السيد رضا الهندي وشعره الحسيني
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 4/2/1443 هـ
تعريف:

السيد رضا الهندي وشعره الحسيني

كتابة الفاضل د. الخميس

لم أنسه إذ قام فيهم خاطبا...فإذا همُ لا يملكون خِطابا

يدعو ألستُ أنا ابنَ بنتِ نبيِّكم...وملاذَكم إنْ صرفُ دهرٍ نابا

هل جئتُ في دين النبيِّ ببدعةٍ...أم كنتُ في أحكامه مرتابا

م لم يوصِّ بنا النبيُّ...وأودع الثِقلينِ فيكم عترةً وكتابا

فغدوا حيارى لا يرون لوعظِه...إلا الأسنةَ والسهامَ جوابا

حتى إذا أسِفَتْ عُلوجُ أميةٍ...أنْ لا ترى قلبَ النبيِّ مصابا

صلَّتْ على جسمِ الحسينِ سُيوفُهم...فغدا لساجدةِ الظُبى محرابا

ومضى لهيفا لم يجدْ غيرَ القَنا...ظِلّاً ولا غيرَ النجيعِ شرابا

ظمآنَ ذابَ فؤادُه من غُلَّةٍ...لو مسّتِ الصخرَ الأصمَّ لذابا

لهفي لرأسِك فوق مسلوبِ القنا...يكسوه من أنوارِه جِلبابا

ورد في الحديث الشريف عنهم عليهم السلام : من قال فينا شعرا فأبكى واحدا فله الجنة ومن بكى او تباكى فله الجنة.

حديثنا في هذه الليلة يتناول أحد شعراء الحسين عليه السلام نشير اليه لما في الشعر في الحسين والنظم فيه من دور مهم للحفاظ على حرارة النهضة الحسينية. ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابدا هذه الحرارة هذه العاطفة تحتاج الى رعاية تحتاج الى تنمية من رعايتها وجود المأتم مثلا. وجود المأتم وجود الحسينية وجود الاجتماع هذا يساهم في إبقاء حرارة المصيبة الحسينية. الخطيب الذي يثير العواطف أيضا يساهم في هذه الحرارة ويبقيها ولذلك ان في خطباء الرثاء أهمية كبيرة. لا ينبغي أن يقال مثلا الخطيب الفلاني نظرا أنه يقرأ الرثاء بالكامل او كله عنده رثاء وإبكاء والقصيد فإذا هو غير مفيد هذا كلام غير صحيح. الخطيب الذي يثير الدمعة والحسرة والبكاء ويبقي القضية ساخنة حتى لو كان من أول المجلس الى أخره هذا يقوم بدور مهم. نعم ربما أنت تختار بحسب وضعك تقول انا احضر هذا المأتم والمجلس الذي فيه هذا الجانب او لا أو أحضر هذا المجلس الذي فيه جانب الموضوع والعِبرة والأخلاق والإرشاد وما شابه ذلك لكن كلا من الطرفين يقوم بدور مؤثر ومهم بحسب وظيفته. لا ينبغي لان يصغى الى القول الذي قد ينشأ لعدم الاطلاع على انه مثلا الخطيب الفلاني والمنبر الفلاني كله رثاء كله بكاء كله نياحه لا مانع من ذلك هذا يقوم بدور في حفظ حرارة القضية الحسينية والمنبر الثقافي والفكري والعقائدي والأخلاقي والتاريخي يقوم بدور أخر. ومما يحفظ حرارة القضية الحسينية أيضا الشعر. لو افترضنا مثلا عدم وجود الشعر في الموضوع الحسيني ربما لا يحصل التفاعل الموجود عند الناس الان لو لم يكن هناك في الرثاء جانب الشعر لان الشعر فيه قدرة على إثارة العواطف وعلى حفظ الصور المؤثرة لا يمتلكها النثر من هنا كان التوجيه من قبل أئمة الهدى عليهم السلام الى ان الشاعر الذي يقول شعرا في الحسين بل في عموم اهل البيت عليهم السلام و يربط الناس بهم عاطفيا وولائيا وإيمانيا هذا له ثواب عظيم الى حد من قال شعر فأبكى واحدا فله الجنة – الرواية تبدأ من قال فينا شعرا فأبكى خمسين فله الجنة ومن قال فينا شعرا فأبكى أربعين فله الجنة قال فينا شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة ومن قال فينا شعرا فأبكى عشرين فله الى أخر الرواية يقول فأبكى وابكى الى ان يصل الى واحد- طبعا هذا كما هو معلوم بشروطها مثل ما تقول من قال لا اله الا الله محمد صلى الله عليه واله رسول الله دخل الجنة طبعا ليس كل أحد قالها ككلمة دخل الجنة وانما لابد ان يظم اليها قول هذه الكلمات عن إخلاص عن اعتقاد وصدق وأن يلتزم بمؤداها نفس الكلام ينطبق أيضا في قول الشعر. فإذا موضوع الشعر في أهل البيت عليهم السلام وبذات في الحسين عليه السلام له هذه المنزلة العالية.

