لماذا غير أن عافيتك أوسع لي 15
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 7/8/1441 هـ
تعريف:

لماذا : غير ان عافيتك اوسع لي ؟  15

تحرير الفاضلة معصومة الخضراوي

في دعاء الامام الحسين عليه السلام جاء هذا المقطع وهذه الفقره التي هي في الأصل من دعاءِ رسول الله صلى الله عليه واله(( اِلهى اِلى مَنْ تَكِلُنى اِلى قَريب فَيَقطَعُنى، اَمْ اِلى بَعيد فَيَتَجَهَّمُنى، اَمْ اِلَى الْمُسْتَضْعَفينَ لى، وَاَنْتَ رَبّى وَمَليكُ اَمْرى، اَشْكُو اِلَيْكَ غُرْبَتى وَبُعْدَ دارى، وَهَوانى عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْرى، اِلهى فَلا تُحْلِلْ عَلَىَّ غَضَبَكَ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَىَّ فَلا اُبالى سُبْحانَكَ غَيْرَ اَنَّ عافِيَتَكَ اَوْسَعُ لى، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذى اَشْرَقَتْ لَهُ الاَْرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ اَمْرُ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرِينَ، اَنْ لا تُميتَنى عَلى غَضَبِكَ، وَلا تُنْزِلْ بى سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبى لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِك)). صدق سيدنا ومولانا ابو عبد الله الحسين كما صدق قبله جده رسول الله صلى الله عليه واله. 

هذه الفقره من الدعاء كما اشرنا في الأصل عن رسول الله صلى الله عليه واله. كما ينقل ذلك في سيرته من انه صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته عندما توفي ناصره وحاميه ابو طالب خرج الى الطائف لدعوة أهلها الى الإسلام وقد استرفق معه ابن عمه امير المؤمنين علي عليه السلام و حِبهُ زيد بن حارثه في تلك الرحله، الطائفيون الثقفيون استقبلوا النبي صلى الله عليه واله اسوء استقبال وأمر كبارهم السفهاء صغارهم السفهاء بأن يرموه بالحجارة فليس فقط لم يستمعوا إليه وأنما هاجموه وواجهوه وبالرغم من وجود من كان يدفع الأذى ويصد الحجارة عن رسول الله صلى الله عليه واله الا ان كثرة اولئك آذت النبي صلى الله عليه واله فلم يبلغ ما أراد و انسحب إلى بستان كَرم في  الطائف وجلس يستريح في ظل شجره وندت منه مناجاة لله عز وجل جاء فيها هذه الكلمات اللهي الى من تكلني الى قريب فيتجهمني .. حتى الاقارب الذين كانوا في مكه بل بعض الاعمام بإستثناء مثل ابي طالب رضوان الله تعالى عليه وحمزه في ما بعد وجعفر وأما بقيه الاقارب فلم تصدر منهم نصرة مهمة لرسول الله صلى الله عليه واله. ام الى عدو فيتجهمني و يواجهني هذه المواجهه من تآمر كفار قريش على قتله و إثناءه صلى الله عليه واله إلى فساق وكبار أهل ثقيف الذين كان لهم هذا الموقف، فإلى أي الطرفين يا رب انت تكلني أم الى المستضعفين لي وأنت ربي وبك قدرتي ومنك حمايتي وأنت ربي ومليك أمري ثم شكى نبينا الى ربه بعد داره وغربته( اشكو اليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملكته امري). 

اذا ضاقت بنا الدنيا فإن مشكانا الى الله عز وجل  ينبغي أن يكون أنت ترى العارفين بالله و المتوكلين عليه لسانهم دائما المشتكى لله، لا يشتكي المؤمن ما استطاع الى ذلك سبيلا الا الى الله سبحانه وتعالى هذا يعقوب النبي يقول انما اشكو بثي فيضة النفس هذه و احزاني التي اخرجها انما اشكو بثي وحزني الى الله. أيها المؤمن لنتعلم أن من يشكينا ويجيب شكوانا ويرتب الأثر هو خالقنا سبحانه وتعالى  فلماذا نلتفت يمين وشمال ونرجو بعض الاحيان من غير الله اكثر من ما نرجو من الله .

