29 العيد في سنة النبي صلى الله عليه وآله
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 29/9/1442 هـ
تعريف:

سلسلة سنة النبي صلى الله عليه وآله (29)

العيد في سنة الرسول وأهل بيته

تدقيق سماحة الشيخ جعفر البناوي

ورد في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب) ( ). 

الحديث عن العيد في سنتي رسول الله صلى الله عليه وآله والمعصومين عليهم السلام، يكون في المواضع التالية:

الأول: العيد في اللغة والاصطلاح والعرف:

 كلمة العيد من اشتقاقات (عاد) (يعود) وما يرتبط بهذا الفعل، فتارة ينظر إلى عودته بعد ذهابه حيث أن كل يوم هو ذاهب ثم يرجع إذا كانت له علامة كعيد الفطر مثلًا فهو يذهب لهذه السنة ويعود للناس في سنة أخرى، فبمناسبة عودته قيل أنه عيد( ).

أو كما يرى بعض اللغويين هو من العادة لا من العودة حيث أن الناس يعتادون في هذه المناسبة على مجموعة من الأعمال والمهام والممارسات فهو عيد باعتبار الاعتياد والعادة( ).

 وعلى أي حال فإن موضوع العيد يلاحظه الإنسان المتتبع في تاريخ البشر وإن كان في الأمم  القديمة والمجتمعات السابقة سواء أكان الدافع له غير ديني أم كان دافعًا دينيًا، فمن الدوافع التي يحتملها بعض الباحثين والمؤرخين غير الدينية هو ما يرتبط بالاحتفاء بالطبيعة وإبراز الفرح والبهجة على أثر التغير الذي يحصل فيها لا سيما مع بدايات الربيع، فكأنما هذه مناسبة كانت عند بعض الأمم والمجتمعات تلاحظ فيها الانتقال من حالة إلى حالة، الطبيعة تلبس ثوًبا جديدًا، الأرض تكتسي بالخضرة، فيتغير وجه المكان والمزارع والأراضي، فهذا قد يكون دافعًا عند بعض المجتمعات والأمم للاحتفاء بهذا التغيير ترقبًا للخير والخصب والنماء.

ولعل بعض الأعياد المعروفة في قسم من المجتمعات والتي لا تزال قائمة أصلها من هذا الاتجاه، كما هو معروف في بلاد مصر بيوم (شم النسيم) ( ) كما يقولون وهو المصادف لأوائل فتره الربيع.

ويحتمل البعض أن يوم (شم النسيم) هو نفسه يوم الزينة التي وعد فرعون موسى أن يجتمع الناس (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)( )، فصادف أن تكون هذه المناسبة الاجتماعية العامة قريبة من وجود نبي الله موسى أمام فرعون فهي حالة اجتماع طبيعي لا يحتاج إلى دعوة وتكلف وما شابه ذلك، فليكن مشهد التحدي بين سحرة فرعون وبين موسى وأخيه هارون في ذلك اليوم، وهو غير مرتبط بمناسبة دينية. 

وهناك أعياد في المناطق والبلدان التي تشهد تغيرًا واضحًا من موسم إلى موسم، بحيث يستشعر الإنسان فيها الفصول الأربعة مرتبة ومستمرة مدة من الزمان( )، فهذه المناطق في الغالب عندما يحصل فيها مثل هذا الأمر يحتفي سكانها بمثل هذا التغير الاستثنائي، ويسمى بعيد النيروز، ويحتفل به في إيران وأفغانستان وكردستان وبلاد روسيا وتوابع هذه المناطق( ).

عيد النيروز بحسب اختلاف مسماه في تلك الدول، وبين تلك الشعوب، هو من الأعياد القومية القديمة جدًا قبل الإسلام وربما قبل اليهودية أيضًا، ويحتفي به أبناء كل هذه المناطق.