 لذلك سوف نتعرض في هذه الليالي الى عدد من شعراء أهل البيت عليهم السلام سواء بالشعر الفصيح أو بالشعر الدارج والشعبي الذين حفظ القضية الحسينية ولذلك يكثر الاستشهاد بقصائدهم وتتلى بالمنابر. طبعا تعلمون أن الإحاطة بهذا أمر متعسر المرحوم السيد جواد شبر وهو أيضا من الخطباء الحسينيين له كتاب مشهور اسمه أدب الطف أو شعراء الحسين فيه عشرة مجلدات وهو الى ذلك أيضا يقول انا ما استوعبت كل الشعراء وانما كتب الى زمانه فقط هذه الأزمنة المتأخر حوالي أربعين او خمسين سنة لم يستوعبهم بل حتى السابقين لم يستوعبهم لأنه كم من الشعراء غير معروفين أصلا في كل منطقة في بلدنا مثلا في تاروت وهي بلدة صغيرة تجد فيها عشرات الشعراء الحسينيين أكثرهم غير معروف وهم غير معروفين عندنا في بلدتنا فكيف من يريد ان يألف عنهم وهو في العراق مثلا كيف يستطيع ان يحصيهم. لكن نحن سوف نستشهد بقسم من الشعراء الحسينيين الذين قصائدهم عادة مشهورة معروفة وشخصياتهم بينه لنعرف بهم. 

من أولئكم هو السيد رضا ابن سيد محمد الهندي هذا عالم مجتهد في الفقه والأصول ولكن عرف كشاعر من شعراء الحسين عليه السلام أكثر مما عرف بأي شيء اخر. توفي سنة ألف وثلاثمئة واثنين وستين هجرية يعني قبل حوالي ثمانين سنة من الزمان. هو عالم شهد له بالاجتهاد المطلق من قبل أستاذه الشيخ محمد طه نجف واحد من كبار العلماء في النجف الأشرف وكان يدرس بحوث الخارج العالية ويعتبر من الطبقة الأولى من كبار العلماء فهذا كان مدرس الى السيد رضا الهندي. والده أيضا من العلماء الكبار أخوه أيضا السيد باقر الهندي أيضا واحد من الشعراء المهمين قصيدته التي تقرا وهي مشهورة جدا: 

كل غدر، وقول إفك وزور  .. هو فرع عن جحد نصّ الغدير

فتبصّر تُبصر هداك إلى الحق   .. فليس الأعمى به كالبصير

ويقال ان أحد ابيات هذه القصيدة هو من قول الامام الحجة صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف وقيل ان السيد باقر توفي مبكرا رأى في يوم الغدير فيما يرى النائم كأنما الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف جالس يستقبل المهنئين فيسأله السيد باقر أخ السيد رضا الذي سوف نتحدث عنه يقول له كيف يعقل انك تقعد في الفرح في مثل هذا اليوم فقال له بحسب الرواية المنقولة التاريخية الامام المهدي :

لا تراني اتخذت - لا وعلاها- ... بعد بيت الأحزان بيت سرور 

فمنها قام من النوم سيد باقر وأنشد قصيدته تلك وهي قصيدة مؤثرة وجيدة وبالذات فيها مصائب سيدتنا الزهراء السلام الله عليها. وله قصيدة مشهورة في الامام أمير المؤمنين عليه السلام: 

ليس يدري بكنه ذاتك ما هو ... يا بن عمّ النبي إلا الله

ممكن واجب حديث قديم ... عنك تنفى الأنداد والأشباه

لك معنى أجلى من الشمس لكن ... خبط العارفون فيه فتاهوا

 التي تقرء في عادة في المنابر أيام شهادة أمير المؤمنين. هذا اخوه سيد باقر عالم وشاعر. ابوهما سيد محمد عالم من العلماء. وهو السيد رضا الهندي عالم مجتهد وشاعر فحل من الشعراء. 

