إحياء الموسم الحسيني حياة 1
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/1/1442 هـ
تعريف:

احياء الموسم الحسيني حياة

كتابة فاضلة مؤمنة

ورد عن الإمام الصادق  ، أنه قال للفضيل: تجلسون وتتحدثون؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا يا فضيل فرحم الله من أحيا أمرنا، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه، ولو كانت أكثر من زبد البحر.) بحار الأنوار ج ٧١ ص ٣٥١

وخبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله  : (من ذُكرنا عنده ففاضت عيناه، ولو مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر) المحاسن 1: 63 كتاب ثواب الأعمال، كامل الزيارات: 207 الباب (32) حديث (293).

وعن الإمام علي بن موسى الرضا  :  ( من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ). بحار الأنوار، ج1، ص199، الحديث رقم 3.

حديثنا يتناول موضوع احياء الموسم الحسيني وكيف انه حياة لنا. 

. نحن نقول احياء الموسم، وكأنما نحن نحييه بينما في الواقع الموسم هو الذي يحيينا ويعطينا الحياة.

-    لماذا نقوم ويقوم المؤمنون من اتباع امير المؤمنين، بل من غيرهم من المسلمين العارفين بحق الحسين عليه السلام بإحياء قضية الإمام الحسين   ؟

-    لماذا نقوم بإحياء هذا الموسم وبتذكر نهضة الامام الحسين سلام الله عليه، لاسيما وإنها تأتي في هذا العام وفي كل مكان في هذا العالم ضمن ظروف الإحياء زمان الازمات.

احياء ذكرى الحسين   في طول التاريخ مرت بفترات من الاسترخاء، وهي ليست طويلة ومرة بفترات أكثر من احياء الذكرى وهي ضمن عالم الازمات ، وظرف الأزمة في بعض الفترات.

حيث كانت السلطات الحاكمة تمنع هذه المراسم والمواسم بكافة اشكالها. 

سوف يأتي لنا حديث عن كيفيات تغييب نهضة الحسين   في طول تاريخ المسلمين ونشير إلى هذا بالتفصيل في ذلك المكان.

هناك فترات تاريخية كانت السلطات الحاكمة تمنع مظاهر الاحتفاء بعاشوراء بما يناسبه من الحزن وتذكر قضية الامام الحسين  

وفي فترات أخرى ربما السلطات لم تمنع ولكن في الامة فئات متطرفة تعتبر هذا الأمر بدعة في زعمها، فتقوم بمهاجمة من يحي هذا الموسم وقد مر في تاريخ الامة في فترة من فتراتها من هذا القبيل أيضا، وسنشير اليه في موضعه.

في فترات معاصرة شاهدناها نحن كيف ان بعض الحركات الإرهابية كانت تهاجم وتفجر وتهدد من يقيم هذه المراسم والمواسم والمناسبات وقد ذهب على أثرها شهداء ارتفعوا في اثناء احياء الموسم الحسيني الى درجة أنصار الحسين   في هذا الزمان وقد شهدنا بعضا من ذلك.

وهكذا نحن اليوم في ظرف ازمة ناتجة عن هذا الوباء نسأل الله سبحانه وتعالى ان يفرج عن المؤمنين بل عن المسلمين والناس عامة هذا الوباء والبلاء حتى تعود الحياة المستقيمة الى طبيعتها. فنحن اليوم نحيي هذا الموسم ضمن ظرف أزمة يفرضها علينا هذا الوباء.

مثلما أن المؤمنين في كل هذه الفترات السابقة تكيفوا مع ذلك الظرف الاستثنائي، ظرف السلطات الضاغط وظرف الفرق المذهبية المتعصبة وظرف الحركات الإرهابية.

