31 المسبوبون والمحتقرون لهم ملكوت السماء
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 23/8/1443 هـ
تعريف:

المسبوبون والمحتقرون لهم ملكوت السماء

كتابة الفاضلة ر. العبيدي

  في وصية الإمام موسى ابن جعفر الكاظم عليه السلام لهشام ابن الحكم، وصلنا الى فقرة ذكر الإمام عليه السلام عنها أنه مما ذكر أنه مكتوبٌ في الإنجيل، وذكرنا في حديث سابق شيئا مختصراً عن الانجيل وتدوينه وما يرتبط به، وإن هذا مما هو في التنزيل الأصيل للإنجيل، ينقله الإمام موسى ابن جعفر سلام الله عليه.

فقال يا هشام مكتوب في الإنجيل: 

(طُوبَى لِلْمُتَرَاحِمِينَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُصْلِحِينَ بَيْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طُوبَى لِلْمُتَوَاضِعِينَ فِي الدُّنْيَا أُولَئِكَ يَرْتَقُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)        بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٥ - الصفحة ٣٠٩

وقد سبق الكلام عن هذه الفقرات، وسنتحدث هنا عن باقي ما عُنْوِنَ بما هو مكتوب في الانجيل من حكم ومواعظ المسيح عليه السلام في الإنجيل وغيره:

أيضاً قال عليه السلام مما كتب في الانجيل: 

(طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك يرثون منابر الملك يوم القيامة. طوبى للمساكين ولهم ملكوت السماء. طوبى للمحزونين هم الذين يسرون. طوبى للذين يجوعون ويظمئون خشوعا هم الذين يسقون [طوبى للذين يعملون الخير أصفياء الله يدعون] طوبى للمسبوبين من أجل الطهارة، فإن لهم ملكوت السماء. طوبى لكم إذا حسدتم وشتمتم وقيل فيكم كل كلمة قبيحة كاذبة حينئذ فافرحوا وابتهجوا، فإن أجركم قد كثر في السماء.).        تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٥٠١

عند تأمل تلك المواعظ نجد تشويق لمن يكونون في هذه الدنيا في محل الظلم.

الإنسان الذي يكون في هذه الدنيا في حالة غير حسنة كإن يكون مسكيناً او فقيراً أو تسد في وجهه أبواب الرزق او يقتر عليه لسببٍ أو لآخر.

هذا الإنسان لاريب انه يستشعر الكسيرة في نفسه والحزن في داخله، أيضا ً أولئك الذين يشتمون ويظلمون ويعتدى عليهم بالكلام، ويتحدث عنهم بالسوء، هؤلاء ينتظرهم كما في الفقرة النعيم، بل الملكوت السماوي. 

خلاصة هذه الفقرة بالإضافة إلى أنها بمثابة تسكين للألم فإن الإنسان قد يحتاج في هذه الدنيا أن يضرب وأن يكسر، وبمجرد أن تأتي إليه وتكلمه بكلام طيب، وتعده بثواب الله، وتخفف عليه ما أصابه هذا هو جزء من العلاج بالنسبة له يقلل عليه الألم ويخففه بخلاف إذا أنت بخلاف ما هو فيه هاجمته واثقلت عليه ولمته وعاتبته فزدته ألم على ألم، هذه نقطة.

نقطة أخرى، ان هذه الفقرات فيها إشارة إلى ان الحياة الحقيقة الآخرة الباقية هي التي تنتظر هؤلاء.

إنسان قتر عليه رزقه وقتر عليه كسبة في هذه الدنيا كم سنة يريد ان يعيش في هذه الحلات.

أولاً: كما ان السرور لا يدوم أيضاً الفقر والحزن والمشكلة أيضاً لا تدوم.  ولو فرضنا انها دامت طيلة حياته، فإننا نجد هذا مقارنة بالحياة التي يعبر عنها القرآن الكريم بانها الحيوان. 

