تعريف: |
عالم الغيب والشهادة
كتابة الفاضلة أم محمد المسكين
1- قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) 34 سورة لقمان 2- قال الله تعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )59 سورة الأنعام في ظلال هاتين الآيتين المباركتين نتحدث بشكل مختصراً عن علم الله عز وجل في ضمن سياق حديثنا عن أسمائه الحسنى وصفاته العليا ومنها صفة العلم وقد ورد في القرآن الكريم فيما يرتبط بهذا الاسم الشريف ثلاث صيغ. أولاً: صيغة أسم الفاعل عالم الغيب ثانياً: صيغة المبالغة أنه بما تعملون عليم أو أنه عليم خبير على وزن فعيل صيغة من صيغ المبالغة ثالثاً: علام الغيوب علام على وزن فعال صيغة مبالغة من العلم. وقد سبق أن أشرنا فيما مضى أن صيغة المبالغة قد تأتي بالنظر إلى الأفراد تكثيرا ًأو تأتي وبالنظر إلى الأنواع تكثيراً أيضاً، وموضوع علم الله من المواضيع الشائكة في علم الكلام والعقائد وموضع من النزاع العقيدي قديمًا وحديثاً. ولكننا سوف نتحدث في ظلال الآيتين بعيداً عن تلك النزاعات وتسهيلاً للمطلب وأخذا للخلاصة. الآية المباركة الأولى تقرر أن هناك خمسة أمور يختص الله سبحانه وتعالى بها ويعلمها دون خلقه. الأول: إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ. الثاني: وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وهذا بالملازمة يقتضي أن يعرف مكان نزوله وزمان نزوله وكمية النزول وآثاره. الثالث: وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ليس فقط رحم المرأة الأنثى وإنما استيعاب لكل الأرحام (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ۚ) سورة فاطر فليس فقط رحم الإنسان إنما عموم الأرحام بما يشمل المملكة الحيوانية كلها أي ما يسمى بالثدييات. رابعاً: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ولكن الله يدري بذلك. يعني مع أن هذا الشي المختص بالإنسان القريب منه ماذا يحصل من رزق ومن عمل لا يستطيع أن يتعرف عليه وأن يدري به لكن الله عز وجل عالم بكل ذلك. خامساً: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ولكن الله يعلم بذلك ويختص به. ينقل في سبب نزول هذه الآية المباركة جاء إلى النبي المصطفى صلى الله عليه وآلة اعرابي فقال يا رسول الله إن وادينا قد أقحط وأجدب فمتى تقوم الساعة ومتى ينزل الغيث وقد خلفت أهلي حاملاً فهل في بطنها ذكر أو انثى فأجابه رسول الله صلى الله عليه وآلة علم ذلك كله عند الله عز وجل. يعني أنا بالذات لا علم لي إذا أعطاني الله علم ببعض هذه الأشياء بذلك المقدار أخبر عنه وأنزل الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) 34 سورة لقمان وفي هذه الآية إجابة عن تساؤلات ذلك الرجل الذي سأل النبي عنها يلاحظ في هذه الآية المباركة عدد من الملاحظات التأكيدية من جهة لفظية ومعنوية على اختصاص علم الله عز وجل بهذه الأمور في بيان سعة علم الله وأنه لا يعلم هذا العلم إلا هو. وأول تأكيد لفضي نلتقيه هو حرف (إنْ) إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الجملة الخبرية ليست متوقفة على التأكيد بهذا الحرف فممكن يقول الله عنده علم الساعة أو علم الساعة عند الله ولكن التأكيد هنا يراد تأكيد هذه الجملة وتثبيت المضمون فبُدأت بإنْ . وتأكيد لفظي آخر وهو يرتبط بتقديم الضرف والجار والمجرور في أماكن آخري على المبتدأ. مثلاً أنت تقول (لله ملك السموات والأرض ) هذا القول أبلغ من (ملك السماوات والأرض لله) لأن في التقديم تأكيد وتقييد أيضًا أن الملك لله وهنا كذلك لما قدم عنده يعني عنده هو وليس عند غيره التركيب هنا بتقديم (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ابلغ من أن علم الساعة عنده عز وجل هذا من التأكيدات اللفظية. وأما في داخل الآية المباركة فمع شيء من التأمل يلاحظ الإنسان أن الله عز وجل جاء بقضية على مستوى الكون كله وأنه لا يعلمها إلا الله وأنه جاء بقضية أخرى على مستوى فرد من أفراد البشر الذي هو جزء من المخلوقات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل. (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) قضية الساعة يرتبط بها كل الكون من البشر والحيوانات والنباتات والأفلاك والشمس والقمر وكل شيء في هذا الكون مرتبط بالساعة لأنه يتغير وجه الكون فهذه القضية التي ترتبط بالكائنات كلها لا يعلمها إلا الله عز وجل وأصغر قضية من حيث دائرة الاهتمام هي قوله تعالى (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا). أنت غداً كم تكسب من عمل صالح؟ أو كم تكسب من نقود؟ هذه مهمه بالنسبة لك أنت. هذه قضية مرتبطة بك أنت. وهذا يهمك أنت. من حيث دائرة الاهتمام مرتبطة بشخص واحد. القضية الأولى مرتبطة بكل الكون وهذه القضية مرتبطة بشخص واحد، وكلتا القضيتين لا يعلمها إلا الله عز وجل. قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) إن إنزال الغيث هنا معناها أنه يعرف زمان ومكان وكمية وآثار الغيث وماذا سينتج وبالتالي هذه المعلومات المرتبطة بالمطر يعلمها الله ولا يعلمها سواه وأيضاً يعلم ما في الأرحام كل الأرحام الموجودة على هذه الأرض وإذا وجدت حياة اخرى في أماكن أخرى كل رحم يحمل جنين يعلمه الله عز وجل ويعلم كسب الناس وموتوهم ونهاياتهم. لعل سائل يسأل هذا السؤال أن قضية واختصاص علم هذه الأمور بالله عز وجل ربما كان في الزمن القديم؟ والآن يمكن للأرصاد الجوية أن تخبر عن نزول المطر غداً وتحدد المنطقة وكمية الهطول بالسنتيمتر المكعب وكذلك يمكن لبعض الأجهزة أيضاً عندما تصل المرأة الحامل إلى الشهر الرابع أو الخامس أن تخبر بنوع الجنين ذكر أو أنثى أي يعلم ما في الأرحام. وورد أيضاً عن المقربين من الأنبياء والأوصياء أخبار عن ممات الناس وعن جنس المولود. وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول لخديجة بعد أن دخل عليها وقد كانت حامل بالزهراء عليها السلام قالت إن الجنين الذي في بطني يؤانسني فقال لها يا خديجة أنها أنثى وأنها النسمة الطاهرة المباركة التي يأتي منها ذريتي وعترتي. فكيف فقط أن الله هو الذي يعلم ما في الأرحام؟ نرجع إلى ذلك فيما بعد ...
قال الله تعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ) الآية المباركة تطرقت إلى بعض ما يرتبط بعلم الله مفاتح وليس مفاتيح في الآية المباركة مفاتح جمع مفتح وهي خزانة ومفاتح ما تفتح به الخزنة ومفتح أبلغ من مفتاح فبناء على التفسير الأول عنده خزائن الغيب وبناء على التفسير الثاني عنده المفاتيح التي تفتح عوالم الغيب، وهذه الآية المباركة تقرأ في صلاة الغفيلة وهي مستحبة وسميت بالغفيلة لغفلة قسم من المؤمنين عن فضلها وثوابها وصفتها ركعتان بين المغرب والعشاء الركعة الأولى بعد الفاتخة تقرأ (وذا النون إذ ذهب مغاضباً...) سورة الأنبياء وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة تقرأ (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ...) سورة الأنعام ثم الدعاء في القنوت وهذه ممكن أن تنويها نافلة المغرب فنافلة المغرب 4ركعات لا يشترط فيها سورة معينة فأنت تحوز على الآجرين أجر نافلة المغرب وأجر الغفيلة ويندمج الثوابان ويندكان وتحصل على ثواب صلاتين في شيء واحد. (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) البر