الأسارى في مجلس يزيد وخطبة الامام السجاد 19
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 19/1/1442 هـ
تعريف:

الأسرى في مجلس يزيد وخطبة الإمام السجاد عليه السلام

كتابة الفاضلة أم سيد رضا

 حديثنا بإذن الله تعالى يتناول الفترة التي بقي فيها ركب الأسرى في دمشق إلى حين رجوعه إلى كربلاء، ونمر مروراً على خطبة الإمام زين العابدين عليه السلام في دمشق وهي خطبته المشهورة، فالفترة التي بقي فيها ركب الأسرى في دمشق كانت في اليوم الثاني من شهر صفر سنة إحدى وستين للهجرة إلى يوم الأحد الحادي عشر من شهر صفر في نفس السنة، أي تسعة أيام تقريباً هي الفترة التي بقي فيها ركب الحسين عليه السلام في دمشق، يظهر من بعض التواريخ أن وصول ركب الإمام الحسين عليه السلام إلى دمشق كان ضحى يوم الجمعة الثاني من صفر وأن هذا الركب عُطِّل على باب تومة المعروف بباب الساعات الآن، عُطِّل هذا الركب عدة ساعات حتى صارت صلاة الجمعة وبعد الصلاة عُرِض هذا الركب على الناس وتم السير به في شوارع دمشق إلى أن أُدخل على يزيد بن معاوية في قصره، وبعد أن خطبت العقيلة زينب وحدث ما حدث في مجلس يزيد أُمر بهذا الركب أن يُجعل في دار خربة غير مهيأة لبقاء مثل هذه النساء والأطفال الذين جاؤوا من سفر طويل ومتعب، فأُجلسوا في دار قريبة من القصر الأموي (قصر يزيد). يستفاد من بعض الروايات التاريخية أن اللقاء بين يزيد وبين ركب الحسين عليه السلام والأسارى كان أكثر من مرة، مثلما هو الحال وما ذكرناه في الكوفة مع عبيد الله بن زياد، فلم تكن القضية مرة واحدة ويظهر من مجمل الروايات أن هذا اللقاء تكرر بل ويظهر من هذه الروايات أيضاً أن اللقاء الذي تكلم فيه الإمام زين العابدين عليه السلام في خطبته المشهورة هو غير اللقاء الذي تحدث فيه العقيلة زينب عليها السلام، وأن الحادثة التي خطبت فيها السيدة زينب عليها السلام خطبتها القوية الشديدة على أثر قرع يزيد رأس الحسين عليه السلام بعود الخيزران تختلف عن الحادثة التي خطب فيها الإمام زين العابدين سلام الله عليه، فقد كانت خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد، بينما كانت خطبة الإمام زين العابدين عليه السلام كما يشير إلى ذلك كتاب كامل البهائي وهو من الكتب التي تعرضت لقضية كربلاء ونقله عنه آخرون يظهر منه أن ذلك اللقاء الآخر الذي خطب فيه الإمام زين العابدين كان في الجامع الأموي ولم يكن في مجلس يزيد. قد يستشهدون لذلك بعض الشواهد بأن الخطبة تمت في الجامع الأموي الذي يعرف سابقاً بجامع دمشق، قطع المؤذن فيها كلام الإمام زين العابدين لأنه كان الوقت العادي للأذان وبالتالي فإن المجلس والمحفل كان قبل ذلك، بينما اللقاء الأول كان بعد صلاة الجمعة، وهذا رأي يقدمه بعض الباحثين وهو أن الحدث لم يكن في يوم واحد فقط وإنما كان في أكثر من لقاء، ويدل على ذلك أيضاً أنه عندما فرخ الإمام زين العابدين عليه السلام من خطبته تفرق الناس، ونلاحظ هنا أن عامة الناس لا يحضرون إلى ديوان الحاكم وإنما يحضرون إلى المسجد وإلى الجامع ضمن وضع طبيعي، وقد أراد يزيد أن يستعرض قوته في ذلك اليوم. سواءً كان في الجامع أو كان في مجلس يزيد، فقد حصل هناك أكثر من مواجهة ومقابلة بين الإمام السجاد عليه السلام ومعه النساء من جهة وبين يزيد بن معاوية، وكان هناك مخاطبة بين الإمام عليه السلام وبين يزيد ثم بعد ذلك خطبة عامة على من كان حاضراً، ومن ذلك ما ينقل على أن يزيد في ضمن خطابه للإمام زين العابدين عليه السلام وضمن منهج الجبر الأموي الذي قلناه قال: ( الحمد لله الذي قتل أباك )،   فالإمام زين العابدين عليه السلام رد بجواب إسكاتي قوي وقال: ( لعنة الله على من قتل أبي )، فسكت يزيد غاضباً ثم تهدده بالقتل، وهذا الجواب كان أبلغ جواب من قبل الإمام عليه السلام ليزيد، فكما نقل أن بعض الحاضرين قالوا ليزيد أنه إذا قتل علي بن الحسين فسيتورط بهؤلاء النسوة.

