من جهات الاعجاز في القرآن الكريم 6
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 6/9/1440 هـ
تعريف:

من جهات الإعجاز في القرآن الكريم 6


تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال
بسم الله الرحمن الرحيم: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتي بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا). آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم.
حديثنا بإذن الله تعالى، يتناول بعض جهات الإعجاز في الكتاب المجيد، والقرآن العظيم، انطلاقا من هذه الآية المباركة، (قل لئن اجتمعت والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله)، ويلاحظ في الآية المباركة، أن باب التحدي مفتوح من كل الجهات، فهو لا يختص بقسم من البشر، كأن يكونوا، العرب، مثلا، أو المعاصرين لرسول الله (ص)، وإنما الإنس، كل إنسي، كل البشر، ولا يختص الأمر فقط بالإنس، وإنما أيضا يضم إليهم الجن، مع قدراتهم المختلفة، لو انضم كل الإنس، إلى كل الجن، على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، النتيجة: لا يأتون بمثله.
وليس هذا بزمان دون زمان، أو ضمن شروط معينة، إنما مطلق من هذه الجهات. مثلا: التحدي عادة ما يكون فيه شروط، تقول مثلا: تدخل في السباق، بشرط أن لا يزيد عدد سلندرات السيارة كذا، قوتها بحيث الحصان، هالقد، في المصارعة، هذي مصارعة لفئة 70 كيلو، ما يصير تجيب واحد، وزنه 120 كيلوا، لكي يبارز شخصا بسبعين كيلو، هذي أنظمة في التحدي، والمبارزة، لا بد من مراعاتها.
في المصارعة، لا تستخدم أدوات الملاكمة، مثلا، أخطاء هناك، فهناك حدود، في هذه المسابقات، والمباريات، والتحديات، لا يوجد أي حد في مواجهة القرآن، مو واحد في مقابل واحد، ولا ألف في مقابل، ولا الإنس في مقابل واحد، ولا الجن، في مقابل واحد. مجتمعين، مفترقين، يعضد بعضهم بعضا، بمختلف الوسائل، ماكو أي حدود، ومع ذلك لا يأتون بمثله. وهذا هو التحدي الأكبر.
عندما تدخل في تحدي مشروط، بوزن، بعدد، بكيفية، هذا تحدي محدود، قول: أنا أبرز إلى واحد من وزني. بس إذا واحد أكثر من وزني في الملاكمة أو في المصارعة، لا، لا أبرز إله، هذا ليس تحديا نهائيا. القرآن ما عنده هذا الشيء، خلي كل البشر في كل أدوار التاريخ، بكل اللغات، كل العلماء، يعضدهم بعد ذلك عفاريت الجن، وأبالستهم وغير ذلك، خلي يجيبوا مثل هذا القرآن، لن يستطيعوا كما أخبر، (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار). طيب.
فأول ما يجي القرآن الكريم، (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)، ظهير، معاون، مساعد.
خلينا نلاحظ: ما هي جهات الإعجاز في القرآن الكريم. أولا: جهات الإعجاز في القرآن الكريم، كجهات الإعجاز في الطبيعة والكون، لا حدود لها، كيف أن الله سبحانه وتعالى، عندما خلق هذه الطبيعة، هذا الكون، ما يعبر عنه بالكتاب التكويني، الكون، والطبيعة، والخلق، جعل فيها من الخزائن والأسرار وآيات الإعجاز، وإبهار العظمة، ما لم يصل، ولا يصل الإنسان، ولن يصل الإنسان إلى عشر معشاره إلى آخر الدنيا. وكل جيل، يجي، يكتشف أبواب جديدة، وخزائن جديدة، تفتح له آفاق لم يكن يعرف عنها السابقون، وهو بنفسه لا يزال في حرف الألف مالها.