 فإذًا قسم من الأعياد احتفاء الناس بمناسبة من المناسبات قد تكون غير دينية بالرغم من   أن بعض الباحثين في الديانات ينوهون إلى أن حتى هذه المناسبات دينية، ولكن يظهر أن قسمًا منها ليس مرتبط بدافع ديني.

مفهوم الدين والديانة: 

طبعًا إطلاق كلمة الديانات على اليهودية أو النصرانية صحيحة خلافًا لما قاله بعض الباحثين الجدد في المواضيع القرآنية إذ يقولون إن إطلاق كلمة الديانات على اليهودية والنصرانية غير صحيح؛ لأنها شريعة وليست ديانة، وهذا كلام لا دليل عليه.

الدين والديانة في اللغة يعني (الطريقة) التي يستقيم عليها شخص بزعم أنها تقربه إلى الله عز وجل، سواءً أ كان صادقًا في ذلك وديانته صحيحة أم لم تكن ديانته صحيحة، فقد وجدنا في القران الكريم التعبير بهذا: (مَا كَانَ لِیَأۡخُذَ أَخَاهُ فِي دِینِ ٱلۡمَلِكِ)( )رغم أنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل نبي الله يوسف، ورغم ذلك عبر عنه بدين الملك.

ويخاطب نبينا صلى الله عليه وآله في القرآن الكريم كفار قريش بقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)( )، فهذا الذي يقوله بعضهم من أن التعبير بالديانات عن المسيحية واليهودية غير صحيح، وهذا لا معنى له حيث وجدنا بأن التعبير عن الديانات غير السماوية يطلق عليها دين وهذا موافق للاستعمال اللغوي.

فالدين لا يعني بالضرورة أن يكون صحيحًا لذلك في الوصف نقول هذا دين صحيح، وذاك دين خاطئ( ).

العيد في الشرائع السماوية:

الأعياد في الديانات السماوية ربطت بالطاعات والعبادات في الغالب، وكأنه العيد الذي يستحق الاحتفاء به والانتظار والاستعداد له إنما إذا كان نتيجة أمر ديني.

فمن يفوز في امتحان ديني يحتاج إلى جائزة، يحتاج أن يُعيد، يحتاج أن يبتهج، وما دون ذلك ليس له استحقاق في الاحتفاء أو الفرح.

كل قضية ترتبط بموضوع ديني والفوز في الأخرة حيث يحصل على الجنة والسعادة الأخروية هذا عيد يستحق أن يحتفي به.

 في المسيحة واليهودية توجد أعياد كثيرة منها مثلًا: (عيد الغفران)( ) عند اليهود عندهم مناسبة بعد أيام صيام يعيدون في يوم يسمونه (عيد الغفران) أو (يوم الغفران) وفي اعتقاداتهم أنه قد غفر الله لهم فيستحق ذلك أن يعيدوا لأجله، بالإضافة إلى أعياد أخرى لسنا بصدد الحديث عنها لكنها مرتبطة بأمر ديني( ).

المسيحيون عندهم عدد من الأعياد واحد منهم (عيد الفصح) بحيث يتلو مرحلة زمنيه من الصيام يتعقبها التعيد، فيسمى (عيد الفصح) ( ). 

 أما في الإسلام فهناك أعياد متعددة منها: (عيد الفطر) ومنها (عيد الأضحى) ومنها عندنا نحن الإمامية (عيد الغدير) بالإضافة إلى العيدين المذكورين، وجميع هذه الأعياد مرتبطة بمناسبات دينيه.

عيد الفطر هو أشبه بالجائزة التي تعطى للصائمين والقائمين والعابدين والمعتكفين بعد ثلاثين أو تسع وعشرين يومًا من الصيام والعبادة وتحدي النفس وطاعة الله جلّ شأنه في مقابل هذه النفس والشهوات قدموا أمر الله على أمر الشهوات وعصوا أهواءهم وأطاعوا ربهم خلال ثلاثين يومًا أو نحو ذلك، فيستحقوا أن يستلموا جائزة، وأن يحتفلوا بهذا الإنجاز، وأن يسعدوا بهذا الانتصار على الشيطان، وعلى النفس الأمارة بالسوء.