قال تعالى: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)         سورة العنكبوت الآية 64

يعني ان الحياة النهائية والسرمدية والباقية والخالدة قياسا لها 70 أو 80 سنة تعتبر لحظة من الزمان، كذلك لو حُرم إنسان من بعض الملك في هذه الدنيا فلم يقدر أن يشتري له سجاده جيدة أو بيت ملك أو بيت واسع، ولا وسيلة سريعة ينطلق بها الى حيث يريد، هذا كله عالم مُلك وعالم المُلك لا شيء بالنسبة لعالم الملكوت، لذلك هؤلاء يكتبون مثلاً في ملكوت الله ينعم عليهم.

هذا العالم البسيط ذي النعم البسيطة والزائلة، وأقول بسيطة لأنها إما تكون بسيطة صغيرة أو لأن قدرة الإنسان على الاستفادة منهم بسيطة. 

فمثلاً: كم تقدر ان تأكل في وجبة الغداء؟ هل تقدر تأكل 10كيلو؟ 

الجواب: لا يمكن، مع ان ثروتك ممكن ان تأتي لك ب 1000 كيلو من أصناف الطعام، لكنك لا تستطيع ان تأكل حتى 5 كيلو، فتأكل شيء بسيط فتمتلئ معدتك..

عندك منزل ما شاء الله، مترامي الأطراف هل تستطيع ان تضع جنبك 100م لتتمدد، كلا!

فبدنك طولاً وعرضاً ضئيلاً، فهذا نصيبك مهما كان قصرك عظيماً وفخماً فإما هي نفس النعمة تكون قليلة، محدودة بقدر استفادتك منها باعتبار طولك وعرضك وذائقتك وبطنك وشهوتك الجنسية فهذه قدرة محدودة لا تستطيع أكثر من هذا، بينما هناك الأمر مختلف، لذلك طوبى لهم كانت.

وطوبى كما ذكرنا سابقاً ان إحدى معانيها كما ذكرنا في وقت مضى هي إشارة الى جنة من الجنان، وبعضهم قال هي على وزن مرحى وما شابه ذلك، كلمة تشويق وترحيب وما شابه ذلك.

يقول طوبى للمساكين في هذه الدنيا، هؤلاء لهم ملكوت السماء، هذا المقام إنما وصل اليه نبي الله إبراهيم بحيث فقط انه راها ولم يمتلكه بحيث ( نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )        سورة الأنعام - الآية 75

فقط رآه، هذا المسكين في هذه الدنيا له الملكوت ولا يعني ذلك بطبيعة الحال ان يسعى الإنسان نحو المسكنة.

فمادام الأمر هكذا لا داعي ان اعمل لأحصل على معيشتي لأنه ستكون لي ملكوت السماء.

لا، هذا غير صحيح فالمؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف والغني خيرٌ من المؤمن الفقير، إذا كان الغني ينفق غناه في طريق الطاعة.

ثم قال: (طوبى للمحزونين) 

لمن كان حزنه لأجل فراق ربه لأن هناك قسم من الناس عندهم مرتبة أنه وصل لدرجة انه يتألم لابتعاده عن ربه، لدرجة أن بعضهم كما ورد في الدعاء (ولإن ادخلتني النار لا خبرن أهلها أنى احبك) أي من كثرة شوقي لله عز وجل ان بعض المؤمنين تكاد تنخلع قلوبهم من اجسامهم من حرارة الشوق لله تعالى.

(وهبني صبرت على حر نارك، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك)، فهذه مرتبه حزن لأجل انه بعيد عن وصال وقرب ربه، هذا من الذين يسرون يوم القيامة.

(طوبى للمحزونين هم الذين يسرون يوم القيامة) 

الحزن أحيانا يكون بسبب المصائب والابتلاءات في بدنه ونعمه، فمثلا الله لم يرزقه أولاد او رزق واسع او زوجة او غير ذلك فيحزن الإنسان بطبيعة الحال، فإن كان قادرا على ان يغير مصادر الحزن في هذه الدنيا فليفعل وهو مطلوب منه، وإذا لم يتمكن لأن الإنسان أحيان لظروف اقوى منه، بل تكون قسمته في هذه الحياة ابتلائه في هذا الجانب.