غريب هذا الرجل في قوة قصائده وفي سلاستها. أكو عندنا بعض الشعراء قصيدته فخمة قوية عباراتها عبارات محلقة ولكن كثير من الناس عندما يقرؤنها مع المستوى العام من الناس يصعب عليهم ان يفهموا دقائقها ليست سلسة للجميع. افترض مثلا السيد حيدر الحلي من الناس شاعر فخم العبارة  فخم الالفاظ كلماته كلمات قوية جدا ينتقيها بالملقط مثل ما يقولون بس ليس كل الناس يلتفتون الى معانيها تحتاج بعضها الى عارف باللغة العربية. هناك بعض الشعراء ومنهم السيد رضا الهندي في نفس الوقت قصائده جدا قوية عبارات هذه القصائد وكلماتها سهلة الفهم سريعة الدخول والنفوذ الى قلب الانسان. وهذا من أهم ميزات القصيدة الحسينية التي يراد بها إثارة الحزن والدمعة في نفس السامع. السامع يريد غالبا ان تكون المصيبة مباشر وان اللفظة لا تحتاج الى تفكير كثير حتى تدخل الى العقل و الذهن كي يتفاعل معها. يحتاج انه بمجرد ان يسمعها يفهم معناها بشكل واضح ومباشر وأن إذا يحزن من أجل ذلك وهذه من ميزات المرحوم السيد رضا الهندي رضوان الله عليه. وهو متفنن في قضية الادب واللغة العربية والغريب في الامر أن نسبه ينتهي الى الهند. حسب ما هو محقق لان أصوله من لكنو بلدة هندية نعم قسم قالوا ان بعض أبائه سافروا الى الهند لكن أكثر الذين ذكروا في سيرته وحياته قالوا لا بل اصولهم أصول هندي من لكنو. وهذا يبين لنا فكرة أخرى أولا ان لا يحتقر الانسان جنسية ليست جنسيته. تصور اننا عرب من قلب العرب ومن ثم لا أستطيع ان اعبر حتى شطر بيت وواحد أخر من الهند ينشأ لك هذه الابيات الفخمة والقصائد الكثيرة وبعضها قد تصل الى مئة وثمانين بيت من الابيات عالية المضامين والقوية التعبير واصوله من الهند او اصوله من فارس او من تركيا. فينبغي للإنسان أن يقتنع حقيقة إن أكرمكم عند الله أتقاكم ليس لأنه أبن فلا او لأنه من العرب ولا لأنه من الفرس ولا لأنه من أهل هذه المحلة والباقي مثلا من الريف او انهم من اهل الزراعة والنخل او طرفيين أو غير ذلك. هذا السيد رجل تام الاجتهاد قد شهد باجتهاد استاذه الأكبر سيد محمد طه نجف وفوق هذا كله في اللغة العربي أحد الكتاب يكتب في ترجمته وهو الأستاذ جعفر الخليلي وهو أيضا اديب من الادباء الكبار في العراق عنده كتاب (هكذا عرفتهم) يقول السيد رضا الهندي متفنن في الشعر بحيث نفس شعره يمكنك ان تقرءه بعض القطع كانه شعر وقصيدة متقنه هي أيضا ممكن تقرء كانه نثر مسجوع كأنه ليس شعر والقدر على هذه قدرة استثنائية. 

بعد ان أخذ العلم وبدء بإنشاد الشعر بعثه مرجع زمانه السيد أبو الحسن الاصفهاني وهو كان مرجع الطائفة بشكل عام وهو في النجف الاشرف فبعثه الى ناحية من النواحي تسمى الفيصلية فكان هو إمام جماعة تلك المنطقة قريب المشخاب و القاضي الذي يفصل في الخصومات والمؤدب والمعلم والمثقف كان شيء كامل لمهم عالم الدين في تلك المنطقة وفي نفس الوقت برز منه هذه الاشعار المهم والكثيرة.

من أمثلة ما ينقل عنه من الشعر في قصائده مثلا القصيدة الكوثرية. وهذه القصيدة أكثر الناس اما يحفظون منها او مرت عليهم 

مفلج ثغرك أم جوهر ....ورحيق رضابك أم سكر

قد قال لثغرك صانعه .... إنا أعطيناك الكوثر 

الى اخر القصيدة. ونظرا انها كانت لمدح امير المؤمنين عليه السلام والمقصود منها المواليد وايام الغدير وما شابه ذلك انت تجد انها اشبه بالموسيقى عندما تقرأها وفيها معاني جدا كثيرة وعالية وفضائل أمير المؤمنين عليه السلام فيها وافية لذلك استقبلت في الأوساط الأدبية والشعرية والعلمية استقبالا كبيرا جدا.