ثلاثون يومًا هي عدة شهر رمضان، أو نحو ذلك قضاءها المؤمنون فآن الأوان أن يستلموا جائزتهم وهم فرحون مسرورون، كما سوف نشير إلى ذلك من خلال الروايات الشريفة.

 و عندنا (عيد الأضحى)( ) الأصل فيه أن الحجاج قد قضوا ما عليهم من مناسك الحج فكأنما الله سبحانه وتعالى جعل لهم عيدًا بهذا الاعتبار، وجعله لسائر المسلمين الاحتفاء بإنجاز إخوانهم من حجاج بيت الله لأداء أعمالهم ومناسكهم وفي هذا معنى من معاني التضامن الكبير جدًا.

أنك تفرح وتسر وتذبح وتطعم وتعيد لأجل أن أخاك المسلم قد أنجز عبادته وواصل طاعته لربه وقضى مناسكه، ليس على الصعيد الشخصي فقط كما هو حاصل في شهر رمضان، وإنما إذا كان غيرك من المسلمين ومن المؤمنين إذا قام بطاعة الله وعبادته وأنجز مناسكه هذا بالنسبة لك مصدر من مصادر الفرح والسرور الذي يكون لك في ذلك اليوم عيد بحيث تذبح وتضحي وتصلي وتشكر الله وغيرها من الأعمال والأذكار المفصلة في كتب الأدعية. 

و(عيد الغدير) عندنا الإمامية أيضًا من الأعياد المهمة بل وصف بأوصاف كبيرة جدًا، بأنه أعظم الأعياد( )؛ والسبب في ذلك لأن استمرار نبوة النبي وهداية النبي وسنة النبي استمرارها في صورة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وأهل البيت عليهم السلام.

وهذه المناسبة من العظمة بمكان تستحق أن يحتفى بها، وفيها أعمال، وفيها صلوات، وفيها زيارة لرسول الله، وفيها زيارة لأمير المؤمنين، فيها ذكر لله عز وجل هذا عيد الغدير( ).

عيد الفطر أحكام وآداب:

هذا العيد يبدأ من ليلته فيه أعمال منها: 

1/ الاستعداد لزكاة الفطر بحيث يجهز الإنسان زكاته كي يسددها ويؤديها، فإن وقتها يبدأ من غروب الشمس وينتهي -وقتها- إلى ما قبل صلاة العيد لمن أراد الصلاة، أما بعد صلاة العيد فلا تسمى (زكاة فطر) وإنما تصبح (صدقة عامة)، إلا إذا عُزلت قبل ذلك لحاجة وغرض عقلائي، كمن يريد أن يؤديها لأحد أرحامه الفقراء فعزلها، أو أن يكون الفقير من جيرانه، أو من أهل بلدته، بحيث لا يراه في يوم العيد، فيعزلها حتى لو سددها بعد ذلك بيوم أو يومين فلا مانع من التأخير، هذا الأمر الواجب.

2/ إحياء ليلة عيد الفطر فهو من المستحبات المؤكدة عندنا الإمامية بل عند غيرنا، وإن كان حديث (لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب) الذين نقلنا هو موجود في مصادر مدرسة الخلفاء لكنه من الاحاديث الضعيفة( )، لكنه موجود في تراثنا الحديث والفقهي( ).

الضعف أو عدم الاعتبار في سند الروايات المتصلة بالأذكار والصلوات والأغسال المستحبة فإن علماءنا، بل حتى بعض علماء مدرسة الخلفاء لا يدققون في أسانيدها، بل يجرون فيها (قاعدة التسامح في أدلة السنن). 

بمعنى أن الشروط التي نشترطها في الروايات الفقهية الإلزامية التي من قبيل الواجب والحرام، ففيها شروط صارمة، لا يمكن التنازل عنها، فلا يمكن أن توجب شيء إلا بخبر معتبر تام، ولا تستطيع أن تحرم شيء إلا بخبر معتبر تام، ولا تشترط شيء إلا بذلك، ولا تنفي شرط إلا بهذا النحو. 

