هل يترتب جزاء الأعمال عليها مباشرة 3
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/5/1440 هـ
تعريف:

هل يترتب جزاء الأعمال عليها مباشرة؟


تفريغ  نصي الفاضلة أم سيد رضا


ورد في كتاب فقه الرضا لعلي بن الحسين بن بابويه القمي أنه قال: إنا نروي ان رجلاً أتى أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) فقال أبو جعفر عليه السلام: الخبر حق، فولى الرجل مدبراً، فأمر برده ثم قال: يا هذا إن للا إله إلا الله شروطاً وإني من شروطها.
شبيه لهذا الحديث وهو الحديث المعروف الذي يشار إليه بعنوان (حديث سلسلة الذهب) والذي نقله الشيخ الصدوق في كتابه (عيون أخبار الرضا) ونقله عنه من بعده، وحاله هو أن الإمام الرضا عليه السلام لما وصل إلى نيشابور في طريقه إلى طوس طلب منه الناس ان يحدثهم بحديث فحدثهم عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله عز وجل: ( أن لا إله إلا الله حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي، ثم مشى قليلاً وأخرج رأسه من داخل الهودج أو العمارية فقال: بشروطها وأنا من شروطها.
في كلا الحديثين ننطلق إلى رؤية في فهم الأحاديث التي وعدت بثواب الجنة وما شاكلها، فهناك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من صام يوماً من شعبان دخل الجنة، وفي حديث آخر: من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة، فلو تتبعنا هذا التعبير(دخل الجنة) في الأحاديث سوف نجد أحاديث كثيرة بهذا الإتجاه فهل فعلاً هذا الجزاء وهو دخول الجنة يترتب على مجرد أن يقول الإنسان لا إله إلا الله مثلاً؟، كما زعموا عندما أعدم أحد طواغيت العصر وقبل ان يشنق قال أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فهلل له من بعده من مرتزقين من ماله ومن غافلين عن مبادئ قواعد الحساب الأخروي، وهل من الممكن أن من يصوم يوماً من شعبان ولا يصوم شهر رمضان أن يدخل الجنة؟؟، فلا يمكن لأحد أن يصرح بهذا الكلام أو يقبله.
ما معنى هذه الاحاديث إذاً؟
هناك جواب علمي يتحدث عنه العلماء بأن المشكلة في مثل هذه الأحاديث هو إطلاقها أي أنها مطلقة غير مقيدة ولذلك لا بد من تقييدها بقيود ولكن الإمام أو النبي أو حتى القرآن الكريم لا يأتي بكل القيود لأنه إن قام بتفصيل كل حديث تفصيلاً دقيقاً لن ينتهي هذا الحديث، كأن لو أراد أن يقيد أحد الأحاديث ويقول: من صام يوماً من شعبان دخل الجنة بشرط أ ن تكون عقائده سليمة وعقيدته في الله كذا وكذا وعقيدته في النبي كذا وكذا وعقيدته في الإمام كذا وكذا وغيره من الشرح المفصل للأعمال الواجبة كالصلاة والصيام والزكاة والخمس وغيرها من الأعمال الكثيرة جداً، ولهذا السبب أرجع الإمام الباقر ذلك الرجل الذي سأله حتى يبين له معنى هذا الحديث عندما قال له : يا هذا إن للا إله إلا الله شروطاً وأنا من شروطها، أي إيمانك بإمامتي واتباعك لكلامي وانتهائك عن نواهي هذا من الشروط.
والحديث الآخر الذي جاء به الإمام الرضا عليه السلام عندما قال: كم قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة، فهذا الحديث مقيد بالإخلاص وعلامة الإخلاص هو الإنتهاء عما نهى الله عز وجل.
نستنتج من الحديثين السابقين قيدين وهما: القيد الاول في العقائد وهو الإيمان بآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والقيد الآخر في الأفعال بأن يجتنب السيئات والمحرمات والمعاصي، إذاً فإن القانون الذي يذكره العلماء في مثل هذا الامر نسميه قانون الإطلاق والتقييد أي تقييد الكلام بغيره وإطلاقه على غيره.