حبذا لو ان المؤمنين في المساجد في الحسينيات مع اقتراب مثلا ذكرى ولادة أمير المؤمنين عليه السلام ان تقوم اللجان الثقافية في هذه المساجد العلماء ان يجروا مسابقة لشباب والشابات لحفظ هذه القصيدة. فهي فيها الكثير من الاستدلالات:

أنّى سـاوَوْكَ بمَـن ناوَوْك ......  وهـل سـاوَوْ نَعْـلَي قَنبَرْ

 فهي قصيدة جميلة جدا موسيقية الأداء وسهل وجميلة الالفاظ وفيها معاني جمة فيما يرتبط بأمير المؤمنين ومناقبه وتقدمه على غيره.

من القصائد المشهور له في حق الحسين عليه السلام القصيدة التي ذكرناها في أول المجلس. انت لاحظ مثلا حتى هذا التصوير الذي هو من أجمل التصويرات البديعة يقول :

حتى إذا أسِفَتْ عُلوجُ أميةٍ...أنْ لا ترى قلبَ النبيِّ مصابا

صلت على جسم الحسين سيوفهم .... فغدا لساجدة الضبا محرابا

ضمآن ذاب فؤاده من غلة .... لو مست الصخر الأصم لذابا. 

أتى بتشبيه جميل السيوف عندما تنزل تنزل كأنما هي رجل واقف يركع او يسجد. صور كأنما السيوف تقوم بعملية الصلاة وهي تهوي على الحسين عليه السلام وصور بدن الامام الحسين عليه السلام كأنما هو محراب من المحاريب. وامثال هذه من الصور التي فيها صورة لا تكاد ان تنسى لكن يحتاج الانسان قليل من تفكير وتأمل في قصيدة طويلة جدا التي يبدئها: 

أو بعدما ابيض القذال وشابا .... أصبوا لوصل الغيد أو أتصابى

هبني صبوت فمن يعيد غوانيا .... يحسبن بازي المشيب غرابا

ثم ينكص على قضية الامام الحسين عليه السلام هذه قل ان يمر محرم على خطيب فلا يقرءها في أحد لياليه من الموسم وفقت هذه القصيدة توفيقا عظيما:

أبيات آل محمد لما سرى .... عنها ابن فاطمة فعدن يبابا

ونحا العراق بفتية من غالب .... كل تراه المدرك الغلابا 

من تلك القصائد أيضا قصيدة قلما لا نحفظها:

 إن كان عندك عبرة تجريها .... فانزل بأرض الطف كي نسقيها     الى ان يمر على قضية كربلاء ويمر على قضية السبايا:

أيسوقها زجرٌ بضرب متونها  .... والشمر يحدوها بسبِّ أبيها

حسری وعزَّ عليك أن لم يتركوا .... لك من ثيابك ساتراً يكفيها

هي من القصائد البديعة والرائعة غالبا من بعد العاشر غالب الخطباء لابد ان يقرؤوها وخصوصا انها تصف الحدث بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام وصفا دقيقا ومباشرا. 

من تلك القصائد أيضا ما يذكر في الغالب في ليلة أصحاب الحسين عليه السلام قصيدته الحائية :

كيفَ تُهْنِينيَ الحياةُ وَقَلبِي                  بَعدَ قَتلَى الطُفُوفِ دَامِي الجِرَاحِ

بَأبِي مَن شَرَوْا لِقَاءَ حُسينٍ                 بِفِرَاقِ النُفوسِ وَالأروَاحِ

وَقَفُوا يَدْرَؤونَ سُمرَ العَوالِي               عنهُ والنَبلَ وَقفةَ الأشباحِ

فَوَقَوْهُ بِيضَ الظُبا بِالنّحورِ الـ              ـبيضِ والنَّبلَ بِالوجوهِ الصِباحِ       الى ان يصل الي قوله:

أدرَكوا بالحُسين أكبرَ عِيدٍ                 فَغَدَوا في مِنَى الطُفوفِ أضاحِي   

 ومن ثم ينكس على شهادة الحسين عليه السلام وعلى لسان السيد زينب عليها السلام: 

يا منار الضلال والليل داج * وظلال الرميض واليوم ضاح

إن يكن هينا عليك هواني * واغترابي مع العدى وانتزاحي         الى اخر قصيدته رضوان الله عليه 

