13 قراءات سبع أو حرف واحد ؟
التاريخ: 13/9/1440 هـ
تعريف:

قراءات سبع أو حرف واحد؟

تفريغ نصي / الفاضلة سكينة نسيم آل عباس

روى شيخنا الكليني أعلى الله مقامه في الكافي عن الفضيل بن يسار قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إن الناس يقولون أن القرآن نزل على سبعة أحرف فقال عليه السلام كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد وقال سيدنا ومولانا الباقر عليه السلام فيما روي عنه إن القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة . صدق سيدنا ومولانا أبو جعفر وصدق الإمام جعفر صلوات الله وسلامه عليهما .

حديثنا يتناول القراءات السبع فضلا عن العشر التي هي الشائعة في ثقافة مدرسة الخلفاء فيما يرتبط بالقرآن الكريم وهل أن هناك قراءات سبع ونسخ سبع في ألفاظ القرآن الكريم أو أن النازل من السماء هو نسخة واحدة وحرف واحد وإذا حصل اختلاف بين القراءات فإنما هو راجع لأسباب بشرية ، الرأي الرسمي في مدرسة الخلفاء يؤكد على أن للقرآن الكريم قراءات بمعنى نسخ ، ألفاظ ، فما هو موجود مثلا في قراءات حفص عن عاصم ليس موجودا بالضبط في قراءة ورش مثلا ، وما هو موجود في قراءة الكساء ليس موجودا بتمامه في قراءة أبي عمر البصري مثلا ، وإنما يوجد هناك اختلافات بعضها اختلافات في التشكيل وبعضها في التنقيط وبعضها أكثر من ذلك تصل إلى قضية تغيير الكلمة وهم يعتقدون أن هذا من التهوين على الأمة والتسهيل عليها بل يضيفون إلى ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله فيما يروون في كتبهم أقر هذا الاختلاف وجعل أمر طبيعيا وتسهيلا على الأمة وهم يعتقدون أن هذه القراءات قراءات متواترة لم تصل إلينا بخبر الآحاد وإنما متواترة وهو رأي قوي عندهم بل تجاوز بعض منهم الحد عندما قال من لم يعتقد بتواتر القراءات عن النبي صلى الله عليه وآله فهو كافر كما نسب ذلك إلى مفتي الديار الأندلسية ، من نظر الإمامية تبعا للأئمة عليهم السلام أن الكلام عن قراءات متعددة سواء كانت نازلة من السماء متعددة أو أن النبي أقرها هذا حديث لا يمكن قبوله للبراهين التي سوف يقيمونها ويعتقدون أن القرآن الكريم نسخة واحدة إذا صار أن هناك اختلاف بين هذا وذاك بين هذا القارئ وذاك القارئ فهذا لا يرتبط بأن القرآن نزل متعددا ولا يرتبط بأن جبرائيل جاء به متعددا ولا يرتبط بأن النبي أقر هذا المعنى وإنما هي قراءة واحدة واختلف الرواة ، واحد منهم مصيب والباقون جانبوا الصواب ، لشرح هذه المسألة نورد بعض ما ذكروه من الأمثلة لكي يكون الحديث واضحا ماذا نعني بتعدد القراءات