كيف أن الناس تكيفوا مع هذا الامر وأحيوا هذا الموسم بأفضل ما يمكن ويستطاع بحمد الله، أيضا تجدهم يفعلون ذلك في ظرف هذا الوباء وفي ظرف هذه الجائحة مع الاخذ بعين الاعتبار كافة الاحترازات والإجراءات الوقائية لكنهم لا يتخلون عن احياء هذا الموسم. 

لأن هذا الاحياء هو حياة لهم.أرأيت انسان يتخلى عن حياته او عن الاوكسجين الذي يتنفسه.

قضية الحسين   وعزاء الحسين ورثاء الحسين وزيارة الحسين وشخصية الحسين بالنسبة لنا هي حياتنا، فكيف نتخلى عن حياتنا؟

نحن مستعدون والمؤمنون مستعدون ان يتخلوا عن حياتهم المادية ولا يتخلوا عن الحسين سلام الله عليه.

ولذلك فإننا نجد بحمد الله تعالى في كل أرجاء الدنيا الآن المناسبة قائمة، الحسينيات مفتوحة وكل ذلك قائم ضمن الالتزام بالإجراءات والتعقل في ممارسة هذه الاحترازات، فالإنسان عندما يكون في حالة من الاسترخاء قد يكون في درجة من الثواب، لكن إذا صار الامر أصعب ويحتاج تكلف واصطناع شيء ومع ذلك قام به هذا الانسان معناه انه يثاب أكثر من ذلك.

فأول شيء نحن نحيي هذا الموسم وقضية الامام الحسين   ونتعرض لنفحاته في ظرف هو ظرف أزمة ، نحييه بأفضل ما يمكن وبأشد أنواع الاحترازات.

لماذا نفعل هذا؟

هناك من ينادي هذا العام عطلوا الشعائر والعام المقبل اقيموها؟ نحن بدورنا نسأله ما الذي يدعونا لذلك؟

نذكر بعض الجهات هنا، بالقضية الحسينية واحياء الموسم الذي يترب عليه الثواب الذ ذكرناه في الحديث (يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه)

لماذا هذا الثواب العظيم؟ ولماذا أشار لها؟ 

هنا أشير له بشكل سريع:

الأمر الأول: القضية الحسينية واحياؤها أفضل تعبير سلمي عن الهوية الدينية

الان في هذا العالم يتحدثون عن أحد اهم المشاكل التي تعيشها المجتمعات الإنسانية ما يسمى بتحدي الهوية.

فالبداية نورد لكم تعريف مبسط لمعنى الهوية:

تُعرفُ الهويّة في اللّغة :

بأنّها مُصطلحٌ مُشتقٌّ من الضّمير هو؛ ومعناها صفات الإنسان وحقيقته، وأيضاً تُستخدمُ للإشارةِ إلى المَعالم والخصائص التي تتميّزُ بها الشخصيّة الفرديّة.

أمّا اصطلاحاً:

فتُعرفُ الهويّةُ بأنّها مجموعةٌ من المُميّزات التي يمتلّكها الأفراد، وتُساهمُ في جعلهم يُحقّقون صفة التفرّد عن غيرهم، وقد تكون هذه المُميّزات مُشتركة بين جماعةٍ من النّاس سواءً ضمن المجتمع، أو الدّولة. 

ومن التّعريفات الأُخرى لمصطلحِ الهويّة:

أنّها كلُ شيءٍ مُشترك بين أفراد مَجموعةٍ مُحدّدة، أو شريحة اجتماعيّة تُساهمُ في بناءِ مُحيطٍ عامٍ لدولةٍ ما، ويتمُّ التّعاملُ مع أولئك الأفراد وفقاً للهويّة الخاصّة به 

الهوية تعني: 

كامل الانتماء بكل أبعاده المادية والمعنوية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ولا تقتصر على مجرد الانتماء العصبي أو القبلي أو العنصري أو الجغرافي، فهي تكامل نفسي فكري، وانتماء، ولذا نجد الإسلام يصبغ الإنسان بصبغة خاصة في عقيدته وفكره ومشاعره وتصوراته وآماله وأهدافه وسلوكه وأعماله.