(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ) سورة البقرة -155

فيبلوك الله أحياناً بشيء من الخير والشر فتنه.

أحيانا النقص ابتلاء، وأحيانا الزيادة ابتلاء، أولادك أحيانا فتنه لأنها تضيع درب الانسان وأحيانا الحرمان من الزوجة والولد فتنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ) التغابن - 14

فيحزن الانسان أحيانا عند الفقد، هذا إذا كان عن صبر منه وعدم جزع وحزن وتمرد، أحياناً بعض الناس يخرج عن طوره وفي حزنه يقول كلاماً ينافي امر ربه وقسمته واحترامه فيقول ان الله لم يبتلي أحد غيري بمثل ما ابتلاني، فعندما تقول ذلك أنت وغيرك يقوله أيضا فسد نظام الحياة، فهناك من هو أكثر ابتلاء منك وأسوء حالا منك واقل مالا وأضعف بدنا ومع ذك يحمد ربه من أعماق قلبه. 

كأنما النعم كلها حيزت في قلبه، هنا ما سيحدث! أنت سقطت في هذا الامتحان لكن غيرك لم يسقط، فهناك أناس يحزنون. 

هناك الذي لم يرزق الولد ويكون حزين وكذلك من لم يرزق بزوج ولكن تجده بشوش مبتسم يحمد ربه، لا يعني انه غير متذمر كما يبديها ذاك الشخص ولكنه دائمُ الحمد، (الحَمْدُ للهِ بِجَمِيِعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها)، انا لدي صحة وغيري لا، هز ينظر الى ما لديه لا الى ما يفقده.

(أولئك الذين يسرون طوبى للذين يجوعون ويظمئون خشوعا هم الذين يسقون)

هنا نجد إشارة لقضية الصيام، لآنه يجوع ويظمئ الانسان لكنه ليس لله، لكن الصائم مع وجود الطعام والشراب لديه سواء كان صياماُ واجباُ او مستحباً، يجوع ويظمأ خشوعاُ، هؤلاء في يوم القيامة هم الذين يسقون ويروون ويطعمون، هم الذين يسقون.

(طوبى للذين يعملون الخير هم اصفياء الله يدعون). 

الانسان الذي يعمل الخير يبان ان في داخله صفاء لدرجة ان يعنون يوم القيامة بعنوان الاصفياء.

فالخير لا يمكن ان يأتي من نفس غير صافية، فعندما تريد ان تتصدق تنازعك أمور كثيرة والشيطان يعينك عليها.

الشيطان يقول لك إذا صرفت نقودك يمين وشمال فمن اين لك ان تعيش؟ ولماذا لا تدخر الى أيام كبرك وبدل ان تصرف على غيرك اصرف على أهلك، وهكذا فإنه يضع لك كثيرا من العوائق حتى لا تفعل الخير. 

تريد ان تساهم في عمل الخير، فإذا به يقول لك ارح بدنك، ان لبندك عليك حق، وهناك من سيقوم بها عنك، وامثال ذلك من العوائق، وإلا لو كانت هذه العوائق غير موجودة فإن أعمال الخير كثيرةٌ لكنَ الراغب فيها ليس بالكثرة بالمطلوبة لماذا؟

هل لأننا نعرف ان هناك من سيقوم بها؟ لا، لكن إما يمنعني نوازع نفسية، ذاتيات، قضايا في النفس، وساوس الشيطان أو أحيانا اخرون يحرضوني على ترك فعل الخير. 

متى يفعل الانسان الخير الخالص عندما يصفي نفس من هذه النوازع، عندها، عندما يصل لهذا الصفاء فانهم يوم القيامة ينادون انهم من اصفياء الله

طوبى هذه فقرة مهمة جداً، وكل السابقات مهمة لكن هذه لها أهمية خاصة.