فهذه من القصائد المشهورة عادة تقرء في ليالي ذكر الاصحاب وبطولات الاصحاب فعندنا على الاقل ثلاث او أربع قصائد غالبا في موسم محرم او موسم صفرا يستشهدون بها الخطباء وهذا في الواقع من التوفيقات. يعني واحد توفي من ثمانين سنة والى الان الخطباء وأصحاب المراثي يذكرون قصيدته ويبكون بها الناس كل بحسب قدرته هذا يبكي واحد ذاك يبكي خمسين والأخر مئة ومنشئ القصيد الى الان يحصل على ثواب هذا البكاء وهذا الارتباط والانتماء لابي عبدالله الحسين عليه السلام وربما يكون شاعر اخر قال قصيدة ربما تكون قوية جدا ولكن لا يحالفها توفيق ان تذكر له ثواب أيضا لكن هذا بعد لا يذكر باستمرار مثل التي خلال ثمانين او تسعين سنة ومئة سنة وفي كل محرم تذكر ويبكي الناس على اثرها فتوفيق هذه أكثر بالطبع. 

من قصائده التي تذكر أيضا فيما يرتبط بصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف: 

يا صاحب الأمر أدركنا فليس لنا          ورد هنيء ولا عيش لنا رغد

طالت علينا ليالي الانتظار فهل            يا ابن الزكي لليل الانتظار غد

فاكحل بطلعتك الغرا لنا مقلاً              يكاد يأتي على إنسانها الرمد

بعد ذلك يذهب الى كربلاء ويربط يقول : 

هب أن جندك معدود فجدك قد            لاقى بسبعين جيشاً ما له عدد

يقول اذا الامام المنتظر عنده جيش صغير مثلا ثلاثمئة الحسين واجه بسبعين جيش لا عدد له فمالمانع من الظهور. ثم بعد ذلك يذهب الى مصيبة الحسين صلوات الله وسلامه عليه مثيرا بذلك الشجى والاسى رضوان الله عليه 

كما ذكرنا هو توفي في سنة ألف و ثلاثمئة واثنين وستين هجرية بعد لا يزال السيد أبو الحسن الاصفهاني وهو من اعاظم مراجع التقليد في زمانه و كانت له آراء جدا مهمة ومرجعية عظيمة جدا طبقت الافاق بحيث كان يستقبل الملوك الكبار ومما يذكر في شأنه ان ملك الأردن في زمانه جاء الى زيارة العراق في ذلك الوقت. ضمن البروتوكول باعتبار ان هذا الملك هاشمي و من ذرية ال رسول الله صلى الله عليه واله والملوك الأردن هم من نسل الحسن المجتبى عليه السلام حتى الاسرة العراقية الملكي قبل مجيئ نظام الجمهوري كانوا أيضا من الاشراف وينتمون الى الامام الحسن عليه السلام. فضمن البرنامج باعتبار ان هذا جاء لزيارة العراق فمناسب ان يزور ضريح الامام امير المؤمنين عليه السلام باعتباره جده وان كان للأسف هؤلاء الاشراف في كثير من الأماكن ينتسبون نسبا لأهل البيت لكن لا ينتمون اليهم منهجا ولا فقها ولا مذهبا فقالوا له نعم لابأس بذلك. وفي ذلك الوقت المرجعية العليا لابي الحسن الاصفهاني وكان في النجف فكيف يكون البرنامج السيد أبو الحسن الاصفهاني يزور الملك وهو مرجع الطائفة وعالم دين كبير كيف يزوره وكان هذا الملك متكبر جدا فأن هو يزور السيد أبو الحسن لا تليق بمنظوره. فصاحب البروتوكول فكر ان تكون الجلسة بحيث يكون هذا الملك يدخل من هذه الجهة الى حرم امير المؤمنين والسيد أبو الحسن يدخل من جهة أخرى في وقت متزامن فيتسالمان ويجلسان للحديث فاستحسنوا الفكرة. صاحب القصة وناقلها وهو مسؤول في قسم البروتوكولات في ذلك الوقت يقول انا كنت قلق ان لا يكون هذا الملك يتكلم بكلام غير مناسب بحق المرجعية الدينية فتمنى ان يمر هذا اللقاء بسلام. وبالفعل جاءا ودخلا في وقت واحد وكان المكان مفروشا فجلسا. بعد السلام و سؤال الأحوال والسيد أبو الحسن يسأله عن أحوال رعيته والاردن و الملك كان في حالة غرور وتكبر ويختصر في الجواب فالتفت اليه السيد أبو الحسن قال له لماذا انتم مُسلمين امركم الى بريطانيا حتى تسير بلدكم قاله له الملك انه وضعنا المادي غير جيد والأردن ليس عنده ثروات او بترول فنحن محتاجين في ميزانيتنا الى بريطانيا فمثل ما يعطونا لابد ان ننصاع لهم. فقال له السيد أبو الحسن اقطعوا عنهم وانا اؤمن لكم ميزانيتكم فهذا المرافق وجدت ان الملك الذي كان شامخا بأنفه الى السماء صار مثل الشمعة ذاب امام السيد أبو الحسن الاصفهاني فهذا الرجل الذي كان مستعدا ان يؤمن ميزانية الأردن وهو ليس له مصلحة في ذلك ولكن حتى يستقلون عن البريطانيين وعن تحكمهم فكانت هكذا شخصية السيد أبو الحسن الأصفهاني رضوان الله تعالى عليه ورحمه الله وكم له من أمثال ذلك فلو قبل الملك لكن من الممكن ان يفي سيد أبو الحسن في ما وعده. فالسيد رضا الهندي كان أحد وكلاء السيد أبو الحسن الاصفهاني في منطقة الفيصلية وتوفي قبل السيد الاصفهاني وجيء بجنازته الى النجف. فالسيد عطل درسه وخرج العلماء لتشييعه فهذا كان عالم مجتهد فقيه وثانية هو شاعر الحسين المشهور بقصائده وتعلقه بالحسين عليه السلام بهذا المستوى العالي. 