 حدث حوار آخر أيضاً عندما قال يزيد للإمام عليه السلام: ( فبما كسبت أيديكم )، فقال الإمام عليه السلام: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) إلى آخر الآية في قوله عز وجل: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم )، وقال عليه السلام:( نحن القوم الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا )، فحدثت حوارات بهذا المعنى، وبعد ذلك استدعى يزيد بعض الخطباء وهذا من الشواهد أيضاً على تعدد الحدث، فأمر يزيد خطيباً من خطباء بني أمية أن يقوم ويمدح يزيد وأباه ويشتم الحسين عليه السلام وأباه، فقام ذلك الخطيب وخطب خطبة تحدث فيها بشكل سيء عن الإمام الحسين عليه السلام وعن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، فقضية شتم أمير المؤمنين عليه السلام في الشام ليست جديدة لأن هذه سنة معاوية من قبل عشرين عاماً سنها في بلاد الشام، لكن الأمر الجديد هو شتم الإمام الحسين عليه السلام ووصفه بأوصاف غير لائقة، فالإمام زين العابدين عليه السلام عندما سمع ذلك الكلام من الخاطب قال له: ( ويلك أيها الخاطب، اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدك من النار )، وهذا الأمر ليس خاصاً بذلك الخطيب فقط وإنما كل خطيب يخالف رضا الله ويغير الحقائق من أجل رضا المخلوق ومن أجل عطاياه فإنه ينطبق عليه هذا الكلام.

 قال الإمام زين العابدين عليه السلام ليزيد: إءذن لي أن أصعد هذه الأعواد فأقول كلاماً لله فيه رضا ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب )، فكلمة الأعواد في اللغة العربية تدل على المنبر وهي المنابر الخشبية التي تصنع من الأعواد الخشبية، وكأنما الإمام عليه السلام يريد أن يشير إلى أن هذا المنبر ليس له قداسة بإعتبار أن أصله من أعواد الخشب، فمتى ما أصبح هذا المنبر منبر هداية ومصباح علم فحينها يستحق الكرامة، وقد استأذن الإمام عليه السلام من يزيد حتى لا يصعد إلى المنبر فينزله يزيد قبل أن يبغ غايته وقد كانت هذه الفكرة من الإمام عليه السلام في غاية الدقة والتدبير ولم يكن استئذانه بسبب أن يزيد صاحب ولاية شرعية.

 عرف يزيد بأن الإمام عليه السلام من هذه الطينة الطيبة ومن أهل بيتٍ زُقُّوا العلم زقاً وتتنزل عليهم العلوم والمعارف، فرفض أول الأمر ولم يسمح للإمام بأن يصعد المنبر، فحاول فيه الحاضرون ولم يستطع أن يستمر بالرفض لأنه أصبح في حرج من الحاضرين وخصوصاً أن الحادثة كانت في الجامع، فقبل وقال: (إن صعد هذا لا ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان) ولعل الكلمة الصادقة الوحيدة التي خرجت من هذا الرجل هي هذه الكلمة.