كل شيء في هذا الكون، إشارة إلى عظمة الله عز وجل، وعظيم صنعه، ودقة خلقه، من هذه الكائنات، وحيدة الخلية اللي يسمونها، إلى المجرات والافلاك العظيمة، كل واحد فيه سره، كل واحد فيه إعجازه، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا. نفس الكلام هذا يروح في الكتاب التدويني، القرآن المجيد. كلما اكتشف البشر جانبا، لم يكتشفه السابقون، لا يزال في الخطوة الأولى، لا يزال في البوابة، وشاهد ذلك العيني، قدامه، أنك ترى هذا القرآن الكريم، منذ نزوله إلى الساعة، والعلماء يكتبون تفاسيره، ويستنتجون آراء وحكم ومعالم ومعاني وأحكام، وكل من تأخر يأتي بشيء لم يلتفت المتقدم منه.
الآن التفاسير، الموجودة، المتأخرة، عندما تطلع عليها، تقارنها مثلا بتفسير مجمع البيان للطبرسي، وهو من التفاسير القيمة والعميقة، لكن مع ذلك من التفاسير المتأخرة ما يتقدم عليه ويفوقه، بمراحل. وهذا نفسه، اللي الآن يفوق ذاك، سيأتي كتب في التفسير أيضا تفوق هذا، عالم في ذاك الزمان يكتشف آراء وأفكار وعلوم. عالم في هذا الزمان، يكتشف أضعافها وأكثر منها بكثير. فما في هناك جهة واحدة من جهات الإعجاز.
في اليوم الماضي، ذكرنا، في إجابة على سؤال: أن الإعجاز اللغوي إنما يكون، مخاطب به العرب، أما غيرهم من سائر اللغات، فلا. أجبنا عن هذا. وقلنا: أن الإعجاز اللغوي، بالإضافة إلى الجواب الماضي، أن الإعجاز اللغوي هو واحد من عشرات أنحاء الإعجاز التي توجد في القرآن الكريم. القرآن الكريم، أولا هو معجزة عقلية، في مقابل، المعاجز الحسية، لسائر الأنبياء. ما هو الفرق بين المعجزة العقلية، والمعجزة الحسية؟
المعجزة الحسية، لا بد أن تكون موجودا تعاينها، حتى تؤمن بها، أما إذا انقضى زمانها، كما هو الحال، بشكل طبيعي، حادث من الحوادث، ينتهي. إحياء موتى، اليوم صار، في اليوم اللي بعده، خلاص انتهى. شفاء مريض، اليوم صار، في اليوم اللي بعده انتهى الموضوع. تلقف ما يأفكون، في قصر فرعون، بعده بشهر، ماكو هذا الأمر. بينما المعجزة العقلية مستمرة ودائمة وتستطيع الاطلاع عليها باستمرار.
أضف إلى ذلك، يقول العلماء، أن المعجزة الحسية، من الممكن أن يتطرق إليها خداع البصر، وحركات الشعوذة، وما يدعى من السحر، الآن، من السحر، الآن هذي أعمال الشعوذة وأعمال اليد وسحر البصر، الذي يقوم به قسم من الناس، قدامك، وإذا بك تشوف هذا يسوي حركات معينة، الرجال، اللي قدامك، نصه اللي فوق يمشي، ونصه اللي تحت واقف، شلون صار! طيب. لا، هذا، فسحروا أعين الناس، هذا في الواقع ما إله واقعية، عينك يتراءى الأمر هكذا، وشاهد ذلك: أنه بإمكانك فيما بعد أن تسأله كيف سويت هذا العمل؟ يقدر يشرحه إلك، بطريقة معينة، بأسلوب معين، في الأفلام الوثائقية، لعل بعضكم، اطلع عليها، كيف هذي حركات، اللي في وقتها لا يصدقها الإنسان، كيف يصير هذا، راسه طار، الآن دكوه رجع من جديد، نصفه انقطع، كيف قاعد يمشي؟ رجله تمشي هالشكل، وهو واقف مكانه النصف الأعلى، طيب. بعدين يبين إلكان هذا شنو؟ حركات خفة يد، وسحر عين، وما شابه ذلك. هذي في المعجزة الحسية، يمكن أن واحد يحتملها، يعني لعله ممكن أنا الآن، واقع تحت تأثير خاص لهذا أو ذاك، للقائم بالعمل. بينما في المعجزة العقلية هذا الأمر، غير ممكن، المعجزة العقلية، يقول لك: غير هذا، تفضل، هذا القرآن. وأنت مرتاح، وأنت هادئ، روح أخذه البيت، اقعد تطالعه، بدل الشهر شهرين، على راحتك، تأمل فيه وفكر، طيب، وستتوصل إلى ما فيه من جهات الإعجاز. هذا أنت مو واقع تحت سيطرة مجري البرنامج هذا، طبعا، نحن لا نقول أن المعاجز الحسية، هي هكذا. لا، المعاجز الحسية التي أمكن الله أنبياءه منها، لا، حقيقية، هذا يحيى الميت كان في باطن التراب، منذ ثلاثة أيام مدفون، يأتي نبي الله عيسى ويناديه باسمه، فيقوم ينفض التراب عنه، ويخرج، يتكلم معه ويعيش. هذا أمر حقيقي، خارج عن الأطر الاعتيادية والطبيعية. لذلك في القرآن الكريم لما يجي: (وأحيي الموتى بإذن الله)، بينما مثلا: أبرئ الأكمه والأبرص، ما فيها بإذن الله. طيب.