وكونها سبعا أو عشرا أو أكثر من ذلك ، ننقل بعض الآيات مما ذكر فيها الاختلاف وهذا لا على سبيل الحصر وإنما على سبيل التمثيل لكي يتضح الأمر ، في قول الله عز وجل في قراءة حفص مثلا في المصحف الشائع عندنا في المشرق والذي ذكرنا عند الحديث عن جمع القرآن وتاريخ القرآن أن هذه القراءة تنتهي إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، هذا المصحف الموجود عندنا قراءة حفص عن عاصم مثلا فيه " هؤلاء بناتي هن أطهرُ لكم " بينما في قراءة أخرى " هن أطهرَ لكم " طبعا هذا يحتاج إلى تأمل في كيف صار أطر بينما كان المفروض بأن تكون مرفوعة لأنها خبر ، كيف صارت هناك منصوبة أو مفتوحة ، يحتاج إلى تأمل في قواعد اللغة ، في قول الله عز وجل " وهل نجازي إلا الكفور" هذا الموجود في المصحف الشائع في المشرق ، في غيره من القراءات " وهل يجازى إلا الكفور " نجازي فعل مبني للمعلوم وهناك صارت فعل مبني للمجهول ، في قول الله عز وجل " ويأمرون الناس بالبخل " في المصحف المعروف بضم الباء وسكون الخاء بينما في قراءة أخرى بالفتح في كلا الأمرين ، في قوله تعالى " فنظرة إلى ميسَرة " هنا بفتح السين في بعض القراءات الأخرى بكسر السين " ميسِرة " في قوله تعالى الذي أوضح الاختلاف فيه " وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما " في قراءة أخرى بدل ننشزها جاءت " ننشرها " من النشر لا من النشز ، في قوله تعالى " حتى إذا فزِّع عن قلوبهم " في المصحف المعروف في قراءة أخرى " حتى إذا فرِّغ عن قلوبهم " في آية ثالثة وهذه أيضا أوضح الاختلافات " إن كانت إلا صيحة واحدة " في غيرها من القراءات " إن كانت إلا زقية واحدة " زقية في اللغة العربية صيحة وصرخة ولكن تختلف الكلمة اختلافا كاملا ، إذا الموت زقا في الشعر يعني صاح الموت وصرخ طائره ، أكثر من هذا ما ورد في " كالعهن المنفوش " في بعض القراءات " كالصوف المنفوش " صحيح العهن في اللغة العربية معناه الصوف لكن الذي ورد به القرآن في هذه النسخة المعروفة والمشهورة عندنا هو " كالعهن المنفوش " في بض القراءات الأخرى كالصوف المنفوش ، في قول الله عز وجل " وجاءت سكرة الموت بالحق " صار تقديم وتأخير في بعض النسخ الأخرى " وجاءت سكرة الحق بالموت " ، في سورة الفاتحة مثلا المعروف في هذا المصحف المشهور عندنا بقراءة حفص " مالك يوم الدين " في قراءة اخرى " ملِك يوم الدين " في قراءة ثالثة " ملَك يوم الدين " ، تغيرت الصيغة من اسم مالك إلى فعل ملَك ،هذه وأمثالها كثير ، لو أحد أراد أن يتتبع موارد الاختلاف في القراءات السبع التي تذكر فهو شيء كثير.

