ما هو ذِكْرك اليومي ؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 14/5/1441 هـ
تعريف:

ما هو ذِكْرك اليومي؟

 تفريغ نصي الفاضلة أم سيد رضا

قال الله تعالى في كتابه الكريم: (( يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً )).

ربما القليل منا يسأل نفسه هل لديه ذكر يومي مرتب يواظب عليه؟، وهل لديه ورد يومي يلتزم به أم لا؟؟، قسم من الناس يعتقدون أن الأوراد والأذكار اليومية والمرتبة هي عمل الصوفية، فالمتصوفة معروف عنهم هذا الأمر كأن يسًّبح في اليوم مقدار معين من التسبيحات أو أن يكبر عدد من التكبيرات أو هو ملتزم ببرنامج معين في قضية الأذكار والأوراد، فنسبة هذه الاعمال إلى الصوفية فقط هي معلومة خاطئة لأن الذكر والتوجيه إليه من القرآن الكريم لعامة الناس وليس لفئة معينة، بل وعندما يعمله الإنسان ويداوم عليه بالرغم من أنه مطالب بالعمل والكسب والدراسة ومطالب بالنشاط الإجتماعي والعلمي والعملي فإن له ثواب أعظم بكثير من أولئك الأشخاص الذين هم ليسوا مطالبين بخدمة مجتمعهم ولا مطالبين بعمل وغيره لأنه سيكون مثال المؤمن المتكامل، فمن جهة معاشه فهو ليس عبئاً على الناس ومن جهة عبادته فهو سابق فيها فيبدع في خدمة مجتمعه من جهة ومن جهة أخرى لا يغفل عن ذكر الله عز وجل، فقضية الذكر ليست مختصة فقط للصوفية أو العبًّاد أو الذين ليس لهم نشاط اجتماعي بل هو مطلوب أيضاً من أولئك الناس الذين يعيشون حياتهم الدنيوية بشكل طبيعي.

الذكر على نوعين:

1 – ذكر لساني أو لفظي        

 2 – ذكر قلبي

هناك فكرة غير صحيحة والتي تقول أن الإنسان لا يستفيد من ذكره لله بلسانه كأن يقول: الله أكبر ويكررها أو سبحان الله ويكررها والمفترض أن يكون ذلك داخل قلبه، فالرد على هذه الفكرة هي أنها فكرة خاطئة فالذكر له مراتب فمن يستطيع أن يأتي بالذكر الأعلى في مرتبته العليا كأن يتذكر الله تعالى في كل مشكلة تحصل له أو كل مصيبة تصيبه ويرجو ثوابه ويصبر، ويحمد الله عند كل نعمة وتوفيق أو يتذكر الله تعالى عندما تعرض عليه معصية أو ذنب فيخاف الله ويستغفره فإن هذا الإنسان يصبح في المرتبة العليا من الذكر لأنه حجب نفسه عن المعصية، وايضاً من يحمد الله عند كل نعمة وتوفيق يحصل له فهو في المرتبة العليا من الذكر فسليمان عندما أصبح لديه ذلك الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده لم يقل كما قال قارون أن كل ذلك من عند نفسه بل قال أن هذا هو من توفيق الله عز وجل الذي ساقه إليه والذي هو بدوره استثمر تلك الفرصة والظروف والقوة التي هيأها الله له، فكل ذلك هو من فضل الله تعالى.

الذكر اللساني أو اللفظي والذكر القلبي يكمل كل منهما الآخر ويعبر عنه البعض بوجود علاقة جدلية أي كل منهما ينتهي إلى الآخر، فعندما تصيب الإنسان مصيبة أو نعمة أو غير ذلك ويذكر الله فيها فإن القلب قد نبهه بأن يذكر الله بلسانه بقول الحمد لله مثلاُ، وهذا يسمى الذكر القلبي وقد أدى إلى الذكر اللساني.

وكذلك عندما يكرر الإنسان قول سبحان الله، أستغفر الله، الحمد لله، الله أكبر فهذا يعتبر كالماء الذي ينظف المكان، فالذكر اللساني يؤثر في القلب وينظفه وهو بمثابة هذا الماء إن تلفظ به اللسان أكثر من مره فإنه ينظف القلب أكثر، ومن هنا نستنتج أن الذكر اللساني ادى إلى الذكر القلبي، الذكر القلبي يمنع الإنسان عن المعاصي ويذكره بنعمة ربه ويجعل الله شاهداً عليه وحاضراً عنده وهذا هو الذكر الأعلى الذي يأتي في المرتبة العليا لما يستتبعه من وقوف عند المعصية وشكر عند النعمة لله عز وجل.