هذا من الأمور، طبعا، مو ذاك ليس بإذن الله، لا، ولكن هذا أبلغ في الإعجاز، ولا يتطرق إلى ذهن الإنسان، أن هذا شيء خارج عن أمر الله وإذنه، فمعاجز الأنبياء الحسية، كلها حقيقية، كلها واقعية، لكنها خارج القواعد التي يتعامل معها البشر، وإنما هي تولد من الغيب، ليس لها تفسير طبيعي.
لكن هناك احتمال أن الإنسان، قد يتوهم هذا التوهم، ماذا يدريني: لعل هذا مثل ذاك؟ في المعجزة العقلية، ما موجود هذا الاحتمال أصلا، من خصائص القرآن الكريم، هذه المعجزة الخالدة، ربما أشرنا إليه فيما مضى من الليال، اتحاد المعجزة مع الشريعة. وهذا مختص بالقرآن الكريم. سائر المعاجز، نبي الله موسى، يأتي بالتوراة وتعاليمها، ويأتي بالمعجزة، عصا، تنقلب إلى أفعى، هذا شيء، وهذا شيء آخر، عيسى بن مريم، عنده تعاليم، توجيهات، كلام، هذا شيء، وأنه يحيي الموتى، ويشفي المرضى، وما شابه ذلك، هذا شيء آخر، أما القرآن الكريم، فإنه نفسه معجزة نبينا محمد (ص)، وهو شريعته أيضا. نفسها الشريعة اللي فيها العقائد، فيها الأخلاق، فيها العبادات، فيها الأحكام، هي هذه نفسها المعجزة لا تنفصل هذه عن تلك، وهذه من ميزات القرآن الكريم.
من الميزات الإعجازية، في القرآن الكريم، شدة تأثيره. القرآن الكريم، شديد التأثير على من يسمعه، فيه قابلية قوية جد، للتأثير فيمن يسمع وينصت إليه، ما لم يقرر خلاف ذلك. إذا إنسان يجي، بقلب مفتوح، وصفحة بيضاء، ويتلى عليه القرآن، أو يتلو القرآن، فإن احتمالات تأثره بالقرآن الكريم، احتمالات كبيرة جدا، إلا إذا أصر على أنه لا، أنا أصم سمعي، مقرر ما أتأثر. هذا بعد، (إنك لا تهدي من أحببت).
