من دمها ؟

مالذي جرى لك يا أمير المؤمنين ؟ هل تتذكر باستمرار مالذي جرى على سيدة النساء الطاهرة من مآسي ؟ هل هذا يؤرقك باستمرار؟ أم هي الطاعة العرجاء الذي كنت تراها في بعض الأصحاب أنت تريد أن ترفعهم إلى الملأ الأعلى وهم يريدونك إلى الدرك الأدنى أنت تريدهم أن يكونوا علويين وهم يريدونك أنت تكون أرضيًا وهذا الذي كان يؤرقك أم ماذا ؟

   بقى أمير المؤمنين يتذكر ماضيه مع رسول الله ويتشوق إلى أن يفارق هذه الدنيا لكي يلتقي برسول الله يتذكر آخر خطبة لرسول الله والنبي ينتهي منها ويسأله علي: يارسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فيقول له : ( أفضل الأعمال الورع عن محارم الله ) . الورع عن محارم الله ليس قراءة القرآن أو صلاة نافلة وإنما التورع عن المحارم أيها المؤمنون حرمات الأشخاص شخصيات المؤمنين حرمات الله انتهاكها بالغيبة والتهمة والإسقاط من حرمات الله ، ومن أفضل الأعمال التورع عنها ، التعرض لأعراض الناس التعرض لأعراض نساء المؤمنين هذا من حرمات الله ، وأفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله حقوق الناس المادية حرمات الله. ثم بكى النبي سالت دموع النبي على لحيته الكريمة التفت إليه علي : (بأبي أنت وأمي يارسول الله مالذي يبكيك)؟ لمَ سالت عيونك ؟قال :( ياعلي أبكي لما يرتكب منك في هذا الشهر ) أنا أتذكر مصيبتك بعد ثلاثين سنه وأنا أبكي عليها النبي يبكي علي قبل نزول الفاجعة .

 

مرات العرض: 3408
المدة: 00:53:04
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2591) حجم الملف: 15.1 MB
تشغيل:

لماذا يعشقون عليًا ع
الامام علي صوت العدالة الإنسانية