وتحدي الهوية معناه:

ان هذا المذهب يريد ان يبين عقائده وشرائعه والمذهب الاخر لا يقبل فبيداء الصراع بينهما. 

أصحاب هذا الدين يريدون ان يتعبدوا ربهم بما يحبون، والفئة التي بيدها الامر والنهي لا تسمح لهم بذلك فيحدث اضطراب.

الناس الذين عندهم لغة خاصة وقومية خاصة يريدون أيضا ثقافتهم الخاصة وطرقهم الخاصة ودولتهم الخاصة، هذا كله تعبير عن الحاجة الى ابراز الهوية، انا عربي وانت كردي وذاك فارسي وهذا تركي، كل واحد يريد ثقافته ولغته تكون المسيطرة انا مسلم وذاك مسيحي وهذا يهودي كل واحد يريد ان يعبر عن ثقافته ومذهبه ودينه فيحدث هذا الاصطدام.

عندما يكون التعبير عن الهويات تعبير سلمي لا تحدث هذه المشاكل.فانا عندما أريد ان امنعك ان تظهر شيئا وانت لا تقبل بهذا فتشتبك معي وهكذا.اما إذا كان التعبير عن الهوية بشكل سلمي كما جاء به الإسلام.

فالإسلام اعطى حرية التعبير عن الهوية لكن بأي طريقة ؟! 

بالحج، نعم فالحج أبرز تعبير عن هوية المسلمين. الصلاة أبرز تعبير عن هوية المسلمين.

فيما يرتبط في الموضوع الحسيني في داخل الدائرة الحسينية، أفضل تعبير سلمي عن الهوية الامامية الشيعية هو القضية الحسينية.

انا ابكي ولا اعتدي على احد، انا احزن لكني لا اعتدي على احد، انا البس السواد، اضرب نفسي و ألطم على صدري وأقيم المأتم واتكلم عن فضائل اهل البيت و تاريخ الامام الحسين  ،لست في واردك فانت أيضا لاتكن في واردي.

مجرد تساؤل، هل عندما ابكي يضرك هذا البكاء؟!

انا ابكي لأن عندي شحنة عاطفيه على ماجرى على آل محمد وما اصابهم فيفيض ذلك الحزن في قلبي فيتحول الى دمعة ساخنة.

هذا لا يضرك، وعندما أعزي أيضا لا يضرك فانا لا اضربك انما اضرب على نفسي.

فهذا تعبير سلمي بديع عن الهوية الامامية ولذلك يمنعه من يمنعه، ويقول لا تعبر عن هذه الهوية. 

هذا التعبير عن هذه الهوية يعتبر اكبر من أي شيء لأنها في خلال عشرة أيام تتحول الدنيا في كل مكان يوجد فيه شيعة اهل البيت عليهم السلام إلى اعلان عن قضية الامام الحسين  .

الى اعلان عن ذواتهم ووجودهم، اننا نحن شيعة اهل البيت ونوالي أبا عبدالله الحسين   ونحن موجودون في هذا المكان.

اذن هي تعبير عن هوية وتعبير سلمي ليس فيه اجبار لأحد و لا اعتراض على احد ولا اخذ حق احد لذلك لابد من التأكيد عليه .

الأمرالثاني: ان ما يجري في هذا الموسم شيء ليس له نظير لافي تاريخ البشر ولافي جغرافيتهم ولافي هذا العالم، مثال:

لو فرضنا ان المسلمين مليار ونصف او كما قيل مليار وثمان مائة مليون.وفرضنا ان شيعة اهل البيت يمثلون الثلث او الربع، معناه ان حوالي 400 مليون من شيعة أهل البيت تقريبا.