ولكن في القضايا المستحبة مثل غسل عيد ليلة الفطر سواء جاء بخبر معتبر أو بخبر غير معتبر (ضعيف) تستطيع الإتيان به، نعم هناك آثار فقهية تترتب على ما ورد في الخبر المعتبر، ككفاية ذلك الغسل عن الوضوء في رأي مشهور العلماء، أما إذا ورد الغسل بخبر غير معتبر تستطيع أن تغتسل وتحصل على ثواب ذلك الغسل، ولكن لابد معه من الوضوء لو أردت الصلاة به، سواء كانت الصلاة واجبة أو مستحبة.

 وأما في غير هذا كالأذكار مثل من قال: (لا إله إلا الله) في كل يوم حصل من الثواب كذا وكذا، أو من صلى ليلة تسع وعشرين بهذه الكيفية كان له مثلا جواز على الصراط، وأمثال ذلك.

إن علماءنا يقولون -وهو الراي الصحيح المحقق- لا داعي أن نحقق في أسانيدها تدقيقًا تامًا وإنما نعملها ونأتي بها برجاء ان يكون النبي قد قالها أو أن المعصوم قد قالها وحينها نحصل على ثواب كبير.

 ومصدر تلك القاعدة ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شئ من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله) ( )، فلو ضعف سند ما روي عنه صلى الله عليه وآله: (من أحياء ليله عيد الفطر لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب) في مدرسة الخلفاء، ومدرسة الإمامية، فهل نأتي به أم لا؟

نعم، نأتي برجاء أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قاله، فالخبر الذي سنده ضعيف لا يعني كونه كذبًا، ولا يعني كونه موضوعًا؛ لأننا لو نعلم أنه كذب أو موضوع لا نعمل به، وإنما أحد رواته أو أكثرهم ليس ثقة، وهذا لا يعني أن الصادر منهم كذب وافتراء.  

بعض المؤمنين والمؤمنات في ليالي شهر رمضان المبارك يحرصون على أعمال كل ليلة من الليالي، سواء الصلوات أم الأذكار، وبعض الصلوات طويلة، فهل يحرم الله سبحانه وتعالى عباده الذين يتقربون إليه من الثواب، كلا؛ فإن الروايات الشريفة الصحيحة تدل على أن (من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول اللَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يقله) ( ). 

هناك مثال يضرب: لو أنك مدير شركة وعندك موظفان أحدهما يخبره مجموعة من العاملين في الشركة بأن المدير يأمرك بأن تفعل كذا وكذا، فيقول: أنا لا أفعل هذا حتى تأتوني بورقة موقع عليها من قبل المدير.

 وموظف أخر حينما يخبره بعض العاملين في الشركة بأن المدير يقول لك أفعل كذا وكذا يفعله بمجرد أنك المدير، أو أن هذا من أوامر المدير، ولو واحد يقول له ولو لم يكن متأكدً أنه قال ولكن لأنك المدير فيبادر من أجلك.

فأيهما عندك في الميزان أرجح؟ الأول الذي يقول لا أعمل حتى تأتوني بورقة مختومة من المدير، أم الثاني الذي بمجرد أن يسمع أن المدير يأمرك بكذا وكذا بسرعة ينهض ويتحرك، لا ريب أن هذا أكثر انقيادًا وأكثر طاعة ويستحق الثواب والجوائز والعطايا أكثر من ذاك.     

هناك من الناس من يشترط أنه لابد أن يسمع النبي صلى الله عليه واله بلسانه أنه قال صل هذه الصلاة، وافعل هذا العمل، وإلا لا اعمله.

