فضائل الامام علي في سنة النبي 20
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/9/1442 هـ
تعريف:

20/ فضائل الامام علي في سنة النبي

كتابة الفاضلة أصيلة الحسينية / عمان 

حديثنا في هذه الليلة يتناول موضوع فضائل امير المؤمنيين عليه السلام  في سنة النبي (ص ) وبطبيعة الحال لا نستطيع في هذه الفترة وللمدة القصيرة من هذا الوقت ان نخوض الى كل ما يرتبط بفضائل الامام علي سلام الله عليه لكثرتها وتعدد جهاتها والدروس المستفادة منها لكننا نقتصر على بعض النقاط والجوانب .

موضوع الفضائل بشكل عام ينبغي أن يلتفت الى ماهو الغرض منه ؟ ومن خلال الغرض نستطيع أن نتبين بعض الاحاديث التي جاءت في باب الفضائل والمناقب ، حيث نعتقد ان احاديث الفضائل والمناقب هي من جملة هدايات رسول الله صلى عليه واله وسلم للامة ، فإن رسول الله (ص) يعلم بالقاعدة الربانية التي تجري عليه وعلى غيره من البشر ( أنك ميت وانهم ميتون ) ، فيحتاج ان يضع خارطة طريق بعد حياته يهدي بها الناس ، واحاديث المناقب والفضائل الغرض منها الاساسي هو تعيين خارطة الطريق ودليل الهداية للناس ، فالنبي (ص) لم يكن لديه الوقت الفارغ ليعدد مناقب وفضائل الناس ، فلو عددنا كمية الاحاديث التي نسبت للنبي (ص) والتي وردت في كل الصحابة لوجدنها بعشرات الالاف ، وعندما يتفكر الانسان في ذلك يجد ان تعديد المناقب والفضائل قضية فيها غرض ، فعندما يقول الرسول (ص) أن علي ابن ابي طالب ع باب مدينة العلم يريد ان يقول خذو علمكم من عين صافية من هذا الذي اشرت اليه وهو علي ابن ابي طالب ع .

قال النبي (ص) : " عندما تختلف الاراء والاهواء بعدي انظرو من قتل عمار ابن ياسر فهي الفئة الباغية " 

والغرض من ذلك ان يسوق النبي (ص)  الناس بإتجاه الانتماء الى الفئة الهادية واجتناب الفئة الباغية ، وإلا النبي غير فارغ لهذا الحد ولا عمار ابن ياسر يحتاج الى هذا الحديث حتى يكمل ايمانه بهذا الشكل ، وإنما الغرض أن الجموع التائهة التي كانت في صفين عندما تتذكر حديث رسول الله (ص) حول ما جرى على عمار ومن قتل عمار  يتبين لهم من  الفئة الباغية ، وأن الفئة الاخرى هي فئة الهدي .

كذلك فيما يتعلق بأبي ذر :

حيث قال النبي (ص) " ما اقلت الغبراء وما اضلت الخضراء من ذي لهجة اصدق من ابي ذر "

والهدف  من ذلك انه في حال صار خلاف بعد وفاة النبي (ص) فينظر الناس ابى ذر مع اي جهة ومن خلاله يعرف الناس من هو صادق .

ولذلك ابى ذر نقلت عنه مواقف متعددة في منى وفي جوار الكعبة وفي غيرها من الاماكن يتحدث فيها بحديث الثقلين ، وكان ينادي بأعلى صوته ايها الناس عليكم بعلي ابن ابي طالب . 

وتفيد كلمة النبي (ص) أن ابى ذر ليس بمجنون وليس متطرف وانما يبلغ بصدق ما اخذه من رسول الله (ص) ، وهذا هو الغرض من احاديث الفضائل .

فعندما يتم التأكيد على فضائل امير المؤمنين ع وفضائل اهل البيت ع ، الغرض من ذلك وضع خارطة طريق للامة بعد رسول الله (ص) الى يوم القيامة ، حيث ان الهدف ليس المدح ولا المجاملة ، وانما الغرض خارطة طريق للامة .