ولو فرضنا ان الذين يشتركون في هذا الموسم ليس كل الشيعة، نصف الشيعة بدرجة او بأخرى أي هناك 200 مليون انسان في هذا العالم الآن يحتفون بهذه المناسبة، ولو فرضنا ان كل انسان يجلس 10 ساعات في العشرة ايام ويستمع ساعة أي مجلس واحد، فهناك 200 مليون انسان يستمعون 10 ساعات في خلال الموسم، يعني هناك ملياري ساعة ثقافية واجتماعية وعلمية في 10 أيام.

أي دولة في الدنيا لن تستطيع فعل هذا. 

2 مليار ساعة من العلم والثقافة والمعرفة بمختلف الدرجات، فيها فقه، تاريخ، تفسير، توجيه اجتماعي، موعظة، فيها بكاء.

اي دولة تستطيع فعل هذا؟!

لذلك لو عقلت الدول الإسلامية واتتها الحكمة لكانت تدعم هذا الموسم بكل وسائل الدعم، لأنه لو كل الدول الإسلامية مجتمعه اردت صنع ملياري ساعة ثقافية في 10 أيام فأنها لن تقدر، وهذا بالتالي ينفع المجتمع الذي لديه معرفة بالدين والأخلاق والقصايا الاجتماعية وعنده موعظة، فهو ينفع مثل هذه الدول.

اذن هو عطاء اجتماعي ثقافي علمي متميز، واما سائر الأمور لو أردنا الكلام فيها لوجدنا الكثير.

فلو نظرنا لوجدنا الأموال المبذولة لو تحسبها فستكون مذهولا أي مقدار من الأموال تنفق على العالم كله في سبيل الخير وفي تلك المناسبة تحديدا.

النشاط الذي يعم الكبار والصغار، ذكورا واناثا والفئات الاجتماعية والمؤسسات التي تصير لو ترغب في احصائها لن تستطيع. فإذن هذا موسم من العطاء الاستثنائي الذي يحصل في هذه الأيام.

الأمر الثالث: هو موسم للتغيير ومناسبة للمراجعة.

لا تتصوروا أو يخيل اليك ان الناس التي تحضر هذه المناسبة هم احجار.

الناس الذين يجلسون تحت منبر وخطيب ومتكلم إذا لم يتأثروا جميعهم لابد ان يتأثر ولو بمقدار 10% وهذا اقل شيء.

فتجده يتأثر بالحديث أو خشوع قلب أصبح لديه او تأثر بالموضوع المثار او بقصة وقضية الامام الحسين، وقد رأيناه في قسم من غير المسلمين، فتساله ما الذي دعاك للإسلام؟ 

تجده يقول فقط تصورت موقف للحسين فتغيرت حياتي بالكامل هذا من الخارج فكيف إذا كان من داخل الإطار.

 انت لو تتصور ان من المائتي مليون لا بل 1% يتغير فكره واخلاقه وتوجهاته وكل سنة هذه المسألة تتكرر وتتواصل كيف يكون الأثر.

 لذلك لابد من الإصرار والتأكيد على مثل هذا الموضوع.

لعل البعض يثيرون بعض الإشكالات، فالبعض يقولون ان هذا الموسم يحدث فيه شحن طائفي.فالشيعة يشحنون طائفيا ضد بعض المذاهب وهذا فيه مشكل لماذا هذا الشحن الطائفي؟

وهذا يذكره بعض المتعصبين المعارضين للقضية الحسينية. 

هنا يوجد نقض وحل.النقض: 

ان قضية الحسين والحديث عنها ليس شئنا جديد فأول من بدئها نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. راجعوا المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ومسند أحمد ابن حنبل وهذه من الكتب المصدرية الأساسية وإلا باقي الكتب فيها من الشيء الكثير.

وإن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم ذكرها تارة في بيت زوجته عائشة واخرى في بيت زوجته ام سلمه وقد جاء الحسين   فذكر به وبمصيبته ومقتله وعطشه وبكى وأبكي عليه.