من أين جاءت مدرسة الخلفاء بمثل هذه الفكرة وكيف تطور الأمر عندهم ثم نبين موقف الإمامية وأئمة أهل البيت عليهم السلام من هذا الأمر ، في الصحيحين عندهم رواية ينقلونها عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قال " أقرئني جبرائيل على حرف فراجعته " فرض على حرف أنها قراءة واحدة فراجعته ، هون المسألة أعطنا فرصة أوسع على الأمة ، فراجعته فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف " سبعة أشكال من القراءة ، سبعة أنحاء من الألفاظ في القرآن ، فهذه رواية عندهم ، الإمام عليه السلام في رواية الكافي يكذب هذا المعنى بالكامل ولكن هذه الرواية موجودة عندهم في الصحيحين ، في مسند أحمد فيها تفصيل أكثر ويروونها عن أبي ابن كعب أبي ابن كعب واحد من القراء العمد في تاريخ المسلمين مهم وتحدثنا عنه في وقت من الأوقات وذكرنا أنه كان مخالفا لحركة الخلافة في عهدها الثالث في الاستغناء عن مصحفه ومصاحف الآخرين ، ينقل في المسند هذه الرواية عنه يقول أنا كنت في المسجد فجاء رجل وصلى فقرأ قراءة أنكرتها فلما فرغ جاء شخص آخر وقرأ قراءة أخرى أيضا أنكرتها فحاك ذلك في صدري وأصابني ضيق شديد وأخذتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقلت له القضية كذا وكذا فحسن النبي فعلهما وأعاد نفس الكلام الذي قاله رسول الله أن جبرائيل أقرئني على حرف فلم أزل أستزيده حتى أقرئني على سبعة أحرف ، اعتمدوا على مثل هذه الروايات في تقرير أن القرآن الكريم يمكن قراءته على أحرف متعددة ، استمر الأمر هكذا تكثرت القراءات بعض الباحثين يقول وصل إلى 24 قراءة وألف بعض المؤلفين في ذلك ، قراءات فيما بينها اختلاف ، 24 قراءة غير متطابقة تمام المطابقة إلى حوالي سنة 300 للهجرة جاء أحد العلماء من مدرسة الخلفاء يقال له ابن مجاهد ، فأقر سبع قراءات واستثنى ما بقي ، تلك القراءات وكأنما كل قراءة في مصر من الأمصار ، مثلا في الكوفة 3 قراءات ، قراءة حمزة الزيات الكوفي وقراءة علي ابن حمزة الكسائي وقراءة عاصم ابن أبي النجود الكوفي الذي عملا الآن المشرق يقرءون بقراءته وهي قراءة حفص عن عاصم ، عاصم هو الأساس وحفص هو الراوي ، لأن كل قارئ له راوي أو أكثر ، في دمشق صارت عندهم قراءة عبد الله ابن عامر الدمشقي وفي مكة قراءة ابن كثير المكي في المدينة قراءة نافع المدني في البصرة قراءة ابي عامر البصري ، فهذه قراءات متعددة سبع قراءات في كل مصر من الأمصار قراءة واحدة باستثناء الكوفة ثلاثة ، ثم قيل أن هذه القراءات متواترة ما جاءتنا بخبر الواحد ، المحققون من مدرسة الخلفاء وعامة شيعة أهل البيت يقولون لا يوجد تواتر في القراءات وإنما هي رواية آحاد ، فصار عندنا الآن بدل 24 قراءة وبدل 12 قراءة في بعض الكتب صارت 7 وأقرت هذه من قبل هذا العالم ابن مجاهد وصارت هي الاتجاه الرسمي في البلاد الإسلامية إلى يومك هذا المشهور عند أتباع مدرسة الخلفاء القراءات السبع وربما أضافوا إليها أيضا ثلاثة فتصبح القراءات العشر .