 صعد الإمام زين العابدين عليه السلام وهو مريض قد نهكته العلة، فقد كان مريضاً بمرض الذَرِب وهو أشبه بحالة من الجفاف التي تعتري البدن وبعض الأحيان يموت الإنسان على أثر ذلك لأن معدته لا تمسك بالطعام ولا يستفيد بدنه من الأكل الذي يأكله، فصعد عليه السلام المنبر وبدأ بخطابه المعروف: ( أيها الناس، أُعطينا ستاً وفُضِّلنا بسبع، أُعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، وفُضِّلنا بأن منَّا النبي المختار محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ومنَّا الصديق ومنَّا الطيار ومنَّا أسد الله وأسد رسوله ومنَّا سبطي هذه الأمة، أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي )، هناك فن في الخطابة يسمى براعة الاستهلال، فقد كان الإمام عليه السلام بارعاً في ابتدائه واستهلاله بالخطبة، فقال إن هناك أشياء مشتركة بيننا وبين الناس وهناك أشياء خاصة لنا وفضِّلنا بها، فالأشياء المشتركة بيننا وبين الناس ولكن لنا النصيب الأكبر فيها هي: العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة،فهذه الأمور موجودة عند الناس ببعض الدرجات ولكن الدرجة العليا تكون عند أهل البيت عليهم السلام، تأتي هنا أيضاً كلمة السماحة فهي ذات معنى واسع، كأن يقول إن هذا الشخص سمح ليس نكِداً ولا معقداً، وتأتي أيضاً بمعنى سخي اليد والمعطاء، فهذه الأمور كما هي موجودة عند سائر الناس إلا أنها موجودة عند أهل البيت عليهم السلام بمستواها الأعلى. وهناك أمور اختص بها أهل البيت عليهم السلام ولا يشترك معهم سائر الناس فيها وبمقدار قلامة ظفر، ما قال الإمام السجاد عليه سلام: ( وفضِّلنا بسبع )، فقد فضِّلوا عليهم السلام بأن منهم النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم ولا تستطيع أي قبيلة أخرى غير قبيلة بني هاشم بأن تقول إن النبي منهم، قال أيضاً: ( ومنَّا الصدِّيق ) وهذا له معنيان فالمعنى الأول هي مكانة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، والمعنى الثاني هو أن هذا اللقب وهذا العنوان إنما في حقيقته خاصٌّ بأمير المؤمنين عليه السلام وأن التسمية لغيره ليست كما ينبغ، فعندنا في نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: ( أنا الصدِّيق الأكبر وأنا الفاروق الأعظم، لا يقولها بعدي أحد إلا كان كاذباً )، ثم يكمل الإمام السجاد ويقول: (ومنَّا أسد الله وأسد رسوله ومنَّا سبطي هذه الأمة ) فالمقصود بالطيار هو جعفر، فالإمام عليه السلام كان في بعض كلماته لمعاوية يفتخر بجعفر عندما قال: (ألا ترى غير مخبر لك بفضل الله علينا، أننا عندما يستشهد شهيدنا يقال له سيد الشهداء وعندما تقطع يده يقال له الطيار)، والمقصود بأسد الله وأسد رسوله في خطبة الإمام هو حمزة سيد الشهداء، وسبطا هذه الأمة هما الحسن والحسين عليهما السلام. في بعض المقالات مذكور بأن الإمام أكمل وقال: ( ومنَّا مهديها ) ويظهر بأن هذا التعبير غير موجود في النسخ القديمة مع أن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو مما اختص به الله بني هاشم، ولكن كأن الإمام زين العابدين عليه السلام يخاطب أولئك الجمع بما كان يسهل عليهم تعقله ولا يمكن لهم التشكيك فيه، فقضية الإمام المهدي (عج) في ذلك الوقت لم تكن مطروحة بشكل واضح، ولذلك لم يثبت بأخبار معتبرة أن الإمام قال هذه الكلمة وربما قد تكون من إضافات البعض. بعد ذلك قال عليه السلام: (أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي)، فالنسب هو تسلسل الآباء والأجداد، بينما الحسب فهو غير ما يرتبط بذلك من البنوة، كأعماله الصالحة أو أعمال ذريته الصالحة أو أهل بيته.