والبحر هنا ليس على سبيل الحصر وإنما كان عند العرب أن البر والبحر هو كل الدنيا لأن الدنيا عندهم أما يابسه وإما ماء فإذاً يعلم ما في البر والبحر أي يعلم كل شيء وليس معنى ذلك يعلم ما في الجو ولو قال مثلاً ذلك ضمن تلك الأزمنة يعلم عدد النجوم في درب التبانة لعله لا يكون واضحاً ولكن قال هذا وتحدث عن ذلك في موضع آخر حيث قال (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ....)76 سورة الواقعة (ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ...) أي ورقة تسقط في هذه الدنيا هي تحت علم الله عز وجل يعني أنت تصور نخيل القطيف ومزارعها والأحساء وبقية المناطق بل كل العالم غابات الامازون التي تمتد مئات الكيلومترات والتي تحتوي على مئات الآلف من الأشجار وفي كل شجرة تحتوي مئات الآلف من الأوراق كلها يعلمها الله عز وجل بل ولاحبة في ظلمات الأرض ,تصور أمامك مزرعة سمسم على امتداد مئات الكيلو مترات ممتدة أو مزرعة قمح في كل سنبله من سنابلها مئة حبة أو أكثر كل حبه من هذه الحبات يعلمها الله عز وجل , ولو سقطت في ظلمات الأرض ولو نسيت من قبل زارعها فإنها لا تعزب عن علم الله الذي لا يعزب عنه مقدار ذرة في السموات والأرض والذرة لها تعريف يعلمه أهل الفيزياء وهي أصغر وحدة تتشكل منها المادة ولكن هذا ليس هو المقصود بل الذرة في لغة العرب هي التي نراها عندما تتسلل أشعة الشمس خلال نافذة إلى الغرفة يرتفع غبار أوهبا أثناء تحريك السجادة هذا الشيء المتصاعد الذي تكشف هنا أشعة الشمس هو الذرة فلو غابت أشعة الشمس لا نستطيع رؤيته بالرغم من وجوده وقيل أن الذرة هي حشرات صغيرة. أي ذرة حتى بهذا المقدار لا تعزب عن علم الله وهذا له آثار نتحدث عنها في معرفة حدود علم الله الذي لا حدود له. جاء أحدهم قال أمام الأمام الصادق عليه السلام فقال الحمد لله منتهى علمه فقال له لا تقول كذلك فإنه لا منتهى لعلم الله، من ذلك أن علم الله عز وجل لا يوجد فيه شيء أسمه الغيب والشهادة. س/ لماذا إذاً يقول عالم الغيب والشهادة ؟؟ نحن البشر عندنا معادلة الغيب والشهادة والخفي والظاهر، أنا الآن جالس في هذا المكان وما يحدث في الشارع لا أراه (غيب) والشيء البعيد عن سمعي وبصري ولمسي بالنسبة لي غيب لأنني لا أستطيع إدراكه، لكن الله كل شيء عنده شهود وحضور ولذلك علمه به على حد واحد، أنا بالنسبة لي بعض الأشياء غيبية أحتاج إلى معجزة حتى اطلع عليها أحتاج إلى اجهزة حتى اتعرف عليها ا. لكن الله الشاهد الحاضر لذلك يقولون إن علم الله بالأشياء علم حضوري لا علم حصولي. هذا التعبير ربما مر عليك سمعت به من قبل متحدث أو قرأته من كتاب، يقسمون العلم إلى نوعين هما: 1- علم حضوري 2-علم حصولي أنا وأنت علمي وعلمك علم حصولي يستحصل مثال ذلك / عندما نعلم بوجود نار ماذا يحدث؟ الذي يحدث أن ذهنك يلتقط صورة للنار ويحتفظ بها داخل دماغك تمامًا مثل جهاز الكمبيوتر عندما تفتح ملف وتحتفظ فيه بمعلومة معينه في الذاكرة دماغ الانسان هكذا انما يصنع علمة عبارة عن صور للأشياء واستقدام الصور الى داخل الذهن الى داخل القوة الإدراكية , أنت مثلاً تعلم بالنار ولكن دماغك ليس حار مثلها وتعلم بالثلج ولكن دماغك ليس بارد مثله الحاصل لديك صورة النار والثلج كما مدينة مشهد رسمت لها صورة وأدخلتها في مخيلتك ولم تدخل مدينة مشهد في دماغك ,إذاً فهو علم قائم على أساس استقدام الصور من الخارج وتسجيلها في ذهن الأنسان لحين الحاجة لذلك لا يتأثر الذهن بحقيقة الصور. أما بالنسبة لله عز وجل فليس الآمر كذلك الله عنده علم حضوري بالأشياء كل شيء حاضراً عنده