ولعل الآية المباركة، في سورة الحشر: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله)، لعل هذا المثال، الذي يقول: (وتلك الأمثال نضربها للناس)، لعل فيه تنبيها إلى الناس لقدرة القرآن، ومداه، أنه لو فرضنا أن جعلنا صلة بين القرآن الكريم، وبين الجبل والحجارة، مثل ما الآن، أكو صلة، بين القرآن، وبين الإنسان، باستماعه، يسمع فيفهم، لو أوجدنا، يقول القرآن الكريم، لو أوجدنا هذه الصلة بين القرآن وبين الحجر الصلب، الحجر الصلب يتأثر: (لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله)، فإذا كان هالمقدار من القوة، هالمقدار من التأثير عنده، في الجبل، بالنسبة إلى الإنسان الذي هو عواطف، ومشاعر وتعقل وتفهم، مفروض أن تأثيره أكبر، هالسا هنا محل الإنسان أن يقول زين إذا هالشكل: لماذا لا تتأثر قلوبنا بالقرآن الكريم؟ أنا أقرأ القرآن طيلة شهر رمضان، ثم أخرج لا سمح الله ولا قدر، بعد شهر رمضان، بقلب هو نفس القلب الذي كان عندي قبل شهر رمضان، يعني هذا الماء الصافي السلسبيل، مر على قلب منكدر، متسخ، ومع ذلك، لم يؤثر فيه شيئا، هذا شقد هذا القلب فيه قسوة، فيه صلابة، فيه جلافة، بحيث، لو كان هذا الماء، هذا القرآن، يمر على جبل، يتصدع، ومر على قلبي غلم يتصدع ولم يخشع، لم يتنظف ولم يغتسل، لم يخشع من ذكر الله عز وجل، لم يطمئن أمام المصائب. يتبين أن هذا القلب أكثر قساوة، من هذه الأحجار، فهي كالحجارة أو أشده، أو أشد قسوة من الحجارة. وبالتالي يحتاج الإنسان أن يفكر كثيرا، لا سيما في هذه الأيام والليالي المباركة، وهو يقرأ القرآن، ويسمع القرآن، ويتعرض لأنوار القرآن، إذا لم يتأثر بالقرآن الكريم، ولم يتنظف قلبه، ولم يخشع قلبه، يحتاج أن يفكر تفكير جدي في أمر نفسه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا قلوبنا خاشعة، وأن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، وحياة أنفسنا.
فالقرآن الكريم شديد التأثير، احنا نلاحظ كفار، مع ذلك، عندما لم يقرروا الرفض، قالوا: نستقبل، ثم ننظر، مع ذلك تأثروا، مع ذلك تغير قسم منهم، وما أكثر من تأثر بالقرآن الكريم، في زمان رسول الله (ص)، وبعد زمان رسول الله، وإلى يومنا هذا، راجعوا، قصص الذين أسلموا، كثير من العلماء، كثير من أصحاب الكفاءات، ما كانوا على دين الإسلام، بعضهم يقول: أنا وجدت نسخة قرآن بالصدفة، هذا يبين مسؤولية المسلمين في نشر قرآنهم ومعجزة نبيهم، بالصدفة حصلت على نسخة من القرآن الكريم، اطلعت عليها، شدتني، جذبتني، بالتدريج، وجدت نفسي أسيرا لهذا الكتاب، قرأته بدل المرة مرتين، وإذا بي أجد نفسي ألقي كل أسلحة المقاومة أمامه، وأستسلم لنور الهداية، قساوسة، علماء، طلاب، دكاترة، لو تطلعوا على هذا، تلاحظوا أن كثيرا منهم، كانت بدايتهم مع القرآن الكريم.
