ضالون خاسرون وآخرون فائزون .. من هم؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 30/6/1445 هـ
تعريف:

ضالون خاسرون وآخرون فائزون ... من هم؟

كتابة الفاضل علي السعيد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين. السلام عليكم أيها الإخوة المؤمنون، أيتها الأخوات المؤمنات، ورحمة الله وبركاته. قال الله العظيم في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [سورة الفاتحة: 6/7]، آمنا بالله صدق الله العلي العظيم. وكان حديثنا فيما سبق عن ضرورة أن يكون للإنسان خريطة حياة لدنياه توصله إلى نتيجة أخروية سليمة، وتحدثنا بعض الحديث عن أن قسما من الناس يعتبرون هذه الحياة الدنيا: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ ...) [الحديد: 20]، وليس بعد ذلك شيء. القرآن الكريم يوبخ في هذا التوجه، ويرى أنه من الضلال أن يفكر الإنسان أن هذه الحياة الدنيا هي في هذه الدائرة فقط، في المقابل يبين القرآن الكريم أن هناك صراطا مستقيما، وخريطة صحيحة توصل الإنسان إلى ما هو الغاية من خلقه، وإلى الذي خُلِق لأجله، ويحث الناس على أن يبحثوا عن ذلك الصراط المستقيم، وعن تلك الخريطة الصادقة، ويذكرهم بهذا المعنى في كل صلاة أكثر من مرة، وفي اليوم مرات عديدة، ويطلب منهم ويعلمهم كيف يدعون الله سبحانه وتعالى بأن يعرفهم هذه الخريطة، ويهديهم إلى ذلك الصراط. نحن نقرأ في سورة الفاتحة، والتي لا صلاة إلا بها، فإذا تركها الإنسان عمدا بطلت صلاته مع أنها لا تعد من الأركان، وإنما هي من الواجبات، ولكن تعلمون أن الواجبات متى ما تُركت في الصلاة عمدا بَطُلت تلك الصلاة، وأما لو تُرِكت سهوا وغفلة فلا تنتهي إلى البطلان. في كل صلاة الإنسان المسلم يقرأ سورة الفاتحة مرتين، سواء كانت تلك الصلاة صلاة واجبة، كصلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، أو كانت صلاة مستحبة كصلاة الليل مثلا، أو نافلة الفجر قبل صلاة الفجر، هكذا سائر الصلوات، فإنه لابد فيها من قراءة سورة الفاتحة، سورة الفاتحة يرى بعض العلماء أنها خلاصة القرآن الكريم، أم الكتاب، أصل الكتاب، وذكر فيها كلمات كثيرة، نصفها لله، ونصفها للعبد، وغير ذلك، هذا يُبْحث في التفسير. شاهدنا منها هذا، أن الإنسان بعد أن يحمد الله سبحانه وتعالى، ويثني عليه، بأنه الرحمن الرحيم، المالك ليوم الدين، بعد ذلك يطلب منه الهداية لهذه الخريطة الحياتية، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، عرفنا يا رب ما هي هذه الخريطة؟ ما هو ذلك الصراط؟ والصراط مفهوم واسع ورد في تفاسير أهل البيت عليهم السلام أنها ولاية محمد وآل محمد، ولا شك أن ولاية محمد وآل محمد من الصراط المستقيم، العمل بالصالحات من الصراط المستقيم، اجتناب المحرمات من الصراط المستقيم، العقائد الحقة المستقيمة من الصراط المستقيم، وهكذا. في المقابل هناك ضلال، وهناك خسران، الإنسان الذي يكون خارج هذا الإطار، خارج إطار الصراط المستقيم، بعيدا عن الخريطة السليمة، أولا هو ضال، وثانيا فيما بعد ذلك هو خاسر، ضال في البداية في هذه الدنيا، وخاسر في الآخرة، بل حتى في الدنيا أيضا، فالمشكلة في أن الإنسان الذي لا يمتلك خريطة سليمة يخسر الدنيا، ويخسر الآخرة، ويكون قبل ذلك ضالا