لنتوقف هنا عندها ونتأمل قليلا:

-    يا رسول الله لماذا تذكر وتخبر بأمر الحسين وهو لم يولد وبعد ولادته وعند رؤيتك له في كل مكان وعند كل موقف أو قضية! -    لماذا تصنع هذا الصنع الطائفي من ذاك الوقت وانت تتحدث عنه مصيبته وتعلمنا إياه ؟!.

إذا كان هذا الحديث عن مصيبة الحسين عليه السلام وما يرتبط به شحن طائفي، فقد مارسه رسول الله وحاشاه ان يفعل ذلك. 

اذن من هذا المنطلق، لماذا يكون الحديث عن جرائم بني اميه شحن طائفي ؟؟ هل انت من احفادهم؟ فيغيظك هذا الشيء.

أو إنك تقول هؤلاء ابائي هؤلاء اجدادي هؤلاء عزوتي وانا لا احتمل ذكرهم بسوء، فانفعل او إنك تسير على مشوارهم وان كانوا ليس اجداد لك. 

هؤلاء مجموعه من المجرمين، ارتكبوا جريمة، الآن نتحدث عن جريمتهم ونتعاطف مع المظلوم الذي كان في تلك الجريمة ضحية، لماذا يؤذيك ذلك؟ لماذا تعتبره شحن طائفي؟ ولماذا لا ترتاح اليه؟ 

هنا أنت من أوجدت علامة استفهام في الموضوع عليك الإجابة عنها.

انت الآن مفترض أن تقوم بهذا العمل مثل ما نقوم به لأنه ومن المفترض أنك انسان مسلم وتحب النبي وآل النبي وتعادي من عادهم وآذاهم.

قد يقول بعضهم انه ذلك يجعل في قلوب الشيعة وضر.هنا نحن نسأل هذا السؤال: 

-    هل ريتهم مثلا من حسينية خرج منها جماعه واعتدوا على غيرهم؟ ام انهم كانوا دوما محل الاعتداء؟

-    هل ظهر منهم جماعه طلعوا وأطلقوا الرصاص على الاخرين او بالعكس؟الذي يحدث انهم دوما من صاروا محل هجوم المتعصبين. اذن الشحن ليس من هذا الجانب بل العكس.

نحن ندعو كل المسلمين بل كل البشر الى ان يكونوا معنا في احياء المناسبة. تفضلوا فنحن نحب من يحي هذه المناسبة مسلم كان او غير مسلم نشترك معه في هذا الجانب نعتقد ان الحسين   هداية للناس جميعا. 

اشكال اخر قد يطرحه بعضهم ونختم به:

ان الحسين   لا يحتاج الى البكاء انما يحتاج الى ان يفرح به باعتبار انه في الجنة. هذه الدوران حتى يقول لك لا تبكي عليه ويقول إنك انت تغالط نفسك وتلطم على صدرك ودموعك تنزل عليه و الحسين   في الجنة منعم سعيد. 

الجواب على ذلك:

لا شك ولا ريبه ان الحسين   في الجنة وفي اعلى درجاتها وهو سيد شبابها ولكن هذا لا ينفي استحباب البكاء عليه، والا لزم توجيه الاشكال الى نبي الله آدم  .

-    يا آدم لماذا بكيت على ابنك هابيل؟ وانت تعلم انه مقتول ظلما وذاهب الى الجنة!

وعندنا الروايات انه صارت سنة البكاء على هابيل الى زمان نوح أي الى سبعة أجيال وسبعة انيباء من آدم الى نوح عليهم السلام. ونوح سمي بذلك لكثره نوحه وبكائه. 

اذن لماذا يا آدم تنوح على هابيل وانت تعلم انه بالجنة يا رسول الله لماذا تبكي وتامر بالبكاء على الحمزة!؟ وتقول: لكن حمزة لا بواكي له.لقد بكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عمّه حمزة وحث المسلمين على البكاء عليه.