في زمان رسول الله (ص)، قصة الوليد بن المغيرة، المخزومي، عندما بدأ النبي (ص)، دعوته، والقرشيون أرادوا أن يغروا النبي ويوقفوا حركته، دزوا عليه، وأرسلوا عليه، الوليد بن المغيرة، المخزومي، وروح قوله، طمِّعه، رغِّبه، حاول وياه، يوقف. فجاء إليه، وعرض عليه، قال: يا محمد، إنك جئت إلى قومك، فسفهت أحلامهم، وأفسدت عليهم شبابهم، فإنك كنت مريضا جئنا لك بطبيب العرب، حارث بن كلدة، إذا عندك حالة نفسية خاصة، وإن كنت تريد المال جمعنا لك المال حتى تكون أغنى قريش، وإن كنت تريد الزواج، هالأمور مسوي قايم وقاعد حتى تتزوج، زوجناك، هو النبي (ص) كان متزوج، شنو قضيتك أنت؟ ماذا تريد؟ بعدما خلص كلامه، قال له: هل تحب أن تسمع مني؟ فقال: نعم. فبدأ النبي (ص): (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات)، وبدأ يقرأ آيات من القرآن الكريم، وهذا الوليد يصغي إليه بسمعه. مع استمرار النبي (ص)، كان هذا يزحف، يتقرب إليه، حتى لا يفوته حرف أو كلمة، إلى أن صكت ركبته ركبة رسول الله (ص)، طيب، خلص منه، قال: هذا كلام كلام مجانين، قال له: لا. قام من عنده، جاء إلى قريش، أول ما شافوه، قالوا: ترا الرجل رجع بغير الوجه الذي ذهب به. شنو؟ ماذا وراءك؟ قال: والله لقد سمعت الرجز وما هو برجز الكهان، استمعت السجع، فما هو من سجع الكهان، واستمعت الرجز وما هو من رجزهم، وسمعت الشعر فما هو من الشعر، قالوا: فما هو؟ قال: إنه كلام من عند الله، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، إن أعلاه لمغدق، أو معذق، في المعنيين، إليها معنى، بس تروى بالشكلين، فيها عذق، يعني: ثمر، أو مغدق: المطر لما يجي صبيب، يقال: مغدق. إن أعلاه لمعذق أو مغدق، وإن أسفله لمثمر أو مونق، وإن عليه، وإن فيه لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه يعلو ولا يعلى عليه. فقال بعضهم، خيبك الله، أنت الآن، رايح حتى تقنعه، جاي الآن حتى تقنعه، احنا الآن موسم، موسم الحج قريب، والناس جاية، نقول لهم هذا الحجي مالك؟! قول حجي آخر. قال: إذا تريدون نقول حجي، فقولوا: إنه سحر. سحر يفرق فيه بين المرء وزوجه، وبين الوالد وولده، هذا إذا تكلم ويا واحد يأخذ الوالد عن ولده، والزوجة عن زوجها. طيب. (إنه فكر وقدر. فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر).
هذا تأثر ماله موجود، ولكن على أثر هذه الظروف، لم يشأ أن يخبر عنه، قدرة القرآن الكريم، في لحظة صدق، ذكر ما يليق بالقرآن، لكن الظروف المحيطة، أنه لا احنا نريد أن نقاوم هذا، موسم جاي، حجاج جايين إلى بيت الله الحرام، لازم نقول لهم، شي، نحذر من هذا الرجل ومن قرآنه، هذا مثل هؤلاء الكفار، بل تعلمون أن كبار كفار قريش كانوا يسترقون السمع لتلاوة القرآن، هذا يذكروه في السيرة النبوية، أن ثلاثة، وهم: أبو سفيان ابن حرب، وأبو جهل بن هشام، والأخنس الثقفي، ذولا من كبار قريش، لما بدأ النبي (ص)، تسرب إلهم بعض كلمات النبي وقراءته للقرآن، فجذبتهم، فكانوا يذهبون قرب بيت رسول الله (ص) في مكة، بيت خديجة، بيته مع خديجة، النبي (ص) في الليل يصلي ويتلو القرآن، فإجوا هذولا من دون أن أحد بدري عن الثاني، كل واحد في باله، أنا أروح أستمع وأشوف شنو هذا؟ ويش سره؟ ويش أمره؟ فجاء كل واحد منهم، صادف أن قعد كل واحد منهم في زاوية، ما يدري عن الثاني، ويستمعون لقراءة رسول الله وصلاته، من الليل إلى الفجر، ثم مع الفجر، انصرفوا، على راس الشارع التقوا، ها، شجيبك أنت؟! قال: أنت شجيبك هنا؟ الثالث: أنتوا وش جيبكم إلى هذا المكان؟ فكل عرف كل واحد منهم أنه كان يستمع لرسول الله (ص). قالوا: يا جماعة ما يصير، أنتوا كبار القوم، إذا أنتوا أجيتوا استمعتوا إلى محمد، بعد، الصغار، والشباب والعبيد، شنو نقول إلهم احنا؟! خلاص نتفق أن ما أحد يجي مرة ثانية، نتفق اتفاق، على هذا. ما يخالف. راحوا، كل واحد في الليلة الثانية، فكر، قالوا: أكيد ما دام اتفقنا، الجماعة ما راح يجوون، أنا أروح هنا، فجاء أبو سفيان ووقف في مكان، وجاء الأخنس، ووقف في مكان آخر، وجاء أبو جهل، ووقف في مكان ثالث، وهكذا ظلوا يستمعون إلى النبي إلى الفجر. أنت تصور واحد يشد إلى القرآن، أربع، خمس ساعات، يستمع القرآن، الفجر، أيضا نفس الشيء، إذا يطلعون، كل واحد يتسلل، على أساس لا أحد يشوفه، وإذا يتشاوفون مع بعضهم: ها، شلون إجيتوا مرة ثانية، ذاك يقول: أنت إجيت، وذاك يقول: أنت إجيت، فاتفقوا، على أنه خلاص بعد ما يرجعون مرة ثالثة، صبيحتها راح هذا الأخنس الثقفي، راح إلى أبو سفيان. قال له: أنا وأنت البارحة واللي قبلها استمعنا إلى محمد، أشوف عنده كلام جميل ينفد إلى القلب، شنو أنت تشوف؟ أبو سفيان خشي عليه أن يتأثر، فقال: أنا قسم منه سمعته، قسم منه ما سمعته، قسم منه فهمته، قسم منه ما فهمته، ما أعطاه غاية حسب التعبير.