الأمر الآخر الذي نستنتجه بعد التقييد والإطلاق هو: حمل الموانع، أي أنه بالفعل من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ولكن هناك موانع تمنع الإنسان عن الدخول إلى الجنة كظلم الغير مثلاً، فمن قال لا إله إلا الله وهو ظالم فإنه لم يحذف الموانع عن ذلك، وهذا  أيضاً أشارت إليه الروايات ومنها الرواية المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من قال سبحان الله غُرس له بها شجرة في الجنة ومن قال الحمد لله غُرس له بها شجرة ومن قال لا إله إلا الله غُرس له بها شجرة، فقال أحد الحاضرين: إن شجرنا في الجنة لكثير، فقال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: نعم ولكن لا ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها )، فبالفعل من قال سبحان الله أو الحمد لله غرس له بها شجرة ولكن الإنتفاع من هذه الشجرة واستثمارها مشروط بأن لا يتلفها بإرسال النيران عليها.
نشير هنا إلى أهمية ذكر الله عز وجل والذي هو من الأعمال النافعة جداً وقليلة التكلفة وقليلة العناء وأسهل شيئاً وأعظم أجراً كما جاء في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تختارن على ذكر الله شيء إن الله تعالى يقول: ولذكر الله أكبر )، وفي حديث له صلوات الله عليه: ( ليس عمل أحب إلى الله ولا أنجى لعبد من كل سيئة في الدنيا والآخرة من ذكر الله عز وجل، قيل: ولا القتال؟، قال: لو لا ذكر الله لم يُأمر بالقتال )، أي أن سبب القتال هو أن يُرفع ذكر الله، وهنا نشير إلى بعض الأذكار النافعة والتي بها ثواب عظيم:
1 – في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام كما نقله الشيخ الصدوق في كتابه ثواب الأعمال: ( من قال إذا أصبح أربع مرات: الحمد لله رب العالمين فقد أدى شكر يومه ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته ).
2 – عن الإمام الصادق عليه السلام: ( من قال في كل يوم سبع مرات: الحمد لله على كل نعمة كانت أو هي كائنة فقد أدى شكر ما مضى وما يأتي ).
3 – عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائهم عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من قال في كل يوم خمسة عشرة مرةً لا إله إلا الله حقاً حقا، لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاَ، لا إله إلا الله عبودية ورقاً أقبل الله عليه بوجهه فلم يصرف عنه وجهه حتى يدخل الجنة ) وهذا تعبير كنائي وإلا فإنه ليس لله وجه وهذا يعني انه يكون في رعايته المباشرة وتحت نظره المباشر
نجد هنا أن الأئمة عليهم السلام عندما ينسبوا الأحاديث إلى آبائهم وإلى رسول الله مع العلم بأن حديث آبائهم هو حديثهم ولكن ذلك لسببين: إما أن يكون السامع من غير الإمامية ولا يوجد لديه اعتقاد بأن الإمام مفترض الطاعة بل يعتقد بأنه مجرد راو عن رسول الله، أو أن يكون السبب الآخر هو لتأكيد مضمونه وتقويته.
4 – عن أبي عبد الله عليه السلام: ( من قال مئة مره لا إله إلا الله الملك الحق المبين أعاذه الله العزيز الجبار من الفقر وآنس وحشة قبره واستجلب الغنى واستقرع باب الجنة ).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لذكره وشكره وان يثيبنا بما وعدنا إياه الصالحون والمعصومون من عباده إنه على كل شيء قدير.

 

 

مرات العرض: 3377
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2567) حجم الملف: 29983.38 KB
تشغيل:

تسبيح الكائنات والذكر اليونسي 6
من آثار التسبيح والاستغفار 7