الامر الثاني : 

أن فضائل امير المؤمنين ع اكثر من ان تحصى كما قال أئمة واعلام مدرسة الخلفاء فضلا عن الامامية ، فقد افرد عدد من علماء المدرسة الاخرى كتبا خاصة في فضائل امير المؤمنين ع ، منهم الامام احمد بن حنبل امام الحنابله المتوفي في العام 241هـ صاحب كتاب المسند وكتاب اخر اسمه كتاب فضائل على ابن ابي طالب ع .

ونقل عنه كلام متواتر اصبح بمثابة مشكلة لبعض اتباع النهج الاموي في ما يرتبط بالامام على ابن ابي طالب ع وهو قوله " ما وردت احاديث من رسول الله (ص) في فضائل الصحابه مثل ما ورد في شأن علي ابن ابي طالب " .

وبعضهم يضيف اليها الاحاديث الحسان ، وهو موجود في كتب احمد بن حنبل ومنقول عنه من قبل أخرين مثل الحاكم النسيابوي صاحب المستدرك وابن حجر العسقلاني صاحب الصواعق المحرقة وابن عساكر صاحب تاريخ دمشق وغيرهم ، وهو ما يسبب مشكلة عند اتباع النهج الاموي .

حيث ان ذكره هذه الفضائل على لسان النبي (ص) يخالف الترتيب في الخلافة ، فكيف ان علي ابن ابي طالب ع أكثرهم فضيلة ويجعله الرابع في ترتيب الخلافة ، لذلك قال بعضهم كصاحب منهاج السنه أن المقصود من كلام الامام احمد بن حنبل انه مروي عن رسول الله ، وفي المروي الضعيف والموضوع والصحيح ، وعليه تصبح احاديث  فضائل علي وعلي نفسه يصبح مثله مثل باقي الصحابة لا ميزة له .

في حين انه نقل ابن حجر العسقلاني عن احمد بن حنبل وكذلك كتاب المستدرك ، أن الاحاديث التي تتحدث عن فضائل الامام على " من احاديث الانسانيد الاحسان " ذكر ذلك في الطبعات القديمة لهذه الكتب ، وتم اخفائها في الطبعات الحديثة التي وصلتنا .

واوضح من هذا ما نقل عن ابن معمر التيمي كما نقله ابن عساكر الى ان يقول : " فضل علي ابن ابي طالب على اصحاب رسول الله ب100 منقبة ، وشاركهم في مناقبهم الاخرى  " وهذه شهادة من احد ائمة واعلام المدرسة الاخرى .

كما ألف الكثير من اصحاب  المدرسة الاخرى عن فضائل الامام على ابن ابي طالب ع كالامام ابن حنبل الذي تم ذكرها سابقا ، والنسائي ، والاسكافي ، وابن المغاربي وابن مردويه وغيرهم حيث افردو في كتبهم اجزاء خاصةعن فضائل الامام على ابن ابي طالب ع .

لكن هنالك فئة لا ترضى بمثل هذا الكلام كابن كثير الدمشقي صاحب كتاب البداية و النهاية وهو من اعلام الخط المتعصب ضد التشيع والشيعة واهل البيت ع .

كما ان من المشهور عند الكوفيين بتقديم على ابن ابي طالب على عثمان ولكنه لا يتقدم على الشيخين ، وهنالك من يقول أن من يقوم بتقديم علي على عثمان فقد ازرى على المهاجرين والانصار .

وكما أن هنالك من المدرسة الاخرى من يذكر فضائل علي ابن ابي طالب ع ، وهنالك ايضا من يحمر غضبا اذا نسبت فضيلة ميزة له عليه السلام .


النقطة الثانية :  أن فضائل الامام علي تنقسم إلى اقسام كثيرة ، بعضها ما ورد في القران الكريم وبعضها ما جاء بسنة النبي محمد (ص) .