في طريقه، غير عارف بمنازله الصحيحة، هدفه في الجنوب وهو يسير شمالا، لا يمكن أن يصل إلى هدفه، وهكذا إذا اختلف عنه أو تخلف عنه. القرآن الكريم إذا الإنسان يلاحظ كيف عالج هذه القضية من خلال المفردات، مفردات (لهو ولعب وخسارة وضلال)، سوف يجد، وأنا أنصح نفسي والإخوة السامعين والأخوات أنه كل ما مر عليهم من هذه الألفاظ ينظرون قبلها، (ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)، انظروا إلى التي قبلها، ما الذي صنعوه حتى ضلوا ضلالا مبينا؟ ما الذي جرى عليهم حتى خسروا خسرانا مبينا؟ وفي المقابل الآيات التي فيها فاز، والفوز العظيم، وما شابه ذلك، (مَفَازًا)، (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا)، قبلها ماذا هناك؟ ماذا يوجد قبل هذه الكلمة حتى تنتهي إلى هذه النتيجة؟ دعنا نرى بعض ما ورد في آيات الله عز وجل، في البداية من هم الضالون؟ لأن الضلال ينتج الخسارة، الضلال ينتج الخسارة هذا أمر لا يحتاج إلى استدلال، أنت الآن تريد أن تذهب إلى مكة، شهر رجب قريب، وأنت ممن تذهب للعمرة الرجبية التي هي في أحاديثنا أفضل من كل عمرة، رزقكم الله وإيانا ذلك، فتأخذ طريقا هذا الطريق ليس طريق الجادة الصحيح، تضل الطريق السليم، فمن الممكن أنه بدل أن تذهب إلى مكة تصل مثلا إلى بلد آخر، خسارة مال، بنزين، استهلاك سيارتك، خسارة الوقت، ما وصلت أيضا إلى النتيجة المطلوبة. بالنسبة إلى ما يرتبط بالضلال عن الصراط المستقيم، عدم معرفة الخريطة الصحيحة، آيات كثيرة في القرآن الكريم لكن نورد بعضا منها كشواهد، مما جاء في كتاب الله عز وجل، ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 116]، ليس أي ضلال، ليس فقط (ضَلَّ) بل (ضَلَّ ضَلَالًا) و(بَعِيدًا)، هذان تأكيدان، يكفي أن يقول القرآن الكريم من يشرك بالله فقد (ضَلَّ)، ينتهي المعنى، ويستفاد منه، لكن جاء بكلمة بالمصدر (ضَلَالًا) لكي يفيد تأكيد المعنى، وأيضا ليس أي (ضَلَال) وإنما (ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)، الان شخص لنفترض ضل عن الطريق إلى مكة بمقدار (20) كيلومترا مثلا، (20) كيلومترا يمكنه التدارك والرجوع، هذا (ضلال ليس بعيدا) عن الطريق، ولكن لو أن إنسانا مثلا سار في غير الاتجاه وقطع له (1200) كيلومتر وهي نفس مسافة مكة، يجب أن يرجع من جديد، نفس هذه المسافة. (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)، الذي يجعل إلى جانب الرب الواحد الأحد الفرد الصمد شيئا، سواء كان حجرا أو كان شخصا، هناك قسم من الناس في هذه الأزمنة لا يعبدون الأحجار، ولكنهم يعبدون الأشخاص، الذي يعتبر أن فلانا من الناس لأن عنده مالا، لأن عنده سلطة، لأن عنده كذا، فهو النافع الضار، تتقرب إليه يعني أنت كما يقول المثل: (خبزك بالدهن)، وإذا غضب عليك ضاقت عليك الدنيا، هذا شرك. (المالك القادر النافع الضار)، بهذا المعنى هو الله سبحانه وتعالى، نعم جعل لبعض أوليائه من قدرته وبإذنه صلاحيات معينة، فأنت تتوسل بهم وتستشفع بهم، وتطلب ما عندهم مما وهب الله عز وجل، هنا هذا لا يكون شركا لأن مرجعه إلى توحيد الله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى ليس هو قادر فقط، هو قادر، وقادر على أن يعطي القدرة لبعض