قال ابن سعد: (لما سمع رسول الله  صلى الله عليه وآله  بعد غزوة اُحد البكاء من دور الأنصار على قتلاهم، ذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى وقال: (لكن حمزة لا بواكي له) فسمع ذلك سعد بن معاذ فرجع إلى نساء بني عبد الأشهل فساقهنّ فدعا لهن. فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك إلى اليوم على ميت إلاّ بدأت بالبكاء على حمزة، ثم بكت على ميّتها) 

طبقات ابن سعد: 3/11 ومغازي الواقدي: 1/315 ـ 317 وإمتاع الأسماع: 1/163 ومسند أحمد: 2/ 129، ح 4964 وتاريخ الطبري: 2 / 211 وسيرة ابن هشام: 3/99.

ولم يتضمن هذا الحديث فعل النبي صلى الله عليه وآله فحسب، وإنما يتضمن تقريره وأمره بالبكاء أيضاً، كما يكتشف منه بأن البكاء على موتى المؤمنين في عصر الرسالة، قد شكّل ظاهرة تعاطاها المسلمون آنذاك.

وظل اهل المدينة الى ما بعد وفاة رسول الله بفتره طويله يبكون الحمزة، وأين غزوة أحد وأين وفاة رسول الله! من المذكور انه الى ما بعد وفاة رسول الله كان الأنصار في المدينة الى أوقات متأخرة مذكور في احاولهم بكائهم على الحمزة، بل إذا تسألوا اهل المدينة سيخبرونكم بذلك.

يذكرها ابن فرحون وغيره يعني الى قرنين أو الى ثلاثة قرون، انهم كانوا إذا يريدون ذكر ميت لهم بدوا بذكر حمزة وبكوا عليه، بعدها يتذكروا ميتهم ويبكون عليه.

-    يا رسول الله تقول لكن حمزة لا بواكي له ولكن الناس يبكون عليه مع انه سيد الشهداء في ذاك الزمان وانه في الجنة لماذا؟ 

انت أيضا لابد أن تفرح يا رسول الله لا أن تبكي عليه. عندنا رواية ان النبي صلى الله عليه وآلة وسلم كان ينشج عليه هو وفاطمة عليها السلام ومعهم صفيه اخت الحمزة.

وذكر الواقدي ـ كما في أوائل الجزء الخامس عشر من شرح نهج البلاغة(2) للعلامة المعتزلي ـ إن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في قصة شهادة الحمزة انه كان يومئذ إذا بكت صفيّة يبكي وإذا نشجت ينشج قال: وجعلت فاطمة تبكي، فلمّا بكت بكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله).

كان ينشج أي ليس فقط يسيل الدمع بل يظهر صوته بالبكاء. لماذا مع انه هو ذاهب الى الجنة!؟.نحن أيضا نعلم ان الحسين في الجنة ولا يمنع ذلك من البكاء عليه لاسيما ان النبي امر بذلك، ولاسيما اهل البيت أمروا بذلك أيضا.

مهما كانت الظروف ينبغي البكاء والحزن على ابي عبدالله  . 

زعم الورى ان الشعائر عطلت        والعذر خوفا لانتشــار الجائحة

فأجبتهم ان الشعائر عندنا رئة        وانفـــــاس التشيع نائحـــــــــة 

الحزن فينا للحسين علامــــــة        ودموعنا سمة الولاء الواضحة

في كل قلب للحسيــــــــن مآتم        هذي الشعائر للمشاعر شارحة

شغل الانـــام بمشرق وبمغرب        وقلوبنا للغاضريــــــــــة جانحة

كلنا ننتظر يوم ينادي المنادي كشف البلاء ورفع الوباء وكلنا في الطريق لكربلاء متوجهين لزيارة ضريحك يا أبا عبدالله.


مرات العرض: 3424
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2573) حجم الملف: 49565.08 KB
تشغيل:

آثار محبة العبد لله
رؤية جامعة في الابتلاء والوباء 2