هل يمكن أن يقبل مثل هذا الكلام في أن هناك قراءات متعددة أو لا ؟ هناك بعض الكلام موجود في قسم من القراءات يصعب حتى تصوره لأنه تحريف بعينه بشحمه ولحمه ، لأن بعضهم قال لا مانع أن تقول حكيم خبير لطيف بصير ، هذا مثل هلم وتعال ،آن إذن تستطيع أن تبدل آيات القرآن الكريم وكلماته بمرادفاتها ، " قل إن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله " القضية قضية هلم وتعال سميع بصير حكيم وخبير فإذا يمكن للإنسان أن يأتي بمرادف الآية لا مشكلة ! ، هذا الإدعاء بطلانه أوضح من أن يحتاج إلى استدلال وبرهان ، الإمامية جاءوا وقالوا أن هذا غير معقول ، أصل قضية القراءات المتعددة غير صحيحة ، لماذا ؟

أولا القرآن الكريم هو دستور المسلمين من الله عز وجل احتوى على العقائد واحتوى على الشرائع ، الأحكام واحتوى على الأخلاق بالإضافة إلى قصص الأنبياء وإلى آخره ، لو تتصور حاكم وسلطان يريد أن يعطي بلده دستور وقانون هذا الحاكم يجعل هذا الدستور دقيق العبارة ، واضح ، هل يصح من حاكم وسلطان أن يأتي بدستور ويعطيه بسبعة أشكال سبعة ألفاظ ، سبعة معاني ، وكل واحد له مؤدى ، له معنى في اللغة العربية ، فعل يقل أن يأتي هذا ويعطي للناس دستورا يحتما سبعة أشكال من الألفاظ ، إذا صار اختلاف إلى من يحتكمون ، هذا يقول هذه النسخة التي أقرها النبي ذلك يقول لا ، ذلك يقول أنا اعتبر قراءة ملَك يوم الدين خطأ في الفاتحة وبالتالي لا أستطيع الصلاة خلفك وأنت تقول هذه قراءتي واحدة من القراءات السبع التي أقرها النبي ، لا يعقل أن يأتي دستور غير محدد مطاط الكلمات متعدد الألفاظ ، تختلف كل لفظة عن اللفظة الأخرى وهذا القرآن الكريم دستور الله للناس فيه أهم القضايا ، العقائد والتشريعات الأساسية ، الأخلاق الأصلية كلها فيه هذا دستور كامل ، فهذا غير معقول .

ثانيا .. في الروايات بعضها تقول أنما صنع ذلك ليهون على الأمة ، بدل أن تقرأ قراءة واحدة تقرأ سبع قراءات ، بالعكس هذا لن يريح الأمة ، هذا سيلقيها في الفتنة ، بناء على ما ذكروه في قضية حذيفة بن اليمان لما كان قائدا على جيش المسلمين في أذربيجان و أرمينيا في زمان الخليفة الثالث هذا الذي حدث ، الجيش الذي كان فيه ناس مدنيون فيه جنود شاميون فيه عراقيون فصار كل واحد يقرأ بطريقة معينة وبدأ يكفر بعضهم بعضا ، هذا أي قرآن أنت تحكيه أي ، فكانت تحصل الفتنة بينهم ، لما رجع حذيفة بن اليمان قال للخليفة أدرك أمة محمد لأنهم اختلفوا في القرآن ، الآن هذا المقدار من الاختلاف موجود ، غدا أكثر فهذا في الاتجاه الرسمي يقولون هذا الذي دفع الخليفة إلى أن يجعل نسخة واحدة ويلغي سائر النسخ بل ويحرقها ، هذا إما كان عنده خبر عن القراءات السبع أو ما عنده خبر ، كيف واحد من أصحاب النبي ما عنده خبر بالقراءات السبع ويخالف فعل النبي ، لو كان هذا قضية القراءات السبع من النبي ونازلة من السماء من جبرائيل المفروض لا يجعل قراءة واحدة ، اللي كان عدة قراءات حتى يكون هناك تخفيف وتهوين على الأمة لماذا يعسر عليها ؟ لا ، ليس كذلك ، بالعكس عندما يكون هناك نسخ متعددة قراءات مختلفة هي التي ستكون منشأ للاختلاف ، سيصعب على المسلمين أن يتفقوا على قسم من الأحكام ، يصعب على المسلمين أن يعذر بعضهم بعضا ، أن يصلي بعضهم وراء بعض ،ولذلك ليس معقولا هذا الكلام ، يضيف إلى ذلك أنه ماذا يعني أساسا نزل على سبعة أحرف ، فقد أتوا بشرح هذه الأحاديث في الصحيحين " أقرئني على سبعة أحرف " ماذا يعني سبعة أحرف ؟ قسم قالوا سبعة أحرف يعني سبع لهجات ، قريش عربية لكن عندها لهجة ، أسد عربية لكن عندها لهجة ، هذيل عربية لكن عندها لهجة وهكذا وتختلف هذه اللهجات ، فإذا كان الأمر كذلك فهي إذن سبعة أحرف يعني سبع لهجات ، قسم قالوا لا ، سبعة أحرف هذه إشارات إلى معاني القرآن ، ففيه أمر وزجر وحلال وحرام وقصص وترغيب وترهيب ، هذه سبعة أحرف يعني سبعة أشكال من التوجيه ، قسم ثالث قالوا شيء آخر أصلا ، فاختلفوا اختلافا كبيرا في معنى هذه الأحرف ولم يتفق على معنى واحد ، فتصبح هذه الفكرة ليست فكرة تامة من حيث دليلها ، أضف إلى ذلك لماذا إذا كان سبعة أحرف ومن البداية صارت ، لماذا لم نجد هؤلاء القرَّاء إلا بعد سنة 120 ، كلهم من سنة 120 إلى سنة 185 هـ ، أين كانوا قبل هذه المدة ، كل واحد عنده قراءة ، كل واحد عنده نسخة ، هذا الذي صار فيما بعد تكثير القراءات ثم تقنينها في سبعة ، هذا صار متأخر في سنة 300 هـ ، إذا كانت القراءات سبعة من البداية وفي زمان النبي ، ما كان يحتاج إلى تقنينها في سنة 300 وإنما هي سبعة من زمان رسول الله ولا يوجد أكثر منها ، لكن الأمر ليس كذلك .