من قصائده التي امر ان تجعل معه في كفنه وان تدفن معه. هي القصيدة التي يخاطب فيها ربه سبحانه وتعالى ويعض نفسه ويوبخها -وهي أيضا تعليم الى امثالنا- رضوان الله عليه يقول :

أرى عـمري مْـؤذِناً بالذهابِ...تَـمُرُّ لـياليهِ مَـرَّ الـسحابِ

وتُـفـجِئُني بـيـضُ أيـامه...فـتسلخُ مـنّي سـوادَ الشبابِ

فـمَنْ لي إذا حانَ منّي الحمام...ولـم أسـتطع منهُ دفعاً لما بي

ومَـنْ لـي إذا قـلَّبتني الأكفُّ...وجـرّدني غـاسلي من ثيابي

ومَنْ لي إذا صرتُ فوق السريـرِ...وشيلَ سريري فوقَ الرقابِ

ومَـنْ لـي إذا ما هجرتُ الديارَ...وأعتضتُ عنها بدارِ الخرابِ

ومَـنْ لـي إذا آبَ أهلُ الودادِ...عـنِّي وقـد يئسوا من إيابي

ومَـنْ لي إذا ما غشاني الظلامُ...وأمسيتُ في وحشةِ واغترابِ

ومَـنْ لـي إذا مـنكرٌ جدَّ في...سـؤالي فـأذهلني عن جوابي

ومَـنْ لـي إذا دُرسـتْ رمّتي...وأبـلى عـظامي عفرَ الترابِ

ومَـنْ لـي إذا قـامَ يومُ النشورِ...وقـمتُ بـلا حجّةٍ للحسابِ

ومَـنْ لـي إذا نـاولوني الكتابَ...ولم أدرِ ماذا أرى في كتابي

ومَـنْ لـي إذا امتازت الفرقتانِ...أهـلُ الـنعيمِ وأهلُ العذابِ

وكـيفَ يُـعاملني ذو الـجلال...فـأعرفُ كـيفَ يكونُ انقلابي

أباللطفِ، وهو الغفورُ الرحيم،...أمْ الـعدلِ وهـو شديدُ العقابِ

ويـاليتَ شـعري إذا سـامني...بـذنبي وواخـذني بـاكتسابي

فـهل تُـحرقُ النارُ عيناً بكت...لـرزءِ القتيلِ بسيفِ الضبابي؟

وهـل تُحرقُ النارُ رجلاً مشت...إلـى حـرمٍ منهُ سامي القبابِ؟

وهـل تُـحرقُ النارُ قلباً أُذيب...بـلوعةِ نـيرانِ ذاك المصابِ؟


مرات العرض: 3443
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 48666.79 KB
تشغيل:

الشيخ حسن التاروتي وقصيدته الراعبية
السيد مهدي الأعرجي وشعره الرثائي