إذاً فإن أصل الذكر والذكر الكثير والدائم والمرتب والملتزم فهو من الامور التي ينبغي أن يلتزم بها الإنسان المؤمن والذي هو ليس خاصاً بالمتصوفة وليس خاصاً بالفارغين من الأعمال بل هو خطاب من الله تعالى في قوله: (( اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً ))، ففي منهج آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم هناك أشياء أصبحت من الذكر اليومي كتسبيحة الزهراء عليها السلام، فلا نجد أحد من الشيعة إلا ما ندر أنه لا يسبح تسبيحة الزهراء بعد الصلاة وهي تعبر من الذكر الكثير، فهناك كثير من الأذكار الكثيرة السهلة ولا سيما إن تعود عليها الإنسان وطبقها فإنها ستصبح عادة من العادات اليومية الحسنة المرتبة، وهنا نستعرض بعضها:

1 – الصلاة على محمد وآله محمد فهو من الذكر المهم جداً، فو استطاع الإنسان أن يذكر الصلاة على محمد وآل محمد مئة مره يومياً فهذا له آثار كثيرة، كما جاء في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام بأنه ابتدأ أصحابه وقال: (ألا أعلمك شيئاً يقي وجهك حر نار جهنم؟ قال: بلا، فقال عليه السلام: تقرأ بعد الفجر مئة مرة اللهم صلى على محمد وآل محمد)، ففي يوم الجمعة خصوصاً ورد فيه أن من يصلي على محمد وآل محمد مئة مرة يأتي يوم القيامة وفي وجهه نوراً وأما إن أكثر من ذلك كأن يقولها ألف مره مثلاً فإنه لم يمت حتى يرى موضعه في الجنة، فبدل ان ينشغل الإنسان بالأجهزة والجوالات وبالغناء عليه أن ينشغل بذكر الله لأنه لو نظر إلى مقدار انشغاله ونظره إلى الجوال في اليوم الواحد فقد يصل إلى خمس ساعات تقريباً، فلو أخذ من تلك الساعات وشغلها بذكر الله فإنه سيحصل على الشيء الكثير من الله عز وجل.

2 – قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فهذه من الأذكار الغريبة جداً كما جاءت في بعض الروايات ومنها: ( من قال في كل يوم بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مئة مرة، خرج من ذنوبه ودفع الله عنه سبعين باباً من البلاء ) وفي رواية أخرى أنه إذا قال العبد لا حول ولا قوة إلا بالله فقد استبسل.

3 – قول الحمد لله رب العالمين فهو من الذكر السهل اليسير والذي له اجر كثير، فمن قالها أربع مرات في صبيحة يومه فقد ادى شكر ذلك اليوم ومن قالها في عشية يومه فقد ادى شكر ذلك اليوم وإن قال الحمد لله على كل نعمة كانت او هي كائنة سبع مرات يومياً فقد أدى شكر جميع النعم السابقة والحاضرة.

4 – قول لا إله إلا الله الملك الحق المبين فمن قالها مئة مره فقد استغنى من الفقر وطرق باب الجنة وغيرها من الآثار الأخرى.

5 - جامع كل هذه الأذكار هي التسبيحات الأربع (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، وقد وصفت بأنها الباقيات الصالحات، وورد في أحد التفاسير بأن أحد مصاديق الباقيات الصالحات هي تلك التسبيحات الأربع والتي هي أثمن من الاموال والأولاد وأكثر أملاً يتأمل فيها الإنسان وفي نتائجها.

6 - سيد الأذكار هو الأستغفار ( أستغفر الله وأتوب إليه ) فهي ممحاة للذنوب وكفيلة بجلب الغنى كما قال تعالى: (( وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً )).

من المناسب جداً للإنسان المؤمن رجلاً كان أو امرأةً ان يكون له ورد وذكر يومي كما للأولياء والصالحين والمجاهدين الذين ينبغي للمؤمن أن يقتدي بهم، نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن وصفهم في كتابه من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات وأن يعد لنا اجراً عظيماً إنه على كل شيء قدير.

 

مرات العرض: 3468
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2561) حجم الملف: 52586.76 KB
تشغيل:

قضية المباهلة : الحادثة والدلالات
وتحبون المال حباً جماً