الزوجه تاتي وتشتكي الى والدها والزوج يذهب و يشتكي إلى اخيه والفقير يشتكي الى هذه الجمعية وتلك والمضرور يشتكي الى زيد و عمر لو شكونا الى الله حاجاتنا بمقدار ما شكونا إلى عباده لأجابنا لكننا في غفلة في العاده عن ان الله سبحانه و تعالى هو الذي يجيب المضطر ..هو الذي يكشف السوء ..و الذي يزيل الشكوى، نعم ربما يحتاج الإنسان إلى أن يفرغ ذاته نفسه إلى مؤمن إلى شخص قريب لا يتحمل حجم الألم والضغط الداخلي  هنا الوصيه جاءت اشتكي بث شكواك أنقل مشكلتك إلى مؤمن فانك لم تعدم من هذا المؤمن كلمة يصبرك بها او رأيًا يهديك إليه أو إشاره يشير بها  عليك لو اضطررت فلا تشكو لغير المؤمن الذي تتوقع منه أن يعينك بكلمة أو بحركة او بفعلاً او برأي ، أمامنا الحسين  عليه السلام يشكو احزانه آلامه غربته في امته أليس الامام الحسين عليه السلام غريباً في ذلك الزمان حين يكون أمر قيادة الأمة بغيره والأمة معرضة عنه و هو سبط رسول الله و فلذة كبده والذي لا يهدي إلا الى هداه وهو سفينة النجاة! هذا هو الغريب غربته في حياته وغربته في موقفه في كربلاء تجلت وهذه النتيجه هي فرع لتلك المقدمه لو لم يكن غريباً في الأمة أثناء حياته السابقة لما كان غريباً في موقفه في كربلاء هذا ادى الى ذلك اشكو اليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملكته امري اصبح الوضع في زمان ابي عبد الله الحسين عليه السلام كما كان في زمان جده المصطفى يتحكم فيه الطالحين بالصالحين ويقرر فيه الفاسدون حياة المصلحين وبقائهم يضيقون عليهم في حياتهم في حركاتهم في امورهم و هو محل للشكوى. _اشكو اليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملكته امري_ لكن الغرض هنا الأقصى ليس هو النظر الى هؤلاء وإنما الاساس عند الإنسان المؤمن وعند الأولياء والأوصياء والأنبياء هو هذا المطلب فلا تحلل عليّ غضبك ولا تنزل عليّ سخطك يا رب فانك ان لم تكن غضبت عليّ فلا أبالي أي حالٍ يعتريني لا يكون عن غضب منك يارب هو امر مريح، لو كان الإنسان في رحمة الله ولكن كان في داخل السجن يقول ربِ السجن أحب اليّ مما يدعونني إليه كما قال نبي الله يوسف وكما قال الامام الكاظم عليه السلام اللهم اني_ كما نقل_ اللهم اني كنت أسالك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد. ما دام الإنسان في رحمة الله بعيدًا عن غضبه فلا يهمه اي شيء عند إذن ان كان في فقر او في غنى  في مرض او في صحه في 

راحة أو وفي تعب لا فرق عنده المهم ان لا يكون على غضب الله عز وجل من يكون مغضوب عليه عندما يخالف أوامر الله حتى لو كان منعّما في غاية النعيم المادي الظاهري هذا امره حرج هذا مصيره مخيف غضب الله أو رحمته هذا هو المقياس لذالك يقول إلهي فلا تحلل عليّ غضبك فإنك ان لم تكن غضبت عليّ فلا أبالي لا يهمني اي حال انا فيه ما لم تكون غاضباً عليّ يا رب لكن هل يطلب الانسان البلاء؟ هل يطلب الإنسان  الشده؟ هل يطلب الانسان المرض؟ كلا ،غير أن عافيتك هي أوسع لي وهذه نقطه من النقاط المهمه جداً أيها المؤمنون أيتها المؤمنات أن يسأل الإنسان ربه العافيه، 