ثم أكمل خطبته عليه السلام وقال: ( أيها الناس أنا ابن مكة ومنى، أنا بن زمزم والصفا )، فإذا قال البعض كما زعموا بأن هؤلاء خرجوا على أمير المؤمنين، فهنا يوضح لهم الإمام بأنهم من قلب منبع الدعوة من مكة ومنى أي من مواقع المناسك ومركز الوحي، وبدأ بعد ذلك يذكر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ويبين فيه صفات جده المصطفى ويقول: ( أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الردى، أنا ابن خير من إءتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبى، أنا ابن من حمل على البراق في الهوى، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم )، فكل جملة من هذه الجمل تشير إلى قضية من القضايا بعضها عقائدية مثل قضية الإسراء والمعراج، وبعضها يشير إلى قضايا شرعية مثل قضية الزكاة وما يرتبط بها وقضية الصلاة، وتحتاج كل واحدة من هذه القضايا إلى إشارات ولكن لا يتسع الوقت لها كلها، وبهذا المقدار عرف الناس بأن هذا ليس غريباً عن الحالة الإسلامية وإنما هو في صميمها. ثم أكمل عليه السلام وقال: ( أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله ) والمقصود بخراطيم الخلق هو أن الني صلى الله عليه وآله وسلم كسَّر أنوف الكفار حتى يشاد ويرفع علم لا إله إلا الله وراية الإسلام، وهذا تعبير عن شدة المجاهدة. وأكمل: ( أنا ابن من بايع البيعتين وصلى القبلتين وقاتل في بدر وحنين )، فالبيعة الأولى هي بيعة العقبة وكانت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والبيعة الثانية هي بيعة الشجرة وقد كانت بعد الهجرة، والمقصود بالقبلتين أيضاً هما بيت المقدس في فترة من الزمان والكعبة في طول الوقت، ويأتي في بعض النسخ إضافة على خطبة الإمام عليه السلام: ( وهاجر الهجرتين )، وفُسِّرت بتفاسير عديدة بعضها يقول أن الهجرة الأولى هي الهجرة من مكة إلى المدينة برحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والهجرة الثانية هي هجرة أمير المؤمنين عليه السلام فيما بعد من المدينة إلى الكوفة لكي يكون حاكماً عليها، والبعض الآخر من التفاسير يشير إلى أن الهجرتين بالمعنيين وهي الهجرة الجغرافية من مكة إلى المدينة والهجرة المعنوية بمعنى أن الإنسان يهاجر من حالته السابقة إلى حالة جديدة فالنسبة إلى الأعراب مثلاً يهاجرون من بواديهم إلى المدينة وكذلك الإنسان المذنب يهاجر من الذنب إلى الطاعة، فالبعض يخمل الجرة الثانية على الهجرة المعنوية. ثم يكمل عليه السلام: ( ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن يعسوب المسلمين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ) وأخذ بوصف مفصل لأمير المؤمنين عليه السلام فقال: ( سمح سخي بهلول زكي، ليث الحجاز وكبش العراق) إشارة إلى أنه سمح في وجهه وسخي في يده، والبهلول في اللغة العربية هو السيد الجامع للمواصفات الحسنة، والكبش أيضاً يعبر عن الشخص ذي الشأن الكبير والشجاعة والتقدم فيقال كبش الكتيبة فلان وكبش البلد فلان، ليس بمعنى أنه خروف وإنما بموقعه بإعتباره أنه هو المتصدي للأمور والمتقدم فيها. ثم يكمل خطبته: ( مكي مدني أبطحي تهامي، خيفي عقبي، بدري أحدي، شجري مهاجري، أبو السبطين الحسن والحسين علي بن أبي طالب)، أي مكي في ولادته ومدني مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إقامته، والمقصود بخيفي أي منى وما فيها من مسجد الخيف والعقبة، وقد شهد غزوة بدر وأحد معاً، ويصف أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً بأنه شجري في بيعته أي بيعة الشجرة ومهاجري نسبة إلى الهجرة، وقد عرَّف نفسه بأنه ابن علي بن أبي طالب بعد تعريفه بأنه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستمر كذلك إلى أن وصل إلى تعريف نفسه بأبيه الحسين عليه السلام مما جعل المجلس نفض ويتغير بل وتشير بعض الروايات إلى أنه بعد هذا المجلس بناءً على أنه انعقد في يوم الجمعة الثانية لم يبقى ركب الأسارى إلا يوم واحد ثم أمر يزيد بأن يسافروا في يوم الأحد وقد تحركوا بإتجاه كربلاء ويتبين أن هذا الأمر تغير تماماً على يزيد وعلى أعوانه ولذلك بادر في التعجل على سفرهم.

وأكمل الإمام السجاد عليه السلام خطبته إلى أن قال: ( أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء، أنا ابن خديجة الكبرى، أنا ابن بضعة الرسول فاطمة الزهراء عليها السلام) إلى أن قال: ( أنا ابن  المرمل بالدماء، أنا ابن ذبيح كربلاء، أنا ابن المقتول ظمأ، أنا ابن العطشان حتى قضى، أنا ابن من بكت عليه الجن في السماء والطير في الهواء)، ولم يزل يقول أنا، أنا حتى ضج المجلس ونادى يزيد بالمؤذن أن يؤذن فقطع على إمامنا كلامه وقال: الله أكبر، فقال السجاد عليه السلام: (كبرت كبيراً، الله أكبر من أن يوصف) إلى أن قال المؤذن: أشهد ألا إله إلا الله، فقال عليه السلام: ( شهد بذلك لحمي ودمي وعظمي )، فقال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله، فقال عليه السلام:( يا يزيد، محمد هذا جدي أم جدك، فإن قلت إنه جدك فقد كذبت وكفرت، وإن قلت إنه جدي فلم قتلت  عترته وسبيت نساءه )، ثم خرج إمامنا زين العابدين مع عماته من ذلك المحفل، ويقول المنهال بن عمر: نظرت إلى زين العابدين وهو يمشي وإذا برجليه يسيل منها الدم، فقلت له: سيدي كيف أصبحت، فقال عليه السلام: يا منهال أصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمد منها وقريش على سائر العرب بأن محمد ومنها وأصبحنا آل رسول الله مقتولين مذبوحين مشردين عن الأوطان.

مرات العرض: 3513
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2570) حجم الملف: 47098.33 KB
تشغيل:

يزيد بين وهم النصر والتنصل من الجريمة 20
طريق العودة من الشام إلى الكوفة 21