راح إلى أبو جهل، هذا الأخنس ذهب إلى أبي جهل، ونفس الكلام قال له. قال له: شوف، أنا أقول لك إياها بالصراحة، كنا مع بني هاشم، يطعمون ونطعم، وينفقون وننفق، ويحملون، ونحمل، ونحن فرسا رهان. وعدنا احنا تنافس على الزعامة في قريش، إذا هم أعطوا أموال احنا نعطي، إذا هم أطعموا احنا نطعم، حتى لا يتقدمون علينا، حتى إذا تحاذينا بالركب، وكنا كفرسي رهان، جاء محمد وقال: إنه رسول يوحى إليه، من الله. وقالوا بنو هاشم: احنا عدنا نبي، من وين هذي احنا نقدر نسويها! منين نجيب إلينا نبي، حسب التعبير. لا والله لا نؤمن به ولا نصدقه، ولا نتابعه. كلامه كلام جذاب، عنده قدرة على الاستقطاب، قرآنه مؤثر، لكن احنا مشكلتنا وياه مشكلة تنافس على رئاسة البلد، إذا نجي نؤمن فيه، يعني نصير أتباع إله وهو يصير الرئيس، ما نسويها هذي.
فحتى هؤلاء الكفار، كالوليد، وهؤلاء الثلاثة، أيضا كانوا يرون في القرآن الكريم، قوة تأثير. ونفس الكلام ما حصل لأهل المدينة، عندما ذهب مصعب بن عمير، تحدثنا في إحدى السنوات، عن مصعب بن عمير، وكيف فتح المدينة المنورة بالقرآن الكريم، وبتأثير القرآن في زعماها وكبارها. في قصة مفصلة. فهذا القرآن له تأثير كبير. وهذا لا يمكن أن يكون إلا إذا كان هذا الشيء من الله عز وجل. مهما بلغ كلام الإنسان، تراه مرة تقراه، مرتين تقراه، يتقادم، ثلاث مرات، بعد امل من قراءته. إلا هذا القرآن، فكلما قرأته وجدت فيه شيئا جديدا، وأثرا جديدا، وعلما جديدا، ويزداد على النشر غضاضة وطراوة، هذا من الأمور المعجزة في القرآن الكريم، والتي لا نجدها في غيره من النصوص ولا الكتب ولا الكلمات.