 وهناك من الاشخاص حتى لو يحتمل النبي يقبل بهذا أو يرضى به ويمكن قاله أنا افعله كرامة لرسول وانقيادًا لقوله المحتمل، هذا طاعته أكثر من ذاك، ورواية (من أحياء ليله العيد لم يمت قلبه) هي من هذا الباب، وإن لم تكن بسند معتبر.

 من ذلك أيضًا ما ورد في الحديث الشريف عن الإمام الباقر عليه السلام حيث يقول: (كان علي بن الحسين عليه السلام يحيي ليلة عيد الفطر بالصلاة حتى يصبح، ويبيت ليلة الفطر في المسجد) ( ). الإمام عليه السلام طول ليلة عيد الفطر يحيها في المسجد هذا الليل بالعبادة والتهجد.

والناس خلال شهر رمضان تعود على السهر فلا ينبغي للمؤمنين أن يحرموا أنفسهم من العبادة والتهجد من إحياء ليلة عيد الفطر بالذكر والدعاء والمناجاة والشكر لله والحمد لله الذي وفقكم لصيامه وقيامه هذا في الليل.

3/ أما في نهار يوم العيد فبالإضافة إلى الحرص على صلاة العيد والذهاب إليها بعدما يخرج زكاة فطرته، يصلي صلاة العيد، ويستحب أن يأكل شيئًا قبل صلاة يوم عيد الفطر حتى يعلن أن هذا اليوم ليس يوم صوم وإنما هو يوم إفطار، فيأكل ما تيسر له ولو بمقدار تمرة أو قليل من الماء، فيصلي في هذا اليوم على أنه يوم عيد وإفطار لا يوم إمساك. 

الفرحة بالعيد مظاهر اجتماعية وسنن دينية

ينقل الحاكم النيسابوري رواية في (المستدرك) عن الحسن بن علي عن أبيه رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد...) ( ). 

يتحول العيد أحيانًا إلى مشكلة من المشاكل وقضية من القضايا والسبب في ذلك هو نتيجة المبالغات التي تكون في العيد على صعيد اللبس وغيره.

 الإمام عليه السلام يقول: (أجود ما نجد) فأجود ما نجد لا يعني أن نصرف مبالغ طائلة يترتب عليها مشاكل، فبدل أن يكون هناك فرحة بالعيد يخيم الحزن والقطيعة في الأسرة جراء المتطلبات الكثيرة والصعبة.

إن (أجود ما نجد) يعني أن نلبس ثوبًا نظيفًا مرتبًا، وإن كان غير جديد.

  سيما أن بعض الناس لا يجدون هذا الأمر فيصبح مصدرًا من مصادر التباهي والتفاخر المقيت، فبعض النساء تتباهى أمام نظيراتها بما تلبس بأن هذا الثوب من تلك الشركة العالمية، وقيمته كذا ألف ريال، وهذا ليس من الأمور المستحسنة دينيًا، ولا المناسبة اجتماعيًا( ). 

قيمتك أيها الإنسان وأيتها الإنسانة ليس بالقماش الذي على جلدكما، وإنما قيمتك بتقواكما وأخلاقكما وطاعتكما لربكما وانسجامكما مع أهلكم وأزوجكم، فلا قيمة للعباءة ولا للفستان وهذا خلاف أهداف العيد الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن (نلبس أجود ما نجد) وهو    دليل على التواضع في اللبس وليس الكلفة فيه والمشقة. 

(وأن نتطيب بأجود ما نجد) فمن عنده عدة عطور بعضها فاخر وبعضها وسط فليتطيب بالفاخر في يوم العيد، أما أن يذهب ويشتري له في يوم العيد بمبالغ طائلة للعطور، فهذا ليس مطلوب، باعتبار يستحب التطيب في يوم العيد.

(وأن نضحي بأسمن ما نجد) وهكذا، فهذا اليوم هو يوم الجوائز، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا أغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة) ( ).  


( ) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق، ص76، وهناك رواية أخرى عنه (ص): (من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) راجع: وسائل الشيعة: ج8، ص105.   