أوليائه. (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)، بعض أشكال الاعتقاد بالسحر، وما شابه ذلك، هي عين الشرك، عندما يتصور إنسان أن من يسمون بالسحرة قادرون على قطع الولد عنك، قادرون على قطع النصيب في الزواج عن ابنتك، قادرون على تعكير حياتك، هذه الفئة إذ اعتقدوا بذلك ورأوا أن هؤلاء غالبون على الأمر، هذا شرك بالله، الله سبحانه وتعالى هو: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50]. فإذا جاء شخص وقال أنا أقدر أفعل هذا، يقال له أنت كذاب، إذا آمن البعض بهذا الكلام فإنه يكون على حد الشرك بالله عز وجل، لأن هذا ليس من أولياء الله سبحانه وتعالى الذي يعطيه القدرة والقوة والإمكانية، (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)، ضمن معادلة الله عز وجل، لا يستطيع أحد أن ينفع أحدا إلا بإذن الله، ومثل هؤلاء لا يأذن الله لهم. قسم آخر لا يشرك بالله، ومع ذلك الله هو يضل: (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)، الإنسان زيد من الناس كان طيبا خيرا مؤمنا عابدا كذا فترة طويلة، مرة واحدة، عادة الإنسان يرى مرة واحدة وإلا الأمر لا يحدث مرة واحدة، أنت ترى الأثر الظاهر، ولكن اعتمال القلب، والتفكير المنحرف، والتوجهات الباطلة موجودة في قلب الإنسان، ليست مرة واحدة، اليوم فعلا كان من المقربين (مرة وحدة ضرب دقلة) كما يقولون وانقلب، لا، يوجد بهذا الشكل، هذا طول مدة من الزمان لديه أفكار منحرفة، أفكار باطلة، توجهات خاطئة، وصلت إلى نقطة، فاض الأمر، وتراجع عن الهدى. امرأة كانت محجبة متدينة كذا وكذا إلى غير ذلك، مرة واحدة صارت وتركت هذه الأمور، تركت الحجاب، تركت الصلاة، هذا ليس ذاك اليوم صارت، لا هذه مسيرة، مسيرة كانت فيها، تعتمل في داخل قلبها وأفكارها، تدخل على مواقع باطلة مثلا، وتتحمل بأفكار غير صحيحة، وهكذا وهكذا، إلى أن جاء يوم من الأيام واتخذت هذا القرار. (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ)، يعني يجعل الكفر بديلا عن إيمانه الذي كان عليه، (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)، هذا أيضا ضال، (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) عليه أن يرجع، عليه أن يتوب، كيف هذا الذي في الطريق انحرف وذهب لغير الجادة إلى وسط الصحراء، هذا العاصي لله كفانا الله وإياكم عصيانه ومعاصيه، هذا دعه يرجع، أنت ضال، أنت ذاهب على غير الطريق، ارجع، هناك عندك مجال. (فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)، الضالون، مسيرتهم مسيرة غير صحيحة وغير سليمة، قد تكون في العقائد، في مراكز الإيمان القلبي، وقد تكون في مراكز الأفعال والجوارح، عصيان وتمرد وما شابه ذلك، ينتج عن هذا إذا الإنسان الذي ضل لم يتراجع، ينتهي إلى الخسران، والخسران المبين، القرآن الكريم يتحدث عن ذلك ليقول: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) ترى بعض الأمثال في هذه الحياة أحيانا تؤثر بشكل غير مباشر، تقول له مثلا اهتم بأمر دينك، صلاتك، صومك، عملك الصالح، اترك هذه الأمور، يقول (طنش)، وبعضهم صاغها (طنش تعش تنتعش)، وإلى آخره، إذا هذا بمعنى عدم الاهتمام بالأمور الدنيوية، لا مانع، الدنيا لا تستحق اهتماما كثيرا. مولانا زين العابدين عليه السلام يقول: (معاشر أصحابي أوصيكم بالآخرة، ولست أوصيكم بالدنيا، فإنكم بها مستوصون، وعليها حريصون، وبها مستمسكون...)