-    ما جاء بالقران الكريم :

-    مثل آية الولاية قوله تعالي " إنما وليكم الله ورسوله والذين امنو الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون "

-    ومثل آية النجوى قوله تعالي " قدمو بين يدي نجواكم صدقات "

-    ومثل اية الانفاق قوله تعالي " الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية "

وغيرها من الايات المباركات التي أدلت بصراحة بعلي وقال بعضهم ما من أية تبدأ بقول " يأيها الذين أمنو " أو مدح فيها الذين امنو إلا وكان علي ابن ابي طالب ع أول تلك الاية .

-    وما جاء في السنة :

حيث وردت احاديث في السنة تشتمل على علي وغيره مثل حديث الثقلين " ... كتاب الله وعترتي أهل بيتي " حيث أشتمل هذا الحديث على علي ع وابناءه الطاهرين .

والاحاديث الخاصة بأمير المؤمنين عليه السلام : 

-    مثل حديث الغدير وحديث الطير ، " اللهم اتني بأحب خقلك أليك " حيث أن هذا الحديث مزعج لتابعي النهج الاموي لان عباراته غير طبيعية .

-    وبعض الاحاديث  مرتبط بحادثة من الحوادث أو قصه من القصص مثل حديث الطير وحديث الغدير " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي " حيث أن النبي عليه السلام عندما عزم على الخروج الى تبوك جعل عليا عليه السلام واليا له على المدينة ، فأردف قوما يقولون بأن رسول الله (ص) لا يحب صحبة على ابن ابي طالب ، فجاء علي عليه السلام وقال لرسول الله (ص) ما ذكر عنه ، فقال له الرسول بحضور اولئك الناس " يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعد " وهذا الحديث قد رواه عشرات المحدثين وعشرات الصحابة سمعوه من فم رسول الله (ص) .

ذكر أن المرحوم صاحب العبقات مير حامد حسين النقوي الهندي قد افرد مجلدا كاملا لهذا الحديث ، وما هي منزلة هارون من موسى .

وقوله تعالي " اجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي اشدد به ازري واشركه في امري كي نسبحكك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا "  مما يدل انه بعد هذا الدعاء اصبح الخطاب لاثنين وليس لواحد حيث قال تعالي " اذهبا الى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يذكر او يخشي " اذ صارت شراكه وصارو اثنين بدل الواحد ، نعم نحن لا نقول بأن عليا شريكا لرسول الله في النبوة ولكنه الوصي  في الخلافة والوزارة والامر والنهي والنصرة وباب مدينة علمه ، وغيرها من الاحاديث التي يحتويها على المنزلة علما وعملا وولاية ووصاية وقيادة وهداية وارشادا ، فهذا ماجاء في سنة رسول الله (ًص) .


الامر الثالث : 

أن هذه المناقب والفضائل تمت محاربتها كما تحارب المنشورات السياسية ، بل أكثر من ذلك ، مع انه وفقا للنظام لا يجب ان تحارب لعدم وجود الضرر لمنعها .

ينقل عن بعض منهم ( الامام الشافعي أو الزمخشري أو شخص اخر) ، انه تم سؤاله عن على ابن ابي طالب ع فقال " ما اقول في رجل اخفى أوليائه فضائله خوفا ، وأخفى اعداءه فضائله حقدا ، ثم خرج من بين هذا وذلك ما ملء الخافقين " .

أما اتباعه واشياعه اخفو فضائله خوفا من القتل ، حيث قيل لاحدهم ايام الحجاج بن يوسف الثقفي لما لا نسمع منك احاديث في مناقب الامام علي ابن ابي طالب وقد رويت عن الصحابة ذلك ، فقال اما ترون سيف الحجاج يقطر بالدماء ، حيث قتل ميثم التمار لحديثه عن علي ابن ابي طالب ، حيث كان الحجاج يبحث عن الاشخاص شاهرا سيفه ، فقد  قتل سعيد ابن جبير لولايته لعلي ابن ابي طالب .