مناحي وجهات القرآن، كما ذكرنا، كثيرة. منها: إعجاز لفظي، ألفاظ القرآن الكريم، ألفاظ معجزة، أكو هناك بحث نشير إليه إشارة سريعة، ولا يتسع الوقت للتفصيل، وهي أن بعض العلماء قالوا: بأن إعجاز القرآن ناشئ من صرف الله عز وجل، القرشيين عن المعارضة، ويسمونها: الإعجاز بالصرفة. صرفة يعني شنو؟ يعني: الله سبحانه وتعالى، صرف أنظار كفار قريش عن مجاراة القرآن، ومسابقة القرآن، شنو الدليل يقول لك؟ يقول لك: لأن هذولي مفار قريش راحوا وراء الطريق الأبعد، وهو القتال والحروب مع النبي، والطريق الأسهل والمعارض اللفظية ما سووه، شلون هذا يصير؟ يقول لك: إذن هذا يتبين أن الله صرفهم عن المعارضة، لكن هذا المسلك وهذه الفكرة، فكرة غير صحيحة، القرآن الكريم بذاته معجز، وقد علم كفار قريش، مدى قدرة هذا القرآن، فلم ينبعثوا لمعارضته، الآن مثال على ذلك، أنت الآن لنفترض طولك 160 سم، ووزنك لنفترض 70 كيلو، ويجيك واحد على سبيل المثال، في حلبة مصارعة، طوله مترين، وما أدري وزنه 200 كيلو، هذا جبك قدامك، فمن البداية، تقول: عمي أنا، مو مال عركة، ولا مال مصارعة، ولا مال مسابقة، اخذ الجائزة، هنيئا مريئا إلك، ما يحتاج نتبارز، ما يحتاج نتقاتل، بمجرد أنك ترى شكل هذا المقاتل أو المصارع، ليش؟ هل أن الله صرفك؟ لا، أنت تشوف أن هذا إذا يمسكك بإيده يذبك برا، فمن البداية، ما يحتاج أنت تجرب حالك، في هذا الأمر، كفار قريش، وهم يعلمون فصاحة القرآن وبلاغته، ويعرفون قدراتهم أيضا، لا يبرزون إلى القرآن الكريم، لا إن الله صرفهم، صرفهم هم، صرف غيرهم الآن؟ صرف من بعد كفار قريش؟ صرف من سيأتي في المستقبل؟ إذا صار هالشكل هذا ما صر القرآن معجز، ويقول: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله)، نقوله: يا رب أنت اللي ما مخلينا، أنت اللي ماسك إيدينا، أنت اللي صرفت أنظارنا عنه، لا. ليس صحيحا هذه الفكرة، فكرة أن الإعجاز القرآني، كان من خلال صرف الله الكفار عن معارضته، ومجاراته، فكرة غير صحيحة.
عندنا من الإعجاز، ما هو إعجاز في اللفظ، ألفاظ القرآن ألفاظ معجزة، لو أردت أي سورة من السور، نفس سورة الفاتحة على سبيل المثال، أن تأتي بمثلها، بنفس الفصاحة والبلاغة، وبنفس المعاني. الإمام الخوئي رحمه الله في كتابه البيان، يتعرض إلى أحد المؤلفين المسيحيين، حاول أن يأتي بشبيه لسورة الفاتحة، فجاب عبارات، بدل مثلا: الحمد لله رب العالمين، مثلا: الشكر للخالق الذي هو مربي الخلائق، فجاءت هذه الكلمات لا لون لها، ولا طعم ولا رائحة، لا تحمل معاني قوية ولا فيها بلاغة، وفيها نشاز وهجنة، أقرب إلى أن تكون نكتة، حسب التعبير، هذي تشبه ما صنعه مسيلمة الكذاب، عندما جاء ببعض محاولاته في مجاراة القرآن، القرآن الكريم كلام الله عز وجل، وقوته من قوة الله، تأثيره من تأثير الله، لا يمكن لأحد، حتى النبي أن يأتي بمثله.
وهذا راح نتحدث عنه إن شاء الله، عند الحديث عما ذكره، بعض المحدثين، من أن المعاني من السماء، وأن الألفاظ من النبي، هذا كذب، هذا غير صحيح، وعلى خلاف القرآن الكريم صريحة، ويستتبع توالي كثيرة، منها: أن القرآن لا يكون له قيمة أصلا، إن شاء الله نتحدث عن هالأفكار هذي فيما يأتي من أزمنة.