(طوبى للمسبوبين من أجل الطهارة، فإن لهم ملكوت السماء)

أنت تُشتم مرة لأنك اعتديت على آخر بالشتم وهذا طبيعي، ومرة أخرى لأنك أسأت لغيرك، ومرة أخرى لأنك انسان مؤمن زكي طاهر، تشتم ويعلق عليك. 

امرأة متحجبة متدينة ملتزمة يأتي من يقول لها انها رجعية لا تعرف كيف تلبس ولا تعرف كيف تتزين وليس لديها ذوق في هذه الحياة، يتهامسون حين مرورها انظر للبسها حجابها وكيفية تغطية وجهها ما هي فاعلة بنفسها والى غير ذلك.... هذه يعتدى عليها، ليس لأنها اعتدت على أحد ولكن من اجل الطهارة، لأجل العفاف، لأنها رأت أن الحجاب الإسلامي فرض ديني، ومبدأ أخلاقي، وعامل من عوامل نشر الفضيلة في المجتمع، وأنها التزمت بكل هذا من أجل الطهارة والعفاف، من أجل الالتزام بالحكم الشرعي.

الحديث يقول لها من نبي الله عيسى في الانجيل ومن الامام جعفر في الإسلام (المسبوبون للطهارة) يعني بسبب الطهارة والالتزام في الدين، لهم ملكوت السماء، وقد وضحنا أن النبي إبراهيم رأى الملكوت نظرة واحده في هذه الدنيا، وفي الاخرة طبيعي أن الانبياء لهم كل الملكوت، ولكن هذه المرأة فلها ملكوت السماء عندما تلتزم.

فمثلا نجد اخرين يحدثون غيرهم هل لازلت تصلي للان؟!، أنت طبيب، أنت مهندس، هذه الصلاة لكبار السن، ويصبح محل سخرية عند بعض الناس، ويشتم ويذم، ويعلق عليه من أجل الطهارة، من أجل الصلاة، بسبب الالتزام الديني، هذا رجعي هذا مطوع، فقديماً كانوا يتنابزون ويسخرون من الملتزمين بقول: هؤلاء مطاوعة أو متحجرين أو المتشددين أو المؤمنين وتساق كلمات في التهوين، هؤلاء المسبوبون المشتومون المنبوذون من أجل الطهارة لهم ملكوت السماء. 

ذلك يقول لا يهمني ما قيل عني (ماضركم اذا اهتديتم) ماضرني ما تقولون ما دمت على منهاج صحيح، اني ملتزم مطيع لأمر ربي وتوجيهات نبيي والتزم بخط ائمتي عليهم السلام و أسير وراء مراجع تقليدي، فليقل الآخرون ما يقولون فأنا لم آتي لهذه الدنيا من أجل أن أرضي فلان وفلان، و إنما من أجل أن أرضي ربي عز وجل فيقبلني، ومن لا يقبلني فلا يهمني ابداً ما دام ربي راضي عني، بل بالعكس هو من يفترض به أن يكون مثلي، ملتزم بالمنهج الرباني. 

(طوبى لكم إذا حسدتم وشتمتم وقيل فيكم كل كلمة قبيحة كاذبة فيحن ذلك فافرحوا وابتهجوا فان اجركم قد كثر في السماء).

فمثلا مذهب من المذاهب إذا علق عليه صاحبه بكلمة الرافضة وهي كلمة تاريخية، حتى أنها ذكرت في أحاديث الامام الباقر والصادق عليهما السلام، وأنه جاءت بعض الشيعة للإمام وهم منزعجون من أن الناس تناديهم بالرافضة، هذا النبز والشتم الذي استحلت به الأمراء دمائنا واعراضنا، حتى أصبحت شهادتنا لا تقبل.