العافيه ليست سلامة البدن فإن ماورد فيها من الروايات والتأكيد عليها يعني أن هذا المفهوم هو شيء أكبر بكثير من قضية الصحه والمرض انظروا كيف تحدثت  الروايات والأدعية عن العافيه. الامام السجاد عليه السلام في الصحيفة السجادية الدعاء الثالث والعشرون يطلب من الله العافيه في دعاء كامل يقول(( اللهم صل على محمد وآله، وألبسني عافيتك، وجللني عافيتك، وحصني بعافيتك، وأكرمني بعافيتك، وأغنني بعافيتك، وتصدق علي بعافيتك، وهب لي عافيتك، وأفرشني عافيتك، وأصلح لي عافيتك، ولا تفرق بيني وبين عافيتك في الدنيا والآخرة.))

هذا التأكيد الكبير على العافيه سوف ناتي بعد قليل الى معناها ومثال ذلك ايضا دعاء الامام الرضا عليه السلام الذي يستحب في الطواف بلغنا الله واياكم بيته الحرام في حج وعمره في عامنا وفي كل عام يقول الراوي كنت اطوف مع الامام ابي الحسن علي بن موسى الرضا فبدأ بالدعاء ياولي العافيه ورازق العافيه والمنعم العافيه والمنان بالعافيه والمتفضل بالعافيه عليّ وعلى جميع خلقك اسألك العافيه وتمام العافيه ودوام العافيه والشكر على العافيه في دعاؤه يطلب من الله تعالى العافيه في السؤال ماذا تسأل ربك عندنا في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه واله ان رجلاً أعرابيًا سأل رسول الله عن الدعاء الأفضل فقال الله تسأل ربك العفو والعافيه في الدنيا والاخره العفو عن ذنوبك والعافيه في الدنيا والاخره ثم ذهب جاء يوم آخر سأله نفس السؤال و أجابه بنفس الجواب وفي اليوم الثالث أيضاً كان الامر كذلك هذا اضافة إلى  عددًا كبيرًا من الروايات والادعيه في موضوع العافيه وسؤالها. شمول العافيه دوام العافيه وتمام العافيه.

ماذا تعني العافية ؟ المشهور عند عامة الناس العافيه تعني الصحه ، السلامه البدنيه لا هذا احدى جهات العافيه و من جهة أخرى الخلاص من كل بلاءٍ  يبتلى به الانسان تقول هذا مبتلاً وهذا معافى الذي يبتلى بالفقر هذا ابتلاء انت تسأل الله سبحانه وتعالى العافيه من الإبتلاء بالفقر، الإبتلاء بالولد غير الصالح إن من أولادكم وأزواجكم عدوا لكم من الممكن ان يبتلى الإنسان بولد يخرجه من طوره بولد فاسدٍ يعيى معه ويتعب معه. يبتلى بهذا الإبتلاء يقول يا رب اعفيني من ذلك عافني من ذلك لا تبتليني بولدٍ بهذا النوع الإبتلاء بالزوجه المشاكسه وبالزوج المنحرف بالنسبة إلى الزوجه، هذا ابتلاء أنت و أنتِ تسألان الله عز وجل أن لا يبتليكما بشريكٍ منحرف بشريكٍ شكس الاخلاق هذه عافية، العافيه من السلطان الجائر عندما يعيش الإنسان في مكان ويبتلى بسلطانٍ جائر ظالم يتقصده في رزقي ودينه وحريته وغير ذلك ويؤذيه هذا ابتلاء من الابتلاءات. يسأل الله الإنسان المؤمن أن يعافيه من الإبتلاء بهذا السلطان الجائر.  قد يبتلي الله الانسان رئيس في الشركه التي يعمل فيها والمؤسسه التي يكسب رزقه منها برئيس مؤذ برئيس مكدر للخاطر يذهب الى العمل مفتوح النفس ويرجع سيء النفسيه من تعامله، العافيه هي أن يسأل اللإنسان ربه أن يا ربي لا تبتليني بمثل هذا المسؤول و مثل هذا المدير ومثل  رب العمل هذا. 