فعندنا إعجاز لفظي في القرآن الكريم إلى هذا الحد، إلى حد أن الدقة، وصلت إلى أن عدد الألفاظ المتشابهة والمتقابلة، هي بعدد واحد، وهذا ما يستطيع يسويه إلا رب الكائنات، (وما كان ربك نسيا). تلاحظ مثلا، بعض ما ذكره بعض الباحثين القرآنيين، أن الكلمات المتقابلة، والمتقاربة، هي بعدد واحد، حياة وموت، عددها واحد في القرآن الكريم، رجل وامرأة، عددها واحد، طيب، وأمثال ذلك. أقرأ عليكم بعض ما ذكره هؤلاء، الدنيا والآخرة، يقول: "هناك 115 لكل من الدنيا والآخرة"، 115 مرة مذكورة الدنيا، 115 مذكورة الأخرى، الملائكة والشياطين، كل منهما مذكور 88 مرة، الحياة والموت، كل منهما 145 مرة، الرجل والمرأة، كل منهما 24 مرة، قد ذكر.
هذا  اللي يريد يتكلم بشكل عادي، متى يتسنى له أن يحسب حسب التعبير، وعلى هالمعدل شيء كثير جدا، متى يتسنى له أن يحسب هالمقدار، مقدار معين من الحروف، مقدار معين من الكلمات، مقدار معين من الجمل، منظمة بشكل خاص، وهو في ذلك ضمن الاسترسال، يعني مو واحد إجا وقعد، وسوا معادلات رياضية، وحسب هناك وحسب هناك، طيب. وإنما هي إحاطة علم الله عز وجل.
غير الإعجاز اللفظي، الأهم من ذلك هو الإعجاز التشريعي، الإعجاز الإخباري أيضا، إعجاز إخباري وإنبائي بمعنى: أن الله أخبر في القرآن الكريم إخبارات وإنباءات قبل حصولها بسنوات طويلة، وتحققت وحصلت كما أخبر القرآن الكريم، وهذا يشير إلى أن منزل القرآن والمتلفظ به هو رب الكائنات الذي يدبر الكون.
على مستوى الأفراد، أشخاص، مثل الوليد، يقول: (سأصليه سقر، وما أدراك سقر) زين، كان بإمكان الوليد مثلا يقول: لا، خليني أنا أؤمن حتى يصير القرآن فيه تكذيب، لا. معلوم أن هذا سوف تكون نتيجته، سقر، نار جهنم.
أبو لهب، (تبت يدا أبي لهب وتب)، غير الوحي ما يمكن أن يستطيع الإخبار عن مثل هذا الأمر قبل حصوله بسنوات، على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأمم: (ألم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون)، بعد سنوات صار.
إخبار عن النبي وأصحابه سيفتحون مكة: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله)، وفعلا دخلوا المسجد الحرام، فاتحين، وصارت مكة، مسلمة، هذي إنباءات عما يأتي من الزمان، غير الإنباءات عما مضى من الأزمنة، من أول خلقة البشر من آدم، وسائر الأنبياء، طيب.
وهذا كما أشرنا، يشير إلى أن ما قاله بعضهم من أن مثلا الوحي، هو حالة انفعالية عند النبي، أنتجت هذه الأمور، كما سنتعرض إلى خلل وخطل هذه الفكرة، يتبين منها أن هذه الأفكار أفكار باطلة، ولا اصل لها. أي حالة انفعالية تنتج حديث عن آدم، ومن بعده، والأنبياء وقصصهم، وتنتج شيء، عن مستقبل البشرية، فبالإضافة إلى هذا، هناك أيضا إعجاز تشريعي. القرآن – إن شاء الله نتعرض في ليلة أخرى عن بعض المناحي في هذه الجهة، القرآن الكريم، وضع نظاما تشريعيا وقانونيا للبشر به صارت الرسالة  الإسلامية خاتمة الرسالات؛ لأن هذا التشريع، سيكون صالحا ، لكل زمان وكل مكان، وضمن كل الأجواء والظروف، هذا هو الذي سيكون دين الله عز وجل، الذي سيظهره على الدين كله، هذا هو الدين، هذا هو الشريعة، هذا هو المنهج المتخير للبشرية، إلى قيام الساعة..

 

مرات العرض: 3426
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2549) حجم الملف: 69191.4 KB
تشغيل:

لماذا كان قرآنا عربيا ؟ 5
7 عن الاعجاز العلمي والتشريعي في القرآن