وفي القصة المشهورة عندما جاء فقيهان من فقهاء اهل البيت الى أحد القضاة في الكوفة ورد شهادتهما ففي الحديث عن زرارة، قال: 

شهد أبو كريبة الازدي ، ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة ، وهو قاضي ، فنظر في وجههما مليا ، ثم قال : جعفريان فاطميان ، فبكيا ، فقال لهما : ما يبكيكما ؟ قالا له : نسبتنا إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا أن يكونا من اخوانهم لما يرون من سخف ورعنا ، ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا أن يكونوا من شيعته ، فإن تفضل وقبلنا ، فله المن علينا والفضل فينا ، فتبسم شريك ، ثم قال : إذا كانت الرجال فلتكن أمثالكما ( أمثالكم ) ، يا وليد اخبرهما ( اجزهما ) هذه المرة ، قال : فحججنا فخبرنا أبا عبدالله عليه السلام بالقصة ، فقال : ما لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار " . الاختصاص - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٠٢

والآن في بعض المجتمعات إذا أردت أن ينفر منك الآخرون فأخبرهم إنك من شيعة آل محمد، والبعض يحددون بالعوائل، فينبذ هذا المذهب وهذا المبدأ واتباعه بهذا النبز.  

هنا الإمام يقول لنا ولأمثالنا طوبى لكم إذا حسدتم وشتمتم وقيل فيكم كل كلمة قبيحة كاذبة. 

تارة يقول إن أخلاقك غير جيدة فيجب أن أصلحها، وتارة يقول أنا على هذا المذهب، فيجب عليَّ ألا أرد عليهم بالكلام السيء، بل أن أفرح لأنه بع هذا الشتم سيحط من سيئاتي، وستضاف لسيئاته.

على أن هذا الطريق وهو بحمد الله طريق أكثر المؤمنين التابعين لنهج اهل البيت عليهم السلام، فهم يشتمون ويحقرون ولا يردون، يذمون فلا يواجهون

وهذا ليس بعجز، فالعركة سهلة رغم كونها غير بسيطة، وأسهل شيء الشتم، يشتمني فأشتمه، ولكنه الالتزام بأخلاق أهل البيت الذين سلكوا نفس هذا الطريق، هو مبدأي.

ما رأينا في سيرة أهل البيت على مدى 250 سنة من الزمان أن أحداً شتمهم وردوها عليهم، بل كانوا يردوها بما يليق بهم، لذلك قالوا في غير هذه المواضع (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)  سورة الأنعام - الآية 124

في زيارتنا الشعبانية لقبور أهل البيت عليهم السلام رزقنا الله واياكم العود لزيارتهم كان لنا لقاء بزعيم الطائفة السيد السيستاني حفظه الله وكانت له فكرة جميلة تحت هذا الإطار.  

فقد أشار إلى أن الدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة هو مبدأ قرآني و إن تبليغ الإسلام لا يمكن أن يكون بالشتم واللعن والهجوم على الآخرين، بل بعكس ذلك تماماً و إنما أن يأتي الإنسان بالحقائق مع البراهين بأسلوب حسن ، فإذا شتم وجرح فيه، وإذا لعن فيه فلا ينبغي أن يرد على ذلك ، فالعالم اليوم ينظر، فإذا رأوا أتباع أهل البيت عليهم السلام يشتمون ويذمون ويتهجم عليهم ، ومع ذلك فإنهم لا يردون على السيئة بمثلها، فالعالم حينها سيلتفت وسيقول أي منهج ومبدأ هذا الذي يضبط أصحابه عن مهاجمة من يهاجمهم ،لابد أن يكون منهج في غاية الرقي والسمو وحينها يهتدي الناس للإسلام ويلتفتوا لمنهج أهل البيت عليهم السلام.

فينبغي أن يكون منبرنا وحديثنا وتوجهاتنا وتوجيهنا كله تحت هذا الإطار، (قولوا للناس حسنى) باجتناب الشتم والمهاجمة، واجتناب الدعوة للعراك هذه هي الطريقة المناسبة، (فافرحوا فإن اجركم قد كثر في السماء).


مرات العرض: 3423
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 33528.79 KB
تشغيل:

25 ما هو أصلح أيامك
لنستح من الله حق الحياء 21