يشير بعض الباحثين إلى أسباب هو يراها هي الأسباب الحقيقية ، أولا يقول هذا الباحث وهو السيد الشهرستاني في كتابه جمع القرآن :لاشك ولا ريب أن النصارى واليهود هم المستفيدون الأوائل من تكثير نسخ القرآن ، لماذا ؟ لأن ميزة القرآن الكريم على سائر الكتب السماوية أنه محفوظ من عند الله عز وجل وأنه غير محرف بينما التوراة الكل يعلم أنها محرفة الإنجيل الكل يعلم أنه محرف ، لما صار السبي البابلي أُخذ اليهود في السبي البابلي ، الفئة الدينية كلها الرجال كلهم افتتحت فلسطين ، صودرت الأموال من قبل الملوك البابليين ، الكتب كلها أُخذت إلى بابل العراق وهناك أتلفت كتب العلم كلها من قبل البابليين ، فبدأ اليهود والفئة الدينية اليهودية تعيد الكتابة للتوراة من الحفظ وهذا واحد من الأسباب غير الأسباب السياسية الأخرى للحكومات ومصلحة الأحبار والرهبان والأكل بالباطل ، فيعلموا أن هناك تحريف ، الإنجيل أوضح لأنه لم يبدأ بكتابة كلمات عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام ، أول تدوين فيما ذكر من كلماته وسننه كان بعد نحو قرن من الزمان فما حفظ ، أضف إلى ذلك صار تدخل من قبل مولوك الرومان ومن قبل من تعاون معهم من الأحبار والرهبان وصار تزوير وتحريف للكتاب ، ميزة القرآن أنه محفوظ بحفظ الله ، من مصلحة اليهود والنصارى أن يقال أن هذا القرآن أيضا كباقي الكتب ، مثل ما تلك الكتب بها تحريفات القرآن أيضا به تحريفات ،مثل ما ذاك نسخ متعددة هذا أيضا نسخ متعددة ، ولهذا يأتي يلتقط هذا الخيط واحد من المستشرقين اليهود وهو قولد سيهر ويقول لا نجد وهو آثم في هذا الكلام لا نجد كتابا من الكتب السماوية يعاني من الاضطراب في المتن كالنص القرآني ، واحد يقول زقية وواحد يقول صيحة واحد يقول ننشرها وواحد يقول ننشزها واحد يقول حكيم خبير واحد يقول سميع بصير ، هذا غير مضبوط ولا ثابت وإنما شيء متحرك وقلق مضطرب ، فهو لا يستبعد أن يكون هناك دخل لهؤلاء أصحاب المصلحة في هذا الاتجاه ، طبعا هذا الاحتمال الذي يبديه يحتاج إلى قرائن تاريخية يحتاج إلى أدلة من التاريخ ، الاحتمال الثاني الذي يذكره ويورد عليه بعض الأمثلة أنه هذا كان بتشجيع بعض الخلفاء وبعض كبار الصحابة ممن كان شخصيتهم الاجتماعية والسياسية كبيرة ، لكن شخصيتهم العلمية بسيطة ، فإذا أتى واحد من صحابة النبي كبير عظيم المنزلة وقال عظاما ناخرة ، يقولون له لا ، يقول لا هذه قراءة أخرى من القراءات إذا أخطأ في آية ولم يحفظها بشكلها الصحيح يقال هذه قراءة أخرى ويورد بعض الأمثلة على ذلك ولكن لا يسعنا الوقت للحديث فيها .