يراه بعلمه وبعظمته وهو مهيمن ومشرف عليه الأشياء قائمة عنده بنفسها وحقيقتها. مثال / أنت عندما تقول أنا اليوم أشعر بارتياح اتممت قراءة جزء 12من القرآن الكريم وسألت الله أن يكرمنا بالجنة لي وللمؤمنين، علمك هذا بذاتك بفرحك وسرورك علم حضوري، وهذا يختلف عن أي واحد آخر أنا الأجنبي عندما اراك مبتسم فرح أعلم أنك مسرور علمي هذا بك علم حصولي. علم الله بالأشياء علم حضوري وليس حصولي، من مميزات هذا العلم ايضا أنً علم البشر بالأشياء هو علم اكتشاف العلاقات بين الأشياء الطبيب مثلاً يربط بين هده الأعرض وهذا المرض وايضاً العلاقة بين هذه الأعراض والميكروب ولكن علم الله عز وجل هو علم وضع العلاقات بين الأشياء هو يصنع العلاقات بين الأشياء بين الصحة وأنها ترتبط بالغذاء و....إلخ وبين نجاح الزراعة وأنها ترتبط بنوع التربة والماء و........ إلخ أنا وأنت نكتشف هذه العلاقات وبعضها يبقى مجهول أما علم الله عز وجل قائم على اساس بناء العلاقات بين الأشياء وبين المخلوقات يترتب على هذا العلم معرفة الله عز وجل بكل شيء وأنه قد أحاط بكل شيء علما وأنه علام الغيوب وما يعزب عنه مقدار ذره ومن الأثار المترتبة على هذا العلم: 1- أثر علمي وحضاري وفلسفي يرد على ما قاله بعض الفلاسفة ومنهم من المسلمين من أن الله سبحانه وتعالى علمه يتعلق بالكليات لا بالجزئيات وهذا القول إما أن يوجهون به ما يوافق القرآن وإما أن يرفض ,إن الله تعالى (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)59 سورة الأنعام ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ ﴾ 61 سورة يونس وهذه كلها إشارات بل تصريحات أن له علم بالجزيئات وأن علم الله بالجزئيات كعلمه بالكليات كعلمه بالغيب كعلمه بالشهادة كل شيء بالنسبة لله مكشوف وملحوظ ومرئي وهو خير الناظرين. الأمر الآخر أننا إذا علمنا أن الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيء تظهر لنا الأثر الثاني: 2- صفة العلم من صفات المحبوبة التي تمثل بها وتحلى بها الله سبحانه وتعالى وفي الحديث المعروف (تخلقوا بأخلاق الله) هناك بعض الصفات لا نستطيع أن نتخلق فيها كالقيوم، الحي، الدائم، السرمدي، المتكبر الجبار ولكن بقية الصفات نستطيع أن نأخذ شيء منها, مثل العلم وهو من الصفات المحبوبة والمطلوبة ينبغي أن يتحلى الأنسان بالعلم سواء كان العلم الشرعي الذي له الشرف أو العلم الطبيعي الذي هو في الواقع سياحة في حكمة الله عز وجل وأن أعرف ما يوجد في خلقه من أشياء ومن روابط هذا خلق الله وأنا أسير في هذا المسرح الذي أرى فيه حكمة الله وعلم الله وتدبيره , فعندما أرى في الطبيعة وأكتشف قوانينها ها أنا ذا أمشي في مماشي قدرة الله عز وجل فعندما تفكر الأمة بهذه الطريقة عادت أمة مؤمنة تتصور الله في كل شيء وعادت أمة متقدمة لأنها اكتشفت الطبيعة والإنسان والتجمع والفضاء والبر والبحر 3- لها أثر أخلاقي تربوي عندما يعرف أن الله يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور بل قد يوم من الأيام يأتي (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ(10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ(11)) سورة العاديات إذا فهم الأنسان هذا المعنى وفهم أن الله ناظر إليه في كل الأحوال وأنه تحت رعاية الله عز وجل ولا يكون من أولئك الناس ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ (108))سورة النساء . يقولون أن لقمان الحكيم في حداثة سنه كان عند معلم ومعه مجموعة من أولاد فأراد المعلم أن يمتحنهم فأعطاهم طيوراً وقال كل واحداً منكم يذبح هذا الطير في مكان لا يراه فيه أحد وله مني الجائزة . ذهبوا جميعهم وذبحوا الطيور واتوا بهم إلى المعلم إلا لقمان أتى بالطير وهو لايزال حياً فسأله المعلم لما لم تذبح طيرك؟ فقال ما وجدت مكانا فيه شرطك. قال ذهبت إلى داخل الدار وعلمت أن الله يراني وأنا داخل الدار وخرجت إلى الصحراء أريد أن أذبحه وعلمت أن الله يراني وأن كنت في الصحراء ومن ذلك كان لقمان هو الحكيم يتنامى في الحكمة ويعلم أنه تحت رقابة الله عز وجل ... وهذه الرقابة ليست رقابة شرطي هي رقابة عناية ورعاية وحفظ وتأييد ونصر للمؤمنين، وعندما يقول (إن الله مع الصابرين) تختلف عن قوله (وهو معكم أينما كنتم) أجعل الله معك معية من الخلاص والنصر والتأييد من هذه الرقابة. نرجع للإجابة عن السؤال السابق: قلنا إن بعض البشر يعلمون ما في الأرحام وبعض البشر يعلمون متى ينزل الغيث فكيف يقول الله أن هذا من مختصات العلم الخاص فيه؟ 1- الفرق بين العلم الذاتي الاستقلالي والعلم التبعي العرضي يعني علم رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم يعلم أن الموجود في بطن زوجته أنثى ولكن هذا ليس علمه هو أي ليس علم استقلالي وإنما هو من علم الله عز وجل علمة نبيه (عالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) سورة الجن يعطى للرسول وأحياناً ليس رسول وإنما عبداً صالحاً ,أعطى لأم موسى علمين أو مفردتين غيبيتين قال تعالى ( أن راده إليك وجاعلوه من المرسلين ) هي ما كانت تدري أنه يرجع وبحسب الموازين العادية الطبيعية لم يكن سيرجع ولا أحد يعلم أيضا انه من المرسلين في الوقت المعين وبالكيفية الخاصة لكن الله اعطى لأم موسى هذا العلم الذي كان غيباً لسائر الناس , ولكن ذلك ليس علم ذاتي وإنما علم تبعي وكما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام لما قال له بعض جنده وقد أخبر أمير المؤمنين ببعض أخبار المستقبل قال له يا أمير المؤمنين إنك لتعلم الغيب وقد كان من بني كلب قال له أمير المؤمنين لا يا أخا كلب إنما هو تعلم من ذي علم إنما هو من النبي والنبي أخذ ذلك من ربة عز وجل فشيء استقلال وشيء تبعي . 2- الفرق بين الأجمال والتفصيل. أقصى ما يصل إليه البشر بواسطة الأجهزة أو غير ذلك تعيين نوع الجنين ذكراً أو أنثى ولكن الله عز وجل يعلم كل ما في الأرحام بكل صفاته وأشيائه يعلم أن هذا الجنين ذكر أو أنثى، سعيداً أو شقي غضوب أو رقيق الحاشية طويل أو قصير و5000مليون معلومة مع الحويمن الذي لقح البويضة هذه المعلومات كلها وغيرها يعلمها الله عز وجل بالنسبة لهذا الجنين فهل ترى أحد مهما أوتي من أجهزة والطاقات يعلم كل ذلك عن هذا الجنين ويعلم كل ما في الأرحام؟ لا يوجد ... أن الله هو العالم بذلك لا غير ينزل الغيث ويعلم عدد قطر المطر نقرأ في دعاء الأمام زين العابدين عليه السلام في استقبال هلال أول الشهر وتوديعه في الصحيفة السجادية (سبحانك تعلم وزن المطر سبحانك تعلم عدد القطر ..............) هذه لا يستطيع أحد أن يحصيها وأن يعرفها على اطلاقها في كل مكان وكما سمعنا أن البشر أحصوا أنه ينزل في كل ثانية 14مليون طن في الثانية الواحدة يتبخر إلى السماء وهذه تقديرات للأمر للوصول إلى المساواة من الممكن أن تكون دقيقة ومن الممكن ألا تكون دقيقة. على أي حال فإن كل شيء عند الله بمقدار ومن الممكن بالنسبة للجواب الأول أن الله سبحانه وتعالى يطلع يعض عباده على بعض الغيبيات إكراما لهم أو إشارة إلى علاقتهم بالله عز وجل فأطلع الأمام الحسين عليه السلام أصحابه ليلة العاشر من محرم عن مصارعهن ومقاتلهم وأخبرهم أنت تقتل بالسيف وأنت تقرع بالقضيب وأمثالها وهذا أخبار عن المستقبل وتعلم من ذي علىم. |