فالعافيه ليست فقط في البدن والجسم مع عظمة و اهميه هذا الجانب لأن الإنسان المبتلى في بدنه لا يهنأ له عيش حتى لو امتلك الأموال المبتلي لنفترض بأمراض لا يستطيع ان يأكل المالح و الحلو والمدهن وجاف الدهن وكذا وكذا هذا ماذا ينفعه أن يكون صاحب مال وثروه فيسأل الله أن يعافيه في صحته والا يبتليه بالمرض وأن يعافيه من الابتلاء بالفقر بأن يغنيه وأن يعافيه بأن لا يبتليه بالشريك المشاكس من جار وزوجة وزوج وولد واقرباء احيانًا القريب يكدر على الإنسان حياته ويكون ابتلائه به ويسأل الله ان لا يبتليه بهذا البلاء و أن يعافيه الإبتلاء بالحاكم الجائر  الإبتلاء بالمدير السيء الإبتلاء بسائر البلائات هذه كلها مقابلها انك تسأل الله العافية من البلاء أفرشني عافيتك حصني بعافيتك اعطيني عافيتك مُنّ عليّ بعافيتك يارب سلوا الله العافيه، في كثير من الاحاديث ورد هذا التعبير أن أسألوا الله العافية يعني الا تكونوا من أهل الإبتلاء هذا رد على قسم من الناس الذين يتصورون أن الابتلاء مطلوب لأنه يحصل فيه الإنسان على الثواب والأجر كما يزعم ذلك بعض أهل الصوفيه و الدراويش لا ليس هذا مطلوب لأنه قد يخرج الإنسان من الإبتلاء  مرفوع الراس و قد يسقط فيه لكن في العافيه هو رابح  لو لم يبتليني الله بالفقر وعافاني منه فلا يوجد احتمال انني أسقط في إمتحان لكن لو سألت الله الفقر سألت الله مثلاً المرض سألت الله أن يبتليني حتى أزداد من الثواب من الممكن أن أنجح ومن الممكن أن أفشل لذلك يسأل الله أن يعافيه من كل إبتلاء يبتلى به نعم لو صار البلاء على الإنسان يجب ان يتحرى مواقع رحمة الله ويبتعد عن غضب الله واللإبتلاء أهون من غضب الله لكن العافية من البلاء خير من الإبتلاء. 

لذلك يقول الامام عليه السلام ان لم  يكن بك علي غضب فلا أبالى في اي حاله كنت سواء كنت في حاله بلاء أو عافيه المهم ان لا أكون على غضبك وأن لا أموت على سخطك لكن عافيتك يا رب منّك عليّ بإبعاد البلاء عني والإبتلاء هذا أحسن عندي و أوسع لي و أفضل في جانبي غير أن عافيتك أوسع لي فأسالك يا ربي بنور وجهك الذي أشرقت له الأرض والسماوات وكشفت به الظلمات وصلح به امر الاولين و الاخرين ان لا تميتني على غضبك. يالها حسره يا لها حسره يالها حسره أن إنسان يمارس المعصية وفي تلك اللحظه يقبض فيها روحه و يكون قد مات على غضب الله عز وجل. اسألك أن لا تميتني على غضبك ولا تنزل في سخطك لك العتبى لك العتبى حتى ترضى قبل ذلك أن صاحب العتاب انت صاحب التوبيخ وانا محط ذلك وانت اذا استعتبت تعتب يعني اذا اعتذر إليك إذا استغفرت اذا تمت التوبة إليك تستجيب لمن يفعل ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطينا العافيه ودوام العافيه وتمام العافيه و ان يتفضل علينا وعلى أهالينا بالعافية من جميع الابتلاءات و أن لا يميتنا على غضبه وأن لا يحلل بنا سخطه وأن يميتنا على طاعته وملته وأن يرزقنا شفاعه محمد وآله الطيبين الطاهرين.


مرات العرض: 3535
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 41415.94 KB
تشغيل:

اللهم ما أخاف فاكفني وما أحذر فقني 14
أنت كهفي حين تعييني المذاهب 17