في رأي الإمامية كما ذكرنا الأمر كله هذا لا يستقيم ولا يصح وإنما يقولون أن القرآن واحد نزل من عند الواحد وهو الذي تقتضيه الاعتبارات ، هو الذي ينبغي أن يكون ، لأن القرآن محفوظ معني الحفظ أن نسخته محفوظة ، وإلا أذا كان فرضنا عشرين قراءة ثلاثين قراءة ، أي حفظ هذا؟ وما الفرق بين هذا القرآن وباقي الكتب السماوية التى تعرضت للتحريف . كيف تلك لم تحفظ وهذا حفظ ، ولكن نفس العملية هناك تغيرت كلمات وألفاظ و جمل وهنا تغيرت ألفاظ وكلمات وجمل ، إنا له لحافظون ما صار ، كما أن الدستور ينبغي أن يكون من الدقة والاتقان بحيث حتى النقطة تؤثر فكيف إذا كان كلمة، احنا ذكرنا 12 أو 13 مورد فقط للتمثيل وإنما هو أكثر من ذلك بكثير جدا ، وهده تترتب عليها اختلافات في قضية البلاغة بعض الكلمات التي هي في قراءات أخرى لا يوجد بها بلاغة ، بعض الكلمات بناء عليها تتغير أحكام ، بعض الكلمات بناء عليها تتبدل عقائد ، فكيف يمكن لنص قرآني لكلام الله عز وجل المحفوظ الذ جاء به جبرائيل ونحن لا نتوهم ولا نتوقع أن جبرائيل مثلا أنه لما جاء بسورة الفاتحة قرأها سبع مرات على النبي ، سجل رقم واحد القراءة الأولى الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم إلى ولا الضالين ، ولا الضالين في قراءة أنه غير المغضوب عليهم وغير الضالين ، بعدين قراءة رقم اثنين ، قراءة رقم ثلاثة ، سبع مرات لابد أن تنزل ، بعض الآيات سبع مرات لابد أن تنزل هذا أمر لا يمكن أن يكون صحيحا ،إذن لماذا حدث هذا ، يجيب الإمام الباقر عليه السلام ، وإنما الاختلاف حدث من الرواة ، لا سيما أنما حدث سنة سبعين هـ كما ذكرنا في محاضرة تاريخ القرآن ، كانت قضية التشكيل للكلمات والتنقيط للألفاظ غير موجود ، من ذاك الوقت بدء التوجيه إليها من وراء شيعة الإمام عليه السلام كأبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر العدواني وآخرين ، فلما يأتي هؤلاء الرواة قبل التشكيل قبل التنقيط ويقرؤون شيئا يختلفون ، يخطؤون ، يعلم جماعة على غير النهج السليم ، لو قرأوها كما قرأها مثلا أبو عبد الرحمن السلمي الذي قال أقرئني علي بن أبي طالب القرآن حرفا حرفا ، فذلك الوقت لا يوجد مجال لأن تكون هناك مثل هذه الاختلافات ، على فرض أنه صار هناك اختلافات وهنا مسألة فقهية لا بأس للإشارة إليها ، الآن نعتقد أن ما هو موجود من قراءة حفص عن عاصم مادام منتهاها إلى أمير المؤمنين عليه السلام فهي النسخة التي كتبها أمير المؤمنين من فم رسول الله ، وهذا تلكمنا فيه في موضوع جمع القرآن في رؤية الشيعة الإمامية ، فهذه النسخة هذه القراءة يعتقد بأنها هي نسخة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأن الذي حصل فيها فقط هو تغيير ترتيب السور ، إذا هذا الكلام كان صحيح فالأمر واضح أنت عندما تصلي تقرأ بما كان يقرأ به علي بن أبي طالب وأئمة أهل البيت عليه السلام ، واحد قال لا هذه