، يعني هل يحتاج مثلا الإمام يأتي ويقول لك كل أكلا جيدا؟ ما يحتاج، لماذا؟ لأنه أنا وأنت عندنا الدوافع الخاصة لهذا الأمر، يأتي ويحرض في كل خطبة على أنه البسوا أحسن الملابس، واركبوا أحسن المراكب، وابنوا أفضل البيوت، لا يفعل هذا، لماذا؟ لأن هذا لا يحتاج، طبيعة الإنسان تمشي في هذا الاتجاه، لو وجد مالا تزين، بل أحيانا حتى لو لم يجد اقترض لأجل ذلك، فلا يحتاج وصية كما يقولون، (لا توصي حريص)، لكن يحتاج إلى توصية بأمر الآخرة، يحتاج إلى التذكير بلقاء الله عز وجل، فإذا ذُكِّر ربما ذَكَر، وآنئذ لا يخسر، وأما إذا كذب بلقاء الله، ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾، فقط هذا، كنا بعد ذلك صرنا أحياء، بعد ذلك ينتهي كل شيء. وكفار قريش كانوا هذا ما يتعقلون أصلا: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)، فعلا سيأتي يوم القيامة؟ فعلا سنرجع بعدما صرنا عظاما نخرة؟ ما يحتاج الإنسان يقول هذا الكلام هذا حتى يكون مكذبا، لا، طبيعة حياته، طريقة حياته هي أحيانا تكون تكذيبا بيوم القيامة، إذا إنسان دائما يعمل السيئات، لا يعتني بالصالحات، لا يرجو لقاء الله سبحانه وتعالى، لا يعمل للجنة، لا يخاف النار، هذا شخص مكذب لا يحتاج أن يأتي مثل كفار قريش ويقول لن نرجع. (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)، هذا من الذين خسروا، الذين خفت موازينهم على أثر قلة العمل الصالح أو كثرت الذنوب، القرآن يقول عنهم: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)، تعلم لماذا؟ لأن كل المعادلات الذي وضعها الله سبحانه وتعالى في الحياة لابد أن تنتهي إلى ربحك، فإذا مع ذلك الشخص خسر فعلا هذا إنسان جهنمي، المعادلات التي وضعها الله سبحانه وتعالى في الحياة كلها تنتهي إلى ربحك، يريد أن يبعثك إلى الجنة من خشمك يجرك، وغصبا عليك. فإذا إنسان مع ذلك خفت موازينه، كيف تقول إنه يريد أن يبعثك إلى الجنة غصبا عليك؟ يقول لك إذا ما فعلت، إذا ما فعلت عملا فقط نويته يسجل لك العمل، فقط نويت، والله أريد يا ليت أن الله يرزقني زيارة رسول الله، هذا الآن يسجل لك هذا العمل، انتهى كُتُب لك زائر لرسول الله، يا ليت أحصل على عمرة في رجب، تقولها صادقا تتمنى ذلك حقا، سُجِّلت لك عمرة، وهكذا. فبالنية أنت تستطيع أن تشحن ميزانك حسنات، فقط بالنية، انوِ الخير، سيشحن ميزانك، إذا الشخص بهذا الشكل ومع ذلك خفت موازينه، ماذا يحتاج إليه؟ (فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ). الواحد بالنية يستطيع أن يشحن ميزانه حسنات، ويجعله ثقيلا، جئت وفعلت العمل، نيتك محسوبة لك، عملك أيضا محسوب لك، ليست مرة واحدة وإنما محسوب لك أقل شيء (10) مرات، وأكثر شيء بلا حدود، (10) مرات (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ )، أكثر من ذلك (700) مرة، (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، فإذا الواحد أبو الـ(10) ما فادت فيه، أبو الـ(700) ما فادت فيه، مضاعفة الحسنات ما فادت فيه، آلاف الآلاف التي لا تحسب بغير حساب، الأرقام توقف، ومع ذلك ذهب إلى نار جهنم، هذه حقيقة أليس إنسانا خاسرا؟ مع أن الله سبحانه وتعالى جعل جزاءه بهذه الطريقة، (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)، استثمار نفسك وبدنك الذي كان من المفترض بنيتك أن تحصل على ثقل الميزان، بعملك البسيط، عبادات كم هي العبادات في الـ(24) ساعة؟ لا تحتاج إلى أكثر من ساعة واحدة لعباداتك في الصلاة، فإذا مع ذلك الإنسان خفت موازينه، خسر استثماره في نفسه، وبالتالي هو في النار خالدا. وأيضا (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، التمرد على الحكم الشرعي، هنا فسر (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ)، الأحكام الإلهية، جاءت في نفس هذا السياق، يقول هذا كله خرافة، وكله كلام مشايخ وفقهاء، ومن أين جاؤوا بهذا الكلام كله؟ (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)، إذا كان مؤمنا بذلك حقا بأن هذا كله كلام فاض، وكله كلام ليس له أصل، (الله ما قاله ولا أولياؤه)، (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ويقول أيضا (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)، تقول هل هناك أحد يقتل أولاده في هذا الزمن؟ بلى، هذه عمليات الإجهاضات ماذا تسمى؟ لا سيما بعد ولوج الروح، كثير تأتينا أسئلة والله أنا حملت حملا غير مخطط، والآن أريد أن أنزله، ماذا؟ هذا (بزنوة) على قولتهم، قطة حتى تنزلها؟ هذه روح بشرية، هذا إنسان، هذا بداية نشوء رجل قد يكون أو فتاة قد تكون عند الله أقرب من أبيها وأمها، كيف أنزله؟ والله أنا مبرمجة بهذا الشكل، وهذا يتعارض مع شغلي، أو والده غير راغب وإلى آخره، (خسر هؤلاء)، نعم هناك ظروف خاصة عينها الشرع وهي في غاية الصعوبة التي تُجّوِّز في مثل هذه الأمور ذكرها الفقهاء، والخلاصة أن الإنسان عموما خاسر، (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) في المقابل الفائز من هو؟ (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ)، فقد فاز، هذا الذي فاز ليس الذي يأتي ويقول إنه أنا عندي كم مليون في حسابي وينشره على الملأ من غير مراعاة لحال الفقراء، التباهي، هذا غير فائز، الذي في اللعب يحصل على الكأس ليس هذا هو الفائز حقيقة، الذي يربح الجائزة في السحب ليس هو هذا الفائز حقيقة، الفائز الحقيقي (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ)، كيف هذا يزحزح عن النار ويدخل الجنة؟ (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)، مطيع لله، مطيع لرسول الله، في أي حال من الأحوال كان غنيا فقيرا مريضا صحيحا، ليس أي فوز، فقد فاز فوزا عظيما، ويقول أيضا (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)، و(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا)، موضع فوز لهؤلاء المتقين. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة الفائزين، ومن المتقين الصالحين، وأن يجنبنا مذاهب الأخسرين، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
مرات العرض: 4327
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 79927.69 KB
تشغيل:

برنامج النبي والمعصومين لعامة المؤمنين ( استقبال شهر رمضان)
ظواهر مشتركة في حياة الإمام الجواد والعسكريين ( شهادة العسكري)