وقسم اخر من الناس كانوا من اعداء اهل البيت وكانو من مخالفيهم فكتموا هذه الاخبار ، وكانو يعاقبون عليها .

نقل عن هارون العباسي  قوله " من اثبت خلافة علي ابن ابي طالب قتلته " ، وهو ما ذكره الخطيب البغدادي .

ولذلك احد الرواة يقال له ابو معاوية - وهو ثقة عندهم -  أنه روى حديث مدينة العلم ، وبعد أن بلغه قول هارون العباسي اصبح اذا سئل عن هذا الحديث لا يتكلم .

وفي زمن المتوكل العباسي روى احدهم - وهو ليس من شيعة أهل البيت ع -  حديث فضل لإمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ع ، فرفع امره الى المتوكل العباسي فأمر بجلده 1000 جلده ، مع انه لا يوجد حد في الاسلام يصل الى 1000 جلده ، وذلك فقط لانه روى فضيلة من فضائل الامام على ابن ابي طالب ع ، وبعد ان شفع له اهله عند المتوكل العباسي بقولهم انه ليس من شيعة اهل البيت ولا يفضل عليا على غيره من الصحابة وإنما هو محدث حافظ  للاحاديث وذكره ، عندها تم تخفيف العقوبة الى 100 جلدة حتى يكون عبره لغيره .


لذلك كان "ذكر علي عبادة" في رواياتنا لأنه توضيح لخارطة الطريق .

حيث أن عندنا بعض الادعية كدعاء الندبة مستحبة في الاعياد والجمع ، لان هذا الدعاء  برزت فيه بعض من الفضائل والمناقب .

حيث يوجد نحو 30 حديث ورواية عن رسول الله بين نقلها بالكامل وبين اشارت اليها ذكرت في داء الندبة ، واي شخص يدأب على قراءة هذا الدعاء سوف يكون حافظا لهذه المجموعة من الروايات .

مثال :د( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ) لذلك نوصي المؤمنين والمؤمنات بقراءة هذا الدعاء لانه وسيلة تثقيفية ، ولدي كتاب بعنوان " تأملات في ذعاء الندبة " تبين لي انه متوافق مع الموضوع ، وهو بمثابة شرح لحركة التاريخ قبل الاسلام وكيف جرت الاحداث في الامة الاسلامية والعوامل التي أدت الى النتائج الكارثية في الامة ، وقد عبء بطريقة مناسبة هي طريقة الدعاء .

 نوصي جميع المؤمنين بقرائة ودراسة والتأمل في هذا الدعاء  فإنه يشيرالى طريقة الحياة السليمة على هدى الانبياء ونهج الاوصياء كما ارادها الله سبحانه وتعالي .

الفضائل ليست أوسمه مجانية يوزعها النبي (ص) على هذا وذاك وانما هي خارطة طريق يعطيها النبي (ص) للامه إذا اشكلت عليها الطرق وتعددت عليها الفئات .

وفضائل الامام علي ابن ابي طالب ع منها ما ورد بالقران الكريم ومنها ماجاء في سنة رسول الله (ص) منها ما كان مرتبطا بحادثة أو قصة أو قضية ، مثل حديث الغدير وحديث المنزلة وحديث سد الابواب وامثال ذلك من الروايات وحديث الطير المشوي .

وهناك احاديث وردت من غير مناسبة ولا قصة قالها النبي (ص) ابتداء وعفوا هكذا لدلالة الناس على الطريق الصحيح .

واخيرا ، فإنني اوصي بإن يتم قراءة دعاء الندبه وتدبر معانية الكبيرة ولا سيما ما يرتبط لفضائل امير المؤمنين عليه السلام واهل بيت رسول الله (ص) .



مرات العرض: 3532
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 58478.78 KB
تشغيل:

كتاب الله وعترتي أو سنتي 26
27 كيف ننفتح على سنة المعصومين