( ) لسان العرب لابن منظور: ج3، ص319. (بتصرف).

( ) المصدر السابق. 

( ) شم النسيم او عيد شم النسيم عيد مصري  قديم من حوالى 2700 قبل الميلاد، وهو عطلة وطنية مصرية بمناسبة بداية فصل الربيع، ويكون دائما في اليوم التالي لعيد الفصح.

( ) سورة طه، الآية: 59.

( ) للإثراء: يبدأ فصل الربيع [من تاريخ 8 مارس من كل سنة إلى 6 يونيو]، ويبدأ فصل الصيف [ من تاريخ 7 يونيو من كل سنة إلى 5 سبتمبر ]، ويبدأ فصل الخريف [ من تاريخ 6 سبتمبر من كل سنة إلى 6 ديسمبر ]، ويبدأ فصل الشتاء [ من تاريخ 7 ديسمبر من كل سنة إلى 7 مارس ] من كل سنة ميلادية. 

( ) عيد النيروز ويعني بالفارسية (يوم جديد) ويحتفل بقدوم فصل الربيع وببداية السنة حسب التقويم الشمسي الذي تتبعه إيران وأفغانستان، ومن الدول التي تحتفل بعيد النيروز: أذربيجان، وجمهورية مقدونيا، والهند، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركيا، وتركمانستان. 

( )  سورة  يوسف، الآية: 76.  

( )  سورة  الكافرون، الآية: 6.  

( )  ومن ذلك قوله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). 

( ) عيد الغفران: هو اليوم العاشر من الشهر الأول في التقويم اليهودي، وهو يوم مقدس عند اليهود مخصص للصلاة والصيام فقط، وهو اليوم المتمم لأيام التوبة العشرة والتي تبدأ بيومي رأس السنة، وحسب التراث اليهودي هذا اليوم هو الفرصة الأخيرة لتغيير المصير الشخصي أو مصير العالم في السنة الآتية. 

( ) منها: عيد العنصرة وعيد رأس السنة، ويُسمّى عيد الأبواق، وعيد المظلَّة. 

( ) من الأعياد عند المسيحيين عيد الميلاد للاحتفال بميلاد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام. 

( ) ويقع في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة. 

( ) فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: أَعظم الاعياد وأَشرفها يومُ الثامن عشر من شهر ذي الحجَّة وهو اليوم الَّذي أَقام فيه رسول اللَّه (ص) أَميرَ المؤمنين (ع) ونصبهُ للنَّاس علماً. وعن الإمام الرضا (ع) في بيان قيمة ذلك اليوم: إِنَّ يومَ الغدير في السَّماءِ أَشهرُ منهُ في الأَرضِ... واللَّه لو عرف النَّاسُ فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهمُ الملائكةُ في كلِّ يوم عشر مرَّات.

( ) راجع: كتاب (مفاتيح الجنان) للشيخ عباس القمي (أعمال يوم الغدير). 

( ) راجع: كنز العمال للمتقي الهندي: ج5، ص66، والرواية هي: (من أحيا ليلة الفطر، وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب). 

( ) راجع: وسائل الشيعة: ج8، ص105. 

( ) وسائل الشيعة: ج8، ص105، [باب استحباب الاتيان بكل عمل مشروع روى له ثواب منهم عليهم السلام].

( ) الوافي للفيض الكاشاني: ج4، ص370. 

( ) وسائل الشيعة: ج8، ص78.

( ) المستدرك للحاكم النيسابوري: ج4، ص230.

( ) روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (من لبس ثوبا يباهي به ليراه الناس لم ينظر الله إليه حتى ينزعه).

( ) المعجم الكبير للطبراني: ج1، ص236، ومثله في: الكافي للشيخ الكليني: ج4، ص68.  



مرات العرض: 3456
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 47182.84 KB
تشغيل:

28 واجبنا تجاه السنة النبوية
1/ وعترتي أهل بيتي: فقه الحديث