قراءة من القراءات ، آن إذن راح يكون الأمر مشكل ، العلماء يقولون سيتردد الأمر بين الحجة و اللا حجة ، يعني عندما أقرأ سورة الفاتحة أقرأ ملك اليوم الدين أو مالك يوم الدين أو مَلَك يوم الدين ، مقتضى القواعد بحسب الفقه هنا أنت إذن مطالب بأن تقرأ بالقراءات الثلاث لأنك لا تعلم أي القراءات هي الصحيحة فلابد أن تحتاط بهم كلهم ، لكن هذا لا تصل النوبة إليه إما لما ذكرناه بأن هناك فكرة أن هذا المصحف الموجود وهذه القراءة الموجودة حفص عن عاصم هي قراءة علي عليه السلام وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو إذا لم يقبل أنسان هذا الكلام تأتي مرحلة ثانية وهي أن أئمة أهل البيت عليهم السلام قالوا اقرءوا كما يقرأ الناس، اقرأوا كما علمتم ، الآن القراءة الشائعة بين الناس لا سيما في زمان النص هي قراءة حفص الذي تعلمها على الأقل أربعة من القراء ونقولها عن الإمام الصادق عليه السلام ، اقرأوا كما يقرأ الناس ، أي قراءة مشهورة كعروفة يجوز لك القراءة بها ، أما القراءات الشاذة البعيدة عن الأفق العام المسلم فهذه يشكل القراءة بها ، لأن بعضها قد يكون من باب تحريف الكتاب وإن كان غير متعمد ، من باب تغيير الكلم عن مواضعه إذا لم يكن عنده دليل ، وجاءت سكرة الموت بالحق ، تصير وجاءت سكرة الحق بالموت هذا تغيير ، تقديم وتأخير ، وقضية التغيير والتبديل كانت مثلبة ، كانت مثل الشتيمة إذا شتم بها إنسان أنه أنت من مغيري الكتاب من محرفي الكلم عن مواضعه ، كيف تصنع هذا بلا حجة وبلا دليل ، يحرفون الكلم عن مواضعه في ذم اليهود والنصارى الإمام الحسين عليه السلام وصف جيش بني أمية ومعسكر بني أمية والتيار الذي سل السيف عليه بأنهم محرفو الكتاب ، الإمام الحسين عليه السلام غير ناظر إلى هذا الجند البسيط ، وإنما ناظر إلى السلطة الحاكمة خلفه ، إلى بني أمية ، إلى هذا التوجه الذي مهم عنده أن يكون الخلط والخبط في الواقع الإسلامي بالنسبة للقرآن المجيد ، وصفهم بأنهم نبذة الكتاب وبأنهم محرفو الكلم في خطبته الثانية في يوم عاشوراء بعد أن وجد أن المواعظ لا تنفع في قلوب هي كالصخر ، قال تبا لكم أيها الجماعة وترحا أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم إلى أن يقول فسحقا لكم يا عبيد الأمة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ، ومحرفي الكلم وعصبة الإثم ، ويحكم أهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون أجل غدر والله فيكم قديم وشجت عليه أصولكم وتآزرت فروعكم فكنتم أخبث ثمر، شجا للناظر وأكلة للغاصب ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبي الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام .

 

مرات العرض: 3456
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2546) حجم الملف: 68223.81 KB
تشغيل:

12 علم تجويد القرآن في نظريتين متعاكستين
14 التدبر في القرآن